على الرغم من ان المد الاسلامي الجديد في اوروبا اتسم بالطابع السلفي وهو يعود بدوره الى اسباب وظروف مختلفة الا ان التاثیر الرئيسي للمد الاسلامی في الشرق الاوسط بوصفه حركة تقدمية اخذ طابعا شيعيا. ومن وجهة نظر التحليل الغربي الجديد فان تعبئة الجماهير والتي تعد احد مؤشرات المد الاسلامي تتجسد بالفرعين الرئيسين وهما الوهابية والشيعة التقدمية. وبقدر ما تنبعث من السلفية رائحة العنف والدم فان التشيع يفوح بعطر التقارب والتعامل.
ورغم ان الميزة الرئيسية للتشيع تتجسد في الروح الثورية الا ان الاهتمام المتزايد للشيعة بايجاد الوحدة والتماسك الاسلاميين اسهم في اعطائها طابعا يتسم بالهدوء والتعادل. ان الشيعة تتخذ موقفا متصلبا من القوى المتغطرسة لكنها تركز علی التعامل والحفاظ على الوحدة في مقابل اخوانها المسلمين.
وبعد الثورة الاسلامیه تعاظم الشوق نحو التشیع ولم تکن ارض فلسطین بمنای عنه وتتوسع نطاقه یوما بعد یوم حتی ان اهل السنة فی المنطقة قد عبروا عن قلقهم من اسمترار هذا الوضع.
فعلی سبیل المثال وجه الشیخ یوسف القرضاوي العالم السنی الشهیر انتقادا صریحا للشیعة فی الاجتماع الاخیر للتقریب بین المذاهب الاسلامیة الذی عقد فی العاصمه القطریه الدوحة. ودعا فی خطابه الی وقف النشاط الرامی الی الترویج للمذهب الشیعی فی البلدان السنیة.
واعتبر القرضاوي انتشار التشیع بین ابناء الشعب الفلسطینی بانه فتنة وقال ان المضطهدین الفلسطینیین باتوا یمرون بمازق فهم لا یدرون هل یحاربون الصهیونیة ام یقفون بوجه هذه الفتنة.
ان ماضی التشیع فی فلسطین قدیم یضرب بجذوره فی صدر الاسلام. فانطلاقة الشیعة فی هذه المنطقة تعود الی تواجد الصحابی ابوذر الغفاری الذی جاء الی منطقة الشام وعرف اهالی هذه المنطقة بافکار الامام علی (ع). ومذاک اصبح للشیعة تواجد بارز فی تاریخ فلسطین واعتنق القسم الاکبر من اهالی هذه المنطقه مذهب الشیعه الامامیة.
ومن العوامل الاخری التی اسهمت فی نشر التشیع فی فلسطین هی مهاجرة قبیلة خزاعة الی هذه المنطقة. وتعود اصول هولاء الی العرب الجنوبیین الذین سیطروا علی مکة قبل قریش وانتقلوا بعد الاسلام الی حلقة حماة النبی الاکرم (ص). واضطلعت هذه القبیلة بوصفها حلیف بنی هاشم بدور بارز فی تطورات تاریخ الاسلام. وقد هاجر فرع من هذه القبیلة فی ما بعد الی منطقة فلسطین وبنوا مدینة خزاعة. ( المصدر: الخزاعیون ودورهم فی التشیع الایراني. رسول جعفریان، موقع المکتبه التخصصیة لتاریخ الاسلام وایران). ان الرجوع الی مولفات علماء التاریخ والجغرافیا المسلمین یوضح نقاطا ملفتة فی هذا الخصوص.
ویتطرق المقدسی العالم الجغرافی فی القرن الرابع الهجری الی انتشار الشیعة فی فلسطین. ویعتبر فی کتابه "احسن التقاسیم فی معرفة الاقالیم" (المجلد الاول ، ص 252) ان اهالي طبریا ونصف اهالی نابلس والقدس هم من اتباع المذهب الشیعي.
ویوکد الکراجکی العالم الاسلامی فی القرن الخامس بان اهالي مدینة الرملة فی فلسطین جمیعهم من الشیعة. (دائرة المعارف الشیعیة، ج 12 ص 203).
ویشیر ناصر خسرو داعی اسماعیلی (وفاة 481) فی کتاب السفر الی وجود قبر ابوهریرة فی مدینه طبریة ویقول ان اهالی هذه المنطقة لا یبدون رغبة فی زیارة قبر هذا الشخص لانهم من الشیعة. (کتاب السفر ، ص 30 و 31).
ویقول ناصر خسرو الذي سافر الی فلسطین عام 437 ان سکان القدس هم فی معظمهم من الشیعة. واعتبر ابن جبیر الذی عاش فی القرن السادس فی کتاب سفره ان المذاهب الشیعیة الموجوده فی فلسطین تشمل الرافضة والامامیة والاسماعیلیة والزیدیة والنصریة.
لکن مع انحسار دور الفاطمیین فی مصر ومجیء صلاح الدین الایوبی واتباعه سیاسة العنف تجاه الشیعة فان مسیرة التشیع فی فلسطین اعتراها شئ من الرکود وهذا الوضع استمر حتی قبل الثورة الاسلامیة فی ایران.
