العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي علم الفقه ..
قديم بتاريخ : 20-05-2012 الساعة : 07:47 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


ماهو علم الفقه ؟

يعتبر علم الفقه من أهمّ العلوم الإسلاميّة، وأقدمها تاريخاً، وأوسعها مادّةً، وأكثرها تشعّباً. وقد نشأ هذا العلم في صدر الإسلام واستمرّ إلى يومنا الحاضر، وبرز فيه فقهاءٌ كثيرون، منهم عباقرةٌ مبدعون، ألّفوا وصنّفوا كتباً فقهيّةً لا يمكن حصرها لكثرتها. وما ذلك إلا لشدّة العناية بهذا العلم من قبل علماء المسلمين، وما له من أهميّة بالغة بنظرهم. فهو العلم الذي يبحث عن جميع مسائل الحياة الاجتماعيّة، ويحدّد الموقف الشرعيّ تجاهها، وقد قالوا "إنّه لا تخلو واقعةٌ من حكمٍ"، ولو على مستوى تحديد الوظيفة العمليّة. فإذا كان كذلك، فهو علمٌ يبحث عن كثيرٍ من الفروع والدقائق، عن موقف الإنسان من نفسه ومن ربّه ومن أخيه الإنسان، حقوقاً وملزِمات، وآداباً ومستحبّات أو مكروهات. وهذا يعني شمول كلّ حركات وسكنات الإنسان، وما يبحثه العلم المعاصر تحت عنوان الحقوق: الأساسيّة، والأسريّة، والجزائيّة، والإداريّة، والسياسيّة، والمدنيّة، حتّى حقوق الإنسان أو حقوق الحيوان، وغيرها، كلّ ذلك تجده منتشراً في الأبواب الفقهيّة، مع زيادةٍ في الفقه، وهي أنّه يبحث عن أشياء لا تجدها في علمٍ غيره، كالبحث عن علاقة الإنسان بربّه وما يفرضه عليه من طاعاتٍ، وينهاه عن محرّمات، وهو ما يعبّر عنه ببحث العبادات، فهذا النوع من الأبحاث من مختصّات علم الفقه، ولا يوجد في أيّ مجالٍ علميٍّ آخر.



1- الفقه في اللغة ..

قال في النهاية: "... الفقه في الأصل: الفهم،.... يقال: فقِه الرجل بالكسر- يفقِه فقهاً إذا فهم وعلم، وفقُه بالضم يفقُه: إذا صار فقيهاً عالماً".
وفي لسان العرب: "الفقه العلم بالشيء والفهم له، وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم". فالفقه يعني الفهم والعلم.

أ- والقرآن الكريم: استعمل كلمة الفقه في موارد متعدّدةٍ، وأراد منها المعنى اللغوي:

قال تعالى: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾.
﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾. قال في منية المريد: "والذي يحصل به الإنذار غير هذا العلم المدوّن... وإنّما العلم المهمّ هو معرفة سلوك الطريق إلى الله تعالى، وقطع عقبات القلب، التي هي الصفات المذمومة، وهي الحجاب بين العبد وبين الله تعالى،... ومن ثمّ كان العلم موجباً للخشية، بل هي منحصرةٌ في العالِم كما نبّه عليه تعالى بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾، أعمّ من أن يكونوا فقهاء أو غير فقهاء".
- ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾.
- ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً﴾.

ب- والحديث كذلك استعمل الكلمة بمعناها اللغويّ:

- فعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "من حفظ من أمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً".
- وعن حنان بن سدير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "من حفظ عنّا أربعين حديثاً من أحاديثنا في الحلال والحرام بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً ولم يعذّبه"
ـ وعن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:"ليت السياط على رؤوس أصحابي حتّى يتفقّهوا في الحلال والحرام".
ـ وعن داود بن سرحان قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام يكيل تمراً بيده، فقلت: جعلت فداك، لو أمرتَ بعض ولدك، أو بعض مواليك فيكفيك، فقال: "يا داود إنّه لا يصلح المرء المسلم إلا ثلاثة: التفقّه في الدين، والصبر على النائبة، وحسن التقدير في المعيشة".

2- الفقه اصطلاحاً ..

ثمّ استعمل هذا التعبير بعد فترةٍ في روايات عن أهل البيت عليهم السلام وكان يراد منه العلم بالأحكام الشرعيّة، ففي الرواية عن مصادف قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: تحجّ المرأة عن الرجل؟ قال: "نعم إذا كانت فقيهةً مسلمةً وكانت قد حجّت، ربّ امرأةٍ خيرٌ من رجل". قال الشيخ الطوسي في ذيل هذه الرواية: فشرط في جواز حجّتها مجموع الشرطين: الفقه بمناسك الحجّ، وأن تكون قد حجّت فيجب اعتبارهما معاً.

وعلى هذا الاصطلاح الدارج في العرف، نجد العلماء قد عرّفوا الفقه بأنّه: "العلم بالأحكام الشرعيّة العمليّة عن أدلّتها التفصيليّة لتحصيل السعادة الأخرويّة".



الحاجة إلى علم الفقه ..

بعد أن يؤمن الإنسان بالله سبحانه وتعالى ويقرّ له بالعبوديّة، ويؤمن بالدين الإسلاميّ، ويعلم أنّ لهذا الدين شريعةً يجب عليه اتباعها، وامتثال أحكام الله تعالى فيها، يصبح لزاماً عليه- وفقاً لعبوديّته التوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الإسلاميّة، ومدعوّاً بحكم عقله إلى بناء كلّ تصرّفاته الخاصّة وعلاقاته مع الأفراد الآخرين على أساسها. ولهذا كان من الضروريّ على الإنسان المؤمن أن يعيّن في كلّ شأنٍ من شؤون الحياة الموقفَ العمليَّ الذي تفرضه عليه هذه التبعيّة للشريعة الإسلاميّة، ويحدّد هل يفعل أو يترك؟ وهل يتصرّف بهذه الطريقة أو بتلك؟ وإذا حدّد موقفه والتزم بتكليفه استحقّ الجنّة التي وعد الله بها عباده المطيعين والمتقين، وبذلك يكون قد حقّق السعادة الأبديّة.
ولكن لو كانت أحكام الشريعة- في كلّ الشؤون والوقائع- واضحةً وضوحاً كاملاً بديهيّاً للجميع، لكان تحديد الموقف العمليّ تجاه الشريعة أمراً ميسوراً لكلّ أحد، لأنّ كلّ إنسان يعرف أنّ الموقف العمليّ الذي تفرضه عليه تبعيّته للشريعة في الواجبات هو "أن يفعل"، وفي المحرّمات هو "أن يترك"، وفي المباحات هو "أنّه بالخيار إن شاء فعل، وإن شاء ترك"، ولمَا احتاج في تحديد الموقف العمليّ تجاه الشريعة إلى أيّ بحثٍ علميٍّ ودراسةٍ واسعةٍ.

ولكن بُعدنا الزمنيّ عن عصر التشريع، وأموراً أخرى، كانت سبباً لعدم وضوح عددٍ كبيرٍ من أحكام الشريعة واكتنافها بالغموض، ممّا أدّى إلى الغموض في تحديد الموقف العمليّ للإنسان المؤمن بالشريعة في كثيرٍ من الوقائع والأحداث، لأنّ الإنسان إذا لم يعلم نوع الحكم الذي تقرّره الشريعة في واقعةٍ ما، هل هو الوجوب أو الحرمة أو الإباحة، فسوف لن يعرف طبيعة الموقف العمليّ الذي يتحتّم عليه أن يتّخذه تجاه الشريعة في تلك الواقعة بحكم تبعيّته لها.

وعلى هذا الأساس كان من الضروريّ أن يوضع علمٌ يتولّى رفع الغموض عن الموقف العمليّ تجاه الشريعة في كلّ واقعةٍ، بإقامة الدليل على تعيين الموقف العمليّ، الذي تفرضه على الإنسان تبعيّتُه للشريعة، فكان علم الفقه هو العلم المتكفّل بالقيام بهذه المهمّة.



الخلاصة ..

يعتبر علم الفقه من أهمّ العلوم الإسلاميّة، وأقدمها تاريخاً، وأوسعها مادّةً، ونشأ في صدر الإسلام واستمرّ إلى يومنا الحاضر، وبرز فيه فقهاءٌ كثيرون، منهم عباقرةٌ مبدعون، فهو العلم الذي يبحث عن جميع مسائل الحياة الاجتماعيّة، ويحدّد الموقف الشرعيّ تجاهها.

وفي اللغة الفقه العلم بالشيء والفهم له، وأمّا في الاصطلاح: فهو علم الأحكام الشرعيّة من أدلّتها التفصيلية.

ومن الضروريّ على الإنسان المؤمن أن يعيّن في كلّ شأنٍ من شؤون الحياة الموقفَ العمليَّ الذي تفرضه عليه هذه التبعيّة للشريعة الإسلاميّة، ويحدّد هل يفعل أو يترك؟.

وبُعدنا الزمنيّ عن عصر التشريع، وأمور أخرى، كانت سبباً لعدم وضوح عددٍ كبيرٍ من أحكام الشريعة واكتنافها بالغموض، ممّا أدّى إلى الغموض في تحديد الموقف العمليّ للإنسان المؤمن بالشريعة في كثيرٍ من الوقائع والأحداث. وعلى هذا الأساس كان من الضروريّ أن يوضع علمٌ يتولّى رفع هذا الغموض عن الموقف العمليّ تجاه الشريعة في كلّ واقعةٍ، بإقامة الدليل على تعيينه، الذي تفرضه على الإنسان تبعيّتُه للشريعة، فكان علم الفقه هو العلم المتكفّل بالقيام بهذه المهمّة.






من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي تعريف علم الفقه
قديم بتاريخ : 26-05-2012 الساعة : 03:02 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم


ما هو علم الفقه؟

علم الفقه هو العلم الذي نعرف من خلاله الحكم الشرعي في كلّ واقعةٍ ويحدد الموقف العمليّ للمكلّف، ليزيل الغموض من حوله، ويصبح واضحاً للمكلّف كيف يتصرّف فيه، ليكون بالتالي مطيعاً وتابعاً مخلصاً للشريعة.

ولهذا يمكن القول: إنّ علم الفقه "هو علم استنباط الأحكام الشرعيّة، أو هو علم عمليّة الاستنباط".
أو هو: "العلم بالأحكام الشرعيّة العمليّة عن أدلّتها التفصيليّة لتحصيل السعادة الأخرويّة".



شرائط الفقيه وعمليّة الاستنباط

الفقيه: هو مَن يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العمليّ في كلّ واقعٍ من وقائع الحياة وناحيةٍ من مناحيها. وهذا ما يُطلق عليه في المصطلح العلميّ اسم (عمليّة استنباط الحكم الشرعي). فاستنباط الحكم الشرعيّ في واقعةٍ، معناه إقامة الدليل على تحديد الموقف العمليّ للإنسان تجاه الشريعة في تلك الواقعة. والفقيه هو من يقوم بعمليّة الاستنباط هذه. ولا يستطيع أيّ شخصٍ أن يقوم بهذه العمليّة إلا إذا توفّرت فيه قوّة استنباط الأحكام من الأدلّة. ولكي تكون عنده هذه القوّة ينبغي أن يحصل على عدّةٍ من العلوم، منها:

ـ العلم بفنون اللغة العربيّة، والأُنس بالمحاورات العرفيّة.
ـ علم المنطق بمقدار تشخيص الأقيسة، وترتيب الحدود، وتنظيم الأشكال، وتمييز العقيم منها من السليم.
ـ العلم بمهمّات مسائل أصول الفقه.
ـ العلم برجال الحديث، لمعرفة الرجال الثقات وغيرهم الذين يقعون في سند الرواية، وتمييز المشتركين من الرجال، لمعرفة هل يمكن الاعتماد على ما نقلوه أم لا؟
ـ القدرة على الفحص الكامل عن فتاوى المجتهدين من الخاصّة، ورؤساء مذاهب وفتاوى العامّة بل والفحص عن أخبارهم، والأحاديث المرويّة من طرقهم.
ـ معرفة الكتاب والسنّة، لغةً وعرفاً ودرايةً، ومعارضاتهما والقرائن الصارفة، وتفريع الفروع على الأصول. وهذا من أهمّ الأمور التي ينبغي أن تتوفّر في الفقيه.

