منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى الفقهي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=129)
-   -   ما هو علم الكلام ؟ (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=151240)

الحوزويه الصغيره 07-07-2012 09:34 AM

ما هو علم الكلام ؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم



يعتبر علم الكلام من أهمّ العلوم الإسلاميّة، وأقدمها تاريخاً، وأشدّها حساسيّةً، حيث إنّه لا بدّ لكلّ مسلمٍ أن يتخذ موقفاً واضحاً من أصول الاعتقادات، ويبني عليها عقيدته الإسلاميّة. فعليه أن يتحرّى في الأصول الدليل الصحيح والمقنع، كما وعليه أن يسأل حتّى يصل إلى ما يطمئنّ له باله وقلبه. وقد تعرّض القرآن الكريم، والنبيّ صلى الله عليه وآله ، والأئمّة المعصومون عليهم السلام من بعده وكذا المسلمون الأوائل لكثيرٍ من الأدلّة الفطريّة والعقليّة الداخلة في ضمن المسائل الاعتقاديّة، لا سيّما الأصول منها. وهذا ممّا يدلّل على عمق هذه الأبحاث في تاريخ العلوم الإسلاميّة، وعلى شدّة أهميّتها، وحساسيّتها. وإنّ اختلاف الفرق الإسلاميّة ـ منذ العصر الأوّل الإسلاميّ، حتّى العصر الحاضر ـ وتمسّك كلّ فرقةٍ بأدلّتها، ومحاولة الردّ على أدلّة باقي الفرق، وغير ذلك من الأسباب، أدّى إلى تطوّر هذا العلم، واتساع مسائله، وجعله من أكثر العلوم الإسلاميّة حيويّةً.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0041.gif

تعريف علم الكلام

لم يكن القدماء من علماء الكلام يولون اهتماماً بتعريف علم الكلام، وذلك لوضوح مفهومه عندهم، وعدم جريان عادتهم في تلك الآونة على التقيّد بما جرى عليه أرباب العلوم فيما بعد من ذكر أمّهات المسائل في بداية كلّ علمٍ؛ من تعريفٍ وموضوعٍ وغايةٍ وأسلوبٍ أو منهجٍ، وغيره ممّا يعرف بالرؤوس الثمانية.
وقد ذُكرت عدّة تعاريف لعلم الكلام، ولكنّها بحسب الظاهر لم يكن بينها ذلك البون الشاسع، حيث يمكن استخلاص أهمّ النقاط التي تتمحور حولها هذه التعاريف، والتي كانت محطّ نظر العلماء في التعريف. ورغم وضوح المفهوم من هذا العلم سوف نذكر ثلاثة تعاريف أساسيّة لتكون الصورة عن هذا العلم أكثر وضوحاً وجلاءً:

أ ـ "الكلام علمٌ يقتدر معه على إثبات العقائد الدينيّة، بإيراد الحجج، ودفع الشبهة" . والمراد بالعقائد: ما يقصد به نفس الاعتقاد دون العمل، وبالدينيّة: المنسوبة إلى دين النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله .
ب ـ يقول ابن خلدون في مقدّمته: "هو علمٌ يتضمّن الحجاج عن العقائد الإيمانيّة، بالأدلّة العقليّة، والردّ على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنّة" .
ج ـ وعرّفه الجرجانيّ بأنّه: "علمٌ يُبحث فيه عن ذات الله تعالى، وصفاته، وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام" . وقد أُدخل قيد قانون الإسلام لإخراج الفلسفة الإلهيّة من التعريف، فإنّها تبحث عن ذلك معتمدة على القواعد العقليّة الفلسفيّة.

والملاحظ في هذه التعاريف، أنّ بعضها ناظرٌ إلى المواضيع التي يدور البحث عنها في هذا العلم، وبعضاً آخر ناظرٌ إلى الغاية المرجوّة منه. والجامع بين هذه التعاريف ما ذكر في ضمنه المسائل والغاية والأسلوب، فعُرّف بأنّه: "العلم الذي يبحث عن أصول العقائد المذهبيّة، مستعيناً بالأدلّة العقليّة والنقليّة، خلوصاً من العقائد الكافرة الضالّة، والتزاماً بالعقيدة الحقّة" .

محاور في تعريف علم الكلام

ويمكن أن نستفيد من هذه التعاريف عدّة أمورٍ وهي أنّ علم الكلام:
1 ـ موضوعاً: يهتمّ بدراسة العقائد الإسلاميّة الحقّة والدفاع عنها، مقابل آراء أهل البدع والشبهات.
2 ـ أسلوباً: يستخدم أسلوب المحاججة الكلاميّة، التي تعتمد على الأدلّة والبراهين العقليّة والنقليّة لأجل الكشف عن الواقع وإثباته.
3 ـ منهجاً: يعتمد على المنهج الجدليّ، وهو يعني إسكات الخصم وإفحامه، لا البرهنة لكشف الواقع وإثباته. وهذا يُفهم من كلمة المحاججة المذكورة في التعريف.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0041.gif

موضوع علم الكلام

الموضوع في كلّ علم هو المحور الأساس الذي تدور حوله مسائل العلم. والملاحظ من خلال تعريف علم الكلام، وممّا سيأتي عند الحديث عن تسميته ونشأته، أنّ موضوع علم الكلام هو أصول الدين، وسائر المسائل الاعتقاديّة، وقد ذكرت عدّة مواضيع لهذا العلم، ذكرها الإيجي في المواقف فقال:
"قيل: هو ذات الله تعالى، إذ يبحث فيه عن صفاته وأفعاله في الدنيا كحدوث العالم، وفي الآخرة كالحشر، وأحكامه فيهما كبعث الرسول ونصب الإمام، والثواب والعقاب. وفيه نظرٌ .... وقيل: هو الموجود بما هو موجود، ويمتاز عن الإلهيّ أي الفلسفة الإلهيّة باعتبار؛ وهو أنّ البحث ههنا على قانون الإسلام بينما في الفلسفة فالبحث على قانون الفلسفة بشكلٍ عام . وفيه أيضاً نظرٌ ..." .
ويمكن الجمع بين كلّ التعاريف المذكورة لعلم الكلام، بأنّه العلم الباحث عن العقائد. ومن هنا كان من الضروريّ معرفة معنى العقائد.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0041.gif

تعريف العقيدة

"العقائد: جمع عقيدة، وهي المعتَقَدَة، والمراد بالاعتقاد هنا، الأمر الجازم الثابت، المطابق للواقع أي لما في نفس الأمر ، غير ممكن الزوال" . ولعلّ هذا التعريف للعقائد يحتاج إلى بعض التوضيح، وهو أنّه:

ـ لا بدّ في الأمر المعتقد به أن يكون جازماً يقينيّاً، أي غير مظنونٍ به، ولا محتمل.
ـ وأن يكون ثابتاً بالدليل لا أن يكون ثبوته من خلال التقليد.
ـ وأن يكون مطابقاً للواقع، لا كالجهل المركّب الذي هو علمٌ بنظر المدّعي، لكنّه جهلٌ بحسب الواقع.
ـ وأن يكون حاصلاً من خلال دليلٍ وحجّةٍ قويّة خاليةٍ عن المعارض، وبذلك لا يمكن زوال هذا المعتقد.

ومن الواضح أنّ المراد بالعقيدة هو نفس الاعتقاد لا العمل به.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0041.gif

خلاصة الدرس:
لقد ذُكرت عدّة تعاريف لعلم الكلام، ولكنّها بحسب الظاهر لم يكن بينها ذلك البون الشاسع. وقد ذكرنا ثلاثة تعاريف أساسيّة لتكون الصورة عن هذا العلم أكثر وضوحاً وجلاءً. ونحن نذكر في المطالعة أبرز التعاريف: «الكلام علمٌ يقتدر معه على إثبات العقائد الدينيّة، بإيراد الحجج، ودفع الشبهة».
وأمّا موضوع علم الكلام فهو أصول الدين، وسائر المسائل الاعتقاديّة. وقد ذُكرت عدّة مواضيع لهذا العلم، جامعها العلم الباحث عن العقائد .


تحيتي






النيزك 07-07-2012 01:35 PM

اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم

أحسنتم

بارك الله فيكم

الحوزويه الصغيره 14-07-2012 05:46 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

اهلاً بك أخي الكريمـ النيزك ..
تشرفت بمروركمـ .

تحيتي

النجف الاشرف 14-07-2012 10:53 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أحسنتم اختي الفاضلة , فعلم الكلام هو الفقه الاكبر لانه العلم الباحث عن الله تعالى وصفاته الذاتية والفعلية وما يتبع ذلك من العقائد الايمانية وصيانه الشريعة ودرء شبهات اهل الالحاد والباطل عنها ...

لهذا أجمع علماء مدرسة اهل البيت صلوات الله عليهم والهم على بطلان التقليد في العقائد

والسلام عليكم

الحوزويه الصغيره 04-09-2012 03:30 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

اهلاً بك أخي الكريمـ النجف الأشرف ..
تشرفت بمروركمـ .

تحيتي

الحوزويه الصغيره 04-09-2012 03:50 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


أسماء علم الكلام وسبب التسمية


http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

تمهيد


لقد ذُكرت لهذا العلم الباحث عن المسائل الاعتقاديّة عدّة أسماء. ونلاحظ أنّ كلّ تسميةٍ كان لها وجهها وسببها. ونحن سنذكُر هذه التسميات مع وجوهها:

أ - علم الكلام:

وهو أشهر التسميات المتداولة لهذا العلم. وقد ذُكرت عدّة وجوه في سبب تسمية هذا العلم بعلم الكلام، نذكر منها:

1 ـ إنّ العلماء المتقدّمين كانوا يُعَنوِنون فصول أبحاثهم بالكلام؛ فيقولون: كلامٌ في التوحيد، كلامٌ في القدرة، كلام في النبوّة، كلامٌ في العدل، وهكذا، فلمّا كثر لفظ الكلام في هذا النحو من أبحاثهم سمّي بعلم الكلام.

2 ـ إنّ من يدرس هذا العلم، ويتقنه ويستحضر قوانينه وأدلّته، يصبح ماهراً وبارعاً في النقاش والمجادلة وإفحام الخصم، وبعبارةٍ أخرى تصبح عنده قوّةً في الكلام مع الخصم في الأمور الاعتقاديّة والعقليّة والشرعيّة، فيسمّى متكلّماً، لتضلّعه بهذا العلم.

3 ـ إنّ قوّة أدلّة هذا العلم ـ مع ملاحظة ما سيأتي في أنّ نشوء هذا العلم في الأوساط الإسلاميّة كان قبل الفلسفة ـ صار كأنّه هو الكلام دون ما عداه من

العلوم الأخرى، وتقول العرب للكلام القوي عندما تقارن بين كلامٍ ضعيفٍ وكلامٍ قويٍّ : هذا هو الكلام.

4 ـ إنّ أشهر مسألةٍ بحث عنها هذا العلم، واختلفت فيها الآراء- لا سيما في القرن الأوّل الهجريّ- هي معنى الكلام الإلهيّ، وهل أنّ الله متكلّمٌ؟ وهل أنّ كلامه قديمٌ أم حادثٌ؟ واشتدّ النزاع كثيراً في هذه المسائل بالذات بين الفرق الإسلاميّة، حتّى كفّر بعضهم بعضاً، وأريقت دماءٌ كثيرة، بما هو معروفٌ في التاريخ باسم محنة القرآن .

5 ـ لأنّ هذا العلم يبتنى على الأدلّة القطعيّة التي تفيد اليقين، فيكون أشدّ تأثيراً في القلب، فكأنّه يجرح القلب ويدميه لشدّة تغلغله به، وعليه تكون هذه التسمية مشتقّةً من الكَلْم ـ
بسكون اللام ـ أي الجرح.

6 ـ لأنّ مشايخ المعتزلة كانوا أصحاب قرائح خصبة، في نضدّ القريض، وارتجال الخطب الاعتقاديّة والمناظرة فيها، حتّى بلغوا الذروة في الفصاحة والبلاغة، فسمّيت صناعتهم هذه ـ بسبب أوصافهم وخصوصيّاتهم ـ بالكلام، وسُمُّوا هم بالمتكلّمين.

7 ـ هذا العلم أسبق من غيره في المرتبة، فالكلام فيه أسبق من الكلام في غيره، فكان أحقّ بهذا الاسم .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

ب - علم أصول الدين:

والمراد بالدين هو مجموعة المفاهيم والأحكام والأخلاق التي تفرضها الشريعة على الإنسان. وهي لا تخلو في الغالب من مشقّةٍ، ومن ترك ملذّة. والالتزام به لا بدّ أن يبتنى على حجّةٍ ودليلٍ قاطعين. وإنّما سمي هذا العلم الذي نحن بصدده بعلم أصول الدين، "لأنّ العلوم الدينيّة من الفقه والحديث والتفسير مبنيّةٌ عليه، لأنّها متوقّفةٌ على صدق الرسول، المتوقّف على ثبوتِ المرسِلِ وصفاته وامتناع القبيح عليه، وهذا العلم يبحث عن ذلك ... فلا جرم كان أصلاً للدين" .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

ج - علم العقائد:

وهذه التسمية باعتبار أنّ هذا العلم يبحث عن العقائد التي يعتنقها الإنسان، وقد مرّ معنى العقيدة، فسمّي هذا العلم باعتبار موضوعاته، وما يبحث عنه من مسائل وقضايا ترتبط بالمعتقد، والعلم بهذه القضايا علمٌ بالعقائد، فسُمّي بعلم العقائد.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

د - علم التوحيد والصفات:

ومن الجليّ جداً أنّ وجه التسمية بهذا الاسم هو أحد أبرز وأهمّ أبحاثه، وهو البحث عن توحيد الله سبحانه، وعن صفاته تعالى، فكانت التسمية للكلّ باسم الجزء، وهو متعارف جدّاً في لغة العرب.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

هـ - الفقه الأكبر:

الفقه في اللغة هو الفهم والمعرفة. وينبغي على الإنسان أن يعرف بالدرجة الأولى أمرين:

1 ـ الأحكام العمليّة الفرعيّة التي تضبط كلّ أعماله وتصرّفاته، وهي ما يطلق عليها بالاصطلاح الفقه .

2 ـ المسائل الاعتقاديّة حيث إنّ الأحكام العمليّة تُبتنى على المسائل الاعتقاديّة،

كانت هذه المسائل أهمّ وأشرف، لذلك سمّيت الأحكام بالفقه الأصغر، وسميّت المسائل الاعتقاديّة بالفقه الأكبر.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

و - علم النظر والاستدلال:

وقد سمّي هذا العلم بذلك؛ لأنّ عمدة مسائله، نحو: إثبات الصانع، وحكمته، ووحدانيته، وضرورة بعثة الأنبياء، وغيرها من المسائل، تعتمد على الأدلّة العقليّة، وهي بحاجة إلى نظرٍ وفكرٍ واستدلالٍ.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0133.gif

خلاصة الدرس:


هناك عدّة أسماء لهذا العلم: علم الكلام، علم أصول الدين، علم العقائد، علم التوحيد والصفات، الفقه الأكبر، علم النظر والاستدلال. وكلّ تسميةٍ كانت لمناسبةٍ خاصّة اقتضت تسميته بها.