اسماء فلسطين :
مهاجر إبراهيم عليه السلام
قام فيها سيدنا إبراهيم عليه السلام بعد خروجه من بلدة اور في العراق على اثر محاولة قتله من قبل قومه (1805 ق.م) وكان مع سيدنا إبراهيم زوجته سارة و ابن أخيه لوط و غيرهم .
الأرض المباركة
و هي تسمية قرآنية ومن أحاديث الرسول عليه السلام :
قال تعالى (( قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم و أرادوا به كيدا فجعلناهم الآخرين و نجيناه و لوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين )).
يذكر العلماء أن المقصود بالأرض المباركة و المقصودة في الآية هي الشام (سوريا القديمة ).
قال رسول الله : ((أن الله بارك فيما بين العريش إلي الفرات و خص فلسطين بالتقديس )) .
فلسطين
نسبة إلى جماعات البليست أو بالستا ، و هو اسم مكان في ابيروس في اليونان أو بلستين الذين سكنوا غزة و ما جاورها حولي 1148 ق.م قادمين من جزيرة كريت و هذه الجماعات اختفت كجنس بشري و بقي اسمهم علما على هذه البلاد و دعيت بفلسطين .
و المؤرخ اليوناني هيرودتس هو أول من أطلق هذا الاسم على الجزء الجنوبي الغربي من سوريا في كتابه الذي كتبه عام 450 ق.م ، و يذكر أن كلمة فلسطين بمعنى غرباء . أي بدو المغتربين ، و لعلها مشتقة من كلمة فلاس و اصلها السامي بمعنى يهاجر ، و قد أحيا الرومان اسم فلسطين ، و بواسطتهم انتشر استعمال كلمة فلسطين في العالم الغربي .
الأرض المقدسة
قال تعالى : ((يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم)) .
وروى ان ابن عساكر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن الأرض المقدسة ما بين العريش و الفرات . وهي ارض مقدسة و مطهرة فيها المسجد الأقصى أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين . و قد سماها النصارى بذلك لما لهم فيها من أماكن مقدسة و هي مهد سيدنا عيسى عليه السلام .
ارض الإسراء و المعراج
قال تعالى : ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)) .
ارض الرباط و الجهاد
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله : يا معاذ ! أن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات ، رجالهم و نساؤهم و إماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة ، فمن اختار منكم ساحلا من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في رباط إلى يوم القيامة .
ارض القبلة الأولى
بقيت بيت المقدس قبلة المسلمين مدة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ، حيث تم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة في منتصف شهر شعبان ، و قيل في رجب من السنة الثانية للهجرة .
ارض المحشر و المنشر
قال تعالى : ((و استمع يوم يناد المناد من مكان قريب )). يقول المفسرون أن سيدنا اسرافيل عليه السلام سينفخ في البوق من صخرة بيت المقدس و في هذه الديار يحشر الناس يوم القيامة دخول التشيع إلى فلسطين قديماً
تاريخ الشيعة في فلسطين :
دائما ما يسأل البعض عن تاريخ التشيّع في فلسطين وهل هو منذ زمن أو هو حديث عهد وقد يذهب البعض أيضا لنفي هذا الأمر لعدم تقبل شخصانيته لأن يكون هناك شيعة امامية في فلسطين .
يعود تاريخ وتواجد التشيّع في فلسطين إلى اول بدايات التشيع في منطقة وبلاد الشام مع مجيء الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري للمنطقة وبدأ بشرح معنى اللبنات الاولى من فكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
وإن نظرنا الى بعض الكتب التاريخية أو لبعض الرحّالة الذين كانوا يتجولون في المناطق الاسلامية نجدهم يذكرون الى حقائق مهمة عن تاريخ التشيع في فلسطين وكثرة عددهم بل قد ذهب بعضهم إلى أن غالبية من كان يسكن في فلسطين هم من الشيعة الامامية .
وقد ذكر المقدسيّ ــ العالم الجغرافي في القرن الرابع للهجرة ــ أمر شيوع التشيّع في فلسطين وذكر أن أهالي طبريا ونصف أهالي نابلس والقدس وأغلب أهل عمان هم من الشيعة ، وذكر أيضا عددا كبيرا من المناطق التي تتبع المذهب الشيعي ويمكن لكم أن تراجعوا كمصدر ( كتاب أحسن التقاسيم للمقدسي جزء 1 صفحة 252 / 253 .
وأيضا ذكر الكراجكيّ ( في القرن الخامس للهجرة ) أن أهل مدينة رملة في فلسطين كلهم شيعة . ( راجع دائرة المعارف الشيعية ج12 / ص 203 .
كما قد ذكر الداعية الاسماعيليّ ناصر خسرو المتوفي في 481 هـ أورد مدينة طبرية أن لا أحدا يستطيع زيارة قبر أبو هريرة نظرا لأن ساكني تلك المناطق من الشيعة ( سفر نامة 30 / 31.
