![]() |
العقـل ثُمّ الحُـب
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعرف ما الذي دفعني للحديث عن دوحة الحُب هذه الدوحة الجميلة الرائعة ، والتي نتنفّس مِن خلالها ونعيش في رحابها ، ونجني مِن خمائلها ونشتم مِن عبيرها ، ونستنشق مِن عبقها . لقد حمل الأنبياء رسالة الحُب والخير للبشريّة ، ودعَوا إلى المحبّة والتسامح والمؤاخاة وإلى الإيثار والتضحية في سبيل الآخرين . فمن لحظة خروجنا للحياة نلتمس مَحبّة مَن حَولنا ، ونرتجي الأمان والعطف والرحمة منهم ، ونأنس بحَنانهم ونَسعد بابتسامتهم واهتمامهم بنا . وعندما نكبر ويزيد وعيُنا قليلاً نتمنّى رضاهم عنّا ، ونتربّى حسب ما يُرضيهم عنّا ، بل نسرع لتلبية ما يطلبوه منّا ونحن في غاية السرور . إذن فأوّلُ ما نحتاجه هو رضاهم ومحبّتهم وعطفهم . فجميع الأطفال تُحب الحياة طالما تحقّقت لهم هذه المطالب والاحتياجات الأساسيّة ، ولكن بعضهم لا يتلقّى العطف والمحبّة والحنان الكافيين ، فينشأ ولديه حاجات لم تُشبع فيحاول طوال عمره إشباعها وقد لا يُفلح في ذلك . وكما أنّ البعض منهم يتلقّى القسوة منذ صِغره ، فيكبر وهو حاقد على المجتمع، وقد يؤدي ذلك إلى انحرافه ، أو ينتقم مِن أولاده ويُعيد الكرّة ويُذيقهم ما قد تذوّقه وما قد عاناه فالظلم يُورَّث للأبناء . وما أحببت الحديث عنه هو حاجتنا للحب ولكن مِن جهتين مُختلفتين : أولاُ حاجتنا لأن نكون محبوبين مِن قِبل الآخرين وثانياً حاجتنا لأن نجد مَن نحبّه وما نحبّه . وقد يظن البعض بأنّ الحاجة الأولى أكثر إلحاحاً مِن أن نجد مَن نحبّه ! ولكن الواقع على العكس تماماً والمثال بسيط . . . فكَم مِن الفتيات يتضايقن مِن محبّة بعض الشباب لهم ، مع أنّ الكثير مِن الشُبّان يكونوا صادقين في مشاعرهم . بل تُحب الفتيات مَن يُعجبهنّ ، ولا تكتمل المحبّة إلا عندما تُصبح محبّةً متبادلة . أي يجب أن يحمل الشاب مِن الصفات التي تروق للفتاة لكي تَسعد بحبّهِ . وحتى الآن قد يبدو للبعض أنّ الحديث مألوفاً ولم يأتِ بجديد ! فلنتابع الغوص في خمائل هذه الواحة الدافئة التي لا غنىً لنا عنها . ولنسأل هذا السؤال : ما الذي يشدّنا أحياناً لمتابعة مسلسلات الغرام والقصص العاطفيّة أو قراءة المواضيع التي تتحدّث عن الحب والمشاعر ، حتّى ولو كانت فيها مشاعر الحزن والأسى والمعاناة ؟ السبب الأول والأهم هو أنّنا بحاجةٍ للحُب ، حتى ولو كنّا متزوجين وسعداء في حياتنا وذلك لأنّ الحُب احتياج جميل . . . لا يمكن أن نرتوي منه مهما نهلنا منه . . . ولأنّه بحد ذاته سعادة ليس لها حدود ، كما أنّنا نحب أيّ موقف يحرّك فينا مشاعرنا وأحاسيسنا ، حتى ولو كان أحياناً فيه شيء مِن الحُزن . . . وأجمل ما يميّز الإنسان هو عقله ومشاعره ، والإنسان بلا مشاعر يُصبح كالآلة . بل نبحث عن مشاهد ومواقف الحُب العنيف الدافئ عن الحُب الكبيرالجامِح الصادق الحنون نبحث عن المشاعر المتأجّجة و الأحاسيس الملتهبة نبحث عن الود الجميل والوفاء العميق والغرام الملتهب الغامر نبحث عن الانفتاح على