عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حيدر القرشي
حيدر القرشي
شيعي حسني
رقم العضوية : 24389
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 5,056
بمعدل : 0.89 يوميا

حيدر القرشي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر القرشي

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : حيدر القرشي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-10-2013 الساعة : 02:43 PM


عيد الغدير هو أفضل الأعياد لأنّه فتح طريق التكامل بغلبة العقل على الإحساسات



لقد أتى أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير؛ أي في مثل هذا اليوم، وفتح أمراً لم يكن قد فُتح بعد في زمن النبي، وهذا الأمر: هو غلبة العقل على الإحساسات. لأجل هذا الأمر كان عيد غدير خم هو أفضل الأعياد، كما قال النبي صلّى الله عليه و آله.
ألم يكن لدى النبي يوم المبعث؟ والحال أنه كان قبله، لكنه لم يقل النبي المبعث أفضل الأعياد! ولم يقل النبي بأن عيد الفطر وعيد الأضحى أفضل الأعياد! مع جميع تلك الفضيلة التي لهما والبركات التي فيهما، فهذه البركات محفوظة...و لم يقل النبي يوم ولادتي أفضل الأعياد، والحال أن ولادة النبي هي أصل بركة عالم الوجود كله، إذ جميع هذه البركات بسبب ولادة النبي، وبواسطة بعثة النبي، لكن مع ذلك يقول النبي: إن غدير خم أفضل أعياد أمتي، لماذا؟ لأنني إلى الآن كنت أتعامل مع إحساساتكم، لا مع عقلكم، فأنتم إلى الآن كنت تنظرون إليّ أني رسول الله، حيث رأيتم مني شقّ القمر بإشارة واحدة، وقد رأيتم أني انتصرت في تلك الحرب، وأني تغلبت على الكفار، ورأيتم الشجرة أتت إليّ وشهدت لي بالنبوة، ورأيتم و رأيتم... لكن مع هذه الأوضاع يبقى هناك شيء ناقص، وهو أن عقلكم لم يأت ويحل محلّ إحساساتكم، فأنتم إلى الآن تتعاملون معي على أساس الإحساسات؛ تقولون أتى رسول الله، فلنذهب لنراه، وكان الأطفال والنساء يذهبون لرؤيته، ويهلهلون له عند عودته من سفره، وكانوا يذبحون له الشاة، ويرافقونه عند وداعه وخروجه، وعند عودته يذهبون ليتلقّوه.. لكن جميع هذه الأمور لا فائدة فيها، ولا نتيجة أساسية لها، فما يحتوي على نتيجة، وذاك الذي يأتي ويوصلكم إلى المكان الذي أنا فيه ... إن ما يوصل شيعة علي إلى ذلك المقام الذي يستطيع فيه أن يفعل كلّ ما يفعله ليس هذا. فما هو إذاً؟ إنّه سيطرة العقل على الإحساسات، فإذا تحقّق هذا، فإنّ الوجود الظاهري لرسول الله صلّى الله عليه و آله أو غيابه لن يكون ذا فرق بالنسبة إلينا.



