عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 05:48 PM


الجمعة السابعة والعشرون 24 جمادي الثاني 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم، توكلت على الله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله جميعا والشكر من الله لكم وليس مني لانكم تجشمتم الصعوبة في سبيل اقامة شعائر الله والدفاع عن الحق فجزاكم الله خير جزاء المحسنين.
انا انصحكم، انه بعد الصلاة تبقون في اماكنكم، لا يغادر احد حتى تصلو ركعتين، شكرا لله على نهاية السنة الاولى لصلاة الجمعة، وبدأ السنة الثانية لصلاة الجمعة. فان انتهت صلاة الشكر، فتفرقوا جزاكم الله خيرا.
وانا سوف افتتح السنة الثانية لصلاة الجمعة المقدسة، بدعاء الافتتاح، كما فعلت في مناسبة سابقة. وانتم بعد كل فقرة قولوا يا الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني افتتح الثناء بحمدك (يا الله)، وانت مسدد للصواب بمنك (يا الله). وايقنت انك انت ارحم الراحمين (يا الله)، في موضع العفو والرحمة (يا الله)، واشد المعاقبين (يا الله)، في موضع النكال والنقمة (يا الله)، واعظم المتجبرين (ياالله)، في موضع الكبرياء والعظمة (يا الله). اللهم اذنت لي في دعائك ومسألتك (يا الله)، فاسمع يا سميع مدحتي (يا الله)، واجب يا رحيم دعوتي (ياالله)، واقل يا غفور عثرتي (يا الله)، فكم يا الهي من كربة قد فرجتها (ياالله)، وهموم قد كشفتها (يا الله)، وعثرة قد اقلتها (يا الله)، ورحمة قد نشرتها (يا الله)، وحلقة بلاء قد فككتها (يا الله) .
الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا (يا الله)، ولم يكن له شريك في الملك (يا الله)، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا (يا الله). الحمد لله بجميع محامده كلها (يا الله)، على جميع نعمه كلها (يا الله)، الحمد لله الذي لا مضاد له في ملكه (يا الله)، ولا منازع له في امره (يا الله)، الحمد لله الذي لا شريك له في خلقه (يا الله)، ولا شبه له في عظمته (يا الله). الحمد لله الفاشي في الخلق امره وحمده (يا الله)، الظاهر بالكرم مجده (يا الله)، الباسط بالجود يده (يا الله)، الذي لاتنقص خزائنه (يا الله)، ولا تزيده كثرة العطاء الاجودا وكرما (يا الله)، انه هو العزيز الوهاب (يا الله).
اللهم صل على محمد عبدك، ورسولك، وامينك، وصفيك، وحبيبك، وخيرتك من خلقك، وخليلك من خلقك، وحافظ سرك، ومبلغ رسالاتك، افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى، واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من خلقك وانبيائك ورسلك وصفوتك واهل الكرامة عليك من خلقك. اللهم وصل على علي امير المؤمنين، ووصي رسول رب العالمين، عبدك ووليك واخي رسولك وحجتك على خلقك، وايتك الكبرى والنبأ العظيم. وصل على الصديقة الطاهرة، فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين. وصل على سبطي الرحمة، وامامي الهدى الحسن والحسين، سيدي شباب اهل الجنة . وصل على ائمة المسلمين، علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف الهادي المهدي، حججك على عبادك، وامنائك في بلادك، صلاة كثيرة دائمة. اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل، والعدل المنتظر، وحفه بملائكتك المقربين، وايده بروح القدس يا رب العالمين. اللهم اجعله الداعي الى كتابك، والقائم بدينك، استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله، مكن له دينه الذي ارتضيته له، ابدله من بعد خوفه امنا، يعبدك لا يشرك بك شيئا. اللهم اعزه واعزز به، وانصره وانتصر به، وانصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا يسيرا، واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا. اللهم اظهر به دينك، وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة، تعز بها الاسلام واهله، وتذل بها النفاق واهله، وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك، والقادة الى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة. اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه، وما قصرنا عنه فبلغناه.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
طبعا هذا اليوم هو الذكرى السنوية الاولى لحصول صلوات الجمعة في وسط العراق وجنوبه، وانتشارها بهذا المقدار المركز الشريف واللطيف، وذلك كله بفضل الله سبحانه وتعالى، وهمة المؤمنين المخلصين، جزاهم الله خير جزاء المحسنين.
ونحن بالرغم من اننا قاصرون عن اداء شكر الله حق شكره، وحمده حق حمده، وطاعته حق طاعته، واداء حقه حق اداءه. ولكن لا بد من اداء البعض اذ كان الجميع متعذرا. فنؤدي حمده وشكره مع الاعتراف بالقصور والتقصير، وبالتضييع والتبذير، والاعتراف بانه جل جلاله اعطانا اكثر من استحقاقنا، ومنّ علينا اكثر من توقعنا، وقد قال جل جلاله: ((لئن شكرتم لازيدنكم وان كفرتم ان عذابي لشديد)) ونحن نتوقع المزيد من مننه، والكثير من الطافه الخاصة والعامة جل جلال المعطي.
