المعرفة أصل المحبة... نفحات من أريج الغدير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين، أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، ثم اللعن الدّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [1] .
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
قال الرسول الأعظم محمد ص : «ما لي إذا ذُكر آل إبراهيم ع تهلَّلت وجوهُكم، وإذا ذُكر آل محمد ص كأنما يُفقأ في وجوهكم حبُّ الرمان، فوَالذي بعثني بالحق نبياً، لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمالٍ كأمثال الجبال، ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب، لأكبه الله عز وجل في النار» [2] .
وفي الحديث الشريف: «رحم الله امرءً أعدّ لنفسه، واستعدّ لرمسه، وعلم من أين وفي أين وإلى أين» [3] .
المعرفة أصل المحبة:
المعرفة هي الأصل في المحبة، فمتى ما عرف الإنسان، تجلى مظهر تلك المعرفة في فروض محبته، وبقدر ما يتعمق الإنسان في المعرفة بقدر ما تأخذ المحبة مساحتها الأكبر من وجدانه، مما يترتب عليه إشراقاً على المشهد من حوله، لذلك ليس في القيامة فقط يُحشر شيعة علي ع على منابر من نور مبيضة وجوههم، إنما في الدنيا أيضاً يعرفون بسيماهم في وجوههم، وهو أثر نورانية الولاية لعلي وآل علي ع .
إن المعرفة تعني الكثير، فهي تعني الاستقامة والوصول إلى الهدف، وحب الخير للآخرين. هكذا علمنا أهل بيت النبوة ع .
وبمثال بسيط تقريبي أن كلاً منا له أصدقاء، والمحبة بين الأصدقاء تبنى على أساس من المعرفة بذوات أولئك الأصدقاء، وكلما تعمقنا ووصلنا إلى نتائج مرضية أكبر، بقدر ما نعيش حباً من نوع خاص أكثر لهؤلاء الأصدقاء، وعلى العكس من ذلك بقدر ما تتكشف لنا نقاط السلب والضعف والنقص، بقدر ما يقل النصيب، أو تقل النسبة في المحبة المضافة والمفاضة على تلك الرابطة المقدسة بيننا وبين الأصدقاء.
وحيث إن أهل البيت ع كمال في كمال، لأن من أفاض عليهم الكمال هو رب الكمال جلت قدرته، فما يترتب على المعرفة هو أن نستكشف عالماً بعد عالم من عوالمِ ما هم عليه من الكمال. وبطبيعة الحال نحن بحاجة إلى من يرشدنا ويأخذ بأيدينا ويدلنا على الطريق، ويضع أقدامنا على الجادة كيما نصل إلى المعرفة التي أرادها الله تعالى لنا بحيث نقف على الحق المستوجب لنقوم بعهدته.
علي ع بلسان النبي ص :
وأفضل من يدلنا على هذا الطريق هو نبينا الأعظم محمد ص الذي يقول: «أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهل تؤتى المدينة إلا من بابها» [4] .
إننا لو التمسنا أبواب الوصول لذات علي ع وأن نستكشف عوالم علي ع وعظمته واقتداره من غير هذا الباب، فلا يمكن أن نصل. فهذ الباب المفضي إلى ذات النبي ص هو الكاشف لذات علي ع وحقيقته، ومن غير هذا الباب لا يمكن أن نصل، وعلي ع من محمد ص كمحمد ص من علي ع .
ويقول النبي ص في موضع آخر: «علي مني وأنا من علي» [5] . والقرآن الكريم يقول: ﴿وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾ [6] . وتختلف القوالب، إلا أن الجوهر واللباب هو ذاته.
يقول ص : «الناس من أشجار شتى، وأنا وأنت يا علي من شجرة واحدة» [7] . «إن علياً مني بمنزلة النور من النور» [8] . ويقول علي ع : «وأنا من رسول الله ص كالضوء من الضوء، والذراع من العضد» [9] . وهنا حقيقة نورانية، تتبعها حقيقة مادية في العضد، ثم عالم ربط، وهو الضوء، الذي ما زال العالم يكدح موصلاً ليله بنهاره لعله يستكشف ما هو مستودع في سر الضوء.
