|
محـــــاور عقائدي
|
رقم العضوية : 20228
|
الإنتساب : Jul 2008
|
المشاركات : 3,427
|
بمعدل : 0.58 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
خطبة الإمام علي عليه السلام في وصف المتقين .. هام لكل المؤمنين ..!!
بتاريخ : 09-12-2012 الساعة : 05:16 PM
بسمه تعالى
من خطبة له عليه السلام يصف فيها المتقين
الصفحة 193
روي أنّ صاحباً لأميرالمؤمنين عليه السلام يقال له همّامٌ كان رجلاً عابداً، فقال له: يا أميرالمؤمنين، صف لي المتقين كأني أنظر إليهم. فتثاقل عليه السلام عن جوابه، ثم قال: يا همّامُ، اتقِ اللهَ وأحْسِنْ فَـ (إنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) فلم يقنع همّامٌ بِذَلِكَ القول حتّى عزم عليه. فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال عليه السلام: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ـ خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ، لِأَنَّةُ لاَ تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ، وَلاَ تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ، وَوَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ. فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الْإِقْتِصَادُ (1) ، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ. غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ (2) عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ. نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلاَءِ كَالَّتِي نَزَلَتْ فِي الرَّخَاءِ (3) . لَوْلاَ الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ، وَخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ. عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ، فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ، وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ. قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ، وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ. صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً، تِجَارَةٌ مَرْبِحَةٌ (4) ، يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُم. أَرَادَتْهُمُ الْدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا، وَأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أُنْفُسَهُمْ مِنْهَا. أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً (5) ، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَيَسْتَثِيرُونَ (6) بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ، فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُو ا إِلَيْهَا طَمَعاً، وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً، وَظَنُّوا أنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ (7) جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا (8) فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ، فَهُمْ حَانُونَ (9) عَلَى أَوْسَاطِهِمْ ، مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ (10) وَأَكُفِّهِمْ وَرُكْبِهِمْ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ، يَطْلُبُونَ إِلَى اللهِ تَعَالِي فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ (11) . وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ، أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ، قَدْ بَرَاهُمْ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ (12) ، يَنْظُرُ إِلَيْهمُ الْنَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ، وَيَقُولُ: لَقَدْ خُولِطُوا (13) ! وَلَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ! لاَ يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ، وَلاَ يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ. فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ (14) إِذَا زُكِّيَ (15) أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي، وَرَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسي! اللَّهُمَّ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لاَ يَعْلَمُونَ. فَمِنْ عَلاَمَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِينٍ، وَحَزْماً فِي لِيٍن، وَإِيمَاناً فِي يَقِينٍ، وَحِرْصاً فِي عِلْمٍ، وَعِلْماً فِي حِلْمٍ، وَقَصْداً فِي غِنىً (16) ، وَخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ، وَتَجَمُّلاً (17) فِي فَاقَةٍ، وَصَبْراً فِي شِدَّةٍ، وَطَلَباً فِي حَلاَلٍ، وَنَشاطاً فِي هُدًى، وَتَحَرُّجاً (18) عَنْ طَمَعٍ. يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَهُوَ عَلَى وَجَلٍ، يُمْسِي وَهَمُّهُ الشُّكْرُ، وَيُصْبِحُ وَهَمُّهُ الذِّكْرُ. يَبِيتُ حَذِراً، وَيُصْبِحُ فَرِحاً، حَذِراً لَمَّا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَفَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ. إِنِ اسْتَصْعَبَتْ (19) عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيَما تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيَما تُحِبُّ. قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لاَ يَزُولُ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لاَ يَبْقَى، يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمَ، وَالْقَوْلَ بِالْعَمَلِ. تَرَاهُ قَرِيباً أَمَلُهُ، قَلِيلاً زَلَلُهُ، خَاشِعاً قَلْبُهُ، قَانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْزُوراً (20) أَكْلُهُ، سَهْلاً أَمْرُهُ، حَرِيزاً دِينُهُ (21) ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ، مَكْظُوماً غُيْظُهُ. الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ. إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ. يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَيُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ، وَيَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ. بَعِيداً فُحشُهُ (22) ، لَيِّناً قَوْلُهُ، غَائِباً مُنْكَرُهُ، حَاضِراً مَعْرُوفُهُ، مُقْبِلاً خَيْرُهُ، مُدْبِراً شَرُّهُ. فِي الزَّلاَزِلِ (23) وَقُورٌ (24) ، وَفِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ، وَفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ. لاَ يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ، وَلاَ يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ. يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ. لاَ يُضَيِّعُ مَا اسْتُحْفِظَ، وَلاَ يَنْسَى مَا ذُكِّرَ، وَلاَ يُنَابِزُ بِالْأَلْقَابِ (25) ، وَلاَ يُضَارُّ بالْجارِ، وَلاَ يَشْمَتُ بالْمَصَائِبِ، وَلاَ يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ، ولاَ يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ. إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ، وَإِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ، وَإِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتّى يَكُونَ اللهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ. نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ. أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ، وَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ. بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَنَزاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنَهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ، لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْرٍ وَعَظَمَةٍ، وَلاَ دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَخَدِيعَةٍ. قال: فصعق همّام صعقةً (26) كانت نفسُه فيها. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَهكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ البَالِغَةُ بِأَهْلِهَا؟ فقال له قائل: فما بالك يا أميرالمؤمنين؟ فقال عليه السلام: وَيْحَكَ، إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لاَ يَعْدُوهُ، وَسَبَباً لاَ يَتَجَاوَزُهُ، فَمَهْلاً، لاَ تَعُدْ لِمِثْلِهَا، فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ!
