عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الشيخ عباس محمد
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
بتاريخ : 11-09-2017 الساعة : 06:09 PM
السؤال: روايات تدل على أن علي(عليه السلام)هو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لا يخفى ما لدلالة آية المباهلة على عظيم الفضل والمنزلة لأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين، ولكن المشككين من الوهابية لا يروقهم سماع فضيلة من فضائل أهل البيت(عليهم السلام)، ولذا تراهم ينكرون مهما استطاعوا تلك الفضائل، ومن هذا الباب محاولة البعض منهم إنكار أنّ المراد بـ(( أَنفُسَنَا )) الواردة في الآية الكريمة هو الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فهل يوجد نص نبويّ صريح وصحيح من كتب القوم يذكر أنّ الإمام عليّ(عليه السلام) هو المراد بـ(( أَنفُسَنَا ))؟
الجواب:
لقد صرح رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّ عليّاً(عليه السلام) هو كنفسه صلوات الله عليه.
ففي (مجمع الزوائد) للهيثمي: قال(صلى الله عليه وآله وسلّم): (أو لأبعثن إليكم رجلاً منّي أو كنفسي يضرب أعناقكم، ثم أخذ بيد عليّ، فقال: هذا)(1).
وفي (المصنف) للصنعاني: عن عبد الله بن حنطب، قال لرسول الله(صلى الله عليه [وآله] وسلّم) لوفد ثقيف حين جاءوا: (لتسلمنّ أو لنبعثن رجلاً منّي - أو قال: مثل نفسي - فليضرب أعناقكم، وليسبينّ ذراريكم، وليأخذنّ أموالكم)، فقال عمر: فوالله ما تمنيت الإمارة إلاّ يومئذ، جعلت أنصب صدري رجاء أن يقول: هو هذا. قال: فالتفت إلى عليّ، فأخذ بيده ثم قال: (هو هذا، هو هذا)(2).
وفي (المصنف) لابن أبي شيبة: (اللهم أنا أو كنفسي، ثم أخذ بيد عليّ)(3).
وفيه أيضاً: قال(صلى الله عليه وآله وسلّم): (أو لأبعثن إليكم رجلاً منّي أو لنفسي فليضربنّ أعناق مقاتليهم وليسبينّ ذراريهم، قال: فرأى الناس أنّه أبو بكر أو عمر، فأخذ بيد عليّ، فقال: هذا)(4)، وذكر ذلك أبو يعلى في مسنده(5)، والحاكم في (المستدرك) وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه(6).
ثم إنّ الثابت عند الفريقين أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) لم يخرج للمباهلة سوى عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وقد أشار إلى فاطمة بكلمة (( نِسَاءَنَا ))، وإلى الحسن والحسين بـ(( أَبنَاءَنَا ))، ولم يبق لعليّ(عليه السلام) سوى كلمة (( أَنفُسَنَا )).
ولا يصح أن يقال أنّ المراد بـ(( أَنفُسَنَا )) هو رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم)؛ لأنّه لا معنى لأن يدعو نفسه، بل المدعو لابد أن يكون غيره؛ إذ لا يمكن اتحاد الداعي والمدعو.
(1) مجمع الزوائد 9: 163 كتاب المناقب، باب فضائل أهل البيت.
(2) المصنف للصنعاني 11: 226 الحديث (20389).
(3) مصنف ابن أبي شيبة 7: 499 كتاب الفضائل، فضائل عليّ بن أبي طالب الحديث (30).
(4) نفس المصدر 8: 498 كتاب الفضائل، فضائل عليّ بن أبي طالب الحديث (23).
(5) مسند أبي يعلى 2: 166 من مسند عبد الرحمن بن عوف الحديث (859).
(6) المستدرك 2: 120 - 121 كتاب الجهاد، قصة فتح مكة والطائف وهجر.
