منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى الفقهي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=129)
-   -   دروس مختصرة في شرح كتاب الصوم (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=152470)

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:40 PM

مسألة 1014 : يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره ، وفي جوازه عن الحي إشكال .
-------------------------

لا إشكال في جواز التبرع بالكفارة عن الميت كسائر العبادات والأعمال والصدقات الأخرى فكما يجوز التبرع بالواجبات كالصلاة والصيام والحج عنه إذا مات وذمته مشتغلة بذلك فكذا الكفارة سواء بالعتق أو الصيام أو الإطعام فينوي المتبرع النيابة عن الميت في ذلك ، سواء كانت كفارة صوم رمضان أو غيرها .
وإنما الكلام في جواز التبرع بالكفارة عن الحي فهل يجوز أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً نيابة عن الحي ؟
من الفقهاء من أجاز ذلك في العتق والإطعام ومنع في الصوم كالسيد الصدر والسيد محمد سعيد الحكيم الحكيم والسيد الروحاني فيجوز التبرع عن الحي بالإطعام ولكن لا يجوز الصوم من باب الكفارة نيابة عنه
والمعروف الإستشكال في جميع الخصال ، كما هو رأي السيد الماتن فجواز التبرع عن الحي بالعتق أو الصيام شهرين متتابعين او إطعام ستين مسكيناً من باب الكفارة فيه إشكال ، وعليه فالأحوط وجوباً عدم اكتفاء مَن عليه الكفارة بتبرع غيره ما لم يخرجها بنفسها .
ووجه الإشكال في المسألة أنه هل يعتبر المباشرة في دفع الكفارة كسائر التكاليف الأخرى كالوضوء والصلاة أم لا تعتبر المباشرة فيها ؟ فمَن استشكل وهم أصحاب القول الثاني لم يجزم بأحد الاحتمالين فلا بد من الاحتياط ، ومَن فصّل وهم أصحاب القول الأول فلأجل ذهابهم الى عدم اعتبار المباشرة في العتق والإطعام واعتباره في الصوم .

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:41 PM

مسألة 1015 : وجوب الكفارة موسع ، ولكن لا يجوز التأخير إلى حد يعد توانياً وتسامحاً في أداء الواجب .
------------------------
تقسم الواجبات الى قسمين :
1. الواجبات المؤقتة / وهي التي عيّن الشارع وقتاً مخصوصاً لامتثالها كالصلوات اليومية وصوم رمضان والحج وزكاة الفطرة .
2. الواجبات غير المؤقتة / وهي التي لم يعيّن الشارع وقتاً مخصوصاً لامتثالها بل تجب عند حصول موضوعها وشروطها ، وهي على قسمين :
أ . الواجبات الفورية / وهي التي يجب امتثالها بمجرد حصول موضوعها وشروطها فوراً ولا يجوز التأخير وذلك كإنقاذ النفس المحترمة ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسجود التلاوة فهذه الواجبات لم يشترط الشارع وقتاً خاصاً لامتثالها لكن يجب امتثالها فوراً بمجرد التكليف بها ولا يجوز التأخير فيها .
ب . الواجبات غير الفورية / وهي التي لا يجب امتثالها بمجرد حصول موضوعها وشروطها أو قل بمجرد التكليف بها فوراً بل يجوز تأخيرها وعدم المبادرة اليها ، وذلك كقضاء الصلوات وقضاء الصوم ووفاء النذر غير المعيّن ، ومن أمثلتها الكفارات عموماً وكفارة الصوم خصوصاً ، لذا قال الفقهاء ومنهم الماتن ( وجوب الكفارة موسع ) أي هو غير مؤقت وغير فوري ، فلم يشترط الشارع امتثال الكفارة في وقت مخصوص فهي إذن واجب غير مؤقت وإنما تجب عند حصول موضوعها وشروطها أي تجب عند التكليف بها وذلك عند الإفطار عمداً مع العلم بمفطرية ما يرتكبه في صوم رمضان أو قضائه بعد الزوال أو صوم الاعتكاف أو الصوم الواجب المعيّن ، كما لم يشترط الفورية في امتثالها فهي إذن واجب غير مؤقت وغير فوري بل موسع على المكلف امتثالها متى شاء فيجوز التأخير فيها
لكن ذكروا أن التوسعة وجواز التأخير فيها يشترط الا يصل إلى حد التهاون في الامتثال والتسامح به لأنه هتك استخفاف بحرمة المولى وبتكاليفه وللقطع بمبغوضيته لدى الشارع حينئذ .
وهذا حكم عام لجميع الواجبات غير الفورية ولا اختصاص له بالكفارة ، فكل واجب غير مؤقت وإن كان لا تجب المبادرة اليه لكن لا يجوز التسامح والتهاون فيه وتأخيره كثيراً الى حد التهاون كقضاء الصلاة والصوم مثلاً .

مولى أبي تراب 20-08-2012 07:26 PM

مسألة 1016 : مصرف كفارة الاطعام الفقراء إما بإشباعهم ، وأما بالتسليم إليهم كل واحد مد ، والأحوط استحبابا مدان
ويجزي مطلق الطعام من التمر والحنطة والدقيق والأرز والماش وغيرها مما يسمى طعاما
نعم الأحوط لزوما في كفارة اليمين وما بحكمها الاقتصار على الحنطة ودقيقها .
------------------------
في هذه المسألة يجيب الماتن عن السؤال السادس من الأسئلة الستة المتقدمة وهو :
ما هو مصرف الكفارة ؟
والكلام يختص بالإطعام ولا يشمل العتق والصوم كما هو واضح ، وتقدم في المسألة (1007) ذكر أنواع الصوم التي تجب فيها الكفارة وهي أربعة :
صوم رمضان ، وصوم قضائه ، وصوم الاعتكاف ، والنذر المعين ، وذكرنا ما هي الكفارة في كل واحد منها
والملاحظ اشتراكها جميعاً في الإطعام ، فالإطعام من خصال جميع كفارات الصوم
سواء كان إطعام ستين مسكيناً كما في صومي رمضان والاعتكاف ، أو عشرة مساكين كما في القضاء والنذر المعين
وذكر هنا أن مصرف الإطعام هو الفقراء وله طريقتان :
الأولى / أن يتم استدعائهم وإحضارهم الى الطعام فيأكلوا منه حد الإشباع ولا يجزي الأقل .
الثانية / بالتسليم بأن يتم دفع الطعام اليهم ، وحينئذٍ يجب أن لا تقل حصة كل واحد عن مد أي ثلاثة أرباع الكيلو
والأحوط استحباباً كونها مدين لدلالة بعض الأخبار على ذلك وهو رأي الشيخ الطوسي .
والمكلف مخيّر بين الطريقتين لصدق الإطعام على كل واحدة منهما وتحققه بهما
ولا يتعين الإطعام بنوع مخصوص من الطعام بل يجزي مطلق الطعام من التمر والحنطة والدقيق والأرز والماش وغيرها مما يسمى طعاماً
لإطلاق الدليل فلم يحدد نوعاً مخصوصاً دون غيره ، نعم في كفارة اليمين التي هي كفارة الصوم المنذور المعين دلت الروايات
على التحديد بالحنطة ودقيقها فيلزم الاقتصار على ذلك فيها دون غيرها من الكفارات .

الحوزويه الصغيره 21-08-2012 05:21 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

بارك الله بكم شيخنا الكريم ..
على طرحك القيم
شكرا" لك , جعله الله في ميزان حسناتك

دمت ودام عطائك

الشيخ فؤاد الخزاعي 22-08-2012 03:18 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى آبائه)في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً وهب لنا رأفته ورحمته ودعائه وخير برحمتك يا أرحم الراحمين

موسوي البحراني 24-08-2012 09:07 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله لكم أخينا الفاضل / مولى ابي تراب على مجهودكم العلمي حيث جاد قلمكم وأفاد في منتهى الغاية اذ بين المسائل الشائكة التي وقع فيها الخلاف ، ورفع غوامض الإبهام عن إجمال جملة منها ، وكان للقارئ اللبيب سهل المنال ، ومشوقا للاطلاع عليه للفهم والأعمال ، وقد انتهى قلمكم الكريم في بيان هذه المسائل حيث إنتهى شهر رمضان ، ولكنه لم ينتهي بعد حيث جاء موسم الحج على ابوابه والأعضاء مشتاقون ان تبين لهم مسائل الحج على ضوء بيانكم المذكور على مسائل الصوم مع مراعاة الأهم من مسائله من حيث العمل .

والسلام عليكم
أخوكم موسوي البحراني

مولى أبي تراب 28-08-2012 08:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحوزويه الصغيره (المشاركة 1828378)
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


بارك الله بكم شيخنا الكريم ..
على طرحك القيم
شكرا" لك , جعله الله في ميزان حسناتك


دمت ودام عطائك


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
---------------

حياكم الله مشرفاتنا الفاضلة الحوزوية الصغيرة
أسأل الله أن يبارك بكم ويزيد في علو شأنكم
حفظكم الله تعالى



مولى أبي تراب 28-08-2012 08:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ فؤاد الخزاعي (المشاركة 1829334)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى آبائه)في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً وهب لنا رأفته ورحمته ودعائه وخير برحمتك يا أرحم الراحمين

آمين رب العالمين
حياكم الله شيخنا الفاضل
وفقكم الله

مولى أبي تراب 28-08-2012 08:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موسوي البحراني (المشاركة 1831585)
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله لكم أخينا الفاضل / مولى ابي تراب على مجهودكم العلمي حيث جاد قلمكم وأفاد في منتهى الغاية اذ بين المسائل الشائكة التي وقع فيها الخلاف ، ورفع غوامض الإبهام عن إجمال جملة منها ، وكان للقارئ اللبيب سهل المنال ، ومشوقا للاطلاع عليه للفهم والأعمال ، وقد انتهى قلمكم الكريم في بيان هذه المسائل حيث إنتهى شهر رمضان ، ولكنه لم ينتهي بعد حيث جاء موسم الحج على ابوابه والأعضاء مشتاقون ان تبين لهم مسائل الحج على ضوء بيانكم المذكور على مسائل الصوم مع مراعاة الأهم من مسائله من حيث العمل .

والسلام عليكم
أخوكم موسوي البحراني

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
---------------

الأخ الفاضل موسوي بحراني وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يزيدني شرفاً واعتزازاً وافتخاراً أن أحظى من جنابكم بكلمة إشادة ، أشكر جنابكم الكريم متابعتكم هذه السطور وحضوركم المبارك هنا
إن شاء الله سأستمر في شرح ما تبقى من كتاب الصوم أولاً لعدم انحصار الفائدة بشهر رمضان المبارك كما لا يخفى على جنابكم

وثانياً لأن ما تبقى لنا وهي أحكام الكفارة والقضاء تشتد الحاجة له الآن بعد انقضاء الشهر الكريم فناسب الاستمرار بالتعرض له
أما فيما يتعلق بمناسك الحج وشرح مسائل هذه الشعيرة المباركة فالنية معقودة على ذلك سلفاً
وزادني عزيمةً بعثكم لي الى ذلك ، أسأل المولى سبحانه أن يوفقني ويعينني على أداءه
سرني أن أكون موضع ثقتكم ومحل طلبكم بشرح مناسك الحج عسى أن أكون أهلاً لذلك
أسأل الله أن يكتبنا وإياكم من حجاج بيته الحرام وزوار قبر نبيه وآله الكرام
إنه سميع مجيب



مولى أبي تراب 29-08-2012 05:38 PM

مسألة 1017 : لا يجزي في الكفارة اشباع شخص واحد مرتين أو أكثر ، أو اعطاؤه مد أو أكثر
بل لا بد من ستين نفسا ، إلا مع تعذر استيفاء تمام العدد فيكفي حينئذ في وجه لا يخلو عن اشكال
فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط إذا اتفق التمكن منه بعد ذلك .
--------------------
لمّا كان الواجب في كفارة صوم رمضان وكذا الاعتكاف أن يكون الإطعام لستين مسكيناً لم يجزئ الاقتصار على الأقل
فلا يجوز الاقتصار على ثلاثين مسكيناً مثلاً بإشباع كل واحد مرتين أو أن يدفع لكل واحد مدين
وكذا في كفارة القضاء وصوم النذر المعين فلا يجزئ الاقتصار على الأقل من عشرة مساكين
لأنه خلاف المأمور به شرعاً ما دام يمكن تحصيل العدد
نعم مع عدم القدرة على تحصيل العدد ولم يجد الا ما دون الستين جاز حينئذٍ الاقتصار على الأقل بالتكرار عليهم
وحينئذٍ يرد سؤال :
لو اقتصر على الأقل بالتكرار عليهم لتعذر استيفاء العدد فهل تبرئ ذمته بذلك ؟
بحيث لو استطاع تتميم العدد بعد ذلك لم يجب عليه الدفع مجدداً أم لا بد من الاستيفاء ؟
فلو لم يجد الا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم مرتين أو دفع لكل واحد مدين ، ثم بعد ذلك عثر على ثلاثين غيرهم
فهل يجب عليه الدفع مجدداً أم يكتفي بتكرار الدفع على الأولِين ؟
الجواب / قال الماتن في الاكتفاء إشكال ، وعليه فالأحوط وجوباً أن يدفع مجدداً
فلو أشبع ثلاثين مسكيناً مرتين لعدم وجود غيرهم ، ثم وجد ثلاثين غيرهم وجب عليه أن يشبعهم أيضاً
وظاهر باقي الفقهاء المعاصرين الجزم بعدم الاكتفاء وأنه لا بد من الدفع واستيفاء العدد
باستثناء السيد الصدر والسيد الحكيم فاختارا الاكتفاء وعدم وجوب الدفع مجدداً كما هو رأي غيرهما ممن تقدم من الفقهاء .

