عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,486
بمعدل : 0.42 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 23-01-2025 الساعة : 04:58 PM


​


الاعتقال الثاني للإمام ((عليه السلام))

ولمّا شاع ذكر الإمام((عليه السلام)) وانتشرت فضائله ومآثره في بغداد، ضاق
الرشيد من ذلك ذرعاً، وخاف منه فاعتقله ثانية فاودعه في بيت الفضل ابن يحيى.

ولمارأى الفضل عبادة الإمام((عليه السلام)) وإقباله على الله وانشغاله بذكره أكبر الإمام، ولم يضيّق عليه وكان في كل يوم يبعث إليه بمائدة فاخرة من الطعام، وقد رأى((عليه السلام)) من السعة في سجن الفضل ما لم يرها في بقية السجون.

ولمّا أوعز الرشيد للفضل بإغتيال الإمام((عليه السلام)) امتنع ولم يجبه الى ذلك وخاف من الله; لأنه كان ممّن يذهب الى الإمامة ويدين بها، وهذا هو السبب الذي دعا الرشيد للتنكيل بالفضل، واتهام البرامكة([12]).



الاعتقال الثالث للإمام ((عليه السلام))

وبعد سجن الفضل أمر هارون بنقل الإمام((عليه السلام)) الى سجن السندي بن شاهك وأمره بالتضييق عليه فاستجاب هذا الأثيم لذلك فقابل الإمام((عليه السلام)) بكل جفوة وقسوة، والإمام صابر محتسب فأمره الطاغية أن يقيّد الإمام((عليه السلام)) بثلاثين رطلا من الحديد ويقفل الباب فيوجهه ولا يدعه يخرج إلاّ للوضوء.

وامتثل السندي لذلك فقام بإرهاق الإمام((عليه السلام)) وبذل جميع جهوده للتضييق عليه، ووكّل بشّاراً مولاه، وكان من أشد الناس بغضاً لآل أبي طالب ولكنه لم يلبث أن تغير حاله وآب الى طريق الحقّ; وذلك لما رآه من كرامات الإمام((عليه السلام)) ومعاجزه، وقام ببعض الخدمات له([13]).



نشاط الإمام ((عليه السلام)) داخل السّجن

وقام الإمام بنشاط متميّز من داخل السجن، وفيما يلي نلخّص ذلك ضمن عدة نقاط:

1 ـ عبادته داخل السّجن :

أقبل الإمام كما قلنا على عبادة الله تعالى فكان يصوم النهار ويقوم الليل ولا يفتر عن ذكر الله.

وهذه اُخت الجلاّد السندي بن شاهك تحدّثنا عمّا رأته من إقبال الإمام وطاعته لله والتي أثّرت في نفسها وأصبحت فيما بعد من الصالحات فكانت تعطف على الإمام((عليه السلام)) وتقوم بخدمته وإذا نظرت إليه أرسلت ما في عينيها من دموع وهي تقول: خاب قوم تعرّضوا لهذا الرجل([14]).

2 ـ اتّصال العلماء به :

واتّصل جماعة من العلماء والرواة بالإمام((عليه السلام)) من طريق خفي فانتهلوا من نمير علومه فمنهم موسى بن إبراهيم المروزي، وقد سمح له السندي بذلك; لأنّه كان معلّماً لولده، وقد ألّف موسى بن إبراهيم كتاباً مما سمعه من الإمام([15]).

3 - إرسال الاستفتاءات إليه:

وكانت بعض البلاد الإسلامية التي تدين بالإمامة ترسل عنها مبعوثاً خاصاً للإمام((عليه السلام)) حينما كان في سجن السندي، فتزوده بالرسائل فكان ((عليه السلام)) يجيبهم عنها، وممن جاءه هناك عليّ بن سويد، فقد اتّصل بالإمام((عليه السلام)) وسلّم إليه الكتب فأجابه((عليه السلام))([16]).

4 ـ نصب الوكلاء :

وعيّن الإمام((عليه السلام)) جماعة من تلامذته وأصحابه، فجعلهم وكلاء له في بعض البلاد الإسلامية، وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الإسلامية منهم، كما وكّلهم في قبض الحقوق الشرعية، لصرفها على الفقراء والبائسين من الشيعة وإنفاقها في وجوه البر والخير، فقد نصب المفضل بن عمر وكيلا له في قبض الحقوق وأذن له في صرفها على مستحقيها([17]).

