قال محمود : لقد أخبرني رجل من قومي عن رجل من المنافقين معروف نفاقه كانيسير مع رسول الله حيث سار , فلما كان من أمر الحجر ما كان , ودعا رسول الله حين دعا فأرسل الله السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس , أقبلنا عليه نقول : ويحك أبعد هذا شيء قال : سحابة مارة , ثم إن رسول الله سار حتى كان ببعض الطريق ضلت ناقته , فخرج أصحاب رسول الله في طلبها , وعند رسول الله رجل من أصحابه يقال له : عمارة بن حزم , وكان عقبيا بدريا وهو من بني عمرو بن مخزوم وكان في رحل يزيد بن نصيب القينقاعي وكان منافقا , فقال يزيد وهو في رحل عمارة وعمارة عند النبي عليه السلام : أليس محمد يزعم أنه نبي
محلى ابن حزم - المجلد السادس/الصفحة الحادية والستون
قال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا إذا ؟ قال: إني رسول الله، ولست أعصيه وهو ناصري، قلت: ألست تحدثنا أنا سنأتي البيت، فنطوف به؟ قال: بلى، قال: فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا قال: فإنك آتيه ومتطوف به; قال: ثم أتيت أبا بكر، فقلت: أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا إذا؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله، وليس يعصي ربه، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق; قلت: أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قال: لا قال: فإنك آتيه ومتطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا فلما فرغ من قصته،
(22/246)
جامع البيان في تأويل القرآن
المؤلف : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري،
فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ،وثب عمر بن الخطاب ، فأتى أبا بكر ، - ص 317 - فقال : يا أبا بكر ، أليس برسول الله ؟ قال : بلى ، قال : أو لسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى ؛ قال : أو ليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى ؛ قال : فعلام نعطى الدنية في ديننا ؟ قال أبو بكر : يا عمر ، الزم غرزه ، فأني أشهد أنه رسول الله ؛ قال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ألست برسول الله ؟ قال : بلى ؛ قال : أو لسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى ؛ قال : أو ليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى ؛ قال : فعلام نعطى الدنية في ديننا ؟ قال : أنا عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ، ولن يضيعني قال : فكان عمر يقول : ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق ، من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به ، حتى رجوت أن يكون خيرا .