من أسرار آل محمد ص :
إن العلم اقترب من مساحاتٍ، وولج في مساحاتٍ أخرى، لكن يبقى السر فيما هو مختزَن في هذا الضوء، مخصوصاً بحالة مؤجلة، ألا وهي المستودع في السر، وهذا الضوء المستودع في السر هو حقيقة المعرفة المطلقة المختزنة في ذات الخلف الباقي من آل محمد «عج».
تقدم العلم وقطع مسافاتٍ، إلا أنه لم يَعدُ ما نتمتع به اليوم من آثار مترتبة على علم مستكشَف في حدود معطيات حرفين من حقيقة المعرفة، وهنالك خمسة وعشرون حرفاً هي الموصلة إلى حقيقة المعرفة، وهي التي تعني أسرار أهل البيت ع المودعة لدى إمام بعد إمام حتى استقرت عند الخلف الباقي «عج»، فإن أذن الله له بالقيام، عندئذٍ تعيش البشرية معطيات سبعة وعشرين حرفاً كاشفة عن الحقيقة.
قارنوا بين عالم نعيش فيه اليوم، وآخر عاش فيه جماعة قبل قرن من الزمن، وانتظروا لنسبة الجهل إلى العلم، والظلمة إلى النور، والفقر إلى الغنى، وتصوروا أن أن ذلك في حدود حرفين، فكيف لو كشف الغطاء وشُرِّفنا بالعيش في دولة الخلف الباقي؟ وما عسى أن تكون الأمور؟
إنه عالم غريب، بل في منتهى الغرابة، ونسأل الله تعالى أن يشرفنا بتلك الطلعة النيرة للخلف الباقي من آل محمد «عج».
الغدير نبراس الهداية:
ثم إن علياً ع مع الحق، والحق مع علي يدور معه حيثما دار، وهذا الحديث لو أردنا استنطاقه والاستفادة من مداليله، لاحتجنا إلى وقت طويل، لأن فيه سراً من أسرار استكشاف الآتي الذي لا بد أن يُعدّ عليٌّ ع عدته الكافية له لتخطي المراحل الصعبة التي تكتنفه.
ثم إن النبي الأعظم ص وفي مثل غداة غد، والحاج قافل إلى أهله، يستبطئ من تقدم، ويستحث من تأخر، ويجتمع الجمع في غدير خم، والسماء في حالة استنفار دائم، منذ أن أعلن النبي ص حجته التي اتصفت بالوداع، لما ترتب عليها من عروج لروحه الملكوتية لعالم الملكوت الأقدس، أما عالم الأرض، فمع شديد الأسف، لم يقدم لنا التاريخ ما يسهم في استكشاف جانب من جوانب ذلك المشهد العظيم، بل حتى ما وصلنا من تاريخ تشوبه الكثير من الضبابية، جراء عبث المؤرخين ورغبة السلاطين المتعاقبين على الأمة، لكن تبقى الحقيقة كما هي، لأن الحقيقة تعني ـ فيما تعنيه ـ محمداً وآل محمد ص .
عليٌّ ع والنبي ص ... والصعيد: غدير خم. والأجواء: بعد أن خرج الناس من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم... الموضوع: البيعة...
والأمر من السماء، والمأمور معصوم، ومن يراد له الإمامة معصوم أيضاً، والأمة تشملها عناية خاصة، والنبي يرفع يد عليٍّ ع حتى يبين بياض إبطيه، ثم يقول بأمر من السماء: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله» [10] . وبايعوا لعلي ع وبخبخ من بخبخ له، وتغنى بمفردات الشعر جمعٌ آخر، وطمس التاريخ الكثير، ولم يبق إلا شذرات قليلة مبعثرة هنا أو هناك، وهذا لا يقدم كثيراً ولا يؤخر إلا على مستوى التأييد لا التأسيس، لأن تأسيس الإمامة لم يبن يوماً من الأيام على بيت من شعر، ولا على سطر من مؤرخ، ولا على حديث وصل من هنا أو هناك، إنما أسست الإمامة على أساس من منطق السماء: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ﴾ [11] . فلمَ لم تحصل هذه المقولة، ولم تنزل هذه الآية وراية النصر تخفق على أبواب مكة المكرمة؟ إذن هنالك أمر أهم من الغزوات التي رفت فيها الرايات خفاقةً، وأهم من المعارك المحسومة في الأعم الأغلب والأكثر على يد علي ع . إنها البيعة والخلافة والإمامة لعلي ع .
