[ja3fry.net]

بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ على بركة الله

( المقصد الأول في ماورد في أبي بكر )

وفيه ابواب
( باب إن لأبي بكر شيطاناً يعتريه )

( ابن جرير في تاريخه ج2 ص 440 ) روى بسنده عن عاصم بن عدي قال نادى منادي أبو بكر من بعد الغد من متوفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وساق الحديث ( الى ان قال ) وقام في الناس يعني أبا بكر فحمد الله وأثنى عليه وقال يا أيها الناس ( إلى أن قال ) فإن استقمت فتابعوني وإن زغت فقوموني ( إلى ان قال ) وإن لي شيطانا يعتريني فإذا أتاني فاجتنبوني ( الخطبة ) .

( ابن سعد في طبقاته ج 3 القسم 1 ص 129 ) روى بسنده عن الحسن قال لما بويع أبو بكر قام خطيبا ( الى ان قال ) أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره ( إلى ان قال ) وإنما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني وإن رأيتموني زغت فقوموني وأعلموا أن لي شيطانا يعتريني فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ( الخطبة ) .

( ابن قتيبة في الامامة والسياسة ص 6 ) في ضمن خطبة أبي بكر ( قال ) وما أنا إلا كأحدكم فإذا رأيتموني قد استقمت فاتبعوني وإن زغت فقوموني واعلموا أن لي شيطانا يعتريني أحيانا فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ( الخطبة ) .

( مجمع الهيثمي ج5 ص 183 ) قال وعن عيسى بن عطية قال قام أبو بكر الغد حين بويع فخطب فقال أيها الناس إني قد أقلتكم رأيكم إني لست بخيركم فبايعوا خيركم ( إلى أن قال ) إن لي شيطانا يحضرني ( إلى أن قال ) فإن استقمت فاتبعوني وإن زغت فقوموني ( الخطبه ) ( قال ) رواه الطبراني ( أقول ) وذكره المتقي أيضا في ( كنز العمال ج3 ص 135 ) باختلاف يسير وقال رواه الطبراني في الأوسط .

( كنز العمال ج3 ص 136 ) ( قال ) عن الحسن ان أبا بكر خطب فقال أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارها ( إلى أن قال ) أفتظنون أني أعمل فيكم بسنة رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم إذن لا أقوم بها أن رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم كان يعصم بالوحي وكان معه ملك وإن لي شيطانا يعتريني فإذا غضبت فاجتنبوني ( الخطبة ) ( قال ) اخرجه ابنه راهويه وأبو ذر الهروي في الجامع .

( أقول ) ومن العجيب أخبار هذا الباب وذلك لما يظهر منها من الفرق العظيم جدا بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أبي بكر الذي جلس مجلسه وقام مقامه فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسب تصريح أبي بكر في الروايه الأخيره كان يعصم بالوحي وكان معه ملك وأبو بكر معه شيطان يعتريه فإذا اعتراه وجب على المسلمين أن يجتنبوه كما نبه عليه بقوله فاجتنبوني ( ثم من العجيب ) أيضا أن الشيطان كيف تسلط على أبي بكر فجعل يعتريه وهو لايرضى بذلك طبعا ( وقد قال الله تعالى ) :( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ )(1) وقال أيضا : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ )(2)

(1) سورة الحجر .
(2) في سورة النحل .

--------------------------------------------------------------------------------
( ثم ما السبب الوحيد ) الذي دعى الشيطان أن يعتري أبا بكر ( فهل كان السبب ) هو ما أشار إليه في القرآن الكريم :
( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ )(1)وقال تعالى :( وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا )(2)أو السبب أرقى من ذلك وأعظم وهو ما أشار إليه بقوله تعالى :( أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا )(3) وقال ايضا :( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ )(4) ثم ما غاية الشيطان من اعترائه لأبي بكر أفهل كان غايته أن يوحى إليه وقد قال الله تعالى :( يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا )(5)
وقال ايضا :( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ )(6)أو الغاية غير ذلك كل ذلك لا أعلم والله العالم !!


ثم هل المراد من الشيطان الذي كان يعتري أبا بكر هو شيطان من شياطين الجن فإن الشياطين على قسمين كما صرح به القرآن الكريم حيث قال : ( شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ ) (7) أو هو شيطان من شياطين الإنس وقد يكون شيطان الإنس هو أخبث من شيطان الجن بكثير والذي احتمله قويا ان المراد هو الثاني فكأ مقصود أبي بكر ان هناك رجلا من الإنس يخلو به في خلواته ويحرضه على شهواته ويصده عن طريق الحق والهدى ويلهمه الباطل ويرشده إلى الظلال ويجره إلى النار كما هو شأن كل شيطان إنسي أو جني ويحتمل أيضا أن يكون المراد هو الأول وعلى كل حال لعن الله شيطان أبي بكر قولوا آمين أيها المسلمون جميعا .


(1) سورة الزخرف .
(2) سورة النساء .
(3) سورة مريم .
(4) سورة الاعراف .
(5) سورة الانعام .
(6) سورة الانعام .
(7) سورة الانعام .