مولى أبي تراب 29-08-2012 05:42 PM


مسألة 1018 : إذا كان للفقير عيال فقراء جاز اعطاؤه بعددهم إذا كان وليا عليهم أو وكيلا عنهم في القبض
فإذا قبض شيئا من ذلك كان ملكا لهم ، ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم إذا كانوا كبارا ، وإن كانوا صغارا صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم .
--------------------------
إذا وُجد فقير يعيل فقراء جاز إعطاؤه بعددهم أمداداً لكل واحد مد ، ويعدّ كل واحد منهم من الستين ، كالرجل الفقير الذي يعيل زوجة وأولاداً فقراء فلو كان مجموعهم عشرة جاز دفع عشرة أمداد له بعددهم ، ولا يجب الدفع لكل واحد منهم مباشرة كما لا يضر صِغَر بعضهم ، فلا يشترط في المسكين أن يكون بالغاً ، ويشترط في ذلك أمران :
أولاً / أن يكون العيال فقراء أيضاً كالمعيل فلو كانوا أغنياء أو كان بعضهم كذلك لم يجز إعطاؤه عن الغني .
ثانياً / أن يكون المعيل ولياً على العيال كالأب بالنسبة الى أولاده الصغار والمجانين ، أو وكيلاً عنهم في القبض كما إذا كانوا بالغين راشدين فأوكلوا معيلهم أن يقبض عنهم ، فإن لم يكن المعيل ولياً على العيال ولا وكيلاً عنهم لم يصح الدفع له عنهم كما إذا لم توكّله الزوجة وكذا أولاده الكبار فلا يصح دفع حصصهم إليه وكذا إذا لم يكن ولياً على الصغار كالمعيل الأجنبي ، لعدم وجود المسوّغ حينئذٍ في الدفع إليه ، وبعبارة أخرى إن الواجب هو دفع مد للفقير والدفع الى الفقير لا يخلو إما أن يكون بنحو المباشرة أو عن طريق الولي أو عن طريق الوكيل ، فإذا دفع الى غير الوكيل والولي لم يصدق أنه دفع الى الفقير لعدم المباشرة ولا الدفع الى الوكيل ولا الولي
نعم يمكن للمكلف الذي وجبت عليه الكفارة أن يجعل المعيل الذي ليس بوكيل عن العيال ولا ولياً عنهم وكيلاً عنه هو في إشباع العيال أو في دفع الحصص إليهم .
وعلى أي حال إذا قبض الفقيرُ المعيلُ طعامَ الكفارة عن العيال بحسب وكالته أو ولايته دفع إلى موكّليه الراشدين من عياله حصصهم ، وبقيت حصص المُولّى عليهم كالصغار أمانة بيده يتولى صرفها في مصالحهم وحاجاتهم بحسب ولايته عليهم .
خلاصة المسألة /
إذا وُجد فقير يعيل فقراء كرب العائلة الفقير الذي يعيل زوجة وأولاداً فقراء جاز لمن عليه الكفارة أن يدفع إالى رب العائلة أمداداً بعدد أفراد العائلة ويحتسبهم من جملة الستين سواء كانوا صغاراً أو كباراً ما داموا فقراء ، ولا يجب أن يدفع إليهم مباشرة بل يجزي الدفع الى معيلهم كرب العائلة ، لكن يشترط في المعيل حتى يصح أن يقبض عن العيال أن يكون ولياً على الصغار منهم ووكيلاً عن الكبار البالغين والا لم يصح الدفع اليه عن العيال ، وحينئذٍ يجب على المعيل بعد قبض حصص العيال أن يدفع حصة الكبار إليهم ولا يصح أن يتصرف بها من دون إذنهم فلا يصح للزوج أن يتصرف بحصة زوجته وأولاده البالغين دون إذنهم كما هو الحال في كل وكيل فلا يحق له التصرف في مال موكله دون إذنه ، أما حصص الصغار وغير الراشدين فتبقى بيد المعيل أمانة يصرفها في مصالحهم كما هو الحال والحكم في سائر أموال المولّى عليهم ، ولا يحق له أن يتصرف بها في غير ما فيه مصلحة لهم كالصرف الشخصي .

مولى أبي تراب 29-08-2012 05:43 PM


مسألة 1019 : زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلا لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة
ولا يجوز إعطاؤها من الكفارة إلا إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين ونحوه .
---------------------
إذا كان الزوج باذلاً النفقة الواجبة عليه لزوجته (1) على النحو المتعارف اللائق بها بحيث يصدق عرفاً أن حاجاتها الضرورية متوفرة لها ، لم يصح دفع الكفارة اليها لأنها غنية شرعاً وإن كان زوجها فقيراً ، فإن من كانت زوجها باذلاً لنفقتها فهي مالكة لقوت سنتها وكل من كانت مالكة لقوت سنتها فهي غنية شرعاً والغنية شرعاً لا تستحق الكفارة وليست مصرفاً لها ، وإنما يستحق الكفارة المسكين وهو من لا يتوفر على قوته اللائق به وعلى النحو المتعارف ، أما من كان متوفراً عليه ولو بإعالة معيل ونفقة منفق كالزوجة لم يستحق الكفارة
نعم إذا احتاجت النفقة في ما لا يجب على الزوج توفيره لها كوفاء الدين فإنه لا يجب على الزوج تحمّله جاز أن تدفع لها الكفارة لتصرفها في هذا المورد لصدق كونها فقيرة في هذا المورد ما دام الزوج غير متكفل به .
وقد تسأل / كيف تكون الزوجة غنية بنفقة زوجها الفقير ؟
جواب ذلك أن المقصود الفقر والغنى الشرعيان ويراد بهما على ما تقدم غير مرة امتلاك قوت السنة وعدم امتلاكه ، فمن امتلك قوت سنته فعلاً أو قوة فهو غني ومن لم يمتلك قوت سنته لا فعلاً ولا قوة فهو فقير ، وعليه فيمكن أن يكون الزوج لا يمتلك قوت سنته هو فهو فقير شرعاً الا أنه ليس معدماً تماماً بل قادر على توفير نفقة الزوجة فتكون هي غنية دونه ، مع ملاحظة أن نفقة كل شخص تختلف بحسب حاله وشأنه فقد يمتلك الزوج مالاً يكفي لسد نفقات الزوجة بحسب حالها الا أنه لا يكفيه بحسب حاله وشأنه فيكون فقيراً وهي غنية .
وذكر الزوجة هنا من باب التمثيل للمُنفق عليه فلا ينحصر الأمر بها بل يشمل كل من تكفل بنفقته غيره ، فلا يجوز دفع الكفارة إليه ليصرفها في نفقته ما دامت نفقته متحققة ، نعم يجوز أن تدفع إليه ليصرفها فيما لا يجب على المنفق توفيره من نفقة ضرورية .
وقد تسأل أيضاً / إن كفارة الإطعام لمّا كانت طعاماً إنما تدفع للأكل ولذا تقدم أن دفعها يمكن أن يكون بالإشباع كما يمكن أن يكون بالتسليم مداً من الطعام ، فما معنى أن يقال يجوز أن تدفع للزوجة لتصرفها في الدين ؟
الجواب / سيأتي في المسألة التالية إن شاء الله أن ذمة المكفّر تبرئ بمجرد الدفع وإيصال الطعام الى المستحق وتملّكه إياه ولا تتوقف على أكله لها ، وإذا ملكها المستحق صارت كسائر أملاكه يجوز له أن يتصرف فيها بما شاء فيجوز له بيعها مثلاً كما يجوز له أن يدفعها وفاء للدين وهكذا .
.
.
_______________________________________
(1) نفقة الزوجة الواجبة على زوجها هي الأمور الضرورية للمعاش والحياة كالمأكل والمشرب والمسكن والملبس والفراش والغطاء وأثاث المنزل وآلات التدفئة والتبريد والتنظيف وأجرة الطبيب ومصاريف الدواء والحمل والولادة وهكذا كل ما لا بد منه بحسب العرف وكل ما يكثر الاحتياج إليه عادة فهو من النفقة ، وهو يختلف من زمان الى آخر ومن مكان الى آخر ومن زوجة الى آخر فقد يكون شيء من ضروريات ونفقات بعض الزوجات دون بعض كالخادمة مثلاً فكل واحدة بحسبها وما هو اللائق بشأنها ، فمن كانت زوجها منفق لها ما يليق بشأنها لم تستحق الكفارة ، ومن كانت نفقة زوجها لا تليق بشأنها وإن كانت تليق بشأن غيرها استحقت الكفارة .

مولى أبي تراب 29-08-2012 05:44 PM


مسألة 1020 : تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين ، ولا تتوقف البراءة على أكله الطعام ، فيجوز له بيعه عليه وعلى غيره .
------------------------
تقدم أن الإطعام يتحقق إما بإشباع المستحقين أو بالتسليم لكل واحد مد من الطعام ، فإن اختار المكفّر الثاني
فيكفي في براءة ذمته أن يصل المد الى المستحق ويقبضه ولا يتوقف على تحقق الأكل فعلاً
فلو دفع المد الى المستحق برئت ذمته وإن لم يأكل منه المستحق ، كما أن المستحق لا يجب عليه أكل طعام الكفارة
بل بعد قبضه له فهو مالك له ويصير من جملة أمواله وأملاكه فله أن يتصرف فيه بما شاء بهبة أو بيع
ولو بأن يبيعه على المكفّر نفسه أو على غيره ، لعدم الدليل على وجوب الأكل وتوقف براءة ذمة المكفر على تحققه
بل الواجب هو الإطعام وهو يتحقق بالدفع والتمليك وإيصال الطعام الى المستحق فلا يجب الزائد على ذلك
فلفظ الإطعام كما يصدق على الإشباع والإطعام الخارجي يصدق على الإعطاء والتمليك ولو من دون تحقق الأكل
كما يشهد بذلك المعنى اللغوي للفظ الإطعام واستعمال الروايات له في هذا المعنى
نعم لو لم يصل الطعام الى المستحق لم تبرء ذمة المكفّر ووجب عليه الدفع مجدداً
كما إذا وكّل غيره في إيصال الطعام الى المستحق فلم يوصله الوكيل وجب على الموكّل المكفّر الدفع مجدداً .

مولى أبي تراب 29-08-2012 05:45 PM

مسألة 1021 : تحديد المد بالوزن لا يخلو عن اشكال ، ولكن يكفي في المقام احتساب المد ثلاثة أرباع الكيلو .
--------------------------
لمّا كان المد من المقاييس القديمة التي هُجر استعمالها ولم تعد معمولاً بها كان لا بد من معرفة مقداره في الأوزان المتعارفة والمتداولة في زماننا
كالمثقال والغرام وأوضحها الكيلو غرام ، والمعروف أن المد هو ثلاثة أرباع الكيلو أو يقلّ عن ذلك شيئاً يسيراً لا يعتد به
ولذا يعبر الفقهاء بكلمة تقريباً فيقولون المد ثلاثة أرباع الكيلو تقريباً ، والصاع ثلاثة كيلوات تقريباً
الا أن الماتن استشكل في أصل تحديد المد وكذا الصاع بالوزن بشكل عام سواء هنا في باب الكفارات أو غيرها كما في الزكاة والوضوء والغسل وغير ذلك
فبشكل عام تحديد المد بالوزن فيه إشكال ، مع ذلك حكم بكفاية تحديده بثلاثة أرباع الكيلو في ما نحن فيه أي كفارة الإطعام
فهو كافٍ ومحقّق لبرائة الذمة للاطمئنان بأنه أكثر من المد الواجب دفعه ، فقد ذكروا أن المد ثلاثة أرباع الكيلو الا شيئاً يسيراً جداً .
ولم يذكر الماتن وجه الإشكال في أصل تحديد المد بالوزن ، والمعروف تحديد الفقهاء بذلك بلا استشكال .

مولى أبي تراب 29-08-2012 05:45 PM

مسألة 1022 : في التكفير بنحو التمليك يعطى الصغير والكبير سواء ، كل واحد مد .
----------------------
تقدم أن التكفير بالإطعام له طريقتان : إما بالإشباع وإما بالتسليم لكل واحد مد وهو الذي عناه الماتن بقوله ( بنحو التمليك )
لأن الفقير بالتسليم يملك المد من الطعام ولذا تقدم في المسألة السابقة أن له التصرف فيه بما شاء ولو ببيعه على المكفّر نفسه
بخلاف الإشباع فهو ليس تمليكاً لذا لا بد فيه من تحقق الأكل والإشباع .
وفي هذه المسألة يتعرض الفقهاء الى سؤال وهو : هل يشترط البلوغ في مستحق الكفارة ؟
الجواب / أما بالتسليم فلا يشترط ذلك فالكبير والصغير على حد سواء في استحقاقهم الكفارة ما داموا مساكين ، فيعطى لكل واحد مد من الطعام
لإطلاق الدليل الدال على أن لكل مسكين مد من الطعام ولفظ المسكين صادق على الصغير كالكبير ، ولذا تقدم في المسألة (1018) جواز إعطاء
المعيل الفقير بعدد العيال الفقراء لكل واحد مد حتى الصغار منهم ، ويقبضها عنهم بولايته عليهم بنحو التمليك لهم فيصرفها بمقتضى ولايته في مصالحهم .
وأما إذا كان الدفع بالإشباع فلم يتعرض له الماتن صراحة لكن من خلال المسائل السابقة يمكن استفادة أن حكمه حكم التمليك فلا يشترط البلوغ أيضاً
وأنه يتحقق التكفير بدعوة الصغير وإشباعه كالكبير ، فلو دعا ستين أو عشرة مساكين وفيهم الصغير والكبير فأشبعهم كفى وصح وإن كان مقدار ما أكله الصغير
أقل مما أكله الكبير إذ لا يشترط التسوية في الإشباع كما هي كذلك في التمليك ففي التمليك لكل واحد مد
أما في الإشباع فتبرئ الذمة بتحقق الإشباع في كل واحد وإن تفاوتوا في المقدار المشبع لهم
على أنه ليس بالضرورة كون المقدار المشبع للصغير أقل من المقدار المشبع الكبير فقد يكون ما يشبع الصغير كابن عشر سنين أكثر مما يشبع الكبير كابن الثمانين
والحاصل أن الواجب هو إشباع ستين مسكيناً ولمّا كان لفظ المسكين صادق على الصغير كالكبير إذن لا فرق في الإشباع بين الصغير والكبير
نعم ذكروا أنه لا بد من استثناء الصغير جداً كابن سنة او سنتين لعدم صدق إطعام وإشباع مسكين فيه
وفي مقابل هذا القول توجد أقوال أخرى فقيل يشترط البلوغ في الإشباع فلا يكتفى بدعوة الصغار
وقيل يصح دعوة الصغار لكن يحتسب كل صغيرين بمسكين واحد إذا كانوا منفردين عن الكبار فلا يكتفى بدعوة ستين صغيراً
نعم إذا انضموا الى الكبار كما لو دعا صغاراً وكباراً كفى واحتسب كل صغير بمسكين واحد .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:04 AM