هل نحن في زمان الغيبة؟



في أيّ زمان نحن الآن؟ نحن في زمان الغَيْبة... من الذي قال بأنّنا في زمان الغَيْبة؟! أنا لا أعتقد ذلك ولا أقبل به! فمن الذي قال بأننا في زمان الغَيْبة؟! إنّ زمان الغَيْبة هو ذلك الزمان الذي لا يكون الإمام موجوداً فيه، ولكنّ الإمام عليه السلام موجود. أفليس الإمام موجوداً الآن في هذه الأرض؟ ألا يعيش في هذه الأرض؟! بلى، و إن كان هو لا يريد أن يظهر نفسه لنا، فهل هذا يجعله في غَيْبة؟ أبداً!! إذ لو كان الأمر كذلك لكان زمان موسى بن جعفر عليه السلام زمان غَيْبة أيضاً، فموسى بن جعفر قضى في السجن ثمان سنوات على رواية، و على رواية أخرى ستّ سنوات، وعلى رواية ثالثة أربع سنوات. حسناً، ألم يكن الإمام في السجن؟ إذاً ينبغي أن نسمّي ذلك الزمان زمان غَيْبة أيضاً! أوَلم يكن الإمام العسكري عليه السلام محبوساً و محصوراً في سامرّاء؟!
اتفاقاً خطرت في بالي رواية عجيبة عن الإمام العسكريّ عليه السلام ليلة البارحة، فرأيت أن أقرأها اليوم للرفقاء، و هي رواية عجيبة جداً، فهي لا تترك لنا أيّ عذرٍ!
حسناً.. ألم يكن الإمام الهادي و الإمام العسكري عليهما السلام محصورين في سامراء؟! إذا تشرّفتم بزيارة سامرّاء، فإنّ مكان إقام الإمامين العسكريين عليهما السلام ما يزال موجوداً. لقد كانا تحت الحصار، و كان ممنوعاً على أيّ أحدٍ أن يقابلهما، فكان بعض الشيعة يحتالون على الحرس بأن يأتوا بصفّة بائع زيت فيلبسون لباس بائع زيت أو ما شابه ليقابلوا الإمام بشكل سريّ، و إلاّ فلم يكن أحدٌ يقدر على مقابلته؛ فإذاً ذلك الزمان كان زمان غَيْبة أيضاً! و حتّى في زمان الإمام الصادق عليه السلام، فهل كان الأفراد الذين يقطنون في المدن الأخرى يشاهدون الإمام الصادق عليه السلام؟! فعندما كان الإمام الصادق عليه السلام يدرّس طلاّبه في المسجد النبوي؛ فكيف كان الأفراد الذي يقطنون في مشهد أو الريّ أو هنا في قم من الشيعة يتّصلون بالإمام الصادق عليه السلام و يلتقون به؟! لم يكونوا يلتقون به؛ فإذاً أولئك كانوا في زمان غَيْبة أيضاً! ولا يستثنى من ذلك إلاّ أولئك الأفراد القلائل الذين كانوا يشاهدون الإمام كلّ يوم، ولم يكن عندهم مانعٌ يمنعهم من الوصول إلى الإمام، و أمّا أولئك الذين كانوا في مشهد أو خراسان أو الري أو قم أو بلاد ما وراء النهر أو سائر البلاد الأخرى، بل حتّى الذين كانوا يقطنون في الجزيرة العربية في المناطق الأخرى غير المدينة المنوّرة أو أولئك الذين كانوا في العراق من الشيعة (أما غير الشيعة فكان لهم مرام و مذهب آخر)... فهؤلاء الشيعة هل كانوا يلتقون الإمام الصادق عليه السلام كلّ يوم؟! وهل كانوا يلتقون بموسى بن جعفر عليه السلام كلّ يوم؟! كلاّ؛ فإذاً هم أيضاً كانوا في زمان غَيْبة!
أخبروني ما هو الفرق بين غَيْبتنا و بين الغَيْبة التي كان يعيشها الأفراد القاطنين في قم في ذلك الزمان؟ أخبروني ما هو الفرق؟! لا يوجد أيّ فرق؛ فهم لم يكونوا يقدرون على لقاء الإمام الرضا عليه السلام، و نحن أيضاً لا نرى إمام زماننا. و في زمان موسى بن جعفر من هو الشخص الوحيد الذي كان يلتقي بالإمام عليه السلام؟ إنّه السندي بن شاهك الملعون، فهو الوحيد الذي كان يرى الإمام، و أمّا غيره من الناس فلم يكونوا يلتقون به؛ فهل يمكننا أن نقول: إنّ الناس في ذلك الزمان لم يكن لديهم إمام ؟! ولم يكن عندهم صاحب ولاية، وشخصٌ مسيطر على النفوس ومشرف على القلوب و الضمائر ؟!
