[نور علي 5]

اللهم صلِ على محمد وآل محمد

السلام عليكم و رحمة الله اخوتي ، اخواتي الكرام

نواصل على بركة الله عرض هاته التجربة سائلا المولى عز و جل التوفبق و السداد

توطئة عن شخصيتي

قبل الحديث عن منهجية البحث لا باس ان اذكر بعض الامور عن شخصيتي و طبيعتي التي درجت عليها لتعين القارئ الكريم على فهم بعض الاسباب التي ساهمت _ ربما _ في سهولة ركوبي سفينة النجاة ...

في الفترة التي قضيتها في الحجاز كان لي زميل تونسي يلتزم التصوف عكس ميولاتي التي كما ذكرت سابقا انها تميل نحو الاسلام السياسي والتي تحولت نحو الاسلام السلفي بعد اقامتي بارض الحجاز ...

كان هذا الاخ يطرح بعض وجهات النظر حسب خلفيته الصوفية وبالرغم من عدم اقتناعي وقتها باكثر ما كان يطرحه بحكم خلفيتي و انتمائي للتيار الحركي حيث كنا ننظر للتصوف انه انزواء و بعد عن اهتمامات المجتمع .

قلت برغم ذلك الا انني اضع دائما ما يقوله في دائرة البحث و الامكان و لا انكر عليه قناعاته لدرجة انه قال لي ذات يوم : انك لست من صنف المعاندين بل ان لك قابلية التقبل للآخر والراي الآخر بدون تعصب ...

نعم تلك هي تربية والدي _ رحمه الله _ حيث رباني واخوتي على الانفتاح والنقاش و قبول الراي اذا كان مقنعا ، و ذلك بالرغم انه لم يدرس في مدرسة و لا تخرج من جامعة .

حادثة اخرى ارويها لكم تدلل على طبيعتي وهي اننا عندما كنا نريد الصلاة بمقر عملنا جماعة بعد عودتي لبلدي و عندما كنا نتوضا كان معنا اخا مستبصرا و كان يقوم بالمسح لا الغسل للرجلين فكنت اقول له مازحا : انت تمسح وانا اغسل ...

ولم يكن هذا الامر يسبب لنا ادنى اشكالا بل كنا صديقين متحابين عكس البعض الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لو راوا منك اي مخالفة لما اعتادوا عليه ...

اللهم الف بين قلوب عبادك المؤمنين واهدهم لخيري الدنيا و الآخرة يا رب العالمين .

تلك هي شخصيتي وطبيعتي التي و لا شك لها اثرا فيما بعد ...

كيف بدأت ؟؟؟

ككل التجمعات كنا في العمل نتحين الفرص لنجاذب اطراف الحديث ونتاقش في جميع المواضيع دينية وسياسية وعلمية وطبعا كل واحد منا يدلوا بدلوه حسب الخلفية التي يتبناها سواءا دينية او مذهبية او سياسية ... لاحظت احد الزملاء المعروف بنزعته الصوفية بعد ان كان لا يفارق مجالسنا بدا يتحين الفرصة ليبتعد عنا و ينزوي في مكتبه لمطالعة كتابا صغيرا يحرص كل الحرص على على ان لا يطلع عليه احدا ...

بدا ذلك الامر يثير فضولي واستغرابي ...وبمرور الايام وفي الفرص المتاحة بدا هذا الاخ الزميل يطرح مواضيع و قضايا مستغربة تثير الشك والريبة ...

بدا يطرح قضايا تاريخية كنا تربينا في مدرستنا السنية على انها خطا احمر لا يجب الغوص فيها تحت شعار الآية الكريمة : تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ...

قضايا فكرية تشكك في صحة كتاب البخاري ذلك الكتاب الذي تربينا على انه ياتي بعد القرآن الكريم في درجة الصحة حتى ان امهاتنا كن يحلفن به فيقلن "والجاه والبخاري " ...

بدا يذكر امثلة مثل حديث الساق واحاديث ام المؤمنين عائشة التي تروي فيها ان الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يحملها على كتفيه لتتفرج على الاحباش يلعبون في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم ... وغير هاته الامثلة ...

بصراحة ، كان اسلوبه يشدك الى ما يدعيه وهنا انقسمت مجموعة الزملاء بعضهم استنكر وانسحب من المجموعة والبعض الآخر، الذين انا واحدا منهم فقد دخلنا معه في نقاش كلما اتيحت الفرصة ...

لم يمض وقتا طويلا حتى فتحت ثغرة في جدار تفكيرنا تسمح لنا بالتامل فيما يدعيه هذا الاخ الكريم ...

وشيئا فشيئا ، بدا يعلن انه بدا يميل للتشيع وانه اصبح مقتنعا ان التشيع هو غير ما كنا تربينا عليه من انهم في احسن الاحوال فرقة ضالة ان لم تكن خارجة عن الدائرة الاسلامية .بل انها فرقة مسلمة مؤمنة كل ما في الامر انهم يرون ان خلافة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم يجب ان تكون في عليا و اولاده من بعده مستدلين باستدلالات عقلية ونقلية ...وبالطبع ، اظهر ما حرص على اخفاه علينا لمدة شهر تقريبا ...

انه الكتاب " ثم اهتديت " للدكتور التونسي التيجاني السماوي ...

احس الاخ الكريم اهتمامي ، فقال لي يا اخي لم لا نبدا رحلة جديدة نستكشف فيها هذا العالم ، عالم الشيعة والتشيع ، و هكذا لن نخسر شيئا فاما ان نصل الى تثبيت قناعاتنا التي ولدنا عليها واما ان نكتشف ان ليس كل ما ورثناه صحيحا .

حيث قال تعالى :

ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وان الله لسميع عليم

لنطرح على انفسنا هذا السؤال : لو كنا ولدنا في بيئة شيعية فهل سنكون غير ذلك ؟ وهذا السؤال اطرحه على كل سني او شيعي ، لو ولدت في بيئة الطرف المقابل ، هل ستكون غير على ما ولدت عليه ؟

لذا لا بد من البحث و التنقيب ، يقول جل وعلا في معرض الذم :

بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ

... وهكذا بدانا الرحلة التي دامت سنتين متتاليتين ، اختلط فيها السهر و التعب ... المشقة والانبهار ، الالم و الفرح ...بين امواج متلاطمة ، و بحورا عميقة ...و لكنها بحمد الله انتهت بركوب سفينة النجاة ... من ركبها نجا و من تخاف عنها هلك وغرق .

بداية البحث

اول كتاب لمؤلف ينتمي لمدرسة اهل البيت هو طبعا " كتاب ثم اهتديت " .

شدني الكاتب باسلوبه القصصي المميز وطرقته في طرح الافكار من خلال رحلاته التي قام بها و كان طابعه " التونسي " عاملا اضافيا يجذبك لقراءته بل و اعادته .

و هكذا بدات النقاشات بيني وبين اربعة آخرين بينهم الاخ المستبصر الوحيد الذي تقدم ان تحدثت عنه بخصوص " الغسل و المسح " .

تقبلوا تحياتي اخوكم نور علي

(يتبع ان شاء الله)