فله الحمد عدد ما في علمه، وزنة عرشه، ومليء كونه، ومداد قلمه، وعدد ما احاط به علمه، ووسعته قدرته، وشملته ارادته. وله الحمد عدد الحصى والنوى، وعدد ما في الدنيا والعلى. وله الحمد عدد انفاس الخلائق، وعدد اوراق الشجر، وعدد ضياء الشمس والقمر، وعدد كل شيء، وملء كل شيء، وزنة كل شيء. وله الحمد والشكر اكثر مما احصاه العادون، واحاط به الاولياء والعالمون. حمدا يدوم ببقاءه، ويتصل آخره باتصال ملكه، حمدا عدد نعمه التي لا تحصى، والائه التي لا تجارى، وافضاله الذي لا يبارى، حمدا لا ينقطع عدده، ولا يفنى امده، ولا يحصى رفده، جل جلاله، ودام افضاله، ولا حد لسلطانه، ولا محصي لنعمه والائه.
الان نحاول ان نستفيد العبرة من هذه التجارب الدينية والاجتماعية، التي حصلت من خلال صلاة الجمعة في هذا العام، فان لكل شيء عبرة وموعظة، مهما كان قليلا او كثيرا، كما قال تعالى ((وكأين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)). واذا كان الامر مهما، كانت عبرته اكثر وتجاربه اعمق لا محالة، وكان اولى بالتذكر والاعتبار. ولئن جعلنا هذه التجارب مرقاة وانشاء الله نجعلها مرقاة، الى رضاء الله تعالى، ومقدمة للمزيد من عبادته، كان افضل مما اذا اخذنا الفائدة الدنيوية فقط، والتي لعل فيها خسران الدنيا والاخرة ((ذلك هو الخسران المبين)). فما هي العبرة ؟
اولا: العزة والشرف والرفعة الاجتماعية والدينية. التي حصلت للمذهب في كل العالم عامة، وفي العراق خاصة. ورفع ما كان من ذلة وقنوط، وخنوع واقتصار على الملاذ الشخصية، والارزاق التجارية والاسرية.
ومن هنا يمكن ان نلاحظ ان ما حصل هنا، (بهذه صلاة الجمعة الملتزمون بها جميعا انشاء الله) ما لم يحصل على مدى التاريخ لاي احد. وامامنا الان ايران، فانهم حين اقاموا صلاة الجمعة، نعم ما فعلوا، ولكن لم تكتسب اقامتها هذه الاهمية التي رايناها هنا في العراق، بالرغم من وجود دولتهم وحوزتهم، وانما نظر اليها العالم هناك كعبادة اعتيادية حصلت قناعة اعتيادية من قبلهم باقامتها.
واما هنا فكانت فتحا مبينا لا مثيل له، كما قال تعالى: ((انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السموات والارض وكان الله عليما حكيما ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما (القرآن ينطبق دائما. افهموه من زاوية ما هو موجود الان) ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا ولله جنود السموات والارض وكان الله عزيزا حكيما انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما)).
ولك ان تفهم هذه الايات الكريمات كما شئت، ولكني اقول انها تنطبق على مقامنا هذا انطباقا عاليا وجليلا، فله الحمد والمنة.
ثانيا: ان الذي حصل خلال هذه السنة المباركة، هو ما قلته خلال هذه السنة عدة مرات، والفضل لله سبحانه وحده، يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ولكن إذا نظرنا الى الاسباب، فقد فتحت افواه جماعة من الخطباء (قد يصلون الى السبعين من خطباء الجمعة) في الموعظة والارشاد والترغيب والترهيب والتذكير بالامور الدينية والفقهية، بشكل يجب على الاخرين حظورها والاصغاء اليها. وهذا مما لا يحدث في سائر المواعظ، إذ قد لايتيسر للكثيرين مجرد الحضور، وقد لا يستمعون الكلام، اما عمدا، أو غفلة في اي خطبة، أو قصيدة، أو تعزية، أو حفلة، وانواعها وغيرها بخلاف صلاة الجمعة من هذه الناحية، نظيفة من جميع الجهات.
وتكون نتيجة ذلك هو زيادة الموعظة، والتثقيف الديني، والدخول إلى النفوس والقلوب. فحيا الله خطباء الجمعة، الذين جاهدوا وافادوا. وحيا الله الحاضرين المخلصين في كل مكان وزمان. وليس عليّ شكرهم، بل على الله الحليم الكريم.