ولاية علي ع ميزان الأعمال:
وإذا عرفنا الإمامة ننتقل إلى مرحلة أخرى ـ أيها الأحبة ـ ألا وهي مرحلة الإيمان بولاية علي وآل علي ع وهذا الإيمان مستقَرٌّ ومستودَع، فالمستودع ربما تخلّف الإنسان عنه في لحظة من اللحظات جراء سبب أو آخر، لكن الإيمان المستقر هو ما نتغذاها من صدور الأمهات، بعد طهارة أصلاب الآباء، حيث يمتزج ماء بماء، من فاضل طينةٍ هي الطينة التي خُلق منها محمد وآل محمد ص .
ويتشرب الإيمان فينا، ويثبت ويستقر مع مرور الأيام، لأن ما يباشر أسماعنا هو الحق، وسيرة أهل البيت ع وفكرهم، والروايات التي وصلت إلينا بعد جهد من علمائنا، رحم الله من مضى وأيد الله من بقي.
فالإيمان يثبت ويستقر، وهذا الذي يحاسَب المرء على أساسه، لأنه يقود العبد المؤمن إلى أعلى المراتب في جنات الفردوس، لذا نكرر دائماً القول: اللهم ثبتنا على الولاء لمحمد وآل محمد ص . هذا الإيمان الذي يتماشى معنا بناءً على رُتَبٍ أو عتبات، نترك الأولى للثانية والثانية للثالثة وهكذا، فهنالك معرفة ثم اعتقاد ثم محبة ثم عمل، وهذا العمل لا بد أن يكون متوافقاً مع من يجب علينا الرجوع إليه، والأخذ من رسالته العملية.
قطرات من الغدير:
وهنا، بقدر ما ينبغي أن نعيش جواً من الشفافية والوضوح، كما تعودنا وعوّدْنا، فإننا نسأل الله تعالى البقاء والاستمرار على هذه الروحية.
إن الله تعالى لم يجعل لأحدنا سلطة على الآخر، في أن يوجهه لمرجع بعينه على حساب مرجع آخر، فما دام المراجع يحققون لنا براءة الذمة، وتعهدوا أن يكونوا الوسائط بيننا وبين الله تعالى فيما استنبطوه، فنحن إذن في منتهى المعذرية، ولا ينبغي أن يكون هنالك تقصير في تأمين المقدمات الموصلة للنتائج التي نرتب على أساسها الرجوع إلى المرجع الفلاني أو الفلاني. ولكن لا سلطة لأحد على أحد في تحديد المرجع الذي نرجع إليه، وينبغي أن نحفظ الخصائص لتسلَم المسيرة.
ربما يتصور البعض من أصحاب القراءات النِّصفية التي لا تكتمل فيها الصورة، ولا يتحصل المشهد على جميع أبعاده، أن العمل هو المظهر الخارجي، كطول الركوع والسجود، أو كثرة التلاوة للقرآن، أو كثرة التردد على مجالس العزاء، أو توسيم الظهور والصدور بالسلاسل والسكاكين، أو طبر الرؤوس، أو غير ذلك، فهذه مظاهر تدلل على حب، لكن ليست هي المنتهى أو الغاية.
