عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حيدر القرشي
حيدر القرشي
شيعي حسني
رقم العضوية : 24389
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 5,056
بمعدل : 0.89 يوميا

حيدر القرشي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر القرشي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : حيدر القرشي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-10-2013 الساعة : 02:42 PM


يوم الغدير هو يوم غلبة العقل على الإحساسات



يوم الغدير إنّما هو لأجل أن يرفع هذه الإحساسات عنّا، إنّه من أجل ذلك. فالنبي كان قد أتى طوال ثلاثة وعشرين سنة بأحكام وبيّنها للناس، لكن الله تعالى لم يقل: (اليوم أكملت لكم دينكم)، ولم يقل: (أتممت عليكم نعمتي)، والحال أن النبي أعلى من أمير المؤمنين، حيث أنّ النبي كان حائزاً على مقام الولاية الكلية ومقام ختم الرسالة، فضلاً عن كونه مربياً لأمير المؤمنين، فأمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: "كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمه"[11]، يقول: كنت أتبع النبي حتى أني كنت أضع قدمي مكان قدم النبي، كما أن الفصيل يتبع أمّه الناقة ويضع قدمه محل قدمها، حتّى أنّي لم أكن أضع قدمي في غير المكان الذي وضع قدمه فيه، وهذا عجيب جداً.. لم أكن أخالفه في شيء أبداً، بحيث أن ذاك الممشى الذي وضعه النبي لي لم أكن أتخطاه إلى هذا الطرف أو ذاك. ألم يقل أمير المؤمنين عليه السلام: "أنا عبد من عبيد محمد"[12]؟ فهل كان يمزح عندما قال ذلك؟! أم هل كان يتواضع؟! كلا هذا الكلام لا يصدر من أمير المؤمنين! نعم، يمكن أن يصدر منّا نحن، فالتواضع والاحتيال والمسخرة والقول بخدمتكم مولانا وما شابه ذلك (بينما من جهة أخرى نعمل ما يحلو لنا!!).. هذه لنا نحن، ولا يصدر هذا الكلام من أئمّتنا عليهم السلام، فالتواضع وخلاف الواقع لا يتّأتى من الأئمة، فعندما يقول الإمام: "أنا عبد من عبيد محمد" فهو يقول الواقع والحقيقة لا أنّه يكذب. لكن مع ذلك يأتي البعض، ويقول بأن أمير المؤمنين كان أعلى من النبي، هذا كله مخالف للصواب؛ فالإفراط مخالف، كما أن التفريط أيضاً خلاف، والواجب علينا أن ننظر إلى رسول الله بعنوان كونه التجلي الأعظم لله والجامع لمقام الواحدية والأحدية وبكونه الظهور الأول للباري.. فهذا كله محفوظ، وبعده أمير المؤمنين.
فالنبي الذي هو علة وجود وتكوين نفس أمير المؤمنين، وهو من الناحية التشريـعية أستاذ أمير المؤمنين ومربّيه الذي أخرجه إلى حالة الفعلية؛ كما كان يقول: "كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثير أمه"، و ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه كان يقول : "كان يرفع لي في كل يوم درجة ويعلمني ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب".. فالنبي الأكرم من كلا الطرفين أولى وأرجح من أمير المؤمنين؛ إذ هو أرجح من الناحية التكوينية، ومن الناحية التشريعية والتربوية أيضاً.
و مع ذلك فقد بقي النبي لمدّة ثلاثة وعشرين عاماً بين الناس، إلاّ أنّ الله تعالى لم يقل: (اليوم أكملت لكم دينكم)، فهل أضاف أمير المؤمنين يوم الغدير شيئاً على الدين؟ فهل أضاف حكم الصلاة؟ كلا بل الصلاة كانت مشرعة قبل ذلك. هل أضاف حكم الحج أو غير فيه، هل غيّر حكم الزكاة؟ ما الذي حصل يوم الغدير؟ ماذا قال أمير المؤمنين في ذلك اليوم؟ لم يقل شيئاً، بل الذي حصل هو أنّ النبي أتى وأخذ يده وقال: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه"، فكل من كنت مولاه وأقرب إليه من نفسه.. يعني أن النبي بما له من الاختيار بالنسبة إلينا، وبما له من التصرف فينا بما لا نمتلكه نحن بحقّ أنفسنا...