وذكر أيضا انه كان قد زار فلسطين سنة 437 هـ وقال : " إن عدد سكان القدس نحو عشرين ألفًا جلّهم شيعة'. ووصف ابن جبير المذاهب المنتشرة في فلسطين في القرن السادس الهجري أثناء زيارته لها، فقال: 'وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين، وقد عمّوا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى، منهم الرافضة والإمامية والإسماعيلية والزيدية والنصيرية'.
ولا يخفى عن ابن جبير كل هذا التحامل ومع ذلك أقرّ أنهم أكثر من السنة وهذا ما تذكره كل كتب التاريخ أينما توجهنا ولأي كتاب تاريخي التجأنا لا يستطيع أحد أن ينكر هذه الحقائق الساطعة كالشمس أن تاريخ فلسطين هو تاريخي من أوله تاريخي موال لأهل البيت عليهم السلام وقد رفعوا لواء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أينما ذهبوا .
اذن فلسطين بغالبية سكانها هي شيعية وقد ذكرنا بعض الشواهد التاريخية على ذلك وهنا لربما يسأل سائل هل ما زال هناك شيعة في فلسطين ؟
والجواب : نعم ما زال هناك تشيّع في فلسطين وهناك أعداد كبيرة ما زالت على تشيعها رغم كل تلك المجازر والقتل والتشريد والتي أرتكبتها الحكومات المتعاقبة من زمن صلاح الدين الايوبي والذي لم يترك بيتا شيعيا او مدينة او قرية شيعية الا فتك باهلها وارتكب أعظم المجازر التاريخية بحق الشيعة في فلسطين وعلى مشارف فلسطين وصولا الى عهد العثمانيين وما زال هذا الاضطهاد متربصا بشعبنا إلى الان من بعض الجهلة مدعي الاسلام .
شهدت فلسطين فيما مضى فترات طرأ فيها التشيع وانتشر وذلك في القرن الرابع الهجري، خاصة تلك الفترة التي سيطرت فيها الدولة العبيدية الشيعية الإسماعيلية على بلاد الشام، فقد حاول العبيديون الفاطميون الذين كان مقرهم في القاهرة نشر مذهبهم في الأقاليم المختلفة، ومنها فلسطين. وكان الدعاة في الأقاليم يؤدون المهمة التي كان داعي الدعاة في القاهرة يكلفهم بها من الدعاية للمذهب الشيعي الإسماعيلي.
وأنشأت الدولة العبيدية لذلك في بيت المقدس "دار العلم الفاطمية" وكانت فرعاً لدار العلم الفاطمية بالقاهرة التي أسسها الحاكم بأمر الله، سادس الحكام العبيديين (395هـ/ 1004م)، واتخذوا هذه الدار مركز دعاية للمذهب الشيعي، فكان لها أكبر الأثر في انتشار هذا المذهب في فلسطين، وظل هذا المعهد في القدس حتى سقطت بيد الصليبيين.
وقد زار الرحالة الإسماعيلي ناصر خسرو فلسطين سنة 437هـ/ 1045م وقال "إن عدد سكان القدس نحو عشرين ألفاً جلّهم شيعة". ووصف ابن جبير المذاهب المنتشرة في فلسطين في القرن السادس الهجري أثناء زيارته لها، فقال: "وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين، وقد عمّوا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى، منهم الرافضة والإمامية والإسماعيلية والزيدية والنصيرية".
وحين سقطت دولة العبيديين على يد صلاح الدين الأيوبي سنة 567هـ/ 1171م وقامت في مصر والشام الدولة الأيوبية، هدأت حركة التشيع، واختفى أنصارها عن الأنظار، فقد عمل صلاح الدين على ملاحقة الشيعة ونشر مذهب الإمام الشافعي، وأنشأ لذلك المدارس ودور العلم، وعمل على مقاومة ما غرسه العبيديون في نفوس الناس من عقائد باطلة... وهكذا انقطع الشيعة عن الناس، وأحاطوا أنفسهم بالسرية التامة.
ومع عهود الضعف والاضطراب ظهر الشيعة من جديد في فلسطين ففي عهد أحمد باشا الجزار الوالي العثماني، وقعت بينه وبين الشيعة وقائع كثيرة منها ما جرى سنة 1195هـ/1780م في قرية يارون القريبة من صفد. وقد لجأ جماعة منهم إلى عكا، فاستأمن الجزار بعضهم،وسجن آخرين، ثم انشغل عنهم بالحملة الفرنسية على الشام ، فلما انسحب الفرنسيون عاد الجزار من جديد إلى محاربة الشيعة لفترة امتدت زهاء عشر سنوات، وأحرق كتبهم .
ووقف العثمانيون أمام الشيعة لنشر وترسيخ التشيع في فلسطين ، وبعد سقوط الدولة العثمانية ووقوع بلاد الشام تحت الاحتلال الفرنسي والبريطاني وتقسيم المنطقة، تم ضم بعض قرى جنوب لبنان الشيعية في حدود فلسطين حين جرى رسم الحدود عام 1927.