لقد جاء أحد الشيعة إلى منزل عليّ بن يقطين الذي كان وزيراً لهارون قاصداً إيّاه في حاجة، فلم يقابله علي بن يقطين، وعندما جاء عليّ بن يقطين إلى المدينة، فإنّ موسى بن جعفر عليه السلام لم يستقبله، [و أرسل خادمه] ليقول له: إنّنا لا نستقبل شخصاً لا يستقبل شيعتنا ويردّهم! فمن أين علم موسى بن جعفر ذلك؟! فهل تتخيّلون أنّ أئمّتنا عليهم السلام هم مثل الآخرين الذين يضعون الألقاب على أنفسهم دون استحقاق ، و الحال أنّهم لا يعلمون ما الذي يجري خلف الجدار؟! من أين علم موسى بن جعفر بذلك؟! من أين علم أنّ ذلك الفقير الشيعي قد جاء إلى منزل عليّ بن يقطين فلم يستقبله؟! (ولا ندري ما الذي جعله لا يستقبله، فربّما كان متعباً أو لأي سبب آخر، ولكنّه لم يكن يقصد توهينه، و لم يتعمّد الإساءة له، فهو قد كان من شيعة موسى بن جعفر عليه السلام)، حسناً قال له الإمام الكاظم: يجب أن تذهب الآن إلى منزل ذلك الرجل في الكوفة فترضيه، ثمّ تعود إلى المدينة؛ حتّى أسمح لك بالدخول إلى منزلي! (و من الواضح أن المسافة بين المدينة و الكوفة بعيدة جدا!)
فقال له: يا بن رسول الله، كيف لي أن أذهب و أنا لا أعرف حتّى منزله في الكوفة؟!
فأجابه عليه السلام: اركب هذه الناقة، و ستوصلك إلى مقصدك.
فركب الناقة، فأوصلته إلى منزل ذلك الرجل الشيعي الفقير في الكوفة خلال ثانيتين فقط! أجل، في ثانيتين فقط! فطرق الباب و كان الوقت في منتصف الليل، فخرج الرجل متعجّباً و سائلاً من الطارق؟ فقال له: أنا علي بن يقطين. فقال في نفسه: يا للعجب! ماذا يفعل عليّ بن يقطين وزير هارون أمام منزلي؟!
أترون يا إخوتي، إنّ لكلّ شيء حساباً، فأنت لم تستقبل ذلك الشيعي الفقير في منزلك؛ ولذا فأنا (الإمام) لن أستقبلك في منزلي! انظروا كيف هي الأمور و الأوضاع!
و الخلاصة .. فقد خرج ذلك الرجل فوجد أنّ عليّ بن يقطين فعلاً واقف أمام منزله مع ناقة له، فقال له علي بن يقطين: أريد أن أدخل، فهل تأذن لي، فقال له: تفضّل. فلمّا دخل قال له: لقد جئتَ إلى منزلي في بغداد، و كان لك حاجة عندي، ولكنّني كنت متعباً و مشغولاً فلم أكن قادراً على استقبالك، و أقسم والله و بالله أنّني لم أقصد التجاسر عليك أو إهانتك، و ها قد جئت الآن لكي أعتذر منك عن ما حصل!
و القضية طويلة بحيث لو بيّنتها بالتفصيل لتعجّب الجميع منّ الكيفية التي كان عليها شيعة موسى بن جعفر! و خلاصة الأمر بأنّ عليّ بن يقطين لم يرض من ذلك الرجل إلاّ بأن يضع رجله على وجه عليّ بن يقطين و يقول له قد عفوت عنك ورضيت! (هكذا كانوا!) ففعل الرجل ذلك، وبعدها قدّم علي بن يقطين له مبلغاً من المال و قضى حاجته، ثمّ خرج وركب الناقة فأرجعته إلى المدينة المنوّرة إلى منزل الإمام الكاظم عليه السلام خلال ثانيتين فقط!! فالناقة التي يرسلها موسى بن جعفر تختلف كثيراً عن جمالنا !! [يضحك سماحة السيّد].
و ما كاد أن يصل إلى هناك، حتّى وجد أنّ موسى بن جعفر قد فتح له الباب بنفسه، وقال له: أحسنت صنعاً!! بارك الله بك. الآن ادخل.
هل اتّضح الأمر؟! هكذا يكون الإمام! فالإمام إمامٌ سواء كان في غياهب السجون أو كان يمشي معك في الطريق، فلا فرق بينهما عنده، ففي كلا الحالين سيكون له نفس المرتبة من الإشراف و السيطرة...لقد كان المرحوم السيّد الوالد رضوان الله عليه يقول لتلاميذه (وكان الحقير بنفسه جالساً حينئذٍ): إن كنتم على ظهر القمر أو كنتم جالسين بجانبي فإنّ ذلك سواء بالنسبة لي، و لا فرق عندي بين الحالين! (و إن أردتم أن تجرّبوا ذلك فجرّبوه)، و قد جرّب الجميع ذلك فوجدوه واقعاً فعلاً، إذ لم يكن ذلك مجرّد ادّعاء خالٍ من الحقيقة! و هذا [أي العلاّمة الطهراني] تلميذ ذاك [أي الإمام سلام الله عليه] !



