عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-10-2012 الساعة : 02:21 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم



ضرورة علم الكلام أم حرمته


بين الفيلسوف والمتكلم

بعد ملاحظة تعريف علم الكلام نجد أنّ هناك مجموعةً من العقائد والمباحث الثابتة في الدين، يعتنقها عالم الكلام المتكلّم ، ويقوم بدور تثبيتها بالأدلّة والدفاع عنها قبال كلّ من يحاول هدمها أو التشكيك فيها. فهناك إذاً مجموعةٌ من الحقائق المقدّسة تكون هي المحور وهي الأساس. وقد جعلت هي المعيار لصحّة أيّ فكرةٍ تطرح. وعلى أساس هذا المعيار يُدخلونها في الدين أو يُخرجونها عنه.

بينما نجد الفيلسوف لا يعتنق أيّ فكرةٍ مسبقة، وليس عنده شيءٌ مقدّسٌ قبل دخوله بالبحث الفلسفيّ. فهو يدخل في البحث مجرّداً عن أيّ مقدّس سابق، وعن أي عقيدةٍ قَبليّةٍ. وليس بيده غير البرهان العقليّ والمنطقيّ الذي يعتمد على المقدّمات اليقينيّة لا الظنيّة. وهذا البرهان هو المعيار والفيلق عنده.

وبعبارةٍ أخرى: إنّ المتكلّم يحاول إخضاع البرهان العقليّ والمنطقيّ لما يعتقد أنّه حقّ، وأنّه مقدّس، أي لعقيدته. فالبرهان متأخرٌ عنده عن العقيدة، بينما الفيلسوف لا يعتقد قبل البرهان، بل يبرهن ثمّ يعتقد، حتّى لو لم تكن نتيجة البرهان متّفقةً مع أهوائه وميوله. ولعلّ هذا هو الفارق الأساس بين المتكلّم والفيلسوف، ومنه يعرف الفارق بين علم الكلام والفلسفة، فالأوّل عقيدةٌ ثابتةٌ يُبحث عن براهينها، والثاني براهين تثبت عقيدةً .

قال العلّامة الطباطبائي: "القياسات المأخوذة في الأبحاث الكلاميّة جدليةٌ مركّبةٌ من مقدّمات مسلّمة: المشهورات والمسلمات ، لكون الاستدلال بها على مسائل مسلّمة، وما أخذ في الأبحاث الفلسفيّة منها قياساتٌ برهانيّةٌ، يراد بها إثبات ما هو الحقّ، لا إثبات ما سُلّم ثبوتها تسليماً" .

وذكر في نفس البحث قبل أسطرٍ: "إنّ الفلسفة تبحث بحثاً حقيقيّاً، وتبرهن على مسائل مسلّمة، بمقدّماتٍ يقينيّةٍ. والكلام يبحث بحثاً أعمّ من الحقيقيّ والاعتباريّ، ويستدل على مسائل موضوعة مسلّمة بمقدّمات هي أعم من اليقينيّة والمسلّمة، فبين الفنّين أبعد ممّا بين السماء والأرض" .



حرمة علم الكلام

لقد جاء في بعض الروايات النهي عن الخوض في المجادلات العقائديّة. وفي بعضها ورد النهي عن الخوض في ذات الله سبحانه وتعالى . فتمسّك البعض بهذا النوع من الروايات ليتبنّى فكرة حرمة علم الكلام، وأنّه ورد النهي عن الخوض في أهمّ مواضيعه.
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: سمعته يقول: "لا يخاصم إلّا رجل ليس له ورعٌ أو رجلٌ شاكٌّ" .

قال أبو عبد الله عليه السلام : "يهلك أصحاب الكلام، وينجو المسلمون. إنّ المسلمين هم النجباء" .

والصحيح أنّ فهم هذا النوع من الروايات بأنّها تنهى عن علم الكلام خاطئٌ، وهو ناتجٌ عن عدم التدبّر فيها، وعن عدم مراجعة سائر كلماتهم عليهم السلام . فإنّ للنهي المذكور وجوهاً واحتمالات يمكن أن يحمل عليها.

أ - أنّه كان موجهاً لطائفةٍ خاصّةٍ: وهي التي لا تحسن الأسُس المتينة لعلم الكلام، ولا تدرك أصول الدين وأدلّته بشكل محكمٍ وقويّ. فخوفاً عليهم من الضلال والانحراف وعدم إظهار الحجج الثابتة للخصم، ورَدَ النهي حرصاً عليهم، وخشية انحرافهم، وهذا لا يعني حرمة علم الكلام. فقد روي عن الصادق عليه السلام "أنّه نهى رجلاً عن الكلام وأمر آخر به، فقال له بعض أصحابه: جعلت فداك، نهيتَ فلاناً عن الكلام وأمرت هذا به؟ فقال: هذا أبصر بالحجج، وأرفق منه" .
قال الشيخ المفيد في ذيل هذه الرواية: " فثبت أنّ نهي الصادقين عليهم السلام عن الكلام إنّما كان لطائفةٍ بعينها، لا تحسنه ولا تهتدي إلى طرقه، وكان الكلام يفسدها، والأمر لطائفةٍ أخرى به، لأنها تحسنه وتعرف طرقه وسبله" .

