الموضوع: عِبر ُ عاشوراء
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 53  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي زيارة كربلاء
قديم بتاريخ : 30-12-2012 الساعة : 11:47 PM





اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام



زيارة كربلاء


ومن المظاهر الأخرى لإحياء نهضة عاشوراء الحضور والتجمّع عند تربة أولئك الذين أحيوا الدين، أبطال ملحمة كربلاء، الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره المستشهدين بين يديه عليهم السلام وزيارة مراقدهم المطهّرة.

وفضلاً عن الآثار التربويّة والروحيّة والعطاءات المعنويّة والأخلاقيّة الكامنة في زيارة تربة ومراقد الأئمّة الأولياء الأطهار، فإنّ لزيارة كربلاء ميزة أخرى أيضاً وهي الاستمداد من هذا المصدر والمنبع للحماسة والاستنهاض والتثوير من أجل الجهاد في سبيل الحقّ والتضحية في سبيل الله والدين.

وعلى رغم أحكام وقرارات منع زيارة كربلاء التي كانت تصدر عن الحكّام الطغاة الأمويّين والعبّاسيّين، كان أئمّتنا عليهم السلام دائماً يرغبّون النّاس في زيارة قبر الحسين عليه السلام ويحثّونهم عليها، ويوصون بعدم تركها، ومن خلال بيانهم للفضائل والمثوبات العظيمة التي تكون لزوّار قبر سيّد الشهداء عليه السلام كان الأئمّة عليهم السلام يريدون أنّ يبقى هذا المركز المُشعُّ بالمعنويّة والحماسة والاستنهاض حيّاً في قلوب وعقول النّاس دائماً، يرون ذلك أحد علامات الانتماء لخطّ أهل البيت عليهم السلام، ووفاءً من الشيعة بعهدهم وبيعتهم لأئمّتهم عليهم السلام.
يقول الإمام الصادق عليه السلام:

"من لم يأت قبر الحسين عليه السلام وهو يزعم أنّه لنا شيعة حتّى يموت، فليس هو لنا بشيعة".

وفي رواية أخرى عنه عليه السلام أنّه قال:

"زيارة الحسين بن عليّ واجبة على كلّ من يقرّ للحسين بالإمامة من الله عزَّ وجلَّ".

إنّ دعوة الأئمّة عليهم السلام شيعتهم ومحبّيهم ومواليهم للذهاب إلى زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام حتّى في ظروف الخوف والخطر وعدم الأمان، وتبشيرهم بالفضل الأعظم والثواب الأكبر المترتّب على مثل هذه الزيارة، دليل على الأثر والدور المهمّ الذي تقوم به الزيارة في إحياء حماسة عاشوراء وقيمها وبلاغاتها.

وفي رواية عن ابن بُكير أنّه شكى للإمام الصادق عليه السلام خوفه من عيون السلطان وسُعاته وأصحاب المسالح إذا أراد الذهاب إلى زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام وأنّه يظلّ خائفاً وجلاً مُشخصاً (مشفقاً) حتّى يرجع، فقال له الإمام الصادق عليه السلام:"يا ابن بُكير! أما تحبُّ أن يراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنّه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين عليه السلام تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع النّاس ولا يفزع، فإنّ فزع وقرته الملائكة، وسكّنت قلبه بالبشارة".

وفي رواية أخرى أنّه عليه السلام قال لمحمّد بن مسلم في صدد هذه المسألة:

"ما كان من هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف في إتيانه آمن الله روعته يوم يقوم النّاس لربّ العالمين".

وفي رواية أخرى أنّه عليه السلام قال:

"إيتوا قبر الحسين كلّ سنة مرّة".

كانت زيارة كربلاء في تلك العصور على الدوام محدودة مقيّدة أو ممنوعة، وما كان لزوّار قبر الإمام الحسين عليه السلام من حريّة كاملة ولا أمان ولا طمأنينة، ذلك لأنّ زيارة كربلاء كانت منشأ ومنطلق حركة ونهضة وتجمع الثوّار من محبّي أهل البيت عليهم السلام.

