![]() |
ما هو حديث الثقلين، و لماذا سمي بهذا الاسم ؟ يُعَدُّ الحديث المشهور بالثقلين (1)
بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صلی علی محمد وال محمد وعجل فرجهم ما هو حديث الثقلين، و لماذا سمي بهذا الاسم ؟ يُعَدُّ الحديث المشهور بالثقلين (1) من أهم الأحاديث المتواترة المروية عن النبي المصطفى (صلَّى الله عليه و آله) و من أصحها سنداً . و لقد أدلى رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) بهذا الحديث في مواطن عِدة و مناسبات شتى . هذا و قد رَوى حديث الثقلين خمسة و ثلاثون صحابياً (2)، و أخرجه الحُفَّاظ و المحَدِّثون في صِحاحِهم و مسانيدهم (3) . و هو أيضا من الأحاديث المصيرية و المهمة التي دونته عشرات المصادر السُنّية من كتب الحديث و السُنَن و التفسير و التاريخ و اللغة بصورة متواترة (4)، فضلاً عن المصادر الشيعية التي ذكرت الحديث بصورة متواترة أيضا . سبب تسمية الحديث بالثقلين أما سبب تسميته هذا الحديث بالثقلين فيعود إلى وجود كلمة " الثقلين " (5) فيه، و المراد من الثقلين هنا هو : 1. القرآن الكريم الذي هو الثِقْلُ الأكبر . 2. العترة النبوية الطاهرة أهل البيت (عليهم السَّلام) الذين هم الثِقْلُ الأصغر . نص حديث الثقلين رَوى المحدثون هذا الحديث بصيغٍ متفاوتة من حيث اللفظ، إلا أن هذه النصوص تتحد في المعنى و المضمون، و لعل السبب في هذا الاختلاف يعود إلى أن الرسول (صلَّى الله عليه و آله) هو الذي أدلى بهذا الحديث بصيغٍ مختلفة في مواطن مختلفة و مناسبات عديدة . و فيما يلي نشير إلى نموذجين من الصيغ المروية لهذا الحديث، و من أراد التفصيل و الاطلاع على الصيغ المختلفة لهذا الحديث فليراجع رسالة حديث الثقلين التي طبعتها دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة (6)، أما نصّ الحديث فهو : النموذج الأول جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خُماً بين مكة و المدينة، فحمد الله تعالى و أثنى عليه، و وعظ و ذكَّر، ثم قال : " أما بعد، ألا أيها الناس، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " فحَثَّ على كتاب الله و رغَّبَ فيه، ثم قال: "و أهل بيتي، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي" (7) . النموذج الثاني حدثنا أبو النَّضر، حدثنا محمد ـ يعني ابن طلحة ـ، عن الأعمش، عن عطيَّة العَوفي، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي (صلَّى الله عليه و آله)، قال: " إنّي أُوشكُ أن أُدعى فأُجيب، و إني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ و جَلَّ، و عِتْرَتي، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أَهْلُ بيتي، و إن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما " (8) . من هم أهل البيت ؟ عن عائشة قالت: " خرج النبي (صلَّى الله عليه و آله) غداة وعليه مِرْط (9) مرحّل (10) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: { ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (11) . و عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت { ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ... } (12) فأرسل رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال: " هؤلاء أهل بيتي " (13) . و عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي (صلَّى الله عليه و آله) قال: لما نزلت هذه الآية على النبي (صلَّى الله عليه و آله): { ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (14) في بيت أم سلمة، فدعا فاطمة و حسناً و حسيناً، و علي خلف ظهره، فجللهم بكساء، ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً " . قالت أم سلمة: و أنا معهم يا نبي الله ؟ قال: " أنت على مكانك و أنت على خير " (15) . نعم لقد صرّح الرسول (صلَّى الله عليه و آله) بمقصوده من أهل البيت و بيّن ذلك حيث قال: " إن لكلِّ نبيِ أهلاً وثِقْلاً، و هؤلاء يعني علياً و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثِقْلي " (16) . و قال (صلَّى الله عليه و آله): " مَن كان له من أنبياءِ ثِقْل فعَليّ و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثِقْلي " (17) . متى أدلى النبي (صلَّى الله عليه و آله) بهذا الحديث ؟ أدلى الرسول (صلَّى الله عليه و آله) بهذا الحديث في موارد عديدة منها : 1. بعد انصرافه من الطائف . 2. يوم عرفة في حجة الوداع . 3. يوم غدير خم . 4. على منبره في المدينة . 