صديقان (أحدهما شيعياً والأخر سنياً) الروح بالروح وزميلان في الدراسة لا يفترقان من أيام الابتدائية إلى المتوسطة إلى المرحلة الثانوية وهي مرحلة النضج والعقلانية والتفكر ، كل واحد منهما يريد الخير لصاحبه ويريد له الهداية إلى طريقته هما يعيشان في منطقة الأحساء حيث الاختلاط بين السنة والشيعة ففي بعض الأحياء تجد بيتاً سنياً بجانبه بيتاً شيعياً وهم يعيشون في محبة وسلام بحيث لا يثار النقاش العقائدي حيث يعيشون على الحكمة (لكم دينكم ولي دين)
أما بطل قصتنا ذلك الشاب السني وصل به الحال مع صديقه الشيعي حيث أراد له الهداية (على حسب اعتقاده) فذات يوم جلس الصديقان لوحدهما فانتهز السني الفرصة وفتح نقاش (السنة والشيعة) وجاء الحديث التالي (السني : س ، الشيعي : ش)
س : صديقي وعزيزي يشهد الله أني احبك في الله ونحن لم نفترق منذ كنا في الابتدائية ونحن الآن في المرحلة الثانوية وأسأل الله أن لا يفرق بيننا إلا الموت وحتى بعد الموت لا نريد الافتراق ولكن كيف ؟ فحسب اعتقادي واعتقادك بأن أحدنا على هداية والآخر على ظلال وذلك استناداً إلى حديث رسول الله المعتمد عندنا وعندكم (ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعون فرقة كلهم في النار إلا واحدة في الجنة) والكل منا يعتقد أن فرقته هي الفرقة الناجية ، فإما أن تهديني إلى سبيلك أو أهديك إلى سبيلي .
ش : (فرحاً ومغتبطاً بهذه المبادرة الطيبة) نعم أنت أخي وصديقي ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتعقل والحوار الهادف وترك التعصب جانباً .
س : ولكن من منا على الحق
ش : لمعرفة ذلك عندي فكرة أرجو أن تنال اعجابك
س : بسرعة ما هي
ش : أن أختار لك مسجداً من مساجدكم السنية ونصلي فيه على أني واحد منكم وبعد الصلاة تقدمني إلى إمام المسجد وتقول له هذا صديقي وعنده بعض الأسئلة وسوف أقوم بسؤاله عدة أسئلة فإذا استطاع الاجابة عن كل أسئلتي بكل روية وبدون أي عصبية سوف أعلن تسنني ، والعكس عليك أن تختار أي مسجد من مساجد الشيعة ونصلي فيه على أنك واحد مننا وبعد الصلاة سوف أقدمك إلى إمام المسجد وعليك بسؤاله أي سؤال يخطر ببالك فإذا أقنعك بحجته عندها لا أجبرك بالتشيع بل تفكر بكل عقلانية
س : إنها حقاً فكرة جيدة ، أيش رايك نجتمع اليوم بعد صلاة المغرب
ش : ما عندي مانع حيث نصلي العشاء في مسجدكم وبعدها ثاني يوم نصلي المغرب في مسجدنا
س : ماشي الحال
اجتمع الصديقان في الوقت المحدد وذهبا مع أذان العشاء إلى جامع كبير اسمه جامع أم القرى في نفس الحي وبعد انقضاء الصلاة تقدما إلى إمام المسجد وبعد التحية قام الصديق الشيعي بسؤال الشيخ السني وجاء هذا الحوار :
ش : عندي عدة أسئلة يا شيخ أرجو الإيضاح من سماحتكم
الشيخ : تفضل
ش : ماذا تقول في حديث الغدير
الشيخ : أي غدير عفاك الله
ش : غدير خم يا شيخ
الشيخ : ما سمعت فيه
ش : غدير خم عندما رجع الرسول من حجة الوداع وفي الطريق أقام الرسول ومعه الصحابة قرابة مائة وعشرون ألف صحابي في مكان اسمه غدير خم ..
الشيخ : مقاطعاً - هذا كلام الروافض ونحن لا نعتد به
ش : هذا ليس كلام الروافض وحدهم بل معظم كتب السنة سجلوا تلك الحادثة
الشيخ : مقاطعاً - هذا كله تلفيق على كتبنا وعلمائنا من الروافض وأنصحك بأن لا تقرأ الكتب القديمة
ش : لم تطبع تلك الكتب إلا لقراءتها والاستفادة منها
الشيخ : - بدأ يشيط غضباً - لا تجادل جزاك الله خير وخذ دينك من معلميك في المدرسة وبس
ش : يعني يا شيخ ...
