|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 248
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 272
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
m-mahdi.com
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 27-11-2006 الساعة : 12:10 PM
يقول الاستاذ، إنه وبعد وصوله ذهب إلى درس السيد الخوئي قدس الله نفسه .....وفي اليوم الآخر حيث كان السيد الخوئي جالساً بالمسجد متكئاً على المنبر ووجهه قبالة الباب ينتظر ساعة ابتداء الدرس ليشرع وكان إلى جنبه الشيخ محمد علي التوحيدي التبريزي صاحب مصباح الفقاهة رحمه الله، دخل الاستاذ دام ظله ورآه السيد الخوئي ومن ثم شرع في درسه، وبعد انتهاء الدرس جاءه التوحيدي وقال له : إنه وحين دخولك المسجد سألني عنك السيد الخوئي فقلت له: إنه من أهل تبريز، كان يدرس في قم وجاء تواً إلى النجف. يقول التوحيدي: إن السيد الخوئي قال عندها: سيكون لهذا الرجل شأن ومستقبل زاهر.
وهكذا حتى مضى له في النجف سبعة أشهر أو ثمانية وفي ذات يوم في عصر الجمعة كان ذاهباً إلى مقبرة وادي السلام فلم يشعر إلا وسيارةً تمر من أمامه مسرعة فذهبت مسافة ورجعت إليه، وفُتح بابها وخرج منها شخص وأقبل نحو الشيخ فنظر إليه وإذا هو رفيقه الذي ساعده في السفر إلى النجف وهيأ له الجواز، ففرح بلقائه وجاء به إلى غرفته وكان قد جاء إلى الزيارة، وبعد فترة استراحته، قال له التاجر: إنه آن الأوان أن تتزوج وتستقر، وفعلاً تم الزواج من امرأة صالحة بتبرع هذا التاجر بمصاريف الزواج، واستقر الاستاذ في دارٍ استأجرها مع زوجته التي هي مصداق للمقالة المعروفة: وراء كل عظيم امرأة عظيمة، وكان ثمرة هذا الزواج المبارك ثلاثة ذكور وأربع بنات.
ثم إن الاستاذ بقي مواصلاً للبحث في النجف وأخذ اسمه يزداد شهرةً بالفضل، وأخذت حلقة درسه تتسع وهو مع ذلك ملازم لدرس السيد الخوئي فقهاً واُصولاً حتى طلب السيد منه حضور جلسة الاستفتاء التي لا يحضرها أحد إلا بإذن خاص من السيد، وكان من المشتركين بالجلسة إضافةً إلى الاستاذ التبريزي السيد محمد باقر الصدر، الشيخ مجتبى اللنكراني، الشيخ صدرا البادكوبي، والشيخ الوحيد الخراساني، والسيد السيستاني، والشيخ علي أصغر الأحمدي الشاهرودي.
فكان له الحظ الأوفر من البحث والمناقشة، وقد أطلق عليه السيد الخوئي لقب الميرزا، وهو في عرف الترك يطلق على الرجل الكثير العلم، فاشتهر به. وقد ولازم درس السيد الخوئي تسع سنين ومجلس استفتائه أكثر من عشرين سنة، ولما توفي السيد الإمام الحكيم وأراد السيد الخوئي أن يطبع حاشيته على رسالة السيد الحكيم (المنهاج)، دفع الحاشية لفضلاء تلاميذه ومنهم الميرزا لمطالعتها ومعرفة أنها موافقة لمباني السيد أم لا.
وكان السيد الخوئي رحمه الله مهتماً بحضور الميرزا لمجلس استفتائه وبقائه في النجف، وذكر الاستاذ دام ظله أنه في سنة من سنين وجوده في النجف جاءته رسالة من أبيه في تبريز يقول له فيها إلى متى تبقى بعيداً عني، فعد إلى وطنك وأهلك في تبريز.
يقول الاستاذ: تحيرت كثيراً ودخلني حزن، لأنني وجدت ضالتي في النجف، فكيف يمكن أن أتركها، ومن جانب لا يمكن أن أعصي والدي، فشكوت همي لاُستاذي الخوئي، فأجاب السيد: لا تهتم سوف أكتب كتاباً إلى عالم تبريز أطلب منه أن يذهب إلى والدك ويقنعه ببقائك بالنجف، وفعلاً كتب السيد ذلك وذهب العالم إلى والد الشيخ وعرض عليه رسالة السيد الخوئي، فقبل والد الشيخ على الفور.
ثم إن الاستاذ بقي في النجف مواصلاً لتدريسه واشتغاله العلمي حتى انتقل بدرسه إلى مسجد الخضراء، فكان يرقى منبر استاذه الخوئي ويلقي درسه بالكفاية وغيره من السطح على ما يقارب المائتين طالب، وهذا الرقم في النجف لدرس الخارج كثير، فضلاً عن السطوح.