___________________________
هامش
1. ملبسهمُ الاقتصاد»ُ: يلبسون الثياب بين بين، لا هي بالثمينة جداً ولا الرخيصة جداً.
2. «غَضّوا أبصارهم»: خفضوها وغمضوها.
3. «نزّلت أنفسهم منهم بالبَلاء»: أي أنهم إذا كانوا في بلاء كانوا بالأمل في الله، كأنهم كانوا في رخاء لا يجزعون ولا يَهِنون، وإذا كانوا في رخاء كانوا من خوف الله وحذر النقمة، كأنهم في بلاء لا يبطرون ولا يتجبّرون.
4. أرْبحت التجارة: أفادت ربحاً.
5. الترتيل: التبيين والإيضاح.
6. استثار الساكنَ: هيّجه، وقارىء القرآن يستثير به الفكر الماحي للجهل.
7. زَفِير النار: صوت توقّدها.
8. شهِيق النار: الشديد من زفيرها كأنه تردد البكاء.
9. «حانُون على أوساطهم» من «حَنَيْتَ العودَ»: عَطَفْتَه، يصف هيئة ركوعهم وانحنائهم في الصلاة.
10. مُفترِشُون لجباههم: باسطون لها على الأرض.
11. فكاك الرّقاب: خلاصها.
12. القِداح ـ جمع قِدْح بالكسر ـ : وهو السهم قبل أن يُرَاش. وبَرَاه: نحَتَه، أي رقّق الخوف أجسامهم كما تُرَقَّق السهامُ بالنحت.
13. خُولط في عقله: ما زَجَهُ خَلَلٌ فيه، والأمر العظيم الذي خالط عقولهم هو الخوف الشديد من الله.
14. مشفقون: خائفون من التقصير.
15. زُكّيَ أحدهم: مدحه أحد الناس.
16. قصداً: أي اقتصاداً.
17. التجمّل: التظاهر باليسر عند الفاقة أي الفقر.
18. التحرّج: عدّ الشيء حَرجاً أي إثماً، أي تباعداً عن طمع.
19. استَصْعَبَتْ: لم تطاوعه.
20. مَنْزُوراً: قليلاً.
21. حَرِيزاً: حصيناً.
22. الفُحْش: القبيح من القول.
23. في الزلازل: الشدائد المُرْعِدة.
24. الوَقُور: الذي لا يضطرب.
25. «لاينابز بالالقاب»: لا يدعو اللقب الذي يكره ويشمئز منه.
26. صَعِقَ: غُشيَ عليه.
1. ملبسهمُ الاقتصاد»ُ: يلبسون الثياب بين بين، لا هي بالثمينة جداً ولا الرخيصة جداً.
2. «غَضّوا أبصارهم»: خفضوها وغمضوها.
3. «نزّلت أنفسهم منهم بالبَلاء»: أي أنهم إذا كانوا في بلاء كانوا بالأمل في الله، كأنهم كانوا في رخاء لا يجزعون ولا يَهِنون، وإذا كانوا في رخاء كانوا من خوف الله وحذر النقمة، كأنهم في بلاء لا يبطرون ولا يتجبّرون.
4. أرْبحت التجارة: أفادت ربحاً.
5. الترتيل: التبيين والإيضاح.
6. استثار الساكنَ: هيّجه، وقارىء القرآن يستثير به الفكر الماحي للجهل.
7. زَفِير النار: صوت توقّدها.
8. شهِيق النار: الشديد من زفيرها كأنه تردد البكاء.
9. «حانُون على أوساطهم» من «حَنَيْتَ العودَ»: عَطَفْتَه، يصف هيئة ركوعهم وانحنائهم في الصلاة.
10. مُفترِشُون لجباههم: باسطون لها على الأرض.
11. فكاك الرّقاب: خلاصها.
12. القِداح ـ جمع قِدْح بالكسر ـ : وهو السهم قبل أن يُرَاش. وبَرَاه: نحَتَه، أي رقّق الخوف أجسامهم كما تُرَقَّق السهامُ بالنحت.
13. خُولط في عقله: ما زَجَهُ خَلَلٌ فيه، والأمر العظيم الذي خالط عقولهم هو الخوف الشديد من الله.
14. مشفقون: خائفون من التقصير.
15. زُكّيَ أحدهم: مدحه أحد الناس.
16. قصداً: أي اقتصاداً.
17. التجمّل: التظاهر باليسر عند الفاقة أي الفقر.
18. التحرّج: عدّ الشيء حَرجاً أي إثماً، أي تباعداً عن طمع.
19. استَصْعَبَتْ: لم تطاوعه.
20. مَنْزُوراً: قليلاً.
21. حَرِيزاً: حصيناً.
22. الفُحْش: القبيح من القول.
23. في الزلازل: الشدائد المُرْعِدة.
24. الوَقُور: الذي لا يضطرب.
25. «لاينابز بالالقاب»: لا يدعو اللقب الذي يكره ويشمئز منه.
26. صَعِقَ: غُشيَ عليه.
|
|
|
|
|