لا فرق بين حالنا و بين الشيعة الذين لم يكونوا يصلون إلى إمام زمانهم



حسناً.. أنا الآن أريد أن أسألكم سؤالاً: ما هو الشيء الذي ينقصنا حالياً، بحيث أنّنا نسمّي زماننا بزمان الغَيْبة بسبب ذلك، و هذا الشيء الذي ينقصنا لم يكن أولئك الأفراد الذين كانوا يعيشون في زمان موسى بن جعفر عليه السلام يعانون منه، بحيث لا يصحّ أن نقول عنهم أنّهم كانوا في زمان الغَيْبة أيضاً؟ أرجو أن تبيّنوا لي ذلك، فهذا السؤال ما يزال دون جواب عندي، فإن كان أحد يعرف الجواب فليخبرني به! فما هو الشيء الذي ينقصنا الآن ؟ أليس عندنا إمام؟! بلى عندنا! وذلك أمر مسلّم و كلّنا نعتقد بأنّ الإمام عليه السلام موجود، بل هو موجود بيننا، و قد ورد في الرواية أنّه: (عندما يظهر الإمام الحجّة عليه السلام، فإنّ الناس سيقولون: عجباً! لقد كنّا نرى هذا الشخص دائماً .. كنّا نراه في الطريق و السوق، فشكله ليس غريباً علينا)، وبالتالي فنحن نعتقد بأنّ عندنا إمام، و لا شبهة لدينا في ذلك أبداً!! على الأقلّ نحن ليس لدينا شبهةٌ في ذلك، وإن كان لدى الآخرين شبهة فلا علاقة لنا بذلك، (ولو لم يكن عندهم شبهة في ذلك لما تصرّفوا بهذا الشكل!!). على كلّ حال لا علاقة لنا بهم، فنحن لا نشكّ أبداً أن عندنا إماماً، و نعلم طبقاً لمباني التشيّع و الأحاديث والروايات أنّ الإمام عليه السلام لا فرق عنده بين الغَيْبة و الحضور، فبالنسبة للإمام لا فرق بين أن يكون الشخص أمام ناظريه أو غائباً عنهما في مكان آخر، ومثال ذلك الأفراد الذين كانوا يعيشون في قم في زمان الإمام الباقر عليه السلام، فإشراف الإمام على هؤلاء الأفراد لا يختلف أبداً عن الشخص الجالس بجانبه يتحدّث معه! لا فرق عند الإمام بينهما أبداً! فأيّ حركة يقوم بها هذا الشخص، بل أيّ خطور يخطر في ذهنه يعلم به الإمام، وعندما يذهب هذا الشخص إلى المدينة فإنّ الإمام يقول له: لقد خطرت في ذهنك المسألة الفلانية و جوابها كذا مثلاً! و من هنا نعلم أنّه لا يمكن خداع الإمام، فحتّى لو تمكّنا من خداع الجميع إلاّ أن الإمام لا يمكن خداعه!
نحن كنّا أحياناً نفكّر بمسألةٍ مّا في الليل، و في الصباح كنّا نذهب عند السيّد الوالد رحمه الله فكان يقول لنا ابتداءً: (أجل.. أجل، إنّ الإنسان في عالم التخيّلات قد تخطر في باله أفكار كهذه !!)، إه! يا للعجب! ألا يمكننا أن نفكّر بفكرة [دون أن تعلم بها]! فكيف بأداء فعل من الأفعال؟! فنحن بمجرّد أن تخيّلنا أمراً، وضعه أمامنا بكلّ بساطة، فكيف سيكون الحال لو قمنا بذلك الفعل وأديناه؟!!