السيد الكربلائي 04-09-2012 04:04 PM

جزيتم الف خير

علي عدنان حسن 07-09-2012 02:29 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
جزاك الله كل خير اخت حوزوية
ارجو استمرار الابداع

أبواسد البغدادي 16-09-2012 01:18 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد
احسنتم وجزيتم عن الدين خيرا يامباركة ...
ممنون

الحوزويه الصغيره 18-10-2012 02:02 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0137.gif

الكلام غايته ومرتبته


الغاية من علم الكلام

تذكر عادةً في بداية كلّ علمٍ فائدته، لتعرف أهميّة هذا العلم، وليكون البحث فيه وعنه ليس ترفاً فكرياً، ولا عبثاً جزافيّاً، ولتزداد الرغبة في تحصيله لكلّ طالبٍ لتلك الفوائد المرجوّة من ذلك العلم. وقد ذُكرت لعلم الكلام عدّة فوائد، يمكن إرجاعها في الجملة إلى فائدتين أساسيّتين:

الأولى: دفاعيّة

ولعلّ الدفاع عن العقيدة هو الفائدة الأساس المرجوّة من هذا العلم، ولأجلها دوّن علم الكلام، واتسعت مطالبه وما زالت كذلك حتّى عصرنا الحاضر، وهي نصرة العقيدة، والدفاع عن الدين الإسلاميّ الحنيف، والحفاظ على إيمان ومعتقدات المسلمين، والذود عنها بردّ الشبهات، ورفع الإشكالات، ودفع الاعتراضات. فلا يخلو عصرٌ من وجود أشخاصٍ يلقي الشيطان في أفئدتهم، وينفث على ألسنتهم، فيوجّهون الشبهات العويصة حول الدين. ولا تكون هذه الشبهات إلّا فتنةً للذين في قلوبهم مرضٌ، وللقاسية قلوبهم. وأمّا الذين آمنوا فيعلمون الحقّ ويدافعون عنه بردّ هذه الشبهات ونسخ هذه الاعتراضات، حتّى تستحكم آيات الله وحججه. وقد كان علم الكلام أهمّ وأبرز العلوم الإسلاميّة التي أخذت على عاتقها ومسؤوليّتها الدفاع عن الدين، وردّ الشبهات.

الثانية: تنويريّة

فإنّ الاطلاع على علم الكلام، والتعرّف إلى أدلّته، تعطي الإنسان - لا سيما- المسلم فهماً إيمانيّاً عميقاً، وترتقي بمعتقداته- من أن تكون بسيطةً ساذجةً، أو يتخلّلها بعض الشبهات الطارئة إلى مستوى الفكر والوعي والإدراك الصحيح، ويصبح ملمّاً بالأدلّة القويّة، والحجج البالغة حول إثبات الصانع والتوحيد وصفات الله والنبوّة والإمامة والعدل والمعاد وسائر المسائل الاعتقاديّة. وبالخصوص تتمّ بهذا العلم معرفة الله المثيب والمجازي لعباده على فعل الخيرات وارتكاب السيّئات "وكيفيّة آثاره وأفعاله وتكاليفه على الإجمال. وذلك هو سبب السعادة الأبديّة، والخلاص من الشقاء الأبديّ، ولا غاية أهمّ من هذه الغاية" .

لكن يمكن أن تتحقّق عدّة فوائد أخرى من دراسة علم الكلام، غير هاتين الفائدتين، وقد ذُكر منها:

1 ـ مسألةُ بناء قواعد الدين كفائدةٍ مستقلّةٍ، وهي في الحقيقة متفرّعةٌ على الفائدة الأولى؛ حيث إنّه من خلال الدفاع عن الدين، وردّ الشبهات، تتبلور القواعد الأساس لهذا الدين، وتتجلّى أسسه وأصوله، التي عليها يبنى، ومن خلالها يتمّ الدفاع، وبها تتمّ الحجّة.

2 ـ مسألة تفرّع العلوم الشرعيّة على هذا العلم، اعتبرت فائدة مستقلّة لعلم الكلام. وقد مرّ الكلام أنّ هذه المفاهيم والأحكام تعدّ الفقه الأصغر، ولا يمكن التعويل عليها لولا تأسيس القواعد، والبناء على الفقه الأكبر وهو علم الكلام.

3 ـ مسألة تصحيح النيّة؛ فمن خلال اطلاع المسلم على علم الكلام يستطيع تصحيح نيّته واعتقاده؛ إذ بالنيّة يُرجى قبول الأعمال، وبها ينال الفوز في الدارين، وقد ذُكرت مسألة تصحيح النيّة كفائدةٍ مستقلّةٍ لهذا العلم.

4 ـ مسألة إرشاد المسترشدين؛ فإنّه بهذا العلم تظهر لهم الحجّة، وتلزم المعاند وتفحمه، وتردّ الشبه، وبذلك يسترشد طالب الهداية، ولا يبقى له عذرٌ أمام الله بأنّه لم يظهر له الحقّ، أو أنّه لم يطّلع على ما يفيده العلم واليقين في المعتقد .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0137.gif

شرف علم الكلام

ولعلّه من خلال الاطلاع على أهميّة هذا العلم، والفائدة المرجوّة منه، وأهمّ المسائل التي يتعرّض لها بالإثبات بالأدلّة القاطعة، أو بالدفاع عنها بالحجج البالغة، يظهر شرف هذا العلم، وعلوّ شأنه. وقد ذُكرت عدّة وجوهٍ في شرف هذا العلم نذكر منها:

1 ـ شرف العلم تابع لشرف المعلوم

أي شرف المسائل التي يتعرّض لها بالبحث والتنقيب. وقد تقدّم أنّ الغرض الأهم والأساس في هذا العلم هو معرفة العقيدة. وأوّل العقائد معرفة الله سبحانه وتعالى، وصفاته وكيفيّة أفعاله وتأثيراته، ومن ثمّ البحث عن رسله وأوصيائهم، وأحوال النفس والمعاد. وهذه أشرف المطالب خصوصاً. وواجب الوجود أشرف الموجودات، فالعلم به أشرف العلوم.

2 ـ براهين العلم أوثق البراهين

"إنّ مقدمات العلوم قد تكون قطعيّةً، وقد تكون ظنيّةً، ويحصل بالأوّل اليقين، وبالثاني الظنّ، والأوّل أشرف. ومقدّمات هذا الفنّ قطعيّةٌ يقينيّة، إمّا بديهيّة أو كسبيّة راجعةٌ إليها، فتكون براهينه أوثق من غيره، فيكون أشرف" .

3 ـ التعرّف إلى مطالب السعادة

إنّ الإنسان خُلق لا كغيره من الحيوانات، حيث إنّه جُعل محلاً لخطاب الله جلّ وعلا، وتكليفه بالأوامر والنواهي، وما ذلك إلّا لينال السعادة الأخرويّة والفوز والرضوان، "وهذه أعظم الأمور وأجلّ المطالب، ولا تحصل هذه إلّا من خلال الإيمان بالله تعالى ورسله وأوصيائهم، والإيمان باليوم الآخر، والتعرّف على هذه الأمور لا يكون إلّا عبر هذا العلم، فهو إذاً أشرف العلوم" .

4 ـ احتياج العلوم الدينيّة لهذا العلم

فإنّ العلوم الدينيّة كلّها متفرّعةٌ على هذا العلم، ولا يمكن البناء عليها لو لم يثبت بدواً الصانع، وقدرته وعلمه، ليصحّ بالتالي التكليف، ويتيسّر للفقيه والمحدّث والمفسّر للكتاب العزيز وغيرهم من أصحاب العلوم الإسلاميّة الخوض في مجالات علومهم. فبقية العلوم إذاً تحتاج إلى هذا العلم، بينما هو لا يحتاج إلى شيءٍ منها، فهو أشرف منها .

5 ـ بقاء أثره بعد الموت

فإنّ المعتقد لازم للإنسان، لا يفارقه "ويبقى مع النفس بعد الموت، ويبقى أثره في الآخرة، بل يقوى ويكمل، ويصير يوم القيامة ضروريّاً، فكان أشرف العلوم وأفضلها" . وقد ذكر جلّ هذه الأسباب صاحب المواقف بعبارةٍ مختصرةٍ ووافية . كما وذكرها العلّامة الحلّي في نهاية المرام .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0137.gif

مرتبته بين العلوم

بعد أن تبيّنت فائدة هذا العلم، وشرفه، وموضوعه، أصبحت منزلة هذا العلم بين العلوم واضحة جدّاً، وأنّه لا بدّ أن يكون مقدّماً على سائر العلوم، وسابقاً عليها.وقد ذكر العلّامة الحلّي منزلته بما نصّه: "إنّ مبادئ سائر العلوم إنّما تتبيّن فيه. ومعرفة ذي المبدأ متوقّفةٌ على معرفة المبدأ. فلهذا العلم تقدّم بهذا الاعتبار على غيره من سائر العلوم. ولأنّ سبب النجاة إنّما هو معرفة هذا العلم، وهذه الغاية أكمل من كلّ غاية، فلهذا العلم تقدّم على غيره بحسب غايته. ولأنّ معلومه أشرف من كلّ معلومٍ وجب تقدّمه على جميع العلوم" .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0137.gif

خلاصة الدرس:

لقد ذُكرت لعلم الكلام عدّة فوائد، ولكن يمكن إرجاعها في الجملة إلى فائدتين رئيسيتين:

الأولى دفاعيّة وهي نصرة العقيدة، والدفاع عن الدين الإسلاميّ الحنيف.

والثانية تنويريّة، فإنّ الاطلاع على علم الكلام، والتعرّف إلى أدلّته، يعطيان الإنسان لا سيّما المسلم فهماً إيمانيّاً عميقاً، ويرتقيان بمعتقداته من أن تكون بسيطةً ساذجةً، إلى مستوى الفكر والوعي والإدراك الصحيح، ويصبح ملمّاً بالأدلّة القويّة، والحجج البالغة.

ولعلّه من خلال الاطلاع على أهميّة هذا العلم، والفائدة المرجوّة منه، وأهمّ المسائل التي يتعرّض لها بالإثبات بالأدلّة القاطعة، أو بالدفاع عنها بالحجج البالغة، يظهر شرف هذا العلم، وعلوّ شأنه بين العلوم. فشرفه من شرف المعلوم وهو الله، وبراهينه من أوثق البراهين، وهو الموصل للسعادة، وهو العلم الذي تحتاج إليه كل العلوم، ويبقى أثره بعد الموت.

وأمّا مرتبته فلا بدّ أن يكون مقدّماً على سائر العلوم، وسابقاً عليها.




الحوزويه الصغيره 18-10-2012 02:21 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0170.gif

ضرورة علم الكلام أم حرمته


بين الفيلسوف والمتكلم

بعد ملاحظة تعريف علم الكلام نجد أنّ هناك مجموعةً من العقائد والمباحث الثابتة في الدين، يعتنقها عالم الكلام المتكلّم ، ويقوم بدور تثبيتها بالأدلّة والدفاع عنها قبال كلّ من يحاول هدمها أو التشكيك فيها. فهناك إذاً مجموعةٌ من الحقائق المقدّسة تكون هي المحور وهي الأساس. وقد جعلت هي المعيار لصحّة أيّ فكرةٍ تطرح. وعلى أساس هذا المعيار يُدخلونها في الدين أو يُخرجونها عنه.

بينما نجد الفيلسوف لا يعتنق أيّ فكرةٍ مسبقة، وليس عنده شيءٌ مقدّسٌ قبل دخوله بالبحث الفلسفيّ. فهو يدخل في البحث مجرّداً عن أيّ مقدّس سابق، وعن أي عقيدةٍ قَبليّةٍ. وليس بيده غير البرهان العقليّ والمنطقيّ الذي يعتمد على المقدّمات اليقينيّة لا الظنيّة. وهذا البرهان هو المعيار والفيلق عنده.

وبعبارةٍ أخرى: إنّ المتكلّم يحاول إخضاع البرهان العقليّ والمنطقيّ لما يعتقد أنّه حقّ، وأنّه مقدّس، أي لعقيدته. فالبرهان متأخرٌ عنده عن العقيدة، بينما الفيلسوف لا يعتقد قبل البرهان، بل يبرهن ثمّ يعتقد، حتّى لو لم تكن نتيجة البرهان متّفقةً مع أهوائه وميوله. ولعلّ هذا هو الفارق الأساس بين المتكلّم والفيلسوف، ومنه يعرف الفارق بين علم الكلام والفلسفة، فالأوّل عقيدةٌ ثابتةٌ يُبحث عن براهينها، والثاني براهين تثبت عقيدةً .

قال العلّامة الطباطبائي: "القياسات المأخوذة في الأبحاث الكلاميّة جدليةٌ مركّبةٌ من مقدّمات مسلّمة: المشهورات والمسلمات ، لكون الاستدلال بها على مسائل مسلّمة، وما أخذ في الأبحاث الفلسفيّة منها قياساتٌ برهانيّةٌ، يراد بها إثبات ما هو الحقّ، لا إثبات ما سُلّم ثبوتها تسليماً" .

وذكر في نفس البحث قبل أسطرٍ: "إنّ الفلسفة تبحث بحثاً حقيقيّاً، وتبرهن على مسائل مسلّمة، بمقدّماتٍ يقينيّةٍ. والكلام يبحث بحثاً أعمّ من الحقيقيّ والاعتباريّ، ويستدل على مسائل موضوعة مسلّمة بمقدّمات هي أعم من اليقينيّة والمسلّمة، فبين الفنّين أبعد ممّا بين السماء والأرض" .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0170.gif

حرمة علم الكلام

لقد جاء في بعض الروايات النهي عن الخوض في المجادلات العقائديّة. وفي بعضها ورد النهي عن الخوض في ذات الله سبحانه وتعالى . فتمسّك البعض بهذا النوع من الروايات ليتبنّى فكرة حرمة علم الكلام، وأنّه ورد النهي عن الخوض في أهمّ مواضيعه.
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: سمعته يقول: "لا يخاصم إلّا رجل ليس له ورعٌ أو رجلٌ شاكٌّ" .

قال أبو عبد الله عليه السلام : "يهلك أصحاب الكلام، وينجو المسلمون. إنّ المسلمين هم النجباء" .

والصحيح أنّ فهم هذا النوع من الروايات بأنّها تنهى عن علم الكلام خاطئٌ، وهو ناتجٌ عن عدم التدبّر فيها، وعن عدم مراجعة سائر كلماتهم عليهم السلام . فإنّ للنهي المذكور وجوهاً واحتمالات يمكن أن يحمل عليها.

أ - أنّه كان موجهاً لطائفةٍ خاصّةٍ: وهي التي لا تحسن الأسُس المتينة لعلم الكلام، ولا تدرك أصول الدين وأدلّته بشكل محكمٍ وقويّ. فخوفاً عليهم من الضلال والانحراف وعدم إظهار الحجج الثابتة للخصم، ورَدَ النهي حرصاً عليهم، وخشية انحرافهم، وهذا لا يعني حرمة علم الكلام. فقد روي عن الصادق عليه السلام "أنّه نهى رجلاً عن الكلام وأمر آخر به، فقال له بعض أصحابه: جعلت فداك، نهيتَ فلاناً عن الكلام وأمرت هذا به؟ فقال: هذا أبصر بالحجج، وأرفق منه" .
قال الشيخ المفيد في ذيل هذه الرواية: " فثبت أنّ نهي الصادقين عليهم السلام عن الكلام إنّما كان لطائفةٍ بعينها، لا تحسنه ولا تهتدي إلى طرقه، وكان الكلام يفسدها، والأمر لطائفةٍ أخرى به، لأنها تحسنه وتعرف طرقه وسبله" .