في الحديث عنهم عليهم الصلاة والسلام: «تَفَكُّرُ ساعةٍ أفضلُ من عبادة سنة» [12] . وعند البحث والتتبع وجدت روايةً تغطينا دفعاً أكثر مما في الرواية السابقة، لنوازن بين حالة التدبر والعبادة، وهي:
«تفكر ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة» [13] . لذا يتضح الأمر في المفارقة بين الملكية والتعلق بالشيء، فمن حقنا أن نتملّك، لكن من غير الصحيح أن نجعل من تلك الملكية ما لا يمكن رفع اليد عنه، وهذا ما يُردينا في الكثير من المشاهد في الجانب المادي. فمن حقي أن أتملك، ومن حقك أن تتملك، وتصبح مقتدراً مادياً في وسط الأمة، لكن أن يموت المرء دون ذلك الممتلك فهي الكارثة، وهي أكثر فظاعةً عندما تكون في الجانب المعنوي، أي عندما يمتلك المرء رصيداً، لكنه لا يتعاطى معه بما ينبغي من التعاطي.
أيها الأحبة:
في الحديث عنهم عليهم الصلاة والسلام: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما محض أخاه النصيحة، فإذا حاد عن ذلك سُلب التوفيق» [14] .
والنصيحة قد تكون ثقيلة أحياناً، لكنها مهمة. وأن نتآمر بالمعروف فيما بيننا ونتناهى عن المنكر، وأن يأخذ القوي بيد الضعيف منا إلى الجادة السليمة أمر مهم، وليس بالضرورة أن يكون المتحدث أكثر فقهاً من المتلقي، فرب حامل علمٍ لمن هو أعلم منه، فقد يحمل المرء النصيحة لأخيه لأن المقام يساعد على القيام بها، لكن لا يعني أن المتلقي بالضرورة بمسيس الحاجة لها أكثر من ذلك المتحدث.
لذا علينا جميعاً، ومن منطلق الشفافية الذي أشرت إليه، أن يحمل كل واحد منا الآخر، وأن نتناصح فيما بيننا، كي لا نخسر الكثير.
وكشاهد بسيط وسريع على ذلك، أن البعض يتصور أننا عندما يكون لدينا إصرار على عدم استخدام الجوالات في الجامع، فذلك يعني المصادرة للحق الشخصي، ولكن باعتقادي أنا، وكما هو مستفاد من روايات أهل البيت ع أن المساجد رياض من رياض الجنة في الأرض، فرياض الآخرة يُشرف عليها من نطمح للوصول لذلك المقام لنرى نورانيتهم.
من هنا فإن مساجدنا وحسينياتنا يفترض أن تحظى بتلك النسبة من الاحترام، فللمسجد خصوصيته، والمكوث فيه لنصف ساعة مثلاً لا يعني أن هناك عملاً ما سوف يتأثر أو يتأخر بسبب عدم استخدام الجوال.
أما عن عدم اصطحاب الأطفال للمسجد، فهذه معطيات مدرسة أهل البيت ع فعن النبي الأعظم ص أنه قال: «جنِّبُوا مساجدَكم صبيانَكم ومجانينَكم» [15] ، فمن الخطورة بمكان، لا سيما في المستقبل، أن يستمع ابن الثلاث أو الأربع لما يطرح في المسجد اليوم، وأن يُحشى ذهنه به، ولو كان ثمة ما يوصِل إلى نتيجة لأرشدنا إليه أهل البيت ع ولما حذرونا من الوقوع فيه. لذا فإننا عندما نرفض أن يدخل المسجد من هو في عمر أقل من السبع، لا ينبغي للبعض أن يغضب، فنحن بقدر ما نحاول أن نحافظ على طابع لائق في المسجد، نأمل ونلتمس من أئمة المساجد الأخرى أن يضعوا خطة عمل لتصحيح الوضع، فمن غير السليم أن ندخل بعض المساجد وكأننا في بورصة أو روضة أطفال.
وأقسم بالله ثلاثاً، أنني لا أدعي أننا رسمنا هذه اللوحة المشرقة في مسجدنا هذا بجهود خمسين رجلاً من كوادره، وخمس عشرة امرأة فحسب، إنما ذلك لم يكن ليتحقق لولا مساهمة الصغير قبل الكبير منكم في ذلك، بيض الله وجوهكم. وكما أنكم من أهل الإيمان والخير والصلاح، فالمساجد الأخرى أيضاً فيها من هم من أهل الإيمان والخير والصلاح.
