عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حيدر القرشي
حيدر القرشي
شيعي حسني
رقم العضوية : 24389
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 5,056
بمعدل : 0.84 يوميا

حيدر القرشي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر القرشي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : حيدر القرشي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-03-2009 الساعة : 11:20 PM


والآن وبعد كلّ ذلك, ندعوك ونبتهل إليك, ونشكرك على جميع نعمك.. نعمك التي لا تُحصَى.. فأنتَ الذي وهبتنا جميعَ ما لدينا من الكمال والفعليات, ومننتَ علينا من القوى والقابليات, ثمّ أنت الذي أوصلتها إلى تمام كمالها, وبلغتَ بها هدفها, من العلم والكمال, وجعلتنا مؤمنين, مسلمين, موقنين, متيقظّين, مُبْصرين, وجعلتنا غير مبالين بالأمور الدنيويّة..مترفّعين عن المسائل الشهوانية, أو ما هو أعلى من ذلك أو أدنى, كالجاه أو الأمور الاعتباريّة, فلَكَ الحمد.. لك الحمد.. إلهي احفظنا وثبّتنا.. ولا تزعزعنا ولا تهزّنا.. فتزلّ قدمنا بعد ذلك.. فلو شئتَ لجعلتنا كفّاراً معاندين.. وفي لحظة واحدة.. فنظرة واحدة منك تستطيع أن تجعل الكافر مسلماً والمسلمَ كافرا.. فها نحن قد تعرّضنا إليك, نطلب من كرمك ونستعين بك, وحدك دون غيرك..فنحن عبيد.. والعبدُ يعني الطلب والاستعطاء.. والاستجداء من الله, فالعبد هو من يستجدي ويستعطي,فلا يأخذ شيئا من غير الله بل يتعفّف عن جميع عالم الوجود ويتحوّل إلى الاستعطاء والاستجداء من الله, وعلى العكس من ذلك من ليس عبداً, فإنّه يستعطي من كلّ عالم الوجود ويستجدي من جميع الكائنات دون الله, وحينئذٍ يقفُ متسوّلا على باب كلّ عالم الوجود, حتّى السلاطين, وحتّى رؤساء جمهوريات الدنيا, فإنّهم أكثر الناس استعطاءً وأشدّهم تسوّلاً في العالم.
البهلول كان ابنَ خالة هارون الرشيد, أو ابن عمّه([30]) کان يوماً يعدو ويركض, فقد كان مجنوناَ, فكان يركض ويجري, وفي يده درهما, فأتى قصرَ هارون الرشيد وصعدَ السرير, ذلك لأنّه لم يكن يعترضه أحدٌ لمكانته حيث كان معروفاً فكانوا يسمحون له بذلك, وقال: خذْ هذا يا هارون, وأخذ البهلول يدَ هارون ووضع الدرهمَ فيها ثمّ نزل وجلس في الأسفل, فقال هارون ما هذا؟ قال: اليومَ أعطاني شخصٌ هذا الدرهم وقال لي: أعطه لأكثر الأشخاص تسكّعاً وأشدّهم حاجة, وأنا رأيت أنّك أكثرَ الناس استعطاءً, فقال: عجباً! ما هذا الكلام؟ أيّ كذبٍ هذا؟ فقال: حسناً, جَمِيْعُ النَّاسِ يستعطون, لكنّك أكثر منهم استجداءً, فأحدهم يستعطي ويطلب مائة, والآخر يطلب ألف تومانا, وذاك يطلب من جمعيّة معيّنة, وآخرون.. أمّا أنت, فإنّك جالسٌ هنا, تستعطي من جميع الناس, فأنت تختلس أموالَ جميع الناس, أنتَ أشدُّ الناس استعطاءً.. صحيح؟! وعليه فلو أراد الله أنْ نفعلَ ذلك لفعلنا, فحمداً لك ربّي أنْ لمْ تفعل بنا ذلك, ونطلب منك أن لا تصيبنا بمثل ذلك.
كما ونطلب منك أيضاً أن تبلغنا هدفنا, فجميع استعداداتنا التّي لم تبلغ فعليّتها بعد, والتّي إن ادركناها وفهمناها, فستوجب لنا السكون والهدوء والطمأنينة, ولكنّنا لم نطمئن بعد, فنحن نطلب منك.. ونتوقّع منك.. ونرجوك أن تحقّق فينا هذه الفعليات.
