العواصف الترابية (هم آخر) يضاف الى (هموم )المواطن العراقي
بتاريخ : 10-07-2009 الساعة : 09:53 AM
بغداد(أخبار العراق ) لم يجد المواطن العراقي بديلا من الغبار ليستنشقه كل يوم ، اثناء خروجه من منزله وذهابه الى عمله، حيث أصبحت العواصف الرملية طقسا يوميا معتادا عليها. في وقت اصبحت فيه هذه العواصف لايقتصر تأثيرها على مزاجيات المواطن ونفسيته فقد بل يتعدى ليشكل تهديدا كبيرا على صحة المجتمع اضافة الى المضاعفات التي قد تودي بحياة العديد من مرضى الربو والحساسية المزمنة.
الشاب وسام شأنه شأن اغلبية الشباب يرى ان بإمكانه تحمّل الغبار والاتربة لكنه يفيد" الجو المغبِر اصبح يؤثر على نفسية الناس فلا يمكنك أن تشعر بحال طبيعية فيما ترى الابنية والمحلات والمدارس والشوارع وحتى البيوت وهي مكسوّة بطبقة من الغبار لاينفع معها الغسل او الازالة"
ويرجع الباحثون أسباب العواصف الترابية في العراق الى موقع العراق الجغرافي ضمن حزام المناطق الصحراوية الجافة في جنوب غرب آسيا حيث المناخ الذي تقل فيه معدلات سقوط الأمطار، وترتفع فيه درجتا الحرارة والتبخر، ويشكل وجود جزء كبير من الصحراء الغربية أو ما يُسمى بالربع الخالي في العراق السبب الرئيس لتعرضه لعواصف ترابية.
وان الرمال التي تحملها العواصف تعتبر من أكثر المهيجات لمرضى الحساسية،حيث ان الغبارلا يشتمل فقط على حبيبات الرمل بل يحتوي على الأوساخ وحبوب اللقاح والفطريات التى تسبب استثارة اعراض الحساسية لدى المريض المصاب وتؤثر على صحة المواطن العادي.
الدكتور نبيل مسلم مدير شعبة الحساسية والربو في مديرية صحة النجف تحدث موضحاً " هناك نوعان من الغبار، المؤقت وهو الذي تهب عاصفته ضمن نطاق محدد في الزمان والمكان، والمستمر وهو الذي يبقى ملازِما للبيئة اغلب ايام السنة، وهذا له اسباب متعددة منها جفاف المناطق المحيطة واجواء التصحّر التي تزحف على المدينة وقلة تساقط الامطار بالاضافة طبعا الى البنى التحتية المتهالكة والتي تفتقر الى شبكات الصرف الصحي وتعبيد الطرق وملأ المساحات الفارغة بالاشجار او الحدائق والمتنزهات".
واضاف" عن أعداد المراجعين الذين يعانون من الامراض التنفسية قائلا، في الايام الاعتيادية تصل اعداد المراجعين الذين يعانون من مضاعفات مزمنة في الجهاز التنفسي الى اكثر من 100 شخص، واغلبهم من الاطفال"، مشيرا "وفي الايام التي تشهد عواصف ترابية، وهي كثيرة خصوصا في هذه السنة، تصل اعدادهم الى اكثر من 150 مريضا، وقد يتخلل ذلك حدوث حالتَي او ثلاث حالات وفاة".
امراض الجهاز التنفسي تحتل المرتبة الثانية كأسباب للوفاة في كربلاء!
ويبدو ان المسألة شائكة الى حد بعيد وان كانت تنتهي الى نفس النتيجة وهي الضرر الفادح بالصحة العامة، فالأستاذ لؤي صادق المختار، مدير شعبة مراقبة الهواء والتلوث الصناعي في دائرة بيئة النجف ، عزا مسألة تزايد الاتربة والغبار الى عدة اسباب منها، انخفاض العراق عن مستوى سطح البحر مما جعله محطّاً لكميات الغبار المنتقلة من الصحراء. مضيفاً ان انحسار مساحة الاراضي الزراعية بفعل الجفاف والوضع الاقتصادي السيئ فضلا عن حملات تجريف البساتين لأجل البناء عليها، قد ساهم ذلك كله بتزايد كميات الغبار والاتربة في النجف .
ووضح المختار خطورة الامر مبيناً بأن لجنة من عدة جهات في المحافظة، بعضوية دائرة البيئة، أعدَّت مؤخرا احصائية بأسباب الوفاة وكان من نتائجها، ان امراض (الجهاز التنفسي) قد حلّت بالمرتبة الثانية بعد امراض القلب التي احتلت المركز الاول، كأسباب للوفاة. مبينا ان هذا الامر شديد الخطورة ويؤكد استفحال تاثيرات الاتربة والغبار فضلا عن تلوث الهواء الذي تُحدثه معامل الطابوق والمعامل الصناعية الاخرى المحيطة بالمدينة وعوادم المولدات والمخابز والافران التي تنشر عوالق مخلَّفات الوقود المسببة للامراض السرطانية.
وفي خضم الازمة الامنية التي كان العراق يعاني منها منذ عام 2003 ، لم يكن المواطنون يبالون بمشاكل البنى التحتية المتهالكة بقدر اهتمامهم بالوضع الامني وسلامة عوائلهم، وبمرور الوقت طفت الى السطح تلك المشاكل حتى اصبحت الهمّ الاول لديهم على خلفية سعيهم المشروع للعيش الكريم في ظل خدمات بلدية مناسبة ومياه صحية واجواء نظيفة تبعد عنهم شبح الامراض والقلق والكآبة.
الحزام الاخضر.. هل هو المنقِذ؟
وصفْ الحلول لهذه المشكلة قد أخذ منحى اكثر ايجابية عند الحديث مع الاستاذ باهر غالي، مدير اعلام دائرة زراعة النجف، الذي تحدث عن مشروع (الحزام الاخضر) كمفصل فعال لتحسين بيئة البلد والتصدي لظاهرة التصحّر قائلا، ان "احاطة الصحراء مثلا لمدينة كربلاء من الجهتين الغربية والشرقية وطبيعة تربة المحافظة الهشّة والقابلة للتطاير قد جعلت منها هدفا سهلا لتراكم الرمال والغبار الذي يتطاير في اوقات متعددة من السنة، الامر الذي كانت له سلبيات متعددة الاتجاهات طالت البنى التحتية بالضرر فضلا عن الامراض الجلدية والتنفسية التي من الممكن ان تزيد مضاعفاتها في الاجواء المتربة المحملة بالغبار والبكتريا والاوساخ، ومن هنا كانت ضرورة العمل على انشاء (حزام اخضر) لغرض مكافحة التصحر وتحسين الاجواء وزيادة المساحات الخضراء التي من الممكن ان تعمل كمصدات للرياح والغبار والاتربة.
وتابع غالي موضحا مدى أهمية الحزام الاخطر في تقليل تأثير العواصف الترابية على المدن قائلا ان "مشروع الحزام في النجف وهو الاول من نوعه في المحافظة، بشكل هلالي حول مدينة كربلاء، بمسافة 27 كم طولاً و110 م عرضاً، حيث تم اعتماد نوعيات الاشجار التي تتعايش مع الظروف البيئية القاسية وكذلك تمتاز بأنها معمرة وتمد جذورها بعيدا في التربة، فكان منها النخيل والزيتون واليوكالبتوز، بمجموع اشجار وصل الى حوالي 86 ألف شجرة، تسقى من ( 55 ) بئر ارتوازي باستمعال تكنولوجيا الري بالتنقيط،كل هذا من شأنه ان يقلل من تاثير هذه العواصف ".