ثالثا: انه قالت جماعة من الحوزة، ولعلها لازالت تقول: (ان اقامة صلاة الجمعة فتنة). وانما الفتنة هم الذين فتحوها، باصرارهم على عدم الحضور، ولو حضروا، لكان الانتصار اكثر، واتحاد الحوزة والمذهب اكثر. حتى انني قلت، انه بغض النظر عن السلاح، فاننا نستطيع عندئذ من الناحية المعنوية ان نواجه اسرائيل نفسها، (هناصاح المصلون اللهم صل على محمد وال محمد)، ونقول لها كلا ثم كلا، ارجعي من حيث اتيت.
فهم بعدم حضورهم، قد القحوا الفتنة، واوجدوها ونصروا اعداء الدين والمذهب، مع شديد الاسف، من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
ويوجد هناك نص واضح في ان صلاة الجمعة ليست فتنة في مصدر رئيسي من مصادرهم، وهو احد اجزاء كتاب المستند للشيخ مرتضى البروجردي (قدس الله روحه)، وهو من تقريرات اية الله الخوئي (قدس الله روحه)، انقل لكم بعض عباراته التي تخص هذا الامر باختصار:
قال في الجزء الاول ص 32 بلسان من ينفي صلاة الجمعة، فيورد على ذلك عدة ادلة بعنوان نفي صلاة الجمعة، ويردها ويناقشها. يقول: (الرابع: انه يقول الخصم _لو صح التعبير_ ان ايجاب مثل هذا الحكم في زمن الغيبة مثار للفتنة وموجب للهرج والمرج، فلا يظن بالشارع الحكيم تشريعه). إلى ان يقول: (بل موجب لاختلال النظام، لتشاح النفوس في طلب الرئاسة والتصدي لمقام الامامة، فربما يؤدي إلى التشاجر والنزاع بين المسلمين، لانتصار اهل كل محلة لامامها، وقد ينجر إلى القتل).
ويجيب على هذا الوجه بعدة ايرادات، منها: (ان هذا التقرير على تقدير تسليمه، فانما يجدي لنفي العينية (يعني القول بالوجوب العيني لصلاة الجمعة) لا اصل المشروعية ولو تخييرا (يعني بينها وبين صلاة الظهر)، فان الوجوب التخييري لا الزام، فيه فلا يتضمن الفتنة لامكان التخلص منها لوجود المندوحة).
ومنها: (ان الفتنة ممنوعة من اصلها حتى على القول بالوجوب العيني، فان من قدم للامامة اما ان يرى غيره اهلا لاستجماعه للشرائط، اولا. فعلى الاول يجب عليه الائتمام به ولا حزازة فيه، وان كان دونه في المقام، فقد حث الشارع على التواضع ومجاهدة النفس، وحذر عن الانانية والكبر. وقد شاهدنا بعض زهاد العصر يأتم خلفه جم غفير من الجهابذة والاساطين وهم افقه منه واعظم شانا بمراتب غير قليلة …) إلى اخر ما قال.
والمهم انه إذا كانت مصادرهم الرئيسية تقول بعدم تحقق الفتنة، فماذا ولماذا هم يقولون بها ؟
رابعا: من النتائج التي حصلت والعبر التي حصلت بصلاة الجمعة، الشجاعة التي حصلت في الحوزة الشريفة من ناحية، وفي كثير من طبقات الناس جزاهم الله خير جزاء المحسنين، بل يمكن القول انها وجدت حتى في خصوم السيد محمد الصدر. وقد وصلت اليهم هذه الشجاعة من حيث لا يعلمون وكثير من هذه الامور وصلت اليهم وهم لا يعلمون. امثل لكم بمثالين:
المثال الاول : انه كان الاسلوب الاساسي هو التقليل من الدرس في الحوزة، واعتبار اكثر ايام السنة عطل، حتى لا يكاد يصل عدد ايام الدراسة الى ثمانين او تسعين يوم في السنةكلها، ولكن حينما جاء السيد محمد الصدر الى المرجعية، واصر على تكثير عدد الدروس، وجدنا ان سائر المراجع يكثرون من دروسهم، حتى انه كان المتعارف عدم البدء يوم السبت بعد التعطيل. وهذا كانه من الضروريات في الحوزة، ربما ان جملة منكم لم يسمع به، فكان ممنوعا في الحوزة الى عهد قريب الشروع يوم السبت بعد العطلة، والذي الغاه السيد محمد الصدر. فالان نجد ان كل المراجع او اغلبهم قد الغوه.
المثال الثاني : اني قبل حوالي اربع سنوات، وضعت لوحة للاعلانات في البراني، موجودة الى الان، وقد اثار ذلك في حينه موجة من الاحتجاج، حتى من قبل بعض خاصتي في ذلك، الحين وليسوا هؤلاء، بل كان غيرهم، على انه لا توجد عند المراجع، وغير مناسبة لك، واصررت على استمرارها. والمهم انني بعد عدة سنوات، زرت احد المراجع، فوجدت لوحة اعلانات معلقة على جداره في برانيه.