قال الشهيد الأول في بيان شرائط الإفتاء عند الفقيه: "البلوغ والعقل والذكورة والإيمان والعدالة وطهارة المولد إجماعاً، والكتابة والحريّة والبصر على الأشهر، والنطق وغلبة الذكر، والاجتهاد في الأحكام الشرعية وأصولها، ويتحقّق بمعرفة المقدّمات الستّ وهي: الكلام، والأصول، والنحو، والتصريف، ولغة العرب، وشرائط الأدلّة، والأصول الأربعة وهي: الكتاب، والسنّة، والإجماع، ودليل العقل...، نعم يشترط مع ذلك كلّه أن يكون له قوّةٌ يتمكّن بها من ردّ الفروع إلى أصولها واستنباطها منها. وهذه هي العمدة في هذا الباب، وإلا فتحصيل تلك المقدّمات قد صارت في زماننا سهلةً...".



موضوع علم الفقه

بعد أن اتضح تعريف علم الفقه، يظهر منه موضوع هذا العلم، لأنّ الموضوع هو المحور الذي تدور حوله مسائل العلم، وهو في هذا المقام فعل المكلّف، فإنّ مسائل الفقه كلّها تهدف إلى تحديد الموقف العمليّ للمكلّف في أيّ واقعةٍ أو مسألةٍ يواجهها كما تقدّم، وعلى هذا كان موضوع علم الفقه هو: "فعل المكلّف من حيث هو مكلّف".



غاية الفقه

وأمّا غاية الفقه والفائدة المرجوّة منه فهي: معرفة أحكام الله تعالى لأجل الالتزام بها وامتثالها، ممّا يستدعي تحصيل السعادتين، وإن كانت الأخرويّة أهمّ، لذلك نجد أعاظم علمائنا صرفوا أعمارهم في سبيل هذا العلم، وبذلوا جهودهم في تحصيل أحكام الله، لنيل مرضاته، قال في المدارك: " فإنّ أحقّ الفضائل بالتعظيم، وأحراها باستحقاق التقديم، وأتمّها في استجلاب ثوابه الجسيم، هو العلم بالأحكام الشرعيّة والوظائف الدينيّة، إذ به تحصل السعادة الأبديّة، ويتخلّص من الشقاوة السرمديّة، فوجب على كلّ مكلّفٍ صرف الهمّة إليه وإنفاق هذه المهلة اليسيرة عليه" ، فإنّه المطلب الذي يظفر بالنجاح طالبه، والمغنم الذي يبشر بالأرباح كاسبه، والعلم الذي يعرجبحامله إلى الذروة العليا، بل ليس في العلوم بعد معرفة الله أشرف من علم الفقه، إذ به تعرف أوامر الله تعالى فتمتثل، ونواهيه فتجتنب. روى في الكافي عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقّهه في الدين". وعن أبي جعفر عليه السلام قال: "الكمال كلّ الكمال التفقّه في الدين، والصبر على النائبة وتقدير المعيشة".



خلاصة

إن علم الفقه : هو العلم الذي نعرف من خلال الحكم الشرعي في كل واقعة ويحدد الموقف العملي للمكلف.
الفقيه: هو من يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العملي في كل واقعة من وقائع الحياة وناحية من مناحيها، وهذا ما يطلق عليه في المصطلح العلمي اسم(عملية استنباط الحكم الشرعي).
وأما موضوع علم الفقه فهو: "فعل المكلف من حيث هو مكلف"
وأما غاية علم الفقه فهي: معرفة أحكام الله تعالى لأجل الالتزام بها وامتثالها، مما يستدعي تحصيل السعادتين.





من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 04-09-2012 الساعة : 03:28 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم





تعريف الحكم الشرعيّ وتقسيماته


تعريف الحكم الشرعي


عرفنا أنّ علم الفقه يهدف إلى تحديد الموقف العمليّ للمكلّف، وتعيين الحكم الشرعيّ له في كلّ واقعةٍ، لذلك نجد من الضروريّ أن نكوّن فكرةً عامةً عن الحكم الشرعي.

فقد عرّف الحكم الشرعيّ بعدّة تعاريف نختار منها ما ذكره الشهيد الصدر رضوان الله عليه حيث عرّفه بأنّه: "التشريع الصادر من الله تعالى لتنظيم حياة الإنسان، سواء كان متعلقاً بأفعاله أو بذاته أو بأشياء أخرى داخلة في حياته".

وحيث إنّ الهدف من الحكم هو تنظيم حياة الإنسان، نلاحظ أنّه يقسّم إلى قسمين:

1- الحكم التكليفيّ: وهو الحكم الذي يتعلّق بأفعال المكلّفين، ويكون له توجيهٌ عمليٌّ مباشرٌ، فيوجّه سلوكه مباشرةً، في مختلف جوانب حياته، الشخصيّة والعباديّة والعائليّة والاقتصاديّة والسياسيّة، التي عالجتها الشريعة ونظمّتها جميعاً، كحرمة شرب الخمر، ووجوب الصلاة، ووجوب الإنفاق على الزوجة، وإباحة إحياء الأرض الموات، ووجوب العدل على الحاكم.

2- الحكم الوضعي: وهو الحكم الذي يتعلّق بذوات المكلّفين، أو بأشياء أخرى ترتبط بهم، فلا يكون موجّهاً مباشراً للإنسان في أفعاله وسلوكه، نعم يشرّع وضعاً معيّناً يكون له تأثيرٌ غير مباشرٍ على سلوك الإنسان، من قبيل الأحكام والخطابات التي تنظم العلاقة الزوجيّة بين الرجل والمرأة، وتعتبر المرأة زوجةً للرجل في ظلّ شروطٍ معيّنةٍ، فإنّ العلاقة الزوجيّة الصحيحة تشرّع بصورةٍ مباشرةٍ علاقةً معيّنةً بين الرجل والمرأة، وتؤثّر بشكلٍ غير مباشرٍ على السلوك وتوجّهه، لأنّ المرأة بعد أن تصبح زوجةً، مثلاً، عليها أن تلتزم بسلوكٍ معيّنٍ تجاه زوجها كوجوب التمكين، كذلك يجب على الزوج أن يلتزم بتكاليف معيّنةٍ تجاه زوجته كوجوب الإنفاق.وبالتالي نكون قد استفدنا من هذا الحكم أحكاماً تكليفيّةً متعدّدةً. وهذه الأحكام كلّها تنظّم حياة المكلّف.

أو من قبيل الأحكام التي تنظم علاقة الملكيّة، وتعتبر الشخص مالكاً للمال في ظلّ شروطٍ معيّنة. فبعد أن تتحقّق الشروط تصبح هذه الأرض مثلاً ملكاً صحيحاً لزيد، بالتالي تكون (الملكيّة) حكماً وضعيّاً، لا يتعلّق بفعل المكلّف. ولا بذاته، وإنّما بالأرض التي ترتبط بالمكلّفين، ولا يكون له توجيهٌ للمكلّف مباشرةً، نعم نستفيد من هذا الحكم الوضعيّ أحكاماً تكليفيّة متعدّدة، من قبيل: يحرم على أيّ شخصٍ الدخول إلى أرض زيد إلا بإذنه، وهكذا.

فإنّ هذا النوع من الأحكام كـ(الزوجيّة) و(الملكيّة) ليست متعلّقةً بأفعال المكلّفين، بل بذواتهم أو بأمورٍ ترتبط بهم، تستفاد منها أحكام تكليفيّة أخرى توجّه مباشرةً أفعال المكلّفين، لذلك نجد العلاقة والارتباط بين الأحكام الوضعيّة والأحكام التكليفيّة وثيقة جداً، لذلك لا يوجد حكمٌ وضعيٌّ إلا ويوجد إلى جانبه حكمٌ تكليفيٌّ. والمجموع من هذه الأحكام يصبّ في خانة تنظيم حياة الإنسان.



أقسام الحكم التكليفيّ


ينقسم الحكم التكليفيّ وهو الحكم المتعلّق بأفعال الإنسان والموجّه لها مباشرةً إلى خمسة أقسام:

1- الوجوب: وهو الحكم الشرعيّ الذي يبعث نحو الشيء الذي تعلّق به بدرجة الإلزام، بشكلٍ لا يسمح الشارع بالمخالفة، نحو وجوب الصلاة، ووجوب الحجّ، ووجوب الصوم.

2- الاستحباب: وهو الحكم الشرعيّ الذي يبعث نحو الشيء الذي تعلّق به بدرجة دون الإلزام، لذلك توجد إلى جانبه دائماً رخصةٌ وإجازةٌ من الشارع في مخالفته، نحو استحباب صلاة الليل، واستحباب الصدقة، واستحباب الدعاء في ليالي القدر.

3- الحرمة: وهو الحكم الشرعيّ الناهي والزاجر عن الشيء الذي تعلّق به بدرجة الإلزام، بشكلٍ لا يسمح الشارع بالمخالفة، نحو حرمة الربا، وحرمة الزنى، وحرمة بيع الأسلحة من أعداء الإسلام.

4- الكراهة: وهو الحكم الشرعيّ الناهي والزاجر عن الشيء الذي تعلّق به بدرجةٍ دون الإلزام، لذلك توجد إلى جانبه دائماً رخصةٌ وإجازةٌ من الشارع في مخالفته، فالكراهة في مجال الزجر كالاستحباب في مجال البعث، كما أنّ الحرمة في مجال الزجر كالوجوب في مجال البعث، ومثاله كراهة النوم بين الطلوعين، وكراهة خلف الوعد.

5- الإباحة: وهو الحكم الذي يفسح فيه الشارع المجال للمكلّف ليختار الموقف الذي يريده، حيث يخلو الشيء الذي تعلّق به حكم الإباحة من أيّ نحوٍ من أنحاء الإلزام، ونتيجة ذلك أن يتمتّع المكلّف بالحريّة فله أن يفعل وله أن يترك.



مصادر التشريع


1- القرآن الكريم: المصدر الأوّل للأحكام الإسلاميّة. ولا تختصّ آياته بالأحكام العمليّة، بل تعرّض القرآن لمئات المواضيع المختلفة، وأمّا التي

تختصّ بالأحكام فتقارب خمس مائة آية، جمعت في كتب آيات الأحكام. ويعدّ القرآن الكريم المرجع الأوّل لدى المسلمين وعلمائهم للأحكام الشرعيّة، إلّا فرقةً واحدة عرفت باسم الأخباريّين لم تجوّز الرجوع إلى ظواهر القرآن لأنّه لا يعرفه إلّا من خوطب به، وهو المعصوم عليه السلام.