في سنة 121ه-.ق بعد ثورة زيد بن عليّ (رضوان الله عليه) في الكوفة واستشهاده مُنعت زيارة كربلاء من قبل هشام بن عبد الملك واشتدّت المراقبة من قبل السلطة الأمويّة بصدد هذا الأمر، وقد نشر هشام جنده وشرطته على طريق كربلاء للسيطرة على ذهاب النّاس وإيابهم . وفي زمان هارون العبّاسيّ والمتوكّل خربوا قبر الإمام الحسين عليه السلام عدّة مرّات، ومنعوا زيارته، حتّى أنّهم في زمان هارون قطعوا السدرة التي كانت علامة على قبر الإمام الحسين عليه السلام هناك، حتّى يضيع مكان القبر على النّاس فلا يجتمعون بعد ذلك عنده .

لقد أخربوا قبر الإمام عليه السلام سبع عشرة مرّة بأمر من المتوكّل العبّاسيّ ، لكنّ تشدّد وعنف وإرهاب الحكّام الطغاة المتواصل لم يستطع أبداً أن يقطع علاقة النّاس مع القبر المقدّس لسيّد الشهداء أبي عبد الله عليه السلام.

"بلغ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذ قائداً من قوّاده، وضمَّ إليه كنفاً من الجُند كثيراً، ليشعَّث (ليشعب خ) قبر الحسين عليه السلام ويمنع النّاس من زيارته والاجتماع إلى قبره، فخرج القائد إلى الطفّ وعمل بما أُمر، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين، فثار أهل السواد به واجتمعوا عليه، وقالوا: لو قُتلنا عن آخرنا لما أمسك من بقي منّا عن زيارته، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالأمر إلى الحضرة فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم والمسير إلى الكوفة، مُظهراً أنّ مسيره إليها في مصالح أهلها، والانكفاء إلى المصر.

فمضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة سبع وأربعين، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير النّاس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام، وأنّه قد كثر جمعهم لذلك، وصار لهم سوق كبير، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند، وأمر منادياً ينادي ببراءة الذمّة ممّن زار قبره، ونبش القبر وحرث أرضه، وانقطع النّاس عن الزيارة، وعمل على تتبّع آل أبي طالب والشيعة، فَقُتِلَ، ولم يتمَّ له ما قدّره
" .

من السُنن الدينيّة في ما يتعلّق بشرف وفضل وقداسة تربة سيّد الشهداء عليه السلام ما أوصى به الإمام الصادق عليه السلام:

"حنّكوا أولادكم بتربة الحسين فإنّها أمان" .

وفي استحباب الاستشفاء بهذه التربة المقدّسة قال عليه السلام أيضاً:

"في طين قبر الحسين عليه السلام الشفاء من كلّ داء، وهو الدواء الأكبر" .

ولقد وردت هكذا روايات أيضاً في فضل ماء الفرات.

وهناك روايات عديدة في فضل السجود على تربة سيّد الشهداء عليه السلام، وفضل المسبحة المصنوعة من تربة الحسين عليه السلام وفضل الذكر بها، حتّى لقد روي أنّه كان للإمام الصادق عليه السلام خريطة ديباج صفراء (كيس) فيها تربة أبي عبد الله عليه السلام، فكان إذا حضرت الصلاة صبّه على سجّادته وسجد عليه، وأنّه عليه السلام قال: "السجود على تربة الحسين عليه السلام يخرق الحُجب السبع" .

إنّ أُنساً كهذا وأُلفة مع تربة سيّد الشهداء عليه السلام إحياءٌ لتلك الحماسات والبطولات التي كانت في ملحمة عاشوراء.

يقول العلّامة الأمينيّ (رضوان الله عليه):"أليس الأمثل والأفضل اتّخاذ المسجد من تربة تفجّرت في صفيحها عيون دماءٍ اصطبغت بصبغة حبّ الله، وصيغت على سُنّة الله وولائه المحض الخالص؟ من تربة عُجنت بدم من طهّره الجليل وجعل حبّه أجر الرسالة الخاتمة، وخُمّرت بدم سيّد شباب أهل الجنّة، حُبّ الله وحُبّ رسوله، وديعة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لدى أُمّته كما جاء في السُنّة؟..." .