اذن فكثير من الامور من المصالح التي يراها المجتمع ضرورية وحيوية بعد ان كانت منسية ومطمورة ومنها الشجاعة، وانه لا حاجة للتقية المكثفة، والخوف المتزايد، بعد وضوح ان كثيرا من الامور فيها مصالح اكيدة، وليس فيها نقاط ضعف من هذا القبيل اكيدا، اذن فلا يرفضها، او يتجنبها، الا المدخول في عقله، ولوكانت للمصلحة الشخصية، اذن لبادر اليها واسرع اليها، ولكن المصلحة العامة لا يهتم بها مع شديد الاسف.
ومن بوادر الشجاعة، ما حصل هنا في مسجد الكوفة وغيره، من الهتافات والاهازيج، وكنت انا اعتبرها بصراحة نصرا للدين، وعزا للمذهب، كما هي كذلك جزى الله قائليها خيرا، الا اننا حينما ظهر لنا ان مضاعفاتها المحتملة، التي قد تعود بالمفسدة على الحوزة والدين كثيرة مع الاسف، وما يسمى بـ(الاصطياد بالماء العكر)، كنا مضطرين للاعتذار عنها على اية حال، وانما الاعمال بالنيات، والله تعالى يعلم ما في قلوب المخلصين، واستعدادهم للتضحية علىمختلف المستويات، وهذا كاف جدا جزاكم الله خيرا. واذا كانت هناك شجاعة انشاء الله تعالى، فاصرفوها بحذر وبشكل مدروس، وبالاساس مع الاستئذان من الحوزة العلمية الشريفة، وليس باتخاذ عمل او قرار بالاستقلال عنها، ومن دون الاستئذان منها والعياذ بالله.
خامسا: الوعي الدين والاجتماعي الذي حصل لكافة الناس، الذي حصل في داخل الحوزة الشريفة، وفي خارجها، ولم يكن ذلك ممكنا ان يكون بدون هذا النشاط الديني الشريف، اعني صلاة الجمعة المقدسة. ويمكن ان نضرب له عدة امثلة:
المثال الاول : ان الناس عرفوا بوضوح ان عدد من الحوزوين والوكلاء واضرابهم الذين كانوا يحسبونهم كجبرائيل (عليه السلام)، او ابو ذر (عليه الرضوان)، في السداد والصلاح، وكانوا يحملونهم على الصحة في كل اقوالهم وافعالهم وينخدعون بمظاهرهم.
اما الان فقد اصبح بكل وضوح، ان الاسلوب القديم قائم على القصور والتقصير، وعلى الاسفاف والتبذير، وعلى السكوت الشائن على المحرمات، مع انه ورد (الساكت عن الحق شيطان اخرس) وورد ما مضمونه: انه اذا كثر الفساد في المجتمع، فعلى العالم ان يظهر علمه، والا فعليه لعنة الله.
مع انه ليس في الاسلوب القديم شيء من ذلك، كما قال بعضهم، وانا نقلته سابقا لكنه لا بأس به للتذكير، انه لدينا امور اربعة: الاستخارة، والدرس، وصلاة الجماعة، وقبض الحقوق، فان كنت تسأل عن واحد منها فاهلا وسهلا، والا فأدر ظهرك واذهب، واهمها بطبيعة الحال _في نظرهم طبعا- قبض الحقوق التي تصل باذن الله للتوزيع في المجتمع وقضاء حاجة المحتاجين، لكن هم لا يوزعونها في المجتمع ولا يقضون بها حاجة المحتاجين الا بنسبة ضئيلة، جدا ونحو ذلك. فقد انكشف للمؤمنين الصديق من العدو، والناصح من الفاضح، بحسن توفيق الله سبحانه وتعالى.
المثال الثاني : ان عددا من الفروع الفقهية، لم يكن لها وجود في السنين السابقة، ولم تسجل في رسالة عملية، ولا استفتاء، منها قبض مجهول المالك، وان الصلاة في مجهول المالك، او في الاموال غير المخمسة باطلة، وان القاء الاموال في اضرحة المعصومين (عليهم السلام) حرام، وان تصليح الراديو والتلفزيون اعانة على الاثم، وان العمل بالمصارف ذات القطاع الخاص حرام، وان اخت الزوجة حرام، وان اخو الزوج حرام، وان زوجة الاخ حرام، وهكذا، الى فروع كثيرة خارجة عند حد الاحصاء، مما كان الجيل السابق في الحوزة ساكت عنه مع شديد الاسف.
المثال الثالث : ان اكثر الناس اصبحوا يهتمون فعلا بالمصالح الدينية والاجتماعية، ويفضلونها فعلا على مصالحهم الشخصية والاسرية، بل يتمنون الشهادة في سبيل الله تعالى، وهم بالمئات الان على ما اعتقد، او اكثر، والحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق، ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون.