مسألة 1023 : يجب القضاء دون الكفارة في موارد :
--------------------------
من أفطر في صوم رمضان فقد لا يجب عليه القضاء ولا الكفارة كالشيخ والشيخ وذي العطاش على الخلاف المذكور في الفصل الخامس
وقد يجب عليه القضاء دون الكفارة فقط كناسي الجنابة ، وقد يجب عليه القضاء والكفارة كمن تناول المفطر عالماً عامداً
ولا معنى لوجوب الكفارة فقط دون القضاء
فاتضح أنْ لا ملازمة بين القضاء والكفارة عند تحقق الإفطار فقد يجب القضاء ولا تجب الكفارة
وذلك لاختلاف السبب الموجب لهما ، فالقضاء يجب بالإخلال بالنية أو بفعل المفطر في بعض الموارد
أما الكفارة فقد تقدم في أول هذا الفصل عند الإجابة على السؤال الثالث من الأسئلة الستة أنها تجب بتناول المفطر بشرطين :
1. العلم بكونه من المفطرات . 2. العمد والاختيار وقصد الإفطار
وبالتالي فلو انخرم أحد الشرطين فضلاً عن كليهما لم تجب الكفارة ، وحينئذٍ قد يجب القضاء فقط وقد لا يجبان معاً
وعليه فلمّا لم تكن بين القضاء والكفارة ملازمة وأنه يمكن تخلف الكفارة عن القضاء شرع الماتن في بيان الموارد التي يجب فيها القضاء دون الكفارة
والكلام في الصائم الذي فسد صومه بفعل المفطر أو الإخلال بالنية لا مطلق موارد وجوب القضاء دون الكفارة
والا فهناك موارد أخرى يجب فيها القضاء دون الكفارة كالمسافر والمريض ومَن رُخّص في الإفطار ممن يجب عليه القضاء كالحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن
الا أن هؤلاء لا يجب عليهم الصوم أصلاً ، والكلام فيمن وجب عليه الصوم فصام ثم أفسد صومه
وقد ذكر الفقهاء وجوب القضاء عليه دون الكفارة في سبعة موارد وهي :

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:05 AM

الأول : نوم الجنب حتى يصبح على تفصيل قد مر .
--------------------------
المورد الأول / من أجنب ليلاً ثم نام واستمر به النوم الى أن طلع الفجر على تفصيل تقدمت الإشارة إليه في المسألة (993)
وحاصل التفصيل :
أنه إن كان عازماً على ترك الغسل أو متردداً فيه فعليه القضاء والكفارة
وإن كان عازماً على الاستيقاظ والاغتسال قبل الفجر فاتفق استمرار نومه الى ما بعد الفجر فإن كان في النومة الأولى
فالمعروف صحة صومه واشترط الماتن أن يكون واثقاً من الانتباه والا فعليه القضاء دون الكفارة
وإن كان في النومة الثانية او الثالثة فالمعروف أن عليه القضاء دون الكفارة
وإن كان غافلاً وذاهلاً عن الاغتسال فرأي السيد الماتن والسيد الخوئي أن عليه القضاء مطلقاً
سواء في النوم الأول او الثاني او الثالث والأحوط استحباباً الكفارة في النوم الثالث
واستثنى بعضهم النوم الأول فحكم فيه بصحة الصوم .
فتبين أن نوم الجنب حتى يصبح ليس حكمه القضاء دون الكفارة مطلقاً
بل قد يجب معه القضاء والكفارة كما إذا كان عازماً على ترك الغسل أو متردداً فيه
وقد لا يجب عليه لا القضاء ولا الكفارة كما في النومة الأولى لناوي الغسل إما مطلقاً على القول المعروف
أو بشرط الوثوق من الانتباه كما هو رأي الماتن ، وفيما عدا ذلك يجب القضاء دون الكفارة وذلك في موردين :
1. ناوي الغسل في النومة الثانية والثالثة وما بعدهما .
2. الغافل عن الغسل مطلقاً ولو في النومة الأولى .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:06 AM

الثاني : إذا أبطل صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطر .
----------------------
المورد الثاني / كل من أخلّ بالنية من دون أن يتناول المفطر ، فلا تجب عليه الكفارة لأن وجوبها متوقف على فعل المفطر عمداً مع العلم بمفطريته
فلو لم يكن عامداً أو كان غير عالم بالمفطرية لم تجب عليه الكفارة وإن فعل المفطر فضلاً عما إذا لم يفعل المفطر أصلاً
وتقدمت الإشارة الى هذا المورد في المسألة (980) فقال المصنف :
( استدامة النية إلى آخر النهار ، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل وإن رجع إلى نية الصوم على الأحوط )
وقلنا أن نية الصوم هي العزم على ترك المفطرات ولا بد من استمرار العزم مركوزاً في النفس طيلة النهار
فلو تركه أو تردد فيه بطل الصوم ولكن لا تجب الكفارة ما لم يمارس المفطر فعلاً .
والحاصل / كل من أخل بالنية من دون أن يتناول المفطر بطل صومه وعليه القضاء دون الكفارة وذلك يتصور على أنحاء ثلاثة :
1. أن ينوي أثناء النهار وبعد عزمه على الصوم يقطع نية الصوم ويرفع يده عنه فينوي أن لا يكمل صوم ذلك اليوم من دون أن يستعمل المفطر .
2. أن يتردد في النية بأن يبقى متحيراً هل يكمل صوم ذلك اليوم أو يفطر فلا هو عازم على الصوم ولا عازم على الإفطار
بل متردد متحير يخيّر نفسه بينهما فيحدّث نفسه بالإفطار من دون أن يعزم عليه .
3. أن ينوي فعل المفطر لكن لا يفعله كما إذا قصد شرب الماء ولكن لم يشربه فهذا من الإخلال بالنية فيجب عليه القضاء دون الكفارة
فإن شرب فعلاً وجبت الكفارة ، وقد تقدمت الإشارة الى ذلك في عدة موارد منها قول الماتن في المفطر الثالث
( ولو قصد الجماع وشك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة كان من قصد المفطر وقد تقدم حكمه ولكن لم تجب الكفارة عليه )
وقوله في المفطر الخامس ( وإن قصد الكذب فكان صدقا كان من قصد المفطر ) وقوله في المسألة (1004)
( يكره للصائم ملامسة النساء وتقبيلها وملاعبتها إذا كان واثقا من نفسه بعدم الانزال ، وإن قصد الانزال كان من قصد المفطر ) وغيرها من الموارد .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:06 AM

الثالث : إذا نسي غسل الجنابة يوما أو أكثر .
----------------------------
المورد الثالث / من أجنب ليلاً في شهر رمضان ونسي غسل الجنابة يوماً أو أكثر ولو الشهر كله
فقد تقدم في المسألة (988) أن عليه القضاء دون الكفارة لأن الكفارة حكم من تعمد البقاء على الجنابة لا ناسيها
وأشرنا هناك الى الخلاف في المسألة وأن من الفقهاء من اختار صحة الصوم الا أن المعروف هو ما ذكره الماتن
كما أشرنا الى أن المعروف اختصاص الحكم بالبطلان بصوم رمضان ومن الفقهاء من احتاط بشموله للقضاء أيضاً .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:07 AM

الرابع : من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاته بنفسه ولا حجة على طلوعه ، أما إذا قامت حجة على طلوعه وجب القضاء والكفارة ، وإذا كان مع المراعاة بنفسه فلا قضاء ، ولو مع الشك في بقاء الليل على الأظهر ، بلا فرق في ذلك بين جميع أقسام الصوم .
------------------------
المورد الرابع / تقدم أن صحة الصوم متوقفة على ترك المفطرات من طلوع الفجر حتى وإن تأخرت النية كما في القضاء حيث تمتد النية الى الزوال ، فحتى يصح الصوم لا بد من من عدم فعل المفطرات بعد طلوع الفجر عمداً ، لكن سيأتي إن شاء الله في المسألة (1024) جواز الاستمرار بفعل المفطرات في الليل الى حين حصول العلم بطلوع الفجر ولا يكفي الشك بطلوع الفجر ، فمن شك في طلوع الفجر جاز له فعل المفطر استصحاباً لبقاء الليل ، ولكن إن تبيّن له بعد ذلك خطؤه وإن تناول المفطر قد وقع بعد الطلوع فما حكمه ؟ كما إذا استمر بالأكل والشرب مع الشك في طلوع الفجر ثم تبين بعد ذلك أن الفجر كان طالعاً حين أكل أو شرب ، وقد ذكر الماتن ثلاث حالات :
الحالة الأولى / أن يحصل ذلك لأنه لم يتفحص طلوع الفجر ولم يتأكد من عدم طلوعه ولا قامت عنده حجة على طلوعه كخبر الثقة مثلاً ، بل اعتمد على مجرد استصحاب بقاء الليل والترخيص للصائم بفعل المفطر مع الشك في طلوع الفجر ، ففي هذه الحالة هو ليس بآثم لكن عليه القضاء فقط دون الكفارة ، أما عدم الإثم فلجواز تناول المفطر مع الشك في طلوع الفجر فهو مأذون شرعاً في تناول المفطر مع الشك في طلوع الفجر فلا يأثم عليه ، وأما القضاء فلفعل المفطر بعد طلوع الفجر عمداً ، وأما عدم وجوب الكفارة فلعدم قصده الإفطار بل كان عازماً على الصوم .
وبذلك تعرف أن الإمساك قبل الفجر ليس بلازم لجواز فعل المفطرات مع الشك في طلوع الفجر ولا يجب الامتناع عنها حتى يحصل العلم بطلوع الفجر ، الا أنه راجح حتى لا يتبن الخطأ بعد ذلك فيجب القضاء أو قل حتى يحصل اليقين بصحة الصوم .
الحالة الثانية / أن يحصل ذلك - وهو تبيّن وقوع الأكل والشرب مثلاً بعد الفجر - مع قيام الحجة على طلوع الفجر ومخالفته لها ، كما إذا قامت عنده البينة على طلوع الفجر أو أخبره الثقة بذلك الا أنه لم يراعِ فأكل وشرب ثم تبين له صواب الحجة ووقوع فعل المفطر بعد الفجر ، فحينئذٍ هو آثم ويجب عليه القضاء والكفارة ، أما الإثم فلمخالفته الحجة المعتبرة ، وأما القضاء فلفعل المفطر بعد الفجر عمداً ، وأما الكفارة فلأن فعلها مع قيام الحجة على الطلوع يكون من قصد المفطر وعدم العزم على الصوم .
أما إذا تبين له خطأ الحجة وأن فعل المفطر كان قبل الفجر كما إذا قامت الحجة عنده على أن الفجر عند الساعة الخامسة فخالفها وأكل عند الخامسة ثم بان خطأ الحجة وأن الفجر عند الخامسة وعشر دقائق فالأكل كان قبل الفجر فحينئذٍ صومه صحيح ، اللهم الا أن ترجع مخالفته للحجة الى قصده المفطر أو عدم عزمه على الصوم .
الحالة الثالثة / أن يحصل ذلك مع فحصه ومراعاته للفجر ، كما لو نظر الى السماء فاعتقد بقاء الليل فأكل وشرب ثم تبين له طلوع الفجر وخطأ فحصه ، فحينئذٍ صومه صحيح ولا إثم ولا قضاء ولا كفارة عليه ، أما عدم الإثم والكفارة فلعدم قصده الإفطار بل هو عازم على الصوم ، وأما عدم القضاء فهو وإن تبين وقوع المفطر بعد الفجر الا أن الروايات دلت على صحة صوم من نظر وفحص قبل الأكل والشرب ثم تبين له خطؤه ، وعلى هذا الحكم إجماع الفقهاء ، نعم اختلفوا في أمرين :
الأمر الأول / أن الحكم هل يشمل من بقي شاكاً في طلوع الفجر بعد الفحص أم يختص بمن حصل له الوثوق من فحصه بعدم الطلوع ؟ فمن فحص عن الفجر ووثق بعدم طلوعه فأكل وشرب ثم تبين له خطؤه فلا إشكال في انطباق الحكم عليه وهو صحة صومه وعدم القضاء عليه ، وهل كذلك من فحص وبقي شاكاً بطلوع الفجر فأكل وشرب ثم تبين له الطلوع ؟
قال الماتن ( وإذا كان مع المراعاة بنفسه فلا قضاء ولو مع الشك في بقاء الليل على الأظهر ) فعمّم الحكم للشاك أيضاً فكل من فحص قبل تناول المفطر ثم تبين له خطأ فحصه ووقوع المفطر بعد طلوع الفجر فلا قضاء عليه سواء حصل له الوثوق بعدم الطلوع من فحصه أو بقي شاكاً
وفي هذا خلاف فمن الفقهاء من خصّ الحكم بمن وثق بعد الفحص بعدم الطلوع أما من فحص وبقي شاكاً فلا يشمله الحكم وأن عليه القضاء كما صرح بذلك السيد اليزدي ، وهو ظاهر جلّ الرسائل العملية وإن لم يصرحوا بذلك ، فإنهم علّقوا صحة الصوم على ما إذا اعتقد عدم الطلوع فقالوا ( وإذا كان مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل فلا قضاء ) فرتبوا الحكم بعدم القضاء على المراعاة مع اعتقاد بقاء الليل لا مطلقاً ولازم ذلك عدم شمول الحكم وهو عدم القضاء للشاك لأنه غير معتقد ببقاء الليل بل شاك إذن الحكم لا يشمله فيرجع الى الحالة الأولى فيكون حكمه حكم من لم يفحص فعليه القضاء . ومنشأ الخلاف الاختلاف في فهم الرواية وأنها هل تختص بالمعتقد أم تشمل الشاك أيضاً ، فقول الماتن ( على الأظهر ) أي على ما هو الأظهر عنده في فهم الرواية ودلالتها في مقابل ما استظهره غيره منها وهو الاختصاص بالمعتقد .
الأمر الثاني / هل يختص هذا الحكم - وهو صحة صوم من فحص وتناول المفطر ثم بان له وقوع المفطر بعد الفجر - بصوم رمضان ، أم يشمل غيره ؟ ففي صوم القضاء أو النذر او المندوب من فحص فاعتقد بقاء الليل وعدم طلوع الفجر فأكل ثم بان له طلوع الفجر فهل يحكم بصحة صومه أيضاً كما في صوم رمضان ؟ أم يحكم بالبطلان ويختص الحكم بصوم رمضان ؟
فيه ثلاثة آراء /
الرأي الأول / اختصاص الحكم بشهر رمضان ، أما غيره من الواجب المعيّن أو غير المعيّن أو المندوب فالأقوى فيه البطلان مطلقاً وهو رأي السيد الخوئي وغيره .
الرأي الثاني / الجزم بعد شمول الحكم للواجب غير المعيّن كالقضاء وكذا الصوم المندوب فحكمهما البطلان كما في القول الأول ، لكن في شمول الحكم للواجب المعيّن كالنذر المعيّن أو اختصاصه بصوم رمضان إشكال ، فالاحوط وجوباً في الواجب المعيّن لو فحص واعتقد بقاء الليل فأكل ثم بان طلوع الفجر الإتمام والقضاء ، فيتم صيام ذلك اليوم احتياطاً لاحتمال شمول الحكم له ويقضيه احتياطاً لاحتمال عدم شمول الحكم له وأنه مختص برمضان ، وهذا الرأي للسيد الصدر وغيره .
الرأي الثالث / شمول الحكم لجميع أنواع الصوم بما فيها المندوب وعدم اختصاصه بصوم رمضان فما دام قد فحص قبل فعل المفطر فصومه صحيح سواء حصل له الاعتقاد أو بقي شاكاً ، وسواء كان صوم رمضان أو غيره ، وهو رأي السيد الماتن .
ومنشأ الخلاف أن الرواية الدالة على صحة صوم من تفحص قبل تناول المفطر واردة في صوم رمضان ، فهل يختص الحكم به كما هو موردها ؟ أم أن ذكره من باب المثال فنتعدى بالحكم الى غيره من أنواع الصوم ؟ فمنشأ القول الأول استظهار أن الحكم مختص بمورد الرواية وهو صوم رمضان وأن ذكره ليس من باب المثال بل من باب الاختصاص ، وعكس ذلك القول الثالث ، بينما استظهر أصحاب القول الثاني عدم شمول الحكم للواجب غير المعين والمندوب واستشكلوا في الشمول للواجب المعيّن لاحتمال أن حكمه حكم صوم رمضان .
والحاصل /
المورد الرابع من موارد وجوب القضاء دون الكفارة من تناول المفطر باعتقاد عدم طلوع الفجر ثم بان له الطلوع ووقوع فعل المفطر بعد الفجر
فعليه القضاء فقط بشرط أن يكون ذلك مع عدم المراعاة والفحص ، أما مع الفحص فصومه صحيح
وأما مع قيام الحجة على الطلوع ومخالفته لها فعليه القضاء والكفارة .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:08 AM