ومن هنا بدأت ظاهرة الوكالة في تخطيط أهل البيت((عليهم السلام)) لإدارة الجماعة الصالحة وتطوّرت فيما بعد بمرور الزمن. كما سوف نلاحظ ذلك في حياة الإمام الجواد والهادي والعسكري والإمام المهدي((عليهم السلام)).

5 ـ تعيينه لولي عهده :

ونصب الإمام((عليه السلام)) من بعده ولده الإمام الرضا((عليه السلام)) فجعله علماً لشيعته ومرجعاً لاُمة جدّه، فقد حدّث الحسين بن المختار، قال: لمّا كان الإمام موسى((عليه السلام)) في السجن خرجت لنا ألواح من عنده وقد كتب فيها «عهدي الى أكبر ولدي»([18]).

6 ـ وصيته ((عليه السلام)) :

وأوصى الإمام((عليه السلام)) ولده الإمام الرضا((عليه السلام)) وعهد إليه بالأمر من بعده على صدقاته ونيابته عنه في شؤونه الخاصة والعامة وقد أشهد عليها جماعة من المؤمنين وقبل أن يدلي بها ويسجّلها أمر باحضار الشهود.

7 ـ صلابة الإمام وشموخه أمام ضغوط الرّشيد :

وبعد ما مكث الإمام((عليه السلام)) زمناً طويلا في سجن هارون تكلّم معه جماعة من خواصّ شيعته فطلبوا منه أن يتكلم مع بعض الشخصيات المقرّبة عند الرشيد ليتوسط في إطلاق سراحه، فامتنع((عليه السلام)) وترفّع عن ذلك وقال لهم: «حدثني أبي عن آبائه أن الله عزّ وجلّ أوحى الى داود، يا داود إنّه ما اعتصم عبد من
عبادي بأحد من خلقي دوني، وعرفت ذلك منه إلاّ قطعت عنه أسباب السماء، وأسخت الأرض من تحته»([19]).



الإمام الكاظم((عليه السلام)) يتحدّى كبرياء هارون

لقد تنوعت ضغوط هارون على الإمام وهو في السجن، ونجد الإمام((عليه السلام)) وهو في أوج المحنة يتحدّى كبرياء هارون بكل صلابة وشدّة حتى فشل هارون بكل ما اُوتي من حول وقوّة ولم يجد أمامه حلاًّ ينسجم مع نزعاته إلاّ سمّ الإمام((عليه السلام)) واغتياله.

وإليك جملة من ضغوط هارون على الإمام الكاظم((عليه السلام)) وهو في السجن:

1 ـ إرسال جارية له

«أنفذ هارون الى الإمام((عليه السلام)) جارية وضّاءة بارعة في الجمال والحسن، أرسلها بيد أحد خواصّه لتتولى خدمة الإمام ظانّاً أنه سيفتتن بها، فلما وصلت إليه قال((عليه السلام)) لمبعوث هارون:

قل لهارون: بل أنتم بهديتكم تفرحون، لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها.

فرجع الرسول ومعه الجارية وأبلغ هارون قول الإمام((عليه السلام)) فالتاع غضباً وقال له:

إرجع إليه، وقل له: ليس برضاك حبسناك ولا برضاك أخدمناك واترك الجارية عنده، وانصرف.

فرجع ذلك الشخص وترك الجارية عند الإمام((عليه السلام)) وأبلغه بمقالته.

وأنفذ هارون خادماً له الى السجن ليتفحص عن حال الجارية، فلما انتهى إليها رآها ساجدة لربّها لا ترفع رأسها وهي تقول في سجودها: قدوس ، قدوس.

فمضى الخادم مسرعاً فأخبره بحالها فقال هارون: سحرها والله موسى ابن جعفر، عليّ بها.

فجيئ بها إليه، وهي ترتعد قد شخصت ببصرها نحو السماء وهي تذكر الله وتمجّده ، فقال لها هارون:

ما شأنك ؟!

قالت: شأني الشأن البديع، إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلّي ليله ونهاره، فلمّا انصرف من صلاته قلت له: هل لك حاجة أُعطيكها؟

فقال الإمام((عليه السلام)): وما حاجتي إليك ؟

قلت: إني اُدخلت عليك لحوائجك .