المثال الرابع : انهم عرفوا اثر الاستعمار الاكيد والشديد في المجتمع المسلم، منذ صدر الاسلام والى العصر الحاضر، حتى انه يمكن ان يقال بوضوح ان الذي قتل رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقتل الزهراء (سلام الله عليها)، وقتل الحسين (عليه السلام)، وتسبب الى غيبة الامام المهدي (عليه السلام)، هو الاستعمار، باياديه الخفية المبثوثة في هذا المجتمع المسلم، وكذلك ما حصل بعده من الحروب الصليبية، ومعاهدة الخلافة العثمانية مع المانيا، وغزو الانكليز للعراق، وغزو الفرنسيين لمصر، وكذلك الغزو الثلاثي لمصر، وتاسيس اسرائيل عليها اللعنة والعذاب، وغير ذلك كثير، ومظالم الاستعمار عامة لكل مكان وزمان، ومنتشرة على وجه الارض، وفي كل دهر، وانا لله وانا اليه راجعون.
ومن ذلك كمثل ونموذج مقتل عدد من المؤمنين، ورجال الدين، باستمرار على طول السنين، والى العصر الحاضر، ومن اشهرهم الشهيد الاول، والشهيد الثاني، والقاضي نور الله التستري، والشيخ فضل الله النوري، وكثير غيرهم، حتى الف جناب الشيخ عبد الحسين الاميني (قدس سره)، كتاب شهداء الفضيلة، بمقدار ما استطاع ان يحصي منهم، اي من الشهداء، وممن وصل اليه خبرهم، وما خفي عليك اكثر.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة السابعة والعشرون 24 جمادي الثاني 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمدا يصعد اوله ولا ينفد آخره. اللهم لك الحمد حمدا تضع لك السماء كتفيها، وتسبح لك الارض ومن عليها. اللهم لك الحمد حمدا سرمدا ابدا، لا انقطاع له ولا نفاد، ولك ينبغي واليك ينتهي، في وعلي ولدّي ومعي وقبلي وبعدي وامامي وفوقي وتحتي، واذا مت وبقيت فردا وحيدا ثم فنيت. ولك الحمد اذا نشرت وبعثت يا مولاي. اللهم ولك الحمد ولك الشكر، بجميع محامدك كلها، على جميع نعمائك كلها، حتى ينتهي الحمد الى ما تحب ربنا وترضى. اللهم لك الحمد على كل اكلة وشربة وبطشة وقبضة وبسطة، وفي كل موضع شعرة. اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك. ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون علمك. ولك الحمد حمدا لا امد له دون مشيتك. ولك الحمد حمدا لا اجر لقائله الا رضاك. ولك الحمد على حلمك بعد علمك. ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك. ولك الحمد باعث الحمد. ولك الحمد وارث الحمد. ولك الحمد بديع الحمد. ولك الحمد منتهى الحمد. ولك الحمد مبتدع الحمد. ولك الحمد مشتري الحمد. ولك الحمد ولي الحمد. ولك الحمد قديم الحمد. ولك الحمد صادق الوعد، وفي العهد، عزيز الجند، قائم المجد. ولك الحمد رفيع الدرجات، مجيب الدعوات، منزل الايات من فوق سبع سماوات، عظيم البركات، مخرج النور من الظلمات، ومخرج من في الظلمات الى النور، مبدل السيئات حسنات، وجاعل الحسنات درجات.
اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء، وعلى الامام السجاد، والامام الباقر، والامام الصادق، والامام الكاظم، والامام الرضا، والامام الجواد، والامام الهادي، والامام العسكري، والامام الحجة المهدي، ائمتي وسادتي وقادتي، بهم اتولى، ومن اعدائهم اتبرأ، في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نستمر بذكر بعض النقاط الضرورية للايضاح:
اولا: اننانسمع ان بعض صلوات الجمعة يكون عددها كثيرا اولا، ثم يقل عددها ويتضائل، وهذا معناه ان بعض من حضر فعلا، واقتنع بصحتها وصلاها، انه تركها واعرض عنها، لماذا هكذا يحدث حبيبي .. ؟ مع العلم اننا حين نتكلم عن المجتمع ككل، فانه لا يحتمل ان يكون كل هؤلاء التاركين لصلاة الجمعة معذورين فيها، وانما معناه انهم تركوها تسامحا وتساهلا. وهذا هو الذي اريد ان اؤكد واركز عليه الان، من حيث ان هذا التسامح والتساهل انما هو تسامح في الدين، وتساهل في ولاية امير المؤمنين، بعد اتضاح المعاني الاساسية لهذه الصلاة المقدسة، وما فيها من مصالح وعبر وجلالة، والمفروض بكل فرد ان يطيع امر الولاية، ويذهب الى الصلاة، وكذلك باعتبار اجتماع العدد المعتبر في وجوب صلاة الجمعة، وهو متوفر وكثير بحمد الله فتكون الصلاة واجبا تعيينيا، ولا تبقى واجبا تخييريا على فتاوى الاعم الاغلب من الفقهاء، كما هو الصحيح ايضا.