ب - أنّ النهي كان عن إثبات أصولٍ غير حقّة: فإنّ الأصول الحقّة عند أهل البيت والعصمة عليهم السلام فحسب. فمن رواية يونس بن يعقوب قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : "جعلتُ فداك؛ إنّي سمعتُك تنهى عن الكلام وتقول: ويلٌ لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنّما قلت: فويلٌ لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون" . وفي روايةٍ "ثمّ دعا حمران بن أعين ومحمّد بن الطّيار، وهشام بن سالم، وقيس الماصر، فتكلّموا بحضرته، وتكلّم هشام بعدهم. فأثنى عليه ومدحه وقال له: مثلك من يكلم الناس" .

ج - النهي عن تشبيه الله بخلقه وتجسيده: فقال الشيخ المفيد: "فأمّا النهي عن الكلام في الله عزّ وجلّ ؛ فإنّما يختصّ بالنهي عن الكلام في تشبيهه بخلقه وتجويره في حكمه. وأمّا الكلام في توحيده ونفي التشبيه عنه والتنزيه له والتقديس، فمأمور به ومرغّب فيه. وقد جاءت بذلك آثارٌ كثيرةٌ وأخبارٌ متظافرةٌ" . كيف، وقد حثّ الإمام أمير المؤمنين وسائر الأئمّة عليهم السلام على تحصيل معرفة الله، وكمال المعرفة بالتوحيد والفهم الصحيح للصفات الإلهيّة. ففي النهج الشريف: "أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه" .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0170.gif

وجوب معرفة علم الكلام

بعد أن ظهر الردّ على شبهة تحريم علم الكلام، يمكن الدعوى أنّ هذا العلم واجبُ التعلّم، وضروريّ التحصيل، ولو بمقدار معرفة الله من خلال الدليل، لا من خلال التقليد، ومعرفة بعض الصفات، والرسل والرسالة والإمام والمعاد، فإنّ هذه الأمور وغير ذلك من الأمور التي يجب تحصيلها ومعرفتها على كلّ مكلّفٍ، وجوباً عينيّاً، لا تكون في الغالب إلّا بهذا العلم. فوجوب هذا العلم ضروريّ لمن يريد المعرفة بهذه الأمور بالدليل.

قال العلامة الحليّ: "... إنّ معرفة الله تعالى واجبةٌ، وكذا معرفة صفاته، وما يجب له ويستحيل عليه. ولا تتمّ هذه المعرفة إلّا بهذا العلم؛ لأنّه المتكفّل بذلك، وما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به فهو واجب على ما يأتي.

وأيضاً قوله تعالى:﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ .

وقوله:﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلّا اللهُ﴾ .

وقوله:﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ ، إلى غير ذلك من الآيات الدالّة عليه.

وكذا ما ورد من الآيات الدالة على النهي عن التقليد وذمّه. ولا خلاف بين العقلاء في ذلك.

... والواجب على قسمين: إمّا على الأعيان أو على الكفاية. ووجوب هذا العلم على الأعيان، للنهي عن التقليد في العقائد. واعلم أنّ القدر الواجب على الأعيان من هذا العلم، هو معرفة الله تعالى بالدليل، ومعرفة ما يجب معرفته من صفاته الثبوتيّة والسلبيّة، ومعرفة آثاره التي تتوقّف عليها بعثة الرسل، ومعرفة الرسل وصدق الأنبياء، ومعرفة المعاد، والإمام. ولا يجب تتبّع الجواب عن الشبهات، ومقاومة الخصوم على الأعيان، بل ذلك واجبٌ على الكفاية" .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0170.gif

خلاصة الدرس:

يفترق علم الكلام عن الفلسفة، بأن المتكلم يعتقد بدين وفكرةٍ سابقتين يقوم بدور الدفاع عنهما بالمنطق والبرهان، بينما نجد الفيلسوف لا يعتنق أيّ فكرةٍ مسبقة ويدخل البحث مستعيناً بالبرهان.
وقد ذكرت بعض الروايات التي فُهم منها النهي عن علم الكلام. والصحيح أنّ هذا الفهم خاطئٌ، وهو ناتجٌ عن عدم التدبّر فيها، وعن عدم مراجعة سائر كلماتهم عليهم السلام، فإنّ للنهي المذكور وجوهاً واحتمالات متعدّدة لا تتنافى مع ما ذكر من وجوب معرفة علم الكلام.




الشيخ الهاد 30-10-2012 12:56 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

ما شاء الله، مفيد للغاية، ومتقن أيضاً..، هل هو منقول أم هو لفضيلتكم بارك الله بكم

الحوزويه الصغيره 31-10-2012 02:10 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

تشرفت بمروركمـ أخي الكريمـ / الهاد ..
كما تفضلت يا أخي هذه الدروس منقولة من أحد الكتب .
واتمنى ان تكون ذات فائدة للجميع

تحيتي

ابو الحسن الكاظمي 03-11-2012 08:19 PM

موضوع قيم يستحق القراءة
حسب علمي ان هناك بعض الادلة التي لاتثبت الا بالطريق الفلسفي على سبيل المثال (ان الله واحد الحقيقة لا يقبل الاثنينية)
فقد راجعت الكثير من أدلة المتكلمين فلم اجد أقوى من أدلة الفلاسفة في هذا الموضوع
اقترح ان تطرح مسالة عقدية للنقاش في خلال عرض الموضوع
ولكم مني فائق الشكر والتقدير لهذا المجهود الرائع

الحوزويه الصغيره 05-11-2012 10:07 PM

اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


تشرفت بمروركمـ أخي الفاضل / ابو الحسن الكاظمي ..
فيما يخص وضع الأسئلة أو مسألة عقائدية للنقاش فالفكرة راودتني ولكن ارتأيت تأجيلها الى بعد الانتهاء من وضع الدروس إن شاء الله
أما إذا كان لمتابعين هذه الدروس رأي آخر فليتفضلوا بطرحه ...
شكراً مجدداً لأخي الكاظمي ولمتابعين هذه الدروس

اسأل الله تعالى لكم دوام الموفقية والتسديد

الزعيم حيدر 05-11-2012 10:34 PM

اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم

أ حسنتم

بارك الله فيكم

أبان بن خولان 26-11-2012 03:12 PM

بارك الله بالأخت الفاضلة على هذا الجهد..
وأثنّي الطلب بفتح مواضيع في مناقشة مفردات هذا العلم، ويا حبّذا لو ابتدأ بالتوحيد..

رضا الله غايتي 21-12-2012 09:47 PM

بارك الله بيك
موضوع جميل

الحوزويه الصغيره 16-01-2013 02:05 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


نشأة علم الكلام(1)


نشأة علم الكلام

إنّ علم الكلام كسائر العلوم الإنسانيّة، ظاهرةٌ فكريّةٌ وعلميّةٌ نشأت بين المسلمين لأسبابٍ وظروفٍ وعوامل عدّةٍ، تأتي إن شاء الله تعالى. وما يهمّنا هو علم الكلام الإسلاميّ، وإن كانت ظاهرة هذا العلم موجودةً في الديانات الأخرى، في مدارس الديانة المسيحيّة واليهوديّة، وقد ألّف غير واحدٍ من علماء هذه الديانات كتباً كلاميّةً يرجع تاريخها إلى القرنين الخامس والسادس الهجريّين، ولعلّ على رأسهم القدّيس توما الأكوينيّ. لكن ما يهمّنا من هذا البحث خصوص الكلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام .

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0149.gif

عوامل نشأة علم الكلام

ويمكن تلخيص عوامل نشأة علم الكلام بين المسلمين في عدّة عواملٍ داخليّةٍ وأخرى خارجيّةٍ، نذكر منها:

أ: العوامل الداخليّة

1 ـ دور القرآن الكريم

إنّ القرآن المجيد هو المنطلق الأوّل لنشوء علم الكلام ونضجه وارتقائه عند المسلمين، وإليه يرجع كل متكلّم إسلاميّ باحث عن المبدأ وأسمائه وصفاته وأفعاله. وقد تضمّن القرآن إشاراتٍ فلسفيّةً وعقليّةً، قامت على أُسسٍ منطقيّةٍ مذكورةٍ في نفس الآيات، أو معلومةٍ من القرائن. فمن سبر القرآن الكريم فيما يرجع إلى التوحيد بأنواعه يجد الحجج الملزمة، والبيّنات المسلّمة، التي لا تدع لباحثٍ الشك فيها. كما أنّه أرفق الدعوة إلى المعاد والحياة الأُخرويّة بالبراهين المشرقة، والدلائل الواضحة التي لا تقبل الخدش.

كذلك فإنّ القصص الواردة في القرآن الكريم تتضمّن احتجاجات الأنبياء عليهم السلام وصراعهم الفكريّ مع الوثنيين والمعاندين من أهل اللجاج، فهي ممّا يستند إليها المتكلّم في آرائه الكلاميّة. كما تتضمن بحوثاً في الإنسان وأفعاله ومسيره ومصيره، وغير ذلك، ممّا جعل القرآن الكريم المنطلق الأوّل لنشأة علم الكلام في الإسلام، والمادة الأولى الخصبة والحيّة التي يرجع إليها المتكلّم في استدلالاته ونقاشاته، والتي كانت سبباً أيضاً لنشوء أسئلةٍ جمّةٍ لدى بعض المسلمين الأوائل. وما زالت آيات القرآن الكريم إلى عصرنا الحاضر مدرك الباحثين في هذا العلم وفي أغلب العلوم الإنسانيّة لا سيّما الإسلاميّة منها، كذلك ما زالت محطّ أنظار المعاندين والذين يرومون إلقاء الشبهات، ليتمسّكوا بما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، ويذرون الآيات المحكمات.

2 ـ تأثير السنّة الشريفة

إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله ناظرَ المشركين وأهل الكتاب بمرأىً ومسمعٍ من المسلمين. وهذه احتجاجاته مع نصارى نجران في العام العاشر من الهجرة، حتّى أنّه صلى الله عليه وآله ، بعدما أفحمهم، دعاهم إلى المباهلة. وقد حفل التاريخ وكتب السِيَر والتفسير بما دار بين الرسول صلى الله عليه وآله وبطاركة نجران وقساوستهم. وقد استدلّوا على أُلوهيّة المسيح عليه السلام بقولهم: هل رأيت ولداً من غير ذكر؟ فأفحمهم رسول الله صلى الله عليه وآله بإيحاء من الله: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ . كما أنّ النهي عن كتابة الحديث أدّى إلى ضياع الكثير من احتجاجات النبيّ صلى الله عليه وآله ومناظراته مع المشركين وأهل الكتاب، فقد ذهبت كذهاب سائر خطبه. ولكن الشيعة اقتداءً بالعترة احتفظت بكثير من هذه المناظرات في كتبهم الحديثية، فمن سبرها يرى فيها بحوثاً ومناظرات تصلح لأن تكون هي المنطلق في الصدر الأوّل لأهل الكلام من الشيعة وغيرهم .

3 ـ خطب الإمام علي عليه السلام

إنّ خطب الإمام ورسائله وكلماته القصار، التي حفظها التاريخ عن العصف والضياع، لأوضح دليل على أنّ الإمام عليه السلام كان هو المؤسّس للأُصول الكلاميّة، خصوصاً فيما يرجع إلى التوحيد والعدل. وبملاحظة نهج البلاغة، الذي جمعه الشريف الرضيّ ممّا وصل إليه من خطبه، يتراءى من الأُصول الكلاميّة ما لا يظهر في غيره، وإلى ذلك يشير السيّد المرتضى في أماليه فيقول: "اعلم أنّ أُصول التوحيد والعدل مأخوذةٌ من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه، فإنّها تتضمّن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية وراءه. ومن تأمّل المأثور من كلامه، علم أنّ جميع ما أسهب المتكلّمون من بعده في تصنيفه وجمعه إنّما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأُصول. وروي عن الأئمّة عليهم السلام من أبنائه عليهم السلام في ذلك ما لا يكاد يحاط به كثرة, ومن أحبّ الوقوف عليه فطلبه من مظانّه أصاب منه الكثير الغزير الذي في بعضه شفاء للصدور السقيمة ولقاح للعقول العقيمة".

وقال ابن أبي الحديد: "إنّ أشرف العلوم هو العلم الإلهيّ، لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات، فكان هو أشرف. ومن كلامه عليه السلام اقتُبس، وعنه نُقل، ومنه ابتُدئ وإليه انتُهي، فإنّ المعتزلة ـ الذين هم أصل التوحيد والعدل وأرباب النظر ومنهم تعلّم الناس هذا الفنّ ـ تلامذته وأصحابه، لأنّ كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفية وأبو هاشم تلميذ أبيه وأبوه تلميذه. وأمّا الأشعريّة فإنّهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعريّ وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وأبو علي أحد مشايخ المعتزلة فالأشعريّة ينتهون بالآخرة إلى أُستاذ المعتزلة ومعلّمهم، وهو علي بن أبي طالب".

4 ـ معارف العترة الطاهرة عليهم السلام

لقد أُتيحت الفرصة للعترة الطاهرة عليهم السلام في آخر عهد الأمويّين وأوائل حكومة العباسيّين، في شرح المعارف وتوضيح الحقائق وتربية روّاد الفكر، وإرشاد الحكيم إلى دلائل وبراهين لا يقف عليها إلّا الأوحديّ من الناس، والتلميح إلى نكات عرفانيّة، لا يدركها إلّا العارف المتألّه.

ففي أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام إشاراتٌ كلاميّة وتلميحاتٌ عرفانيّةٌ. كما أنّ في الأحاديث المرويّة عن الصادقين والكاظمين عليهم السلام كميّةً هائلةً من البحوث الكلاميّة،
والمناظرات العلميّة التي أدّت إلى نضوج علم الكلام الإسلاميّ بوجهٍ واضح، وكنموذج نذكر هذه المحاججة:

احتجاج الإمام الرضا عليه السلام مع أبي قرّة:

عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرّة المحدّث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام، حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرّة للإمام الرضا عليه السلام :إنّا روينا أنّ الله عزّ وجلّ قسّم الرؤية والكلام بين اثنين، فقسّم لموسى عليه السلام الكلام، ولمحمّد صلى الله عليه وآله الرؤية.

فقال أبو الحسن عليه السلام : "فمن المبلّغ عن الله عزّ وجلّ إلى الثقلين:﴿ الجنّ والإنس﴾ ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ و﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ أليس محمّداً صلى الله عليه وآله ؟ .

قال: بلى.

قال: فكيف يجيء رجلٌ إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من عند الله، وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ و﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، ثمّ يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علماً، وهو على صورة البشر! أما تستحيون، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون يأتي عن الله بشيءٍ، ثمّ يأتي بخلافه من وجهٍ آخر" .

ومن وقف على كتب أهل الحديث والأشاعرة، يقف على أنّ لهم في إثبات الرؤية، صخباً وهياجاً وإصراراً منقطع النظير، وترى كيف أنّ الإمام قطع الطريق على أبي قرّة الذي اغترّ بأحاديث مدسوسةٍ اختلقتها اليهود وأنصارهم وبثّوها بين المسلمين.