فنحن ليس لدينا الحقّ في أن نجرح يدنا، وإذا فعلنا فسوف يحاسبنا الله على ذلك. ليس لدينا الحق في أن نتصرف في جسدنا كأن نقطع الرجل مثلاً، إذ سنحاسب ونسأل: لماذا قطعت رجلك؟ لا يحق لك ذلك، حتى لو كانت رجلك.. فهذه الرجل أعطاك الله إياها، وهي مرتبطة بك لا أنك مالكها، وسوف تؤخذ منك بعد مدة، وعليك المحافظة عليها طوال هذه المدة، فإن جرحت عليك أن تضع عليها المضادات الحيوية، وإن أصابها وجع فعليك أن تذهب لمعالجتها، فإن لم تذهب إلى الطبيب وأصابها شيء بعد ذلك فأنت مسؤول، وسوف تحاسب على تقصيرك بالمسارعة في الذهاب إلى الطبيب!! لقد أُعطيت هذه اليد، وعليك أن تستخدمها في طريق التكامل؛ تنفق بها، وتكتب بها، وتحمل الكتاب بها، وتساعد الفقير، وتأكل بها.. وهذه الأعمال عليك أن تجعلها في طريق تكاملك. لقد أعطيتك العين والأذن لهذا الهدف أيضاً، وإن لم تستفد منها في ذلك.. كأن تقول: إلهي أنا لا أريد يدين اثنتين، بل تكفيني يد واحدة!! تكفي اليد اليمنى، أو اليد اليسـرى والثانية إسراف [وسوف أقطعها]!! فسوف تحاسب عليها وعليك أن تجيب عليها يوم القيامة، فما علاقتك أنت بذلك حتى تأتي وتقطع يدك؟! وما علاقتك أنت بأن تأتي وتسبب الأذى لبدنك؟ أنا الذي أعطيتك إياه، وعندما أريد آخذه منك.. إذ أحياناً يأخذه الله منه، فإمّا بأن يأخذ جميع البدن، أو بعضه.. هكذا ينبغي أن يتعامل الإنسان مع هذه المسألة.
وإذا أوكلتُ إليك أمر شخص معيّن، أمر زواجه مثلاً، أمر حياته ورفع حاجاته.. مثلاً الله تعالى يقول: لقد جعلت لك أن تتزوّج، فبعد أن تتزوّج تقول أحب الآن أن أطلّق؟! لا يحقّ لك أن تطلق، فمن تكون أنت حتى تطلق؟ الله سيحاسبك على ذلك. أو أن تأتي الزوجة وتقول: أريد الطلاق!! إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تزوّجتِ من الأساس؟ فتارة تكون مسألة الطلاق لأجل أمر أخلاقي أو بسبب عدم تفاهم أو لأي مشكلة أو سبب آخر، فهذا محفوظ في محله، بل قد يصل الطلاق إلى حدّ أن يكون مستحبّاً أيضاً، ولكن إذا كان الأمر من باب الظلم والعدوان، فإن الله سيطالب ويحاسب، ويقول: لا يحق لك الطلاق في هذه الحالة!
نعم، إذا كانت المسألة توجب اختلال الحياة من أساسها فهذا كلام آخر، حيث جعل الله طريق حل لهذه الحالة، وأما إذا كانت المسألة اعتباطية وبحسب الرغبة؛ بأن تقول أحب أن أطلق! أحب أن أذهب، أحب أن لا آتي.. فلا يحق ذلك، لأن المسألة ليست بحسب الرغبة والميل. وكذا الحال في سائر الأمور، إذ ليس لدينا اختيار مطلق حتّى نفعل ما يحلو لنا، بل لا بد من العمل على طبق الضوابط والموازين؛ وهو الطريق الذي وضعه الشارع لنا، والطريق الذي عينه الله، وإذا حصل منّا تخطٍّ فإن الله سيحاسبنا على ذلك، وهو يعلم كيف يحاسب، وكيف يعاقبنا؛ بحيث أنك لا تشعر من أين جاءتك العقوبة و من أين أُخذت!!