وهناك أمرٌ آخر تنطوي عليه زيارة شهداء كربلاء، وهو المفاهيم العالية الاعتقاديّة والتربويّة التي تضمّنتها متون زيارات الإمام الحسين عليه السلام وبقيّة شهداء الطفّ عليهم السلام. لقد كان أئمّتنا عليهم السلام بتعليمهم الشيعة هذه المتون الشريفة يذكّرون أيضاً بالقيم الدينيّة والمفاهيم القيّمة، إنّ التأمّل العميق في محتوى متون هذه الزيارات الشريفة يكشف بوضوح عن كثير من الإشارات واللفتات المنوّعة التي انطوت عليها هذه المتون فإضافة إلى كون هذه المتون فاضحة لما اجترحه آل أميّة من ظلم بحقّ أهل بيت الرسالة عليهم السلام، وإضافة إلى كونها ترسم صورة مشرقة وضّاءة للغرر الرشيدة والطلعات البهيّة للشهداء ولشخصيّاتهم الملهمة، تشعّ هذه المتون الشريفة أيضاً بالدروس الأخلاقيّة والاعتقاديّة والعرفانيّة، كما أنّها تكشف أيضاً عن خطّ الزائر وموقفه الفكريّ والعمليّ وانتمائه لصفّ أهل الحقّ عليهم السلام.

بمرور عابر على متون الزيارات نجد أنفسنا أمام هذه المفردات والمفاهيم: المحبّة، الموالاة، الإطاعة، الصلوات، السلام، اللعن، العهد، الشفاعة، التوسّل، الوفاء، الجهاد، الدعوة، النصرة، التسليم، التصديق، الصبر، التولّي، التبرّي، المواساة، الزيارة، الصلاة، الزكاة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التبليغ، وراثة السمات الإلهيّة، المساعدة، التعاون، السعادة، الرضا، طلب الثأر، الحرب والصلح، التقرّب إلى الله، البراءة من الأعداء، الولاية، الفوز، النصيحة، الفداء، وعشرات العناوين الأخرى.

إنّ الشوق إلى زيارة مراقد أهل البيت عليهم السلام عامّة ومراقد شهداء الطفّ خاصّة، كان ولم يزل سبباً دائماً يدفع الشيعة ويثيرهم إلى الإعلان والكشف عن محبّتهم وولايتهم للأئمّة المعصومين ولشهداء الطفّ.

ولقد حُفِظت هذه الثقافة الإيمانيّة والسنن الولائيّة في أوساط العوائل والبيوتات الموالية لأهل البيت عليهم السلام طيلة قرون متمادية، إذ كانوا ولا يزالون يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ويحرصون عليها كما يُحرص على الجوهرة النفيسة.

ولسبب هذه الآثار والبركات الكامنة في الارتباط والتعلّق بتربة قبر الإمام الحسين عليه السلام وتربة كربلاء، كان أئمّتنا عليهم السلام قد حثّوا وأكّدوا على زيارة كربلاء حتّى تبقى تلك الملحمة الدامية خالدة ومؤثّرة، وهذا أيضاً نوع من الإحياء لثقافة ورسالة عاشوراء.

ولقد كان مشهوداً أيضاً أثر مثل هذا الارتباط والتعلّق بالتربة الحسينيّة وبتعظيم شعائر ومراسم العزاء والنياحة والبكاء على سيّد الشهداء عليه السلام في تأريخ الثورة الإسلاميّة في إيران، وفي سنوات الدفاع المقدّس في الحرب المفروضة عليها، إذ كانت ثقافة الشهادة والزيارة هذه من العناصر المهمّة في بثّ روحيّة الجهاد والفداء، وفي تأسّي أبطال الإسلام واقتدائهم بشهداء كربلاء، حتّى لقد كان شعار المجاهدين وأملهم هو: إمّا الزيارة أو الشهادة!
إنّ بلاغ عاشوراء وتعاليم أئمّتنا عليهم السلام العمليّة ووصاياهم لإحياء تلك الملحمة المقدّسة ولمداومة ذكر تلك الدماء الطاهرة هو أنّ علينا أن نتّخذ من عطاءات وإلهامات دم الشهيد ومزار الشهيد واسم الشهيد وذكره منبعاً للاستلهام والتلقّي، ولأجل استمرار ودوام ثقافة الشهادة وحفظ بقاء ميراث الشهداء يجب أن نحرص على إقامة مجالس ذكرهم وتكريمهم وإحياء ذكرياتهم ومناسباتهم من خلال القلم والفن والشعر والأدبيّات الأخرى، وأن لا ننسى مواصلة هذا الالتزام أو نغفل عنه أبداً.




نسألكم الدعاء




من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
رد مع اقتباس