والخلاصة أنّ القرآن والسنّة النبويّة والعترة الطاهرة عوامل داخليّة أدّت وساعدت على نشوء علم الكلام.

http://www.alsada.org/gallery/images/fa/0149.gif

خلاصة الدرس:

يمكن تلخيص عوامل نشأة علم الكلام بين المسلمين في عدّة عواملٍ داخليّةٍ وأخرى خارجيّةٍ، أمّا العوامل الداخليّة نذكر منها:
1 ـ دور القرآن الكريم.
2 ـ تأثير السنّة الشريفة.
3 ـ خطب الإمام عليّعليه السلام.
4 ـ معارف العترة الطاهرة عليهم السلام.
فالقرآن والسنّة النبويّة والعترة الطاهرة عوامل داخليّة أدّت وساعدت على نشوء علم الكلام.





الحوزويه الصغيره 14-04-2013 11:58 AM

نشأة علم الكلام (2)
 
http://www.alshiaclubs.com/upload//u...66e1d61aa9.png


نشأة علم الكلام (2)

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

بعد الحديث عن العوامل الداخليّة التي أدّت إلى نشوء علم الكلام نتحدث عن العامل الثاني الذي ساعد على نشوء هذا العلم والمتمثل بالعوامل الخارجيّة.

عوامل نشأة الكلام:

ب: العوامل الخارجيّة

الاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ

كان للاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ دورٌ خاصٌّ في مجال نشوء علم الكلام. فقد دفع عجلة هذا العلم إلى الأمام، وصار سبباً لنموه ونضوجه بين المسلمين بأقصر مدّةٍ. ولولا هذا الصراع الفكريّ لما نمت تلك البذور الطيّبة الكامنة في الكتاب والسنّة، وما استوت على سوقها. والعاملان الداخليّ والخارجيّ وإن صارا سبباً لنشوء هذا العلم وتكامله إلّا أنّ دور الأوّل، يخالف دور الثاني. فالأوّل يعدّ مصدر علم الكلام ومنبعه ومنشأه، وأمّا الثاني، فهو الذي أيقظ المفكرين من المسلمين حتّى ينمّوا ما تعلموه في مدرسة الدين من الأُصول والعقائد.

بيان العامل الخارجيّ

بُعِثَ النبيّ صلى الله عليه وآله بدينٍ عالميٍّ، ونبوّة خاتمةٍ، وكتابٍ خاتمٍ للكتب، ومهيمن عليها، وبثّ شريعته الغرّاء في ربوع الجزيرة العربيّة في بضع سنين، إلى أن مضى إلى جوار ربّه، وراية الإسلام خفّاقةٌ عاليةٌ، يدين أهلها بالتوحيد، ويكافحون الثنوية، ويؤمنون بالحياة الأُخرويّة ويعملون بسنن الإسلام وطقوسه. وقد أحسّ المسلمون بواجبهم بعد رحيله صلى الله عليه وآله ، وهو نشر الإسلام وبسطه في العالم كلِّهِ ودعوة جميع البشر على مختلف قومياتهم إلى الانضواء تحت راية الإسلام، بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم كسر الأصنام والأوثان بالجهاد المتواصل، وبذل النفس والنفيس في سبيله، حتّى تُصْبِح الأجواء صافيةً، والظروف حرّةً، وترتفع العوائق والموانع بغية دخول الناس في دين الله زرافاتٍ ووحداناً عن طوعٍ ورغبةٍ، بلا خوفٍ ولا رهبةٍ من طواغيت العصر. فقام المسلمون بواجبهم بفتح البلاد، ونشر الثقافة الإسلاميّة بين الأُمم المتحضّرة والتي كانت تتمتّع ـ وراء الآداب والفنون والعلوم والصناعات ـ بمناهج فلسفيّة، وآراء كلاميّة لا يذعن بها الإسلام. وقد كان في ذلك الاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ تأثيرٌ بالغٌ، عاد على الإسلام والمسلمين بالخير الكثير، إلّا أنّ هذا الاحتكاك لم يخلُ عن مضاعفات، وهي انتقال تلك الآراء والأفكار إلى المسلمين، وهم غير متدرّعين تجاه تلك الشبهات والمشاكل.

انتقال الأُسر

وأعان على ذلك أمرٌ ثانٍ؛ وهو انتقال عدّة من الأُسَر إلى العواصم الإسلاميّة، فانتقلوا إليها بآرائهم وأفكارهم وعقائدهم المضادّة للإسلام وأُسسه، وكان بين المسلمين من لم يتورّع في أخذ هاتيك العقائد الفاسدة، نظراء: عبد الكريم ابن أبي العوجاء، وحماد بن عجرد، ويحيى بن زياد، ومطيع بن اياس، وعبد الله بن المقفّع إلى غير ذلك بين غير متدرّع أو غير متورّع، فأوجد ذلك قلقاً ووحشةً بين المسلمين.

الترجمات

أضف إلى ذلك أمراً ثالثاً كان له التأثير الحاسم في بسط الإلحاد والزندقة وهو نقل الكتب الرومانيّة واليونانيّة والفارسيّة إلى اللغة العربيّة دون نظارةٍ ورقابةٍ، وجعلها في متناول أيدي الناس، وقد ذكر ابن النديم تاريخ ترجمة تلك الكتب فقال: كان خالد بن يزيد بن معاوية محِبّاً للعلوم، فأمر بإحضار جماعةٍ من فلاسفة اليونان، ممّن كان ينزل مدينة مصر، وأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اللسان اليونانيّ والقبطيّ إلى العربيّ، وهذا أوّل نقل كان في الإسلام من لغةٍ إلى لغة، ثم نقل الديوان وكان باللغة الفارسيّة إلى العربيّة في أيّام الحجّاج، وكان أمر الترجمة يتقدم ببطء، إلى أن ظهر المأمون في ساحة الخلافة، فراسل ملك الروم يسأله الإذن في إنفاذ ما يختار من العلوم القديمة المخزونة، المدّخرة في بلاد الروم، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فبعث المأمون جماعة، منهم: الحجّاج بن مطر، وابن بطريق، ومحمّد بن أحمد و الحسين بنو شاكر المنجّم، فجاؤوا بطرائف الكتب، وغرائب المصنّفات في الفلسفة والهندسة وغيرهما" . ثم ذكر ابن النديم أسماء النقلة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربيّة، وجاء بأسماء كميّة هائلةٍ فأخذوا يصبون ما وجدوه من غثٍّ وسمينٍ في كتب الوثنيّين والمسيحيّين على رؤوس المسلمين، وهم غير متدرّعين وغير واقفين على جذور هذه الشُبَه، مع أنّها كانت تزعزع أركان الإسلام.

موقف المسلمين من الشبه

أثار انتقال هذه الشُبَه والعقائد والآراء إلى أوساط المسلمين ضجّةً كبيرة بينهم، فافترقوا إلى فرقتين:

فرقةٍ اقتصرت في الذب عن حياض الإسلام بتضليلهم وتكفيرهم وتوصيفهم بالزندقة، وتحذير المسلمين من الإلتقاء بهم، وقراءة كتبهم، والاستماع إلى كلامهم، إلى غير ذلك ممّا كان يعدّ مكافحةً سلبيةً لها الأثر القليل في مقابل ذلك السيل الجارف.

وفرقةٍ قد أحسّوا بخطورة الموقف، وأنّ المكافحة السلبيّة لها أثرها المؤقّت، وأنّ ذلك الداء لو لم يعالج بالدواء الناجع سوف يعمّ المجتمع كلّه أو أكثره، فقاموا بمكافحة إيجابيّة عبر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال الذي يستحسنه الإسلام، فأزالوا شبهاتهم، ونقدوا أفكارهم في ضوء العقل والبرهان. وقد نجحوا في ذلك نجاحاً باهراً. وهؤلاء المناضلون هم الشيعة خرّيجو مدرسة أهل البيت عليهم السلام أوّلاً، والمعتزلة أتباع واصل بن عطاء ثانياً، الذين أخذوا أُصول مذهبهم عن عليّ عليه السلام بواسطتين:

1 ـ أبي هاشم بن محمّد بن الحنفيّة.
2 ـ محمّد بن الحنفيّة بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام .

ففي تلك الأجواء المشحونة بالبحث والجدل استفحل أمر الكلام، أي العلم الباحث عن المبدأ وأسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله لغاية الذبّ عن الإسلام.فكان علم الكلام وليدَ الحاجة، ورهن الصراع الفكريّ مع التيّارات الإلحاديّة المتحدّية للإسلام والمسلمين. ففي هذه الظروف العصيبة قام أهل البيت عليهم السلام بتربية جموعٍ غفيرةٍ من أصحاب المواهب، للذبّ عن الإسلام وأُصوله والذود عن حريم الولاية، في ضوء العقل والبرهان، فصاروا يناظرون كلّ فرقةٍ ونِحلةٍ بأمتن البراهين وأسلمِها. وكان أئمّة أهل البيت عليهم السلام متكفّلين بتدريبهم وتعليمهم كيفيّة مناظرتهم. وقد حفظ التاريخ أسماء لفيفٍ من الرافلين في حلل الفضائل والمعارف. وسوف نتعرّض لأسمائهم إن شاء الله تعالى.

خلاصة القول

والخلاصة أنّ القرآن والسنّة، وأحاديث العترة الطاهرة، هي المنطلق الحقيقي لنشوء علم الكلام، وأنّ المسلمين بطوائفهم المختلفة كانوا يصدرون عنهما، كما كان للّقاء الحضاري والاحتكاك الثقافي دور في تكامل علم الكلام وكثرة مسائله. فالكتاب والسنّة كانا مرجعين للاهتداء إلى موقف الإسلام. واللّقاء الحضاري كان سبباً لطرح المسائل في الأوساط، وانتقال الأذهان. وبالتالي أصبح الأمران سبباً لنشوء هذا العلم ونضوجه بين المسلمين على نزعاتهم المختلفة.

بدايات المسائل الكلاميّة في القرن الأوّل والثاني:

يصرّ كتّاب الملل والنحل على أنّ الاختلاف في الإمامة كان أوّل اختلافٍ دينيٍّ وأعظم خلافٍ بين الأُمّة.

يقول أبو الحسن الأشعريّ: "أوّل ما حدث من الاختلاف بين المسلمين بعد وفاة نبيّهم صلى الله عليه وآله اختلافهم في الإمامة" .
ويقول الشهرستانيّ: "إنّ الاختلاف في الإمامة أعظم خلاف بين الأُمّة، إذ ما سلّ سيفٌ في الإسلام على قاعدةٍ دينيّةٍ مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان" .

والصحيح أنّ الاختلاف في الإمامة بعد أيام الخلفاء، وإن أصبح اختلافاً كلاميّاً، فذهب أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام إلى أنّها بنصٍّ من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، بينما اختار أتباع مدرسة الخلفاء القول بأنّها بالشورى، ولم يكن يوم ارتحل الرسول صلى الله عليه وآله اختلافاً في قاعدةٍ دينيّةٍ، وجدالاً في مسألةٍ كلاميّةٍ، بل كان جدالاً سياسياً محضاً، ولا يبتنى على قاعدةٍ دينيّةٍ، لأنّ عليّاً وأهل بيت النبيّ عليهم السلام ولفيفاً من شيعة الإمام عليه السلام كانوا بعيدين عن السقيفة وما جرى فيها، مشغولين بتجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله . وأمّا الأنصار فكانوا يرون أنفسهم أولى بإدارة الأُمور لأنّهم آووا النبي صلى الله عليه وآله ونصروه. وكان المهاجرون يرون أنفسهم أولى بها لأنّهم أصل النبيّ صلى الله عليه وآله وعشيرته، من دون أن يبحث أحدٌ من الفئتين عن القاعدة الدينيّة التي ينبغي أن تبنى عليها الإمامة، وأنّها هل هي التنصيص، أو الشورى أو غيرهما، وما هو الملاك فيها؟ بل كانت هذه الأُمور مغفولاً عنها يوم ذاك، وكان الهدف هو تسنّم منصّة الخلافة وتداول كرتها بين أبنائهم وعشيرتهم. حتّى لو لم تكن حكومة الرسول صلى الله عليه وآله حكومة دينيّة وكان الرسول صلى الله عليه وآله قائداً بشريّاً مات عنها، لقام المهاجرون والأنصار بنفس ذلك الجدال، ولسعى كلٌّ إلى جرّ النار إلى قرصه. ولو كان النزاع على أساس دينيّ، لما كان للاختلاف مجالٌ، وكفتهم هتافات الرسول صلى الله عليه وآله في بدء الدعوة، ويوم ترك المدينة لغزوة تبوك، ويوم الغدير وغيرها من المواقف بالإضافة إلى الأحاديث التي دلّت على إمامة الأئمّة عليهم السلام من بعده .

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

خلاصة

هناك عدّة عوامل خارجيّة ساهمت في نشوء علم الكلام بين المسلمين نذكر منها:
الاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ:
وهو عامل خارجيّ ساعد على نشوء علم الكلام أيضاً.
ويصرّ كُتّاب الملل والنحل على أنّ الاختلاف في الإمامة كان أوّل اختلافٍ دينيٍّ وأعظم خلافٍ بين الأُمّة.
والصحيح أنّ الاختلاف في الإمامة بعد أيام الخلفاء، وإن أصبح اختلافاً كلاميّاً، فذهب أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام إلى أنّها بنصّ من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، بينما اختار أتباع مدرسة الخلفاء القول بأنّها بالشورى، ولكن الاختلاف يوم ارتحل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن اختلافاً في قاعدةٍ دينيّةٍ، وجدالاً في مسألةٍ كلاميّةٍ، بل كان جدالاً سياسيّاً محضاً، ولا يُبتنى على قاعدةٍ دينيّةٍ.



الحوزويه الصغيره 14-04-2013 12:45 PM

نماذج من المسائل الكلاميـّة
 
http://www.alshiaclubs.com/upload//u...66e1d61aa9.png

نماذج من المسائل الكلاميـّة

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

1 ـ مسألة التحكيم

إنّ أوّل خلافٍ ظهر بين المسلمين، وصيّـرهم فرقتين، هو مسألة التحكيم في وقعة صفّين. والمسألة يوم ذاك، وإن اصطبغت بصبغةٍ سياسيةٍ، لكنها كانت على أساسٍ دينيّ، وهو أنّ الخوارج خالفوا علياً عليه السلام وانشقّوا عن جيشه، بحجّة أنّ حكم الله في الباغي، هو مواصلة الحرب والجهاد حتّى يفيء إلى حكم الله، لا التصالح وإيقاف الحرب. وحجّتهم وإن كانت مردودةً؛ لأجل أنّ التحكيم إنّما فُرِض على الإمام عليه السلام ، لا أنّه قبله عن اختيارٍ وحريّةٍ، والخوارج هم الذين فرضوه عليه، ولم يكتفوا بذلك حتّى فرضوا عليه صيغة التحكيم ووثيقته، وحتى المُحكِّم الذي يشارك فيه مع مندوب معاوية، إلّا أنّ هذا الإعوجاج الفكريّ صار سبباً لتشكّل فرقتين متخاصمتين إلى عهودٍ وقرونٍ. وبذلك يفترق اختلافهم عن اختلاف أمثال طلحة والزبير ومعاوية؛ إذ لم يكن اختلافهم حول المبادئ، وإنّما طمعوا في أن يكونوا خلفاء وحكّاماً، ولذلك لم يثيروا إلّا مشاكل سياسيّةً دمويّةً، بخلاف اختلاف الخوارج، فإنّ اختلافهم كان حول المبادئ، وكانوا يردّدون كلمة لا حكم إلّا لله ، وكان علي عليه السلام وحواريّه الجليل ابن عباس يحتجّان عليهم بالقرآن والسنّة. وبظهور الخوارج على الصعيد الإسلاميّ، ورفضهم التحكيم، طُرحت مسائل أُخرى بين المسلمين شكّلت مسائل كلاميّةً عبر القرون، وهي:

2 ـ مرتكب الكبيرة

إنّ الخوارج كانوا يحبّون الخليفتين الأوّل والثاني، ويوافقون عثمان في سنيّ خلافته إلى ستّ سنين. ولكن عندما ظهر منه التطرّف إلى النزعة الأمويّة، والإستئثار بالأموال أبغضوه. وأمّا عليّ عليه السلام فقد كانوا مصدّقيه إلى قضية التحكيم، إلّا أنّهم لمّا فُرض عليه التحكيم، وقبل اضطراراً بذلك المخطّط لا عن رغبةٍ فيه، خالفوه ووصفوه باقتراف الكبيرة. وعندها طُرحت أوّل مسألةٍ كلاميّةٍ؛ وهي: ما حكم مرتكب الكبيرة؟ وكثر الكلام فيها أيّام محاربة الخوارج مع الأمويين المعروفين بالفسق والفجور، وسفك الدماء وغصب الأموال، فحاربهم الخوارج بحجّة أنّهم كفرةٌ؛ لا حرمة لدمائهم، ولا أعراضهم، ولا نفوسهم لاقترافهم الكبائر. وقد تشعّبت الآراء في حكم مرتكب الكبيرة:

1 ـ فالخوارج قالوا: إنّه كافرٌ.

