الموضوع: عِبر ُ عاشوراء
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 14  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي أداء التكليف
قديم بتاريخ : 10-12-2012 الساعة : 01:32 AM





اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام


أداء التكليف


يمكن أن يعرف تديّن ومبدأيّة الإنسان المسلم من خلال كونه عاملاً متعبّداً بكلّ ما هو "تكليف شرعيّ" في جميع أبعاد حياته وأعماله الفرديّة والاجتماعيّة.

والتكليف يختلف باختلاف الظروف والشرائط، فربّما وافق التكليف ما يحبّ العبد، وربّما خالف هواه فكان ممّا يكره، وربما كان ممّا يفرح به النّاس وربّما كان ممّا يثقل عليهم.

والإنسان المسلم في عهده مع الله تبارك وتعالى ملزم بالإطاعة والعمل طبقاً لما يريده الله فيما يحبّ ويكره على السواء، فلا يفرّط بأداء التكليف أو يتخلّى عنه من أجل شيء آخر أبداً، والإنسان المسلم الملتزم بهذا العهد منتصر دائماً وإنّ تعرّض في الظاهر لهزيمة، وانكسار، ذلك لأنّه لم يقصّر في حقّ العمل بالتكليف.

وإذا كانت ثقافة "العمل بالتكليف" هي الحاكمة والمهيمنة في المجتمع فإنّ أبناء هذا المجتمع يشعرون بالانتصار دائماً، وبالفوز ب-"إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ" كما في التعبير القرآنيّ، فهم على حال حسنى سواء استشهدوا في جهادهم وكفاحهم أو حققّوا النصر العسكريّ والسياسيّ.

ولقد عمل أئمّة أهل البيت عليهم السلام طبقاً لنوع التكليف الشرعيّ في الظروف الاجتماعيّة المختلفة، وكانت حادثة عاشوراء أيضاً مظهراً من مظاهر العمل بما يفرضه التكليف الشرعيّ، الذي كانت تعيّنه أيضاً اقتضاءات الظروف والمعرفة بموضوع الحكم، طبقاً للموازين الشرعيّة الكليّة، ولا شكّ أنّ قيام الأئمّة عليهم السلام أو قعودهم، وانتفاضتهم أو سكوتهم، كان تابعاً أيضاً لهذا التكليف الشرعيّ.

والإمام الحسين عليه السلام مع كونه إمام حقّ، يعلم أنّ الخلافة والقيادة حقّ له، إلّا أنّه خاطب أهل البصرة في رسالته التي كتبها إلى أشرافهم ورؤساء الأخماس فيهم قائلاً: "أمّا بعد: فإنّ الله اصطفى محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم على خلقه، وأكرمه بنبوّته، واختاره لرسالته، ثمّ قبضه الله إليه وقد نصح لعباده وبلّغ ما أرسل به صلى الله عليه وآله وسلم، وكنّا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحقّ النّاس بمقامه في النّاس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنّا أحقّ بذلك الحقّ المستحقّ علينا ممّن تولاّه...".

والحسين بن عليّ عليه السلام الذي لم يتحمّل الخضوع لحكومة يزيد حتّى لحظة واحدة! هو نفسه ذلك الحسين عليه السلام الذي عاش في ظلّ حكومة معاوية عشر سنين ولم يقم ضدّه، ذلك لأنّ تكليف الإمام عليه السلام في كلّ واحد من هذين العهدين كان مختلفاً.

إنّ تعبّد الإنسان المسلم ب-"حكم الدين" مقدّس جدّاً...

في الأيّام التي كان مسلم بن عقيل عليهما السلام في الكوفة قد اختبأ في بيت هاني بن عروة (رضوان الله عليه) ، وقد اتّفقَ على خطّة اغتيال ابن زياد حين يأتي لعيادة هانئ في بيته على يد مسلم عليه السلام، نجد أنّ مسلماً عليه السلام أبى تنفيذ خطّة الاغتيال في وقتها، إذ لم يخرج إليه من مخبئه، فانصرف ابن زياد من منزل هانئ لم يمسسه سوء، ولمّا سئل مسلم عليه السلام:ما منعك من قتله؟! قال: "خصلتان: أمّا إحداهما فكراهة هانئ أن يقتل في داره، وأمّا الأخرى فحديث حدّثه النّاس عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:أنّ الإيمان قيد الفتك، ولا يفتك مؤمن".

وحينما أراد الإمام الحسين عليه السلام أن يخرج من مكّة باتجاه الكوفة، كان بعض الأصحاب قد تقدّموا إليه بالنصيحة أن ليس من الصلاح الذهاب إلى العراق، وكان من جملة هؤلاء ابن عبّاس الذي ردّ عليه الإمام عليه السلام قائلاً: "يا ابن عمّ، إنّي والله لأعلم أنّك ناصح مشفق، ولكنّي قد أزمعتُ وأجمعت على المسير!".

وفي منزل "الصفاح" أيضاً، لمّا التقاه الفرزدق وأخبره أنّ أوضاع الكوفة لا تدعو إلى الاطمئنان، قال عليه السلام:"صدقت! لله الأمر، والله يفعل ما يشاء، وكلّ يوم ربّنا في شأن، إنْ نزل القضاء بما نحبُّ فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإنْ حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته".

