عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-06-2012 الساعة : 08:40 PM


فائدة 2 /
الحكم الشرعي قد يكون بمعنى الجعل وقد يكون بمعنى المجعول
إذا ما سُئلنا عن حكم الحج في الإسلام فسوف نجيب بلا تردد أن حكمه الوجوب من دون أن نفرق بين كوننا مستطيعين او لا اي تحققت الاستطاعة في الخارج او لا ، وفي نفس الوقت نقول لشخص غير مستطيع أن الحج غير واجب عليك حتى تستطيع فنفرق له بين حالتي الاستطاعة وعدمها !
والملاحظ وجود التهافت بين الأمرين فمن جهة الحج من الواجبات في الشريعة الإسلامية مع قطع النظر عن الاستطاعة ومن جهة نقيّد وجوب الحج بتحقق الاستطاعة .
وهكذا وجوب الصلاة مثلاً فإذا ما سُئلنا عن حكم صلاة الظهر مثلاً في الإسلام فسوف نجيب بلا تردد أن حكمها الوجوب من دون أن نلحظ أي قيد آخر كالوقت مثلاً فنقول صلاة الظهر واجبة في الشريعة
وفي نفس الوقت نقيد وجوبها بحصول الزوال ونقول قبل الزوال لا تجب صلاة الظهر ، أليس ذلك تهافتاً ؟
وباختصار لا إشكال في وجوب الحج بعد الاستطاعة أما قبل الاستطاعة فيصح أن نقول الحج واجب في الشريعة كما يصح أن نقول لا يجب الحج على غير المستطيع فكيف نوفق بين التعبيرين ؟
وهكذا صلاة الظهر فلو سُئلنا في الصباح عن حكم صلاة الظهر في الإسلام لكان الجواب أن حكمها الوجوب ولا نستطيع أن نقول أنها حرام او مباحة او غير ذلك ، لكن في نفس الوقت - أي صباحاً - إذا قام شخص يصلي صلاة الظهر نقول له لم تجب صلاة الظهر بعدُ فانتظر دخول الزوال ! فكيف نوفق بين وجوبها وعدم وجوبها قبل الزوال ؟
الجواب /
إن الحكم تارة يكون بمعنى الجعل وأخرى يكون بمعنى المجعول ، فقولنا الحج واجب في الشريعة ولو قبل تحقق الاستطاعة نعني به ( الوجوب بمعنى الجعل ) ، وقولنا الحج غير واجب قبل الاستطاعة نعني به ( الوجوب بمعنى المجعول )
فالحديث عن معنيين من الوجوب أحدهما ثابت قبل الاستطاعة او الزوال والأخر منفي فما أثبتناه غير ما نفيناه فلم يقع النفي والإثبات على معنى واحد للحكم حتى يكون في الكلام تهافت .
بيان ذلك :
الحكم بمعنى الجعل / إن الحكم بمعنى الجعل هو نفس الاعتبار والتشريع الصادر من المولى على تقدير حصول شروط معينة وقبل تحققها ، فالمولى جعل الوجوب للحج أي اعتبر وشرّع وجوب الحج في الشريعة ضمن قيود وشروط وخصوصيات معينة كالاستطاعة والحكم بوجوب الحج على تقدير حصول الاستطاعة وقبل تحققها هو حكم بمعنى الجعل .
او قل إن الجعل هو نفس إنشاء المولى للحكم الشرعي ضمن ضوابط معينة كقوله تعالى : ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فالمولى هنا بصدد إنشاء وجوب صوم شهر رمضان على تقدير شهود الشهر وهو معنى الجعل أي بصدد جعل الوجوب لصوم شهر رمضان لمن شهد الشهر ، وهكذا قوله ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فهو بصدد جعل وإنشاء وتشريع واعتبار الوجوب للحج على تقدير حصول الاستطاعة خارجاً فالوجوب المذكور يقال له وجوب بمعنى الجعل ، وهكذا قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) فالمولى بصدد إنشاء وجوب الوضوء على تقدير القيام الى الصلاة وهو وجوب بمعنى الجعل .
الحكم بمعنى المجعول / إذا كان الحكم بمعنى الجعل عبارة عن الحكم قبل تحقق القيود او الذي أخذت فيه القيود مفروضة الحصول فالحكم بمعنى المجعول هو الحكم بعد تحقق القيود والذي تحققت فيه القيود خارجاً وفعلاً
فالحكم بمعنى المجعول هو الحكم الشرعي بعد تحقق موضوعه وسائر القيود والخصوصيات المأخوذة فيه في مرحلة الجعل خارجاً ، او قل هو الحكم الفعلي المنجز بحق المكلف وذلك لتحقق موضوعه وشروطه خارجاً .
وعلى هذا فأصل تشريع الحج في الإسلام تشريعاً مشروطاً بالاستطاعة وغيرها من الشروط نسميه الجعل إن لم تتحقق تلك الشروط فعلاً ، وبعد تحقق الشروط بأن يستطيع المكلف نسمي وجوب الحج بالمجعول وبذلك يرتفع التهافت المتوهم فقولنا يجب الحج من دون لحاظ تحقق الاستطاعة نعني به الجعل ، وقولنا لغير المستطيع لا يجب عليك الحج نعني به المجعول لأن المجعول متوقف على حصول الاستطاعة فعلاً .
وهكذا مثلاً أصل تشريع حرمة العصير العنبي على تقدير الغليان فهذا جعل للحرمة فإذا ما تحقق الغليان فعلاً في الخارج صارت الحرمة بمعنى المجعول .
وبعبارة واضحة / المولى في مقام تشريع الحج يلحظ تقيّد الحج بالاستطاعة فيقول جعلت الوجوب للحج على تقدير حصول الاستطاعة فهذا جعل ، فإذا ما استطاع أحد المكلفين فعلاً فالوجوب المتوجه له يسمى بالمجعول .
ثم إن هذا المعنى من تنويع الحكم الشرعي الى معنيين الجعل والمجعول لا يختص بالحكم التكليفي بل يشمل الحكم الوضعي أيضاً فحكم الشارع بالزوجية يكون بمعنى الجعل بمعنى أنه شرّع علاقة الزوجية على تقدير تحقق عقد النكاح بين اثنين ، ويكون بمعنى المجعول عند تحقق العقد بين اثنين خارجاً فعلاً .
الفرق بين الحكم بمعنى الجعل والحكم بمعنى المجعول
من خلال ما تقدم وغيره يمكن ذكر أكثر من فرق بين الجعل والمجعول :
1. إن الحكم بمعنى الجعل يكون على نحو القضية الحقيقية وهي التي يؤخذ فيها الموضوع على نحو الفرض والتقدير ولا تتوقف على تحققه خارجاً بل تكون بمعنى القضية الشرطية مثل أكرم الفقراء أي إذا وجد فقير فأكرمه ووجوب الإكرام بمعنى الجعل غير ملحوظ فيه وجود فقير خارجاً فعلاً ، والحكم بمعنى المجعول يكون على نحو القضية الخارجية لأنه مشروط بتحقق الموضوع والقيود خارجاً ، فإذا قيل الحكم على نحو القضية الحقيقة فالمقصود الجعل وإذا قيل الحكم على نحو القضية الخارجية فالمقصود المجعول .
2. الجعل والمجعول مرحلتان ومرتبتان للحكم الشرعي الا أن مرتبة الجعل متقدمة على مرتبة المجعول .
3. إن الحكم بمعنى الجعل لا يتوقف على تحقق الموضوع والخصوصيات والقيود المأخوذة في الحكم بل هي مأخوذة فيه مأخذ الفرض والتقدير فهو متوقف على تصورها حال الجعل ، بخلاف المجعول فهو متوقف على تحققها خارجاً فعلاً .
4. إن الحكم بمعنى الجعل سابق على تحقق الموضوع والقيود فمن الواضح أن جعل الوجوب للحج في الشريعة سابق على حصول الاستطاعة ، أما بمعنى المجعول فهو لاحق أو مقارن لتحققه فمتى ما تحققت استطاعة المكلف يصير وجوب الحج فعلياً مجعولاً .
5. إن الحكم بمعنى الجعل لا يستلزم انبعاثاً ولا تحريكاً ولا تكليفاً لعدم تحقق موضوعه وقيوده بعد او قل لعدم تحقق شرطه بعد لأن الجعل وإن كان على نحو القضية الحقيقية الا أنه في قوة القضية الشرطية كما تقدم فقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) في قوة « إذا استطاع المكلّف يجب عليه الحجّ » وما دام الشرط وهو الاستطاعة لم يتحقق فالحكم وهو الجزاء ( يجب عليه الحج ) الذي هو بمعنى الجعل حينئذٍ لا يستلزم انبعاثاً وليس فعلياً ، وهذا بخلاف الحكم بمعنى المجعول فلما كان هو الحكم بعد تحقق الموضوع والشروط فإنه يستلزم التحريك والانبعاث او الزجر والانزجار ويستلزم التكليف ، وبعبارة واضحة إن الحكم بمعنى الجعل لا يستدعي امتثالاً بخلافه بمعنى المجعول فيستدعي الامتثال إذا كان تكليفياً .
6. إن القيود والخصوصيات المأخوذة في الحكم هي بمثابة العلة له إذا كان بمعنى المجعول لتوقفه على تحققها خارجاً وليس كذلك بمعنى الجعل فهو موجود قبل تحققها خارجاً نعم هو موقوف على تصورها وافتراضها وتقديرها لا على تحققها خارجاً لأن المولى من دون تصور تلك القيود لا يمكنه الجعل ما دامت قد فرضت قيوداً للحكم ، فما دام قد افترض الزوال قيداً لوجوب صلاة الظهر فلا يمكن إنشاء وجوبها دون لحاظ هذا القيد فلو أنشأه دون لحاظه فهذا خلف كونه قيداً .
7. ان الحكم بمعنى الجعل لا يتوقّف على شيء غير إرادة الجاعل وتصوّر القيود والخصوصيات ذهناً وبالتالي لا يمكن أن يكون الجعل مشروطاً ، بخلاف المجعول فهو مشروط بتحقق تلك القيود والخصوصيات وتحقق الموضوع . وعليه إن قاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع وأنه لا بد لكل حكم من موضوع وعدم تحقق الحكم قبل تحقق الموضوع يراد بها الحكم بمعنى المجعول لا الجعل .
8. إن أخذ العلم قيداً في الحكم وبالتالي اختصاص الحكم بالعالم دون الجاهل بناء على تمامية هذا المبنى إنما هو الحكم بمعنى المجعول لا بمعنى الجعل . بمعنى أن الحكم لا يصير مجعولاً وفعلياً ويدخل في عهدة المكلف ما لم يعلم بتحقق موضوعه وقيوده ، أما بمعنى الجعل فهو شامل للجميع بمعنى أن المولى بجعله وجوب الحج قصد كل مكلف على تقدير استطاعته سواء كان عالماً بهذا الجعل او لا ، لكن هذا الجعل لا يصير مجعولاً وفعلياً ومكلفاً به الا لمن علم بالاستطاعة فعلاً دون الجاهل على الأقل بالنسبة الى القاصر .
9. إن الجعل لا يتفاوت بين المكلفين فالكل مشمولٌ به كما هو واضح في قوله : ( ولله على الناس ... ) فالناس جميعاً مشمولون بتشريع الحج ، أما المجعول فهو يختلف ويتفاوت من شخص الى آخر لأنه يتوقف على تحقق الموضوع فقد يتحقق عند شخص دون آخر .
10. إن التنافي بين الحكمين في مرحلة الجعل يكون من التعارض ، أما في مرحلة المجعول فهو ورودٌ لا تعارض ، فإذا قال يجب الوضوء على واجد الماء ، ويجب التيمم على فاقد الماء فلا تعارض لعدم التنافي في مرحلة الجعل فإنه من الممكن أن يجعل المولى الوجوب للوضوء على تقدير وجدان الماء ويجعل الوجوب للتيمم على تقدير فقدان الماء ، لكن بينهما تنافٍ في مرحلة المجعول أي لا يمكن أن يكون كل منهما فعلياً في حق المكلف فقد تقدم أن المجعول معناه الفعلية والتكليف فلا يمكن التكليف بوجوب الوضوء وبوجوب التيمم في آن واحد وأن يكون كل منهما فعلياً ، لأن المكلف إما واجد للماء فهو مكلف بوجوب الوضوء أو فاقد له فهو مكلف بوجوب التيمم ، فلا تعارض بين الجعلين لكن بينهما تنافٍ في مرحلة المجعول أي لا يمكن الحكم بفعليتهما معاً وهذا ما يسمى بالورود أي أن موضوع أحد الحكمين مزيل للحكم الآخر فكونه واجداً للماء الذي هو موضوع وجوب الوضوء مزيل لفعلية التكليف بالتيمم لأن موضوعه فاقد الماء .
الى غير ذلك من التفريقات التي يمكن أن تذكر
ثمرة التقسيم
إن قلت / ما الثمرة من تقسيم الحكم الى مرتبتين : الجعل والمجعول ؟
كان الجواب / لذلك ثمرات عديدة تظهر في المباحث الأصولية فكثيراً ما يختلف الأمر بين الحكم بمعنى الجعل عن الحكم في مرحلة المجعول في كثير من القواعد والمسائل الأصولية ، وفيما تقدم من فروق إشارة الى بعضها .
لكن يكفي الالتفات كثمرة فقهية الى أن مجرد الجعل والتشريع الإلهي لا يقتضي التكليف ولا يستدعي الامتثال ما لم تتحقق القيود المأخوذة في ذلك الجعل .


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل
رد مع اقتباس