2 ـ وأبو الحسن البصريّ قال: إنّه فاسقٌ منافقٌ.

3 ـ والمعتزلة ذهبوا إلى أنّه لا مؤمنٌ ولا فاسقٌ، بل منزلةٌ بينهما.

4 ـ والشيعة وتبعهم الأشاعرة قالوا: إنّه مؤمنٌ لكنّه فاسقٌ.

3 ـ مفهوم الإيمان

وقد انبثق من النزاع في مرتكب الكبيرة نزاعٌ كلاميٌّ آخر وهو: تحديد مفهوم الإيمان، وهل العمل داخل في حقيقة الإيمان أو لا ؟ فعلى قول الخوارج والمعتزلة، العمل مقوّم للإيمان، بخلافه على القول الآخر. وقد صارت تلك المسألة ذات أهميّة في الأوساط الإسلاميّة وانتهت إلى مسألة أُخرى، وهي زيادة الإيمان ونقصه بصالح الأعمال وعدمها.

4 ـ الإرجاء والمرجئة

كان هناك رجال يعانون من سفك الدماء، والحروب الدامية، فالتجؤوا إلى فرضيّةٍ كلاميّةٍ وهي إرجاء حكم مرتكب الكبيرة إلى الله سبحانه تعالى، أو إرجاء حكم الخليفة الثالث عثمان وحكم أمير المؤمنين عليه السلام إلى الله سبحانه، حتّى لا ينبس فيهما المسلم ببنت شفة. وأخذت تلك الفكرة تنمو حتّى تحوّلت إلى الإباحيّة التي تنزع التقوى من المسلم، وتفتح في وجهه أبواب المعاصي، فطرحت فكرة تقديم الإيمان وتأخير العمل، وإنّ المهمّ هو الاعتقاد القلبيّ، والعمل ليس شيئاً يعتدّ به، وإنّ التعذيب على الكفر، وأمّا التعذيب على اقتراف المعاصي فغير معلوم. وقد اشتهر عنهم قولهم:"لا تضرّ مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة".

5 ـ القضاء والقدر

إنّ مسألة القضاء والقدر وإن كان لها جذور قبل بزوغ نجم الإسلام وبعده، لكنّها كانت مطروحة بصورة فرديّة، ولم تشكّل تيّاراً فكرياً ولا مذهباً كلاميّاً، ثمّ أخذت لنفسها أهميّةً خاصّةً في عصر الأمويين، حيث كانوا يبرّرون استئثارهم وأعمالهم الإجراميّة بالقضاء والقدر، فصار ذلك سبباً لوقوع المسألة مثاراً للبحث والنقاش بين أهل الفكر من المسلمين.

روى الواقدي في مغازيه عن أُمّ الحارث الأنصاريّة وهي تُحدّث عن فرار المسلمين يوم حنين قالت: "مرّ بي عمر بن الخطاب منهزماً فقلت: ما هذا؟ فقال عمر: أمر الله.
وقد كانت تلك الفكرة سائدة حتّى بعد رحيل النبيّ صلى الله عليه وآله ، فقد روى عبد الله بن عمر أنّه جاء رجل إلى أبي بكر فقال: أرأيت الزنا بقدر؟
قال: نعم.
قال: الله قدّره عليّ ثم يعذّبني؟
قال: نعم يابن اللخناء، أما والله لو كان عندي إنسانٌ، أمرته أن يجأ أنفك" .

6 ـ التشبيه والتنزيه

هناك جهة التقاء بين اليهوديّة والإسلام في التوحيد والنبوّة، لكنهما يفترقان في أوصاف الربّ. فالتوراة يصف الإله بصورة بشرٍ وله صورة ويقول: "خلق الله آدم على صورته" ، وإذا عمل يتعب فيحتاج إلى الاستراحة، ويقول: "فرغ الله في اليوم السادس من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع ، وأنّه يمشي بين رياض الجنّة وله نداء" ، إلى غير ذلك ممّا ورد في العهد القديم من التشبيه والتجسيم والتمثيل. وقد دسّت الأحبار كثيراً من البدع بين الأحاديث، لاعتماد الرواة على أُناس نظراء: كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وتميم الداري وغيرهم. فأصبحت مسألة التشبيه والصفات ذات أهميّةٍ كبرى، فرّقت المسلمين إلى طوائف، واستفحل أمرها بوجود روايات التشبيه والتجسيم في الصحاح والمسانيد، التي عكف على روايتها المحدّثون السُذّج، غير العارفين بدسائس اليهود ومكرهم، فحسبوها حقائق راهنة. والخلاف في تفسير الصفات ما زال باقياً إلى يومنا هذا.

7 ـ النسخ في الشريعة

اكتسبت مسألة إمكان النسخ في مجال التشريع مكانةً بين المسائل الكلاميّة.وبما أنّ اليهود كانت منكرة لنبوة المسيح والنبيّ صلى الله عليه وآله الخاتم، عادت تنكر إمكان النسخ، متمسّكةً بما في التوراة: "إنّ هذه الشريعة مؤبّدة عليكم، ولازمة لكم ما دامت السموات، لا نسخ لها ولا تبديل" مستدلة بأنّ النسخ مستلزم للبداء أي الظهور بعد الخفاء. فصارت تلك الفكرة سبباً لطرح تلك المسألة على الصعيد الإسلاميّ، وأخذ المتكلّمون بالبحث والنقد، ليقولوا إنّ النصّ في التوراة إمّا منحول أو مؤوّل، والنسخ لا يستلزم البداء المستحيل، وإنّما هو إظهار بعد إخفاء, وأنّه من قبيل الدفع لا الرفع.

8 ـ عصمة الأنبياء

إنّ أبرز ما يفترق فيه القرآن عن العهدين القديم والجديد هو مسألة حياة الأنبياء عليهم السلام ، الذين وصفهم الله سبحانه بقوله ﴿وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ . وقد ذكر من قصصهم الشيء الكثير، ومع ذلك لا تجد فيه شيئاً يمسّ كرامتهم أو يحطّ من مقامهم. وأمّا التوراة والإنجيل المحرّفان ، فقد جاءا بأساطير خياليّةٍ، تمسّ بكرامة الله أوّلاً، وكرامة أنبيائه ثانياً، فالأنبياء فيهما يشربون الخمر ويمكرون ويقترفون الزنا إلى غير ذلك ممّا يندى لذكره الجبين، فصار ذلك سبباً لطرح مسألة العصمة بين المسلمين، وانقسموا بين مثبتٍ ونافٍ ومفصّلٍ، وإن كان النافي بينهم أقلّ.

9 ـ حدوث القرآن وقدمه

كان أهل الحديث ملتزمين بعدم اتخاذ موقف خاص فيما لم يرد فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وآله و عهد من الصحابة. إلّا أنّـهم خالفوا منهجهم في هذه المسألة بسبب بعض ألاعيب الأيادي الخارجة عن الإسلام. فقد طرح هذه المسألة يوحنّا الدمشقيّ في كتابه، وعلّم أتباعه المسيحيّين أن يسألوا المسلمين عن السيد المسيح عليه السلام ، فإذا أجابوهم بنصّ قرآنهم ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ قالوا: هل كلمة الله وروحه مخلوقةٌ أم غير مخلوقةٍ؟ فإن قالوا مخلوقةً، فألزموهم بأنّ معناه أنّ الله كان ولم تكن له كلمةٌ ولا روحٌ، وإن قالوا قديمةً يثبت قدم المسيح، وكونه ابن الله وأحد الثلاثة.
فأوجدت تلك المسألة ضجّةً كبيرةً بين المسلمين، فالمحدّثون اختاروا عدم كونه مخلوقاً، والمتفكّرون كالشيعة والمعتزلة اعتقدوا بالحدوث. ولم تزل المسائل تطرح واحدةً بعد الأُخرى حسب امتداد الصراع الفكريّ بين المسلمين وسائر الشعوب؛ من مسيحيّةٍ ويهوديّةٍ ومجوسيّةٍ وبوذيّةٍ. فقد دفعت هذه الاتصالات الفكريّة عجلةَ علم الكلام إلى الأمام، فأصبح المتكلّمون يبحثون عن مسائل أُخرى، ربما تقع ذريعةً للردّ على الإسلام، إلى أن صار علم الكلام علماً متكامل الأركان متشعّب الفنون ناضج الثمار داني القطوف.

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

خلاصة الدرس:

إنّ أوّل خلافٍ ظهر بين المسلمين، وصيّـرهم فرقتين، هو مسألة التحكيم في وقعة صفين. والمسألة يوم ذاك، وإن اصطبغت بصبغةٍ سياسيّةٍ، لكنها كانت على أساسٍ دينيّ، وهو أنّ الخوارج خالفوا عليّاً وانشقّوا عن جيشه، بحجّة أنّ حكم الله في الباغي، هو مواصلة الحرب والجهاد حتّى يفيء إلى حكم الله.
وكانوا يصدّقون عليّا في قضية التحكيم، إلّا أنّهم لمّا فُرض عليه التحكيم، وقبل اضطراراً بذلك المخطّط لا عن رغبةٍ فيه، خالفوه ووصفوه باقتراف الكبيرة. وعندها طُرحت أوّل مسألةٍ كلاميّةٍ؛ وهي ما حكم مرتكب الكبيرة؟ وكثر الكلام فيها.
وقد انبثق من النزاع في مرتكب الكبيرة نزاعٌ كلاميٌّ آخر وهو: تحديد مفهوم الإيمان، وهل أنّ العمل داخل في حقيقة الإيمان أو لا.
كان هناك رجال يعانون من سفك الدماء، والحروب الدامية، فالتجؤوا إلى فرضيّةٍ كلاميّةٍ وهي إرجاء حكم مرتكب الكبيرة إلى الله سبحانه تعالى، أو إرجاء حكم الخليفة الثالث عثمان وحكم أمير المؤمنين إلى الله سبحانه، حتّى لا ينبس فيهما المسلم ببنت شفة.
وأمّا مسألة القضاء والقدر، وإن كان لها جذور قبل بزوغ نجم الإسلام وبعده، لكنّها كانت مطروحة بصورة فردية ولم تشكّل تيّاراً فكريّاً ولا مذهباً كلاميّاً، ثمّ أخذت لنفسها أهميّةً خاصّةً في عصر الأمويين، حيث كانوا يبرّرون استئثارهم وأعمالهم الإجراميّة بالقضاء والقدر.
هناك جهة التقاء بين اليهوديّة والإسلام في التوحيد والنبّوة، لكنهما يفترقان في أوصاف الربّ، فأصبحت مسألة التشبيه والصفات ذات أهميّةٍ كبرى، فرّقت المسلمين إلى طوائف.
واكتسبت مسألة إمكان النسخ في مجال التشريع مكانةً بين المسائل الكلامية.وبما أنّ اليهود كانت منكرة لنبوة المسيح عليه السلام والنبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله وسلم، عادت تنكر إمكان النسخ، متمسّكةً بما في التوراة، مستدلة بأنّ النسخ مستلزم للبداء أي الظهور بعد الخفاء، فصارت تلك الفكرة سبباً لطرح تلك المسألة على الصعيد الإسلاميّ، وأخذ المتكلّمون بالبحث والنقد.



الحوزويه الصغيره 14-04-2013 01:39 PM

متكلّمو الشيعة (1)
 
http://www.alshiaclubs.com/upload//u...66e1d61aa9.png

متكلّمو الشيعة (1)

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

متكلّمو الشيعة عبر القرون

أئمّة الشيعة وأتباعهم في القرنين الأوّلين:

لقد شغلت المسائل الكلاميّة مفكري المسلمين في القرنين الأوّلين. ولكن قام الأئمّة عليهم السلام بالردّ على الشبهات المطروحة، والدفاع عن العقيدة ومسائلها.فهم رغم إقصائهم عن مناصبهم، إلّا أنّهم كانوا المرجع للمسلمين قاطبة، حتّى الحكّام والخلفاء اعترفوا بفضلهم وبكونهم المراجع العليا في ما يخصّ العقيدة والأحكام وسائر الأمور.

والمتتبّع لكلمات الأئمّة عليهم السلام وخطبهم ومواقفهم يجد الكثير من المواقف.وما يهمّنا هنا المسائل العقائديّة، التي كانوا المرجع فيها، وكانوا يبدون الموقف الحق وفصل الخطاب؛ ونهج البلاغة مليء بالكلمات التي يتعرّض فيها لمسائل الإلهيّات ، ومن مواقف الأئمّة نذكر رسالة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام إلى الحسن البصريّ الذي كتب إلى الإمام عليه السلام يسأله: " أمّا بعد فإنّكم معشر بني هاشم، الفلك الجارية في اللّجج الغامرة، والأعلام النيّـرة الشاهرة، أو كسفينة نوح عليه السلام التي نزلها المؤمنون، ونجا فيها المسلمون، كتبت إليك يا ابن رسول الله عند اختلافنا في القدر وحيرتنا في الاستطاعة، فأخبرنا بالذي عليه رأيك ورأي آبائك عليهم السلام ، فإنّ من عِلْم الله علّمكم، وأنتم شهداء على الناس والله الشاهد عليكم ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ . فأجابه الإمام الحسن عليه السلام : "بسم الله الرحمن الرحيم، وصل إليّ كتابك، ولولا ما ذكرته من حيرتك وحيرة من مضى قبلك إذاً ما أخبرتك، أمّا بعد: فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه وأنّ الله يعلمه فقد كفر. ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر. إنّ الله لم يُطَعْ مكرهاً، ولم يُعْصَ مغلوباً، ولم يهمل العباد سدى من المملكة، بل هو المالك لما ملّكهم والقادر على ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييراً، ونهاهم تحذيراً، فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادّاً، وإن انتهوا إلى معصية فشاء أن يمنّ عليهم بأن يحول بينهم وبينها، فعل، وإن لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبراً، ولا أُلزموها كرهاً، بل منَّ عليهم بأن بصَّـرهم وعرّفهم وحذّرهم وأمرهم ونهاهم، لا جَبْلاً لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة، ولا جبراً لهم على ما نهاهم عنه، ولله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين، والسلام على من اتّبع الهدى" . وكذلك جواب الإمام الحسين عليه السلام لنافع بن الأزرق الذي يعدّ من رؤوس الخوارج حيث كان يسأل عن الإله الذي يُعبد .

