ترك المشاغل والذهاب لزيارة الحسين (عليه السلام) مشياً على الأقدام
بتاريخ : 27-03-2015 الساعة : 06:48 AM
السؤال:
هل من الضروريّ أن أترك كلّ مشاغل الحياة لأذهب ماشياً إلى زيارة الحسين (عليه السلام)؟
الإجابة:
لا شكّ أن زيارة الحسين (صلوات الله عليه) من أعظم الأعمال والقُربات، وأنّ لزائر الحسين (عليه السلام) من الدرجات عند الله تعالى ما لا تُنال إلّا بالزيارة، وأنّ الزيارة وما شابهها من الأعمال هي مصداق أتمّ للغاية التي خُلق من أجلها الإنسان وأُنشئ هذه النشأة، فقد قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (سورة الذاريات: ٥٦).
وقد وردت العديد من الروايات الحاثّة على زيارة الحسين (عليه السلام) مشياً، منها:
• عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حسين، مَن خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، إن كان ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حسنة ومحى عنه سيّئة، حتّى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتّى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتّى إذا أراد الانصراف أتاه ملَكٌ فقال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل، فقد غفر لك ما مضى» (كامل الزيارات لابن قولويه: ٢٥٣ ح ٣٧٨، المزار للمفيد: ٣٠ الباب ١١ ح ١، تهذيب الأحكام للطوسي: ٦ / ٤٣ ح ٨٩).
• وعن بشير الدهّان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ الرجل لَيخرج إلى قبر الحسين (عليه السلام)، فله إذا خرج من أهله بأوّل خطوةٍ مغفرة ذنوبه، ثمّ لم يزل يقدَّس بكلّ خطوةٍ حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله تعالى فقال: عبدي، سَلْني أُعطِك، ادعُني أُجِبْك، أُطلُب منّي أُعطِك، سَلْني حاجةً أقضِها لك». قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «وحقّ على الله أن يعطي ما بذل» (كامل الزيارات: ٢٥٣ ح ٣٧٩، ثواب الأعمال للصدوق: ٩١، المزار للمفيد: ٣١ الباب ١١ ح ٢).
• وعن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ لله ملائكةً موكَّلين بقبر الحسين (عليه السلام)، فإذا همّ بزيارته الرجل أعطاهم الله ذنوبه، فإذا خطا محوها، ثمّ إذا خطا ضاعفوا له حسناته، فما تزال حسناته تضاعَف حتّى توجب له الجنّة، ثم اكتنفوه وقدّسوه، وينادون ملائكة السماء أن قدِّسوا زوّار حبيب حبيب الله، فإذا اغتسلوا ناداهم محمّد (صلّى الله عليه وآله): يا وفد الله، أبشِروا بمرافقتي في الجنّة. ثمّ ناداهم أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا ضامنٌ لقضاء حوائجكم ودفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة. ثمّ التقاهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله) عن أيمانهم وعن شمائلهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم» (كامل الزيارات: ٢٥٤ ح ٣٨٠، ثواب الأعمال: ٩١، تهذيب الأحكام: ٦ / ٥٣ ح ١٢٦).
• وعن عليّ بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يا علي، زُر الحسين ولا تدعه». قال: قلت: ما لمَن أتاه من الثواب؟ قال: «مَن أتاه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حسنة، ومحى عنه سيّئة، ورفع له درجة، فإذا أتاه وكّل الله به ملَكين يكتبان ما خرج من فِيه مِن خيرٍ ولا يكتبان ما يخرج مِن فِيه من شرٍّ ولا غير ذلك، فإذا انصرف ودّعوه وقالوا: يا وليّ الله، مغفوراً لك، أنت من حزب الله وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله، والله لا ترى النار بعينك أبداً ولا تراك ولا تطعمك أبداً» (كامل الزيارات: ٢٥٥ ح ٣٨٣ ـ عنه: بحار الأنوار للمجلسي: ١٠١ / ٢٤ ح ٢٤).
• وعن أبي سعيد القاضي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في غريفةٍ له وعنده مرازم، فسمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «مَن أتى قبر الحسين (عليه السلام) ماشياً، كتب الله له بكلّ قدمٍ يرفعها ويضعها عتق رقبةٍ مِن وُلد إسماعيل، ومَن أتاه في سفينةٍ فكُفأت بهم سفينتهم، نادى منادٍ من السماء: طبتم وطابت لكم الجنّة» (كامل الزيارات: ٢٥٧ ح ٣٨٦).
• وعن رفاعة النخّاس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أخبرني أبي أنّ مَن خرج إلى قبر الحسين (عليه السلام) عارفاً بحقّه غير مستكبر وبلغ الفرات ووقع في الماء وخرج من الماء، كان مثل الّذي يخرج من الذنوب، وإذا مشى إلى الحسين (عليه السلام) فرفع قدماً ووضع أُخرى، كتب الله له عشر حسناتٍ ومحا عنه عشر سيّئات» (تهذيب الأحكام: ٦ / ٥٢ ح ١٢٥).
• وعن عاصم بن حميد الحنّاط قال: سألت جعفر بن محمّد عن زيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فقال: «يا عاصم، مَن زار قبر الحسين وهو مغموم أذهب الله غمّه، ومن زاره وهو فقير أذهب الله فقره، ومَن كانت به عاهة فدعا الله أن يُذهِبها عنه أذهبها عنه، واستُجيبت دعوته وفُرّج همّه وغمّه، فلا تدع أن تأتيه، فإنّك كلّما أتيته كتب لك بكلّ خطوةٍ تخطوها عشر حسنات، ومحا عنك عشر سيّئات، وكتب لك ثواب شهيد في سبيل الله أُهريق دمه، فإيّاك أن تفوتك زيارته» (فضل زيارة الحسين (عليه السلام) للشجري: ٤٦ ح ٤٦).
• وعن عبد الله بن الحسن قال: مَن زار قبر الحسين (عليه السلام) لا يريد به الّا الله، فتفطّرت قدماه في ذهابه إليه، كان كمن تفطّرت قدماه في سبيل الله (فضل زيارة الحسين (عليه السلام): ٦٨ ح ٥٢).
فإذا كان لزيارة الحسين (صلوات الله عليه) هذا الفضل والثواب والأجر العظيم، وهذه الآثار المادّية والمعنويّة العديدة والعظيمة، فما هي قيمة المشاغل الأُخرى وسائر الملهيات في الدنيا؟!!
ولا يسعنا في المقام هنا إلّا أن نقول: هنيئاً لمن اتّجه ماشياً لزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، تاركاً كلّ مشاغل الدنيا متّجهاً نحو القبر الطاهر الزاكي، ليكون مشمولاً بدعاء الإمام الصادق (عليه السلام)، إذ ورد قائلاً:
«اللّهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم على خروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافاً منهم على مَن خالفنا، فارحم تلك الوجوه الّتي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الوجوه الّتي تتقلّب على حُفرة أبي عبد الله، وارحم تلك الأعين الّتي خرجت دموعها رحمةً لنا، وارحم تلك القلوب الّتي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة الّتي كانت لنا، اللّهمّ إنّي أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتّى نوافيهم على الحوض يوم العطش» (بحار الأنوار: ١٠١ / ٥٢ ح ١ ـ عن: كامل الزيارات).