إلهي نحن نريدك أنت فحسب.. ونتوقع ذلك منك.. ونحبّك أنت فحسب.. فها نحن نرجع إلى أنفسنا في الخفاء والعلانية وندرك أنّ ما يشبعنا في عالم الوجود ويروينا ويريحنا ليس إلا الوصول إليك وإلى جمالك, ولقائك وزيارتك, وهذا الذي ظهرَ لنا ليسَ شيئاً يعتدّ به, فلا نكتفي به, لأنّك أنت الذي وضعت فينا ذاك الاستعداد, وإلاّ فلا طلبَ عندنا, ولم نكن لنلتفتَ إلى هذه المعاني, فطلبنا لهذه الحقائق دليلٌ على إمكانية وصولنا إليها, وأنّك قد خلقتنا لأجل هذه الغاية, وما دام الأمر كذلك, فإنّنا نرجو منك أن توصل استعداداتنا إلى فعلياتها. ونحنُ الذين لا بدّ وأنْ نَعبُرَ من هذه الدنيا ونجتازها,فنسألك أن لا نرحلَ ونحن ناقصون غير كاملين.. غير يانعين.. فلا نذهبَ قبل أنْ تبلغَ استعداداتنا فعليّاتها, فإنْ رحلنا غير يانعين فسوف يكون موعد رحيلنا محلاً للبكاء والنحيب والتألّم, وسوفَ يحلّ الخراب في بيوتنا, في عائلتنا.. ماذا سيحلّ في زوجتي.. يا أموالي ماذا! يا فلان! ونطلقُ الكثير من هذه الصيحات.. ومن سيعقبني خلفاً في هذه الدنيا!.. وأمّا إنْ يرحمنا الله,بأنْ ندركَ هدفنا ونبلغَ مرادنا, فسيحلّ السرور والبسمة والضحك والهناء, لأنّ الإنسان قد عَبَرَ من عالم ضيّق إلى عالمٍ واسع رحب.. من عالم الظلمة إلى عالم النور.. من عالم الشيطنة إلى عالم الملائكة.. وحينئذٍ سيكون عالماً رائعاً.. عالماً قيِّماً.. حيث الأجرُ والرَّوح والريحان.. والجنّة والنعيم والرضوان.. حيث رضا الله.. ملاقاة أولياء الله وملاقاة الأئمة.. ملاقاة الأنبياء.. الوصول إلى مقام "(أَوْ أَدْنى)"([31]).. حيث تُرفعُ الستائر والحجب أمام الإنسان.. ( فىِ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر) ([32])..جنبِ حوض الكوثر.. زمزم.. مقام ولاية أمير المؤمنين.. و"ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشر"([33]).. فكلّ هذه المقامات يمكنُ أنْ يعطيها الله للإنسان في هذه الدنيا وقبل موته, فهلْ يطمحُ واقعاً لأعلى من ذلك وأرقى منه!! فالمسألة جدّية!! هل يتصوّر أعلى من ذلك, حيث أنّ بإمكان الإنسان بلوغ ذلك بكلّ هذه السهولة!! هاتف الأصفهاني([34]) يقول:
هاتف! ارباب معرفت كه گهي
مست خوانندشان وگه هشيار([35])
از مي وجام ومطرب وساقى
از مغ ودير و شاهد وزنّار
قصد ايشان نهفته اسراريست
كه به ايماء كنند گاه اظهار
پي بري گر به سرّشان داني
كه همين است سرّ آن اسرار
كه يكي هست وهيچ نيست جز او
وَحْدَهُ لا إِلَهَ إِ لاّ هُو
وفي مكان آخر يقول:
يار بي پرده از در و ديوار
در تجلّي است يا اولي الابصار([36])
يتابع حتّى يصل إلى قوله:
شمع جوئي و آفتاب بلند
روز بس روشن وتو در شب تار([37])
وهو ما يعني:
گر ز ظلمات خود رهي بيني
همه عالم مشارق الأنوار([38])





[1] ـ سورة النجم آية 28 وصدر آية 29.
[2] ـ سورة الفاتحة الآية 6 و7.
[3] ـ سورة النساء الآية 67 و68.
[4] ـ بحار الأنوار 68: 220 نشر مؤسسة الوفاء بيروت ـ الطبعة الثانية 1402هجريّة.
[5] ـ السّحاب والرياح والقمر والشمس والكواكب في عملها وتكليفها الذي أمرها الله به كي تبلغ ـ أيّها الإنسان ـ رزقك ولا تأكله وأنت جاهل بالله.
[6] ـ فهي كلّها متحيّرة من نصيبك الوافر ومنقادة لك ومطيعة كي توصلك إلى هذه الغاية, فليس من الإنصاف أن لا تنصاع إلى أوامر الله
[7] ـ سورة الأعراف من الآية 44.
[8] ـ سورة الحجر آية 47.