وبعد وفاة السيد الحكيم بعام شرع الاستاذ في تدريس الخارج فقهاً على مكاسب الشيخ، والاصول من أول الدورة، وقد بارك له استاذه السيد الخوئي ذلك، وقد حدثني المرحوم الشيخ المشكيني ابن آية الله أبو القاسم المشكيني، وقد كان وقتها في النجف أنه سأل السيد الخوئي عن الميرزا جواد التبريزي فقال له كما نقل لي: إنه فاضل مجتهد مطلق.
وهكذا، حتى سنة 1393هـ فقرر الاستاذ العودة إلى إيران، وذلك للمضايقات من قبل حكومة العراق لأهل العلم، وقد طلب منه بعض علماء النجف المعروفين البقاء وعدم الذهاب من النجف بمن فيهم السيد الخوئي، ولكنه قد ضاق صدره بما يراه من منكراتٍ وظلمٍ للمؤمنين على يد الظلمة في العراق، فودع النجف مأسوفاً عليه، ونزل قم المقدسة واحتف به طلابها.
فشرع في درسه خارج المكاسب والاصول في بيته، ومن ثم في مسجد (عشق علي)، ولما كثر تلاميذه انتقل إلى حسينية ارك القريبة من داره إلى أن كثر حضار الدرس كثرةً لا يسعهم المكان فانتقل وقبل أكثر من عشر سنين بدرس الفقه إلى المسجد الأعظم بالحرم المطهر، حتى أصبح أستاذ الحوزة العلمية، فبلغ تلاميذه ألف وأكثر في الفقه.
ومن حضر بحثه وجده مشتملاً على مطالب عميقة وشواهد كثيرة وكليات عريضة يطبقها على صغرياتها باستدلالٍ رصين وشاهدٍ متين وجمعٍ عرفي للروايات واطلاع واسع وتحقيق دقيق في علم الرجال وحال الرواة .
وأما الاصول فهو مشغول في الدورة الرابعة له، وقد كان له درس في الرجال في العطل ودرساً فقهياً آخر بعد درسه الصباحي إلا أنه عطلهما لكثرة المشاغل وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، نظراً لمرجعيته المترامية الأطراف والمتسعة في الآفاق، فأسس لذلك مجلس استفتاء يجيب على الأسئلة التي ترد عليه من مختلف الأقطار، والذي يحضره عدة من الفضلاء لتحرير الفتاوى وضبط
لقد تصدّى شيخنا الاستاذ للمرجعية بعد وفاة أستاذه الإمام الخوئي بعد طلب جمع من العلماء والفضلاء الذين رأوا فيه الجدارة والكفاءة العلمية والعملية لمنصب المرجعية وأشاد بفضله الكثير من أساتذة الحوزة وفضلائها كما أعلنت جماعة المدرسين عن ترشيحها لسبعةٍ من العلماء للمرجعية، كان شيخنا الاستاذ آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي دام ظله من ضمنهم.
وكذلك أصدرت جماعة روحاني مبارز طهران عن طرحها لثلاثةٍ من العلماء وكان الاستاذ من ضمنهم، وأخذت مرجعيته ترتقي وتتسع شيئاً فشيئاً في إيران وخارجها، كالكويت والسعودية والقطيف وقطر والبحرين ولبنان وسوريا والعراق، وكذلك في البلدان الاوروبية واستراليا وأفريقيا.
إن الحديث عن شخصية الاستاذ من جانبين:
1 ـ الجانب السلوكي.
2 ـ الجانب العلمي.
أما الجانب السلوكي: فإن الاستاذ قوي الشخصية، متين في جريه، حذر فطن، ذو رقة ورحمة لا يعرفها كل أحد، مواظب على صلاة الليل، بكّاء، وخصوصاً في عزاء سيدالشهداء، ترابي المنهج في الحياة، زاهد في الدنيا بعيد عن كل تكلفات الحياة، ذو همة عالية، دائم التفكير في مطالبه العلمية، قلما تجده فارغاً.
وقد قال يوماً: إني ما عرفت التعطيل أربعين سنة، ليلاً نهاراً، وكثيراً ما يقول : إنني طلبة.
كثير التفكير بالموت، يقرأ وصيته دائماً، لم تتغير حالته بعد أن أصبح مرجعاً، فكثيراً ما تراه وحده، وقد رأيته يوماً بعد أن خرج من درس الفقه فتتبعته علّي أستـفيد شيئاً منه من مطلبٍ علمي أو عبرةٍ أعتبرها، فرأيت عليه عباءةً ممزقة قد مزقت مزقاً بقدر الكف أو أكبر.