2- السنّة الشريفة: وهي قول وفعل وتقرير المعصوم عليه السلام، ولم يقع أي خلافٍ في حجيّة السنّة والاعتماد عليها، ولكن الخلاف وقع بين الفقهاء في جهتين:

الأولى: هل الحجّة خصوص سنّة النبيّ- كما عليه أتباع مدرسة الخلفاء- أم أنّ الحجّة تشمل سنّة الأئمّة عليهم السلام أيضاً- كما عليه أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ؟

الثانية: تارةً تكون السنّة قطعيّة ومتواترةً، وأخرى تكون ظنيّةً وهي ما يصطلح عليه بخبر الواحد، والأوّل هي القدر المتيقنّ من حجيّتها. ولكن وقع الكلام في حجيّة خبر الواحد، وتشعّبت الآراء بين الإفراط، كأبي حنيفة الذي لا يحفل بالأحاديث المنقولة حتّى قيل: لم يثبت عند أبي حنيفة- من بين جميع الأحاديث المنقولة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سوى سبعة عشر حديثاً، وبين التفريط كبعض العلماء الذين يعتمدون حتّى على الأحاديث الضعيفة أيضاً، أو كالأخباريّين الذين يعملون بكلّ الأحاديث الموجودة في الكتب الأربعة، وبين الاعتدال وهو رأي المشهور من علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام الذين يعتمدون على الأحاديث الصحيحة والحسنة والموثّقة ويتركون الضعيفة.

3- الإجماع: وهو يعني اتفاق آراء علماء المسلمين على مسألة. وهو يعتبر حجّة، لأنّ اتفاقهم هذا دليلٌ على أنّهم قد تلقّوها من قِبَل الشارع، إذ ليس من المحتمل أن يتّفقوا جميعاً من تلقاء أنفسهم، وعليه يكون الإجماع حجّة إذا كان كاشفاً عن رأي المعصوم عليه السلام.

ومن هذا التعريف يفهم أنّه لا عبرة بإجماع المتأخّرين إذا لم يُستكشف منه رأي المعصوم عليه السلام، كما أنّه لا عبرة بالإجماع بما هو إجماع، وإنّما بما هو كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام، بينما يرى أتباع مدرسة الخلفاء أنّ إجماع الأمّة بنفسه حجّة، تماماً كالقرآن والسنّة، لأنّه من المستحيل أن يقع الجميع في الخطأ.

4- العقل: يعني أنّه إذا حكم العقل حكماً قطعيّاً في مورد من الموارد كان حكمه حجّةً.

وقد اختلف المسلمون في مدى حجيّة العقل، فأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام يرون الحجيّة للعقل في الموارد القطعيّة فقط، وأمّا القياس فهو اتباعٌ للظنّ و﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾، مضافاً إلى أنّ العمومات الواصلة من قِبَل الشارع وافيةٌ بالغرض.

وأمّا الأخباريّون منهم فلا يجيزون الرجوع إلى العقل إطلاقاً، لأنّ دين الله لا يصاب بالعقول. ومن هنا شنّوا حملةً كبيرةً على الاجتهاد، لما فيه من إعمالٍ للعقل، ونتج عن ذلك محاربتهم لعلم الأصول.

وأمّا أتباع مدرسة الخلفاء فالمذهب الحنفيّ يرى القياس- الذي هو عبارة عن التمثيل المنطقي- دليلاً رابعاً.

بينما "المالكيّون والحنابلة لا يعيرون أيّ أهميّةٍ للقياس، وعلى الأخصّ الحنابلة. أمّ الشوافع فإنّهم- تبعاً لزعيمهم محمّد بن إدريس الشافعيّ- يتأرجحون في الوسط إذ يهتمّون بالحديث أكثر من الأحناف، بينما يهتمّون بالقياس أكثر من المالكيين والحنابلة".



خلاصة الدرس

عُرِّف الحكم الشرعيّ بأنّه "التشريع الصادر من الله تعالى لتنظيم حياة الإنسان، سواء كان متعلقاً بأفعاله أو بذاته أو بأشياء أخرى داخلة في حياته".

وحيث إنّ الهدف من الحكم هو تنظيم حياة الإنسان، نلاحظ أنّه يقسّم إلى قسمين:
1- الحكم التكليفيّ: وهو الحكم الذي يتعلّق بأفعال المكلّفين.
2- الحكم الوضعيّ: وهو الحكم الذي يتعلّق بذوات المكلّفين، أو بأشياء أخرى ترتبط بهم.

ينقسم الحكم التكليفيّ إلى خمسة أقسام: (الوجوب، الحرمة، الاستحباب، الكراهة، الإباحة).
مصادر التشريع: القرآن الكريم، السنّة الشريفة، الإجماع، العقل.
وقد وقع الخلاف في كلّ من الإجماع والعقل، وهل هما من المصادر؟ وعلى فرض كونهما منها إلى أيّ مدى يمكن الاعتماد عليهما؟


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-10-2012 الساعة : 09:37 PM


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

اخي الكريم أبو اسد البغدادي
حفظكم الله تعالى ...
شاكرة لكم طيب المرور والتعقيب

تحيتي


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-10-2012 الساعة : 09:54 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم




أبواب الفقه ومسائله



تقسيم علم الفقه

بذل الشيخ الطوسيّ جهداً جباراً في تبويب الفقه وأكثر من تفريعات الفقه على الأصول، واستحدث فروعاً جديدة، إلا أنّه بقي هناك نوعٌ من التشويش في التبويب. لكن في مدرسة الحلّة ولأوّل مرّة نلتقي بكتاب الشرايع للمحقّق الحلّيّ رضوان الله عليهالذي قام بتنظيمٍ فريدٍ لأبواب الفقه، استمرّ عليه فقهاء الشيعة إلى العصر الحاضر: فقسّم المحقّق كتابه الشرايع إلى أقسام أربعة: العبادات، العقود، الإيقاعات، الأحكام. وهذا تقسيمٌ رائع يجمع مختلف أبواب الفقه.

يبتنى هذا التقسيم على القسمة الثنائيّة الدائرة بين السلب والإيجاب:


فالحكم الشرعيّ إمّا أن يتقوّم بقصد القربة أم لا، والأوّل العبادات.

والثاني إمّا أن يحتاج إلى اللفظ من الجانبين الموجب والقابل أو من جانبٍ واحدٍ، أو لا يحتاج إلى اللفظ، فالأوّل العقود، كالبيع والإجارة، والثاني الإيقاعات، كالطلاق والعتق، والثالث الأحكام كالديّات والميراث والقصاص، وبذلك تندرج جميع أبواب الفقه في أقسام أربعة.



القسم الأوّل: العبادات

وهي الأحكام التي يقصد بها التقرّب إلى الله تعالى، وهي على نحوين:

1- ما يكون بالأقوال: كالقراءة والتسبيح والتكبير في الصلاة.
2- ما يكون بالأفعال: كالطهارة للصلاة، أو الطواف، وكالصوم.
3- ما يكون بالأموال: كالصدقات، والزكاة.
4- ما يكون بالأموال والأفعال: كالحجّ.
5- ما يكون بالأقوال والأفعال: كالصلاة.

وقد أدرج العلامة في الشرائع تحت هذا القسم عشرة كتبٍ:
1- كتاب الطهارة.
2- كتاب الصلاة.
3- كتاب الزكاة.
4- كتاب الخمس.
5- كتاب الصوم.
6- كتاب الاعتكاف.
7- كتاب الحج.
8- كتاب العمرة.
9- كتاب الجهاد.
10- كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وإنّما فصل الاعتكاف عن الصوم، لأنّه غير الصوم، وإن كان الصوم من شرائطه، وكذلك فصل العمرةَ عن الحجّ لأنّها غيره، وإن اشتركا عملاً للحاجّ، ولكن قد يفترقان في العمرة المفردة. ولم يفصل بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لوحدة الحكم فيهما من جميع الجهات.



القسم الثاني: العقود

ذكر العلامة في هذا القسم ستّة عشر كتاباً:
1- كتاب التجارة، ويدخل فيه البيع.
2- كتاب الرهن.
3- كتاب المفلس.
4- كتاب الحجر.
5- كتاب الضمان.
6- كتاب الصلح.
7- كتاب الشركة.
8- كتاب المضاربة.
9- كتاب المزارعة والمساقاة.
10- كتاب الوديعة.
11- كتاب العارية.
12- كتاب الإجارة.
13- كتاب الوكالة.
14- كتاب الوقف.
15- كتاب الهبة.
16- كتاب النكاح.



القسم الثالث: في الإيقاعات

وهي أحد عشر كتاباً:
1- كتاب الطلاق.
2- كتاب الخلع والمباراة.
3- كتاب الظِهار.
4- كتاب الإيلاء.
5- كتاب اللعان.
6- كتاب العتق.
7- كتاب التدبير.
8- كتاب الإقرار.
9- كتاب الجعالة.
10- كتاب الأيمان.
11- كتاب النذر.



القسم الرابع: في الأحكام

وفيه اثنا عشر كتاباً:
1- كتاب الصيد والذباحة.
2- كتاب الأطعمة والأشربة.
3- كتاب الغصب.
4- كتاب الشفعة.
5- كتاب إحياء الموات.
6- كتاب اللقطة.
7- كتاب الفرائض.
8- كتاب القضاء.
9- كتاب الشهادات.
10- كتاب الحدود والتعزيرات.
11- كتاب القصاص.
12- كتاب الديّات.

وبهذا التقسيم يكون قد أدرج العلامة الحلّي كلّ مواضيع الفقه، وسار من جاء بعده على هذا التقسيم، وإن حاول المتأخّرون من العلماء التغيير في هذا التقسيم، إلا أنّه لا يعدّ ذلك التغيير الكبير، ولا يتعدّى إلحاق بابٍ أو كتابٍ بكتابٍ آخرٍ، وإن كان محلّ كلامٍ ونقاش.



خلاصة الدرس

بذل الشيخ الطوسيّ جهداً جباراً في تبويب الفقه وأكثر تفريعات الفقه على الأصول، واستحدث فروعاً جديدة، إلا أنّه بقي هناك نوعٌ من التشويش في التبويب. لكن في مدرسة الحلّة ولأوّل مرّة نلتقي بكتاب الشرايع للمحقّق الحلّيّ رضوان الله عليهالذي قام بتنظيمٍ فريدٍ لأبواب الفقه، استمرّ عليه فقهاء الشيعة إلى العصر الحاضر: فقسّم المحقّق كتابه الشرايع إلى أقسام أربعة: العبادات، العقود، الإيقاعات، الأحكام. وهذا تقسيمٌ رائع يجمع مختلف أبواب الفقه.




من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-10-2012 الساعة : 12:16 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم



تطوّر الفقه في
مدرسة أهل البيت عليهم السلام


بداية التشريع


لقد كان المسلمون في راحةٍ في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من جهة التعرّف إلى أحكامهم الشرعيّة، وذلك لسببين رئيسين هما:

1- وجود الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بينهم، وهو مصدر التشريع الأساس بعد الله سبحانه، فهم كلّما تعرّضوا لمشكلةٍ سارعوا إليه في حلّها.
2- محدوديّة دائرة الدولة الإسلاميّة، وعدم مواجهة المسلمين للمشاكل والمسائل الكثيرة، كما حدث ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم. حيث احتاجوا إلى الفحص عن أحكامهم في كلّ مستجدّاتهم.



القرآن والعترة


كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلم بما سيواجه الأمّة من بعده من مشاكل ومسائل، فجعل مصدرين مهمّين يلجأ إليهما المسلمون في حلّ مشاكلهم، هما القرآن الكريم والعترة الطاهرة. وقد صرّح بذلك مراراً في طول حياته الشريفة، فقال: "إنّي تاركٌ فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما أن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً"، فجعلهما في عرضٍ واحدٍ، وحثّ المسلمين على اتباعهم والتمسّك بهم. وبذلك يكون قد أشار صلى الله عليه وآله وسلم إلى أنّ القرآن- وإن كان هو المصدر الأصيل للتشريع- لكنّه يحتاج إلى مفسّرٍ، فجعل عترته الطاهرة- وهم الذين تربّوا في حجره وفي بيته الذي نزل فيه القرآن- هي المرجع في تفسيره.