وممّا استخدمه الإمام السجاد عليه السلام في نشر المعارف الحقّة أسلوب الدعاء. وكان يذكر في طيّات أدعيته مطالب عقائديّة عالية، كانت الشبه تدور حولها.
فقد روى الشيخ المفيد أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم إذ سمع قوماً يشبّهون الله بخلقه، ففزع لذلك وارتاع له، ونهض حتّى أتى قبر رسول الله، فوقف عنده، ورفع صوته يناجي ربّه، فقال في مناجاته له: "إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة فجهلوك، وقدّروك بالتقدير على غير ما به أنت ، شبهوك وأنا بريء يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك، ليس كمثلك شيءٌ، إلهي ولم يدركوك، وظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك يا إلهي مندوحةٌ أن يناولوك، بل سوّوك بخلقك فمن ثم لم يعرفوك، واتخذوا بعض آياتك ربا فبذلك وصفوك، فتعاليت يا إلهي عمّا به المشبّهون نعتوك" .

بعض أصحاب الأئمّة عليهم السلام في القرن الأوّل

كان هذا دور أئمّة الشيعة الأربعة في القرن الأوّل. وقد تربّى في مدرستهم رجال ذبّوا عن حياض العقيدة، بكلّ ما يملكون من حول وقوّة، وكانت لهم مواقف حسّاسة وبارزة لا سيما في مسألة الخلافة وانتزاعها من عليّ عليه السلام ، وإن لم يصدق على بعضهم أنّهم متكلّمون بالمعنى المصطلح، نذكر منهم:

1 ـ سلمان الفارسيّ: فأبرز ما كان له في هذا الصدد خطبته المطوّلة في الناس التي ينقلها صاحب البحار، قال فيها: "... أما والله لو ولّيتموهما عليّاً لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، فابشروا بالبلاء، واقنطوا من الرخاء، ونابذتكم على سواء وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء..." .

2 ـ أبو ذرّ الغفاريّ: وقد كانت شهادته، في الربذة تلك الصحراء القاحلة، جرّاء مواقفه المشهودة بعد رحيل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله ، وأبرزها أنّه أخذ بحلقة باب الكعبة ونادى بأعلى صوته: "أنا جندب بن جنادة لمن عرفني، وأبو ذر لمن لم يعرفني، إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من قاتلني في الأولى وقاتل أهل بيتي في الثانية، فهو من شيعة الدجال. إنما مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في لجة البحر، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق. ألا هل بلغت، ألا هل بلغت ؟ قالها ثلاثاً" .

3 ـ عبد الله بن عباس: حبر الأُمّة وعالم الشريعة، تلميذ الوصيّ عليه السلام المعروف بحجاجه ومناظراته مع الخوارج وغيرهم. وقد حفلت كتب التفسير بآرائه وأفكاره في العقائد والتفسير.

4 ـ حجر بن عدي الكنديّ: من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . يصفه الإمام أبو عبد الله الحسين بن علي عليه السلام بقوله مندّداً بعمل معاوية، حيث قتله بشهادةٍ مزوّرةٍ حاكها زياد بن أبيه: "ألست القاتل حجراً أخا كندة، والمصلّين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائمٍ، قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة؟" وقد استشهد في مرج عذراء عام 51 هـ.

5 ـ كميل بن زياد النخعيّ: "لمّا ولي الحجاج طلب كميل بن زياد فهرب منه، فحرم قومه عطاءهم، فلما رأى كميل ذلك قال: أنا شيخٌ كبيرٌ قد نفد عمري، لا ينبغي أن أحرم قومي عطياتهم، فخرج فدفع بيده إلى الحجاج، فلما رآه قال له: لقد كنت أحبّ أن أجد عليك سبيلاً، فقال له كميل: لا تصرف عليّ أنيابك ولا تهدم عليّ، فوالله ما بقي من عمري إلّا مثل كواسل الغبار، فاقضِ ما أنت قاضٍ فإنّ الموعد الله وبعد القتل الحساب، ولقد خبّرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّك قاتلي، قال: فقال له الحجاج: الحجة عليك إذن، فقال كميل: ذاك إن كان القضاء إليك، قال: بلى، قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان، اضربوا عنقه، فضربت عنقه" .

6 ـ الأصبغ بن نباتة: "من خاصّة أمير المؤمنين وعمّر بعده. روى عنه عليه السلام عهد الأشتر ووصيّته إلى محمّد ابنه" . "وكان الأصبغ كثير الرواية، متقناً في حديثه، من كبار التابعين. وكان أكثر رواياته عن أمير المؤمنين عليه السلام . وقد روى عن الصحابة، عن النبيّ صلى الله عليه وآله فضائل عليّ عليه السلام . وله رواياتٌ كثيرةٌ في فنون العلم: أبواب الفقه والتفسير والحكم وسائر الأبواب، ورواياتٌ في فضل أمير المؤمنين عليه السلام وفضل وليّه وشيعته، كما في اختصاص المفيد، وغيره" .

7 ـ زيد بن صوحان العبدي: عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً: "كان من الأبدال، وقد وردت في فضله رواياتٌ عديدةٌ، قيل: إنّه لم يروِ عن النبي صلى الله عليه وآله ، وإنّما رواياته عن أمير المؤمنين عليه السلام . استشهد في معركة الجمل سنة 36 هجرية" .
"كتبت عائشة من البصرة إلى زيد بن صوحان: من عائشة زوج النبيّ إلى ابنها زيد بن صوحان الخالص أمّا بعد إذا أتاك كتابي هذا فاجلس في بيتك وخذّل الناس عن عليّ بن أبي طالب حتّى يأتيك أمري. فلما قرأ زيد كتابها قال: أُمرتِ بأمرٍ وأُمرنا بغيره، فركبتِ ما أُمرنا به، وأمرتنا نركب ما أُمِرت هي به؛ أُمِرت أن تقرّ في بيتها، وأُمرنا أن نقاتل حتّى لا تكون فتنة، والسلام" .

8 ـ صعصعة بن صوحان العبديّ: "أخو زيد الخير ...، ذكر في معاجم الصحابة. قال أبو عمر: كان مسلماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لم يلقه ولم يره. كان سيداً فصيحاً خطيباً ديّناً. .... وقال عقيل بن عليّ بن أبي طالب لمعاوية في حديث: أمّا صعصعة فعظيم الشأن، عضب اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق ما فتق، ويفتق ما رتق، قليل النظير. وقال ابن الأثير: كان سيداً من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحاً خطيباً لسناً ديّناً فاضلاً يعد في أصحاب علي رضي الله عنه. له مع عثمان محاورة .... ومواقفه مع معاوية ذكرت جملة منها في مروج الذهب، وتاريخ ابن عساكر" .

ويذكر في هذين القرنين عدد من رجالات العقيدة، الذين انتهجوا نهج أهل البيت عليهم السلام ، ولم يحيدوا عنه، ودافعوا عنه، ولم تأخذهم في الله لومة لائم، نذكر منهم:

ـ سعيد بن جبير، قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام ، ميثم التمّار، ومالك الأشتر.

بعض متكلّمي الشيعة في القرن الثاني:

1 ـ زرارة بن أعين: "وهو مولى بني عبد الله …شيخ أصحابنا في زمانه، ومتقدّمهم. وكان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً، أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين، صادقاً في ما يرويه. قال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه: رأيت له كتاباً في الاستطاعة والجبر . وقال ابن النديم: وزرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثا، ومعرفةً بالكلام والتشيع" . وهو من الشخصيّات البارزة للشيعة التي اجتمعت العصابة على تصديقهم، وهو غنيّ عن التعريف والتوصيف.

2 ـ محمّد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجليّ: قال النجاشيّ: "مولى، الأحول أبو جعفر كوفيّ، صيرفيّ، يلقب مؤمن الطاق و صاحب الطاق ويلقبه المخالفون شيطان الطاق ...، فأمّا منزلته في العلم وحسن الخاطر، فأشهر وقد نسب إليه أشياء لم تثبت عندنا وله كتاب افعل لا تفعل ،... وله كتاب الاحتجاج في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، وكتاب كلامه على الخوارج، وكتاب مجالسه مع أبي حنيفة والمرجئة" . وقال ابن النديم: "وكان متكلّماً حاذقاً، وله من الكتب كتاب الإمامة، كتاب المعرفة، كتاب الردّ على المعتزلة في إمامة المفضول، كتاب في أمر طلحة والزبير وعائشة" .

3 ـ هشام بن الحكم: قال ابن النديم: "هو من متكلّمي الشيعة الإمامية وبطائنهم، وممّن دعا له الصادق عليه السلام فقال: أقول لك ما قال رسول الله لحسّان: لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك . وهو الذي فتق الكلام في الإمامة، وهذّب المذهب، وسهّل طريق الحجاج فيه، وكان حاذقاً بصناعة الكلام، حاضر الجواب" .
يقول الشهرستاني: "وهذا هشام بن الحكم، صاحب غور في الأُصول أي الكلام لا ينبغي أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإنّ الرجل وراء ما يلزم به على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه وذلك أنّه ألزم العلاّف ..." .
وقال النجاشي: "هشام بن الحكم، أبو محمّد مولى كندة، وكان ينزل بني شيبان بالكوفة، انتقل إلى بغداد سنة 199هـ، ويقال إنّ في هذه السنة مات، له كتاب يرويه جماعة ثم ذكر أسماء كتبه نذكر منها:

1. علل التحريم 2. الإمامة 3.الدلالة على حدوث الأجسام 4 . الردّ على الزنادقة. 5. الردّ على أصحاب الاثنين 6.الردّ على هشام الجواليقي 7. الردّ على أصحاب الطبائع. 8 . الشيخ والغلام في التوحيد. 9. التدبير في الإمامة. 10. إمامة المفضول.11. الوصيّة والردّ على منكريها. 12. اختلاف الناس في الإمامة. 13. الجبر والقدر. 14. الحكمين. 15. الردّ على المعتزلة وطلحة والزبير. 16.القدر. 17. الردّ على المعتزلة. 18. الردّ على أرسطاطاليس في التوحيد.19.المجالس في التوحيد. 20 .المجالس في الإمامة . "يقول عنه أحمد أمين: "أكبر شخصية شيعيّة في الكلام، ... وكان جدلاً قويّ الحجّة، ناظر المعتزلة وناظروه، ونقلت له في كتب الأدب مناظرات كثيرة متفرّقة تدلّ على حضور بديهته وقوّة حججه" .

4 ـ قيس بن الماصر:أحد أعلام المتكلّمين، تعلّم الكلام من عليّ بن الحسين عليه السلام .

5 ـ عيسى بن روضة حاجب المنصور: كان متكلّماً، جيّد الكلام، وله كتاب في الإمامة.

6 ـ الضحّاك، أبو مالك الحضرميّ: "كوفيّ، عربيّ، أدرك أبا عبد الله عليه السلام ، وقال قوم من أصحابنا: روى عنه، وقال آخرون: لم يرو عنه، روى عن أبي الحسن، وكان متكلّماً، ثقة ثقة في الحديث، وله كتاب في التوحيد رواه عنه علي بن الحسن الطاطريّ" . وقال ابن النديم: "من متكلّمي الشيعة، وله مع أبي عليّ الجبائي مجلس في الإمامة وتثبيتها بحضرة أبي محمّد القاسم بن محمّد الكرخي، وله من الكتب: كتاب الإمامة، نقض الإمامة على أبي عليّ ولم يتمّه" .

7 ـ عليّ بن الحسن بن محمّد الطائيّ: "المعروف بـ الطاطريّ كان فقيهاً، ثقةً في حديثه، له كتب، منها: التوحيد، الإمامة، الفطرة، المعرفة، الولاية وغيرها. وعدّه ابن النديم من متكلّمي الإمامية وقال: ومن القدماء الطاطريّ وكان شيعيّاً ... وتنقّل في التشيّع، وله من الكتب كتاب الإمامة حسن" .

8 ـ الحسن بن عليّ بن يقطين بن موسى: "مولى بني هاشم، وقيل مولى بني أسد، كان فقيهاً متكلّماً، روى عن أبي الحسن والرض عليهم السلام ، وله كتاب مسائل أبي الحسن موسى عليه السلام . وبما أنّ أبا الحسن الأوّل توفي عام 183هـ، والثاني توفي عام 203هـ، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني وأوائل القرن الثالث وهو الذي سأل الإمام الرضا عليه السلام بأنّه لا يقدر على لقائه في كلّ وقتٍ، "فعمّن يأخذ معالم دينه؟ فأجاب الإمام عليه السلام : خذ عن يونس بن عبد الرحمن" .

9 ـ حديد بن حكيم: "أبو علي الأزدي المدائنيّ، ثقة، وجه، متكلّم، روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهم السلام ، له كتابٌ يرويه محمّد بن خالد" . وبما أنّه من تلاميذ الصادق والكاظم عليهم السلام فالرجل من متكلّمي الشيعة في القرن الثاني.

10 ـ فضال بن الحسن بن فضال: وهو من متكلّمي عصر الصادق عليه السلام ، وذكر الطبرسيّ في احتجاجه مناظرتَه مع أبي حنيفة، فلاحظ.

وما ذكرناه نماذج من مشاهير المتكلّمين في عصر الصادقين والكاظم عليهم السلام ، وهناك من لم نذكرهم ولهم مناظراتٌ احتفلت بها الكتب التاريخيّة والكلاميّة، كحمران بن أعين الشيبانيّ، وهشام بن سالم الجواليقيّ، والسيّد الحميري، والكُميت الأسديّ.

بعض متكلّمي الشيعة في القرن الثالث

1 ـ الفضل بن شاذان بن الخليل، أبو محمّد الأزديّ النيشابوريّ: كان أبوه من أصحاب يونس، وروى عن أبي جعفر الثاني وقيل الرض عليهم السلام ، وكان ثقةً، أحد أصحابنا الفقهاء، والمتكلّمين، وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه، وذكر الكنجي أنّه صنّف مائة وثمانين كتاباً، وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام الهادي والعسكريّ عليهم السلام ، وقد توفي عام 260 هـ، وقد ذكر النجاشي فهرست كتبه، نقتبس منه ما يلي: النقض على الإسكافيّ في تقوية الجسم، الوعيد، الردّ على أهل التعطيل، الإستطاعة، الإيمان، الردّ على الثنوية، إثبات الرجعة، الردّ على الغالية المحمّديّة، تبيان أصل الضلالة، الردّ على محمّد بن كرام، التوحيد في كتاب الله، الردّ على أحمد بن الحسين، الردّ على الأصمّ، كتاب في الوعد والوعيد آخر، الردّ على بيان إيمان ابن رباب الخارجيّ ، محنة الإسلام، أربع مسائل في الإمامة، الردّ على المنّانية، الردّ على المرجئة، الردّ على القرامطة، الردّ على البائسة، اللطيف، القائم عليه السلام ، كتاب الإمامة الكبير، فضل أمير المؤمنين عليه السلام ، معرفة الهدى والضلالة، الخصال في الإمامة، الردّ على الحشويّة، الردّ على الحسن البصري في التفضيل، النسبة بين الجبرية والبترية .