فقال الإمام((عليه السلام)): فما بال هؤلاء - وأشار بيده الى جهة- فالتفتُّ فاذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أوّلها بنظري ، ولا أوّلها من آخرها ، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج ، وعليها وصفاء ووصايف لم أَرَ مثل وجوههنّ حسناً، ولا مثل لباسهنّ لباساً، عليهن الحرير الأخضر، والأكاليل والدرّ والياقوت، وفي أيديهن الأباريق والمناديل، ومن كل الطعام، فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم، فرأيت نفسي حيث كنت .

فقال لها هارون وقد اترعت نفسه بالحقد:

يا خبيثة لعلّك سجدت، فنمت فرأيت هذا في منامك!

قالت لا والله يا سيدي، رأيت هذا قبل سجودي ، فسجدت من أجل ذلك.

فالتفت الرشيد الى خادمه ، وأمره باعتقالها واخفاء الحادث لئلاّ يسمعه أحد من الناس، فأخذها الخادم، واعتقلها عنده، فأقبلت على العبادة والصلاة، فاذا سئلت عن ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح»([20]).



2 ـ محاولة سمِّ الإمام ((عليه السلام))

ولم يتحمل الرشيد سماعه لمناقب الإمام((عليه السلام)) ومآثره وانتشارها بين الناس فعزم على قتله، فدعا برطب وأخذ رطبة من ذلك الرطب المهيّأ له ، فوضع فيها سماً، وقال لخادمه إحمله الى موسى بن جعفر وقل له:

إنّ أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب ويقسم عليك بحقه لمّا أكلته عن آخره فاني اخترته لك بيدي ولا تتركه يبقي شيئاً ولا يطعم منه أحداً.

فحمل الخادم الرطب وجاء به الى الإمام((عليه السلام)) وأبلغه برسالة هارون فأخذ الإمام يأكل من الرطب وكانت للرشيد كلبة عزيزة عنده، فجذبت نفسها وخرجت تجرّ بسلاسلها الذهبية حتى حاذت الإمام((عليه السلام)) فبادر بالخلال الى الرطبة المسمومة ورمى بها الى الكلبة فأكلتها فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض وماتت، واستوفى الإمام باقي الرطب وباء مخطط الرشيد بالفشل والخيبة فلم تنجح محاولته في اغتيال الإمام((عليه السلام)) فأنقذه الله منه وصرف عنه السوء([21]).



3 ـ توسط لإطلاق سراحه:

واستدعى الرشيد وزيره يحيى بن خالد([22]) فقال له :

يا أبا عليّ أما ترى مانحن فيه من هذه العجائب ؟ ألا تدبّر في أمر هذا الرجل تدبيراً تريحنا من غمّه ؟

فأشار عليه بالصواب وأرشده الى الخير فقال له:

الذي أراه لك يا أمير المؤمنين إن تمنن عليه وتصل رحمه فقد والله أفسد علينا قلوب شيعتنا وكان يحيى يتولاّه وهارون لا يعلم ذلك.

فاستجاب الرشيد لنصحه وقال له:

انطلق إليه وأطلق عنه الحديد وأبلغه عني السلام وقل له: يقول لك ابن عمّك :

إنه قد سبق مني فيك يمين أني لا أخليك حتى تقرّ لي بالإساءة وتسألني العفو عمّا سلف منك وليس عليك في إقرارك عار ولا في مسألتك إيّاي منقصة، وهذا يحيى بن خالد ثقتي و وزيري وصاحب أمري فاسأله بقدر ما أخرج من يميني. وانصرف راشداً.

ولم يخف على الإمام((عليه السلام)) ذلك لأنه يريد أن يأخذ من الإمام((عليه السلام)) اعترافاً بالإساءة ليتخذها وسيلة الى التشهير به ومبرّراً لسجنه له.

فلما مثل يحيى عنده وأخبره بمقالة الرشيد.

فقال له الإمام((عليه السلام)): «أوّلا سيجري عليك أنت واُسرتك من زوال النعمة على يد هارون، وحذّره من بطشه» ثم ردّ ثانياً على مقالة الرشيد قائلا:

«يا أبا عليّ، أبلغه عنّي: يقول لك موسى بن جعفر: يأتيك رسولي يوم الجمعة فيخبرك بما ترى -أي بموته- وستعلم غداً إذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم والمعتدي على صاحبه والسلام»([23]).