السؤال: ما يمنع من إرادة نفس النبي (صلي الله عليه واله) مع نفس علي (عليه السلام) في الآية
توجد شبهة حول آية المباهلة عند المخالفين وهي: أنّ (الأنفس) جمع قلّة مضافاً إلى (نا) الدالّة على الجمع، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي تقسيم الآحاد، كما في قولنا: ((ركب القوم دوابهم)) أي ركب كلّ واحد دابته... أي أنّه يقصد أنّ (أنفس) تعني نفس النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) على حدة، ونفس عليّ(عليه السلام) على حدة... فكيف نرد عليهم؟
الجواب:
الذي يمنع من إرادة نفس النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) مع نفس عليّ(عليه السلام) في قوله تعالى: (( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم )) (آل عمران:61) مع التسليم بكونه جمع قلّة مضافاً إلى جمع، أمران:
الأوّل: دعاء الإنسان نفسه محال، إذ لا يصح من الإنسان أن يدعو نفسه وإنّما يدعو غيره.
الثاني: المجاز خلاف الأصل، إذ حسب هذه الدعوى يكون عندنا مجازان في هذه الفقرة: المجاز الأوّل استعمال (( أَنفُسَنَا )) بإطلاقه على الاثنين، والثاني في (( نَدعُ )) باستعماله في دعاء الإنسان نفسه وغيره بلفظ واحد. بينما في جعل المراد من (( أَنفُسَنَا )) عليّاً(عليه السلام) وحده مجاز واحد لا غير، وهو يلائم الاستعمال المجازي الواحد في (( أَبنَاءَنَا )) و (( نِسَاءَنَا )) في إطلاقهما على فاطمة والحسنين(عليهم السلام)، وتقليل المجاز في الكلام أولى من تكثيره في لسان البلاغة.
ويؤيد هذا المعنى المستفاد من العقل والبلاغة ما ورد في السنّة الصحيحة عن عبد الرحمن بن عوف، قال: ((افتتح رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) مكّة ثم انصرف إلى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبع ثمّ أوغل غدوة أو روحة، ثم نزلّ، ثم هجر، ثم قال: (أيّها الناس، إنّي لكم فرط، وإنّي أوصيكم بعترتي خيراً موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمنَّ الصلاة ولتؤتون الزكاة أو لأبعثنَّ عليكم رجلاً منّي أو كنفسي فليضربنَّ أعناق مقاتليهم وليسبينَّ ذراريهم), قال - عبد الرحمن بن عوف -: فرأى الناس أنّه يعني أبا بكر أو عمر، فأخذ بيد عليّ فقال: (هذا) ))(1).
(1) أنظر المستدرك على الصحيحين 2: 120 كتاب الجهاد، مصنف ابن أبي شيبة 7: 498, مسند أبي يعلى 2: 166 من مسند عبد الرحمن بن عوف، وغيرهم.
تعليق على الجواب (1)
لدي سؤال بخصوص الحديث الوارد، وهو: هل توجد روايات معتبرة غير هذه الرواية تعبّر عن الإمام علي(عليه السلام) بنفس النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
ولماذا نرى الخطاب في الرواية المذكورة في الجواب كان موجّهاً للناس مباشرة: (أيّها الناس! إنّي لكم فرط، وإنّي أوصيكم بعترتي خيراً، موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمنّ الصلاة ولتؤتونّ الزكاة أو لأبعثنَّ عليكم...).
ثم أصبح للغائب: (...فليضربنَّ أعناق مقاتليهم، وليسبينَّ ذراريهم)؟ في حين المفترض أن يكون ((فليضربنّ أعناق مقاتليكم، وليسبينّ ذراريكم))؟!
الجواب:
روى الصفّار في (بصائر الدرجات) في رواية عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال : (قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأهل الطائف: لأبعثن إليكم رجلاً كنفسي يفتح الله به ... فلمّا أصبح ودعا عليّاً(عليه السلام) فقال: اذهب بالطائف...)(1).
وروى الصدوق في (أماليه) عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: (عليّ منّي كنفسي...)(2).
وروي عن الرضا(عليه السلام) عن آبائه عن عليّ(عليه السلام): أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لعليّ في خطبة له: (يا عليّّ من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني؛ لأنّك منّي كنفسي ...)(3).
وروي عن الرضا(عليه السلام) في جوابه للعلماء في مجلس المأمون عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لينتهينّ بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلاً كنفسي)، يعني: عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)(4).
وأمّا الرواية المذكورة في الإجابة السابقة فقد نقلناها من كتب المخالفين، وهم جعلوها بضمير الغائب لإبعاد الأمر عن المخاطبين! وإلاّ فهي في كتبنا، كما في أمالي الطوسي، هكذا: (فليضربنّ أعناق مقاتليكم، وليسبينّ ذراريكم ــ فرأى أناس أنّه يعني: أبا بكر وعمر ــ وأخذ بيد عليّ، فقال: هذا هو)(5).