2 ـ حكم بن هشام بن الحكم: "أبو محمّد، مولى كندة، سكن البصرة، وكان مشهوراً بالكلام، كلّم الناس، وحكي عنه مجالس كثيرة، ذكر بعض أصحابنا أنّه رأى له كتاباً في الإمامة" . توفّـي والده عام 200 أو 199هـ ، فهو من متكلّمي أواخر القرن الثاني، وأوائل القرن الثالث.

3 ـ داود بن أسد بن أعفر: "أبو الأحوص البصري رحمه الله شيخ جليل، فقيه متكلّم، من أصحاب الحديث، ثقة ثقة، وأبوه من شيوخ أصحاب الحديث الثقات، له كتب منها كتاب في الإمامة على سائر من خالفه من الأُمم، والآخر مجرّد الدلائل والبراهين" . وذكره الشيخ الطوسي في الفهرست في باب الكنى فقال:"إنّه من جملة متكلّمي الإماميّة، لقيه الحسن بن موسى النوبختي، وأخذ عنه، واجتمع معه في الحائر على ساكنه السلام" . وكان ورد للزيارة فبما أنّه من مشايخ الحسن بن موسى النوبختي المعاصر للجبائي ت 303هـ فهو من متكلّمي القرن الثالث.

4 ـ محمّد بن عبد الله بن مملك الاصبهانيّ: "أصله من جرجان، وسكن أصبهان، جليل في أصحابنا، عظيم القدر والمنزلة. كان معتزليّاً ورجع على يد عبد الرحمن بن أحمد بن جبرويه رحمه الله ، له كتب منها: كتاب الجامع في سائر أبواب الكلام الكبير، وكتاب المسائل والجوابات في الإمامة، كتاب مواليد الأئمّة عليهم السلام ، كتاب مجالسه مع أبي علي الجبائيّ 235 ـ 303 هـ " .

5 ـ ثبيت بن محمّد، أبو محمّد العسكريّ: "صاحب أبي عيسى الورّاق محمّد بن هارون متكلّم حاذق، من أصحابنا العسكريّين، وكان أيضاً له اطّلاع بالحديث والرواية، والفقه، له كتاب توليدات بني أُميّة في الحديث، وذكر الأحاديث الموضوعة، وله الكتاب الذي يعزى إلى أبي عيسى الوراق في نقض العثمانيّة له، ودلائل الأئمّة عليهم السلام " .

6 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزوميّ: "أبو محمّد، أحد أصحابنا، ثقة فيما يرويه، قدم العراق، وسمع أصحابنا منه، مثل أيوب بن نوح، والحسن بن معاوية، ومحمّد بن الحسين، وعلي بن حسن بن فضّال، له كتاب التوحيد، كتاب المعرفة، كتاب الإمامة" .

7 ـ محمّد بن هارون: "أبو عيسى الورّاق. له كتاب الإمامة، وكتاب السقيفة، وكتاب الحكم على سورة لم يكن، وكتاب اختلاف الشيعة والمقالات" . وكانت وفاته سنة 247هـ.

8 ـ إبراهيم بن سليمان بن أبي داحة المزنيّ: "أبو إسحاق،كان وجه أصحابنا البصريّين في الفقه والكلام والأدب والشعر، والجاحظ يحكي عنه" .

9 ـ محمّد بن الخليل السكاك: "بغداديّ يعمل السكك، صاحب هشام بن الحكم وتلميذه أخذ عنه، له كتب منها: كتاب الإمامة، وكتاب سمّاه التوحيد وهو تشبيه وقد نقض عليه" .

10 ـ الحسين بن اشكيب: "قال الكشي في رجال أبي محمّد الحسين بن اشكيب المروزيّ المقيم بسمرقند وكش عالم متكلّم مؤلف للكتب" . من أصحاب أبي الحسن، وله من الكتب: كتاب الردّ على من زعم أنّ النبي كان على دين قومه، والردّ على الزيديّة.

11 ـ عبد الرحمن بن أحمد بن جبرويه: "أبو محمّد العسكريّ متكلّم من أصحابنا، حسن التصنيف، جيّد الكلام، وعلى يده رجع محمّد بن عبد الله بن مملك الأصبهاني عن مذهب المعتزلة إلى القول بالإمامة، وقد كلّم عباد بن سليمان ومن كان في طبقته، وقع إلينا من كتبه: كتاب الكامل في الإمامة، كتاب حسن" .

12 ـ علي بن منصور: "أبو الحسن، كوفيّ سكن بغداد، متكلّم من أصحاب هشام، له كتب، منها: كتاب التدبير في التوحيد والإمامة" .

13 ـ علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّـار: "أبو الحسن، مولى بني أسد، كوفيّ، سكن البصرة، وكان من وجوه المتكلّمين من أصحابنا، كلّم أبا الهذيل 135 ـ 235 هـ والنظام 160 ـ 231هـ . له مجالس وكتب منها: كتاب الإمامة، كتاب مجالس هشام بن الحكم، وكتاب المتعة" .

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

خلاصة الدرس:

لقد شغلت المسائل الكلاميّة مفكّري المسلمين في القرنين الأوّلين. وقام الأئمّة عليهم السلام بالردّ على الشبهات المطروحة والدفاع عن العقيدة ومسائلها.
وقد تربّى في مدرستهم رجال ذبّوا عن حياض العقيدة، بكلّ ما يملكون من قوّة برز منهم: سلمان الفارسيّ، وأبو ذر الغفاريّ، وعبد الله بن العبّاس، وزرارة بن أعين، وهشام بن الحكم، وغيرهم...
وفي القرن الثالث الهجريّ برز فيهم: الفضل بن شاذان بن الخليل النيشابوريّ وحكم بن هشام بن الحكم، وداود بن أسد بن أعفر...








الحوزويه الصغيره 14-04-2013 01:57 PM

متكلّمو الشيعة (2)
 
http://www.alshiaclubs.com/upload//u...66e1d61aa9.png


متكلّمو الشيعة (2)

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

متكلّمو الشيعة في القرن الرابع

1 ـ الحسن بن عليّ بن أبي عقيل: قال النجاشي: "أبو محمّد العمانيّ، الحذّاء، فقيه متكلّم ثقةٌ، له كتبٌ في الفقه والكلام منها: كتاب المتمسّك بحبل آل الرسول كتابٌ مشهورٌ في الطائفة ... وقرأت كتابه المسمّى: الكرّ والفرّ، على شيخنا أبي عبد الله المفيد رحمه الله ، وهو كتاب في الإمامة، مليح الوضع" . وذكره الشيخ الطوسيّ في الفهرست والرجال، معاصر للكلينيّ، المتوفّـى عام 329هـ.

2 ـ إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت: قال النجاشيّ:"كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا وغيرهم، له جلالة في الدنيا والدين، يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب، صنّف كتباً كثيرة، منها: كتاب الاستيفاء في الإمامة، التنبيه في الإمامة،... كتاب الردّ على محمّد بن الأزهر في الإمامة، كتاب الردّ على اليهود، كتاب في الصفات للردّ على أبي العتاهية 130ـ 211هـ في التوحيد في شعره، كتاب الخصوص والعموم والأسماء والأحكام، كتاب الإنسان والردّ على ابن الراوندي، كتاب التوحيد، كتاب الإرجاء، كتاب النفي والإثبات، مجالسه مع أبي علي الجبائي 235 ـ 303هـ بالأهواز، كتاب في استحالة رؤية القديم، كتاب الردّ على المجبرة في المخلوق، مجالس ثابت بن أبي قرّة 221 ـ 288هـ ، كتاب النقض على عيسى بن أبان في الاجتهاد، نقض مسألة أبي عيسى الورّاق في قدم الأجسام، كتاب الاحتجاج لنبوة النبي صلى الله عليه وآله ، كتاب حدوث العالم" .

3 ـ الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أخو الصدوق القميّ :"أبو عبد الله، ثقةٌ روى عن أبيه إجازة، وله كتب، منها: كتاب التوحيد ونفي التشبيه، وكتاب عمله للصاحب أبي القاسم بن عبّاد 326 ـ 385هـ " . وقد توفّـي أخوه عام 381 هـ، فهو من أعيان القرن الرابع، وهو وأخوه ولدا بدعوة صاحب الأمر.ترجمه ابن حجر في لسان الميزان.

4 ـ محمّد بن بشر الحمدوني أبو الحسن السوسنجردي : "متكلّم جيّد الكلام، صحيح الاعتقاد، كان يقول بالوعيد، له كتب منها: كتاب المقنع في الإمامة، كتاب المنقذ في الإمامة" .

5 ـ يحيى المكنى أبا محمّد العلّوي: "من بني زبارة زيادة ، علوي، سيدٌ، متكلّمٌ، فقيهٌ، من أهل نيسابور نيشابور . له كتبٌ كثيرةٌ، منها: كتاب في المسح على الرجلين، وكتاب في إبطال القياس، وكتاب في التوحيد" .

6 ـ محمّد بن القاسم، أبو بكر: بغداديّ، متكلّم، عاصر ابن همام، له كتاب في الغيبة، كتاب كلام . وابن همام هو محمّد بن أبي بكر بن سهيل الكاتب الاسكافي الذي ترجم له النجاشي في رجاله برقم 1033.

7 ـ محمّد بن عبد الملك بن محمّد التبّان: "يكنّى أبا عبد الله، كان معتزلياً، ثم أظهر الانتقال، ولم يكن ساكناً ... له كتاب في تكليف من علم الله أنّه يكفر، وله كتاب في المعدوم، ومات لثلاث بقين من ذي القعدة سنة 419 هـ" .

8 ـ محمّد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي: "أبو جعفر، متكلّم، عظيم القدرة، حسن العقيدة، قويّ في الكلام، كان قديماً من المعتزلة، وتبصّـر وانتقل، له كتب في الكلام، وقد سمع الحديث، وأخذ عنه ابن بُطّة وذكره في فهرسته الذي يذكر فيه من سمع منه فقال: وسمعت من محمّد بن عبد الرحمن بن قبة، له كتاب الإنصاف في الإمامة، وكتاب المستثبت نقض كتاب أبي القاسم البلخي ت 319هـ ، وكتاب الرد على الزيديّة، وكتاب الردّ على أبي علي الجبائي، المسألة المفردة في الإمامة" .

9 ـ عليّ بن وصيف، أبو الحسن الناشئ 271 ـ 365هـ : "الشاعر المتكلّم، ذكر شيخنا رضي الله عنه أنّ له كتاباً في الإمامة" .

قال فيه ابن خلّكان: "من الشعراء المحسنين، وله في أهل البيت قصائد كثيرة، وكان متكلّماً بارعاً، أخذ علم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن عليّ بن نوبخت المتكلّم، وكان من كبار الشيعة، وله تصانيف كثيرة، منها: 1 ـ كتاب الآراء والديانات. 2 ـ كتاب فرق الشيعة. 3 ـ كتاب الردّ على فرق الشيعة ما خلا الإماميّة. 4 ـ كتاب الجامع في الإمامة. 5 ـ كتاب الموضح في حروب أمير المؤمنين. 6 ـ كتاب التوحيد الكبير. 7 ـ كتاب التوحيد الصغير.8 ـ مختصر الكلام في الجبر. 9 ـ كتاب الردّ على أبي علي الجبائي في ردّه على المنجّمين.

10 ـ كتاب الردّ على الواقفة" .

والرجل من أكابر متكلّمي الشيعة، عاصر الجبائي( ت 303) ، والبلخي( ت 319) ، وأبا جعفر بن قبة المتوفّـى قبل البلخي.

متكلّمو الشيعة في القرن الخامس

بلغ علم الكلام في أوائل القرن الخامس ذروة الكمال، و ظهر في الأوساط الشيعية روّاد كبار، نشير إلى ثلة منهم:

1 ـ الشيخ المفيد 336ـ 413هـ : وهو محمّد بن محمّد بن النعمان الذي أذعن بفضله و علمه كلّ موافق و مخالف، و أثنوا عليه ثناءً بالغاً منقطع النظير.

قال معاصره ابن النديم المتوفّـى 388هـ وهو يعرّفه في الفهرست: "ابن المعلّم، أبو عبد الله، في عصرنا انتهت رئاسة متكلّمي الشيعة إليه، مقدّم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطرة، شاهدته، فرأيته بارعاً" .

وقال الذهبيّ المتوفّـى 748 هـ :

" عالم الرافضة، صاحب التصانيف، الشيخ المفيد، واسمه: محمّد بن محمّد بن النعمان، البغداديّ الشيعيّ، ويُعرف بابن المعلم. كان صاحب فنون وبحوث وكلام، واعتزال وأدب" . ويُعرّفه في الميزان: "عالم الرافضة أبو عبد الله ابن المعلم صاحب التصانيف البدعية، وهي مائتا مصنف" .

هذا غيضٌ ممّا قاله علماء السنّة، وأمّا الشيعة فنقتصر على كلام تلميذيه: الطوسي والنجاشي، ونترك الباقي لمترجمي حياته:

يقول الشيخ الطوسيّ في الفهرست: "المفيد يكنّى أبا عبد الله، المعروف بابن المعلّم، من أجلّة متكلّمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإماميّة في وقته في العلم، وكان مقدّماً في صناعة الكلام، وكان فقيهاً متقدماً فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، وله قريب من مائتي مصنّف كبار وصغار، وفهرست كتبه معروف. ولد سنة 338هـ، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة 413هـ، وكان يوم وفاته يوماً لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والموافق" .

وقال تلميذه النجاشيّ: "شيخنا وأستاذنا رضي الله عنه ، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والوثاقة والعلم" . ثمّ ذكر تصانيفه.

وهذه الكلمات تعرّفنا موقفه من علم الكلام، وأنّه لم يكن يومذاك للشيعة متكلّم أكبر منه، وكفى في ذلك أنّه تخرّج على يديه لفيفٌ من متكلّمي الشيعة نظير السيد المرتضى 355 ـ 436 هـ .

2 ـ عليّ بن الحسين الشريف المرتضى 355ـ 436هـ : تلميذ الشيخ المفيد. عرّفه تلميذه النجاشي بقوله: "حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلماً شاعراً، أديباً، عظيم المنزلة في العلم و الدين و الدنيا، و من كتبه الكلامية: الشافي في نقض المغني للقاضي عبد الجبار في قسم الإمامة، وكتاب تنزيه الأنبياء والأئمّة ، و الذخيرة في علم الكلام، وغيرها من الرسائل، شرح جمل العلم و العمل" .

3 ـ أبو الصلاح التقيّ بن الحلبيّ 374ـ 447هـ : مؤلّف تقريب المعارف في الكلام.

4 ـ محمّد بن الحسن الطوسيّ 385ـ 460هـ : يُعرّفه العلاّمة بقوله: "شيخ الإماميّة ورئيس الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، ثقة، عين، صدوق، عارف بالأخبار والرجال و الفقه و الأُصول، و الكلام والأدب، وجميع الفضائل تنتسب إليه" . وله في الكلام كتبٌ كثيرةٌ منها: الجمل والعقود، تلخيص الشافي في الإمامة، ومقدمة في المدخل إلى علم الكلام، والاقتصاد، والرسائل العشر.

