|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 13143
|
الإنتساب : Nov 2007
|
المشاركات : 7,797
|
بمعدل : 1.22 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
أرجوان
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 08-03-2009 الساعة : 11:40 PM
هل انتحر أبو لؤلؤة:
وقد ذكرت مصادر كثيرة: أن أبا لؤلؤة قد وجأ نفسه فقتلها، حين تكاثروا عليه، وأخذوه([36]).
ولكن ذلك أيضاً موضع ريب وشك، وذلك لما يلي:
1 ـ روى ابن أعثم: أن أبا لؤلؤة جرح عمر >ثلاث جراحات: جراحتين في سرته، وجراحة فوق سرته، ثم شق الصفوف، وخرج هارباً.
قال: وعلم عمر: أنه مقتول، فأمر عبد الرحمان بن عوف أن يصلي بالناس، فصلى في الركعة الأولى بأم الكتاب، وقل يا أيها الكافرون، وفي الركعة الثانية بأم الكتاب، وقل هو الله أحد.
فلما سلَّم وثب الناس يتعادون خلف أبي لؤلؤة، وهم يقولون: خذوه، فقد قتل أمير المؤمنين.
فكان كلما لحقه رجل من المسلمين ليأخذه وجأه أبو لؤلؤة بالخنجر، حتى جرح من المسلمين ثلاثة عشر رجلاً، فمات منهم ستة نفر.
قال: ولحقه رجل من روائه، فألقى عليه برنساً، فأخذه، فلما علم أبو لؤلؤة أنه قد أخذ وجأ نفسه وجأة، فقتل نفسه..<([37]).
ونقول: إنه إذا كان قد مضى هذا الوقت الطويل، الذي صلى فيه الناس ركعتين على النحو الذي ذكرته الرواية، وكان أبو لؤلؤة قد ولى هارباً، فإنه لا بد أن يكون قد قطع مسافات طويلة، أو تمكن من أن يغيِّب نفسه في مكان لا يصل إليه فيه أحد.. خصوصاً، وأن ظلمة الليل كانت لا تزال قائمة، وتمنع من الرؤية لمسافات بعيدة..
فما معنى أن تقول هذه الرواية: إنهم بعد أن أتموا صلاتهم لحقوا به، وأخذوه؟!..
إلا أن يكون أبو لؤلؤة على درجة كبيرة من البطء في مشيه، أو كان معاقاً بسبب عاهة أو غيرها، مع أن التاريخ لا يشير إلى شيء من ذلك فيه، بل هناك ما يدل على عكس ذلك، كما سنرى..
2 ـ ورد في رواية أخرى: >فطعنه طعنتين، واحدة في قلبه، وأخرى في سرته، وولى هارباً، فوثب الناس خلفه، وهم يقولون: خذوه، خذوه. فلم يقدروا عليه..
وكان أبو لؤلؤة رجل شجاع (الصحيح: رجلاً شجاعاً) سريع الركض. وكان كل من لحقه من الناس ضربه بذلك المنقار، حتى قتل ثلاثة عشر رجلاً، ونجى هارباً<([38]).
3 ـ إن رواية البخاري تفيد أن الناس في المسجد لم يعرفوا بما حصل، وأن من عرف ذلك هم أفراد قليلون جداً، وهم الذين كانوا قرب عمر، فقد قال عمرو بن ميمون بعد أن ذكر أنه طعن عمر، وطعن معه ثلاثة عشر رجلاً.. مات منهم سبعة، ثم نحر نفسه: >وتناول عمر يد عبد الرحمان بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى. وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمان بن عوف الخ..([39]).
وبهذه الرواية يجمع بين الرواية القائلة: إنهم لحقوه بعد صلاتهم وبين الرواية التي تقول: إنه جرح ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم ستة..
لكن يبقى سؤال يحتاج إلى جواب، هو أنه إذا كان ذلك قد حصل في صلاة الصبح، فإن المتوقع أن يكون الحضور قليلاً، فمع قتل هذا العدد الكبير من المصلين وجرحهم، كيف بقي سائر أهل المسجد غافلين عما يجري، مع أن المسجد لم يكن آنئذ كبيراً كما هو عليه الآن؟!..
4 ـ تقدمت رواية جابر الأنصاري التي تقول: إنه لما طعن أبو لؤلؤة عمراً، قال له عمر: يا عدو الله، ما حملك على قتلي، ومن الذي دسك إلى قتلي..
إلى أن تقول الرواية: إنه قال له: أنت أمرتني بقتلك يا عمر.
