|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,486
|
بمعدل : 0.42 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 05-06-2023 الساعة : 07:56 AM
على صعيد الأمة أو البشرية: فإن البشارات القرآنية والنبوية تؤكد بأن البشرية مقبلة على عصر مشرق ونهاية سعيدة، على يد (المهدي المنتظر) الخليفة الثاني عشر للرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم)، فيخلص البشرية من الظلم والجور وينشر التوحيد والعدل على كافة الأرض المعمورة.
ولذا يمكن تشبيه الخلاص الإسلامي بطائر يحلق بجناحين: أحدهما التوبة، والآخر المهدوية.
إن الخلاص الإسلامي للبشرية ككل وللتاريخ الإنساني اجمع يتمثل في (المهدوية)، والتي لا يمكن النظر أو التعامل معها كحالة مستقلة ومنعزلة عن مناخها الطبيعي، فلا يمكن انتزاعها من أرضية التعاليم الدينية.. فمن معتقد الإمامة والتي تتفرع من النبوّة تنطلق الإمامة الخاتمة، وعلى هذا المبدأ فالمهدوية كإمامة للزمان الحاضر تتمتع بموقع فذ ودور مميز داخل النظام الديني الإسلامي وهيكله العام.. إن النظر إلى المهدوية أو المخلص الإسلامي بهذه الرؤية يعتبر أهم ركن وعنصر من ركائزها الأساسية، والتي تلعب دوراً أساسياً في إبقاء الإسلام حياً متحركاً فاعلاً.
ومن منطلق إن النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء والرسل وأنه بعث للناس كافة، وإن الدين الإسلامي خاتم الأديان السماوية، ويبسط حاكميتّه على جميع شؤون البشر، فأن الحاجة ضرورية لوجود إمام هادي ومرشد في كل زمان (القائد الرباني للبشرية حالياً).. فكما كان الأسباط اثني عشر للنبي موسى (عليه السلام)، وسمي رُسل النبي عيسى (عليه السلام) الاثني عشر بالحواريين، كذلك هناك أثني عشر وصياً وخليفةً للنبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وآخرهم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي هو الحجة في هذا الزمان.. فاللطف(ظ¥) من الله تام، ولكن النقص من الناس وخذلانهم، والذي أدى إلى غياب الإمام الأخير.
لا يمكن فهم الخلاص الإسلامي العام إلّا من خلال فهم الغيبة وموجباتها، ومدى تأثيرها في إيجاد محفزات لدى المجتمع الإنساني في السعي نحو الخلاص، فعندما يعرف الفرد أو المجتمع أسباب الغيبة ودوافعها، يدرك حينها مسؤوليته في تحقق هذه الغيبة واستمرارها، ويدرك أيضاً دوره في تحقق الخلاص.. لقد اقتضت الإرادة الإلهية والحكمة الربانية في ظل خذلان الناس وتقاعسهم، إن يغيب آخر إمام (المهدي المنتظر) عن الناس غيبة عنوان،(ظ¦) وان يطول عمره الشريف، بانتظار أن تتهيأ الظروف وأن تسنح الفرصة له للقيام بالحركة الإصلاحية الشاملة على مستوى العالم بأسره، وتنال البشرية الخلاص وتنال العدل الإلهي، ويتم بناء الدولة الفاضلة، وتحقيق حلم كل الأنبياء.
هذا هو مفهوم فكرة الخلاص وأطروحة المخلص الإسلامي بإيجاز، ونلخصها في النقاط التالية:
ظ،- فكرة الخلاص قائمة على أساس إن الدين الإسلامي خاتم الأديان السماوية، وشريعته تبسط حاكميتّها على جميع البشر.
ظ¢- الخلاص الفردي: أصالة المسئولية الفردية لكل شخص، وإن باب التوبة مفتوح.
ظ£- الخلاص العام: يهدف لإنقاذ الإنسانية وإصلاح البشرية كلها وليس محدد لطائفة أو جماعة معينة.
ظ¤- أن لا خلاص خارج فكرة المهدوية، يعني لا يمكن أن يتم خارج مبدأ الإمامة، التي هي استمرار للنبوة الخاتمة.