فقلت له: شيخنا، إن عبائتك ممزوقة، وكنت أظنه لا يعلم بذلك، فقال لي: أعلم، وعندي عباءة جديدة، ولكن هذه أحب إلى قلبي، قلت: ولماذا؟ قال : لعل هناك طالب علم عباءته ممزقة ويستحي أن يخرج بها، فإذا رآني تشجع وخرج.
فهو دائم التفكير في رقي حال الطلاب وتحسين أوضاعهم، فإضافةً إلى دفعه رواتب شهرية إلى طلاب الحوزة العلمية وعلى نحو العموم، أسس مستوصفاً خيرياً وبنصف قيمة للطلبة بالخصوص من دون مطالبتهم بإثبات هويتهم، وهو مجهز بكافة الأجهزة والأدوية مع وجود كادر طبي متخصص.
وهو شجاع القلب، شديد لا تأخذه في الله لومة لائم، وخير دليل على ذلك وقوفه بوجه المنحرفين عن خط أهل البيت عليهم السلام وتصديه ورفعه لعلم الولاء رغم خطورة الموقف، وقد حذّره بعض المحبين بأن تصديكم لهكذا أشخاص ليس في صالح مرجعيتكم!!
فقال : لتذهب مرجعيتي وأولادي ونفسي فداءً لأهل البيت عليهم السلام.
فأعلن رأيه وفتواه صريحاً في الذين يصطادون في الماء العكر، ويحاولون تشكيك الناس وتسخيف عقائد الشيعة، فأفتى بضلالتهم ووجوب مقاطعتهم وحرمة إعانتهم.
وقد أوذي كثيراً جراء هذا الموقف لكنه صبر ومازال صابراً محتسباً، كما أنه انطلاقاً من وعيه للأخطار الثقافية المحدقة بالمسلمين فقد أسّس داراً للنشر تعرف بـ(دار الصدّيقة الشهيدة) هدفها نشر البحوث العقائدية وترويج الفكر الصحيح حتى من خلال شبكة الانترنت.
زاد الله في العلماء العاملين أمثاله، وأطال عمره الشريف لخدمة الدين والمذهب.
أما الجانب العلمي: إن شيخنا الاستاذ فقيه متضلع وأصولي بارع ورجالي خبير. أمّا تضلّعه في الفقه فيتجلّى للمتأمل في سلامة ذوقه وحسن سليقته، فاستظهاراته للروايات وجمعه بين المتعارضات منها بأجود الوجوه العرفية مما يجري على لسانه من دون مؤونة ولا تكلّف، كما يبرز ذلك أيضاً في سيطرته على صناعة الاستنباط والتطبيق، فهو مستحضر لمتون الكبريات الفقهية والأصولية بشكل متميز دقيق في تطبيقها على صغرياتها سريع الالتفات لخصائص الفروع المختلفة عند المقايسة بينها، فتراه في مجلس الاستفتاء يومياً يتناول المسائل الفقهية من باب الطهارة وحتى باب الديات بنفس علمي واحد وقوة فريدة، حاضر النكتة قوي الحجة.
وأما براعته في الأصول، فتتبين في طريقة تناوله لمادة الأصول، فهو لا يعتني باستعراض جميع الآراء في المبحث مع مناقشة كل واحد منها بما يوجب اضطراب المطلب في ذهن الطالب وعدم سيطرته على محور البحث وإنما يبذل جهده في توضيح محور النزاع مع بيان مختاره فيه بنحو تندفع به كثير من الشبهات المطروحة في الكلمات، وإذا تصدى لمناقشة الآراء كانت مناقشته لها منصبة على بيان بعدها عن نكتة البحث، فمنهجه في الأصول كمنهجه في الفقه أفضل منهج، يربي الطالب على التركيز على النكات المهمة المؤثرة في قبول المطالب ورفضها من دون حشو البحث بتوضيح المصطلحات أو شرح الأفكار الهامشية على أساس البحث.
وأما خبرته في الرجال والحديث، فيظهر لك عند سؤاله ومناقشته حيث تجد عنده كثيراً من النكات والتنبهات الطريفة الناتجة عن طول ممارسته للرجال والحديث ما يربو على أربعين سنة. هذا كله بالإضافة لبحثه.
وأما بالنسبة لعلاقته بطلابه فهو المربي العظيم والاستاذ المحب لتلميذه، فتراه حريصاً على تربية تلامذته وتنمية مستوياتهم، يستقبل نقاشهم ويبدؤهم بالسؤال ويلاحظ أفكارهم شفاهاً وكتابةً، ويعطيهم بحوثه وآرائه لمعرفة مقدار ورودهم في المطالب العلمية.
وبعبارة مختصرة جامعة: إن شيخنا الاستاذ صورة حية عن استاذه الخوئي فكراً وقوةً ومتناةً وأسلوباً.
رحم الله الشيخ الفقيه وادخله فسيح جنته مع الصديقة الطاهرة التي ما انفك يدافع عنها ضد الانحراف
|
|
|
|
|