عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية بو هاشم الموسوي
بو هاشم الموسوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 46821
الإنتساب : Dec 2009
المشاركات : 437
بمعدل : 0.08 يوميا

بو هاشم الموسوي غير متصل

 عرض البوم صور بو هاشم الموسوي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : بو هاشم الموسوي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي شرح الشيخ وحيد الخرّاساني(دام ظلّه الشّريف) للحديث الشريف
قديم بتاريخ : 21-01-2010 الساعة : 06:37 PM


شرح
آية الله العظمى الشيخ وحيد الخرّاساني
(دام ظلّه الشّريف)


قال : الشيخ وحيد الخراساني، منهاج الصالحين، ج 1 / ص 206 - 214

إن كل جملة في هذه الخطبة الشريفة تحتاج إلى شرح مفصل، ونكتفي في هذا الموجز ببيان بعض النقاط منها :

(أ) جعل الإمام (عليه السلام) موضوع خطبته أئمة الهدى، لوضوح ضرورة وجود الإمام للأمة { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } (1). وإمام الأمة لابد أن يكون إمام الهداية ، كما قال الله تعالى : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا} (2) . {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} (3).
ومعرفة إمام الهداية يتوقف على معرفة الهداية، ومعرفة الهداية تحتاج إلى التدبر في آيات الكتاب الواردة في هذا الموضوع ، التي تزيد على المأتين وتسعين آية، ولا يتسع هذا الموجز لشرحها. وذلك أن الهداية كمال الخلقة { قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى } (4) { سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى } (5)، وهداية كل مخلوق تناسب خلقته، ولما كان الانسان مخلوقا في أحسن تقويم فهدايته أعلى مراتب كمال الخلق. وقد بين الإمام (عليه السلام) عظمة مقام الإمامة حيث وصف الأئمة بأنهم (أئمة الهدى)، بل أوضح لأهل النظر والتعمق ما للإمام من الخصائص، وما لهذا الملزوم من لوازم. ثم شرع الإمام بعد الاجمال بالتفصيل، فبين موقع الإمام من الدين الإلهي، وأن الإمام هو المبين لأصول الدين وفروعه، لأن الله تعالى لم يوكل تفسير دينه إلى آراء الخلق المعرضة للخطأ والاختلاف، لأن الخطأ والاختلاف في الدين آفتان تنقضان الغرض من تشريعه، وتدخلان الأمة في ظلمات الضلال. بل لم يترك الله تعالى نقطة غموض ولا إبهام، حول أصول دينه وفروعه، إلا أوضحها بأئمة الهدى، كما قال الإمام (عليه السلام) : ( إن الله عز وجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه ).

(ب) الانسان بمقتضى فطرته يبحث عن خالقه تعالى ، وهذه الفطرة لا تنال مقصودها إلا بأن تجد الطريق إلى الله، الذي هو الدين القويم والاستقامة عليه {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} (6).
وبما أن عوامل الانحراف عن دين الله تعالى موجودة في كل عصر، من خطأ الانسان وهواه، وقطاع طريق الله من الجن والإنس { ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } (7)، { اشتروا بأيت الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون } (8) فكان من اللازم وجود إمام ليتحقق به الغرض من تكوين هذه الفطرة - وهو الوصول إلى الله - ومن تشريع الصراط المستقيم - وهو الدين والسبيل إلى الله -
قال (عليه السلام ) : " وأبلج عن سبيل منهاجه ".

(ج) الغرض من خلق عقل الانسان الوصول إلى حقيقة العلم والمعرفة، والإنسان يستدعي بلسان جبلته وخلقته من واهب العقل والإدراك ويناجيه : إلهي أرني الأشياء كما هي، وعرفني نفسي، وأنها من أين، وفي أين، وإلى أين.
وتعطش الإدراك الإنساني لا يرتفع إلا بالوصول إلى عين الحياة من العلم الإلهي، وإلا فإن عاقبة الفلسفة البشرية أيضا حيرة الكمل، بأن يعلموا أنهم لا يعلمون. لهذا كان من الضروري وجود انسان له الطريق إلى عين الحياة وينابيع العلم والحكمة، ليروي بيده العطاشى إلى الحقيقة، فيتحقق بذلك الغرض من خلق العقل والإدراك ، كما قال الإمام (عليه السلام) في النص المعتبر (من زعم أن الله يحتج بعبد في بلاده، ثم يستر عنه جميع ما يحتاج إليه، فقد افترى على الله ) (9).
نعم إن الظن بأن الله جعل إنسانا حجة على العباد، ثم يحجب عن حجته ما يحتاج إليه العباد ولا يعلمه، افتراء على الله تعالى نشأ من عدم المعرفة بالعلم والقدرة والحكمة غير المتناهية، ومن هنا قال : " وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ".