(1) بصائر الدرجات: 432 الباب (16) .
(2) أمالي الصدوق: 149 حديث(1) المجلس العشرون.
(3) أمالي الصدوق: 155 حديث(4) المجلس العشرون.
(4) أمالي الصدوق: 618 حديث(1) المجلس التاسع والسبعون.
(5) أمالي الطوسي: 504 حديث(11) المجلس الثامن عشر.
السؤال: هل أن قوله (أنفسكم) تجري على منوال (وأنفسنا) مقاماً ؟
في قوله تعالى: (( فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُم وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَّعنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ )) (آل عمران:61)، من المشهور لدينا نحن الشيعة الإمامية والثابت عندنا بالتواتر، وعند أبناء العامّة كذلك، أنّ مفهوم (( أَنفُسَنَا )) هو نبيّ الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) والإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وبالتالي يكون المعصومان نفساً واحدة, لكن هل يترتب الشيء ذاته على كلمة (( وأَنفُسَكُم ))؟ أي هل يكون النصارى أنفس بعضهم البعض؟
الجواب:
قولك: ((إنّ مفهوم (( أَنفُسَنَا )) هو نبيّ الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) والإمام عليّ(عليه السلام) ))، ليس صحيحاً!
لأنّ المراد من (( أَنفُسَنَا )) هو عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) فقط، وذلك لأنّ المرء لا يدعو نفسه، فقد ورد في الآية المباركة: (( فَقُل تَعَالَوا نَدعُ... وَأَنفُسَنَا ))، فكيف يجوز أن يدعو النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) نفسه؟!
أمّا ورود (( أَنفُسَنَا )) بصيغة الجمع فلأجل الإهتمام ومزيد العناية.
بينما المراد بـ(( أَنفُسَكُم )) في الآية المباركة هم النصارى الذي حضروا المباهلة مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم)، وليس المقصود شخصاً بعينه يكون بمنزلة عليّ(عليه السلام) عند القوم أو شخصين بمنزلة الرسول وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما، ولا يستفاد من هذه العبارة (( وأَنفُسَكُم )) أنّ النصارى بعضهم أنفس بعض، كما ذكرتم قياساً على ما ظننتموه في مفروض السؤال، أنّ المراد من قوله: (( وأَنفُسَنَا )) هم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ(عليه السلام).
السؤال: من المقصود بكلمة (أنفسكم)
في قوله تعالى: (( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم )) (آل عمران:61) كان عليّ(عليه السلام) نفس النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم)، وكلاهما أنموذج للعقيدة النقيّة المشروعة من الله عزّ وجلّ.
والسؤال هنا: من مثل نفس المتباهل معهم؟ بمعنى أنّنا كيف نتصوّر عقيدة فاسدة ومحرّفة ويمثلّهم شخص مغتر بهذه العقيدة اللاعقيدة إن صح التعبير؟
الجواب:
الذي تمثله كلمة (( أَنفُسَكُم )) في آية المباهلة هي تلك المجموعة، سواء أكانت شخصاً واحداً أم أكثر، التي يعتبرها كبار النصارى - باعتبار أنّ المباهلة حصلت معهم - بمثابة أنفسهم. يعني أنّ من أراد أن يجري المباهلة مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) يدعوه القرآن أن يأتي بشخص أو جماعة تماثله في المقام والمرتبة بحيث يكون بمثابة نفسه، ولعلّ سبب هكذا دعوة من الطرفين؛ هو إظهار أفضل ما عند الطرفين، الذي يعدّ بمثابة النفس دون ما لو كانت الدعوة لأراذل القوم، والتي قد يعتذر عند الفشل بأنّ هؤلاء لم يكونوا بمستوى المباهلة.
السؤال: الفرق بين (أنفسنا) و(من أنفسكم)
في عنوان (تفضيل الأئمة(عليهم السلام)/تفضيل الإمام عليّ(عليه السلام))، استدللتم بآية المباهلة بقوله تعالى: (( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم )) (آل عمران:61)، وقلتم بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) ساوى بينه وبين الإمام عليّ(عليه السلام) في هذه الآية.