وبعد أن واجه المسلمون مسألة الخلافة بعد الرسول، حصل الانشقاق بينهم إلى فريقين: الأوّل اتبع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتمسّك بالكتاب والعترة معاً، والآخر رفض التمسّك بالعترة وقال: " حسبنا كتاب الله". وكان لهذا الانشقاق أثره الكبير في كيفيّة التفكير، وحلّ المشكلات.



أدوار الفقه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام


ويمكن حصر الأدوار التي مرّ بها الفقه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام حتّى عصر الغيبة الكبرى في ثلاثة أدوار تقريباً هي:
1- من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام.
2- من بداية عصر الإمامين الصادقين عليهما السلام حتّى نهاية الغيبة الصغرى.
3- من بداية الغيبة الكبرى حتّى يومنا هذا.



الدور الأوّل


ويبتدئ هذا الدور من زمن وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتّى انتهاء القرن الأوّل. وتشمل هذه الفترة حياة أئمّةٍ أربعةٍ من أئمتنا، وهم عليّ بن أبي طالب، والحسن بن عليّ، والحسين بن عليّ، وعليّ بن الحسين عليهم السلام.

وكان مصدر التشريع في هذا العهد عند الشيعة أتباع أهل البيت عليهم السلام الكتاب والسنّة، ونقصد بالسنّة، قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام و فعلهما و تقريرهما.

وأمّا القياس والرأي فقد رفضهما أتباع هذه المدرسة رفضاً باتّاً كما تقدّم.
وقد روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه".

وأمّا الإجماع- مهما كان تفسيره- فهو ليس مصدراً للتشريع لدى هذه المدرسة، لأنّه لا يفيد إلا الظنّ و﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾. نعم أصبح مصدراً عندما اعتبر كاشفاً عن رأي المعصوم عليه السلام، بمعنى أنّه لو اتفق العلماء على رأيٍ وانكشف منه أنّ ذلك الرأي مطابق لرأي الإمام عليه السلام فيجب الأخذ به.

وملخّص الكلام في هذه المرحلة: أنّ فهم الحكم الشرعيّ آنذاك عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام كان عبارةً عن الأخذ بظواهر الكتاب والسنّة. وكان أتباع هذه المدرسة يرجعون فيما يحدث لهم من مشاكل إلى الأئمّة عليهم السلام. وكان للأئمّة عليهم السلام دورٌ هامٌّ في بيان الأحكام في هذه المرحلة، لا سيّما الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، حيث كان يرجع إليه الصحابة في كلّ مشكلةٍ تواجههم لم يجدوا لها حلّاً.



الدور الثاني


ويبتدئ هذا الدور من أوائل القرن الثاني حتّى أواخر القرن الثالث، أي من بداية إمامة الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام حتّى نهاية الغيبة الصغرى. ومن أبرز ميّزات هذا الدور هو فسح المجال- في بدايته- للأئمّة عليهم السلام كي يمارسوا أعمالهم العلميّة، وذلك لأنّ المرحلة التي عايشها الإمامان الصادقان عليهما السلام كانت مرحلة انتقال الحكم من الأمويّين إلى العباسيّين، حيث كان الخلفاء مشغولين عن أهل البيت عليهم السلام بحروبهم الداخليّة، فاغتنم الإمامان الصادقان عليهما السلام هذه الفرصة لنشر العلم عبر حلقاتٍ للدرس، تضمّ الكثيرين من روّاد المعرفة.

ولكن سرعان ما واجهت هذه المدرسة الضغط السياسيّ الشديد بعد استلام العباسيّين الحكم، حيث زجّوا بأئمّة الشيعة في السجون والمعتقلات، وفقدوا بذلك الفرصة المناسبة لنشر علومهم.

ويمكن القول إنّ استنباط الأحكام الشرعيّة من الكتاب والسنّة- بالمعنى الاصطلاحيّ- كان أمراً رائجاً بين أصحاب الأئمّة عليهم السلام، خاصةً الذين تربّوا في مدرسة الإمامين الصادقين عليهما السلام أمثال زرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم، وأبان بن تغلب، وغيرهم، حتّى أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا يأمرون بعض أصحابهم باستنباط الأحكام وإفتاء الناس، كما أمر الإمام الباقر عليه السلام أبان بن تغلب أن يجلس في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويفتي الناس حيث قال له: "اجلس في مسجد المدينة، وافتِ الناس، فإنّي أحبّ أن يُرى في شيعتي مثلك"، أو كما قال الإمام الصادق عليه السلام لسائلٍ سأله عن المسح على مرارةٍ وضعها على ظفره المقطوع: "يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ اِمسح عليه". وهكذا نرى كيف يعلّم الإمام عليه السلام هذا السائل كيفيّة استنباط الحكم الشرعيّ من الكتاب.



ميّزات هذه المرحلة


لقد ضمّت مدرسة الإمام الصادق عليه السلام أكثر من أربعة آلاف من حملة العلم. وقد ألّف أربعمائة منهم أصولاً يُعتمد عليها في الفقه الجعفري عُرفت بـ(الأصول الأربعمائة)، جُمعت في أربع موسوعاتٍ روائيّة اشتهرت باِسم الكتب الأربعة وهي:

1- الكافي: للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكلينيّ المتوفّى سنة 329 هـ.
2- من لا يحضره الفقيه: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ القمّي المتوفّى سنة 381 هـ.
3 و 4- التهذيب والاستبصار: كتابان لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ المتوفّى سنة 460 هـ.

ووضعت في هذا الدور نواة القواعد العامّة للفقه الجعفريّ، ونقلت إلينا بشكل روايات، ثمّ وضعت على طاولة البحث العلميّ، فكانت نتيجة ذلك بروز القواعد الأصوليّة والفقهيّة التي يعتمد عليها في الاجتهاد والاستنباط حتّى اليوم من قبيل: "الاستصحاب، والبراءة الشرعيّة، وقاعدة اليد، وترجيح الروايات المتعارضة، والعمل بالخبر الواحد، وأمثال ذلك". وهذه كلّها لها أهميتها الخاصّة التي تميّز المذهب عن غيره، وتجعله غنيّاً يماشي احتياجات كلّ عصرٍ من دون تحريف. ولو قارنّا مذهب أهل البيت عليهم السلام مع غيره من المذاهب الأخرى، لرأينا فرقاً كبيراً من جهة توفّر القواعد الفقهيّة والأصولية فيه، وعدم توفّرها في غيره.



الدور الثالث


ويبتدئ هذا الدور من بداية الغيبة الكبرى، حتّى عصرنا الحاضر.



ميّزات هذا الدور


ومن مميّزاته نيابة العلماء والفقهاء عن الإمام عليه السلام في زعامة المذهب وذلك بأمر من الإمام المنتظرعند بداية الغيبة الكبرى، فقد ورد في التوقيع المشهور: "...وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم
حجّتي عليكم وأنا حجّة الله". فكان العلماء هم المرجع الوحيد لحلّ المشاكل التي كانت تواجه الشيعة منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا.

وقد مارس الفقهاء عملية الاستنباط من الكتاب الكريم والسنّة الشريفة مستعينين بالقواعد التي مهّدها الأئمّة عليهم السلام في الدور الثاني، فكانت هذه القواعد مبثوثةً في الكتب الفقهيّة أو الروائيّة وتذكر حسب الحاجة إليها. ولكن سرعان ما التفت الفقهاء إلى ضرورة استخراجها بشكلٍ منفصلٍ عن البحث الفقهيّ، فألّف السيد المرتضى { المتوفّى سنة 436 هـ كتابه (الذريعة إلى أصول الشريعة)، بحث فيه عن أمّهات القواعد الأصولية.

وقد كانت الكتب الفقهيّة على شكل كتبٍ روائيّة، ثمّ أخذت تتّسع حتّى ظهرت بشكل كتبٍ فقهيّةٍ مبوّبةٍ، واستدلاليّةٍ مبتناةٍ على القواعد العامّة. وممّن كان لهم الأثر الكبير في هذه الظاهرة:

1- الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان المتوفّى سنة 413 هـ.
2- السيد المرتضى علم الهدى المتوفّى سنة 436 هـ تلميذ الشيخ المفيد.
3- شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسيّ المتوفّى سنة 460 هـ، الذي كان أكثرهم جهداً في هذه العمليّة، حيث ألّف عدّة كتبٍ فقهيّةٍ وروائيّةٍ وأصوليّةٍ منها: "الخلاف" و"النهاية" و"المبسوط" في الفقه، و"التهذيب" و"الاستبصار" في الحديث، وكتاب "العدّة" في أصول الفقه.

ويشير هو إلى هذا التحوّل العظيم في الفقه في مقدّمة كتابه المبسوط فيقول: "أمّا بعد فإنّي لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقّهة والمنتسبين إلى علم الفروع، يستحقرون فقه أصحابنا الإماميّة ويستنزونه، وينسبونهم
إلى قلّة الفروع وقلّة المسائل، ويقولون: إنّهم أهل حشوٍ ومناقضةٍ، وإنّ من ينفي"القياس" و"الاجتهاد" لا طريق له إلى كثرة المسائل، ولا التفريع على "الأصول"، لأنّ جلّ ذلك وجمهوره مأخوذٌ من هذين الطريقين، وهذا جهل منهم بمذاهبنا وقلّة تأمّل "لأصولنا"، ولو نظروا في أخبارنا وفقهنا لعلموا أنّ جلّ ما ذكروه من المسائل موجودٌ في أخبارنا.... وأمّا ما كثّروا به كتبهم من مسائل الفروع فلا فرع من ذلك إلا وله مدخلٌ في أصولنا ومخرجٌ على مذاهبنا، لا على وجه القياس، بل على طريقة توجب علماً يجب العمل عليها، ويسوغ الوصول إليها، من البناء على الأصل، وبراءة الذمّة، وغير ذلك.... وكنت على قديم الوقت وحديثه، متشوّق النفس إلى عمل كتابٍ يشتمل على ذلك، تتوق إليه نفسي، فتقطعني عن ذلك القواطع، وتشغلني الشواغل، وتضعف نيّتي أيضاً فيه قلّة رغبة هذه الطائفة فيه، وترك عنايتهم به، لأنّهم ألِفوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ، حتّى أنّ مسألةً لو غيّر لفظها، وعبر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم، لعجبوا منها، وقصر فهمهم عنها...".

ومن خلال هذا النصّ نرى كيف تحوّل الفقه- في هذا الدور- من الاقتصار على الروايات، إلى تفريع الفروع على الأصول بصورة موسّعة.

ومن خلال هذه الأدوار نلاحظ كيف ترعرع علم الأصول في أحضان علم الفقه، فكلّما اتسعت الدائرة في علم الفقه، والحاجة إلى تحديد الأحكام الشرعيّة، والموقف من المسائل المستحدثة، كلّما زادت الحاجة إلى علم الأصول أكثر، واستخراج القواعد التي يعتمد عليها في عمليّة الاستنباط.