كلّ هذه الشواهد تدلّ على أنّ الإمام عليه السلام كان قد هيّأ نفسه المقدّسة للقيام بتكليفه الشرعيّ، راضياً بقضاء الله تعالى مهما كانت النتيجة، ففي الوقت الذي أتاه رسولان من والي مكّة يحملان إليه رسالة منه تتضمّن التعهّد بضمان الأمان له عليه السلام إذا انثنى عن سفره إلى العراق، قال لهما الإمام عليه السلام:"إنّي رأيتُ رؤيا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمرتُ فيها بأمرٍ أنا ماضٍ له، عليّ كان أو لي!".

ذلك هو الانقياد للتكليف الشرعيّ، والمؤمن العامل بتكليفه الشرعيّ يرى نفسه منتصراً في أيٍّ من الحسنيين، كما يقول الإمام الحسين عليه السلام:
"أرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا، قُتِلنا أم ظفرنا".

حينما كانت رسائل أهل الكوفة تسلّم إلى الإمام الحسين عليه السلام وهو في مكّة المكرّمة، يدعونه فيها إلى القدوم إليهم، ويعدونه فيها بنصرته والدفاع عنه، رأى الإمام عليه السلام أنّ تكليفه الذهاب إليهم مع علمه بحقيقة حال أهل الكوفة، ذلك لأنّ رسائلهم وتعهّدهم بنصرته والذود عنه شكّلا أحد الأسباب الرئيسة التي جعلته عليه السلام يختار التوجّه إلى العراق، وقد صرّح عليه السلام بقوّة هذا السبب في خطبته التي خطب بها جيش الحرّ بن يزيد الرياحيّ (رضوان الله عليه) حين التقاهم، حيث قال عليه السلام:"أيّها النّاس! إنّها معذرة إلى الله عزَّ وجلَّ وإليكم، إنّي لم آتكم حتّى أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم أن أقدم علينا فإنّه ليس لنا إمام، لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فإن تعطوني ما أطمئنُّ إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم، وإنّ لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم".

إنّ قول الإمام عليه السلام هذا دالّ على أنّ عمله كان طبقاً لهدي التكليف الشرعيّ. وكان أنصاره صلوات الله عليهم هكذا أيضاً، فقد استشهدوا وارتثّوا بين يديه عليه السلام امتثالاً للتكليف الشرعيّ الآمر بنصرته، ومن الأدلّة على هذه الحقيقة أنّ الإمام عليه السلام لمّا أذن لهم ليلة عاشوراء بالانصراف عنه والنجاة بأنفسهم بلا ذمام منه عليهم، كان جوابهم (قدّس سرّهم) هكذا:

"والله لا نفارقك، ولكن أنفسنا لك الفداء، نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا، فإذا نحن قتلنا كنّا وفينا وقضينا ما علينا".

وفي تأريخنا المعاصر أيضاً، كان الإمام الخمينيّ قائد الثورة الإسلاميّة (قدس سره) قد قام بنهضته المباركة ضدّ الطاغوت على أساس التكليف الإلهيّ، وفي جميع مراحل هذه النهضة المقدّسة لم يكن يفكّر إلّا بما هو تكليف شرعيّ، في نداءاته وفي سكوته، في سجنه ونفيه وفي درسه وتأليفه، في الحرب وفي قبول معاهدة الصلح، كلّ ذلك كان على أساس "العمل بالتكليف"، ولذا فهو في جميع المراحل لم يستكن ولم يضعف ولم ييأس ولم يتخلَّ عن هدفه، ولم يندم في لحظة ما على ما كان قد وقع.

كان تحليل الإمام الخمينيّ (قدس سره) لنهضة عاشوراء أنّها حركة قامت على أساس "العمل بالتكليف"، وكانت حركة مجاهداته هو أيضاً قائمة على مثل هذا الأساس.

لنقرأ أمثلة من أقواله (قدس سره) في هذا الصدد:

"إنّما قام الإمام أبو عبد الله عليه السلام ونهض بعدد قليل في مواجهة ذلك العدد الكبير الهائل لأنّه قال: تكليفيّ هو أن أستنكر، أن أنهى عن المنكر".

"لكنّ تكليفه كان آنذاك هو أنّه يجب أن يثور وأن يجود بدمه المقدّس حتّى يصلح هذه الأمّة، وحتّى يسقط راية يزيد".

"ذلك اليوم الذي يتعرّض الإسلام فيه إلى الإساءة والتشويه... يقتضي التكليف آنئذٍ أنّ على عظماء الإسلام أن ينهضوا ويجاهدوا".

فبلاغ عاشوراء "معرفة التكليف" و"العمل بالتكليف" من قبل جميع الأمّة، خصوصاً أولئك الذين لهم مكانة خاصّة فيها، الذين هم أسوة للآخرين ويرسمون خطّ السير لهم، فلو أنّ جميع أتباع الحقّ في زمان سيّد الشهداء عليه السلام كانوا على معرفة بتكليفهم، وعملوا بتكليفهم مثل شهداء الطفّ بالتضحية بين يدي إمامهم في الدفاع عنه، لكان مسار حركة التأريخ قد تغيّر إلى حيث مصلحة الحقّ، ولكان مصير الإسلام والمسلمين غير ذلك المصير.

واليوم أيضاً، يجب أن تعرف الأشكال المختلفة للتكليف، وأن يتعبّد بأدائها، وأن يعلم أنّ النصر في أداء التكليف. إنّ هذا هو ذلك الدرس الذي تعلّمناه من عاشوراء.



نسألكم الدعاء





من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
رد مع اقتباس