الخامس : الافطار قبل دخول الليل باعتقاد دخوله ، حتى فيما إذا كان ذلك من جهة الغيم في السماء على الأحوط
بل الأحوط إن لم يكن أقوى وجوب الكفارة فيه أيضا إذا لم يكن قاطعا بدخوله .
----------------------
المورد الخامس / كان الكلام في المورد الرابع فيمن تناول المفطر بعد طلوع الفجر معتقداً عدم طلوعه وأن ذلك يوجب القضاء دون الكفارة مع عدم المراعاة والفحص ، وفي المورد الخامس الكلام فيمن اعتقد دخول الليل وتحقق الغروب فأفطر ثم بان له خطؤه وأن تناوله المفطر قد وقع في النهار قبل دخول الليل فعليه القضاء دون الكفارة ، هذا مع اعتقاده وقطعه بدخول الليل ، أما إذا أفطر لمجرد احتمال دخول الليل من دون أن يقطع بدخوله فعليه الكفارة أيضاً فيكون حكمه حكم من تناول المفطر مع قطعه بعدم دخوله ، فغير القاطع بالدخول حكه حكم القاطع بعدم الدخول فعلى كل منهما القضاء والكفارة ، والفرق بينهما أن القاطع بعدم دخول الليل هو المتيقن أنه في النهار وأن الليل لم يدخل بعد ، أما غير القاطع بالدخول فهو الشاك أنه في النهار أو أن الليل قد دخل ، قال الماتن وحكمهما واحد فعلى كل منهما القضاء والكفارة ، فيختص الحكم بالقضاء دون الكفارة وهو المورد الخامس بمن اعتقد وقطع بدخول الليل فتناول المفطر ثم بان له خطأ اعتقاده وأن الليل لم يدخل بعد فعليه القضاء دون الكفارة ، ولا يشمل الحكم من أفطر لمجرد احتمال دخول الليل وهو غير القاطع بالدخول فهذا حكمه حكم القاطع بعدم الدخول فعليه الكفارة أيضاً ، فالصور ثلاث :
الصورة الأولى / أن يتناول المفطر مع قطعه وجزمه بعدم دخول الليل ثم يتبين له صحة قطعه وأنه تناول المفطر في النهار ، ولا إشكال أنه متعمّد الإفطار فعليه القضاء والكفارة .
الصورة الثانية / أن يتناول المفطر مع عدم قطعه بدخول الليل بل هو شاك بالدخول وعدمه فيحتمل أنه قد دخل الليل ويحتمل بقاء النهار ، ثم يتبين له أن تناول المفطر قد وقع في النهار ، وهذا عليه القضاء والكفارة أيضاً كالأول لعدم جواز تناول المفطر بمجرد احتمال دخول الليل بل لا بد من القطع او الاطمئنان بدخوله .
الصورة الثالثة / أن يتناول المفطر مع قطعه بدخول الليل ثم يتبين له خطأ قطعه واعتقاده وأن تناول المفطر وقع نهاراً فهذا عليه القضاء دون الكفارة لعدم تعمّده الإفطار ، وهو المورد الخامس .
هذا ما ذكره الماتن ووافقه الشيخ الفياض ، وظاهر الفقهاء اتفاقهم في الصورتين الأولى والثانية بل الصورة الأولى مسلمة ولا إشكال فيها ، وإنما الخلاف في الصورة الثالثة فمن الفقهاء من فرّق بين أن يكون إفطاره واعتقاده بدخول الليل بسبب وجود الغيم أو عدم وجوده فإن كان منشأ اعتقاده دخول الليل من جهة وجود الغيم فلا قضاء عليه ولا كفارة أما إذا كان بسبب غير الغيم فعليه القضاء بل الكفارة أيضاً كما هو رأي السيد الخوئي وغيره ، وقول الماتن ( حتى فيما إذا كان ذلك من جهة الغيم في السماء على الأحوط ) ناظر الى هذا القول ، فلا فرق في الحكم بين وجود الغيم وعدم وجوده ، وتوجد أقوال أخرى ، منها رأي السيد الصدر الذي هو خليط من رأي السيد الخوئي ورأي السيد السيستاني فذهب الى تفصيل السيد الخوئي بين الغيم وغيره الا أنه جعل وجوب الكفارة في حالة عدم وجود الغيم مشروطاً بعدم القطع أو الوثوق بدخول الليل والا فعليه القضاء فقط دون الكفارة كما هو رأي السيد الماتن .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:09 AM

مسألة 1024 : إذا شك في دخول الليل لم يجز له الافطار ، وإذا أفطر أثم وكان عليه القضاء والكفارة ، إلا أن يتبين أنه كان بعد دخول الليل ، وكذا الحكم إذا قامت حجة على عدم دخوله فأفطر ، أما إذا قامت حجة على دخوله أو قطع بدخوله فأفطر فلا إثم ولا كفارة ، نعم يجب عليه القضاء إذا تبين عدم دخوله ، وإذا شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ، وإذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه .
-------------------------
هذه المسألة إعادة وتلخيص لما تقدم في الموردين الرابع والخامس ، وقد ذكر فيها أموراً :
الأمر الأول / لا يجوز الإفطار لمجرد احتمال انقضاء النهار ودخول الليل ، بل لا بد من القطع او الاطمئنان بدخول الليل وذلك لاستصحاب بقاء النهار ، فكما يجوز الاستمرار بفعل المفطرات مع الشك في طلوع الفجر وذلك استصحاباً لبقاء الليل ، لا يجوز فعل المفطرات مع الشك في دخول الليل وذلك استصحاباً لبقاء النهار ، وقد تقدمت الإشارة الى ذلك في المورد السابق وأسمينا من يفطر لمجرد احتمال دخول الليل بغير القاطع بدخول الليل وكان هو المعنيّ بالصورة الثانية وقلنا حكمه حكم القاطع بعدم دخول الليل فهو آثم ويجب عليه القضاء والكفارة فيما إذا تبيّن أن تناول المفطر قبل دخول الليل بأن شك بدخول فتناول المفطر ثم بان له أن الإفطار وقع قبل الغروب فعليه القضاء والكفارة كالقاطع بعدم تحقق الغروب ، بخلاف ما إذا بان أن تناوله المفطر وقع في الليل بأن شك في دخول الليل فأفطر ثم بان أن تناوله المفطر وقع بعد دخول الليل فصومه صحيح ولا قضاء ولا كفارة .
الأمر الثاني / من قامت عنده الحجة كخبر الثقة على عدم دخول الليل فحكمه حكم الشاك فلا يجوز له الإفطار بل يجب العمل بالحجة وإذا خالف الحجة فأفطر فعليه القضاء والكفارة إن تبين وقوع المفطر قبل دخول الليل بخلاف ما إذا خالف الحجة فأفطر ثم تبين له خطأ الحجة وأن الإفطار وقع بعد دخول الليل فصومه صحيح .
الأمر الثالث / من قطع بدخول الليل او اطمئن بذلك او قامت عنده الحجة على دخول الليل جاز له الإفطار بلا إشكال ، غاية الأمر أنه إن تبين له بعد ذلك خطأ قطعه او اطمئنانه او خطأ الحجة وأن تناول المفطر وقع قبل دخول الليل فعليه القضاء دون الكفارة ولا إثم عليه ، وهو المورد الخامس المتقدم الذي ذكرناه في الصورة الثالثة من الصور الثلاث السابقة .
الأمر الرابع / من شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر حتى يحصل له العلم بالطلوع ، وذلك استصحاباً لبقاء الليل غاية الأمر أنه إن تبين بعد ذلك أن استعمال المفطر وقع بعد الفجر فعليه القضاء فقط دون الكفارة كما تقدم في المورد الرابع .
وبذلك تعرف أن الإمساك قبل الفجر بعشر دقائق ونحو ذلك كما جرت به العادة ليس بلازم بل يجوز الاستمرار على المفطرات استصحاباً لبقاء الليل حتى يحصل القطع او الاطمئنان بطلوع الفجر أو تقوم الحجة على ذلك ، نعم هو أفضل وأرجح حتى يقطع المكلف بصحة صومه ولا يتورط بوقوع المفطر بعد الطلوع فيُكلَّف بالقضاء .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:10 AM


السادس : إدخال الماء إلى الفم بمضمضة أو غيرها لغرض التبرد عن عطش ، فيسبق ويدخل الجوف ، فإنه يوجب القضاء دون الكفارة ، وإن نسي فابتلعه فلا قضاء ، وكذا في سائر موارد ادخال المائع في الفم أو الأنف وتعديه إلى الجوف بغير اختيار وإن كان الأحوط الأولى القضاء فيما إذا كان ذلك في الوضوء لصلاة النافلة بل مطلقا إذا لم يكن لوضوء صلاة الفريضة .
-------------------------
المورد السادس / أن يُدخل الماء الى الفم فيسبق الى الجوف ففيه القضاء دون الكفارة في بعض الموارد وقد تجب الكفارة أيضاً وقد يصح الصوم فلا يجب لا القضاء ولا الكفارة ، وتفصيل الكلام :
1. أن يكون إدخال الماء لغرض التبرّد من العطش فيسبق الى الجوف من دون قصد ففيه القضاء دون الكفارة .
2. أن يُدخل الماء في الفم للمضمضمة ونحوها فينسى أنه صائم فيبتلعه ، وحينئذٍ صومه صحيح فلا قضاء عليه لعدم تعمده وشرط الإفطار تعمد تناول المفطر كما تقدم في مبحث تتميم وكذا في سائر موارد عدم الاختيار كعبور الماء قهراً ، سواء كان إدخال الماء الى الفم لأجل التبرد أو لأجل الوضوء لصلاة النافلة ونحوها من المستحبات التي يشترط أو يستحب فيها الوضوء .
3. أن يكون إدخال الماء الى الفم لأجل المضمضة في وضوء الفريضة فيسبق الى الجوف وحينئذٍ صومه صحيح أيضاً .
4. أن يُدخل الماء الى جوفه أثناء المضمضة عامداً وحينئذٍ عليه القضاء والكفارة ، ولم يذكرها الماتن لوضوحها ولأن الكلام في ما يوجب القضاء فقط .
وباختصار إذا دخل الماء الى الجوف أثناء المضمضة من دون تعمّد فالصوم صحيح الا إذا كان إدخال الماء لأجل التبرد من العطش فيسبق الى الجوف فحينئذٍ عليه القضاء دون الكفارة .
هذا رأي الماتن وفي قباله رأيان /
الرأي الأول / بطلان الصوم بسبق الماء الى الجوف في المضمضة مطلقاً الا في حالة بلعه عن نسيان للصوم فالصوم صحيح ، أما ما عدا ذلك فيجب القضاء دون الكفارة مطلقاً سواء كانت المضمضة لأجل التبرد أو لأجل وضوء الفريضة أو النافلة أو غير ذلك ففي كل مورد يتمضمض فيه المكلف فيسبق الماء الى الجوف يجب القضاء دون الكفارة الا إذا نسي فابتلع الماء فصومه صحيح ، وهذا رأي السيد الصدر .
الرأي الثاني / وجوب القضاء دون الكفارة بسبق الماء الى الجوف عند المضمضة مطلقاً الا في موردين : نسيان الصوم ووضوء صلاة الفريضة ، فلا يختص وجوب القضاء دون الكفارة بالمضمضة للتبرد من العطش كما هو رأي الماتن بل مطلق المضمضة توجب القضاء بسبق الماء معها الا في الموردين المذكورين ، واستشكلوا في إلحاق وضوء النافلة بوضوء الفريضة ومعنى الاستشكال الاحتياط بإتمام الصوم ثم القضاء ، وهذا الرأي هو المعروف وهو نفس الرأي السابق لكن بإضافة وضوء الفريضة الى نسيان الصوم فيصح فيهما الصوم ويجب فيما عداهما القضاء فقط .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:10 AM

مسألة 1025 : الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان وغيره .
---------------------
ما تقدم من حكم سبق الماء الى الجوف بالمضمضة ونحوها لا يختص بصوم رمضان بل يشمل جميع أنواع الصوم على جميع الآراء
فعلى رأي الماتن الذي خص وجوب القضاء بما إذا كانت المضمضة للتبرد من العطش لا يختص هذا الحكم بصوم رمضان بل غيره كذلك
وهكذا على الرأي الثاني الذي أوجب القضاء في جميع موارد سبق الماء بالمضمضة الا في حال النسيان فالحكم شامل لجميع أنواع الصوم
وهكذا الرأي الثالث الذي أوجب القضاء في جميع موارد سبق الماء بالمضمضة الا في حال النسيان ووضوء الفريضة
مع الاستشكال في وضوء النافلة فالحكم عام لجميع أنواع الصوم .