خلاصة الدرس


لقد كان المسلمون في راحةٍ في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من جهة التعرّف إلى أحكامهم الشرعيّة، وذلك لسببين رئيسين هما:

1- وجود الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بينهم.
2- محدوديّة دائرة الدولة الإسلاميّة، وعدم مواجهة المسلمين للمشاكل والمسائل الكثيرة.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلم بما سيواجه الأمّة من بعده من مشاكل ومسائل، فجعل مصدرين مهمّين يلجأ إليهما المسلمون في حلّ مشاكلهم، هما القرآن الكريم والعترة الطاهرة.
وبعد أن واجه المسلمون مسألة الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، حصل الانشقاق بينهم إلى فريقين: الأوّل اتبع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتمسّك بالكتاب والعترة معاً، والآخر رفض التمسّك بالعترة وقال: " حسبنا كتاب الله".

ويمكن حصر الأدوار التي مرّ بها الفقه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام حتّى عصر الغيبة الكبرى في ثلاثة أدوار تقريباً هي:

1- من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام.
2- من بداية إمامة الإمام الباقر عليه السلام حتّى نهاية الغيبة الصغرى.
3- من بداية الغيبة الكبرى حتّى يومنا هذا.
وكان لكلّ دور خصائصه وميّزاته وأعلامه ومؤلّفاتهم.


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-10-2012 الساعة : 02:23 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم





المدارس الفقهيـّة الشيعيـّة (1)
المدينة المنوّرة- الكوفة


تمهيد


عندما نتحدّث عن مدرسة فقهيّة في بلدٍ خاصٍ كالمدينة، أو الكوفة أو بغداد أو النجف، فنحن لا نعني أنّ الفقه وكلّ المدارس الفقهيّة قد تمركزت في هذا البلد، وأنّ روّاد هذه المدرسة لم يتجاوزوا هذه النواحي قطّ، ولم يكن لهم أيّ دورٍ في تكوين مدرستهم في بلدانٍ أخرى. وإنّما نعني أن هذه المدرسة بلغت نضجها وكمالها الخاصّ في هذا البلد بالخصوص، وكان لها الأثر الكبير في تكوينها وبلورتها، وإن كان للبلدانِ الأخرى دورٌ وتأثيرٌ في تكوينها وبلورتها، وتركت آثاراً في تكامل هذه المدرسة.

فقد مرّ على الفقه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام مراحل مختلفة، من الصعب تحديدها تحديداً دقيقاً، ولكن يمكن حصرها على وجه التقريب في بعض المدارس الكبرى بحسب العصور.

1- مدرسة المدينة المنوّرة


وعصرها هو عصر الصحابة والتابعين لهم. فقد ظهر الفقه من حين ظهور المجتمع الإسلاميّ في المدينة المنوّرة، واستمرّت الحركة العلميّة والفقهيّة إلى حياة الإمام الصادق عليه السلام، فكانت المدينة المنوّرة هي المنطلق الأوّل للرسالة الإسلاميّة، والمدرسة الأولى للفقه الإسلاميّ، وكانت الوطن الأوّل لفقهاء الشيعة، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فكان من فقهاء الصحابة- بعد الإمام أمير المؤمنين والزهراء والحسنين عليهم السلام وهم الذين تولّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تربيتهم وتعليمهم:

ابنُ عباس، وسلمان الفارسيّ، وأبو ذرّ الغفاريّ، وأبو رافع إبراهيم مولى رسول الله، قال النجاشيّ: "أسلم أبو رافع قديماً بمكّة، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع النبيّ مشاهده، ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده، وكان من خيار الشيعة، وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة" "ولأبي رافع كتاب السنن والأحكام والقضاء".

وكان من التابعين جمع كثير من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام حفظوا السنّة النبويّة، وتداولوها فيما بينهم، ونقلوها إلى الأجيال التي تليهم بأمانةٍ، حتّى قال الذهبيّ: "فهذا (أي التشيّع) كثيرٌ في التابعين وتابعيهم مع الدين، والورع والصدق، فلو ردّ حديث هؤلاء (أي الشيعة) لذهبت جملة الآثار النبويّة".



في عهد الخليفة الثاني


منع عُمر بن الخطاب من تدوين السنّة النبويّة لعوامل عدّة، فبقيت في صدور الصحابة والتابعين يتناقلونها حتّى خلافة عُمر بن عبد العزيز، حيث أمر محمّدَ بن مسلم بن شهاب الزهريّ بتدوينه، فلم يتّفق لمحدّثي غير الشيعة من الصحابة والتابعين تدوين السنّة النبويّة قبل هذا الوقت، ولكن فقهاء الشيعة دوّنوا عدّة مدوّنات حديثيّة مهمّة، فكان أمير المؤمنين عليه السلام أوّل من صنّف في الفقه، ودوّن الحديث النبويّ، ولم يوافق عمر بن الخطاب على رأيه. قال السيوطيّ في تدريب الراوي: "كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلافٌ كثيرٌ في كتابة العلم، فكرهها كثيرٌ منهم، وأباحتها طائفة وفعلوها: منهم: عليّ وابنه الحسن".

وفي كتاب الكافي عن يحيى بن جرير قال: قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: "كان سعيد بن المسيّب والقاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأبو خالد الكابليّ، من ثقات عليّ بن الحسين عليهما السلام".

والخلاصة أنّه كان فقهاء الشيعة وعلى رأسهم أئمّة المسلمين من أهل البيت عليهم السلام، يقودون الحركة الفكريّة في العالم الإسلاميّ، وانطلقت هذه الحركة من المدينة المنوّرة بشكلٍ خاصّ، وبلغ هذا الازدهار الفكريّ غايته في عهد الإمام الصادق عليه السلام فازدهرت المدينة في عصره، وزخرت بطلاب العلوم ووفود الأقطار الإسلاميّة، وانتظمت فيها حلقات الدرس، وكان بيته جامعةً إسلاميّةً يزدحم فيه رجال العلم، وحملة الحديث، من مختلف الطبقات ينتهلون من موارد علمه.

قال الشيخ المفيد عن الإمام الصادق عليه السلام: "ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر ذكره في البلدان. ولم يُنقل عن أحدٍ من أهل بيته العلماء ما نقل عنه، ولا لقيَ أحدٌ منهم من أهل الآثار ونقَلَةِ الأخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد الله عليه السلام، فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجلٍ".



ملامح المدرسة


كانت ملامح المدرسة الفقهيّة في المدينة المنوّرة بدائية إلى حدٍّ ما، ولم تتبلور المسائل الخلافيّة في الفقه بين مدرسة أهل البيت عليهم السلام ومدرسة الخلفاء، كما تبلورت بعد في مدرسة الكوفة على يد تلامذة الإمام الصادق عليه السلام واستمرّت إلى أيّام الإمام الرضا عليه السلام. فالاختلاف في القياس والاستحسان والرأي والاجتهاد، ومسائل الصلاة والوضوء والحجّ الخلافيّة، لم تظهر واضحةً في هذه الفترة بالذات.

"ولم تكن هناك كتبٌ فقهيّة تعنى بالفتاوى خارج نطاق المدوّنات الحديثيّة. كما لم تتبلور بعد لدى فقهاء الشيعة صياغةُ المقاييس الخاصّة للاجتهاد والفتيا بصورةٍ كاملةٍ، والمقاييس الخاصّة لمعالجة الأخبار المتعارضة، فلم يكثر الحديث بعد عن أهل آل البيت عليهم السلام، ولم يدرس في حديثهم بعد الشيء الكثير من الحديث المدسوس، ولم يشقّ على الفقهاء الرجوع إلى الأئمّة عليهم السلام للسؤال فيما يعرضهم من حاجةٍ، أو ما يعرض الناس، فلم تظهر حاجةٌ ملحّةٌ إلى اتخاذ مقاييس للرأي والاجتهاد، ومقاييس لمعالجة الأحاديث المتعارضة، ومعرفة السقيم منها من الصحيح، ولم يراجعوا الأئمّة في شيءٍ من ذلك، ولذلك كان البحث الفقهيّ في هذا الدور يقطع مراحل حياته الأولى".

ويمكن تحديد ملامح هذا العصر في الخطوط الثلاثة التالية:

1- قلّة المدوّنات الحديثيّة واضطرابها في الجمع والتبويب.
2- عدم تبلور المسائل الخلافيّة بين المذاهب الفقهيّة الإسلاميّة بصورةٍ واضحةٍ.
3- عدم اتخاذ مقاييس للاجتهاد والفتيا فيما لا نصّ في مورده، ومعالجة الأحاديث الفقهيّة المتعارضة.



2- مدرسة الكوفة


في أخريات حياة الإمام الصادق عليه السلام، انتقلت مدرسة الفقه الشيعيّ من المدينة إلى الكوفة. وبذلك بدأت حياةٌ فقهيّةٌ جديدةٌ في الكوفة، حيث كانت آنذاك مركزاً صناعيّاً، وفكريّاً كبيراً، تقصده البعثات العلميّة والتجاريّة، فذكر البلاذريّ أنّ أربعة آلاف من رعايا الفرس وفدوا إلى الكوفة ، وقد أثّر وفود العناصر المختلفة إلى الكوفة طلباً للعلم، أو التجارة في التلاقح العقليّ والذهنيّ في هذه المدرسة. وقد هاجر إليها فوق ذلك وفود من الصحابة والتابعين، والفقهاء وأعيان المسلمين، من مختلف الأمصار، وبذلك كانت الكوفة، حين انتقل إليها الإمام الصادق عليه السلام وانتقلت إليها مدرسة الفقه الشيعيّ، من أكبر العواصم الإسلاميّة.

"وقد عدّ البراقي في تاريخ الكوفة 148 صحابيّاً من الذين هاجروا إلى الكوفة واستقرّوا فيها، ما عدا التابعين والفقهاء الذين انتقلوا إلى هذه المدينة، والذين كان يبلغ عددهم الآلاف، وما عدا الأسر العلمية التي كانت تسكن هذا القطر. وقد أورد ابن سعد في الطبقات ترجمة ل‍ (850) تابعيّا ممن سكن الكوفة" . في مثل هذا الوقت انتقل الإمام الصادق عليه السلام إلى الكوفة أيّام أبي العباس السفاح، واستمرّ بقاؤه عليه السلام فيها مدّة سنتين.
وقد اشتغل الإمام الصادق عليه السلام هذه الفترة بالخصوص في نشر المذهب الشيعيّ، لعدم وجود معارضة سياسيّة قويّة، حيث سقطت في هذه الفترة الحكومة الأمويّة، وظهرت الحكومة العباسيّة، واغتنم الإمام الصادق عليه السلام فرصة الصراع على الحكم للدعوة إلى المذهب، ونشر أصول مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فازدلفت إليه الشيعة من كلّ فجٍّ زرافاتٍ ووحداناً تستقي منه العلم، وترتوي من منهله العذب، وتروي عنه الأحاديث في مختلف العلوم. قال الحسن بن علي بن زياد الوشاء لابن عيسى القميّ: "إنّي أدركت في هذا المسجد (يعني مسجد الكوفة) تسعمائة شيخٍ كلٌّ يقول: حدّثني جعفر بن محمّد عليه السلام ".

فازدهرت مدرسة الكوفة على يد الإمام الصادق عليه السلام وتلاميذه، فكانت الكوفة هي منطلق الحركة العقليّة في العصر الثاني من عصور تأريخ الفقه الشيعيّ، ومبعث هذه الحركة، ومركز الإشعاع، وظلّت تعدّ من أهمّ مراكز الفقه الشيعيّ، تقصدها البعثات الفقهيّة الشيعيّة. ويتعاقب فيها فقهاء الشيعة، مركز الصدارة في التدريس، والفتيا، والبحث الفقهيّ.