ولكننا نجد في سورة التوبة: (( لَقَد جَاءكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) (التوبة:28). فهل نحن من أجل هذه الآية مساوين للرسول؟
أرجو التوضيح؛ لماذا في آية المباهلة الإمام(عليه السلام) يساوي الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم)، وفي هذه الآية لا نساويه؟
الجواب:
في مقام الجواب عدّة نقاط:
الأولى: في البدء بودنا أن نلفت نظركم أنّ قوله تعالى: (( وَأَنفُسَنَا )) بمعنى المداخلة والمساواة للأنفس لم يرد لها نظيراً في القرآن الكريم!
نعم، ما ورد في جملة من الآيات لفظ (( مِّن أَنفُسِهِم )) أو لفظ (( مِن أَنفُسِكُم )) الموهمة بالتشابه أو انطباق المعنى بينها وبين (( أَنفُسَنَا )) وجدانياً.
ونحسب أنّ هناك فرقاً بين الاثنين, بين أن يُنسب المرء لنفس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) والموحي بالمساواة والتطابق وهو المراد هنا, وبين أن يُنسب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) لنفوس الآخرين, حيث أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) في نسبتهِ للغير يتبادر إلى الذهن المساواة في السنخية من جهة الخلق والتكوين, ولذلك يصح أن يخاطب الإنسانية جمعاء بأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) من أنفسكم يعني بشراً مثلكم، ويعضده قوله تعالى: (( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثلُكُم )) (الكهف:110), وليس معنى هذا التساوي بكافة الخصائص والملكات والرتب وإن ثبت مساواته لهم من جهة السنخية.
ولا يعزب عن العاقل، أنّ المؤمنين أنفسهم لا يمكن القول بتساويهم بعضهم مع بعض, لحتمية الإختلاف بينهم, فمنهم المطيع والعاصي، والمؤمن والمنافق، والمجاهد والمتخلّف عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم)، والمخلص والمتآمر، فكيف فرض القرآن كونهم نفس واحدة!
نعم، يكون هذا مقبولاً على ما ذهبنا إليه من التساوي في السنخية والإنضمام للآدمية, فالسنخية دليل الإنضمام كما يقولون.
إذن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) مثلهم من هذه الجهة, ولكن يجب أن نعرف أنهُ مثلهم وزيادة, ولا نقصد بالزيادة الخروج عن الآدمية, وإنّما هو فوقهم من جهة الرتب والدرجات والملكات والخصائص الذي يمتنع فيها المساواة بها معهم.
وحيث يكفي أن يشير القرآن إلى آدمية النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم)، والتي يحرز فيها تحقق الإنضمام البشري والتوحّد الآدمي بين الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) والقوم الذي هو منهم، يكون قد أثبت بهذا المقدار الحجّة عليهم بأنّهم سواء معه(صلى الله عليه وآله وسلّم) من جهة الخلق، فلماذا لا يقبلوا من بشر مثلهم وليس من جنس آخر؟ ولو كان من غير سنخهم لحقّ لهم الإعتراض عليه بمقتضى إختلاف السنخية والجنس.
أمّا قوله: (( أَنفُسَنَا ))، مع وجود شخص آخر غير النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) مقصود بهذا الجمع، فمعناه؛ أنّه أي الآخر كنفس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى من جهة الخصائص والرتب العليا والممتنعة على الغير, لبداهة الفرق بين قول القائل لأهل قرية: (أنا أخوكم)، ولقوله في أحدهم: (أنه أخي)، فالسامع يفهم في الكلمة الأولى (أخوكم) فرقاً وجدانياً واضحاً عن الكلمة الثانية (أخي), إذ يتبادر إلى الذهن أنّ كلمة (أخوكم) يراد بها الأخوّة بمعناها العام, كما في قول الله تعالى: (( إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ )) (الحجرات:10), بالمقابل يتبادر إلى الذهن أنّ المراد بكلمة (أخي) الأخوة بمعناها الخاص, يعني أخوة النسب والدم واللحم والرحم وإن كان مجازاً, نظير قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم): (عليّ أخي في الدنيا والآخرة)(1)، وإذا لم نفهم هذا المعنى وندرك هذا التفريق فلا يبقى أي قيمة لقوله(صلى الله عليه وآله وسلّم): (عليّ أخي في الدنيا والآخرة), إذ كلّ المؤمنين أخوة لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) بنص القرآن باعتبار (( إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ )) والرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) داخل في مصداق الأخوة باعتبار مفهوم الإيمان.
