|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 28250
|
الإنتساب : Dec 2008
|
المشاركات : 1,487
|
بمعدل : 0.25 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
محطم الاصنام
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 12-05-2009 الساعة : 01:52 AM
إن الحق المتعال يصف مجموعة من الأنبياء السلف وهم: إبراهيم واسحق ويعقوب بأنهم ذو ( الأيدي ) أي القوة في العبادة أو الحكم أو كليهما ، و( الأبصار ) أي البصيرة في الدين والدنيا ..ثم يعقّب ذلك بأنهم أخلِصوا بصفة خالصة ، وهي ذكرى ( الدار ) وهي الآخرة ..ومن ذلك يُعلم أهمية هذه الصفة الخالصة - وهي ذكرى الموت - في مسيرة الأنبياء عليهم السلام ، ولا شك في أنها مهدت السبيل لكونهم من المصطفَين الأخيار ، وهي غاية المنى من بين الغايات ..وما قيمة الاصطفاء والاصطباغ بصبغة الأخيار عند غير الحق المتعال ؟!.
لو تأمل العبد في النظام الأحسن البديع في بدنه ، لرأى أنه يعيش ( موتاً ) متكرراً في كل آن من آناء حياته ..فصعود نَفَسه بعد الشهيق إنما هو حياة بعد موت ، ولولا ذلك الشهيق لقتله الزفير ..ورجوع الدم النقي إلى شرايينه كذلك حياة بعد موت ، ولولا ذلك الرجوع لقتله الدم الفاسد الذي نقله الوريد ..وعودة روحه إليه بعد المنام كذلك حياة بعد موت ، ولولا ذلك الرجوع لبقي العبد في برزخه إلى يوم يبعثون ، هذا كله فضلاً عن ( الحوادث ) القاتلة التي صُرفت عنه ولم يحط بها علماً ..إن مجموع هذه الأحاسيس ، يدعو العبد للشكر المتواصل من أعماق وجوده ، شكر من استوهب الحياة بعد الممات ، بكل ما يلزمه الشكر من شعور بالخجل ولزوم العمل بما يرضى به المنعم ..وقد روي عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال : { والذي نفس محمد بيده ، ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفراي لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي } البحار-ج73ص177 .
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يفصح عن شدّة ( شوقه ) إلى الموت في مواقف عديدة منها قوله (عليه السلام): { والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه ، ومن الرجل بأخيه وعمه }البحار-ج28ص233 ..والسر في ذلك واضح ، إذ الموت عنده (عليه السلام) سفر من ( الضيق ) إلى عالم لا يعرف الحدود ، ومن ( مصاحبة ) الخلق إلى التفرغ لمجالسة الحق في مقعد الصدق عند المليك المقتدر ..فالذي يرى الموت جسراً بين العناء والسعادة المطلقة ، لا يمكن أن يستوحش منه وهو على مشارفه ، وهذا خلافاً لمن لا يعلم ما وراء ذلك الحد ، بل يعلم بما هو أسوأ من حاضره ..ولهذا جعل الحق المتعال تمنيّ الموت من دلائل الصدق في دعوى الولاية للحق ،
وذلك في قوله تعالى:
{ إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس
فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } .
بارك الله بكم وشكرا لك
تحيااتي وتقدير
مرتضى العاملي
احسنت اخي الكريم جعلك الله من الذاكرين : وحشرك مع امير المؤمنين
طرح موفق وقيم
إن مما يلاحظ في بعض صور توفّـي الحق لعبده بالموت ، هو أن العبد يصل إلى مرحلة رتيبة من الطاعة إما أنساً بها أو اعتياداً لها ، بحيث لو ترك بحاله لما عدل عما هو فيه ، ومن المعلوم أن ( استعداد ) العبد للطاعة - وإن استمرت به الدهور - لمن موجبات الخلود بالجزاء التفضلي للحق الكريم ..وعليه فلو توفّاه الحق بعد تلك الحالة الرتيبة الثابتة ، فإن انقطاع ذلك التفاعل ( العرضي ) لا يؤثر كثيراً في رصيده ، وهذا بخلاف ما لو اعتاد العبد القفزة في حياته ، فإن هذا التكامل ( الطولي ) في الدرجات ، قد يوجب له منحة الحق في إطالة العمر ، ليتسنى للعبد القفز إلى أعلى الرتب التي يمكن أن يصل إليها ، فيتوفاه الحق - لطفاً به - بعد ذلك وهو في أعلى سلم التكامل .
يحسن بالعبد بين فترة وأخرى ( افتراض ) حلول الموت به على حين غفلة ، ليرى مدى ( استعداده ) لمواجهة هذا المصير الذي لا يُستثنى منه أحدٌ من الخلق ، وتتأكد هذه الحاجة لمن بلغ من العمر مبلغاً ، أو ألـمّت به عارضة يخشى معها الرحيل على عجل ..والمطلوب من العبد في مثل تلك المراجعة ، هو تصفية حقوق الخلق ، والإنابة إلى الخالق ، والتفكير فيما ينبغي له بعد الموت ، من موجبات الأجر الجاري الذي لا ينقطع بانقطاع الحياة ..
ومع الإخلال بما ذكر ، فإن على العبد أن يوطّن نفسه على التصفية قبل الموت في سكراته ، وبعد الموت في برزخه ، وهو ما يعبر عنه الإمام الهادي (عليه السلام) بـ ( الحمّام ) ، وذلك عندما دخل على مريضٍ وهو يجزع فقال له: { إذا اتسخت وتقذّرت وتأذيت من كثرة القذر والوسخ عليك ، وأصابك قروح وجرب ، وعلمت أن الغسل في الحمام يزيل ذلك كله
، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك؟..
أوَ تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟..
فقال بلى يا ابن رسول الله ، فقال(عليه السلام): هو ذلك الحمام ، هو آخر ما بقي من تمحيص ذنوبك ، وتنقيتك من سيئاتك }البحار-ج6ص156..فالأولي بالعبد أن يدخل الحمام بنفسه قبل الموت ، لئلا يجبر على دخولهـا بما فيها من ذل وقسر وطول مكث
|
|
|
|
|