[9]ـ أهل الدنيا من الوضيع والرفيع فلعنة الله عليهم أجمعين
[10] ـ سورة فاطر الآية 34 و35.
[11] ـ الآية السابقة.
[12] ـ نهج البلاغة ـ شرح الشيخ محمد عبده 1:93.
[13] ـ سورة الفرقان من آية 58.
[14] ـ سورة الإسراء الآية 111.
[15] ـ سورة هود من آية 112.
[16] ـ سورة المزمل من آية 8.
[17] ـ نهج البلاغة, شرح ابن أبي الحديد الجزء 18 صفحة 220.
[18] ـ سورة فاطر من الآية 34.
[19] ـ سورة محمد من الآية 4.
[20] ـ الاعتقادات للشيخ المفيد صفحة 47 تحقيق عصام عبد السيد, طبعة دار المفيد الطبعة الثانية 1414 هجري قمري, وهو مقطع من حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله (ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء وإنما تنقلون من دار إلى دار).
[21] ـ سورة المزمل من آية 1 إلى آية 6.
[22] ـ سورة المزمل الآية 5.
[23] ـ مقطع من الحديث المتظافر عن رسول الله صلى الله عليه وآله حين سأله جابر ابن عبد الله عن أول شيء خلقه الله, فأجابه النبي صلى الله عليه وآله (نور نبيك يا جابر, خلقه الله ثم خلق منه كل خير) بحار الأنوار15: 24 و 25: 22 و54: 170.
[24] ـ سورة الفرقان الآية 3.
[25] ـ هذا الكلام موجّه للدكتور سجادي.
[26] ـ سورة الملك قسم من الآية 1.
[27] ـ سورة آل عمران الآية 26 و27.
[28] ـ ديوان ابن الفارض, من قصيدته التائية الكبرى المسماة بنظم السلوك.
كتاب جلاء الغامض في شرح ديوان ابن الفارض, صفحة 85, بقلم أيمن الخوري, الطبعة الرابعة, المطبعة الأدبية سنة 1904.
[29] ـ سورة الأنبياء الآية 23.
[30] ـ (بهلول بن عمرو العاقل ... اسمه وهب بن عمرو... أنّه من بني أعمام الرشيد ومن خواص الصادق عليه السلام) كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة الجزء 8 صفحة 62, آقا برزگ الطهراني, دار الأضواء بيروت.
[31] ـ إشارة إلى الآية الكريمة (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) الآية 9 من سورة النجم.
[32] ـ سورة القمر الآية 55.
[33] ـ الأمالي للشيخ الصدوق صفحة 281 الناشر مؤسسة البعثة 1417هجري.
[34] ـ وهو السيد أحمد الحسيني الأصفهاني المنشي الشاعر الطبيب الماهر المتوفى 1198ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة, الجزء 9 صفحة 1283. (المعجم الفقهي)
[35] ـ هاتف! (اسم الشاعر) أصحاب المعرفة الذين هم في بعض الأحيان يحسبهم الناس سكارى وفي البعض الآخر يحسبونهم عقلاء وصاحيان وواعين.
من الخمر والكأس والمطرب والساقي والكاهن (أي شيوخ المعابد) والدير والشهد (أي المغنّي الذي يجلب الأنظار إليه عادة) والزنّار.
فمقصودهم (أي الكأس والمطرب والساقي...) هو الأسرار الخفيّة والتي تارة يظهرونها بالإيماء وأخرى بالعيان والوضوح.
إذا اطّلعتَ على أسرارهم عرفت أن هذا الشيء كائن في تلك الأسرار.
فهو واحد في عالم الوجود لا وجود لغيره أبداً وحده لا إله إلا هو.
[36]ـ الحبيب بلا ستار ولا باب ولا حائط فهو في تجلّيه يا أولي الأبصار!!
[37]ـ أنتَ مشتغلٌ بطلب الشمعة والحال أنّ الشمس تتلألأ.. فالنّهار مضيء وأنتَ في ليل دامس مظلم.
[38]ـ فإنْ أنتَ تخرجُ من ظلماتِ نفسك وعالم الكثرة, ترى كلّ العالم مشارق الأنوار.


توقيع : حيدر القرشي
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ *
ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
لا نَبِيُ الهُدَىَ أُطِيعَ ولا *
فاطمةٌ أُكْرِمَتْ ولا حَسَنَاهَا
ولأي الأمور تدفن سرا *
بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فرار الدمشقية من المناظرة!!
من مواضيع : حيدر القرشي 0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 كيفيّة إحياء مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه السلام
0 حوار هادئ حول الامامة
0 عيد الغدير يوم غلبة العقل على الإحساسات
رد مع اقتباس