فإذاً صار معلوماً أنّه لا يمكن للإنسان أن يخدع الإمام عليه السلام، و لا يمكن له أن يخفي عنه الحقيقة.. لماذا؟ لأنّه أقرب منّا إلى أنفسنا يا عزيزي! فقبل أن يأتي ذلك التخيّل إلى ذهنك، و قبل أن تصل تلك الفكرة إليك، فإنّها قد جاءت إليه أولاً، ثمّ بعد ذلك تحصل لديك! لا أنّ الأمر بحيث أنّ الفكرة تأتي إليك أولاً ثمّ يعلم هو بها ويطّلع عليها، بل هي جاءت من نفسه الشريفة إلى نفسك، و طبقاً لقاعدة العلية فإنّ هذا الأمر قد عبَر من نفسه الكلّية أوّلاً قبل أن يصل إليك لأنّه هو المُجري للمشيئة الإلهية في الأسماء و الصفّات، ثمّ بعد ذلك تحصل في نفسك هذه الفكرة أو ذلك الميل و الرغبة سواءً كانت جيدة أم سيئةً، وذلك إنّما يكون بحسب المسائل التي لدى هذا الشخص؛ فإذا كانت النفس ملوّثة فإنّ الخطور سيكون ملوّثاً، و إذا كانت النفس طاهرةً كان الخطور طاهراً.
ومن هنا يتبيّن أن الإمام يعرف ما يجري أوّلاً، فكيف تريد حينئذٍ أن تخفي شيئاً عنه؟! لقد جاء الأمر إليه أوّلاً فكيف يمكن ذلك؟ إنّ كشف الحساب الأصلي جاء إليه أوّلاً، فأمضاه و أرسل إليك نسخة منه، فكيف تريد أن تعدّل فيه و تتلاعب بمحتوياته فتشطب هذا و تبقي ذاك؟! يا عزيزي، إنّه سيقول لك: إنّ الأصل عندي و ما أرسلته إليك لم يكن إلاّ نسخة فماذا تحاول أن تصنع؟! إنّ ما عندنا ليس إلا النسخة، أمّا الأصل فهو عند الإمام. هل اتّضح الأمر؟
حسناً، فكيف يكون زماننا زمان الغَيْبة؟! ليس عندنا زمان غَيْبة بل عندنا زمان حضور! فإمام زماننا حاضر، غاية الأمر أنّنا لا نراه، ولا ضير في ذلك، فأولئك الأشخاص الذين كانوا في ذلك الزمان لم يكونوا يرون إمامهم أيضاً، و لا بأس في ذلك! فما معنى الغَيْبة بعد ذلك؟! هل تعلمون ما هي حقيقة ذلك؟ إنّ ذلك سببه التخيل ، و هي جميعاً ناشئة من التوهّم و الإحساسات! و عيد الغدير هو من أجل رفع هذه الإحساسات و الأوهام؛ يعني لا تظنّنّ أنّك ليس عندك إمام، و لا تتخيّل أنّ النبيّ الآن قد ذهب، فالوجود الباقي للنبي موجود في عليّ صلوات الله عليهما، و لا تتخيّل أنّ علياً قد ذهب، فوجوده الباقي موجود في الإمام المجتبى، و لا تتخيّل أ الإمام الحسن قد ذهب فوجوده الباقي موجود في الإمام الحسين عليه السلام، و هكذا ... و الآن فإنّ الوجود الباقي لرسول الله صلّى الله عليه و آله، و الوجود الباقي لجميع المعصومين الثلاثة عشر عليهم السلام موجود في إمام الزمان عليه السلام! فلا غَيْبةَ إذاً، لا يوجد عندنا غَيْبة، بل كلّ ما هنالك هو الحضور! و نحن يجب علينا أن نرى أنفسنا في حضور الإمام عليه السلام و نحسّ بذلك. و هذا الإحساس بأنّنا في حضور الإمام عليه السلام هو الذي يرتقي بالإنسان.