ظ¥- المخلص الموعود كفكرة تحولت من أمنية إلى واقع قائم، فشخصت الهوية وحددت الشخص، فهو (الإمام المهدي ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
ظ¦- إقامة الدولة الفاضلة آخر الزمان، وفيها تتوحد كل الأمم والشعوب تحت ظل سيادة واحدة، فتتحقق أحلام الإنسانية في حياة قائمة على العدل والمساواة.
ظ§- استحقاق الخلاص: فعل بشري مبارك ومؤيد من الله سبحانه وتعالى، وللإنسان دور في تحققه.
ثمرة مفهوم وفلسفة الخلاص:
لقد أصبح مبحث الخلاص الذي يمس كل البشرية ومستقبل التاريخ الإنساني من المباحث المركزية في الفكر العالمي المعاصر وفي الدراسات الدينية، فتوالت الدراسات والبحوث المؤصلة لهذا المفهوم، وحددت الدوافع والأسباب لتبني هذه المواقف أو تلك الرؤى، وبالتأكيد فإن مفهوم الخلاص عند الحضارات وأتباع الديانات المختلفة تنطلق من رؤيتهم وفلسفتهم للحياة.
إننا نركز هنا على فهم الخلاص بالمعنى العام الشامل وليس حسب رؤية واحدة محددة، وليس كما يفهم عند اليهود بالخلاص من الوهدة السياسية، أو كما يعبر عنه في المسيحية بفكرة الخلاص من الخطيئة، أو كما ينظر إليه المسلمين عند الحديث عن المغفرة والتوبة.. ولكننا نتحدث عن الخلاص الشامل العام، الذي تطمح إليه الإنسانية وتتمناه كل البشرية، وهو الذي ينسجم مع الحاجات الفطرية للإنسان ويتلائم مع المبادئ العقلية السليمة ويعضده الإرشاد السماوي، فعندما تتظافر هذه المواصفات والمؤهلات في مفهوم الخلاص فإن البشرية تظل تبحث عنه وتنتظره لسنين وقرون عديدة.
بكل تأكيد إن الخلاص الذي يلبي مصالح فئة أو طائفة أو شريحة معينة من البشر (كاليهود مثلاً)، ويجعل الغالبية العظمى من الناس عبيد وخدم لهم، فمثل هذا الخلاص لا تتمناه الإنسانية ولا أحد ينتظر تحققه، لأنه يفتقد لأبسط مبادئ العدل والمساواة.
وكذلك الخلاص القائم على عقاب غير المخطئ (السيد المسيح)، والذي يفتقد للعدالة والرحمة، باعتبار إن ألف باء العدالة تقتضي أن يتحمل الجاني مسئولية جنايته ولا ينزل العقاب بغيره، وهل في صلب المسيح عدالة أو رحمة أو محبة؟ فمثل هذا الخلاص لا يطلبه الناس ولا ينتظرونه.
أما حين يكون الخلاص قائم على ثوابت العدل والمساواة ويسعى إلى تطبيقها وترسيخها في المجتمع البشري، وينظر للناس جميعا سواسية بدون تفاضل أو تمايز، وتسقط الحواجز القومية، وتتوحد الملل البشرية، وتملأ الأرض عدلاً وقسطاً، فالكل في هذا المفهوم يشعر بالسكينة والأمان، وينعم الجميع في ظل ذلك بالسعادة والأمان.
لا ريب إن إدراك أهداف وأغراض المهدوية الإنسانية والعالمية والحضارية، والمهمة الإصلاحية الكبرى التي ستقوم بها، يساهم في إثبات عجز وفشل أطروحات المدارس الأخرى عن تلبية ما يطمح إليه العقل البشري والفطرة الإنسانية، من حيث تحقيق السعادة والعدل والكمال المنشود للمجتمع البشري.. وبكل تأكيد إن الخلاص في مثل الرؤية المهدوية يرسم أسمى ما تطمح إليه الإنسانية وأكمل صورة للمستقبل ونهاية التاريخ، ولذا عدت المهدوية كأفضل هدية قدمت للبشرية تنجذب لها القلوب قبل العقول.
​
|
|
|
|
|