|
شيعي حسني
|
رقم العضوية : 24389
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 5,056
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حيدر القرشي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 19-11-2008 الساعة : 11:59 PM
وشهد رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم علی أنّ جميع المقتولين في غزوة أُحُد من أهل الجنّة، وأنّ كتاب أعمالهم خُتم بخير، وأ نّهم أبلوا بلاءً محموداً، وأنّ السعادة مكتوبة لهم في دار الآخرة.
بَيدَ أنّ هذا لشهداء أُحُد فحسب، وليس لكلّ من اشترك وجاهد في أُحُد. إذ إنّ من الممكن أن تمرّ بلاءات بعد أُحُد فلا يثبت فيها المغرورون بأنفسهم ومناصبهم، المتظاهرون بالتقوي والصلاح، وهم ينشدّون إلی عالم الغرور في تلك النكات الدقيقة. وتتجلّي أنفسهم في الاُمّة بطابع فرعوني مع جميع ما لهم من أرصدة السبق والقِدَم، فينكرون الحقّ ويؤثِرون أنانيّتهم علی الحقّ والانقياد المحض إليه. وحينئذٍ، كيف تكون عاقبتهم خيراً إذا هلكوا وهم علی هذه الحالة من الاستكبار والزهو والعُجب وحبّ الذات، حتّي لو كانوا بارزين في الزهد، بارعين في علوم القرآن، متشرّفين بصحبة رسول الله سنين طويلة ! كما أنّ شهداء بدر من أهل الجنّة أيضاً، لا كلّ من شهد بدراً، لا نّه قد يتعرّض للبلاء، فلا يثبت فيه ولايخرج منه مفلحاً.
إنّ الآيات القرآنيّة التي تتحدّث عن مجاهدي بدر وأصحاب بيعة الرضوان تحت الشجرة أثنت علیهم ثناءً مؤقّتاً كما يتطلّبه موقفهم يومئذٍ، ولمتثن علیهم ثناء مطلقاً إلی الابد. وفي بدر أدلّة، وفي أُحُد أدلّة أيضاً
وذكر مالك حديثاً عجيباً في « الموطّأ »، ويمكن استنتاج أشياء مفيدة كثيرة منه بالمناط العامّ:
حَدَّثَني عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَي عُمْرَ بنِ عُبَيْدِ اللَهِ أَ نَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ: هَؤُلاَءِ أَشْهَدُ عَلَیهِمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَهِ إخْوَانَهُمْ ؟ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا، وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: بَلَي، وَلَكِنْ لاَ أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي ؟! فَبَكَي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ بَكَي، ثُمَّ قَالَ: أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ ؟!
( «الموطّأ» لمالك، تحقيق وتعليق محمّد فؤاد عبدالباقي، ج 2، ص 461، و 462، كتاب الجهاد، باب الشهداء في سبيل الله ؛ وكتاب «تنوير الحوالك» للسيوطيّ، في شرح موطّأ مالك، الكتاب والباب أنفسهما، ص 18، أصل الحديث في صدر الصفحة، وشرحه وتفسيره في ذيلها)
يقول محمّد فؤاد عبد الباقي في تعلیقته: هذا الحديث مرسل عند جميع الرواة، لكنّ معناه يستند من وجوه صحاح كثيرة. وذكر السيوطيّ هذا اللفظ نفسه في شرحه
( «المؤطّأ» لمالك، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، ج 2، ص 461)
وقال في شرح قوله صلّي الله علیه واله: هَؤُلاَءِ أَشْهَدُ عَلَیهِمْ: يَعْنِي أَشْهَدُ لَهُمْ بِالإيمَانِ الصَّحِيحِ وَالسَّلاَمَةِ مِنَ الذُّنُوبِ المُوبِقَاتِ وَمِنَ التَّبدِيلِ وَالتَّغْيِير وَالمُنَافَسَةِ فِي الدُّنْيَا وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ البِرِّ(«تنوير الحوالك» ج 2، ص 18.)
ونفهم من هذا الحديث ما يأتي:
أوّلاً: أنّ الجهاد في أُحُد لم ينفع أبا بكر شيئاً، وأنّ رسول الله صلّيالله علیه وآله لم يؤيِّد سلامَة دينه، وخلاصَه من الذنوب الموبقة، ومن التغيير والتبديل في العقيدة والنيّة، والحوادث، والتنافس علی الرئاسة وحبّ الجاه، ولم يشهد له بالإيمان الصحيح. وبعبارة موجزة: لميؤيِّد كونه من أهل الجنّة.
ثانياً: لمّا كان النبيّ صلّي الله علیه وآله عالِماً بالغيب، وأ نّه أخبر بالوقائع والحوادث قبل وقوعها وحدوثها بسنين طويلة، فإنّ كلامه: « لا أدري ما تُحدِثون بعدي ». بمنزلة قوله: « لا نّي أعلم ما تُظهرون بعدي من البدع وما تفتعلون من الحوادث ». فلهذا أنتم لستم كشهداء أُحُد الذين رحلوا عن هذه الدنيا طاهرين مطهّرين. فأنتم ـ لا جرم ـ ستكونون من أصحاب النار !
ثالثاً: لوكان أبو بكر باحثاً عن الحقّ والحقيقة، لسأل رسول الله بعد إخباره الصحابة، وبعد بكاء أبي بكر نفسه: وماذا نفعل إذَن ؟ أرشدنا إلی سبيل النجاة من تلك الحوادث والكوارث، كي لا نُمني بتلك الذنوب الموبقة المهلكة، ولا نُحدث تلك البدع، ولنظلّ سالمين ونكون من أهل الوجوه المبْيَضَّة شامخين كشهداء أُحُد ! بَيدَ أ نّه قطع كلام رسولالله، وحسم الموضوع ببكائه وقوله: أئنّا لكائنون بعدك
|
|
|
|
|