4 ـ رسالة الإمام موسى الكاظم((عليه السلام)) لهارون :

وكتب الإمام موسى الكاظم((عليه السلام)) رسالة من داخل السجن لهارون جواباً منه((عليه السلام)) لمحاولات هارون الفاشلة بالإغراء أو التنكيل بالإمام بأنها لا تقدم ولا تؤخر شيئاً.

عن محمّد بن إسماعيل قال: بعث موسى بن جعفر((عليه السلام)) الى الرشيد من الحبس رسالة كانت: «إنّه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً الى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون»([24]).



اغتيال الإمام موسى الكاظم ((عليه السلام))

لقد عانى الإمام الكاظم((عليه السلام)) أقسى ألوان الخطوب والتنكيل، فتكبيل بالقيود، وتضييق شديد في التعامل معه ومنعه من الاتصال بالناس، وأذى مرهق، وبعد ما صبّ الرشيد عليه جميع أنواع الأذى أقدم على قتله بشكل لم يسبق له نظير محاولا التخلص من مسؤولية قتله وذهب أكثر المؤرخين والمترجمين للإمام الى أنّ الرشيد أوعز الى السندي بن شاهك الأثيم بقتل الإمام((عليه السلام)) فاستجاب لذلك وأقدم على تنفيذ أفضع جريمة في الإسلام فاغتال حفيد النبي العظيم((صلى الله عليه وآله)).

فعمد السندي الى رطب فوضع فيه سماً فاتكاً وقدّمه للإمام((عليه السلام)) فأكل منه عشر رطبات فقال له السندي «زد على ذلك» فرمقه الإمام((عليه السلام)) بطرفه وقال له: «حسبك قد بلغت ما تحتاج إليه».

ولمّا تناول الإمام((عليه السلام)) تلك الرطبات المسمومة تسمّم بدنه وأخذ يعاني آلاماً شديدة وأوجاعاً قاسية، قد حفت به الشرطة القساة ولازمه السندي بن شاهك الخبيث فكان يسمعه في كلّ مرّة أخشن الكلام وأغلظه ومنع عنه جميع الاسعافات ليعجل له النهاية المحتومة.

وفي الأثناء استدعى السندي بعض الشخصيات والوجوه المعروفة في قاعة السجن، وكانوا ثمانين شخصاً ـ كما حدّث بذلك بعض شيوخ العامّة حيث يقول ـ : أحضرنا السندي فلما حضرنا إنبرى إلينا فقال:

انظروا الى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإنّ الناس يزعمون أنّه قد فُعل به مكروه، ويكثرون من ذلك ، وهذا منزله وفراشه موسّع عليه غير مضيّق، ولم يرد به أمير المؤمنين ـ يعني هارون ـ سوءاً وإنما ينتظره أن يقدم فيناظره ، وها هو ذا موسّع عليه في جميع اُموره فاسألوه.

يقول الراوي: ولم يكن لنا همّ سوى مشاهدة الإمام((عليه السلام)) ومقابلته فلما دنونا منه لم نر مثله قطّ في فضله ونسكه فانبرى إلينا وقال لنا:

«أما ما ذكر من التوسعة، وما أشبه ذلك ، فهو على ما ذكر،غير أني أُخبركم أيها النفر أني قد سقيت السمّ في تسع تمرات، واني اصفر غداً وبعد غد أموت».

ولمّا سمع السندي ذلك انهارت قواه واضطرب مثل السعفة التي تلعب بها الرياح العاصفة([25]) فقد أفسد عليه ما رامه من الحصول على البراءة من المسؤولية في قتله.
​

من مواضيع : صدى المهدي 0 استفتاءات المرجعية.. هل يعد البكاء متعمدًا مبطلًا للصلاة؟
0 الإمام الصادق (ع) بين مرارة المحن ودواعي المسؤولية
0 التفسير الصحيح للفرق بين السور المكية والمدنية
0 جعفر الصادق الذي ملأ الدنيا - علوماً وهل لذاك خفاء
0 الشباب أنصار الإمام المهدي في عصر الظهور المبارك
رد مع اقتباس