مولى أبي تراب 31-08-2012 09:11 AM

السابع : سبق المني بالملاعبة ونحوها ، إذا لم يكن قاصدا ولا من عادته ، فإنه يجب فيه القضاء دون الكفارة
هذا إذا كان يحتمل ذلك احتمالا معتدا به ، وأما إذا كان واثقا من نفسه بعدم الخروج فسبقه المني اتفاقا ، فالظاهر عدم وجوب القضاء أيضا .
-------------------------
المورد السابع / أن يسبق المني بفعلِ ما يؤدي الى نزوله كالملاعبة مع عدم القصد ولا كونه معتاداً على ذلك
والا وجبت الكفارة أيضاً بتحقق الإنزال ومع عدم كونه واثقاً من عدم الإنزال والا فالصوم صحيح
وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلاً في فصل المفطرات عند الحديث عن الثامن من المفطرات وهو إنزال المني وملخص ما ذكرناه
أن المُلاعب ونحوه إن كان قاصداً للإنزال فهو متعمد للإفطار فحكمه وجوب القضاء بمجرد القصد ومع تحقق الإنزال فعلاً تجب الكفارة أيضاً
ويلحق به من كانت عادته ذلك أي خروج المني عند الملاعبة ، فإنه وإن لم يكن قاصداً للاستمناء والإنزال ولكنه في حكم القاصد بعد فرض جريان العادة بذلك
وأما من لم يكن قاصداً ولا كانت عادته كذلك فإن احتمل عند الملاعبة خروج المني احتمالاً معتداً به فسبقه المني وجب عليه القضاء دون الكفارة
وأما إذا لم يحتمله كذلك بل كان واثقاً من نفسه بعدم الخروج فاتفق سبق المني صح صومه ولا قضاء عليه حينئذ فضلاً عن الكفارة .
فالحالات أربع : القاصد للإنزال ، والمعتاد وإن لم يقصد ، والمحتمل للإنزال عند الملاعبة من غير قصد ولا اعتياد ، والواثق من عدم الإنزال
والكلام في الحالة الثالثة ، أما الأولى والثانية ففيهما القضاء والكفارة مع تحقق الإنزال وأما الرابعة فالصوم صحيح وإن تحقق الإنزال فلا قضاء ولا كفارة
وفي الثالثة يجب القضاء دون الكفارة وهي المقصودة هنا في هذا المورد السابع من موارد وجوب القضاء دون الكفارة
ويجمع الحالات الأربع حصولها بفعلِ ما يؤدي الى الإنزال بأن يأتي بما يكون سبباً للإنزال كالملاعبة فلا يخلو عند فعل السبب من إحدى هذه الحالات الأربع
وهناك حالة خامسة تقدمت الإشارة اليها هناك أيضاً وهي أن يحصل الإنزال فجأة ومن دون فعل سببه وما يؤدي الى نزوله وقلنا الصوم حينئذٍ صحيح
ويجمع هذه الحالات الخمس حصول الإنزال في حال اليقظة ، وأما حصوله في حال النوم المسمى بالاحتلام فقد تقدم في المسألة (986) صحة الصوم معه مطلقاً .
******
هذا تمام الكلام في ما ذكره الماتن من موارد وجوب القضاء دون الكفارة
وقلنا هناك موارد أخرى غيرها ولا ينحصر وجوب القضاء دون الكفارة بهذه الموارد السبعة بل هناك غيرها
كالمسافر والمريض والمرخَّصين في الإفطار ، ومن أفطر عن إكراه أو تقية كما تقدم في المسألة (1005)
ومن أضعفه الصوم حد الحرج أو العجز عن العمل اللازم للمعاش مع عدم التمكن من غيره كما سيأتي في المسألة (1030) إن شاء الله
وكذا من غلبه العطش وخاف الضرر من الصبر عليه أو كان حرجاً فقد تقدم في المسألة (1006) جواز أن يشرب بمقدار الضرورة
ولا يزيد عليه ويفسد بذلك صومه وعليه القضاء دون الكفارة ، ففي جميع هذه الموارد يجب القضاء فقط دون الكفارة .
..
هذا تمام الكلام في الفصل الثالث / كفارة الصوم
ثم الكلام في الفصل الرابع / شرائط صحة الصوم
يأتي إن شاء الله تعالى

مولى أبي تراب 01-09-2012 01:02 PM

الفصل الرابع / شرائط صحة الصوم
-------------------------
الكلام هنا في شرائط صحة الصوم ، ويأتي في المسألة (1036) التعرض لشرائط وجوب الصوم إن شاء الله تعالى
والفرق بينهما أن شرائط وجوب الصوم هي الأمور التي يتوقف عليها أصل التكليف بالصوم بحيث لولاها الإنسان غير مطالب بالصوم أصلاً ولا مخاطب به ولا يترتب على عدم صومه قضاء ولا كفارة ولا إثم ، كالبلوغ فغير البالغ غير مكلف بالصوم فهو شرط وجوب متى تحقق مع باقي الشرائط وجب الصوم ومتى ما انتفى انتفى التكليف بالصوم ولم يجب
وأما شرائط الصحة فهي الأمور التي تتوقف عليها صحة الصوم بعد التكليف به ، فبعد أن تجتمع شرائط الوجوب في شخص ويصير مكلفاً بالصوم ليس بالضرورة أن يكون صومه صحيحاً بل الصحة تتوقف على جملة من الأمور لا بد من توفرها كي يصح الصوم بحيث إذا لم تتوفر يكون الصوم باطلاً ويطالب صاحبه بالقضاء وهذه الأمور تسمى بشرائط الصحة ، كعدم السفر فحتى يصح الصوم من المكلف به الذي اجتمعت فيه شرائط وجوب الصوم كالبلوغ والعقل لا بد أن لا يكون مسافراً فإن كان مسافراً لم يصح منه الصوم وكان مطالباً بالقضاء بعد ذلك فيما يجب فيه القضاء
وبعبارة فنية اصطلاحية إن وجوب الصوم يتنجّز باجتماع شرائط الوجوب ولكن لا يكون فعلياً حتى تتوفر شرائط الصحة ، فوجوب الصوم منجّز بحق المسافر المستجمع لشرائط الوجوب بمعنى أنه مكلف به الا أن هذا التكليف غير فعلي في حقه حال السفر
فالتكليف له مرحلتان : مرحلة التنجيز ومرحلة الفعلية (1) ، ولكل منهما شروط خاصة فقد يقف عند درجة التنجيز ولا يصل الى درجة الفعلية لتوفر شروط التنجيز دون شروط الفعلية ، وقد لا تتوفر شروطهما فلا تنجيز ولا فعلية ، وهما مرحلتان مترتبتان فالتنجيز سابق على الفعلية فمع عدم التنجيز لا فعلية ولا عكس فقد لا تتحقق الفعلية ولكن التنجيز حاصل
لذا عندما يقال المسافر أو الحائض أو النفساء غير مكلفين بالصوم بمعنى أن الصوم منهم غير صحيح أي لم يصل درجة الفعلية وإن كان منجزاً عليهم فهم مكلفون بالصوم الا أنه لا يصح منهم امتثاله وهم في هذا الحال ، فقولنا المسافر مكلف بالصوم بمعنى أنه مخاطب بالوجوب ومنجز في حقه واجتمعت فيه شرائط الوجوب ، وقولنا المسافر غير مكلف بالصوم بمعنى أنه ليس فعلياً في حقه ولا يصح منه امتثاله ما دام مسافراً ، فالتكليف وعدم التكليف بالصوم في المسافر بلحاظ المرحلتين ولا تنافي
وهذا بخلاف قولنا غير البالغ غير مكلف بالصوم فهو ليس على حد قولنا المسافر غير مكلف بالصوم بل يراد به أنه غير منجز في حقه ولا مخاطب به ولم تتوفر فيه شرائط الوجوب أصلاً فضلاً عن عدم الفعلية ، وكشاهد على الفرق بين عدم التكليف في غير البالغ مثلاً وعدم التكليف في المسافر مثلاً أن غير البالغ لا يطالب بالقضاء وذلك لأن معنى عدم تكليفه عدم تنجز الوجوب في حقه وعدم شمول الخطاب بالصوم له أصلاً ، بخلاف المسافر فهو مطالب بالقضاء لأن معنى عدم تكليفه بالصوم حال السفر عدم فعلية التكليف في حقه وعدم صحة الامتثال منه حال السفر لا عدم شمول الوجوب له وعدم تكليفه أصلاً كما في غير البالغ
وبعبارة أوضح أن عدم الصوم في المسافر من باب وجود المانع لا عدم المقتضي ، فالمقتضي لتكليف المسافر بالصوم موجود وهو اجتماع شرائط الوجوب فيه ككونه بالغاً عاقلاً الا أن المانع غير مفقود وهو كونه مسافراً فإن السفر مانع عن التكليف بالصوم ، أما في البالغ فعدم تكليفه بالصوم من باب عدم المقتضي لا من باب وجود المانع فلا مقتضي لتكليف الطفل بالصوم لعدم استجماعه شرائط الوجوب
وعليه فشرائط صحة الصوم هي شرائط لوجوب الصوم ولا عكس ، فالبلوغ شرطُ وجوبٍ وليس شرط صحة فصوم غير البالغ صحيح ، أما عدم السفر فهو شرط صحة وشرط وجوب أيضاً لعدم وجوب الصوم على المسافر بالمعنى المتقدم وهو عدم الفعلية ، يستثنى الإسلام بناء على تكليف الكفار بالفروع فهو شرط صحة لا شرط وجوب
.
________________________________
(1) قد يطلق التنجيز ويراد به الفعلية فيقال واجب منجز ويراد به الفعلي ، وقد يفرّق بينهما فيراد بالمنجز ما اجتمعت فيه شرائط التكليف وبالفعلي ما اجتمعت فيه
شرائط الامتثال والصحة وهو المقصود هنا .

مولى أبي تراب 01-09-2012 01:03 PM

وهي أمور :
1 - الاسلام ، فلا يصح الصوم من الكافر نعم إذا أسلم في نهار شهر رمضان ولم يأت بمفطر قبل اسلامه فالأحوط لزوما أن يمسك بقية يومه بقصد ما في الذمة وأن يقضيه إن لم يفعل ذلك
----------------------
قلنا الكلام في شرائط صحة الصوم ، وهي عديدة أوصلها الماتن الى خمسة بل ستة بل سبعة ، سابعها مختص ببعض أنواع الصوم كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، أما الأول فهو :
الإسلام / فلا يصح الصوم من الكافر ، فإذا صام فصومه باطل كسائر العبادات الأخرى سواء كان كافراً أصلياً أو إنتحالياً ، مرتداً كان أو غيره ، وسواء كان ارتداده عن فِطرة أو مِلّة (1) فمطلق الكافر لا تصح منه العبادات ومنها الصوم ، ولا خلاف في ذلك سواء على القول بتكليف الكفار بالفروع كالأصول أو على القول باختصاص تكليفهم بالأصول دون الفروع (2)
ويجب عليه قضاؤه بعد الإسلام الا في الكفر الأصلي كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الفصل السابع
وعدم صحة صوم الكافر تشمل ما إذا استوعب الكفر كل النهار أو وقع في جزء منه ، كما إذا أصبح المسلم صائماً ثم ارتد أثناء النهار ولو لحظة ثم تاب ورجع الى الإسلام فصومه باطل فضلاً عما إذا لم يرجع الى آخر النهار ، إذ لا بد من كون الصائم مسلماً في جميع آنات النهار
واختلف الفقهاء فيما إذا أسلم الكافر أثناء النهار في صوم رمضان بأن أصبح كافراً وقبل تناول المفطر أسلم فهل يجب عليه تجديد النية ويصح منه الصوم كما هو الحال في المسافر إذا رجع الى وطنه قبل الزوال ممسكاً فيجدد النية ويصح صومه ؟ أم لا يجب عليه وصومه غير صحيح وإن فعل ذلك ؟
قولان : الأول / الصحة ، لما دل على تأثير النية في أثناء النهار قبل الزوال لمن كان ممسكاً كالناسي للحكم أو الموضوع أو الجاهل بهما كما تقدم في المسألة (978) من فصل النية ، وكالمسافر كما سيأتي إن شاء الله في المسألة (1038) وكذا المريض إذا برئ قبل الزوال كما سيأتي إن شاء الله في المسألة (1033) ، وعليه فالكافر إذا أسلم في نهار شهر رمضان ولم يأت بمفطر قبل اسلامه يجب عليه تجديد النية ولو لم يفعل وجب عليه القضاء لأنه مسلم حينئذٍ كسائر المسلمين فيجب عليه القضاء بترك الصوم الواجب .
الثاني / البطلان ، لإن اشتراط الإسلام في صحة الصوم يوجب اعتباره في كل جزء من اجزائه من الفجر الى الغروب بحيث لو انتفى في جزء منه لانتفت الصحة ، وعليه فالكافر إذا أسلم في نهار شهر رمضان ولم يأت بمفطر قبل اسلامه لا يجب عليه تجديد النية ولو لم يفعل لم يجب عليه القضاء لأنه وإن أسلم الا أنه كافر في بعض النهار والكفر لا يصح معه الصوم ولو في بعض النهار ، وهذا القول هو المعروف وعليه أكثر الفقهاء .
ولأجل هذا الاختلاف احتاط الماتن لزوماً بالقول الأول لأنه أحوط بلا إشكال ، فأنْ ينوي الكافر الصوم إذا أسلم أثناء النهار أحوط من عدم نية الصوم لاحتمال أنه مطالب بالصوم فعلاً حينئذٍ .
.
______________________________________
(1) الكافر أنواع : 1. الكافر الأصلي : وهو المنتمي الى غير دين الإسلام كاليهودي والنصراني وكذا من لا دين له كالمشرك . 2. الكافر الانتحالي أو المنتحل : وهو المنتسب الى الإسلام المدعي له الا أنه محكوم بكفره كمنكر ضروريات الإسلام وكالخوارج والغلاة . 3. الكافر المرتد : وهو المسلم الذي يرجع عن الإسلام ويدخل في دين غيره كالمسلم يصير يهودياً أو نصرانياً ، وهو على قسمين : أ. المرتد الفطري أو عن فطرة : وهو من وُلد على الإسلام أي لأبوين أحدهما أو كلاهما مسلمٌ وأظهر الإسلام بعد بلوغه ثم ارتد عنه بعد ذلك ، وسمي بذلك لارتداده عن الفطرة التي وُلد عليها . ب. المرتد الملّي أو عن ملّة : وهو من وُلد على الكفر أي حين الولادة كان أبواه كافرين ثم أسلم بعد بلوغه ثم رجع الى كفره الذي وُلد عليه كمن وُلد نصرانياً ثم أسلم بعد بلوغه ثم رجع الى نصرانيته ، وسمي ملّياً لارتداده عن ملة الإسلام أو الى الملّة التي وُلد عليها .
(2) لا شك أن الكفار مكلفون بأصول الدين فيجب عليهم الاعتقاد بنبوة النبي محمد صلّى الله عليه وآله وسلم ، أي يجب عليهم اعتناق الإسلام لأنه آخر الأديان ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران / 85 ، وهل هم مكلفون بفروع الدين كالصلاة والصوم والحج ؟ قولان : الأول / نعم فهم مخاطبون ومكلفون بفروع الدين كأصول الدين ولكن لا تصح الا بعد اعتناق الإسلام وهذا القول هو المشهور ومنهم الماتن . الثاني / عدم شمول التكليف بالفروع لهم واختصاصه بالمسلمين وهو رأي بعض الفقهاء منهم السيد الخوئي . وتترتب على هذا الخلاف عدة ثمرات منها / أن الكفار يعاقبون على ترك الالتزام بفروع الدين من واجبات ومحرمات كما يعاقبون على ترك أصول الدين بناء على القول الأول لتركهم ما هم مكلفون به فيستحقّ الكافر بترك الواجبات كالصلاة وبارتكاب المحرّمات كقتل النفس وإيذاء المؤمن وشرب الخمر وغيرها عقاباً زائداً على ما يستحقّه بأصل الكفر ، أما على القول الثاني فيعاقبون على ترك أصول الدين فقط دون تركهم الالتزام بفروع الدين لعدم تكليفهم بها . ومنها / يجب عليهم قضاء العبادات بعد إسلامهم على القول بتكليفهم بالفروع الا ما دلّ الدليل على عدم وجوب قضائه كالصلاة ، أما على القول بعدم تكليفهم بالفروع فلا يجب عليهم قضاء شيء من العبادات التي لم يؤدوها حال كفرهم لعدم تكليفهم بها وإنما يجب القضاء على من كان مكلفاً ولم يمتثل ، نعم إذا قلنا بصحة قاعدة الإسلام يجُبّ ماقبله لم تظهر هذه الثمرة فعلى كلا القولين لا يجب القضاء لأجل هذه القاعدة . ومنها / أنه بناء على القول الأول أي تكليف الكفار بالفروع يكون الإسلام شرط صحة أما بناء على القول الثاني وهو عدم تكليف الكفار بالفروع فالإسلام شرط وجوب بمعنى لا تجب التكاليف على غير المسلمين ، الى غير ذلك من الثمرات الكثيرة .