متكلّمو الشيعة في القرن السادس

ما إنْ أطلّ القرن السادس إلّا وقد أفل نجم المعتزلة حيث وُضِع فيهم السيف من قبل الخلافة العباسيّة. وكان غيابهم عن المسرح الفكريّ خسارةً جسيمةً للمنهج العقليّ. وقد بلغ التعصّب إلى حد أنّه أُحرقت كتبهم، وقُتل أعلامهم، وشُرِّد لفيفٌ منهم. و الحديث ذو شجون. ومع إطلالة هذا القرن بدأت تلوح علامات الضغط والكبت على الشيعة. وقد وضع صلاح الدين الأيوبيّ السيفَ على عنق الشيعة في حلب وغيرها. وعلى الرغم من ذلك فقد ظهر في هذا القرن أفذاذ في علم الكلام، نذكر منهم على سبيل المثال:

1 ـ محمّد بن أحمد بن علي الفتال النيسابوري المتوفّى513هـ : المعروف بابن الفارسيّ. عرّفه ابن داود في رجاله بقوله : "متكلّمٌ جليل القدر، فقيهٌ، عالمٌ، زاهدٌ، ورعٌ، قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيشابور الملقب بشهاب الإسلام. اشتهر في أيام شبابه و ارتفع شأنه فاستفتي، و سئل عن مسائل في الكلام، و صنّف كتاب التنوير في معاني التفسير و كتاب روضة الواعظين وبصيرة المتّعظين في علم الكلام و الأخلاق والآداب. استشهد في أيام وزارة أبي المحاسن عبد الرزاق بن عبد الله بن أخي نظام الملك سنة 513 أو 515هـ" .

2 ـ قطب الدين المقري النيسابوريّ: من مشايخ السيد ضياء الدين أبي الرضا فضل الله الراوندي المتوفّى حدود 547هـ مؤلّف كتاب الحدود المعجم الموضوعي للمصطلحات الكلاميّة .

3 ـ الفضل بن الحسن الطبرسيّ: مؤلّف تفسير مجمع البيان المتوفّى /548هـ و له في تفسيره بحوث كلامية مهمّة.

4 ـ الحسين بن علي بن محمّد بن أحمد المتوفّى 552هـ : المعروف بـ أبي الفتوح الرازيّ وكتابه المعروف بـ روض الجنان مشحون بالبحوث الكلاميّة.

5 ـ قطب الدين سعيد بن هبة الله الراونديّ المتوفّى 573هـ : مؤلّف كتاب تهافت الفلاسفة و جواهر الكلام في شرح مقدّمة الكلام.

6 ـ سديد الدين الشيخ محمود الحمصي المتوفّى في أواخر القرن السادس : مؤلّف المنقذ من التقليد .

7 ـ أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسيّ المتوفي في أواسط القرن السادس : مؤلّف كتاب الاحتجاج.

8 ـ السيد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي 511ـ 585هـ : له كتاب( غنية النزوع في علمي الأُصول والفروع) يقع في جزءين، والكتاب يشتمل على علوم ثلاثة : الكلام والفقه و أُصوله.

9 ـ محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندرانيّ المتوفّى 588هـ : أخذ عن المتكلم أبي سعيد عبد الجليل بن أبي الفتح الرازي. قال الصفدي: "أحد شيوخ الشيعة، حفظ القرآن وله ثمان سنين، وبلغ النهاية في أُصول الشيعة، كان يرحل إليه في البلاد،... توفي عام 588هـ" .

متكلّمو الشيعة في القرن السابع

لقد تزامن طلوع القرن السابع مع اضطراب الأوضاع السياسيّة الحاكمة على معظم الأمصار الإسلامية لا سيما الحروب الصليبيّة التي تركت مضاعفات خطيرة في الحواضر الإسلاميّة . وقد تزامن هذا الوضع مع هجوم شرس من قبل الوثنيّين من المشرق الذين جرّوا الويل و الدمار على المسلمين في المشرق الإسلامي، وامتدَّ سلطانهم إلى بغداد وأعقب ذلك انقراض الدولة العبّاسيّة.
وعلى الرغم من تلك الأوضاع العصيبة، كان للعلوم العقلية نشاط ملموس في الأوساط الشيعيّة، ونذكر من متكلمي الشيعة:

1 ـ سديد الدين بن عزيزة الحلي المتوفّى حوالي 630هـ : سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح، شيخ المتكلّمين، سديد الدين السوراوي الحليّ، و يقال له: سالم بن عزيزة. كان من كبار متكلمي الشيعة، صنف كتاب التبصرة وكتاب المنهاج في علم الكلام، وأخذ عنه المحقّق جعفر بن الحسن الحلي المتوفّى 676هـ علم الكلام و شيئاً من الفلسفة وقرأ عليه المنهاج.

2 ـ الشيخ كمال الدين علي بن سليمان البحرانيّ المتوفّى حوالي 656هـ : أُستاذ الشيخ ميثم البحرانيّ. له كتاب الإشارات في الكلام والحكمة. وصفه السيد الصدر بقوله: "قدوة الحكماء، وإمام الفضلاء، صاحب الإشارات في الكلام، وشرحها تلميذه المحقّق ميثم البحرانيّ. وله رسالة العلم التي شرحها المحقّق نصير الدين الطوسيّ" .

3 ـ الخواجه نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسيّ 597ـ 672هـ : يقول الحرّ العامليّ: "هو شخصيّة فذّة يعجز القلم عن وصفه، فقد كان علّامة عصره في الكلام والحكمة والعلوم الرياضية والفلكية، له شرح الإشارات الذي فرغ منه عام 644هـ، و هو شرح لإشارات الشيخ الرئيس ابن سينا، و قد فنّد فيها أكثر ما أورده الرازي من الشكوك التي أُثيرت حول آراء الشيخ. ويعدّ كتاب شرح الإشارات من أفضل الكتب الدراسيّة في الحكمة إلى يومنا هذا. و يكفي في حقّه ما قاله العلاّمة في هذا المضمار: "كان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في العلوم العقليّة والنقليّة، و له مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية والأحكام الشرعيّة على مذهب الإمامية، و كان أشرف من شاهدناه في الأخلاق ـ نوّر الله مضجعه ـ قرأت عليه إلهيّات الشفاء لأبي علي بن سينا، وبعض التذكرة في الهيئة" .

4 ـ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحرانيّ: المعروف بالعالم الربّاني المبرّز في جميع الفنون الإسلاميّة لا سيّما في الحكمة و الكلام والأسرار العرفانيّة. اتفقت كلمة الجميع على إمامته. ولد عام 636هـ وتوفي عام 696هـ. له كتاب قواعد المرام في علم الكلام المطبوع، وله شرح نهج البلاغة الذي صنّفه للصاحب خواجة عطاء الملك الجوينيّ، وهو شرح مشحون بالمباحث الكلاميّة و الحكميّة والعرفانيّة، فرغ منه عام 676هـ.

5 ـ الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسديّ 648ـ 726هـ : شيخ الإسلام، المجتهد الأكبر، المتكلم الفذّ، الباحث الكبير، جمال الدين أبو منصور المعروف بالعلّامة الحلّي، وبآية الله على الإطلاق، و بابن المطهّر. ولد في شهر رمضان سنة 648 هـ و أخذ عن والده الفقيه المتكلّم البارع سديد الدين يوسف، و عن خاله شيخ الإماميّة المحقّق الحلّي، الذي كان له بمنزلة الأب الشفيق، فحظي باهتمامه ورعايته، ولازم الفيلسوف الكبير نصير الدين الطوسيّ مدّةً، واشتغل عليه في العلوم العقلية وبرع فيها وهو لا يزال في مقتبل عمره. يُعرّفه معاصره أبو داود الحلّي: "شيخ الطائفة، وعلّامة وقته، وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإماميّة إليه في المعقول و المنقول" .
ألّف في مجال المعقول والكلام قرابة عشرين كتاباً و رسالة في ذلك المضمار، نشير إلى أسماء كتبه:

1 ـ الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة.

2 ـ استقصاء النظر في البحث عن القضاء والقدر.

3 ـ الألفين الفارق بين الصدق والمين.

4 ـ أنوار الملكوت في شرح الياقوت.

5 ـ الباب الحادي عشر: وهو رسالة مختصرة في العقائد الإماميّة، ولم تزل مطمحاً للأنظار فكُتب عليها شروح وتعليقات، أشهرها ما كتبه الفاضل المقداد الذي أسماه بـ النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر ، و هي رسالة دراسية في الحوزات الشيعية إلى يومنا هذا.

6 ـ تسليك النفس إلى حظيرة القدس.

7 ـ الرسالة السعدية: تحتوي على مسائل ثلاث:

أ ـ استحالة رؤية الله سبحانه.

ب - كلامه سبحانه حادث.

ج - صفاته عين ذاته.

8 ـ كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد.

9 ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: وهذا الكتاب شرح لكتاب تجريد الاعتقاد للمحقّق نصير الدين محمّد بن الحسن الطوسي 597 ـ 672هـ . وهو من أوجـز المتـون الكلاميـة وفق العقائد الإمامية. وقد شرحه جمع غفير من المحقّقين منذ تأليفه إلى يومنا هذا، وأوّل من شرحه: تلميذه المشهور بالعلاّمة الحلّي 648ـ 726هـ الذي أسماه كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، ثمّ توالت الشروح بعده، فشرحه ثانياً: شمس الدين محمّد الاسفرائيني البيهقي وأسماه تفريد الاعتماد في شرح تجريد الاعتقاد وثالثاً: الشيخ شمس الدين محمود بن عبد الرحمن بن أحمد الإصفهاني المتوفّى/746هـ وأسماه تسديد القواعد في شرح تجريد العقائد ورابعاً: علاء الدين علي بن محمّد المعروف بالفاضل القوشجي المتوفّى 879هـ ألّفه للسلطان أبي سعيد كوركان، وقد كُتِبَ على الشرحين تعاليق وحواشٍ كثيرة، يقف عليها من تتبع المعاجم. ثمّ توالت الشروح بعد هذه الشروح الأربعة إلى عصرنا هذا.
إنّ كتاب كشف المراد تبعاً لمتنه يدور على محاور ثلاثة:

الأوّل: في الأُمور العامّة التي تطلق عليها الإلهيات بالمعنى الأعم، ويبحث فيه عن الوجود والعدم وأحكام الماهيّات، والمواد الثلاث: الوجود والإمكان والامتناع، والقدم والحدوث، و العلّة والمعلول، وغيرها من المسائل التي تبحث عن أحكام الوجود بما هو هو.

الثاني: في الجواهر والأعراض التي يطلق عليها الطبيعيّات، ويبحث فيه عن الأجسام الفلكية و العنصرية والأعراض التسعة، على وجه التفصيل.

الثالث: في الإلهيات بالمعنى الأخص، ويبحث فيه عن الأُصول الخمسة.

10 ـ معارج الفهم في شرح النظم.

11 ـ مقصد الواصلين في أُصول الدين.

12 ـ منهاج الكرامة في معرفة الإمامة.

13 ـ مناهج اليقين.

14 ـ نظم البراهين في أُصول الدين.

16 ـ نهج المسترشدين في أُصول الدين.

17 ـ واجب الاعتقاد على جميع العباد.

18 ـ نهاية المرام في علم الكلام.

http://www.alshiaclubs.com/upload//u...5ef9b091ee.gif

خلاصة الدرس:

برز من المتكلّمين الشيعة في القرن الرابع العديد من المتكلّمين، منهم: الحسن بن عليّ بن أبي عقيل، والحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، وعليّ بن وصيف..
وبرز في القرن الخامس: الشيخ المفيد، الشريف المرتضى، أبو الصلاح الحلبيّ..
أمّا في القرن السادس فبرز: قطب الدين النيسابوريّ، الفضل بن الحسن الطبرسيّ، محمّد بن عليّ بن شهر آشوب المازندرانيّ..
وفي القرن السابع برز: الخواجه نصير الدين الطوسيّ، وكمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحرانيّ.


انتهى






مولى أبي تراب 15-04-2013 01:51 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أحسنتم بارك الله بكم
متابعون إن شاء الله تعالى

ام نرجس 17-04-2013 01:02 PM

بارك الله فيكم اجمعين على المعلومة المفيدة

المؤرخ 20-04-2013 03:37 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن وجود الإمام المعصوم بين أبناء الأمة في زمن الظهور جعل مذهب الشيعة لا يحتاجون إلى علم الحديث بشكل كبير، وبالتالي عن علم الرجال مع وجود الإمام المعصوم، فكانت إذا طرأت عليه حاجة للحديث يأخذونها من الإمام المعصوم الموجود بينهم, وبنهاية الغيبة الصغرى حيث بدأت الغيبة الكبرى انقطع الاتصال بالإمام المعصوم فاضطر العلماء والفقهاء إلى الرجوع إلى علم الحديث المدون عن المعصوم، وبالتالي احتيج إلى علم الرجال لمعرفة الرواية الصحيحة من الرواية غير الصحيحة.
ولكن مع ذلك كان هناك من يجمع الروايات ويختار من الرجال من يختار! فلقد تصدى جمع من الأسبقين من رواتنا من أصحاب الصادقين (عليهما السلام) ومن بعدهما من الأئمة الطاهرين لضبط أسماء الرواة وأحوالهم وطبقاتهم وآرائهم وأصولهم ومصنفاتهم وما ورد عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في مدحهم أو ذمهم, مثل الحسن بن محبوب السراد, وبني فضال , ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني, ومحمد بن أورمة , وأضرابهم من أجلة أصحابنا (رضوان الله عليهم).
ثم قام غيرهم بجمع ما تفرق في هذه الكتب واستقصاء ما فات منهم وتبويبها ونظمها، فألفوا في ذلك كتب مطولة ضخمة مثل كتاب عبد العزيز بن يحيى الجلودي, والعياشي صاحب كتاب (معرفة الناقلين), وكتاب (الاشتمال على معرفة أحوال الرجال) لأحمد بن عبيد الله الجوهري , وكتاب سعد بن عبد الله الأشعري القمي ,وكتب ابن شاذان , والصدوق , وأبي غالب الزراري, وأبي العباس ابن نوح , وأبي العباس بن عقدة الذي أنهى أصحاب أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) إلى أربعة آلاف.
ولما لم يكن المخالفون على إطلاع على كل تلك الكتب وغيرها مما ضاع قالوا انه لا سلف لنا ولا مصنف .
ولأجل تعريف المخالف بتلك الكتب والمصنفات وما حوتها ألف النجاشي (رحمه الله) كتابه اتماماً للحجة ورد ذلك القول: بأنه قول من لا علم له بالناس ولا لقي أحد فيعرف منه ولا حجة علينا لمن لم يعلم ولا عرف.
والحصيلة، ان الاحتياج الفعلي لعلم الرجال ظهر بشكل أوسع بعد غيبة الإمام الكبرى، ولذلك دأب العلماء على جمع شتات ذلك العلم من الكتب المتفرقة، فالتأخير كان بسبب وجود الإمام المعصوم الذي يرفد الساحة باستمرار بالروايات الصحيحة على خلاف بقية المذاهب الأخرى فإنها لما انقطع عنها الخبر الصحيح الصادر عن المعصوم بوفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) احتاجت إلى علم الرجال منذ ذلك الزمن ! ولا يمكن أن نتصور أن ينشأ علم ويتطور إلاّ تبعاً للاحتياج لا إلى تعيير قوم على قوم.


نور الله في الارض 10-05-2013 12:19 AM

أحسنتي يا أختـنا الحوزوية
__________________________

موسوي البحراني 17-05-2013 03:24 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد

بارك الله فيكم وشكر الله سعيكم وأحسن الله لكم في جهودكم المثمرة فارجو الأعذار عن التقصير .

أخوكم موسوي البحراني
:6_172:


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:51 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024