وبشكل عامّ لا بد أن يكون العمل صحيحاً، لكن هنا يقول الله: أليس لي حق الاختيار لك؟ فأنا الذي أقول لك لا يجوز قطع يدك، وإذا فعلت سوف أحاسبك على فعلك.. فأنا الآن أقول لك: اذهب إلى محاربة الكفار وقاتلهم ولو كان في ذلك قتلك، وإذا قتلتَ فأنت شهيد! وأنا الذي أقول لك عليك أن تدافع عن إمام زمانك، وإن قتلت فأنت شهيد.. ففي هذه الموارد الاختيار لي، أنا الذي أقول لك اذهب، وعليه فلا يوجد ضرر. عندما أقول لك عليك أن تطلق زوجتك! فلا بد من الطلاق. لماذا؟ لأن الله تعالى أولى منّا بأنفسنا. وكذا في سائر الأمور، وهكذا الحال بالنسبة إلى الإمام والنبي، لذا يقول تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، يعني أنه في الأفعال التي لا يحق لنا التصرف فيها، ولا اختيار لنا ولا نستطيع القيام بها انطلاقاً من خيالاتنا وتوهّماتنا.. هذه الأفعال إن أتى النبي وقال لنا افعل! فلا ينبغي الكلام في ذلك أبداً، بل يجب العمل دون أي اعتراض. ولو قال: اعدم نفسك! فعليك الامتثال مباشرة، بأن تحمل المسدّس وتطلق النار على نفسك، والسلام، لأنه النبي!
ولو قال عليك أن تطلّق زوجتك، يجب الامتثال دون تردّد. ولو قال للمرأة عليك الابتعاد عن زوجك، لا ينبغي التأمل والتردد في ذلك. وقد ذكرنا هذه المطالب في مباحث عنوان البصري، لو يتذكر الإخوة[13].
حسناً! ماذا تعني هذه المطالب؟ تعني أن اختيار النبي في جميع الأمور وفي جميع مراتب وجود الإنسان مقدّمة على اختيار الإنسان نفسه. والآن يأتي الرسول ويقول هذه الأولوية التي كانت لي عليكم والتي ستبقى إلى يوم القيامة دون أن تنقـضي بموتي.. هذه الأولوية موجودة عند علي أيضاً، هذه هي المسألة! يعني لا تتوهموا أني راحل عنكم بعد شهرين، إذ سأموت بالسم الذي يدسه لي زوجتاي هاتين.. ففي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنهما اللتان سمّتا رسول الله.. طبعاً بإدارة وتوجيه من الخارج، لذا نحن نعتقد بأن رسول الله مات شهيداً مسموماً...
[يريد رسول الله أن يقول لنا: لا تتوهموا أني راحل عنكم بعد شهرين، لأنّ] هذه الولاية والأولوية سوف تبقى، وهنا يقول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم). وإلاّ فما هو الحكم الذي جاء به أمير المؤمنين ولم يكن قبل ذلك؟ إذ النبي ذكر أحكام الصلاة للجميع قبل ذلك، وكذا أحكام الصوم والخمس والزكاة والحج والجهاد في سبيل الله، نعم بيّن بعضها بشكل مجمل في الروايات، وتم بيانها بشكل مفصل في زمن الأئمة عليهم السلام، وخصوصاً ما ورد في المجاميع الروائية الواردة عن الصادقَين بالذات. فلو فرضنا أن الله تعالى يريد أن يضيف حكمين بعد مائة سنة أو مائة وخمسين سنة، فهل يقول من أجل ذلك: "اليوم أكملت لكم دينكم"، فهل حقيقة الأمر كذلك؟ هل نتصوّر أنّ الله لم يعتبر جميع جهود النبي طوال ثلاثة وعشرين سنة، أما الأحكام التي سيأتي الأئمة ويبيّنوها فهي التي يكمل الدين بها؟! لا شك أن الأمر ليس كذلك. فما هي المسألة التي هي أعظم من التكليف؟ ما هي القضية التي هي أهم من هذه الثلاثة وعشـرين سنة؟ وما هو الشيء الأخطر والأهم والأرجح الذي جعل الله تعالى يهدّد رسوله بالقول: (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)؟؟ إنّ بيان حكمين إضافيين لا يستدعي تهديداً، إذ مفاد التهديد هو أنه إن لم تفعل هذا الأمر فإن جميع ما قمت به خلال ثلاثة وعشرين عاماً سيذهب هباءً. لماذا هذا التهديد؟ إذ الأحكام الشرعية قد بُيّنت، ومكارم الأخلاق قد عرضت، وسيرته قد كشفها للجميع.. فما الذي بقي حتى يأتي الخطاب الإلهي إليه ويهدّده عبر قوله: (يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)؟! فالله كان قد طلب من النبي إبلاغ ولاية الإمام عليه السلام طوال هذه المدة أكثر من مرة، وكان النبي يخشى من بيانها مباشرة، وإن كان قد أبلغها بعبارات مختلفة ومسائل أخرى: كقوله: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، و "لولا أن أخاف على أمتي..."، و "علي كنفسي..." وغيرها من الروايات، وكان يذكر هذه المسائل بين الأصحاب ويهيئ بذلك الأرضية له، لكنه كان يخشى أن يقول لهم: (لقد نصبت لكم بعدي أمير المؤمنين، وما كان لي من حكم عليكم وأولوية من أنفسكم؛ حيث لا يمكنكم أن ترجحوا إرادتكم على إرادتي، ويجب عليكم شرعاً وعقلاً وتكليفاً أن ترجحوا اختياري وتقدموه على اختياركم وإرادتكم.. فهذا الترجيح والأولوية التي لي تنتقل إلى علي بعدي)، لم يقل ذلك؛ لأنه يعلم بالأوضاع، وكان يرى الناس ويعرف ميولهم وأهواءهم ويشاهدهم كيف يفكرون، وكان يرى المنافقين.. الذين كانوا ينتظرون أن يحصل للنبي أمرٌ كي يأخذوا بزمام الأمور، كانوا ينتظرون حصول شيء حتى ينقضّوا بعد ارتفاع هذا المانع، ألم تروا الأحزاب السياسية كيف تتعامل؟ ينتظرون هذا كي يموت حتى يأتي الآخر مكانه، أو يحصل لذاك أمر حتى يتاح للآخر الفرصة، ويكون مقبولاً لدى الناس.. في ذلك الوقت كان الأمر كذلك أيضاً [ضحك].. كانوا يعدّون أموراً و مكائد لهذا وذاك ويكذبون.. ويتحدثون إلى هذا وذاك ويغيرون رأي الناس فيه.. حتّى يأتي هذا المتآمر مكانه ضمن جو من الإعلام الخاص.. هذه الأمور كانت موجودة في زمن النبي. فهؤلاء كانوا يعدّون أنفسهم كي يحلوا محلّ النبي، ويشيّعون حول علي الإشاعات ويلفقون عليه الأقوال: علي لا يصلح لهذا الأمر، علي رجل حرب فقط، وعلي لا يرغب به أحد من الناس، وهكذا.. إنّ هذه الأمور كانت تحصل في زمن النبي...
والتاريخ دائماً في حالة حركة، وله شكل واحد، غاية الأمر انّ الزمان يختلف فقط.. انظر إلى أحزاب العالم، وتأمل فيما يجري الآن بينهم ترى أن الذي يجري الآن هو عينه الذي شرع منذ خلقة آدم.. لماذا؟ لأن الجميع لديه النفس ذاتها و الجميع يتعامل بأنانية، ولأن للجميع نمط واحد من الفكر، ويمتلكون حالة واحدة، ولهم نفس الخصوصيات الوجودية.. جميعهم يسعى للبقاء المادي فقط، لا يفكر أحد منهم بما وراء المادة، لا يفكّر أحد بما يوجد "هناك". فإن كان الأمر كذلك، فالأمر من هذا القبيل، لكن مع اختلاف الوسائل، فتارة تكون الوسائل متطورة وأخرى متخلفة؛ لكن كلّها تسعى لسحق الآخر وإلغائه، وتتنازع لأجل البقاء، يقول: ارحل أنت لكي أحلّ أنا محلّك! فعندما يرون أنّ فلاناً قد كثر الناس حوله، يبدءون بالسؤال ماذا حصل؟ لماذا الناس حوله؟ وكذا إذا انفض الناس من حوله فإنّهم يسألون لماذا تركه الناس؟ ولماذا لا يأتي إليه أحد؟ ولماذا... يا عزيزي ما دخلك أنت بذلك؟ بل عليك أن تهتم بنفسك وبعملك، وتسعى لمعرفة مشاكلك، لماذا تأتي وتشغل نفسك بهذه الأمور والمسائل؟





توقيع : حيدر القرشي
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ *
ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
لا نَبِيُ الهُدَىَ أُطِيعَ ولا *
فاطمةٌ أُكْرِمَتْ ولا حَسَنَاهَا
ولأي الأمور تدفن سرا *
بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فرار الدمشقية من المناظرة!!
من مواضيع : حيدر القرشي 0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 كيفيّة إحياء مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه السلام
0 حوار هادئ حول الامامة
0 عيد الغدير يوم غلبة العقل على الإحساسات
رد مع اقتباس