5. في حجرته المباركة و هو في مرضه، و الحجرة غاصة بأهلها . ما يستفاد من حديث الثقلين يمكن استخلاص نقاط كثيرة من حديث الثقلين، و فيما يلي نذكر بعض تلك النقاط : 1. التلازم و الاقتران بين القرآن و العترة الطاهرة، و هم أهل البيت (عليهم السَّلام) . 2. كما أن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فالعترة من أهل البيت (عليهم السَّلام) كذلك، فهم معصومون، و إلاّ لصدق الافتراق، و ذلك ما نفاه الرسول (صلَّى الله عليه و آله) صراحة حيث قال: " لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض " . 3. التمسك بالقرآن الكريم و العترة الطاهرة (عليهم السَّلام) معاً هو العاصم من الضلال، والضامن لعدم الانحراف عن النهج الإلهي، و لأن المراد من التمسك بالقرآن هو الأخذ بتعاليمه، فكذلك التمسك بالعترة الطاهرة من أهل البيت هو الأخذ بتعاليمهم (عليهم السَّلام) . 1) الثقلين: إذا قرأ بالتحريك " الثَقَلَين " الذي مفرده " ثَقَل " كان معناه متاع المسافر، و أما إذا قُرأ " الثّقْلَين " الذي مفرده " ثِقْل " كان معناه ضدّ الخِفّة، فيقال ثَقُلَ الشيء ثِقْلاً فهو ثَقِيل، و على هذا فمعنى الحديث هنا أن العمل بهما أي بالثِقْلَين ثَقِيلٌ . 2) تجدر الإشارة هنا إلى أن المتوقَع هو أن يكون رواة حديث الثقلين أكثر من هذا العدد بكثير كما هو واضح لمن راجع نصوص هذا الحديث الكثيرة، المختلفة من حيث اللفظ، و المتحدة من حيث المعنى، مما يدلّ على أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أدلى بهذا المضمون في مواطن كثيرة و مناسبات عدّة، و لعل السبب في انحصار عدد الرواة في هذا المقدار يرجع إلى معارضة الحكام الغاصبين لرواية هذا الحديث، و يكون نتيجةً للأعمال القمعية التي كانت تُرتكب بحق رواة فضائل أهل البيت (عليهم السلام) من قبل أؤلئك الغاصبين . 3) هذا الحديث أخرجه أكابر علماء المذاهب قديماً و حديثاً في كتبهم من الصحاح و السنن و المسانيد و التفاسير و السير و التواريخ و اللغة و غيرها، للتفصيل راجع رسالة حديث الثقلين: 5، إصدار دار التقريب بين المذاهب الإسلامية / القاهرة، طبعة، سنة: 1374 هجرية / 1955 ميلادية . 4) روى العلامة السيد مير حامد حسين الهندي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) هذا الحديث عن جماعة تقرب من المائتين من أكابر علماء المذاهب من المائة الثانية و حتى المائة الثالثة عشرة، و عن أكثر من ثلاثين رجلاً و امرأة من الصحابة و الصحابيات، يراجع: حديث الثقلين: 9، إصدار دار التقريب بين المذاهب الإسلامية / القاهرة، طبعة، سنة: 1374 هجرية / 1955 ميلادية . 5) يسمى هذا الحديث بحديث التمسُّك أيضاً . 6) يراجع: رسالة حديث الثقلين المطبوعة سنة: 1374 هجرية / 1955، ميلادية، القاهرة / مصر، فقد ذكرت الرسالة الحديث عن أربعين مصدرا من المصادر الموثوقة المعتبرة، هذا و أن العلامة السيد مير حامد حسين الهندي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) قد جمع أسناد هذا الحديث و متونه في ستة أجزاء من أجزاء كتابه المعروف بـ " عبقات الأنوار " . 7) صحيح مسلم: 4/1873، برقم 2408، طبعة عبد الباقي، و أيضا طبعة: دار احياء التراث العربي، و دار القلم، بيروت / لبنان . 8) مسند أحمد: حديث: 10707، و في هامش الكتاب الموجود على c.d الحديث الشريف، الثقلين: المراد كتاب الله و أهل بيت الرسول، عترتي: أهل بيتي، و يراجع الحديث في صحيح مسلم، إذ أخرجه في: 4 / 1873، عن زيد بن أرقم . 9) المِرْط: كساء من صوف أو خزّ أو كتان يُؤتَزر به . 10) مرحل: ضرب من برود اليمن . 11) صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بيت النبي): 4 / 1883 حديث 2424 /، طبعة بيروت . 12) سورة الأحزاب (33)، الآية: 33 . 13) الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين (كتاب معرفة الصحابة): 3/146، و قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه / طبعة: بيروت / لبنان . 14) سورة الأحزاب (33)، الآية: 33 . 15) صحيح الترمذي (كتاب تفسير القران): 5 / 351، حديث: 3105، و أخرجه في (كتاب المناقب باب مناقب أهل البيت): 5 /663، حديث: 3787 / طبعة: بيروت / لبنان . 16) مجمع البحرين: 5 / 330، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق، و المتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران / إيران 17) مجمع البحرين: 5 / 331 . |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 01:06 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025