مولى أبي تراب 02-09-2012 02:21 PM

وأما الايمان فالأظهر عدم اعتباره في الصحة بمعنى سقوط التكليف وإن كان معتبرا في استحقاق المثوبة .
------------------------
هل يشترط في صحة الصوم الإيمان مضافاً الى الإسلام ؟ أي هل يشترط كون الصائم مؤمناً ؟
والمقصود الإيمان بالمعنى الأخص (1) أي الاعتقاد بولاية الأئمة الإثني عشر عليهم السلام ، فحتى يصح الصوم هل يكفي كون الصائم مسلماً وإن لم يكن على مذهب أهل البيت عليهم السلام أم لا بد من كونه كذلك أيضاً ولا يكفي إسلامه ؟
المشهور والمعروف اشتراط الإيمان مضافاً الى الإسلام في صحة الصيام ، فكما لا يصح الصوم من الكافر حتى يسلم لا يصح من المخالف حتى يستبصر ويتبع الهدى ، كما هو الحال في سائر العبادات ولا يختص الأمر بالصوم فالاعتقاد بإمامة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام شرط في صحة الأعمال عموماً
وفي مقابل هذا القول ذهب بعض الفقهاء ومنهم الماتن الى أن صحة العبادات لا يشترط فيها الإيمان نعم هو شرط في القبول واستحقاق الثواب يوم القيامة دون الإجزاء والصحة
لكن يتفق القولان على أن المخالف إذا اهتدى واستبصر لا يجب عليه إعادة صومه الذي أتى به حال خلافه ما دام قد أتى به صحيحاً على طبق مذهبه أو مذهبنا حتى على القول الأول القائل بعدم صحة صوم المخالف للأخبار الدالة على عدم وجوب قضاء وإعادة العبادات الصادرة زمن الخلاف الا إذا أتى بها فاسدة حتى على مذهبه كما لو صلى بلا وضوء أو صام بلا غسل من الجنابة فحينئذٍ يجب عليه القضاء .
كما يتفق القولان على أنه إن استمر على خلافه ولم يستبصر حتى مات لم تقبل أعماله يوم القيامة ولا يستحق عليها الثواب حتى على القول الثاني القائل بصحة صوم المخالف وإجزائه
إذن ما هو الفرق بين القولين ؟ وأين تظهر ثمرة هذا الخلاف ؟
الجواب / تظهر الثمرة إذا استبصر المخالف واهتدى إلى الإيمان بعد أن طلع الفجر ودخل النهار ، وكان الصوم واجباً معيناً عليه كشهر رمضان فعلى القول الثاني يستمر على صومه ولا شيء عليه وصومه صحيح لأن صومه صحيح بإسلامه فانتقاله من الخلاف الى الإيمان لا مدخلية له في صحة صومه
أما على القول الأول الذي اشترط الإيمان مضافاً الى الإسلام فالمسألة ستكون من قبيل ما إذا أسلم الكافر أثناء النهار قبل تناول المفطر وقد تقدم أن فيها قولين : الأول / ينوي الصوم بعد إسلامه ويصح صومه كالمسافر العائد قبل الزوال ينوي الصوم ويصح صومه . الثاني / لا يصح منه الصوم ولا يجب عليه تجديد النية لوقوع بعض النهار حال الكفر ولا يصح الصوم الا بإسلامه في جميع النهار
نفس الكلام يقال في المخالف على القول الأول ، فإذا أصبح ناوياً للصوم في شهر رمضان ثم استبصر أثناء النهار فقيل يجدد النية بعد استبصاره ويصح منه صيام ذلك اليوم وهو الرأي المعروف ، وقيل لا يصح صومه حتى مع تجديد النية لوقوع بعض الصوم حال الخلاف ولا يصح الصوم الا مع الإيمان في جميع النهار بل يجب عليه قضاء ذلك اليوم لأنه لم يتمه مخالفاً حتى يقال أن المخالف لا يجب عليه القضاء بعد الاستبصار بل استبصر أثناء النهار وقد وقع الصوم منه في بعض النهار فاسداً لمكان خلافه بناء على القول الأول فيصدق عليه أنه مؤمن صومه فاسد فيجب عليه القضاء .
.
_______________________________
(1) يطلق مصطلح الإيمان ويراد به أحد معنيين : الأول / الإسلام وعدم الكفر ، وهو مصطلح قرآني فحيث ما أطلق الإيمان في القرآن فالمراد به الإسلام وعدم الكفر ما لم تكن قرينة صارفة ، ويسمى الإيمان بالمعنى الأعم لأنه أعم وأوسع من المعنى الثاني فيشمل جميع المسلمين ولا يختص بطائفة منهم . الثاني / التشيّع والاعتقاد بإمامة الأئمة الإثني عشر والإقرار لهم بالولاية ، وهذا مصطلح فقهي فحيث ما أطلق لفظ الإيمان في الفقه وكلمات الفقهاء فالمراد به هذا المعنى وهو كون المكلف موالياً اثني عشرياً ، وهو مصطلح روائي أيضاً فلفظ الإيمان في كلام المعصومين عليهم السلام ورواياتهم خصوصاً في زمان الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام يراد منه هذا المعنى غالباً ، ويسمى الإيمان بالمعنى الأخص لأنه أضيق من المعنى الأول وأن المراد به بعض المسلمين . وعليه فعلى المعنى الأول كل مسلم مؤمن وكل مؤمن مسلم ، أما على المعنى الثاني فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن .

الحوزويه الصغيره 03-09-2012 12:25 PM

اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

بوركتم شيخنا على هذا الشرح السلس الواضح ، وجزاكم الله عنا ألف خير لما تبذلوه من جهد في تفقيهنا بأحكام ديننا

احترامي لك

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:01 AM

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
حياكم الله أختنا الفاضلة

وشكراً لمروركم الكريم
وفقكم الله

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:08 AM

2 - العقل وعدم الاغماء ، فلو جن أو أغمي عليه بحيث فاتت منه النية المعتبرة في الصوم وأفاق أثناء النهار لم يصح منه صوم ذلك اليوم ، نعم إذا كان مسبوقا بالنية في الفرض المذكور فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه .
----------------------
الشرط الثاني / من شرائط صحة الصوم الوعي والانتباه وتعقل الصوم فلا يصح الصوم من المجنون سواء ٌالأطباقي أي المجنون دائماً أو الأدواري وهو الذي يعرض عليه الجنون في بعض حالاته وأطواره فيأتيه الجنون في بعض الوقت لا دائماً ، فلو عرض عليه الجنون أثناء الصوم ولو للحظة ثم رجع عاقلاً لم يصح منه الصوم ، وليس كذلك النوم وإن فقد فيه الصائم الانتباه والوعي فالنوم لا يضر بالصوم كما تقدم في المسألة (970) في أول فصل النية بل كما ورد نوم الصائم عبادة
وألحق بعض الفقهاء ومنهم الماتن الإغماء بالجنون فلا يصح الصوم مع الإغماء كما لا يصح مع الجنون وفيه خلاف حيث ألحقه بعض الفقهاء بالنوم وأنه لا يضر بصحة الصوم كما هو رأي السيد الخوئي وغيره ، وقد تقدم من المصنف في المسألة (970) الإشارة الى ذلك وأن الإغماء هل يلحق بالنوم أو لا ؟ فقال ( ولكن وفي الحاق الاغماء والسكر به إشكال فلا يترك الاحتياط فيهما مع سبق النية بالجمع بين الاتمام إن أفاق أثناء الوقت والقضاء بعد ذلك ) فاستشكل في إلحاق الإغماء بالنوم أو أن حكمه حكم حكم الجنون ، وفي هذه المسألة فصّل في الإغماء بين صورتين فألحق إحداهما بالجنون واستشكل في الأخرى فيظهر أن استشكاله هناك في تلك المسألة ناظر الى الصورة الثانية هنا ، وحاصل هاتين الصورتين :
الصورة الأولى / أن يكون عروض الجنون او الإغماء قبل نية الصوم ويستمر الى ما بعد آخر وقت النية ، كما لو عرض الجنون أو الإغماء ليلاً في شهر رمضان وقبل نية الصوم ولم يرتفع الا بعد الفجر فتكون قد فاتت النية المعتبرة لأنها تتضيق بطلوع الفجر ، وفي هذه الصورة لا إشكال في عدم صحة الصوم لفوات النية المعتبرة في الصوم سواء كان العارض هو الجنون أو الإغماء .
الصورة الثانية / أن يكون العروض أثناء النهار وبعد النية ، فهل يبطل صومه حينئذٍ ؟
فيه قولان : الأول / بطلان الصوم ، وعليه فلا فرق بين الصورتين فمتى عرض الجنون أو الإغماء بطل الصوم سواء لم تسبقه النية أو كان مسبوقاً بها ، ولو كان عروضه للحظات في أثناء النهار فإن ذلك مبطل للصوم ، لا لفوات النية المعتبرة كما في الصورة الأولى ، بل لأن المعتبر في صحة الصوم أن لا يصاحبه الجنون أو الإغماء في جميع آناته من الفجر الى الغروب .
الثاني / صحة الصوم ما دام عروض الجنون أو الإغماء مسبوقاً بالنية فيكونا كالنائم لا يضره حصول النوم أثناء الصوم ما دامت النية سابقة .
والماتن أجاب عن هذه الصورة بقوله ( نعم إذا كان مسبوقا بالنية في الفرض المذكور فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ) ومعنى هذه العبارة أنه يستشكل في صحة الصوم في هذه الصورة التي تسبق فيها النية على العروض فلا يترك الاحتياط بإتمام الصوم ثم القضاء ، لكن الظاهر أن استشكاله في خصوص ما إذا كان العارض بعد النية هو الإغماء أما لو كان العارض هو الجنون فالحكم كالصورة الأولى فيبطل الصوم ، وذلك بقرينة قوله ( في الفرض المذكور ) أي في فرض الإغماء مضافاً الى أن المعروف بطلان الصوم بالجنون مطلقاً وإن سبقته النية مما يؤيد أن احتياط الماتن في الإغماء فقط ، وعليه فما تقدم من المصنف في المسألة (970) من الاستشكال في صحة الصوم مع الإغماء ناظر الى هذه الصورة وهي ما لو سبقت النية الإغماء فهل يلحق الإغماء بالنوم ويصح الصوم ؟ فيه إشكال ، أما في الصورة الأولى وهي ما لو فاتت النية فالصوم باطل بلا إشكال .
والحاصل /
أن العارض إن كان هو الجنون فالصوم غير صحيح مطلقاً سواء فاتت النية بعروضه أو كان عروضه أثناء النهار مع سبق النية ، وأما إن كان العارض هو الإغماء فحينئذٍ يبطل الصوم في الصورة الأولى وهي ما لو فاتت النية بعروضه ، وفي بطلانه في الصورة الثانية وهي ما لو عرض الإغماء في النهار بعد سبق النية إشكال فيحتمل البطلان ويحتمل الصحة فلا يترك مقتضى الاحتياط بإتمام الصوم ثم القضاء .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:10 AM


3 - الطهارة من الحيض والنفاس ، فلا يصح من الحائض والنفساء ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار .
----------------------
الشرط الثالث / طهارة المرأة وخلوها من الحيض والنفاس ، فلا يصح الصوم من الحائض والنفساء سواء استوعب الحيض والنفاس كل النهار أو حصلا في بعضه كما إذا فاجأ المرأة دم الحيض قبل الغروب ولو بلحظة أو انقطع بعد الفجر بلحظة فلا يصح الصوم بلا خلاف في ذلك وعلى المرأة القضاء بعد ذلك ، والأخبار ناطقة بهذا الحكم كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أتفطر ؟ قال : نعم وإن كان وقت المغرب فلتفطر ، قال وسألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار من شهر رمضان فتغتسل ولم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم ؟ قال : تفطر ذلك اليوم فإنما فطرها من الدم ) الكافي ج4 ص135 ، والمراد بالعشي ما بعد الزوال ونسميه اليوم بالمساء فيشمل النصف الثاني من النهار
وعن عيص ابن القاسم قال : ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس ، قال : تفطر حين تطمث ) المصدر
وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال : ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تلد بعد العصر أتتم ذلك اليوم أم تفطر ؟ قال : تفطر وتقضي ذلك اليوم ) المصدر
أما المستحاضة فصومها صحيح كما تقدم الكلام فيها في فصل المفطرات في المسألة (992) ، سواء قلنا بتوقفه على الأغسال في الاستحاضة الكبرى أو لا فمن حيث الاستحاضة الصوم صحيح ، فليس من شروط صحة صوم المرأة عدم الاستحاضة بل عدم الحيض والنفاس .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:12 AM