التعلّق الظاهري و الحسّي بالنبي يمنع الإنسان من الترقّي



يعني لو كان رسول الله صلّى عليه و آله ما يزال حيّاً لما كان عندنا هذه الحركة! فلأنّه ليس موجوداً صارت هذه الحركة ممكنة، و لأنّه ليس موجوداً ؛ يأتي العقل ويتغلّب على الإحساسات، لأنّه لو كان موجوداً لألقينا جزءاً من القضية على حضوره ولاعتمدنا في جزء من المسألة على ذلك الجانب الظاهري و الفيزيائي منه، ولحسبنا حساب هذا الجانب الظاهري منه، ز كنّا سنتعامل ولو قليلاً مع المسألة بناءً لهذا المعطى، فالمحرّك لأفعالنا هو شعورنا بوجوده الشريف، فنقول مثلاً: الإمام موجود.. والآن سيأتي ويعاتبنا على فعلنا، الإمام موجود.. والآن سيأتي ويوبّخني، إنّه موجود .. موجود ، بينما حينما لا نراه، نقول: ليس موجوداً، وعندها يأتي دور العقل، فحتّى لو لم يكن بجانبنا إلاّ أنّ ولايته موجودة، وإشرافه على نفوسنا موجود، وإرادته موجودة، ونحن نعلم أنّها جميعاً موجودة، وهذا الأمر من الأمور التي لا تتطرّق نفوسنا للشكّ فيه؛ لذا نجد في الرواية المروية عن النبيّ صلّى الله عليه وآله...
[سماحته ينظر إلى الساعة، ويتكلّم بلهجة ممازحة]: الوقت قد انتهى، وبدأنا نصبح مورداً لعتاب [الأطباء]، لأنّهم شرطوا عليّ أن لا أتكلّم بعد الآن كثيراً، فوضعي لم يعد كما كان في الأعوام السابقة، وإن شاء الله سأحاول أن أنهي الفكرة خلال الدقائق الآتية!!



مَثَلُ عَلِيّ في هَذِهِ الأمَّةِ مَثَلُ «قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ»



