|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 56469
|
الإنتساب : Sep 2010
|
المشاركات : 8,472
|
بمعدل : 1.57 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حميد الغانم
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
بتاريخ : 13-09-2013 الساعة : 02:42 AM
الذلة
رجل كبير بالعمر امضى من عمره حوالي عشرين سنة ونيف في تدخين السيكارة
هي السيكارة صديقته التي لا يفارقها منذ شبابه
قضى طورا كبيرا من حياته وشبابه في صحبتها بحيث ادمنها ليله ونهاره نومه
باءت كل محاولات الناس الاهل الاقارب الاصدقاء لقطع السيكارة وتركها
لم تنفع كل المحاولات بل العكس صار اكثر عنادا وتمسكا بها لا يفارقها
بل عاند اكثر واكثر مع الايام
وبدلا من العلبة الواحده للسيكارة صار يشرب علبتين واكثر
وبات الامر مقززا من خلال الرائحه الكريهة كثرة المصاريف
وكذلك غبار السيكارة الذي ثقب دشداشته الجديده
استمر الحال اكثر من عشرين سنة
وتشاء الاقدار
ان يذهب الى العاصمة بغداد
جلس في احدى المقاهي الشعبية
نعم جاءته الذلة للسيكارة تلك التي كسرت كل ارادته وجعلته عاجزا تماما امامها
كان يحمل علبه السكائر بجيبه
او كما يحلو للعراقين باكيت الجكاير
والطريف كلمه باكيت هي قريبة جدا من كلمة pocket التي تعني جيب
ولكن صادف لم يكن يحمل اعواد الثقاب معه
فصار صاحبنا كالمدمن على المخدرات وذهب يطلب من الجالسين في المقهى عوج ثقاب
وصار كالمستعطي يتوسل لا لقمة عيش او رغيف خبز او ورقة نقد
بل يستعطي عود ثقاب
سبحان الله
هذا الرجل الكبير بالعمر الوقور
صار عود ثقاب بسيط يذله ويذهب بكرامته شيئا فشيئا
وطلب من رجل جالس هناك عود ثقاب واحد ليشعل سيكارته ويشفي غليله
نعم كان مع هذا الرجل اعواد ثقاب
اخذ الشخاطة كما نسميها بالعراقي رماها بوجهه
قائلا له او متشمتا او مذلا له
وباللهجة العراقية
( هم شايف نفسه مدخنجي وما شايل شخاطه )
كسرت تلك الكلمات كل كرامته ولم تبقي منها شيئا في تلك اللحظة
امسك بعلبة الكبريت
لم يشعل سيكارته وقف مفكرا
هي لحظة تفكير تعادل الدهر
فقرر قراره الاخير
اعاد علبه الكبريت الى صاحبها
شكره على علبه الكبريت
وشكره شكرا اخر
قال شكرا لك اخي لانك ايقظتني من سباتي العميق
اخذ السيكارة من يده كسرها قطعها ورماها
اخذ علبه السكائر داسها برجله
قائلا
ليس منا من لديه حاجة تذله
وليس انا من تذلني سيكارة او عود ثقاب
هنا
والراوي لهذه الحكاية هو نفس الشخص
وحكاها بعد سنين وسنين طوال وطوال
ولم يرجع لتلك السيكارة مجددا
-------------------------
لنتعلم ان نفكر لحظة واحده ونتخذ قرارا صائبا ينقذنا طول العمر
وان نتعلم
الا تكون لنا حاجة مهما كانت بسيطة تذلنا
حميد الغانم
|
|
|
|
|