أبرز أصحاب الإمام الصادق عليه السلام


وكان من بين أصحاب الإمام الصادق عليه السلام من فقهاء الكوفة:

1- أبان بن تغلب بن رباح الكوفيّ الذي روى عنه عليه السلام (30000) حديثاً.
2- محمّد بن مسلم الكوفيّ. روى عن الباقرين عليهما السلام (40000) حديثاً. وقد صنّف الحافظ أبو العبّاس بن عقدة الهمدانيّ الكوفيّ المتوفّى سنة 333 هـ كتاباً في أسماء الرجال الذين رووا الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام فذكر ترجمة (4000) رجلٍ.
كلّ ذلك بالإضافة إلى البيوتات العلميّة الكوفيّة التي عرفت بانتسابها إلى الإمام الصادق عليه السلام، واشتهرت بالفقه والحديث كبيت آل أعين، وبيت آل حيّان التغلبيّ، وبيت بني عطيّة، وبيت بني دراج، وغيرهم من البيوتات العلمية الكوفية الشيعيّة، التي اشتهرت بالفقه والحديث.



خوف العباسيّين


أدّى التجمّع والالتقاء بالإمام الصادق عليه السلام في الكوفة، والاحتفاء به إلى أن يأخذ الجهاز العباسيّ الحاكم حذره منه، فخاف المنصور الدوانيقيّ أن يفتتن الناس بالإمام عليه السلام لما رأى من إقبال الفقهاء والناس عامّة عليه، ممّا حداه على أن يطلبه إلى قربه في بغداد.

ورغم العقبات الكبرى التي اصطدم بها أئمّة الشيعة من أهل البيت عليهم السلام، وفقهاء الشيعة ورواة الحديث، من ضغط الجهاز الحاكم والمعارضات، والتهم والافتراءات، والتهريج الذي كان يقوم به الجهاز، تقدّمت الدراسة الفقهيّة الشيعيّة، وتدوين الحديث شوطاً كبيراً في هذه الفترة، وتركت لنا هذا التراث التشريعي الضخم الذي تمتلئ به المكتبات، وتحتفل به المجموعات الضخمة.



ملامح المدرسة


1- ظهرت ظاهرة التدوين من أيّام الإمام الباقر عليه السلام ونمت أيّام الإمام الصادق عليه السلام، حيث أخذ الإمام الصادق عليه السلام - لما رأى من ضياع الأحاديث والسنن- يحثّ الرواة والعلماء على تدوين السنّة وكتابتها.

عن أبي بصير قال: "دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما يمنعكم من الكتاب؟! إنّكم لن تحفظوا حتّى تكتبوا، إنّه خرج من عندي رهطٌ من أهل
البصرة يسألون عن أشياء فكتبوها".

2- توسّعت حاجات المسلمين في هذا الوقت، وازدحم الناس على أبواب الفقهاء يطلبون منهم الرأي فيما استجدّ عليهم، ولم يكن ما بيد فقهاء السنّة ومحدّثيها من الحديث ما يكفي لسدّ هذه الحاجة، كما ولم يجدوا في الكتاب الكريم جواباً عنها، ولم يكن الجهاز القائم بالحكم يسمح لهم بمراجعة أئمّة أهل البيت عليهم السلام الذين اعتبرهم صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم عدلاً للكتاب في حديث الثقلين المعروف، فاضطروا إلى اتخاذ القياس والاستحسان، والأخذ بالظنّ والرأي.

3- حدوث الاختلاف أهل البيت عليهم السلام أن يدلّوهم على مقياسٍ لاختيار الحديث الصحيح. فوردت عنهم عليهم السلام الأحاديث المعالجة للأخبار المتعارضة والتي عُرفت بالأخبار العلاجيّة في الأصول، قال زرارة: "سألت أبا جعفرٍ عليه السلام فقلت: جعلت فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ؟ فقال عليه السلام: يا زرارة خذ بما اشتهر بين في نقل الروايات، فقد شاع نقل الحديث عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في هذه الفترة، وكثر الدسّ وظهر الاختلاف في متون الروايات، فكان يبلغ البعض من الشيعة حديثان مختلفان في مسألةٍ واحدةٍ، فكان الرواة يطلبون من أئمّة أصحابك، ودع الشاذّ النادر. فقلت: يا سيّدي إنّهما معاً مشهوران مأثوران عنكم. فقال: خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك. فقلت: إنّهما معاً عدلان مرضيّان موثّقان. فقال: أنظر ما وافق منهما العامّة فاتركه، وخذ بما خالف، فإنّ الحقّ فيما خالفهم. قلت: ربما كانوا موافقين لهم، أو مخالفين فكيف أصنع؟ قال: إذاً
فخذ بما فيه الحائطة لدينك، واترك الآخر. قلت: إنّهما معاً موافقان للاحتياط، أو مخالفان له فكيف أصنع؟ فقال: إذاً فتخيّر أحدهما فتأخذ به، ودع الآخر".

وظهور الأخبار العلاجيّة الكثيرة في هذا الفترة دليلٌ على توسّع مدرسة أهل البيت عليهم السلام في الفقه، وكثرة النقل، وشياع الحديث عنهم، وانتشار فقه أهل البيت عليهم السلام في الأقطار، كالعراق وخراسان والريّ والحجاز واليمن. وهذه هي الظروف الطبيعية لظهور الدسّ والاختلاق والتزييف في الحديث.

4- اتسعت شقّة الخلاف بين المذاهب الفقهيّة الإسلاميّة في كثيرٍ من المسائل الخلافيّة، بهدف تعكير الجوّ الفكريّ بين المسلمين، فيتاح للجهاز الحاكم أن يصيد في الماء العكر. وكان موقف أئمّة أهل البيت عليهم السلام حازماً وحكيماً، إذغضّوا الطرف كثيراً عن الخلاف في المسألة الفقهيّة، مجاراةً لفقه العامّة الرائج، وإذا خلوا بأصحابهم ذكروا لهم الوجه الحقّ، وأمروهم بالكتمان والسرّ ما وسعهم ذلك، وحتّى يقضي الله بما هو قاضٍ، وينقذ الأمّة من هؤلاء الغاصبين، وهذه هي التقيّة في الفقه الإسلاميّ.

5- تعيين موازين خاصّة للاجتهاد والاستنباط من قبل أئمّة أهل البيت عليهم السلام، فقد كان الرواة ينتقلون إلى مناطق بعيدةٍ، وتمسّ بهم الحاجة إلى معرفة حكمٍ من الأحكام الشرعيّة، ولا يجدون وسيلةً لسؤال الإمام عليه السلام، كما لا يجدون نصّاً في المورد، فوضع لهم أئمّة أهل البيت عليهم السلام قواعد خاصّة للاستنباط والاجتهاد: كالاستصحاب والبراءة، والاحتياط، والتخيير، وغيرها من القواعد الأصوليّة والفقهيّة، كقاعدة الطهارة، واليد، والإباحة،
والحليّة، وغيرها ممّا يعين الفقيه على الاجتهاد والاستنباط.

وإذا صحّ أنّ المدرسة انتقلت من الكوفة إلى المدينة، أو إلى بغداد أو إلى طوس في هذا الفترة فقد كان لفترةٍ قصيرةٍ، وبصورةٍ غير كاملةٍ، وبقيت الكوفة محتفظةً بمكانتها حيناً طويلاً من هذا العصر.



خلاصة الدرس


لقد مرّ على الفقه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام مراحل مختلفة، من الصعب تحديدها تحديداً دقيقاً، ولكن يمكن حصرها على وجه التقريب في بعض المدارس الكبرى بحسب العصور.

1- مدرسة المدينة المنوّرة


وعصرها هو عصر الصحابة والتابعين لهم. فقد ظهر الفقه من حين ظهور المجتمع الإسلاميّ في المدينة المنوّرة، واستمرّت الحركة العلميّة والفقهيّة إلى حياة الإمام الصادق عليه السلام، فكانت المدينة المنوّرة هي المنطلق الأوّل للرسالة الإسلاميّة، والمدرسة الأولى للفقه الإسلاميّ، وكانت الوطن الأوّل لفقهاء الشيعة، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

لكن ملامح المدرسة الفقهيّة في المدينة المنوّرة كانت بدائيّة إلى حدٍّ ما، ولم تتبلور فيها المسائل الخلافيّة في الفقه بين مدرسة أهل البيت عليهم السلام ومدرسة الخلفاء.

2- مدرسة الكوفة


في أخريات حياة الإمام الصادق عليه السلام، انتقلت مدرسة الفقه الشيعيّ من المدينة إلى الكوفة، وبذلك بدأت حياةٌ فقهيّةٌ جديدةٌ في الكوفة اشتغل فيها الإمام في نشر المذهب الشيعيّ. وقد أدّى التجمّع والالتقاء بالإمام في الكوفة
إلى أن يأخذ الجهاز العباسيّ الحاكم حذره منه، فخاف المنصور الدوانيقيّ أن يفتتن الناس بالإمام عليه السلام فطلبه إلى قربه في بغداد.

ملامح المدرسة


1- ظهرت ظاهرة التدوين من أيّام الإمام الباقر عليه السلام ونمت أيّام الإمام الصادق عليه السلام.
2- توسّعت حاجات المسلمين في هذا الوقت، وازدحم الناس على أبواب الفقهاء يطلبون منهم الرأي فيما استجدّ عليهم.
3- حدوث الاختلاف في نقل الروايات، فقد شاع نقل الحديث عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في هذه الفترة، وكثر الدسّ وظهر الاختلاف في متون الروايات.
4- اتسعت شقّة الخلاف بين المذاهب الفقهيّة الإسلاميّة في كثيرٍ من المسائل الخلافيّة، بهدف تعكير الجوّ الفكريّ بين المسلمين، فيتاح للجهاز الحاكم أن يصيد في الماء العكر.
5- تعيين موازين خاصّة للاجتهاد والاستنباط من قبل أئمّة أهل البيت عليهم السلام.


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-01-2013 الساعة : 12:30 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


المدارس الفقهيـّة الشيعيـّة (2)
قمّ والريّ



نشأة مدرسة قمّ

يبتدئ هذا العصر من الغيبة الكبرى، والربع الأوّل من القرن الرابع إلى النصف الأوّل من القرن الخامس.

في هذه الفترة انتقلت حركة التدريس والكتابة والبحث إلى مدينتيّ قمّ والريّ ، وظهر فيهما شيوخٌ كبارٌ من أساتذة الفقه الشيعيّ،كان لهم الأثر الأكبر في تطويره. فقد كانت (قمّ) منذ أيّام الأئمّة عليهم السلام من أمّهات المدن الشيعيّة، وحصناً من حصون التشيّع، وعشّاً لآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وموضع عناية خاصّة من أهل البيت عليهم السلام.

وكانت (الريّ)- وهي قريبةٌ من (قمّ)- في هذا التاريخ بلدةً عامرةً بالمدارس والمكاتب، وحافلةً بالعلماء والفقهاء والمحدّثين.



أسباب الانتقال

من أبرز أسباب انتقال مدرسة أهل البيت عليهم السلام من الكوفة إلى إيران، هو الضغط الشديد الذي كان يلاقيه فقهاء الشيعة وعلماؤهم من العباسيّين، فقد كانوا يطاردون كلَّ من يظهر باسم الشيعة بمختلف ألوان الأذى والتهمة، ممّا جعل فقهاء الشيعة وعلماؤها ينتقلون إلى قم والريّ، ووجدوا في هاتين البلدتين ملجأً آمناً يطمئنّون فيه لنشر فقه وحديث أهل البيت عليهم السلام، وكانتا تحت حكومة سلاطين آل بويه، الذين عُرفوا في التاريخ بنزعتهم وولائهم للتشيّع.