4 - عدم الاصباح جنبا ، أو على حدث الحيض أو النفاس كما تقدم .
--------------------
الشرط الرابع / الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس كما تقدم الكلام في ذلك في فصل المفطرات
حيث ذكر الماتن أن السابع من المفطرات تعمد البقاء على الجنابة وأنه مبطل للصوم وموجب للقضاء بل والكفارة
فلا يصح الصوم الا بالاغتسال من الجنابة قبل الفجر ، وذكر في المسألة (991) لحوق تعمد البقاء على الحيض والنفاس
بالبقاء على الجنابة فلو طهرت المرأة من الحيض والنفاس قبل الفجر وجب عليها الاغتسال ليصح صومها فلو تعمدت البقاء
على حدث الحيض والنفاس حتى طلع الفجر ولم تغتسل بطل الصوم
والكلام يختص بحال العمد فمن شرائط صحة الصوم عدم تعمد البقاء على الجنابة والحيض والنفاس
أما مع عدم العمد بالبقاء فالصوم صحيح كما تقدم في المسألة (985) حيث قال الماتن ( الأقوى عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد )
والفرق بين هذا الشرط وسابقه بالنسبة الى الحيض والنفاس أن الكلام في الشرط السابق في نفس الحيض والنفاس ونزول الدم فيهما
أو قل في نفس الحدث فيشترط في صحة الصوم عدم الحدث من الحيض والنفاس
أما هنا فالكلام في البقاء على الحدث بعد انقطاع الدم فيشترط في صحة الصوم أن تغتسل المرأة قبل الفجر من حدث الحيض والنفاس بعد انقطاعهما .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:18 AM

5 - أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة ، مع العلم بالحكم في الصوم الواجب ، إلا في ثلاثة مواضع :
أحدها : الثلاثة أيام وهي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه .
ثانيها : صوم الثمانية عشر يوما ، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب .
ثالثها : صوم النافلة في وقت معين ، المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه ومن الحضر .
--------------------------
الشرط الخامس / في صحة الصوم أن لا يكون المكلف مسافراً ، فلا يصح الصوم مع السفر كما دل على ذلك قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة / 184 ، فالآية أوجبت القضاء على المسافر ولازم ذلك عدم صحة الصوم منه والا لما وجب القضاء ، لكن عدم صحة الصوم مع السفر ليست مطلقاً بل بشرطين :
1. أن يكون السفر يوجب قصر الصلاة أما إذا كان حكمه إتمام الصلاة في سفره فحينئذٍ يجب عليه الصوم وصومه صحيح كناوي الإقامة عشرة أيام أو من كان عمله السفر أو في السفر وكذا من كان سفره سفر معصية كما سيأتي في المسألة (1028) إن شاء الله ، وعلى أساس ذلك يذكر الفقهاء قاعدة مفادها الملازمة بين القصر والإفطار والتمام والصيام بالنسبة الى الصوم الواجب فيقولون ( من قصّر أفطر ومن أتمّ صام ) وقد ورد مثل هذا التعبير في الروايات ، وهي قاعدة مطردة لا تتخلف الا في موارد قليلة كالمسافر بعد الزوال كما سيأتي في المسألة (1038) إن شاء ، وكمن حكمه القصر في أماكن التخيير الأربعة فإنه وإن جاز له الإتمام في تلك الأماكن لكن لا يجوز له الصيام ، وكما في المواضع الثلاثة التي أشار اليها الماتن في هذه النقطة .
2. أن يكون عالماً بالحكم وهو عدم صحة الصوم في السفر بل عدم جوازه ، فلو كان جاهلاً بذلك فصام فصومه صحيح كما سيأتي إن شاء الله في المسألة (1027) مع تفصيل زائد
والكلام بالنسبة الى الصوم الواجب أما المندوب فيتعرض له الماتن في المسألة التالية إن شاء الله
إذن لا يصح الصوم الواجب - سواء المعيّن كصوم رمضان أو غير المعيّن كالقضاء - في السفر ما دام يوجب قصر الصلاة والمكلف عالماً بالحكم ، يستثنى من ذلك ثلاثة موارد يصح فيها الصوم الواجب في السفر بل يجب وإن كانت الصلاة قصراً :
المورد الأول / ( الثلاثة أيام وهي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه ) فإنه في حج التمتع يجب على الحاج الذبح أو النحر ويسمى هذا العمل بالهَدْي فإن لم يتمكن من ذلك كما لو يجد ثمن الهدي أو لم يجد هدياً فحينئذٍ يجب عليه أن يصوم بدل ذلك عشرة أيام ثلاثة منها في الحج وسبعة بعد الرجوع الى بلده على تفصيل مذكور في كتاب الحج ، وهذا يعني وقوع الثلاثة في السفر وأشار القرآن الكريم الى هذا الحكم في قوله تعالى ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) البقرة / 196 .
المورد الثاني / ( صوم الثمانية عشر يوما ، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب ) فمن مناسك الحج الوقوف في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة من الزوال أو بعده بمقدار الغسل وأداء الظهرين جمعاً - على الخلاف في مبدء الوقوف - الى الغروب ، وبعد الغروب يفيض الحاج الى المشعر الحرام أي المزدلفة ، ولا تجوز الإفاضة من عرفات قبل الغروب فمن أفاض وجب عليه الرجوع فإن لم يرجع وجبت عليه كفارة وهي أن ينحر بدنة فإن لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في الطريق أو عند أهله ، وفرق هذا المورد عن سابقه أن الثلاثة أيام في المورد السابق يجب إيقاعها في السفر ، أما هنا فإيقاع الثمانية عشر في السفر هو على نحو الجواز لا الوجوب فيجوز له تأخيرها الى حين الرجوع الى أهله وبلده ، وخالف في هذا المورد السيد محمد سعيد الحكيم فاحتاط وجوباً بعدم الصوم في السفر وأن يؤجل صوم الثمانية عشر يوماً الى حين الرجوع الى أهله .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:27 AM

المورد الثالث / ( صوم النافلة في وقت معين ، المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه ومن الحضر ) أي أن ينذر الصوم في السفر بحيث كان السفر ملحوظاً حال النذر إما بخصوصه ومتقيداً به أو الأعم منه ومن الحضر دون ما إذا كان النذر مطلقاً لم يلحظ فيه السفر ، توضيح ذلك أن المكلف إذا نذر الصوم فلا يخلو نذره من إحدى صور ثلاث :
الصورة الأولى / أن ينذر إيقاع الصوم في السفر خاصة ، كما لو نذر أن يصوم يوم عرفة إن وفقه الله لزيارة الحسين عليه السلام في ذلك اليوم وكانت بينه وبين كربلاء مسافة شرعية ، فهو ناذر أن يصوم يوم عرفة وهو في السفر عند الحسين عليه السلام ، فالسفر ملحوظ حال النذر بخصوصه .
الصورة الثانية / أن ينذر الصوم على أي حال سواء كان في سفر أو حضر كما لو نذر أن يصوم كل خميس سواء كان حاضراً أو مسافراً بحيث كان ذلك ملحوظاً له فهو قاصد أن يصوم كل خميس أينما كان حاضراً أو مسافراً ، وفرق هذه الصورة عن سابقتها أن السفر ملحوظ حجال النذر ولكن ليس بخصوصه كما في الصورة السابقة بل الأعم منه ومن الحضر .
الصورة الثالثة / أن يُطلق الناذر نذره فلا يكون السفر ملحوظاً عنده لا بخصوصه ولا بالأعم منه ومن الحضر ، كما لو نذر أن يصوم كل خميس فلحاظه منصب على صوم يوم الخميس ولم يلحظ أن يكون ذلك في السفر أو في الحضر أو في الأعم منهما ، وبعبارة واضحة أن الناذر لم ينوِ صوم كل خميس ولو في السفر بل كانت نيته أن يصوم كل خميس ولم يتعرض الى أن ذلك في خصوص الحضر أو حتى في السفر .
فالصورتان الأولى والثانية تشتركان في أن السفر ملحوظ ومقصود أثناء النذر وتختلفان بينهما أنه ملحوظ بخصوصه أو ليس بخصوصه ، كما تختلفان عن الثالثة في أن السفر غير ملحوظ فيها أصلاً لا بخصوصه ولا الأعم منه ومن الحضر ، بحيث لو سألناه هل قصدت الصوم في السفر أو الحضر لأجاب لم ألحظ ذلك ولم ألتفت اليه وإنما لحاظي على نفس النذر والصوم كل خميس ، بخلاف الصورة الأولى فيجيب أن لحاظي الصوم في السفر خاصة ، وفي الصورة الثاني يجيب أن لحاظي الصوم في السفر والحضر
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا إشكال في صحة النذر في الصورة الأولى التي يلحظ فيها الصوم في السفر خاصة فيصح بل يجب الوفاء بالنذر والصوم في السفر ، فمن نذر أن يصوم في السفر فصومه صحيح ويجب عليه الوفاء بالنذر
ونفس الحكم ينطبق على الصورة الثانية فمن نذر أن يصوم كل خميس سواء كان حاضراً أو مسافراً فنذره صحيح ويجب عليه الوفاء به فيصوم كل خميس وإن كان في السفر
وأما في الصورة الثالثة فيختص وجوب الوفاء بالنذر في خصوص ما إذا كان حاضراً ولا يجب عليه الصوم حال السفر ، فمن نذر أن يصوم كل خميس ولم يلحظ أن ذلك في خصوص الحضر أو حتى في السفر بحيث كان غافلاً عن ذلك حال النذر فحينئذٍ ينصرف قصده الى الحضر دون السفر فيصوم كل خميس ما دام حاضراً فإذا صادف أن يكون في خميس مسافراً لم يجب عليه الصوم بل لا يصح ، والفرق أن السفر في الصورتين الأوليين السفر ملحوظ حال الصوم إما بخصوصه أو بالأعم منه ومن الحضر فصح الصوم في السفر لمكان القصد ، أما في الثالثة فالسفر غير ملحوظ ولا مقصود فينصرف النذر الى الحضر .
وقول الماتن ( صوم النافلة في وقت معين ) يقصد أن الكلام في هذا المورد الثالث في صوم مستحب غير واجب في نفسه لكنه وجب بسبب النذر ، كما لو نذر صوم يوم عرفة أو كل خميس فالصوم في هذين اليومين نافلة ليس بواجب لكنه يجب بسبب النذر ، والماتن يريد أن يشير بذلك الى أن جواز الصوم المنذور في السفر يختص بما إذا كان متعلق النذر صوماً نافلة في نفسه ، دون ما إذا كان واجباً في نفسه كما لو نذر أن يصوم ما في ذمته من القضاء في السفر فهنا النذر غير صحيح لأن صوم القضاء في السفر منهي عنه فلا يصح أن يكون متعلقاً للنذر وهكذا لو نذر أن يصوم شهر رمضان في السفر فهذا النذر باطل لا يصح .
وقوله في وقت معين إشارة الى أن النذر قد يكون معيناً كما إذا نذر أن يصوم كل خميس أو صوم يوم عرفة وقد لا يكون معيناً كما إذا نذر أن يصوم يوماً ولم يعينه ، والكلام في جواز إيقاع الصوم المنذور في السفر مختص بالمعين لا مطلقاً .
خلاصة الكلام /
أن الصوم الواجب في السفر غير صحيح ما دام السفر يوجب قصر الصلاة والمكلف يعلم بالحكم فإن كان حكمه التمام أو كان جاهلاً بعدم جواز الصوم الواجب في السفر فصومه صحيح ، نعم يستثنى من عدم صحة الصوم الواجب في السفر مع القصر والعلم بالحكم ثلاثة مواضع :
1. صوم الثلاثة أيام في حج التمتع بدل الهدي لمن لم يجده .
2. صوم الثمانية عشر يوم بدل كفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب مع عدم الرجوع .
3. الصوم المنذور المعين بشرط أن يكون متعلقه ليس واجباً بل نافلة وأن يكون الإيقاع في السفر ملحوظاً حال النذر إما بخصوصه أو مع الحضر .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:34 AM

مسألة 1026 : الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر ، إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة ، والأحوط لزوما أن يكون ذلك في الأربعاء والخميس والجمعة .
-----------------------
كان الكلام في مشروعية الصوم الواجب في السفر وعرفنا عدم مشروعيته وأنه لا يصح الا في ثلاثة مواضع ، والكلام الآن في مشروعية الصوم المندوب في السفر ، فهل يجوز ويصح الصوم المندوب في السفر ، سواء المندوب الخاص كصوم يوم عرفة والغدير ونحو ذلك أو المندوب العام وهو الصوم في أغلب أيام السنة ؟
فيه خلاف فقيل بالجواز مع الكراهة والمعروف عدم جوازه فلا يشرع الصوم المندوب في السفر ، ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات فمنها ما يدل على الجواز ومنها ما يدل على المنع بل الحرمة وأن الصوم في السفر معصية ، ولأجل اختلاف الفقهاء في كيفية علاج هذا التنافي بين الروايات نشأ هذان القولان الا أن الرأي الذي استقر عليه الفقهاء هو عدم الجواز كما ذكر الماتن
والكلام إنما هو في المندوب غير المنذور فإن تعلق به النذر صار واجباً وجاز بل وجب إيقاعه في السفر وهو الموضع الثالث المتقدم
نعم استثنى الفقهاء مورداً واحداً يصح فيه الصيام المندوب في السفر وهو صيام ثلاثة أيام في المدينة المنورة لمن كانت له الى الله حاجة يريد قضائها ، وقد دلت على ذلك عدة روايات منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء ، وتصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة وهي أسطوانة التوبة التي كان ربط إليها نفسه حتى نزل عذره من السماء ، وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها ما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ليلتك ويومك ، وتصوم يوم الخميس ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة ، وإن استطعت أن لا تتكلم بشئ في هذه الأيام إلا ما لا بُدّ لك منه ، ولا تخرج من المسجد ، إلا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل ، فان ذلك مما يعد فيه الفضل )
ولا خلاف في استحباب هذا الفعل وصحة الصوم في هذا المورد الا أنهم اختلفوا أن الثلاثة أيام هل يجب أن تكون هي الأربعاء والخميس والجمعة حصراً أم يجوز غيرها كالسبت والأحد والإثنين مثلاً ؟
قولان : الأول / يجب أن تكون الثلاثة هي الأربعاء والخميس والجمعة ولا يصح غيرها وذلك اقتصاراً على مورد النص فالروايات ذكرت هذه الأيام دون غيرها فيجب الاقتصار عليها ولا يصح إيقاع الصوم في غيرها ، خصوصاً أن الحكم خلاف الأصل من عدم جواز الصوم المندوب في السفر فيقتصر فيه على القدر المتيقن الذي هو مورد الروايات .
الثاني / الجواز ، فذكر الأربعاء والخميس والجمعة في الروايات يحمل على الأفضلية لا الاشتراط والحصر فيجوز إيقاع الصوم في غيرها .
ولأجل هذا الاختلاف احتاط الماتن لزوماً بالاقتصار على الأربعاء والخميس والجمعة لأن إيقاع الصوم فيها معلوم الصحة والجواز ، والخلاف في غيرها فيُقتصر على القدر المتيقن ، وهو الرأي المعروف حيث احتاط أغلب الفقهاء بذلك وجوباً كالسيد الخوئي وغيره بل قوّاه وأفتى به الشيخ الفياض وخالف في ذلك السيد الصدر فجعل الصوم في الأربعاء والخميس والجمعة أحوط استحباباً فوافق في ذلك بعض من تقدم من الفقهاء كالسيد اليزدي رحمه الله .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:37 AM

