عرض مشاركة واحدة

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.08 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العام
افتراضي استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام 8
قديم بتاريخ : 03-03-2014 الساعة : 12:28 PM


إن مسقط رأس الإسلام كان بين قوم حرّ

هناك نقطة إيجابية أخرى كانت في الأعراب الجاهلية وحتى قد أشار إليها بعض المستشرقين والمؤرّخين الغربيّين وهي أن: عندما عمد أهل الروم على اقتحام الجزيرة العربية، قال بعض رجالهم إلى أهل الروم: ماذا الذي أطمعكم على الهجوم علينا؟ إن أرضنا أرض قفراء غير ذي زرغ، وأما إذا أردتم استعبادنا، فنحن العرب لم نخضع بعد لسلطة حاكم ولن نخضع بعد هذا، كما سوف لن يخدمكم العبيد الذين تستعبدونهم من قومنا، إذ كنا أحرارا وعشنا أحرارا. حتى أولئك الذين بالغوا في سلبيّات العرب الجاهلية، قد اعترفوا بهذه الإيجابية من أنهم كانوا أحرارا ولم يخضعوا للعبودية لأحد، وكانوا مستقلين بمقتضى نفسيّتهم.

لماذا نشأ الإسلام بين قوم أحرار؟

لماذا يجب أن ينشأ الإسلام بين قوم أحرار؟ لعل أحد أسباب هذه الظاهرة هي أن مقتضى قبول دين ما، هو كون الإنسان أو القوم حرّا عن عبوديّة الطواغيت والفراعنة، إذ أن الطواغيت والفراعنة لا يسمحوا للناس بدخولهم في الدين بسهولة.
السبب الآخر في ظاهرة نشوء الإسلام بين قوم أحرار، هو أن لو كان الرسول(ص) قد بعث في إيران أو الروم أو كان قد بعث في ظل سلطة الفراعنة مثل النبي موسى(ع)، لانشغل منذ انطلاقة بعثته بقضية سياسية ضخمة ونزاع كبير على قضية زمام القدرة ولما أتيحت له فرصة الظهور والنشاط الرسالي تحت ظل تلك القوى، إذ لا يمكن القيام بمسؤوليّة الرسالة الخاتمة تحت ظل طواغيت الجور الذين كانوا يحكمون امبراطوريات؛ فلو كان قد انطلق من تلك الأوساط لهمّشت رسالته في خضمّ المعادلات السياسية السائدة آنذاك. ويجدر بالانتباه أن النبي موسى(ع) أيضا هاجر بعد مبعثه مع قومه وخرج من سلطة فرعون.

إن مواجهات الأنبياء لمعارضيهم تمثل أهم أحداث حياة الإنسان على مرّ التاريخ

طبعا وبالتأكيد لم يسلم النبيّ(ص) من المشاكل والمعارضات في ذاك المجتمع الحرّ، ولكن ما هو نمط المشاكل التي واجهها النبي(ص)؟ إن نمط المشاكل الرئيسة التي كان يواجهها النبي(ص) هي من نمط المشكال والخلافات التي كانت بين هابيل وقابيل. فقد شاءت إرادة الله سبحانه أن يعاني النبي(ص) نفس المشكلة التي عاناها هابيل عندما ثقل على أخيه قابيل قبول أفضليّته عليه. فلو كانت معاناة النبي(ص) تأخذ منحى آخر، لما أمكن فهم وبيان الكثير من الحقائق.
من المهمّ جدا أن نعرف ما هي الظروف الزمانية والمكانية التي دوّنت فيها هذه الوصفة الخالدة والعالمية المتمثلة بدين الإسلام وما هي البيئة الاجتماعية التي تبلور فيها هذا الدين. فإن مقتضى القاعدة تفرض أن تكون أرضية نشوء الإسلام والقاعدة الاجتماعية التي وقع مبعث النبيّ فيها، تشتمل ـ بمعادلاتها ونزاعاتها وأحداثها ـ على أهمّ قضايا حياة الإنسان. فلابدّ أن تكتب هذه الوصفة ويتبلور هذا الدين في مكان خاصّ، بحيث تكون أحداثه ومنعطفاته من جانب العدوّ والصديق تمثّل أهم احتياجات حياة الإنسان إلى يوم القيامة. ومن هذا المنطلق يصبح تاريخ الإسلام تاريخا جديرا بالتأمل جدا.

لم يكن سبب عداء الكثير ممن عادوا الرسول(ص) هو حبّ الجاه أو المال

إذا كانت مكة مدينة دينية فما الذي جرّهم إلى معاداة النبي(ص)؟ في الواقع إن الكثير من ناوءوا الرسول(ص) لم يكونوا لا دينيّين من الأساس ولا ممّن ينكر الله والمعاد ولا أنهم بعيدون كل البعد عن الفضائل والمكارم. ولا فرق في هذه الحقيقة بين العرب والأعراب الذين (لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّه‏)[العنكبوت/61] وبين يهود المدينة الذين كانوا ينتظرون النبيّ الخاتم(ص) كما أشار القرآن. أفلا تدلّ هذه الحقائق على أن أهمّ مشكلة يواجهها الدين هو مواقف بعض المتديّنين ومدّعي الإيمان؟! إنها تحكي بوضوح عن مدى المشاكل التي يوجدها خبث ضمير بعض ما يسمّون بالمؤمنين والمتديّنين. فإذا آمن أو أسلم شخص بحسب الظاهر لا يعني أنه صلح وطابت سريرته، بل هناك طريق طويل.

يتبع إن شاء الله...


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان
رد مع اقتباس