الشيخ : مقاطعاً - خلاص خذت من وقتي الكثير وانصحك بأن لا تجالس الروافض ولا تكلمهم وتجنبهم ما استطعت لذلك سبيلا
بهذه الكلمات انتهت تلك المقابلة والأخ السني جالساً وكأن على رأسه الطير لا يحير جواباً مندهشاً مما حدث بينما على ابتسامة الرضا على محيا وجه الأخ الشيعي قائلاً لصديقه موعدنا غداً .
ذهب الأخ السني إلى فراشه وقد جفا النوم عينه وصورة الشيخ المهزوم لا تفارق خياله وفي المقابل وفي المقابل ابتسامة النصر على وجه صديقه الشيعي ، يالها من ليلة قضاها الأخ السني
الأخ السني ظل يتململ على فراش النوم والهواجس توديه وتجيبه (كان وقتها ليلة خميس) قال في نفسه بكره الخميس يعني ما فيه مدرسه يعني ما راح أشوف صديقي الشيعي ومن هنا إلى يوم السبت يحله الحلال (شكله يبغى يتهرب من الموعد) .
أما أخينا الشيعي فقد كان ينتظر الموعد على أحر من الجمر (الموعد للتذكير هو وقت صلاة المغرب) أنتظر صديقه فلم يأتي (باقي دقائق على أذان المغرب) دق عليه جوال ولم يرد (أصابه القلق على صديقه وخاف عليه أن أصابه أي مكروه) تعوذ من أبليس وذهب إلى المسجد لوحده واحتراماً لبيت الله تم وضع الجوال (الموبايل) على الوضع الصامت ، وعند خروجه أراد أن يمطئن على صديقه وتفاجأ بأن وجد مكالمة فائته بأسم صديقه (تهلل وجهه فرحاً) وبسرعة البرق أعاد الاتصال على صديقه وجرى بينهم هذا الحوار :
- الهاتف يرن - الأخ السني يرد بتباطئ
س : ألو
ش : السلام عليكم أخي هل أنت بخير
س : وعليكم السلام نعم أنا بخير
ش : إذا ماذا حدث يا صديقي ؟؟
س : بصراحة أصابني شيء من الخوف
ش : لماذا ؟
س : أنت تعرف بأني لم أدخل في حياتي أي مسجد للشيعة وأخاف من الارتباك و...
ش : أنا ذهبت معك إلى مسجدكم ولم أخاف ولم أرتبك
س : صحيح بس أنت متعود على الصلاة مع السنة وخاصة في المدرسة كل يوم نصلي صلاة الظهر في المدرسة صلاة سنية وانت معتاد على هذه الأجواء عكس وضعي
ش : (متفهماً موقف صديقه) لا عليك صديقي سوف أتي إليك وأشرح لك كيفية صلاة الشيعة وكيفية وضوئهم
س : (متردد) طيب خلي اللقاء في المدرسة أحسن
ش : بصراحة ما أقدر أصبر إلى يوم السبت ، فإما تأتي إلي أو أتي اليك
س : طيب أنا سوف أتي إليك
ش : الآن
س : لا بعد صلاة العشاء
ش : ما شي الحال ، انتظرك
انتهت المكالمة ، والأخ السني ذهب إلى المسجد (المسجد السني) لأداء صلاة العشاء وباله مشغول ، وبعد الصلاة تقدم إلى إمام الجماعة وسلم عليه وقال له يا شيخ أنا عندي صديق شيعي
وبمجرد أن سمع الشيخ كلمة (شيعي) تغير وجه وقاطع الشاب قائلاً : لا يا ولدي هذا ليس صديق بل عدو لأن الروافض يكرهون أهل السنة وأصحاب الرسول وهم إلى الشرك أقرب من الإسلام (وظل يشنع على الشيعة لكي يشفي غليل حقده الدفين) فقال له الشاب : ولكن صديقي شاب متفهم وأنا أبغي له الهداية وأريدك تساعدني على ذلك .
