[مرتضى علي الحلي]

إنَّ التبرك بالأنبياء والأئمة المعصومين :عليهم السلام: والتوسل بهم

هو حقيقة عقدية قرآنية لا يمكن تجاوزها أبدا


قال تعالى

{وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً }مريم31


{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }الصافات113



{وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ }المؤمنون29



ذلك كون الأنبياء والأئمة هم سُبل وأسباب حقّة إلى الله تعالى

وهم حبله الممدود بينه وبين خلقه

قال تعالى

{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103


{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }آل عمران112





فهل لله تعالى حبلٌ مادي حتى يأمرنا بالتمسك به

أم هو دينه الإسلام الحق

والمُتمظِهِر بشخص النبي محمد وأهل بيته المعصومين ؟




وإلاّ واقعا لا يوجد شيئاً في الخارج يُسمى بحبل الله تعالى حتى يطلب الله منا أن نتمسك به فعلاً



من هنا يصح في الجملة قول العلماء بأنَّ الوسيلة

هي طلب القربة بالأعمال الصالحة

ليكون من أجلى مصاديقها بإعتقادنا هو التوسل والتشفع بالنبي
أو الإمام المعصوم





كل ذلك في حقيقته عبادة وطاعة


ونحن اليوم عندما نقرأ قوله تعالى


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59



فأين هو الرسول الأكرم :صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم :

كشخصٍ حتى نُطيعه فعلاً ؟



إنه حقيقةً الخطاب القرآني المُطلق والذي يُُطالبنا بإتباع سُنّة المعصوم
نبياً كان أم إماماً منصوبا معصوما


وواحدة من صور طاعة المعصومين اليوم

هو التوسل بهم إلى الله تعالى

وزيارة قبورهم الشريفة والتبرك بها



أما كيف ينهانا الله تعالى من أن ندعو غيره

ثُمّ يأمرنا بأن نتوسل إليه بالنبي أو الأئمة ؟

فهل يوجدُ هنا تناقض ؟




: الجواب:
======

كلاَّ

هناك فرقٌ كبيرٌ بين عبادة الله والتوسل بأوليائه المعصومين


إذ العبادة هي مُنحصرة به عقلاً وعقديا

فلا يجوز لأحدٍ أن يدعو معه أحدا في عبادته أبدا




وأمّا مسألة التوسل وأمره تعالى الإرشادي بإتخاذ الأنبياء والأئمة وسائط بيننا

وبينه

فهذا أمر توجيهي إلى ما فيه صلاحنا ومصلحتنا



و هو تعالى حببّبَ إلينا ذلك

قال تعالى

{ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }البقرة189



فالنبي أو الإمام المعصوم يُمثّل باباً مُقدّسا لحرم الله تعالى



وإلاّ من غير المعقول أن يُرشدنا الله تعالى إلى إتيان البيوت المادية
من أبوابها


فهذا من أبده الواضحات والمُحصّلات وهو أمرٌ معلوم بشريا وعقلائيا



لكن القرآن الكريم هنا يستعمل الإستعارة التمثيلية بوصف النبي والأئمة

بأبواب بيوته تعالى حتى يلجها الناس لعلّهم يفلحون .