وانما يعود ترك بعض الناس للصلاة في هذا المورد الى عدة امور محتملة، اما الى الشك في عدالة امام الجماعة، واما الى الشك في قدرته على الاداء الصحيح للمعاني الدينية، واما لانه _اي هذا الفرد_ سأم من التكرار في بعض المطالب التي يقولها خطيب الجمعة، وليس لديه شيء جديد ربما، واما لانه رأه يخطأ كثيرا في الاعراب، او في الفاظه، او في مشتقاته، ونحو ذلك.
فهل يستلزم كل ذلك ترك الجمعة وعصيان الامر الشرعي بحضورها ؟ كلا طبعا. ان هذا من الممكن ان يحدث، لو كان الشعار الديني مستحبا، واما لو كان واجبا، كان تركه حراما لا محالة، ولا يعذر فيه انسان. فان كان راجعا الى الشك في العدالة، فهذا له جوابان:
اولا: انني حين اكلف اي شخص لاقامة صلاة الجمعة، فانني اشهد بعدالته، بمعنى قيام حجة شرعية كافية عندي في ذلك، فاعتبروني احد الشهود بعدالته، مضافا الى المشرفين العامين على صلاة الجمعة فانهم ايضا ثقات، وشهادتهم حجة، فيمكنك ان تصلي خلفه على ذمتنا، مالم تعلم منه الحرام والعياذ بالله، ولا اعتقد انه يوجد واحد منهم كذلك، بحيث تعلم منه الحرام.
ثانيا : ما قلته في موارد متعددة، من انك يمكنك اعادة الصلاة ظهرا، وهذا وارد دائما، كل ما في الامر ان الاحتياط استحبابي فيه، وربما يكون عند بعض المجتهدين احتياطا وجوبيا، والا فانه لا ينافي وجوب الحضور لصلاة الجمعة بطبيعة الحال. بل حتى لو كانت صلاة الجمعة مستحبة او تخييرية، وقبلنا ذلك تنزلا، فاننا نعرف الان ضرورتها وشعاريتها، وعزة الاسلام القائمة بها، فهل ترضى ان يكون عملك ضد عزة الإسلام، وشعار الاسلام اين كان منشأ هذا العمل ؟!
ويمكننا ان نتصور النتيجة لمثل هذا الاتجاه الخطر، وهو ان الامر قد ينتج ترك بعض الجمعات، او الغاء صلاة الجمعة بالمرة، فما الذي سوف يحدث من الذلة والقنوط، والتسافل بالعزة الدينية والاجتماعية، الى حد يكون مجرد ذكره، او خطوره في البال سوءا شديدا، وموجبا للقشعريرة والانفعال، فضلا عن حدوثه والعياذ بالله، كما هو واضح سبحان الله ..
ولاجل هذا قلت اكثر من مرة، استمروا على صلاة الجمعة حتى لو مات السيد محمد الصدر، لانه لا يجوز لكم، ان تجعلوا موت السيد محمد الصدر سببا وذريعة لذلة الإسلام والتشيع، وتفرق الكلمة وكثرة المشاكل. بل الحوزة الشريفة تبقى بعون الله، وجملة من المراجع يبقون بعون الله. فتمسكوا بالحوزة، واستمروا على شرفكم، وعزتكم الدينية، وشجاعتكم القلبية، وعنايتكم بالمصالح العامة. ولا يجوز ان يحول دون ذلك اي شيء، حتى موت هذا العبد الخاطئ، الذي هو السيد محمد الصدر. وكذلك يوجد فيكم الكثير ممن يخطب على حد تعبير الروايات، ومن هوصالح لامامة الجماعة والجمعة، وليس انه حين يموت السيد محمد الصدر، يموت الكل اعوذ بالله اولا وبكم من ذلك.
وبالاساس فان الحوزة هي التي تستطيع ان تبادر إلى ذلك، والمرجع الجديد _لو صح التعبير_ وان لم يكن متفقا مع السيد محمد الصدر بكل التفاصيل، الا ان المهم فيه، هو الاتجاه نحو العدالة الاجتماعية، وانصاف الناس من نفسه، كما قيل في الحكمة: (قل الحق ولو على نفسك) وادراك المصالح العامة. فان وجدتموا شخصا من هذا القبيل فتمسكوا به، والافدعوه إلى غيره. فان الانانية في المرجعية، هي العنصر الغالب مع الاسف جيلا بعد جيل، وهذا هو المضر حقيقة في الحوزة خاصة، وفي المجتمع عامة. فاتبعوا شخصا من المجتهدين ليس له مثل هذا الطبع، بل له اتجاه التضحية في سبيل الاخرين، وبذل النفس والنفيس في سبيل دينه ومذهبه. وهذا امر يطول فيه الحديث وليس الان محل الاستمرار فيه.
