من حديث الكسعي أنه خرج يرعى إبله في واد ، فرأى قضيب شوحظ نباتاً في صخرة ملساء ؛ فقال : نعم منبت العود في قرار الجلمود . ثم أخذ سقاءه وصب ما فيه من الماء في أصله فشربه لشدة ظمئه ، وجعل يتعاهد بالماء سنة حتى سبط العود واعتدل ، فقطعه وجعل يقوِّمه حتى صلح ؛ فبراه قوساً وبرى بقيته خمسة أسهم ، وخرج إلى مكمن كان مورد الحُمُر في الوادي ، فوارى شخصه حتى إذا وردت رمى عيراً منها بسهم فمرق منه بعد أن نفذه وضرب صخرة فقدح منها ناراً ؛ فظن الكسعي أنه قد أخطأ .. وهكذا رمى خمسة منها الواحدة بعد الأخرى وكل مرة يظن أن سهمه أخطأ ، ثم خرج من مكمنه فاعترته صخرة فضرب بالقوس عليها حتى كسرها . ثم قال : أبيت ليلتي ثم آتي أهلي . فبات ؛ فلما أصبح رأى خمسة حمر مصروعة ورأى أسهمه مضرجة بالدم ، فندم على ما صنع وعض على أنامله حتى قطعها وقال :
ندمت ندامة لو أن نفسي * * * تطاوعني إذاً لقتلت نفسي
تبين لي سفاه الرأي مني * * * لعمر الله حين كسرت قوسي
رُب ساع لقاعد
أول من قاله النابغة الذيباني .
وكان وفد إلى النعمان بن المنذر وفود من العرب فيهم رجل من بني عبس يقال له شقيق فمات عنده .
فلما حبا النعمان الوفود بعث إلى أهل شقيق بمثل حباء الوفد .
فقال النابغة حين بلغه ذلك : ( رب ساع لقاعد ) .