ازدهار المدرسة

ويظهر أنّ (قم) في عصر الغيبة، وعهد نيابة النواب الأربعة، كانت حافلةً بعلماء الشيعة وفقهائها، ومركزاً فقهيّاً كبيراً من مراكز البحث الفقهيّ، يعتمد على فقهائها حتّى أمثال الحسين بن روح. ويدلّل على ذلك روايةٌ تاريخيّة ذكرها الشيخ في كتاب الغيبة وهي: "أنفذ الشيخ حسين بن روح (رضي الله تعالى عنه) كتابَ التأديب إلى (قم)، وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم: انظروا ما في هذا الكتاب، وانظروا هل فيه شيءٌ يخالفكم، فكتبوا إليه: إنّه كلّه صحيحٌ، وما فيه شيءٌ يخالف إلا قوله: (في) الصاع في الفطرة نصف صاعٍ من طعام، والطعام عندنا مثل الشعير من كلّ واحدٍ صاع".

ويكفي للدلالة على ضخامة مدرسة قم في هذا العصر ما ذكره العلامة المجلسيّ الأوّل محمّد تقيّ رضوان الله عليه في شرحه لمن لا يحضره الفقيه بالفارسيّة ما تعريبه: "إنّ في زمان عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفّى سنة 329 هـ‍ كان في قم من المحدّثين مائتا ألف رجل".

ووصف الحسن بن محمّد بن الحسن القميّ المتوفّى سنة 378 هـ الفترةَ التي نتحدث عنها قائلاً: "الباب السادس عشر: في ذكر بعض علماء قم، وعدد خواصّهم مائتان وستّة وستّون، وذكر مصنفاتهم ورواياتهم وبعض أخبارهم".

وهذه الكلمات تدلّ على أنّ مدرسة قم كانت في هذه الفترة من أوسع المدارس الشيعيّة في الفقه والحديث وأضخمها، وكانت تضمّ مئات المدارس والمساجد والمكاتب، وندوات البحث والمناقشة، ومجالس الدرس والمذاكرة.



أبرز علماء هذه المدرسة ومصنّفاتهم

لقد حفلت مدرسة قم والريّ في القرن الرابع الهجريّ بشيوخٍ كبارٍ في الفقه والحديث. ونشطت حركة التأليف والبحث الفقهيّ، وتدوين المجاميع الحديثيّة الموسّعة.

نذكر من علماء هذه المدرسة ومصنّفاتهم

1- عليّ بن إبراهيم القميّ شيخ الكلينيّ في الحديث، يقول عنه النجاشيّ: "ثقة في الحديث ثبتٌ معتمدٌ، صحيح المذهب، سمع فأكثر، وصنّف كتباً،... منها: قرب الإسناد، وكتاب الشرائع، وكتاب الحيض".

2- الشيخ محمّد بن يعقوب الكلينيّ المتوفّى سنة 329 هـ. كان معاصراً لعلي بن الحسين بن بابويه، والد الشيخ الصدوق، وتوفيا في سنةٍ واحدةٍ، وهي المعروفة عند الفقهاء تناثر النجوم بسنة (موت الفقهاء).

له كتاب الكافي في الأصول- والفروع. ويعدّ تأليفه أوّل محاولةٍ من نوعها لجمع الحديث وتبويبه، وتنظيم أبواب الفقه والأصول.
يقول رضوان الله عليه في مطلع كتابه: "كتابٌ كافٍ يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلّم، ويرجع إليه المستر شد، ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل بالآثار الصحيحة عن (الصادقين) عليهم السلام ".

يقول عنه الشيخ المفيد: من أجلّ كتب الشيعة، وأكثرها فائدة.

3- أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه، كان من تلامذة الكلينيّ والراوين عنه، وأستاذ الشيخ المفيد.
قال عنه النجاشيّ: "كان من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه،... وكلّ ما يوصف به الناس من جميلٍ وفقهٍ وثقةٍ فهو فوقه، له كتبٌ حسانٌ (عدّ منها جملةً كبيرةً)".

4- آل ابن بابويه: من بيوتات الفقه والحديث في (قم)، وموضع عناية خاصّة من الحجّة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف ونوّابه، ومن فقهاء الشيعة ومحدّثيهم، وكان أبرزهم الصدوق الأوّل علي بن بابويه القميّ الذي كان من رؤساء المذهب وفقهائهم الكبار. يقول عنه العلامة في الخلاصة: "شيخ القمّيين ومتقدّمهم وفقيههم وثقتهم". والابن وهو الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر، قال عنه النجاشيّ: " نزيل الريّ، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان... وله كتبٌ كثيرةٌ (عدّدها)".

دوّن الشيخ الصدوق الابن مجموعته الحديثيّة الكبيرة من لا يحضره الفقيه وهو الموسوعة الحديثيّة الجامعة الثانية التي ألّفت في الفقه في هذه الفترة بمدرسة قم والريّ. وقد حاول الصدوق في موسوعته هذه أن يجمع أبعاد الفقه وينظمّه في كتابٍ، ويجمع ما صحّ لديه من أحاديث فيه، ويجعله في متناول الفقيه، أو في متناول من لا يحضره الفقيه من العامّة حينما تعرضه مسألةٌ من المسائل، وأحصيت أحاديث الكتاب، فكانت خمسة آلاف وتسعمائة وثلاثة وستين حديثاً(5963)، وكان الكتاب فتحاً ثانياً في تدوين الحديث وجمعه بعد تأليف الكافي.



ملامح المدرسة

بلغ النشاط الفكريّ في التأليف والبحث الفقهيّ، وتدوين الأحاديث وجمعها وتنسيقها غايته في هذه الفترة، وترك لنا ثروةً ضخمةً من أهمّ ما أنتجته مدارس الفقه والحديث الشيعيّ، ونحن ذاكرون أهمّ ميّزات هذه المرحلة:

1- التوسعة في تدوين الحديث وجمعه: فقد كان تدوين الحديث قبل هذه الفترة- كما أشرنا إليه في الحديث عن العصر الثاني- لا يتجاوز التدوين الشخصيّ لما سمعه الراوي من أحاديث من الإمام مباشرةً أو بصورةٍ غير مباشرةٍ، مبعثرةً حيناً، ومنتظمةً حيناً آخر. ولم يتّفق لأحدٍ من المحدّثين والفقهاء في العصر الثاني أن يجمع ما صحّ في الأحكام من الأحاديث عن أهل البيت عليهم السلام وينظّم ذلك، كما لوحظ في (الكافي)، (ومن لا يحضره الفقيه).

وخطوة جمع الأحاديث هذه وتنظيمها تعدّ من ميّزات هذه المدرسة. فقد كثرت حاجة الفقهاء إلى مراجعة الروايات والأحاديث حين الحاجة، وكانت الأحاديث منتشرةً بصورةٍ غير منظمةٍ، من حيث التبويب والجمع، في آلاف الكتب والأصول والرسائل التي خلفها أصحاب الأئمّة ومحدّثو الشيعة. ولم يكن من اليسير بالطبع الإلمام بما ورد من أحاديث في مسألةٍ لكلّ أحدٍ، فكانت محاولة الجمع والتبويب في هذه الفترة لسدّ هذه الحاجة.

2- ظهور الرسائل الفقهيّة: ففي هذه الفترة ظهر لونٌ جديدٌ من الكتابة الفقهيّة، وهي الرسائل الجوابيّة. فقد كانت الشيعة تسأل الفقهاء من أطراف العالم الإسلاميّ ما يعرضها من المسائل بشكل استفسارٍ، فكان الفقهاء يجيبون على هذه الأسئلة، وقد يطول الجواب، ويستعرض المجيب الأحاديث الواردة في الباب، فيكون من ذلك رسالةٌ جوابيّةٌ صغيرةٌ في مسألةٍ فقهيّةٍ.

3- تطوّر البحث الفقهيّ: وقد كان لشيوع هذا النحو من الرسائل الفقهيّة دورٌ بارزٌ في تطوير البحث الفقهيّ في هذه الفترة. فكان الفقيه يدرس المسألة، وقد يلقيها على طلابه في مجلس الدرس، ويستعرض ما ورد فيها من أحاديث، فكانت نقطة انطلاقٍ للرأي والنظر.

لكن مع ذلك كان البحث الفقهيّ يقضي مراحل نموّه الأوليّة في هذه الفترة، لأنّ الرسائل الفقهيّة لم تتجاوز عرض الأحاديث من غير تعرّض للمناقشة والاحتجاج ونقد الآراء وبحثها، وتفريع فروعٍ جديدةٍ عليها. ولم يتجاوز البحث الفقهيّ في الغالب حدود الفروع الفقهيّة المذكورة في حديث أهل البيت عليهم السلام، ولم يفرغ الفقهاء بصورةٍ كاملةٍ لتفريع فروعٍ جديدةٍ للمناقشة والرأي.

4- تطوّر عبارة الفتوى الشرعيّة نسبيّاً: حيث كانت الفتاوى في الغالب عبارةً عن نصوص الأحاديث مع إسقاط الإسناد وبعض الألفاظ في بعض الحالات.
فلاحظ رسالة علي بن بابويه القميّ إلى ولده الصدوق يذكر فيها فتاواه. وما كتبه الصدوق كالمقنع والهداية. وما كتبه جعفر بن محمد بن قولويه وغيرهم من هذه الطبقة.



خلاصة الدرس

مدرسة قم والريّ:

يبتدئ هذا العصر من الغيبة الكبرى، والربع الأوّل من القرن الرابع إلى النصف الأوّل من القرن الخامس.

في هذه الفترة انتقلت حركة التدريس والكتابة والبحث إلى مدينتيّ قم والريّ، وظهر فيها شيوخٌ كبارٌ من أساتذة الفقه الشيعيّ، كان لهم الأثر الأكبر في تطويره.

أهمّ ميّزات هذه المرحلة:
1- التوسعة في تدوين الحديث وجمعه.
2- ظهور الرسائل الفقهيّة.
3- تطوّر البحث الفقهيّ.
4- تطوّر عبارة الفتوى الشرعيّة نسبيّاً.






من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي المدارس الفقهيـّة الشيعيـّة (3)
قديم بتاريخ : 19-04-2013 الساعة : 01:15 AM




المدارس الفقهيـّة الشيعيـّة (3)
بغداد و النجف




أسباب الانتقال إلى بغداد

انتقلت المدرسة من قم والريّ إلى بغداد في القرن الخامس الهجريّ، وذلك لأسبابٍ نذكر منها:

1- ضعف جهاز الحكم العباسيّ: حيث ضعفت سيطرتهم في هذه الفترة، ولم يجد الجهاز الحاكم القوة الكافية لملاحقة الشيعة والضغط عليهم، كما كان في زمن المنصور والرشيد والمتوكّل والمعتصم، فوجد فقهاء الشيعة سعةً للظهور ونشر الفقه الشيعيّ، وممارسة البحث الفقهيّ علانيةً.

2- ظهور شخصيّاتٍ فقهيةٍ كبيرةٍ: كالشيخ المفيد والسيّد المرتضى، حيث كانوا يستغلّون مكانة بيوتهم الاجتماعية، ومكاناتهم السياسية في نشر الفقه الشيعيّ وتطوير دراسته.

3- توسّع المدرسة: ممّا أدّى إلى سيطرة البويهيّين الشيعة في ذلك الوقت، وكانت البيئة الجديدة صالحةً لتقبّل هذه المدرسة، وتطويرها وخدمتها.