أجل.. لقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:"مَثَلُ عَلِيّ في هَذِهِ الأمَّةِ مَثَلُ «قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ» ؛ (كلام عجيب جداً، وهو ينفعنا جداً في أيّامنا هذه، فهذه الروايات تنفعنا في أيّامنا هذه، فهي التي تفتح الطريق أمامنا، وهي التي تمنع من وقوعنا فريسةً للاحتيال، فتمنع من تأثير الإعلان والدعايات علينا، وتمنع من تأثير الشائعات، فنمشي في سبيلنا، دون أن يؤثّر كلام هذا أو ذاك علينا) من قرأها مرّة، فكأنما قرأ ثلث القرآن؛ (لأنّه ورد لدينا في الروايات أنّ من قرأ (قل هو الله أحد مرّة) فكأنّما قرأ ثلث القرآن، ولهذا نجد أنّ من أذكار ما قبل النوم قراءة سورة قل هو الله أحد ثلاث مرّات، وهي نفس الرواية التي يخاطب فيها النبيّ صلّى الله عليه وآله السيّدة الزهراء عليها السلام) ومن قرأها مرّتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن؛ ومن قرأها ثلاث مرّات، فكأنّما ختم القرآن كلّه. ومن أحبّ عليّاً بقلبه، فقد حاز ثلث الإيمان؛ (أي من أحبّك بقلبه ولم يكن لديه الجرأة على الإفصاح عن ذلك.. فهو عاجزٌ، يستطيع أن يقول: "كم هو جيّد أمير المؤمنين!" وحسب، وكما قيل: الصلاة خلف علي، والطعام عند معاوية، وهذا النوع من الأفراد موجودٌ، وكان موجوداً في ذلك الزمان، فلم يكن أحد يرجّح معاوية على أمير المؤمنين عليه السلام، فحتّى لو كانوا حجارة صمّاء لفهموا الفرق بينهما، ولكن كما ذكرت يوجد من يقول ذلك بقلبه فقط: كم هو عليّ حسنٌ، وكم هو عادلٌ، وكم هو كذا وكذا من أوصاف المدح... ولا يتعدّى الأمر قوله: عليٌ حسنٌ وفقط، فهو يقف عند كلمة "حسن" هذه، فليس من الصلاح أن يتعدّى أكثر من ذلك!! لأنّ ذلك سيسبّب الضرر؛ فهو إذا أعلن ما في قلبه يخاف ممّن سيعاتبه ويقول له: ماذا قلت؟ عليٌّ حسنٌ وجيّد؟! كيف تجرؤ على ذكر اسمه أمامي؟! ينبغي أن تمدحني أنا لا عليّ! ولا تتصوّروا أنّ هذا الكلام ليس موجوداً بل هو موجود ويحصل دائماً، إنّ الله لن يتجاوز عمّن يغطّى ويعمّي مباني الدين وحقائق الدين عن أعين الناس! إنّ الله لا يتجاوز عن ذلك، أولئك الذين يُخفون عن الناس الحقائق الأصيلة للدين لن يتجاوز عن جرمهم! على كلّ حال، يا علي من يحبّك بقلبه فقط ولكنّ لسانه فأخرس؛ فله ثلثٌ من الإيمان فقط، وهذه منّة عظيمة بأن أعطي ثلث الإيمان فهو لا يستحق أكثر من واحد من الألف!! ) ومن تبعه بقلبه ولسانه، فقد حاز ثلثي الإيمان؛ ( فهذا يحبّك بقلبه ويذيع ذلك بلسانه أيضاً، يكتب مكارمك، ويتحدّث عن فضائلك على المنبر، وحينما يجلس هنا أو هناك يخبر الناس عن أخبارك: كان عليٌّ كذا وكان عليٌّ كذا ... ، وهذا الأمر ينطبق على المسائل التي تتعلّق بالولاية بشكل عام، وليست حصراً بأمير المؤمنين، فلو أنّه فعل ذلك مع أيّ إمام من الأئمّة فلا فرق. و لكنّه لا يتعدّى الكلام إلى الفعل، فلو قلنا له: هيا قم ونفّذ هذا العمل، يقول: أعتذر منكم ، أو لقيل له اذهب إلى المكان الفلاني وافعل كذا، فإنّه يجيب: نرجو أن تعذروني بالنسبة لذلك، و أرجو أن تقبلوا منّي هذا المقدار، واقتصروا عليّ بحدّ القول فقط!
ألم يفعل ذلك أحدهم مع الإمام الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء؟ ألم يقل له: يا ابن رسول الله أنا أقاتل إلى جانبك إلى أن أجد بأنّ الأمر قد انتهى، و لم يعد هناك أملٌ بالنصر؛ فعندها أترككم وأذهب، فأنا لا رغبة لي بالشهادة!! اترك الشهادة لحبيب بن مظاهر ومسلم، ولكن طالما أجد أنّني قادر على المساعدة بأيّ نحو سأساعد، فالبعض هم كذلك، ليس بإمكانهم البقاء للأخير، نعم يتكلّم: يقول إنّ الحسين كذا ويزيد كذا، ولكنّه لا يصمد إلى الأخير، لا يخطو خطوة أخرى إلى الأمام، يكتفي بهذا المقدار وحسب) ومن أحبّه بقلبه ولسانه وجوارحه، واتّبعه، فإنّ إيمانه أكمل الإيمان"[14] (من أحبّك بقلبه ولسانه وبيده، فثبت إلى آخر الطريق فقد أحرز كلّ الإيمان! أحرز جميع مراتب الإيمان! وهذه هي حقيقة المسألة فعلاً، وهل هي غير ذلك؟ حقيقتها في كيفيّة تعاملنا مع الولاية، هل نمرّ على ما قيل مرور الكرام؟! هل نتجاهل ما قيل لنا؟! أم أنّنا نمضي في هذا السبيل الذي خطّ لنا؟ على الإنسان أن يطوي مسيره).





توقيع : حيدر القرشي
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ *
ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
لا نَبِيُ الهُدَىَ أُطِيعَ ولا *
فاطمةٌ أُكْرِمَتْ ولا حَسَنَاهَا
ولأي الأمور تدفن سرا *
بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فرار الدمشقية من المناظرة!!
من مواضيع : حيدر القرشي 0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 كيفيّة إحياء مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه السلام
0 حوار هادئ حول الامامة
0 عيد الغدير يوم غلبة العقل على الإحساسات
رد مع اقتباس