ولا نغفل في المقام! مجيء كلمة (( أَنفُسَنَا )) بصيغة الجمع، ولا يمكن أن يكون المقصود بها نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) لامتناع دعوة الإنسان نفسه, ولا نغفل أننا ذهبنا لكون المقصود بها أمير المؤمنين(عليه السلام) لقرينة خروجه بمفردهِ مع النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلّم) للمباهلة، ولجملة الأدلة التي سنفصل بها لاحقاً.
ومن الطبيعي القول: أنّ لا أحد يقول بأنّ قوله تعالى: (( مِن أَنفُسِكُم )), تعني المساواة بين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) وباقي الناس, فللرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) امتيازات خاصة لا يبلغها أحد قط, وحتى نحن عندما نقول بأنّ عليّاً مساوٍ لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) إنّما نقصد مساواته(عليه السلام) له(صلى الله عليه وآله وسلّم) بالملكات والمراتب العليا دون النبوّة المشَرّفَة، فهي من إختصاصاته(صلى الله عليه وآله وسلّم) دون غيره من الخلق.
فهذه الآية: (( لَقَد جَاءكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) (التوبة:128)، موهمة للمستدل أنّه إن قال في آية المباهلة بالتساوي فيلزم هنا القول به أيضاً, وعليه فلا فضيلة للتساوي في المباهلة لتحققه للغير مع رسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) في آية أخرى, أو للإستدلال بأنّه لا يراد بها التساوي وإنّما يراد بها الإشتراك بنحو ما، كالجنس أو الذكورة أو الأخوة في الدين وغير ذلك ممّا لا يعني وجود فضيلة للإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في آية المباهلة، لأنّ الجميع مشتركون مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) بهذه الأنماط من الروابط, فيتحقق مراده (أي المستدلّ) من عدم المساواة في آية المباهلة.
ونحن في مقام التفريق بين مثل هذه الآية وآية المباهلة الدالة على المساواة، نسوق لك الأدلة التالية في النقاط اللاحقة مضافاً للدليل المتقدم.
الثانية: الردّ بالآيات القرآنية المباركة الموجبة للتفريق بين النفس والأهل، بحيث لا تأتي كلمة أنفسنا بمعنى أهلنا أو الأقارب، أي: الختن أو الصهر وما شابه، وإنّما تعني النفس بما هي ذات المرء وحقيقته.
فقد ورد في كتاب (نفحات الأزهار) للسيد علي الميلاني في مقام الردّ على ابن تيمية: ((لكن ماذا يقول ابن تيمية في الآيات التي وقع فيها المقابلة بين (النفس) و(الأقرباء) كما في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً )) (التحريم:6), وقوله: (( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم وَأَهلِيهِم )) (الزمر:15), فكذلك آية المباهلة، غير أنّ النفس في الآيتين المذكورتين مستعملة في نفس الإنسان على وجه الحقيقة.أما في آية المباهلة فهي مستعملة - لتعذر الحقيقة - على وجه المجاز لمن نُزّل بمنزل النفس, وهو عليّ(عليه السلام) للحديث القطعي الوارد في القضية))(2).
فلو كانت النفس تعني الأهل والأقارب لاستغنى القرآن عن ذكرهم في الآيتين واكتفى بذكر (أنفسكم) أو (أنفسهم)؛ لأنّها متضمنة لهم، أي: للأهلين.
الثالثة: الأحاديث الشريفة الموجبة لتلك المساواة بين نفس النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) المقدسة ونفس عليّ(عليه السلام) المشرفة, حيث ورد هذا المعنى في قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم):
أ - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم): (أنت منّي وأنا منك)(3).
ب - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم) في حجة الوداع: (عليّ منّي وأنا منه، لا يؤدي عنّي إلاّ أنا أو عليّ)(4).
ج - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي)(5).
د - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم) في قصة البراءة: (لا يؤدي عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي)(6)، أو: (لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه)(7).
هـ - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم) في قصة وفد ثقيف: (لَتُسلِمنّ أو لنبعثن رجلاً مني - أو قال: مثل نفسي - ليضربّن أعناقكم وليسبين ذراريكم, وليأخذن أموالكم), قال عمر: فو الله ما تمنيت الإمارة إلاّ يومئذ, فجعلت أنصُب صدري رجاء أن يقول: هو هذا, فالتفت إلى عليّ فأخذ بيده، ثم قال: (هو هذا, هو هذا)(8).
و - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم): (خلقت أنا وعليّ من نور واحد)(9).
ز - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم): (خلق الناس من أشجار شتى، خلقت أنا وعليّ من شجرةٍ واحدة)(10).
ح - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم) وقد سئل عن بعض أصحابه, فقيل: فعليّ؟! قال: (إنّما سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي)(11).
ط - قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم) لمّا قتل عليّ(عليه السلام) بوم أحد أصحاب الألوية في جواب جبريل: (إنّه منّي وأنا منه), فقال جبرائيل: وأنا منكما يا رسول الله(12).
فهذه الباقة من الأحاديث الشريفة تقرر بلا أدنى ريب أنّ نفس الإمام عليّ(عليه السلام) هي نفس نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) خلقاً وأصلاً ونوعاً وتكويناً, وهي كما نعتقد كافية في مقام تقريب المراد, كي لا يلزمنا العجب والإستغراب والإستنكار أحياناً, إذ ما سمعنا أو قرأنا بأنّ آية المباهلة دالة بوضوح على أنّ خطاب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) (( وأَنفُسَنَا )) مقصود به عليّ(عليه السلام)، وليس المقصود به نفس الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) المشرفة لما تقدم من الأدلّة.
وللدليل الظريف المنطقي الذي يذكره الشيعة في المقام والذي نجعله دليلاً برأسه، وهو:
الرابعة: استدلّ السيد المرتضى في كتاب (الشافي في الإمامة), بأنّ الإمام عليّ(عليه السلام) في الآية هو المقصود بـ(( أَنفُسَنَا )) بما يلي: ((ونحن نعلم أنّ قوله: (( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم )) لا يجوز أن يعني بالمدعو فيه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم), لأنّه هو الداعي, ولا يجوز أن يدعو الإنسان نفسه, وإنّما يصحّ أن يدعو غيره, كما لا يجوز أن يأمر نفسه وينهاها, وإذا كان قوله تعالى: (( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم )), لابد أن يكون إشارة إلى غير الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم), وجب أن يكون إشارة إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) لأنّه لا أحد يدّعي دخول غير أمير المؤمنين وغير زوجته وولديه(عليهم السلام) في المباهلة))(13).
الخامسة: من المهم أن نعلم أنّ الآية المشرفة لا تؤسس لهذه المساواة المتضمنة لها, وإنّما هي بالواقع كاشفة عنها، فنحن لا نرى في عدم ذكر الآية فقدان لهذه الخاصية الكريمة في المساواة بين نفس النبيّ الأشرف(صلى الله عليه وآله وسلّم) وبين نفس ابن عمّه ووصيّه وأخيه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام), حيث أنّ أقوال الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) وأفعاله وكلّ ما صدر منه قبال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) دال على هذه الحقيقة, إذن الآية كاشفة عن هذا الأمر، وهي دليل على وجوده لمن لا يعتقد إلاّ بإثبات من كتاب الله تعالى.
وهذه النقاط لا يمكن أن تتحقق في مثل قوله تعالى: (( لَقَد جَاءكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم )), وبالضبط في فقرة (( مِن أَنفُسِكُم ))، فهي ليست كقوله تعالى: (( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم )) لما ذكرنا من النقاط.
فإن قيل: إنّ دعوة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) لأهل بيته لا إمتياز بها؛ لأنّ العادة عند العرب قاضية بإخراج آل الرجل للمباهلة.
قلنا: إنّ هذا منتقض من جهات:
1- لماذا لم يخرج الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) من أهل بيته من هو أقرب إليه من الإمام عليّ(عليه السلام), وهو عمّه العباس, حيث العباس أقرب لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) في سلم الرحمية.
2- إنّ الأمر لو كان كذلك, إذن لماذا تساءل النصارى من النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلّم) عندما علموا أنّ الذين معه أهل بيته, قائلين: لماذا لم تخرج لنا أهل الكرامة والشارة من أصحابك(14), إذ يفترض أنّهم لا يسألون مثل هذا السؤال مع كونهم عارفين إنّه العرف (عند العرب) قائم على أخرج آل الرجل في المباهلة.
3- حديث النصارى مع بعضهم قاضي بانتقاض هذه القاعدة, أو دليل على عدم وجودها, حيث قال بعضهم لبعض: ((لو كان قد أخرج أهله لكان من الصادقين... الخ)).
ومن هنا نعرف لماذا يتساوى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ(عليه السلام) في آية المباهلة ولم يتساوى الناس مع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) في آية: (( لَقَد جَاءكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )).
(1) أنظر الجامع الصغير للسيوطي 2: 176 الحديث (558).
(2) نفحات الأزهار 20: 277 الآيات الدالّة على الإمامة.
(3) صحيح البخاري 3: 168 كتاب الصلح، المستدرك على الصحيحين 3: 120 فضائل عليّ بن أبي طالب.
(4) مسند أحمد 4: 164 حديث حبش بن جنادة السلولي.
(5) مسند أحمد 4: 437 حديث عمران بن حصين، سنن الترمذي 5: 296 الحديث (3796) مناقب عليّ بن أبي طالب.
(6) السنن الكبرى للنسائي 5: 129 الحديث (8462) ذكر توجيه النبيّ(ص) ببراءة مع عليّ، مسند أحمد 1: 3 مسند أبي بكر بلفظة (لا يبلغه).
(7) مسند أحمد 1: 331 مسند عبد الله بن العباس.
(8) المصنف لعبد الرزاق 11: 226 الحديث (2038) باب أصحاب النبيّ(ص).
(9) تذكرة الخواص 1: 320 حديث فيما خلق منه عليّ(ع).
(10) المستدرك على الصحيحين 2: 241 كتاب التفسير.
(11) الشافي في الإمامة 2: 256 الإستدلال بآية المباهلة.
(12) المعجم الكبير للطبراني 1: 318 الحديث (941).
(13) الشافي في الإمامة 2: 254 الإستدلال بآية المباهلة.
(14) إقبال الأعمال 2: 345 الباب السادس (فيما يتعلق بيوم المباهلة).
السؤال: الردّ على ما قاله السويدي في كتابه مؤتمر النجف عن آية المباهلة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمّد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
أمّا بعد، خلال تصفّحي للنت وجدت موقعاً يردّ على مذهب آل البيت(سلام الله عليهم)، وشدتني مناظرة هناك بين عالم سُنّي وعلماء كثر من الشيعة في كتاب (مؤتمر النجف)، لذا أطلب منكم أن تجيبوا عنها وتقولوا رأيكم فيها، ومدى صحّتها أو صحّة ما استدلّ به هذا العالم السُنّي.
الجواب:
لا يسعنا لضيق الوقت الاجابة عن كلّ ما ورد في كتاب (مؤتمر النجف) وبحثه بحثاً تاريخياً وسياسياً، ولعلنا نوفّق مستقبلاً للردّ عليه بكتاب خاص.
لكنّنا اخترنا الردّ على مطلب من المطالب العلمية التي ذكرت في الكتاب وهو عن آية المباهلة.
وكان اشكال السويدي على تلك الآية متمثلاً:
أوّلاً: انها من المناقب لا الفضائل.
ثانياً: سبب الاخراج كونهم من عشيرته لا الأفضلية.
ثالثاً: ان المحبة لهم من الجبلة والطبيعة للإنسان وليست هي المحبة الاختيارية.
رابعاً: ان (انفسنا) لا تدلّ على الافضلية.
خامساً: لو دلت الآية على الخلافة لدلت على خلافة الحسن والحسين وفاطمة.
وللاجابة على ذلك نقول:
1ــ الذي فهمناه من تفريقك بين المنقبة والفضيلة هو كون الأولى خصوصية في الشخص لا توجد في غيره, ولكن لا تعد هذه الخصوصية فضيلة.
فنقول: كيف فهم غيرك كونها فضيلة كما قال ذلك الفضل بن روزبهان وابن تيمية؟ هذا أوّلاً.
وثانياً: لو لم تكن هناك فوائد من اخراجهم فلا معنى لأخراجهم وان طلب التأمين منهم دليل على احتياجه لهم ومشاركتهم له في هذا الأمر العظيم.