فبغداد تعتبر مركزاً ثقافيّاً كبيراً من مراكز الحركة العقليّة في العالم الإسلاميّ، يقطنها الآلاف من الفقهاء والمحدّثين، وينتشر في أرجائها آلاف المدارس والمكاتب والمساجد التي كان يحتشد فيها جماهير الطلاب والمدرّسين والعلماء كلّ يوم للدرس والمطالعة، والبحث والمناقشة، فكان لانتقال المدرسة إلى هذا الجوّ الفكريّ على يد علماء كبار أمثال المفيد والمرتضى والطوسيّ الأثر الكبير في الحركة الفكريّة القائمة في حينه. فبعد أن تكاملت مدرسة الفقه الشيعيّ في قم والريّ وتأصّلت، وظهرت ملامح الاستقلال عليها وتبلورت أصولها وقواعدها في بغداد، ورغم كثرة مدارس البحث الفقهيّ في بغداد في ذلك الحين، كانت مدرسة أهل البيت عليهم السلام فيها أوسعها وأضخمها وأعمقها جذوراً وأصولاً وأكثرها تأصّلا واستعداداً، وأقومها في الاستدلال والاحتجاج، وكلّ ذلك كان يبعث طلّاب الفقه على الالتفاف حول هذه المدرسة أكثر من غيرها.

أبرز علماء الشيعة في مدرسة بغداد والنجف

1- المفيد: أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الملقّب بالمفيد البغداديّ (336- 413 هـ)، ولد في عكبرا، وانتقل منها في أيّام صباه إلى بغداد بصحبة والده، ونشأ فيها، وتفرغ لطلب العلم، فعرف وهو صغيرٌ بالفضل والنبوغ. استقلّ بالتدريس في بغداد وهو بعد لم يتجاوز سنّ الشباب، وتفرّغ للفقه والكلام، وكان يحضر مجلس درسه آلاف الطلاب من الشيعة والسنّة، وبرز من تلاميذه رجالٌ كبارٌ أمثال السيّد المرتضى، والشيخ الطوسيّ، ساهموا في توسعة المدرسة وتطويرها.

يقول العلامة الحلّيّ: "من أجلّ مشائخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكلّ من تأخّر عنه استفاد منه، وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية، أوثق أهل زمانه وأعلمهم، انتهت رئاسة الإماميّة في وقته إليه، وكان حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، له قريب من مائتي مصنّف".

2- المرتضى علم الهدى( 355- 436 هـ) وأخوه الرضيّ: وهما من أبرز تلامذة الشيخ المفيد الذي عنيَ بهما عنايةً فائقة. تفرّغ المرتضى إلى الفقه بجانب تخصّصه في الأدب، وإلى جانب مؤهّلاته الفكريّة، وجهده الكبير في طلب العلم وعناية أستاذه به، ومكانة أسرته الاجتماعية والثقافيّة، لم يتوقّف عن البحث والتحقيق حتّى خلف أستاذه المفيد بعد موته، وتولّى بنفسه مهمّة التدريس، وزعامة الطائفة، واحتشد حوله الطلاب.

طوّر كثيراً من مناهج الفقه، وكتب الأصول ودرسها. وربما يصحّ اعتباره من أسبق من ارتاد هذا الحقل من حقول الفكر الإسلاميّ. وقد عدّ له السيّد الأمين { في الأعيان ما يقرب من تسعين مؤلّفاً من مؤلفاته ممّا عثر على اسمه.

3- الشيخ الطوسيّ: رئيس الطائفة وهو محمّد بن الحسن الطوسيّ (385- 460 هـ): ولد في طوس في شهر رمضان سنة 385 هـ بعد أربع سنوات من وفاة الشيخ الصدوق، وهاجر إلى العراق فهبط بغداد سنة 408 هـ وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وكانت زعامة المذهب الجعفريّ يومذاك لشيخ الأمّة المفيد، فلازمه وعكف على الاستفادة منه، حتّى اختار الله لأستاذه دار البقاء، فانتقلت زعامة الدين، ورئاسة المذهب إلى أبرز تلاميذه السيّد المرتضى، فانحاز شيخ الطائفة إليه، ولازم الحضور تحت منبره، وعني به المرتضى، وبالغ في توجيهه وتلقينه، واهتمّ به أكثر من سائر تلاميذه، وبقي ملازماً له طيلة ثلاث وعشرين سنة حتّى توفي السيد المرتضى سنة 436 هـ، فاستقلّ الشيخ الطوسيّ بالإمامة، وأصبح علماً للشيعة وناشراً للشريعة، وقد تقاطر عليه العلماء والفضلاء للتلمذة عليه، والحضور تحت منبره، وقصدوه من كلّ بلد ومكان وبلغت عدة تلاميذه ثلاثمائة من مجتهدي الشيعة.

عايش تجربة تطوير البحث الفقهيّ والأصوليّ في ظلّ أستاذيه الكبيرين( المفيد والمرتضى)، وكانت فترة مخاض، تمخّضت عنها المدرسة الفقهيّة الجديدة، وعانى ما تتطلّب هذه الفترة من جهدٍ وتعبٍ. واستمرّ بعد أستاذيه في تطوير المدرسة فكانت حياة الشيخ الطوسيّ في مرحلتي التلمذة والتدريس سلسلةً طويلةً من المحاولات التجديديّة، لتطوير الفقه وصياغته من جديدٍ، وتجديد أصول الصناعة والصياغة والاستدلال فيه.

انتقل الشيخ الطوسيّ إلى النجف الأشرف سنة 448 هـ حينما هجموا على داره واحرقوا مكتبته ومنبره. وظلّ ماسكاً بزمام زعامة الشيعة وهو في النجف، والتحق به عددٌ من الطلّاب والعلماء، والتفوا حوله لتتشكّل من ذلك مدرسةٌ جديدة قي النجف الأشرف، ما زالت قائمة إلى يومنا الحاضر، وظلّ يمارس التدريس والتأليف وتطوير مناهج الدراسة الفقهيّة اثنتي عشرة سنةً حتّى آثره الله لدار لقائه في المحرّم سنة 460 هـ.

ذكر العلامة الجليل الشيخ آغا بزرك اسماء 47 مؤلِّفاً للشيخ ممّا وصل إليه من أسماء مصنفاته.

ملامح المدرسة

لقد كان البحث الفقهيّ في مدارس المدينة والكوفة وقم، لا يخرج عن حدود استعراض السنّة، ونقل الحديث، ولم يبلغ رغم تطور المدرسة في عهودها الثلاثة مرحلة الرأي والاجتهاد. ويلمس الباحث لأوّل مرّةٍ آثار الصناعة والصياغة الفنيّة، والاجتهاد والرأي، في هاتين المدرستين، لا سيما في كتابات السيّد المرتضى الأصوليّة، وكتب الشيخ الطوسيّ الفقهيّة والأصوليّة، ولعلّ من أبرز ملامح هاتين المدرستين:

1- خروج الفقه عن الاقتصار على استعراض نصوص الكتاب: وما صحّ من السنّة إلى معالجة النصوص، واستخدام الأصول والقواعد: فقد انقلبت في هذه المدرسة عمليّة الاستنباط إلى صناعةٍ علميّة لها أصولها وقواعدها.

2- فصل البحث الأصوليّ عن البحث الفقهيّ، وإفراده بدراساتٍ ومطالعاتٍ خاصّةٍ: فقد قام السيّد المرتضى لأوّل مرّةٍ بمحاولةٍ جديدةٍ تهدف لدراسة المسائل الأصوليّة منفصلةً عن الفقه بصورةٍ موضوعيةٍ، ونقّح المسائل الأصوليّة في كتبٍ ودراساتٍ مستقلّةٍ، إلا أنّها كانت مع ذلك بدائيّةً ولم تتجاوز في غالب الأحوال مباحث الألفاظ، من الأوامر والنواهي ودلالات هيئات الألفاظ وموادها.

3- تفريع المسائل الفقهيّة واستحداث فروعٍ جديدةٍ: لم تتعرّض لها نصوص الروايات. فبعد أن كان البحث الفقهيّ لا يتجاوز حدود بيان الحكم الشرعيّ باستعراض الروايات الواردة في الباب، أخذت تُطرح وتُعالج فروع جديدةٌ لم تتعرّض لها الروايات، وربما يصحّ القول: إنّ الشيخ الطوسيّ كان أوّل من قام بهذه التجربة في كتابه المبسوط .

4- ظهور الفقه المقارن أو الفقه الخلافيّ: وذلك بعد أن تمركزت المدرسة الشيعيّة في الفقه في بغداد، وفرضت وجودها العلميّ على سائر المدارس العلميّة، ممّا أثار حفيظة أصحاب المذاهب الفقهيّة الأخرى، وأعلنوا المعارضة بوجه المدرسة، وأثاروا المسائل الخلافيّة بصورةٍ حادّةٍ، ممّا أدّى إلى اصطدام فقهاء الشيعة بفقهاء المذاهب الأخرى، في الندوات والمجالس العامّة حول المسائل الفقهيّة الخلافيّة. ومهما كانت الدوافع لإثارة هذه المسائل، فقدت أدّت إلى خصوبة البحث الفقهيّ، واتساع رقعة الخلاف بين المذاهب الإسلاميّة، وتفرّغ بالتالي فقهاء الشيعة لبحث المسائل الخلافيّة بصورةٍ موضوعيّةٍ.

ظهر هذا النوع من البحث الفقهيّ لأوّل مرّةٍ على يد المفيد والمرتضى والطوسيّ، وتوسّع الشيخ الطوسيّ بشكل خاصّ في دراسة هذا الجانب من البحث الفقهيّ في كتابه الكبير الخلاف، الذي تناول فيه المسائل الفقهيّة الشيعيّة والسنّيّة، في مختلف أبواب الفقه، وتعرّض لأدلّة كلا الطرفين، وناقش آراء المذاهب الأخرى في كثير من المسائل .

5- ظهور الإجماعات والاستدلال بها: فإنّ توسّع البحث الفقهيّ وتكامله دفع الفقهاء إلى استكشاف أدلّة جديدةً للاستنباط، في الأمور التي لم يجدوا في موردها نصّاً، أو لم يقتنعوا بسلامة النصّ من حيث السند، أو الدلالة، فوجدوا في إجماع فقهاء المذاهب عامّة، أو فقهاء الطائفة في عصر واحدٍ دليلاً على وجود نصٍّ شرعيٍّ يجوز الاعتماد عليه، إذ من غير الممكن أن يجمع فقهاء المذاهب على حكمٍ دون وجود نصٍّ عليه أو دليلٍ على سلامة الحكم. وقد ظهر الاحتجاج بالإجماع بصورةٍ واضحةٍ في كلمات السيّد المرتضى والشيخ الطوسيّ بصورةٍ خاصّةٍ. وهناك تبريرات أخرى لوجود هذه الإجماعات نوكل دراستها لمراحل أعلى إن شاء الله لمن أراد التوسّع.



خلاصة الدرس

مدرسة بغداد والنجف: انتقلت المدرسة الفقهيّة من قمّ إلى بغداد، بسبب ضعف جهاز الحكم العبّاسيّ وظهور شخصيّات فقهيّة كبيرة هناك، وتقبّل البيئة المحيطة لهذه المدرسة، ثمّ بعد ذلك إنتقلت إلى النجف الأشرف من خلال الشيخ الطوسي رضوان الله عليه.

ملامح مدرسة بغداد والنجف

1- معالجة النصوص، واستخدام الأصول والقواعد.
2- انفصال البحث الأصوليّ عن البحث الفقهيّ.
3- تفريع المسائل الفقهيّة واستحداث فروعٍ.
4- ظهور الفقه المقارن أو الفقه الخلافيّ.
5- ظهور الإجماعات والاستدلال بها.







من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 02:30 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية