|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
alyatem
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 15-03-2013 الساعة : 10:39 PM
الرواية الثانية:
نساء نوح ولوط ارتكبن الفاحشة!
ذكر المرحوم الكليني في كتاب الكافي الشريف:
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ:
قُلْتُ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي مُنَاكَحَةِ النَّاسِ [أي: العامة]؟ فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ مَا تَرَاهُ وَمَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ.
فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ.
فَقُلْتُ مَا يَمْنَعُنِي إِلاّ أَنَّنِي أَخْشَى أَنْ لا تَحِلَّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ فَمَا تَأْمُرُنِي؟
فَقَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ وَأَنْتَ شَابٌّ أَتَصْبِرُ؟
قُلْتُ: أَتَّخِذُ الْجَوَارِيَ.
قَالَ: فَهَاتِ الآنَ فَبِمَا تَسْتَحِلُّ الْجَوَارِيَ [من غير الشيعة]؟
قُلْتُ: إِنَّ الأَمَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ إِنْ رَابَتْنِي بِشَيْءٍ بِعْتُهَا وَاعْتَزَلْتُهَا.
قَالَ: فَحَدِّثْنِي بِمَا اسْتَحْلَلْتَهَا [الجارية من غير الشيعة].
قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا تَرَى أَتَزَوَّجُ؟
فَقَالَ: مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَتَيْنِ:
تَقُولُ لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأْثَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي أَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَمْرِك؟
فَقَالَ لِي: قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) تَزَوَّجَ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَامْرَأَةِ لُوطٍ مَا قَدْ كَانَ إِنَّهُمَا قَدْ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ.
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَيْسَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِي إِنَّمَا هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِحُكْمِهِ مُقِرَّةٌ بِدِينِهِ.
قَالَ: فَقَالَ لِي: مَا تَرَى مِنَ الْخِيَانَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ (فَخانَتاهُما) مَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلاَّ الْفَاحِشَةَ. وقد زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلانا [وهو لم يكن مطيعا للنبي أيضا].
قال: قلت: أصلحك الله ما تأمرني أنطلق فأتزوج بأمرك [من نساء العامة]؟
فقال لي: إن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء من النساء.
قلت: وما البلهاء.
قال: ذوات الخدور العفائف.
الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الأصول من الكافي، ج2، ص402، الناشر: الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش 1983م.
نقد وتحليل الرواية:
الجواب الإجمالي:
هذه الرواية فيها إشكال سندي ودلالي.
فمن ناحية السند فهي مرسلة، ومن ناحية الدلالة فإن لفظ (فحش) في لغة العرب في اغلب موارده بمعنى السباب، ناهيك عن أن الرواية لم تأتي على إتهام عائشة بالفحشاء.
الجواب التفصيلي:
أولاً:
هذه الرواية مرسلة ضعيفة، فيونس بن عبد الرحمن روى عن (رجل) ولم يعلمنا من هو الرجل حتى نتبين وثاقته أو ضعفه، والرواية المرسلة لا قيمة لها في الاستدلال.
ثانياً:
وعلى فرض أن السند صحيح، فإن الرواية ليس لها علاقة بعائشة، فالإمام بصدد بيان خيانة المرأتين لا خيانة عائشة.
ثالثاً:
وبقطع النظر عن كل ما تقدم فإنه لا يمكن لنا أن نستفيد من كلمة (الفاحشة) الاتهام بالزنا؛ لان معنى الفاحشة الإتيان بكل عمل نهى الله تعالى عنه.
ونقل علماء اللغة معان متعددة لهذه الكلمة.
قال ابن منظور في لسان العرب في بيان معنى (فحش) :
فحش: الفُحْش: معروف.
ابن سيدة: الفُحْش والفَحْشاءُ والفاحِشةُ القبيحُ من القول والفعل... فالفاحِشُ ذو الفحش والخَنا من قول وفعل، والمُتَفَحِّشُ الذي يتكلَّفُ سَبَّ الناس ويتعمَّدُه، وقد تكرر ذكر الفُحْش والفاحشة والفاحش في الحديث، وهو كل ما يَشتد قُبْحُه من الذنوب والمعاصي؛
قال ابن الأَثير: وكثيراً ما تَرِدُ الفاحشةُ بمعنى الزنا ويسمى الزنا فاحشةً، وقال اللَّه تعالى: (إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قيل: الفاحشة المبينة أَن تزني فتُخْرَج لِلْحدّ، وقيل: الفاحشةُ خروجُها من بيتها بغير إِذن زوجها.
وقال الشافعي: أَن تَبْذُوَ على أَحْمائِها بِذَرابةِ لسانها فتُؤْذِيَهُم وتَلُوكَ ذلك. في حديث فاطمة بنت قيس: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لم يَجْعل لها سُكْنى ولا نفقةً وذَكر أَنه نَقَلها إِلى بيت ابن أُم مَكتوم لبَذاءتِها وسَلاطةِ لِسانِها ولم يُبْطِلْ سُكْناها لقوله عزّوجل: (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ).
وكلُّ خَصْلة قبيحةٍ، فهي فاحشةٌ من الأَقوال والأَفعال؛ ومنه الحديث: قال لعائشة لا تقولي ذلك فإِن اللَّه لا يُحبُّ الفُحْشَ ولا التفاحُشَ. أَراد بالفُحْش التعدّي في القول والجواب لا الفُحْشَ الذي هو من قَذَعِ الكلام ورديئه...
وكلُّ أَمر لا يكون موافقاً للحقِّ والقَدْر، فهو فاحشةٌ...
وأَما قول اللَّه عزّوجلّ: (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) قال المفسرون: معناه يأْمركم بأَن لا تتصدقوا، وقيل: الفحشاء هاهنا البُخْل، والعرب تسمي البَخيلَ فاحشاً.
الأفريقي المصري، محمد بن مكرم بن منظور (المتوفى711هـ)، لسان العرب، ج6، ص325، فصل الفاء، مادة (فحش)، الناشر: دار صادر ـ بيروت، الطبعة: الأولى.
ويقول المولى محمد صالح المازندراني في شرح هذه الرواية:
قال المفسرون: فيه إشارة إلى أن سبب القرب والرجحان عند الله تعالى ليس إلا الصلاح كائنا من كان وخيانة المرأتين ليست هي الفجور وإنما هي نفاقهما وابطانهما الكفر وتظاهرهما على الرسولين فامرأة نوح قالت لقومه أنه مجنون وامرأة لوط دلت قومه على ضيفانه، وليس المراد بالخيانة البغي والزنا إذ ما زنت امرأة نبي قط، وذلك هو المراد بقوله(عليه السلام) : (ما ترى من الخيانة في قول الله عزّوجلّ >فخانتاهما< ما يعني بذلك إلا الفاحشة) هي كلما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي والمراد بها هنا النفاق والمخالفة والكفر.
المازندراني، المولى محمد صالح (المتوفى1081هـ)، شرح أصول الكافي، ج10، ص107، ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، الطبعة: الأولى، 1421هـ ـ 2000م
ونجد في كتب العامة رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه استعمل كلمة (فاحشة) بحق عائشة وهي هنا بمعنى سوء اللفظ والاهانة:
قال ابن أبي شيبه في كتابه المصنف:
حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال لها: يَا عَائِشَةُ لاَ تَكُونِي فَاحِشَةً.
إبن أبي شيبة الكوفي، ابوبكر عبد الله بن محمد (المتوفى235 هـ)، الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، ج5، ص211، ح25329، تحقيق: كمال يوسف الحوت، الناشر: مكتبة الرشد ـ الرياض، الطبعة: الأولى، 1409هـ.
ونقل مسلم النيشابوري هذه الرواية بتفصيل أكثر:
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِم، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُنَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ.
قَالَ (وَعَلَيْكُمْ).
قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ.
فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا عَائِشَةُ لاَ تَكُونِي فَاحِشَةً).
فَقَالَتْ: مَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا.
فَقَالَ: (أَوَلَيْسَ قَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِمُ الَّذِي قَالُوا قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ).
النيسابوري القشيري، ابوالحسين مسلم بن الحجاج (المتوفى261هـ)، صحيح مسلم، ج4، ص1706، ح2165، كتاب السلام (الآداب)، باب النَّهْيِ عَنِ ابْتِدَاءِ، أَهْلِ الْكِتَابِ بِالسَّلاَمِ وَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
وقال النووي في شرح هذه الرواية ورواية أخرى بهذا المضمون عن عائشة:
وأما الفحش فهو القبيح من القول والفعل وقيل الفحش مجاوزة الحد.
النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (المتوفى676 هـ)، شرح النووي على صحيح مسلم، ج14، ص147، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، الطبعة الثانية، 1392هـ.
وقال الملا علي الهروي:
وفي رواية لمسلم قال: (لا تكوني فاحشة) أي قائلة للفحش ومتكلمة بكلام قبيح.
ملا علي القاري، نور الدين أبو الحسن علي بن سلطان محمد الهروي (المتوفى1014هـ)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج8، ص463، تحقيق: جمال عيتاني، الناشر: دار الكتب العلمية ـ لبنان/ بيروت، الطبعة: الأولى، 1422هـ ـ 2001
النتيجة:
أولاً:
سند رواية الكليني في الكافي ضعيف.
ثانياً:
وليس لها علاقة بعائشة.
ثالثاً:
(فاحشة) لها معان متعددة في اللغة ولم تأتي بمعنى الزنا دائما.
|
|
|
|
|