منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى الإجتماعي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=74)
-   -   الاسرة نعمة الهية (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=212715)

خادم الشيعة 14-05-2025 08:08 PM

الاسرة نعمة الهية
 
لاحظوا ما تقول الآية الكريمة عن الرجل والمرأة وخاصّة في داخل الأسرة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾2 أي (خلق) لكم أيّها الرجال النساء، وأيّتها النساء الرجال. ﴿مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ فهما ليسا من طبيعتين مختلفتين، ولا في مرتبتين مختلفتين، هما حقيقة واحدة، وجوهر واحد وذات واحدة. بالطبع هما مختلفان في بعض الخصائص، لأنّ وظائفهما وتكاليفهما مختلفة. بعدها يقول: ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾, أي إنّ الزوجيّة واختلاف الجنس في طبيعة البشر كانت من أجل هدف كبير، ألا وهو السكون والطمأنينة. لتجدوا إلى جانب الجنس الآخر لكم وضمن إطار الأسرة - الرجل إلى جانب المرأة، والمرأة إلى جانب الرجل - السكون والطمأنينة. فبالنسبة للرجل، أن يأتي إلى

منزله ويجد جوًّا آمنًا، وامرأة لطيفة ومحبّة وأمينة إلى جانبه، لهو سبب للطمأنينة، وهكذا، بالنسبة للمرأة، أن يكون لديها رجل وملاذ تعشقه ويكون لها كالحصن المنيع - ذلك أنّ الرجل أقوى جسديًّا من المرأة - لهو من حسن الحظّ، ومصدر للطمأنينة والسعادة. هذا ما تؤمّنه الأسرة لكليهما. لكي يجد الرجل الطمأنينة يحتاج إلى امرأة في جوّ عائليّ وأسريّ، وكذا المرأة لتحصل على الطمأنينة تحتاج إلى الرجل ضمن جوّ الأسرة والعائلة. ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ كلاهما يحتاجان إلى بعضهما البعض من أجل تحصيل السكون والطمأنينة.


أكثر ما يحتاج البشر إليه هو الطمأنينة. وسعادة الإنسان تكمن في بقائه آمنًا من الاضطراب والتأزّم النفسي وفي أن يبقى متحلّيًا بالطمأنينة النفسيّة والروحيّة، وهذا ما توفّره الأسرة للإنسان، رجلًا كان أم امرأة. العبارة التالية لافتة وجميلة جدًّا. يقول تعالى: "وجعل بينكم مودّة ورحمة". العلاقة الصحيحة بين الرجل والمرأة هي علاقة المودّة والرحمة، في أن يحبّا ويعشقا بعضهما البعض، وكذلك في أن يكونا رحيمين ببعضهما. فالحبّ المترافق مع العنف ليس مقبولًا، وكذا الرحمة من دون المودّة ليست مقبولة هي الأخرى. فالطبيعة الإلهيّة للرجل والمرأة في محيط الأسرة هي طبيعة توجد فيما بينهما علاقة المودّة والرحمة: "مودّة ورحمة"1, والعامل الذي يربط الأسرة ببعضها هو عامل المحبّة2.



عليكم أن تقدّروا هذه العلاقة وتعدّوها نعمة إلهيّة وتحافظوا عليها1. إنّ كلّ ما تملكونه هو من الله ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾2 لكنّ الالتفات إلى هذه النعمة وإلى أيّ نعمة أخرى مهمّ جدًّا، فالإنسان يغفل عن الكثير من النعم3.


البعض عندما يتزوّجون لا يدركون ماذا يحدث، يشعرون وكأنّهم ذاهبون إلى ضيافة الغير. الاحتفال والدعوة (إلى العرس)، هو جوّ جديد له متعة عابرة. بعض العرسان يظنّون أنفسهم ذاهبين إلى ضيافة أحدهم، والحال أنّ الأمر ليس كذلك، فبالزواج تظهر مسؤوليّات والتزامات. حتمًا، تظهر للإنسان إلى جانب هذه الالتزامات نِعم وبركات تجعلها عذبة وجميلة4.


البعض يتزوّجون، ويحصلون على زوج جيّد أيضًا، يحيون حياة جميلة وجيّدة ولا يدركون أيّ نعمة هذه وأيّ حدث مصيريّ ومهمّ يعيشونه. وعندما لا يدركون ذلك لا يشكرون هذه النعمة، وبهذا يُحرمون من الرحمة الإلهيّة التي ينالها الإنسان بالشكر. لذا ينبغي على الإنسان أن يلتفت كم هي عظيمة هذه النعمة.


وكيف يكون شكر هذه النعمة؟ أحيانًا يشكر الإنسان بلسانه فقط ويقول: "الشكر لله" وقلبه لا يعي ما يقول وغير متوجّه إلى هذا الشكر! وهذا ليس سوى لقلقة لسان لا أهمّيّة لها. وإذا ما دعا الإنسان ربّه بهذا

الشكل، فإنّ دعاءه لن يتجاوز فاهه ولسانه ولن يجد طريقه إلى عرش الإجابة الإلهيّة. أحيانًا يكون الإنسان شاكرًا بقلبه حقيقة، وشاكرًا لله حقًّا. وهذا أمر بالغ الأهميّة، إنّه يدرك بأنّ الله تعالى قد أنعم عليه بنعمة، فيشكره واقعًا. هذا هو الشكر المطلوب، غاية الأمر، أنّه يلزمنا حين نشكر الله تعالى أن نقوم بعمل، بحركة، أن نتّخذ موقفًا على أساس هذا الشكر، حسنٌ، والآن وقد أنعم الله تعالى عليكم بهذه النعمة، ماذا عليكم أن تفعلوا؟ لم يطلب الله تعالى ويتوقّع منّا الكثير. [كأن يقول الله تعالى مثلًا] ها أنا قد أنعمت عليكم بهذه النعمة، فلتذهبوا وتؤدّوا ذلك العمل الشاقّ، لا. ما يتوقّعه منّا إزاء هذه النعمة وكلّ نعمة هو أن نتعاطى معها بشكل جيّد، وهو ليس بالمطلب الصعب. بما أنّا أنعمنا عليك بهذه النعمة، فلتحسن التعامل معها وإزاءها. وهذا التعامل الجيّد في الإسلام قد عُيِّن كخُلقٍ وشعارٍ للأسرة، أن كيف ينبغي لك أن تعيش لتكون هذه الحياة جيّدة. بالطبع، لقد بُيّنت (هذه المطالب) في الكتب، ورُدّدت على الألسن، أكتفي هنا بعرض بعضها1.


التوصية الأولى لي هي أن نعدّ ظاهرة تشكيل الأسرة ظاهرة مهمّة وعظيمة2. ينبغي إيلاء الأهميّة بالنسبة للبيت، ولا يمكن تصوّر الإنسان من دون بيت ومأوى. كلّ إنسان يحتاج إلى البيت وجوّ البيت. وروح جوّ البيت عبارة عن الأسرة، علينا إيلاء الأهمّيّة لهذا الأمر.


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:36 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025