وكذا الحال في ملابس الأطفال، عندما ننبه البعض على نوع اللباس، ربما قال بعضهم: أسلفيةٌ في مسجد الإمام الحسين ع ؟ في حين أن القرآن الكريم يقول: ﴿خُذُوْا زِيْنَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [16] . فهل أن الصلاة في المسجد بملابس النوم من الزينة عند كل مسجد؟ أو أن أصطحب معي طفلاً بارز الصدر والأكتاف والأرجل، من الزينة عند كل مسجد؟
ربما يقول البعض: المساجد كثيرة، فأقول: إننا في هذا المسجد، لدينا ضوابط وقواعد لا بد من مراعاتها، والمصلي بالخيار، إن شاء التزم بمراعاتها، وإلا فالمساجد الأخرى هي أيضاً مساجدنا، ولا يضيرنا أحدٌ إن هو ذهب إليها وصلى فيها.
فمن ضوابطنا في هذا المسجد أن لا نقبل باستخدام الجوال، ولا باللباس المتهرئ غير اللائق الذي يسيء لسمعة الإنسان وكرامته فضلاً عن الجامع والمنتدى بكامله، أو اللباس الذي يعطي معانٍ وإشارات عن تلقي الثقافة بشعور أو لا شعور من الطرف الآخر. كل ذلك لا نرضى به.
إذا كنا نرى أننا شيعة أهل البيت ع فلننظر إلى فاطمة الزهراء ع زوجة صاحب المناسبة، وسيدة الكون بعد أبيها وبعلها، ماذا تقول؟ وماذا تفعل؟ كانت إذا همَّ الحسن أو الحسين ع بالذهاب إلى المسجد ـ وهم في منتهى النظافة، ولا يمكن أن نتصور غير هذا، لكن انظروا إلى أدب المسجد الذي تريد الزهراء ع أن تبثه في الأمة، فالزهراء ع مدرسةٌ وأدبٌ وقيمٌ وسلوكٌ وحياء ـ صبَّتْ عليهما شيئاً من الماء، مع أنهما عنوان النظافة، وألبستهما ثوبين نظيفين، ورجّلت شعرهما ـ أي صفّفته ـ ثم قالت لهما وهما عند باب الدار: أي حسن، أي حسين، كن لجدك أذناً واعية.
هذه هي الزهراء ع التي نحبها ونجلها ونموت من أجلها، ولا طعم للحياة دون حبها والفناء فيها، وليس من أحد أن يزايد على حبنا لها.
وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.
[1] طه: 25 ـ 28.
[2] الأمالي، الشيخ الطوسي: 308.
[3] الوافي، الفيض الكاشاني1: 116.
[4] ورد بألفاظ متعددة متحدة المضمون، راجع: التوحيد للشيخ الصدوق: 307، المعجم الكبير للطبراني11: 55.
[5] سنن الترمذي5: 300، وغيره، وتتمته: ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي.
[6] آل عمران: 61.
[7] عيون أخبار الرضا ع ، الشيخ الصدوق2: 63.
[8] مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين ع ، الحافظ البرسي: 92.
[9] نهج البلاغة: من كتابه ع لعثمان بن حنيف الأنصاري، عامله على البصرة، وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمصى إليها.
[10] حديث متواتر، ورد بطرق عديدة في المصادر المعتبرة لدى جميع المسلمين، كمسند أحمد، وسنن ابن ماجة، ومستدرك الحاكم، وسنن النسائي، وخصائص أمير المؤمنين للنسائي أيضاً، ومسند أبي يعلى، وصحيح ابن حبان، ومعاجم الطبراني الثلاثة، وغيرها.
[11] المائدة: 3:
[12] تفسير العياشي2: 208.
[13] رياض السالكين، السيد علي خان المدني3: 370.
[14] كنز العمال، المتقي الهندي3: 413.
[15] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق1: 237.
[16] الأعراف: 31.