وثالثاً: لو سلمنا انها خصوصية بمعنى ان عليّ(عليه السلام) كان من اقاربه وان عادة المباهلة اخراج الاقارب، نقول مع ذلك: هناك افضلية له هي كونه أفضل أقاربه لأنّ اخراجه مع الحسن والحسين وفاطمة دون غيرهم دليل على أفضلية هؤلاء على أقاربه، وكفى بها فضيلة.
2ــ لو كان الدافع للاخراج هو القرابة فلم لم يخرج رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من هو أقرب من ابن عمه بالنسب وهو عمه العباس. ويجيب ابن تيمية عن هذا بقوله: انه لم يكن العباس في تلك المرتبة لان يحضر مثل هذه قضية فلذا يستدلّ ابن تيمية بقوله فلذا يكون لعليّ في هذه القضية نوع فضيلة.
3ــ يكفي لإثبات المحبة لعليّ(عليه السلام) قوله تعالى: ((سَيَجْعَل لَهم الرَّحْمَن ودّاً)) (مريم:96), حيث انها نزلت في عليّ(عليه السلام). فعن ابن الحنفية في قوله تعالى ذاك قال: لا يبقى مؤمن الا وفي قلبه ود لعليّ وأهل بيته. أخرجه الحافظ السلفي. (انظر ذخائر العقبى ص89، مجمع الزوائد ج9 ص125 المعجم الكبير ج12 ص96). ولا يسعك رد محبة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعليّ(عليه السلام) إلاّ ان تقول انه ليس من المؤمنين وكيف لا يكون عليّاً(عليه السلام) محبوباً عنده وهو أحبّ الخلق إلى الله تعالى حيث قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (اللّهمّ ادخل عليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير فدخل علي). (انظر مجمع الزوائد ج9 ص126). ويكفي لأفضلية عليّ(عليه السلام) انه أحبّ من أبي بكر إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) باعتراف عائشة (انظر مجمع الزوائد ج9 ص127)، ولما اعطى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية يوم خيبر قال قبلها: (لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله)... وهذا صريح في محبته له.
4ــ الآية تدلّ على أنّ عليّ(عليه السلام) نفس رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد إحتج عليّ(عليه السلام) على أصحاب الشورى انه هل فيكم من جعله رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسه؟ فقالوا اللّهمّ َّ لا. (انظر تاريخ دمشق ج3 ص9). فعليّ(عليه السلام) نفس رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد سماه رسول الله كذلك في حديث الحوض (انظر المستدرك: 2/ 131)، ولا معنى لأنّ يكون هو ورسول الله المراد بأنفسنا لان لا معنى لدعوة الرسول لنفسه فلا بدّ ان يكون المدعو بأنفسنا غيره، ولا يمكن حمل معنى كون علي نفس رسول الله على المعنى الحقّيقي فلا بدّ إذن من حمله على أقرب المجازات وهو كونه مساوياً لرسول الله في جميع الخصوصيات إلاّ النبوّة ومن خصوصياته أنّه أفضل المخلوقات فعليّ(عليه السلام) كذلك والعقل يحكم بقبح تقدّم المفضول على الفاضل فلا بدّ إذن أن يكون مقدماً على غيره في التصدي للخلافة.
ولو قيل: ان الدعوة كان لنفس رسول الله على نحو المجاز. قلنا: أن هذا المجاز مع مجاز استعمال الاثنين وارادة منه الحجج يجعل كثرة في المجازات وتقليل المجاز أولى من تكثيره.
5ــ لم تثبت الخلافة أو الإمامة من كلّ آية المباهلة بل من قوله تعالى: (وانفسنا) هذا اولاً.
وثانياً: لا مانع من ثبوت الإمامة للبقية وهذا ما نقوله فعلا, فنقول بإمامة الحسين بعد الحسن والحسن بعد علي, أما عدم ثبوت الإمامة لفاطمة فلدليل خاص بها ويبقى لها مقام سام كونها فضلت بهذه الآية.
وثالثاً: نحن لا نقول بأنّ كلّ من ثبتت له فضيلة يكون إماماً، بل نقول لا بدّ من ان يكون الإمام هو الأفضل فإذا ثبتت الفضيلة لهؤلاء الأربعة فلا بدّ أن يكون الإمام افضلهم.
يتبع
|