( د ) ( وألبسه تاج الوقار ) تاج الوقار الذي على رأس الإمام (عليه السلام) هو العلم والقدرة، فعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في جواب من سأله عن علامة الإمام فيما هي؟ قال :
" في العلم، واستجابة الدعوة " (10)، وذلك أن منشأ الاضطراب والخفة في الانسان هو الجهل والعجز، وبما أن الإمام معلم لكتاب الله - وهو لا يفارقه بنص حديث الثقلين - والكتاب تبيان لكل شئ - بمقتضى قوله تعالى : { ونزلنا عليك الكتب تبينا لكل شئ } (11) - فلا يعزب عنه علم من العلوم التي في الكتاب الإلهي.
وتستفاد هذه النكتة من الحديث المعتبر : عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) ، قال : " كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطي من العلم ، وما أوتي من الملك ، فقال لي : وما أعطي سليمان بن داود؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، وصاحبكم الذي قال الله : قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب وكان والله عند علي علم الكتاب فقلت : صدقت والله ، جعلت فداك " (12).
والإمام - بارتباطه بأمر الله - صاحب الدعوة المستجابة ، وبهذا العلم والقدرة تلبس بتاج الوقار .

(ه‍) ( وغشاه من نور الجبار ) أضيف النور إلى الاسم المقدس : " الجبار " والمضاف إلى كل اسم من الأسماء الإلهية يكتسب خصوصية ذلك الاسم بمقتضى الإضافة. والله جبار يجبر كل انكسار " يا جابر العظم الكسير " (13). وقد غشي الإمام من نور الجبار لكي يجبر كل كسر ونقص يلحق بالإسلام والمسلمين .

( و) ( أئمة من الله ، يهدون بالحق ، وبه يعدلون ). الإمام هو الانسان المختار من الله تعالى، والمصطفى باصطفائه، والمجتبى باجتبائه للإمامة والقيادة، ولذا عندما يتوفى إمام ينصب الله مكانه إماما آخر ليكون علما للخلق، ومصباحا لهدايتهم، وهاديا نيرا، وقائدا قيما، وحجة عالما، لكي يتحقق الغرض من خلقة الانسان وبعثة الأنبياء (عليهم السلام)، ذلك الغرض الذي يتلخص في كلمتين هما : الهداية بالحق، والعدالة بالحق، وهما عصارة الحكمة النظرية والعملية، ومنتهى كمال العقل والإرادة الانسانية.
وتحقق هذين الأمرين إنما يكون بواسطة العقل الذي يعرف الأشياء كما هي، والإرادة التي تقوم بكل عمل كما ينبغي. وهذا هو مقام العصمة العلمية والعملية ، ولهذا قال (عليه السلام) : (أئمة من الله ، يهدون بالحق، وبه يعدلون).

(ز) ( اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه ). الإمام هو الذي صنع الله جوهرة وجوده على يمين عرشه، ورباه على عينه، ووهبه الحكمة في علم الغيب المكنون عنده، الذي لا سبيل لأحد إليه
{ إلا من ارتضى من رسول } (14).
وفي هذه النشأة كان من حيث النسب من الخيرة من ذرية نوح، والمصطفين من ذرية إبراهيم، والمنتخبين من سلالة إسماعيل، والصفوة من ذرية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). جسمه مبرأ من العيوب، وروحه معصومة من كل زلل، مصونة من كل ذنب. وقد طرد إبليس الذي قال : { فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين } (15) عن ذاته المقدسة بالعزة التي حصلت له في ظل عبودية الله { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } (16).
وقد دل بقوله (عليه السلام) : ( وصار أمر الله إليه من بعد ) على أن أمر الله ينتقل من الإمام السابق إلى اللاحق، وذاك الأمر هو الذي جاء في الحديث الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال : (إن الله واحد متوحد بالوحدانية، متفرد بأمره، فخلق خلقا فقدرهم لذلك الأمر، فنحن هم يا ابن أبي يعفور، فنحن حجج الله في عباده، وخزانه على علمه، والقائمون بذلك ) (17) .
(ح) ( وأيده بروحه ) الروح التي أيد الله بها الإمام فسرها الحديث الصحيح عن أبي بصير قال : " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ، قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، لم يكن مع أحد ممن مضى ، غير محمد صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة يسددهم ، وليس كل ما طلب وجد " (18) .

