بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
عمر الرضيع بعمر رحلة الإمام الحسين (ع)
اي شخصية في العالم لو اريد الكتابة عنها لاهميتها فاننا لا بد من ان نذكر اقوالها اعمالها نتاجاتها مواقفها تاثيرها على مجتمعها حتى تكون الكتابة ذات هدف.
لو قيل لنا اكتبوا عن عبد الله ابن الحسين عليه السلام الذي عمره ستة اشهر ؟ بهذا العمر لا يمكن ان يكون له تاريخ الا اذا رافق مولده اعجازات تحدث عنها التاريخ، ولكن لو علمنا انه قتل في الطف بسهم غادر من حقير فاجر وهو في حضن ابيه.
هنا ستثار الاسئلة عن الكيف والسبب، ومن مقتله يمكن لنا الحديث عنه والتطرق الى ما لم يتطرق اليه احد قبلي.
هل تعلمون ان عمر الرضيع الشهيد هو بعمر رحلة الحسين عليه السلام من المدينة منذ ان رفض بيعة الفاسق يزيد الى ساعة استشهاده في عاشوراء.
حيث بويع ليزيد بالخلافة في بداية رجب وولد عبد الله الرضيع في 11 رجب وخرج الحسين عليه السلام من المدينة منتصف رجب وبدأت رحلة الطف.
أُم تتحمل عناء السفر ومعها وليدها الذي ولدته قبل يوم او يومين من سفرالحسين عليه السلام، اي مصاعب تحملها الحسين عليه السلام وهو يرى زوجته الرباب بنت امرؤ القيس وهي تصارع الالم وتحتضن طفلها خشية عليه من الطوارئ ولا تعلم انها تسير صوب حتفه، رحلة الحسين عليه السلام استغرقت 175 يوم وعمر الرضيع ستة اشهر.
كل الذين استشهدوا في الطف حملوا السيف الا الرضيع ماذا حمل ؟ حمل شهادة على قوم تدينهم عند مليك مقتدر، والذي هو العلامة البارزة والدلالة الفارزة على خبث وحقد ولؤم يزيد واتباعه. ولو روينا قصة استشهاده فأي عين لا تدمع وأي قلب لا ينفطر لهذا المشهد المروع، وهذه قصة استشهاده:
صاح الحسين عليه السلام: أيها الناس، فَاشْرَأَبَّتْ الأعناق نحوه، فقال ( عليه السلام ):
أيُّها الناس، إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار وهو يحمل الرضيع بيده.
فاختلف القوم فيما بينهم، فمنهم من قال: لا تسقوه، ومنهم من قال: أُسقوه، ومنهم من قال: لا تُبقُوا لأهل هذا البيت باقية.
عندها إلتفت عُمَر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي ( لعنه الله ) وقال له: يا حرملة، إقطع نزاع القوم.
يقول حرملة: فهمت كلام الأمير، فَسَدَّدتُ السهم في كبد القوس، وصرت أنتظر أين أرميه.
فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل، وهي تلمع على عضد أبيه الحسين (عليه السلام ) كأنها إبريق فِضَّة.
فعندها رميتُهُ بالسهم، فلما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، وكان الرضيع مغمىً عليه من شدة الظمأ، فلما أحس بحرارة السهم رفع يديه من تحت قِماطِهِ واعتنق أباه الحسين (عليه السلام )، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح، فَيَالَهَا من مصيبة عظيمة
وعندئذٍ وضع الحسين ( عليه السلام ) يده تحت نَحرِ الرضيع حتى امتلأت دماً، ورمى بها نحو السماء قائلا:
اللَّهم لا يَكُن عليك أَهْوَنُ مِن فَصِيلِ نَاقةِ صَالح، فعندها لم تقع قطرة واحدة من تلك الدماء المباركة إلى الأرض، ثم عاد به الحسين ( عليه السلام ) إلى المخيم.
اي جريمة هذه؟... اي خسة هذه؟... اي دموع تفي حق هذه الماساة ؟!!
ان الحرقة التي سببها هذا اللعين حرملة بقيت في صدر الامام السجاد عليه السلام حتى انه لما علم بثورة المختار سال السجاد عليه السلام عن راس حرملة فيروي المنهال أنّه لما أراد الخروج من مكّة بعد واقعة الطف بسنوات، التقى هناك بالإمام السجاد. وسأله الإمام السجاد عليه السلام عن حرملة، فقال: هو حي بالكوفة، فرفع الإمام يديه وقال: "اللّهّم أذقه حرّ الحديد، اللّهمّ أذقه حرّ النار". ولما قدم المنهال إلى الكوفة قصد المختار، وبينما هو عنده إذ جاءه بحرملة، فأمر بقطع يديه ورجليه ثمّ رميه في النار.
فأخبره المنهال بدعاء زين العابدين على حرملة. فابتهج المختار كثيراً لأن إجابة دعوة الإمام السجاد تحقّقت على يده(سفينة البحار 1: 246، إثبات الهداة 5: 229).
وعندما علم بذلك الامام السجاد قيل لاحت لاول مرة على شفتاه ابتسامة شكرلله عز وجل حيث اطفات بعض الالم المخزون في صدره من واقعة الطف ومن ثم دعا للمختار رضوان الله تعالى عليه.
هذه الرواية تظهر حجم الالم الذي خلفه مقتل الطفل الرضيع عليه السلام والذي ليس له اخ من امه سوى سكينة وما ادراك ما سكينة التي عاشت 75 سنة قضتها في العبادة والصوم وقراءة القران.
طفل استشهد فتحيى له الذكرى ويحفظ له التاريخ قصة استشهاده ويكون دمه الوحيد الذي صعد الى السماء من كف الحسين ولم ينزل الارض ليبقى الشاهد يوم المحشر على قوم يزيد واتباعه من الاولين والاخرين، وله مرقد في حضن ابيه، هذا هو الرضيع، وهنا اسال اين حرملة ؟ اين عمرو بن سعد ؟ اين ابن زياد ؟ اين يزيد ؟ انه الحكم الالهي في تخليد عترة المصطفى (ص) واذلال قاتليهم في الدنيا واثناء موتهم وبعد موتهم ويوم محشرهم.