الشيخ : هؤلاء الروافض من المستحيل أن يتغيروا وهم كالأفاعي فالحية يا ولدي جميلة المنظر بينما تخبئ السم الزعاف في فمها ، وسوف يسحرك بمعسول كلامه فلا أنصحك بمصادقة أحد من الروافض
الشاب يقوم من الشيخ وهو أكثر ذهولاً وشروداً (هذا ثاني شخص يقول بأن الشيعة سحره ، ولماذا يحذروننا بشدة من الاقتراب من الشيعة وكأنهم خطر)
ذهب الشاب السني إلى البيت وصمم بأن لا يذهب مع صديقه الشيعي في أي مكان بل وصمم على مقاطعة صديقه ولكن بالتدرج ، وعندما ذهب إلى النوم هجمت عليه الهواجس من جديد ، قام وتوضأ وأمسك بالقرآن الكريم لكي تهدأ نفسه ويرتاح باله (سبحان الله : فتح المصحف الشريف على آية الوفاء بالوعد) فقال في نفسه لقد وعدت صديقي بأن أذهب معه إلى مسجدهم وعلي أن أفي بوعدي ، فأمسك بالجوال ودق على صديقه الشيعي وجاء هذا الحوار :
س : السلام عليكم
ش : وعليكم السلام - غريبه لم تنم إلى الآن (كان الوقت شتاء وليالي الشتاء طويلة والساعة الآن الحادية عشر)
س : يبدو أني أزعجتك
ش : بالعكس الليلة الجمعه وأنا معتاد السهر ليالي الخميس والجمعه
س : بصراحة حاولت أنام ولم استطع
ش : طيب تعال عندي
س : ولكن الوقت متأخر
ش : بالعكس نحن كل ليلة جمعه نجتمع ونقرأ دعاء كميل قبل وجبة العشاء (هذه عادة معظم شيعة الأحساء) ولا يزال أبناء عمي وأبناء خالي موجودين
س : طيب أنا جاي
مسافة السكة يصل الأخ السني بيت الأخ الشيعي والشاب الشيعي واثنين من أبناء عمه وابن خاله خرجوا لاستقبال ضيفهم بكل ترحاب
وعندما استقر بهم المجلس وقدموا له الشاي والقهوة ، وقع نظر الشاب السني على منضدة في زاوية المجلس تحتوي مجموعة من الكتب ، فسأل صديقه أيش هذا دعاء كميل اللي قلت عليه من شوي (وفي باله بأن هؤلاء الشيعة عندهم بدع ما أنزل الله بها من سلطان)
فقام الشاب الشيعي وأتى بكتيب يحتوي عدة أدعية مأثورة وفتح الصفحة على دعاء كميل وناوله صديقه قائلاً هذا دعاء لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب علمه لأحد أصحابه اسمه كميل بن زياد وهو مشهور عندنا بدعاء كميل .
فتأمل الشاب السني هذه الكلمات :
(اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء وبقوتك التي قهرت بها كل شيء وخضع لها كل شيء وذلّ لها كل شيء وبجبروتك التي غلبت بها كل شيء وبعزتك التي لا يقوم لها شيء وبعظمتك التي ملأت كل شيء وبسلطانك الذي علا كل شيء وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء وبأسمائك التي ملأت أركان كل شيء وبعلمك الذي أحاط بكل شيء وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء يا نور يا قدوس يا أول الأولين ويا آخر الآخرين، اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته وكل خطيئة أخطأتها)
لم يدري إلا ودموعه تجري (يا لها من كلمات هزت كيانه) لم أرى طيلة حياتي مثل هذا الدعاء ما هذه الكلمات القوية لماذا لا يوجد عندنا أدعية بهذا الشكل وأنا كنت اظنها كلمات بدعية وشركية وإذا بها كلمات توحيد لله وتضرع وتذلل له سبحانه وتعالى .
وجد الأخ الشيعي صديقه وكأنه وجد كنزاً ثميناً (وبالفعل هو كنز لا يقدر بثمن) فقال له يمكنك الاحتفاظ بهذا الكتيب ، وأي كتاب تريد تحت أمرك .
فرد عليه مستبشراً ، أتمنى أن أخذه ولكن أنتم تحتاجون إليه . فقال له صديقه لا تخف معظم هذه الأدعية نحفظها عن ظهر غيب (فزادت دهشة الأخ السني) طيب أنا استأذن ، فعرف الأخ الشيعي بأن صديقه يريد الاختلاء بهذا الكتيب فسمح له بالانصراف .
عند وصول الأخ السني إلى غرفته فتح الكتاب على دعاء الصباح فأدهشته فصاحة أمير المؤمنين وخاصة المقطع الأول من الدعاء وهو
"
" اذا عجبتكم بكملها