ثانيا: ان من النقاط المهمة والجليلة، التي حصلت بصلاة الجمعة المواجهة المباشرة بين الحوزة والمجتمع، وبين المرجعية والمجتمع. بينما كان الانفصال التام او الغالبي قبل ذلك، موجودا مع شديد الاسف، ولا زال هذا الانفصال موجودا بالنسبة الى المراجع الاخرين، من حيث اتصالهم بالمجتمع. فعن طريق صلاة الجمعة حصل المجتمع على الوعي، وحصل على الشجاعة، وحصل على العزة، وحصل على الثقافة الدينية، وعرف ما هي الحوزة، وما هو نفعها، وما هو اثرها، وما هو مقدار علمها وتعليمها.
كما استطاعت الحوزة من ناحيتها، ان تثبت نفسها امام الاخرين، وتوصل صوتها وكلماتها ومواعظها واوامرها ونواهيها إلى المجتمع. وان تعرف المجتمع بكثير من الامور الضرورية والراجحة، وتفتح عينه على مصالحه ومفاسده واعدائه واصدقائه وواجباته ولوازمه، وغير ذلك كثير، كل ذلك بنعمة من الله وفضل. والله تعالى هو المسبب الحقيقي والموفق لكل ذلك. ولكن عندنا الوعد القرآني بالنصر كقوله تعالى ((ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)). وقوله تعالى ((ان الله لا يضيع اجر المحسنين)). وقوله تعالى ((اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى)). وقوله في الدعاء (انك اكرم من ان تضيع من ربيته، او تشرد من آويته، او تبعد من ادنيته، او تسلم الى البلاء من كفيته ورحمته). وكذلك قوله ((العاقبة للمتقين)). وقوله ((ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) وغير ذلك كثير.
وهذه الوعود، غير موجودة لغيرنا، ولا تتمثل لسوانا، وانما يتمثل لهم الظلم والشيطان. كما قال تعالى ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله)). وقوله تعالى ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير (اي الهيون ومتقون) فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (ماذا كانت النتيجة ؟) فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين)). ثم يقول الله تعالى بعد ذلك مباشرة ((يا ايها الذين آمنوا ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين)).
واما اذا كان الفرد مناوئا للحق, ومعارضا لعزة الدين والمذهب، فسيكون مشمولا لقوله تعالى، وايضا بعد تلك الايات مباشرة، وقلت لكم بان القرآن كله له معاني على طول الاجيال، جل جلال الله سبحانه وتعالى، لانه هو المتكلم، معانيه لا متناهية لانه هو لا متناهي جل جلاله.
فاذا كان الفرد مناوئا للحق، ومعارضا لعزة الدين والمذهب، فسيكون مشمولا لقوله تعالى، بعد تلك الايات مباشرة ((سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وماواهم النار وبئس مثوى المتكبرين)).
ثالثا: من النقاط التي وددت الاشارة اليها بهذا الصدد، ان للحوزة عدة اساليب للاتصال بالمجتمع ككل: صلاة الجماعة، وصلاة الجمعة، والمواعظ، وبيان الاحكام الشرعية، والاستفتاءات، وتأليف الكتب ونشرها، وكذلك تأسيس القضاء الشرعي، فانه من اساليب واسباب اتصال الحوزة بالمجتمع، وفي حدود فهمي ان القضاء الشرعي ليس محكمة بالمعنى المتعارف، لوضوح انه ليس دائرة رسمية، وليس له راتب قضائي، بل ان اخذ الراتب على القضاء محل اشكال وحرام، وانما نعطيه شيئا من الراتب باعتباره واحدا من الحوزة، لاباعتباره قاضيا، كما انه ليس له بناية مستقلة، ولا كاتب عدل مثلا، ولا معاونين قضائين، وبالتالي يختلف كثيرا عن المحاكم المتعارفة، ومن هنا لانستطيع ان نسميه محكمة بهذا المعنى، وانما هو قاضي شرعي، او نعتبره عالما ومتفقها، او مفتيا يتصدى للفتوى بين الناس في الامور الصعبة لا اكثر.
ومن الواضح ان كثيرا مما يقوم به القاضي الشرعي، ليس من القضاء الشرعي، كعقد النكاح، او الطلاق، او الطلاق بالولاية، او القيمومة، او الفتوى الاعتيادية في الامور العبادية والمعاملية. وانما القضاء الحقيقي هو المرافعة في قضية فيها مدعي ومنكر، وهو موجود، الا انه لا يستوعب كل الامور التي يقوم بها القاضي الشرعي، بل لعله يمثل القسم الاقل من عمله. وانما العلماء استمروا على النظر في سائر مشاكل الناس بما فيها المشاكل القضائية، والدليل المعتبر من السنة الشريفة، قائم على ذلك، وهذا الحاصل الان مصداق وتطبيق من ذلك بعونه سبحانه.
وانما الفرق الرئيسي بين المحاكم العرفية من ناحية، والقضاء الشرعي الموجود فعلا من ناحية اخرى، امران رئيسيان يعتبر كل منهما نقطة قوة في احدهما ونقطة ضعف في الاخر.