مسألة 1027 : يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم ، وإن علم في الأثناء بطل ، ولا يصح من الناسي .
----------------------
تقدم في الشرط الخامس من شروط صحة الصوم أن لا يكون الصائم مسافراً وقلنا هذا بشرطين ثانيهما أن يكون عالماً بالحكم أما إذا صام في السفر جاهلاً بعدم الجواز صح صومه وأشار الى ذلك الماتن بقوله ( مع العلم بالحكم في الصوم الواجب ) وأعاد ذكر المسألة هنا مرة أخرى مع تفصيل زائد ، وهذا الحكم وهو صحة صوم المسافر الجاهل بالحكم محل اتفاق لدلالة الروايات عليه كصحيح ليث عن أبي عبد الله عليه السلام : ( إذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر وإن صامه بجهالة لم يقضه ) ، ولازم عدم القضاء صحة الصوم ، ونظير هذا الحكم حكم من صلّى تماماً في السفر جاهلاً بأصل الحكم بوجوب القصر فصلاته صحيحة .
والتفصيل الزائد الذي ذكره الماتن هنا عبارة عن أمرين :
الأمر الأول / يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر النهار ، وأما لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصح صومه لأنه لو صام فصومه سيكون بعلم لا بجهالة ، أو قل إن الأصل عدم صحة الصوم الواجب في السفر خرج من ذلك الجاهل بالحكم فيقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما لو أكمل النهار جاهلاً ولا يشمل ما إذا علم بالحكم في أثناء النهار .
الأمر الثاني / إن الحكم بالصحة مختص بالجاهل بعدم صحة الصوم في السفر ، أما الناسي فصومه باطل ولا يشمله الحكم ، فمن نسي الحكم بعدم صحة الصوم الواجب في السفر فصام فصومه باطل وليس هو كالجاهل بعدم الصحة ، لأن الدليل الدال على الصحة كصحيح ليث السابق مختص بالجاهل ولم يذكر الناسي فلا يشمله الحكم بالصحة .

مولى أبي تراب 04-09-2012 07:40 AM

مسألة 1028 : يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام ، كناوي الإقامة والمسافر سفر معصية ونحوهما .
-------------------------
تقدم في الشرط الخامس من شروط صحة الصوم أن لا يكون الصائم مسافراً وقلنا هذا بشرطين أولّهما أن يكون سفراً يوجب قصر الصلاة ، أما إذا كان الحكم إتمام الصلاة كناوي الإقامة عشرة أيام أو من كان سفره سفر معصية فحينئذٍ يصح منه الصوم الواجب بل يجب عليه ذلك فمن نوى الإقامة في مكان في شهر رمضان وجب عليه الصوم كما يجوز له القضاء أو غيره من الصوم الواجب في غير شهر رمضان وتقدم من الماتن الإشارة الى ذلك في الشرط الخامس فقال ( أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة ) وقلنا عند الفقهاء قاعدة تقول ( من قصّر أفطر ومن أتم صام ) ، قال السيد اليزدي رحمه الله ( فكل سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم وبالعكس ) ، وهذه القاعدة مستوحاة من النصوص الشرعية وروايات المعصومين عليهم السلام كموثقة سماعة عن الصادق عليه السلام قال : ( وليس يفترق التقصير والإفطار فمن قصّر فليفطر ) ، بل مستوحاة من القرآن الكريم في قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة / 184 .

مولى أبي تراب 06-09-2012 10:17 AM

مسألة 1029 : لا يصح الصوم من المريض ، ومنه الأرمد ، إذا كان يتضرر به لايجابه شدته ، أو طول برئه ، أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله ، ولا فرق بين حصول اليقين بذلك والظن والاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية ، وكذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض ، فضلا عما إذا علم ذلك ، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه ويصح منه .
---------------------
تقدم أن الماتن أوصل شرائط صحة الصوم الى خمسة بل ستة ، وهنا في هذه المسألة ذكر الشرط السادس وهو عدم المرض وذلك لقوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة / 184 ، فأوجب على المريض أن يصوم عدة من أيام أُخر وهو كناية عن القضاء ولازم وجوب القضاء على المريض عدم صحة الصوم منه وأن من شرائط صحة الصوم عدم المرض والا لما وجب القضاء عليه ، فلا يصح الصوم من المريض لكن ليس مطلقاً بل في خصوص ما إذا كان الصوم يوجب له الضرر لدلالة الروايات على ذلك ، كما لو أوجب الصوم شدة المرض أو تأخر حصول البرء أو أوجب اشتداد الألم ، وههنا أمور :
1. يلحق بالمرض الرمد فمع خوف حصول الرمد من الصوم لا يجب الصوم للأخبار كصحيحة حريز عن أبي عبد الله ( ع ) قال : ( الصائم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر ) .
2. تشخيص كون المرض يوجب الضرر فلا يصح الصوم أو لا يوجب فيجب الصوم موكول إلى المكلف نفسه فإذا علم أنه يقوى على الصوم وأنْ لا ضرر فيه وجب عليه الصوم والا فلا ، فالمكلف على نفسه بصيرة كما في بعض الروايات ، وفي بعضها أنه مؤتمن على الصوم وأن أمر الصوم مفوّض إليه فإن وجد ضعفاً فليفطر وإن وجد قوة فليصم .
وبذلك يُجاب من يسأل أنه مريض أو أجرى عملية ونحو ذلك هل يجب عليّ الصوم أو لا ؟
فجوابه أنت أعلم بنفسك وبمدى قدرتك وقابليتك على الصوم ولا تنتظر من الفقيه أن يقول لك صم أو افطر لأنه لا يعلم إن كنت قادراً على الصوم أو لا وأنه يوجب لك الضرر أو لا لأن ذلك من الموضوعات التي لا دخل للفقيه في تشخيصها ، وإنما الفقيه يبيّن الحكم الشرعي وهو أن الصوم إن أوجب ضرراً لم يجب ولم يصح والا وجب ، وتطبيق ذلك موكول الى المكلف نفسه .
3. لا يشترط لجواز الإفطار اليقين بحصول الضرر مع الصيام بل يكفي الظن والاحتمال ، فلو احتمل أنه إن صام سيتضرر ويشتد عليه الألم أو يتأخر البرء كفى هذا الاحتمال في جواز الإفطار ، والعبرة بحصول الخوف فمن خاف أنه إن صام سيتضرر جاز له الإفطار شريطة أن يكون هذا الخوف ناشئاً من سبب وجيه وعقلائي بحيث لو سألناه ما الذي يخيفك إن صمت لكان جوابه مقبولاً عرفاً وجيهاً عند العقلاء ، أما إذا كان منشأ الخوف مجرد الوسوسة والخوف الزائد اللاعقلائي لم يكن ذلك عذراً له ولا مسوغاً لعدم الصوم .
والحاصل / أن المريض إن خاف الضرر بالصوم لم يجب عليه الصوم سواء كان متيقناً من حصول الضرر أو ظاناً بحصوله أو محتملاً له ، بل كذا غير المريض ، فلو خاف الصحيح من حدوث المرض إن هو صام لم يصح منه الصوم ما دام هذا الخوف مستنداً الى منشأ عقلائي .
4. لا فرق في الضرر بين أن يكون في نفسه أو غيره أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه وكان وجوبه أهم في نظر الشارع من وجوب الصوم ، فمتى ما كان صومه يوجب أحد هذه الإنواع من الضرر ولو احتمالاً لم يصح الصوم .

مولى أبي تراب 06-09-2012 10:23 AM

مسألة 1030 : لا يكفي الضعف في جواز الافطار ولو كان مفرطا إلا أن يكون حرجا فيجوز الافطار ، ويجب القضاء بعد ذلك ، وكذا إذا أدى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش ، مع عدم التمكن من غيره ، أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار على الصوم لغلبة العطش والأحوط لزوما فيهم الاقتصار في الأكل والشرب على مقدار الضرورة والامساك عن الزائد .
----------------------
لا يلحق بالمرض في عدم صحة الصوم الضعف وإن كان مفرطاً ما دام يتحمل عادة ، فمن أوجب له الصوم ضعفاً وإجهاداً لم يكن ذلك مسوغاً لجواز الإفطار ، نعم لو كان الضعف مما لا يتحمل عادة بحيث أوجب الحرج والمشقة الشديدة جاز الافطار ، ومن تطبيقات ذلك صورتان :
الصورة الأولى / أن يكون الصوم سبباً للضعف الموجب للعجز عن العمل اللازم للمعاش بحيث إذا صام لم يستطع العمل وتحصيل نفقة نفسه وعياله لأن الصوم يوجب له الضعف المانع عن العمل فحينئذٍ إن صام أوقعه الصوم في الحاجة والعوز وهذا حرج عليه فيجوز له الإفطار ، ولكن بشرطين :
الشرط الأول : أن يكون العمل لا بد منه ولازماً للمعاش بحيث لو لم يعمل لم يحصل على قوته ولم يستطع تحصيل نفقة نفسه وعياله ووقع في الحرج ، أما إذا لم يكن العمل كذلك لم يجز له الإفطار لعدم الحرج حينئذٍ ، كما لو كان له مال مدخر يمكنه العيش منه فحينئذٍ عمله ليس لازماً للمعاش فتركه لا يوقعه في الحرج فلا يسوغ له الإفطار .
الشرط الثاني : أن يكون عمله الذي لا يقوى عليه مع الصوم هو العمل الوحيد والمصدر الفريد لمعاشه ، أما إذا كان له عمل آخر لا يضعفه الصوم عنه أو كان بإمكانه تغيير عمله الذي يضعفه الصوم عنه الى عمل آخر لا يضعفه الصوم عنه فحينئذٍ لا يسوغ له الإفطار بل يغير عمله ويصوم ، وذلك لأن الإفطار لمن يضعفه الصوم عن العمل إنما هو للحرج وإنما يتحقق الحرج إذا كان لا يمكنه تغيير العمل أما إذا أمكنه تغيير العمل الى عمل آخر لا يضعفه الصوم عنه فحينئذٍ لا حرج فيجب الصوم
وبذلك يجاب من يتذرع بالعمل عن عدم الصوم كعمال البناء مثلاً ، فيقال له هل العمل ضروري للمعاش بحيث أنه المصدر الوحيد لمعاشك ؟ فإن قال لا بل عندي عمل آخر أو عندي نقد مدخر يمكنني الصرف منه قلنا له يجب عليك الصوم ولا يسوغ الإفطار ، وإن قال نعم هو ضروري والمصدر الوحيد للمعاش ، قلنا له : هل يمكنك تغيير العمل الى عمل آخر يناسبك ويكفل لك المعيشة ولا يضعفك عنه الصوم ؟ فإن قال نعم يمكنني ذلك قلنا له غيّر عملك ويجب عليك الصوم ، وإن قال لا يمكنني ذلك فهذا العمل الذي يضعفني الصوم عنه هو العمل الوحيد الممكن لي قلنا له يجوز لك الإفطار ، والإنسان على نفسه بصيرة وينبغي أن يكون صادقاً مع ربه العالم به فهل الصوم يضعفه عن العمل فعلاً حد الحرج ؟ وإذا كان كذلك فهل العمل لازماً للمعاش بحيث لولاه يقع في الحرج من جهة المعيشة ؟ وإذا كان كذلك فهل فعلاً لا يمكنه تغيير العمل ؟
الصورة الثانية / الصائم إذا أصابه الضعف وغلبه العطش أثناء العمل بحيث لم يمكنه الاستمرار بالصوم والا أوجب له الاستمرار الحرج والمشقة الشديدة فحينئذٍ يجوز له الإفطار ، وقد تقدمت الإشارة الى هذه الصورة في فصل المفطرات في المسألة (1006) ، وقلنا أن الكلام ليس عن ذي العطاش المرخّص في الإفطار بل عن شخص سليم صادف أن أصابه العطش في نهار الصوم فغلبه بحيث خاف إن لم يشرب يقع في الضرر او الحرج البالغين ، فلا إشكال في جواز شربه الماء حينئذٍ دفعاً للحرج والمعروف بطلان صومه بذلك لأنه شرِب الماء عن عمد واختيار وكل من شرب الماء كذلك بطل صومه وإن كان مضطراً لرفع العطش الحرجي ، واختار بعض الفقهاء صحة الصوم وبعضهم استشكل في البطلان كما تقدم ذكر ذلك هناك مفصلاً ، وكان رأي الماتن هو فساد الصوم كما هو الرأي المعروف ، لكن بطلان الصوم بشرب ما يرفع مقدار العطش لا يعني الاسترسال في المفطرات بل لا تجوز الزيادة على شرب ما يرفع العطش فيمسك بقية النهار لكن في خصوص صوم رمضان كما تقدم في تلك المسألة حيث قال الماتن ( ويجب عليه الامساك في بقية النهار إذا كان في شهر رمضان على الأحوط ، وأما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب ) .


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 04:26 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024