- 14 / 4 / 2009م - 2:20 ص
صديقتي المصريّة العائدة من الدّانمرك، أخبرتني منذ أيّام بأنّ أستاذها الجامعيّ، المشرف على أطروحتها في الدّكتوراه، والدّانمركيّ أباً عن جدّ، طلب منها أن ترافقه إلى مكتبه ليعرض عليها صورة مخفيّة بين أغراضه!!
وحين أخرجها متلفّتاً حوله، متأكّداً من خلوّ الرّواق من العابرين، واجهها ذلك الجبين النّاصع، والرّوح المتّقدة عنفواناً وحبّاً وعزّة وإيماناً، طالعتها صورة سماحة السّيّد حسن نصر الله!
فاخترقَتِ الموقفَ بدمعتها المُحبّة، وانتشلتها من يديه لتقبّلها بحنوّ، ثمّ لتضعها على رأسها!!
طبعاً صدّقتها، وبدوري أخبرتها، بما عرض لي حين ذهبت لإجراء معاملة مصرفيّة في أحد البنوك في بيروت، وكان الموظّف المسؤول مسيحيّاً لبنانيّاً أباً عن جدّ..
كما يقول الصّليب المثبت على سترته، كعادة المسيحيّين في أيّام الصّوم المسيحي..
نظر إلى حجابي باحترام ومودّة، ثمّ همس: " أريد أن أريك صورة، لكن لاتخبري أحداً!!!"..
هويت ببصري معه، ليخرج من أحد أدراج مكتبه مفكّرة صغيرة.
فتح صفحتها الأولى، فكانت صورة أحد القدّيسّين: هو القدّيس شربل الّذي يتبرّك بمرآه إخوتنا المسيحيّون، وفي الصّفحة المقابلة صورة قدّيس آخر – كما قال الرّجل- صورة لسماحة السّيّد حسن نصر الله!
هل يمكن لرجل فرض مثل هذه المكانة في العالم الحرّ أجمع، حتّى سبق مبغضوه محبّيه إلى احترامه، هل يمكن إلاّ أن يثير كيد الكائدين، من أمثال الأنظمة المحنّطة بوحول السّقوط والتّردّي؟؟
*بطمأنينة الواثق تكلّم سماحته..
هو يعرفنا، يعرف شعبه الّذي لم تعد الحدود المصطنعة بقادرة على كبح امتداد موج حبّه الكبير..
يعرف أنّه لم يعد لبنانيّاً، ولاعربيّا،ً ولا شيعيّاً، ولا مسلماً فحسب..
بل هو سيّد كلّ الثّائرين ضدّ الظّلم والاستكبار في العالم كلّه..
ويعرف أنّه الصّادق والأمين..
ومن يرث من صفيّ الأنبياء محمّد هاتين الصّفتين، كانت القلوب مكانه، والاحترام والتّقدير رفيق كلّ مايفعل أو يقول..
قالها مضطراً، بعد صمت طويل، لم يسكته عنه سوى مقت الرّياء!
فأرغموه!
وصدق القائل:
وإذا أراد الله نشرَ فضيلة طويت
أتاحَ لها لسانَ حسودِ..
قالوا، وقال..
بعد أن كتم ماكتم تقرّباً إلى الله تعالى! فباحوا به!!
لأنّ الله سبحانه، أراد أن تعرف الدّنيا كلّها من يكون حزب الله «اللّبناني» في خدمة قضيّتنا الأساس، ومن كان إلى جانب إخوتنا في غزّة، ومن شاركهم في تحمّل أمطار الرّصاص المصهور، بجرأة حيدر، وقلبه وفدائه..
وتحدّي أصحاب الحسين «عليه السّلام» وأرواحهم الاستشهاديّة العظيمة.
ولم يردّ عليهم حين راحوا يتبجّحون: " إن كنت تعيب علينا صمتنا عمّا يحدث، فأخبر النّاس عمّا يمكن لك أن تفعل!!".
ورغم استفزاز التّحدّي!!
فضّل الصّمت، فتكلّموا!!
كلّنا نعرف أيضاً، أنّ للنّظام المصريّ على المقاومة ثأراً كبيراً!!
حزب الله بصدقه ووفائه وبسالته وقدرته، وتأييد الله له بالنّصر الإلهيّ، تمكّن من أن يصل إلى ماعجز عنه نظام مبارك العريق في العمالة، وبات سليل محمّد المصطفى القاهر الأكبر «دون قصد منه» لفرعون مصر الجديد، فتجدّد الصّراع التّليد بين صرح مبنيّ على شفا جرفٍ، وبين امتداد أصيل مبارك لسلالة نبويّة آثرت الآخرة على دنياها، فوعدها القرآن الكريم بالاثنتين!!
*بوقاحة مابعدها وقاحة هيّأ النّظام المصريّ التّهم لسيّد المقاومة، فاتهم نفسه!!
فهو بعد هزيمة إسرائيل على يد المقاومة في لبنان، لم يعد يرضى بأقلّ من حرب عالميّة، تلطّف من حنق الشّارع العربي، واحتقاره صورته الدّميمة الغارقة في النّذالة..
ولكنّه نظام جبان، لايملك كلفة الحرب، ولاطاقة له على خوض ميادينها، فمن له غير حرب ضروس تأتي من كلّ حدب وصوب، على أن يتكلّف هو بمدّها بالوشايات الكاذبة، والتّلفيقات الضّالّة المضلّة؟؟
فكانت قائمة غريبة عجيبة من التّهم، فيها كلّ شيء سوى التّهمة الحقيقيّة الّتي ترفع رؤوسنا جميعاً، وتزيد من رصيد المقاومة في ضمائر الشّعوب..
من يطالع قائمة التّهم المنسوبة إلى حزب الله، تلفته أكثر ماتلفته منها:
1- استهداف سفن في قناة السّويس، لدول معيّنة وأعلام معيّنة!!!
طبعاً الدّول الّتي تحكمها حكومات حمقاء وحكّام مراهقين، ينتظرون بفارغ الصّبر مثل هذه التّلفيقات والأسباب للقيام بتنفيذ الإرادة الصّهيونيّة على حساب شعبها..
مسكين حسني مبارك!!
فقد كان – المأسوف على غبائه - جورج بوش أحمقهم، فذهب مع الرّيح..
تاركاً النّظام اللاّهث خلف الفكر الفرعونيّ المحنّط في مصيبته يتخبّط!!
2- التفكير في التحضير للقيام بأعمال عدائيّة داخل الأراضي المصرية!!
وهي أوّل مرّة في العالم نسمع فيهاعن تهمة التّفكير!!!
ولانسمع عن تهمة التّكفير!!
فالتّكفير صار وسيلة ضدّ التّفكير في زمن العقل العربيّ المعطّل، والضّمير العالميّ النّائم.
ترى هل سبق لحزب الله تحديداً أن مارس هذا الدّور في أيّ بقعة من بقاع الأرض؟
أم أنّ رصيد المقاومة الإسلاميّة في الشّارع المصري بات مهدّداً فعلاً لاستمرار النّظام العميل، وبقائه؟؟
3- نشر الفكر الشيعي بدءاً من داخل حزب الله في لبنان:
هذه التّهمة – لعمري – هي من أعجب
هل بلغ الاهتراء والتّعفّن واستفحال «الزّهايمر» في دماغ النّظام المصريّ، أن بات الموضوع الطّائفي أكبر همّه؟؟
ومن تراه اليوم يملك وسيلة لردع الامتداد الثّقافي والفكري للمذاهب، والإنترنت اقتحم كلّ البيوت وكلّ العقول بلا استئذان؟
هل يحتاج حزب الله إلى أن ينشر التّشيّع كي يؤمن النّاس بعدالة قضيّة فلسطين؟
هل يظنّ النّظام المصريّ «بغباء مطلق» أنّ إخوتنا السّنّة يرضون عن انغماس رأسه في قذارة مستنقع الخيانة والعمالة إلى الأبد؟
هل يقبلون بأن يستباح الدّم الفلسطيني، فيما العلم الصّهيوني يرفرف على سفارة العدوّ في قلب القاهرة؟
وبعد انتصار غزّة، هل هناك من يمكن أن يقتنع بأنّ اللّعبة الطّائفيّة مازالت ورقة رابحة على طاولة العمالة والسّقوط؟؟
مجرّد أسئلة بسيطة، وأفكار متواضعة تنبئ بهزيمة جديدة ستدوّي قريباً لنظام ساقط، قرّر أن يحفر قبره بيديه، ويعادي قوماً هم في اعتقاد كلّ مؤمني الأرض: أحبّاء الله وأولياؤه!!
والقادرون بحول الله وقوّته على أن يكتبوا على جبين الشّمس: ولّى زمن الهزائم!!!