اما نقطة القوة في القضاء الشرعي، فهو الحجية الشرعية، فكل ما يقوله ويحكم به نافذ شرعا ومجزي ومبريء للذمة، بخلاف الانواع الاخرى من القضاء الدنيوي، او العرفي بطبيعة الحال، بما فيها القضاء الذي تقيمه العشائر بين المتخاصمين.
واما نقطة الضعف في القضاء الشرعي، فمن حيث ان سائر المحاكم لها قوة اجرائية او تنفيذية لتطبيق الحكم، من شرطة وسجون ونحوها، فانها مخولة بذلك بطبيعة الحال. في حين ان القضاء الشرعي اعزل من هذه الامور، غير ان التعويض الرئيسي بهذا الصدد مهم جدا ولطيف جدا، وهو خوف الله سبحانه وتعالى. فان عقاب الاخرة اهم من عقاب الدنيا، وغضب الخالق اعلى واقسى من غضب المخلوق، كما قال في الدعاء: (وهذا لا يكون الا من غضبك وانتقامك وسخطك وهذا ما لا تقوم له السماوات والارض فكيف بي وانا عبدك الفقير المسكين المستكين الحقير الذليل المهين). فالمهم ان المتخاصمين، انما جاءا الى القاضي الشرعي، لانهما يخافان الله سبحانه، ويريدان باخلاص حل مشكلتهما حلا شرعيا مبرءا للذمة، فيكون خوف الله سبحانه هو السند، والرصيد الاساسي للقضاء الشرعي.واما من لا يخاف الله سبحانه، فانه لا يأتي الى القضاء الشرعي، بل يحاول ان يظلم خصمه، ويتسلط عليه بكل صورة.
رابعا: من النقاط التي وددت الاشارة اليها هنا، اني اوجه كلامي الى المؤمنين الذين الى الان لم يناصروا السيد محمد الصدر، ولم يكونوا معه سواء في داخل الحوزة، او في خارجها، اهلا بكم وسهلا بين هذا الجمع الحافل بالتقوى والشرف والفضائل، وان من احسن الكلمات التي قالها الاسلام والقرآن، وكل كلماته حسنة ((انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله)) ولا حاجة الى استمرار التباعد والتباغض، وتبادل التهم والاشكالات، بل تعالوا نتفق ونتصاحب ونتصافى ونتحابب في الله، وفي ولاية امير المؤمنين، وفي المذهب، وفي الدين، وبابي مفتوح، وقلبي مفتوح لكم جميعا، مهما كنتم الان واينما كنتم، ولا اريد منكم شيئا الا الاخوة في الله، وفي رسوله، وفي ولاية امير المؤمنين، وتبقى التفاصيل الاخرى ثانوية، يمكن المناقشة فيها بالتدريج.
يكفي الا ان يكون اختلافاتنا وانشقاقتنا فيها خدمة للعدو المشرك لاسرائيل والاستعمار، ولكل من هو بعيد عن الله وعن رسوله. فما دمنا تجمعنا الروابط الحقيقية المقدسة، فلماذا لا نتحد ولا نتآخى ولا نتقارب ؟ ولماذا ننصر عدو الله وعدو رسوله من حيث نعلم او لا نعلم ؟!
فما دامت هذه الحياة موجودة عندي، والنفس يصعد وينزل، فاني ارحب بكم بكل قلبي، واعذركم عن كل ما حصل منكم، وتعذروني ان كان حصل بعض الشيء مني، او ممن يرتبط بي، او ينتسب الي، ونفتح تاريخا جديدا، كما قال الشاعر، وهذه الابيات احفظها من زمان وهي لطيفة:
من اليوم تعارفنا ونطوي ماجرى منا
فلا كان ولا صار ولا قلتم ولا قلنا
وما احسن ان نرجع الى الود كما كنا
اخص من هنا، وهذا منبر مقدس، بالذكر ال الحكيم قدس الله ارواح الماضين منهم، وحفظ الباقين. تلك الاسرة الطيبة المتفقهة الشريفة. فلماذا يكون _لو صح التعبير_ بينها وبين ال الصدر اي خلاف ؟ ولماذا نزغ الشيطان بيننا ؟ وخاصة وان الفرصة مواتية بعد ان زال سبب الخلاف واسترجعت الوديعة. وبالتاكيد فان دوام الخلاف واستمراره، لا يخدم الا الاستعمار ولا يضر الا الحوزة والمذهب، وليكن زمام المبادرة بيدي واني قد ابرأت ذمتي، وارضيت ضميري بهذا العرض الدال على حسن النية.
وانا لست طامعا بخيرهم من اية جهة، ولا خائفا منهم من اية جهة أيضاً، وانما ذلك محضا لذات الله، ونصرة دينه الحنيف، وهذه يد الصلح والمصافحة امدها اليهم، فهل منهم من يمد يد المصافحة نحوي ؟ والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟
رد مع اقتباس