(ط) ( وآتاه علمه ) في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن لله علما لا يعلمه غيره، وعلما قد أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه، ثم أشار بيده إلى صدره (19).
(ي) ( واستودعه سره ) في صحيحة معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : (لا يقدر العالم أن يخبر بما يعلم، فإن سر الله، أسره إلى جبرئيل (عليه السلام) ، وأسره جبرئيل (عليه السلام) إلى محمد
(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأسره محمد صلى الله عليه وآله وسلم) إلى من شاء الله ) (20).

(ك) ( رضي الله به إماما لهم ) لا شك أن الأمة تحتاج إلى إمام، وأن الإمام يجب أن يكون مرضيا من الله تعالى، لكن من هو الإمام المرضي من الله؟ إذا كان الله، من العلم والجهل، يرضى العلم { قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون } (21)، ومن السلامة والآفة، يرضى السلامة { يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام } (22)، ومن الحكمة والسفاهة، يرضى الحكمة { يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا } (23)، ومن العدل والفسق، يرضى العدل { إن الله يأمر بالعدل والأحسن } (24)، ومن الحق والباطل، يرضى الحق { و قل جاء الحق وزهق البطل إن البطل كان زهوقا } (25)، ومن الصواب والخطأ، يرضى الصواب { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوبا } (26)، فالذي يرضاه الله إماما للأمة، لابد أن يتصف بالصفات المرضية عنده سبحانه، ومنها العلم، والعدل، والسلامة، والحكمة، والصواب، والحق والهداية.
ومن جهة ثانية ، نرى أن اختيار الأحسن محبوب لله تعالى {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} (27)، وأنه تعالى يأمر بالأخذ بالأحسن { وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } (28)، ويأمر بقول الأحسن
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} (29)، ويأمر بالمجادلة - في موضعها - بالأحسن { وجدلهم بالتي هي أحسن } (30). وعند لزوم الدفع والرد، يأمر بالرد بالأحسن {ادفع بالتي هي أحسن} (31)، وأنه تعالى يجازي بالأحسن { ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (32)، وأنه ينزل أحسن الحديث {الله نزل أحسن الحديث} (33).
فهل يعقل أن يختار للإمامة غير الأحسن، والأكمل، والأفضل، والأعلم، والأعدل . . وغير من هو جامع الصفات الحميدة المذكورة في الحديث ثم، مع أن الأمر باتباع الأحسن يستلزم كون الأحسن متبوعا لغيره، فكيف يعقل أن يرضى بإمامة غير الأحسن ومتبوعيته {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} (34) .
ولهذا قال (عليه السلام) : ( وانتدبه لعظيم أمره ، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم ).
-------------

(1) سورة الإسراء : 71
(2) سورة السجدة : 24
(3) سورة الرعد : 7
(4) سورة طه : 50
(5) سورة الأعلى : 1 ، 2 ، 3
(6) سورة يوسف : 108
(7) سورة الأنعام : 153
(8) سورة التوبة : 9
(9) بصائر الدرجات ص 123 الجزء الثالث نادر من الباب ح 4
(10) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 2 ص 200 باب 46 ح 1
(11) سورة النحل : 89
(12) بصائر الدرجات ص 212، الجزء الخامس، باب ما عند الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم.
(13) تفسير العياشي ج 2 ص 198 ح 88 ( سورة يوسف )، مصباح المتهجد ص 228
(14) سورة الجن : 27
(15) سورة ص : 82 - 83
(16) سورة الحجر : 42
(17) الكافي ج 1 ص 193
(18) الكافي ج 1 ص 193
(19) بصائر الدرجات : الجزء الثاني ص 110 ، باب 21 في الأئمة أنه صار إليهم . . . ح 5
(20) بصائر الدرجات : الجزء الثامن ص 377 باب 3 في الأئمة أن عندهم أسرار الله ح 3 .
(21) سورة الزمر : 9
(22) سورة المائدة : 16
(23) سورة البقرة : 269
(24) سورة النحل : 90
(25) سورة الإسراء : 81
(26) سورة النبأ : 38
(27) سورة الزمر : 18
(28) سورة الأعراف : 145
(29) سورة الإسراء : 53
(30) سورة النحل : 125
(31) سورة المؤمنون : 96
(32) سورة النحل : 79
(33) سورة الزمر : 23
(34) سورة المائدة : 50


من مواضيع : بو هاشم الموسوي 0 الإمام الحجّة بن الحسن (ع) يحارب التصوّف
0 الإمام الحجّة بن الحسن (ع) يحارب التصوّف
0 هويّة شيعة فاطمة الزّهراء عليها السّلام
0 لقاءات مع إمام زماننا الحجّة بن الحسن (ع)
0 لقاءات مع إمام زماننا الحجّة بن الحسن (ع)
التعديل الأخير تم بواسطة بو هاشم الموسوي ; 21-01-2010 الساعة 06:46 PM.

رد مع اقتباس