قال: وكيف ذلك؟!
قال: إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنت تقول: كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة، وقانا الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، وقد عدت أنت إلى مثلها..
فقال له: صدقت، ثم أغمي عليه ومات([40]).
وهذا معناه: أن أبا لؤلؤة قد أخذ حياً، وأنه عاش إلى ما بعد موت عمر، فإن صحت الرواية التي تقول: إنه قد ولى هارباً، ولم يقدروا عليه. فلعله قد أفلت منهم حين انشغالهم ودهشتهم بموت عمر، فاغتنمها أبو لؤلؤة فرصة، ونجا بنفسه..
والله هو العالم بحقيقة الحال، وإليه المرجع والمآل..
لماذا يقتل أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب؟!
ونذكر أخيراً: أن ما يذكرونه سبباً لإقدام أبي لؤلؤة على قتل عمر، لا نرى أنه يصلح سبباً لذلك، بل هو يصلح مبرراً لأن يقتل مولاه المغيرة بن شعبة، وأن يشكر الخليفة عمر..
لأن السبب الذي يذكرونه هو أنه شكا مولاه المغيرة إلى عمر بن الخطاب بسبب ثقل الخراج الذي وضعه عليه المغيرة([41]).
وتذكر بعض النصوص أن عمراً قد تعاطف معه..
فسواء قبل الخليفة شكواه أو ردها، فإن حقده ونقمته يجب أن يتجه نحو ظالمه، الذي يستغله، ويرهقه بالضرائب..
فكيف وهم يزعمون أن عمر قد كلم مولاه المغيرة في أمره، فوعده بأن يفعل ما طلبه منه، ثم عاد أبو لؤلؤة إلى عمر ثانية، وثالثة، فأخبره عمر بأنه قد أوصى مولاه به([42]).
فلماذا يحقد عليه أبو لؤلؤة والحال هذه؟!، ولماذا يقتله؟! ويترك المغيرة؟!
التاسع من ربيع الأول.. يوم عيد!!
وأما بالنسبة لاعتبار اليوم التاسع من شهر ربيع الأول يوم عيد، فقد قيل: إن سبب ذلك هو أن عمر بن سعد قد قتل في هذا اليوم، أو أنه يوم ورود رأسه إلى المدينة من الكوفة، بخدمة مولانا السجاد عليه السلام([43]).
واحتمل العلامة المجلسي أن يكون سبب تعظيم تاسع ربيع الأول هو أنه أول يوم بدأت فيه ولاية الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف، بعد استشهاد أبيه الإمام الحسن العسكري في الثامن منه([44]).
([36]) راجع: البداية والنهاية ج7 ص154 و155 ط دار إحياء التراث ومروج الذهب ج2 ص320 والوافي بالوفيات ج22 ص463 وتاريخ الخميس ج2 ص249 ودول الإسلام ص10 والفخري في الآداب السلطانية ص96 والاستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص470 وتاريخ الخلفاء ص156 ط دار الجيل والعقد الفريد ج4 ص258 دار إحياء التراث والبحار ج31 ص113 و115 و118 وج95 ص199 عن العدد القوية ص328 و329 والطبقات الكبرى ج3 ص250 و252 و صحيح البخاري ج5 ص84 و 85 ط المكتبة الثقافية بيروت. ونيل الأوطار ج6 ص158 والسنن الكبرى ج8 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص416 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص188 وأسد الغابة ج4 ص75.
([37]) الفتوح لابن أعثم، المجلد الأول ج2 ص326 و327.
([38]) عقد الدرر ص74.
([39]) راجع: صحيح البخاري ج5 ص84 و85 ط المكتبة الثقافية بيروت، والسنن الكبرى ج8 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص416 وأسد الغابة ج4 ص75 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص188 ونيل الأوطار ج6 ص158.
([40]) عقد الدرر ص80 و81.
([41]) راجع: تاريخ الخلفاء ص156 و 157 ط دار الجيل، وراجع: تاريخ الأمم والملوك، المجلد الثاني ص406 ط عز الدين، وتاريخ الخميس ج2 ص248 والاستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص469 وإرشاد الساري ج6 ص111 وفتح الباري ج7 ص49 و50 ط دار إحياء التراث العربي سنة 1408هـ
([42]) الفتوح المجلد الأول ج2 ص323 و324.
([43]) رياض العلماء ج5 ص507.
([44]) راجع: البحار ج95 ص355 و356.
وصلى الله على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين..
|
|
|
|
|