سعادة لا نهاية لها ، وعن أحاسيس تُدرك ولا توصف . أي أنّنا نُحب لكي نسعد ونلبّي نداء حاجة أساسيّة في نفوسنا . فكلُّ واحدٍ منّا لديه مشاعر يبحث عمّن يهبها له وذلك لكي نشعر بالفرحة بالسعادة . ولنتطرّق الآن إلى موضوع المراهقات وكيفيّة إشباع هذه الحاجة الماسّة . الكثير مِن الفتيات تبحث عن الوسامة والأناقة والترتيب والغنى والحسَب عند الشاب. وهذا شيء طبيعي ومنطقي تماماً ويتوافق مع الذوق والحس السليم . ولكن البعض منهن يغفلن عن مضمون هذا الشاب وعن دينه وخُلقه وعن عاداته وبيئته وأصله . وهنا تقوم الكثير منِ الأمهات الملتزمات بالبحث عن هذه المطالب الهامّة ، وتوجّه بناتها إلى استخدام العقل قبل الإندفاع وراء المظاهر والعواطف . وهذ ما أحببت الدعوة إليه والتذكير به . كما يجب تنبيه الفتيات إلى مَن حولهن مِن الشباب سواءً مِن الجيران أو الأقارب أو زملاء الدراسة وإلا فإن تُركت هذه الفتيات بدون توجيه أو مُراقبة ، فستفتح قلبها لأوّل شاب يحاول التقرّب منها أو يملأ عينها بمظهره وأناقته أو وسامته بغض النظر عن مضمونه . وبالنتيجة كما ورد في عنوان الموضوع فعلينا الرجوع للعقل والشريعة قبل أن نشبع حاجتنا للحُب فالعقل ثمّ الحُب . وأمّا بالنسبة لنا نحنُ كمؤمنون فعلينا أن نوجّه مشاعرنا واهتماماتنا وأخلاقنا بما يتناسب مع الحقّ والعدل والخير ، فيكبرُ في نظرنا أهل الحقّ والعدل والمبادئ السامية ، فنودّهم ونتشبّه بهم . وهل مِن مثال أوضح مِن محبّة الحُسين صاحب المبادئ والقيم العالية والمآثر الخالدة . . . فكما جاء في الحديث الشريف : { أحَبَّ اللهُ مَن أحَبّ حُسيناً } فعلينا مَوَدّة أهل البيت عليهم السلام كما توصي به الآية الشريفة ، وهذا يعني أن نُحبّهم ونتبعهم وهم أهل الحق الذين يدورون حيث دار . كما أنّ اتباع الرسول الأكرم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام بما جاء به من الحقّ والهُدى والرحمة ، هو أفضل وسيلة لكي يحبّنا الله ونرتقي في ساحة رضوانه : { قُل إن كنتم تُحبّون الله فاتبعوني يحببكمُ الله ُ } فلكي يرتقي المؤمن نحو خالقه ، لا بد له مِن الإعراض عن المَتاع الزائل والشهوات المادّية ويتّجه نحو النور والكمال والقداسة ، ويسأل اللهَ بقلبٍ خاشعِ أن يهبه لسان صِدق ٍ . . . ويطمع أن ينال قَدَم صدقٍ . . . في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مُقتدر : { والذين آمنوا أشدُّ حُبّاً لله } والحمد لله ربّ العالَمين |
شكرا يا حسن عالموضوع الجدا حساس
وراقي .. صحيح ..أن العقل ثم الحب.. مودتي.. |
تسلم أخوي على الموضوع وصدقت فعلا في كل ما طرحت والله جميل ويحب الجمال وقال ايضا النبي صلى الله عليه واله وسلم من أتاكم ترضون خلقه ودينه فزوجوه وقال الكريم ( خذوهم فقراء الله يغنيهم) والحب نبض القلوب وقليل من القلب وكثير من العقل |
جميل جدا
مشكور اخي الكريم |
شكرا جزيلا
|
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 09:58 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025