ب - أنّ النهي كان عن إثبات أصولٍ غير حقّة: فإنّ الأصول الحقّة عند أهل البيت والعصمة عليهم السلام فحسب. فمن رواية يونس بن يعقوب قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : "جعلتُ فداك؛ إنّي سمعتُك تنهى عن الكلام وتقول: ويلٌ لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنّما قلت: فويلٌ لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون" . وفي روايةٍ "ثمّ دعا حمران بن أعين ومحمّد بن الطّيار، وهشام بن سالم، وقيس الماصر، فتكلّموا بحضرته، وتكلّم هشام بعدهم. فأثنى عليه ومدحه وقال له: مثلك من يكلم الناس" .

ج - النهي عن تشبيه الله بخلقه وتجسيده: فقال الشيخ المفيد: "فأمّا النهي عن الكلام في الله عزّ وجلّ ؛ فإنّما يختصّ بالنهي عن الكلام في تشبيهه بخلقه وتجويره في حكمه. وأمّا الكلام في توحيده ونفي التشبيه عنه والتنزيه له والتقديس، فمأمور به ومرغّب فيه. وقد جاءت بذلك آثارٌ كثيرةٌ وأخبارٌ متظافرةٌ" . كيف، وقد حثّ الإمام أمير المؤمنين وسائر الأئمّة عليهم السلام على تحصيل معرفة الله، وكمال المعرفة بالتوحيد والفهم الصحيح للصفات الإلهيّة. ففي النهج الشريف: "أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه" .



وجوب معرفة علم الكلام

بعد أن ظهر الردّ على شبهة تحريم علم الكلام، يمكن الدعوى أنّ هذا العلم واجبُ التعلّم، وضروريّ التحصيل، ولو بمقدار معرفة الله من خلال الدليل، لا من خلال التقليد، ومعرفة بعض الصفات، والرسل والرسالة والإمام والمعاد، فإنّ هذه الأمور وغير ذلك من الأمور التي يجب تحصيلها ومعرفتها على كلّ مكلّفٍ، وجوباً عينيّاً، لا تكون في الغالب إلّا بهذا العلم. فوجوب هذا العلم ضروريّ لمن يريد المعرفة بهذه الأمور بالدليل.

قال العلامة الحليّ: "... إنّ معرفة الله تعالى واجبةٌ، وكذا معرفة صفاته، وما يجب له ويستحيل عليه. ولا تتمّ هذه المعرفة إلّا بهذا العلم؛ لأنّه المتكفّل بذلك، وما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به فهو واجب على ما يأتي.

وأيضاً قوله تعالى:﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ .

وقوله:﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلّا اللهُ﴾ .

وقوله:﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ ، إلى غير ذلك من الآيات الدالّة عليه.

وكذا ما ورد من الآيات الدالة على النهي عن التقليد وذمّه. ولا خلاف بين العقلاء في ذلك.

... والواجب على قسمين: إمّا على الأعيان أو على الكفاية. ووجوب هذا العلم على الأعيان، للنهي عن التقليد في العقائد. واعلم أنّ القدر الواجب على الأعيان من هذا العلم، هو معرفة الله تعالى بالدليل، ومعرفة ما يجب معرفته من صفاته الثبوتيّة والسلبيّة، ومعرفة آثاره التي تتوقّف عليها بعثة الرسل، ومعرفة الرسل وصدق الأنبياء، ومعرفة المعاد، والإمام. ولا يجب تتبّع الجواب عن الشبهات، ومقاومة الخصوم على الأعيان، بل ذلك واجبٌ على الكفاية" .



خلاصة الدرس:

يفترق علم الكلام عن الفلسفة، بأن المتكلم يعتقد بدين وفكرةٍ سابقتين يقوم بدور الدفاع عنهما بالمنطق والبرهان، بينما نجد الفيلسوف لا يعتنق أيّ فكرةٍ مسبقة ويدخل البحث مستعيناً بالبرهان.
وقد ذكرت بعض الروايات التي فُهم منها النهي عن علم الكلام. والصحيح أنّ هذا الفهم خاطئٌ، وهو ناتجٌ عن عدم التدبّر فيها، وعن عدم مراجعة سائر كلماتهم عليهم السلام، فإنّ للنهي المذكور وجوهاً واحتمالات متعدّدة لا تتنافى مع ما ذكر من وجوب معرفة علم الكلام.





من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
رد مع اقتباس