|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 18676
|
الإنتساب : Apr 2008
|
المشاركات : 7,218
|
بمعدل : 1.16 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نسايم
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 15-08-2009 الساعة : 11:22 AM
حدقت اليها واستمرت هي تهز رأسها بهدوء ثم قالت: كان خيرا أنني أرسلت في طلبك ان من عناية الله الرحيم أن فيرجيني أخبرتني -قبل أن ترحل للالتحاق بدير- بما فعلته. اسمع يا سيد بوارو: لقد كان ابني رجلا شريرا فقد آذى الكنيسة وعاش حياة من الخطايا المهلكة وقد أغوى نفوسا أخرى مع نفسه ولكنه فعل ما هو أسوأ من ذلك ففي صبيحة أحد الأيام بينما كنت أخرج من غرفتي في هذا البيت رأيت زوجة ابني واقفة عند رأس الدرج كانت تقرأ رسالة ورأيت ابني يتسلل من خلفها وبدفعة سريعة واحدة وقعت وارتطم رأسها بالدرجات الرخامية وعندما انتشلوها كانت قد ماتت لقد كان ابني قاتلا وأنا فقط أمه كنت أعرف ذلك.
أغمضت عينيها لحظة ثم تابعت: لا تستطيع -يا سيدي- تخيل ألمي ويأسي ماذا كان علي أن أفعل؟ أدينه أمام الشرطة؟ لم أستطع حمل نفسي على ذلك كان ذلك واجبا علي ولكن جسمي كان ضعيفا وفوق ذلك: هل كانوا سيصدقونني؟ كان نظري يضعف منذ مدة وكانوا سيقولون بأنني كنت مخطئة لزمت الصمت ولكن ضميري لم يسمح لي بالراحة فبلزومي للصمت كنت أنا أيضا قاتلة وقد ورث ابني أموال زوجته وازدهر كشجرة اللبلاب وأصبح الآن على وشك استلام حقيبة وزارية وسيكون أذاه للكنيسة مضاعفا ورأيت فيرجيني تلك الطفلة المسكينة الجميلة التقية بطبيعتها تتعلق به بشغف كانت له سلطة غريبة فظيعة على النساء ورأيت المصيبة قادمة رأي العين وكنت عاجزة عم منعها لم يكن ينوي الزواج بها وجاء الوقت الذي أصبحت فيه جاهزة لتسليمه كل شئ.
عندها رأيت طريقي واضحا لقد كان ولدي فأنا التي أعطيته الحياة وكنت مسؤولة عنه وقد قتل جسد امرأة ويوشك الآن على قتل روح امرأة أخرى! ذهبت الى غرفة السيد ويلسن وأخذت قارورة الحبوب كان قال مرة مازحا بأنه كان في تلك القارورة ما يكفي لقتل رجل! ذهبت الى المكتب وفتحت علبة الحلوى الكبيرة التي كانت دائما على الطاولة فتحت علبة جديدة بالخطأ وكانت الأخرى على الطاولة أيضا وفيها قطعة واحدة باقية فقط وقد سهل ذلك الأمور علي فلا أحد يأكل الحلوى سوى ابني وفيرجيني وكنت سأبقيها معي تلك الليلة وقد حدث كل شئ كما خططت...
توقفت وقد أغمضت عينيها لبرهة ثم فتحتها ثانية وقالت: سيد بوارو انني بين يديك لقد قالوا لي بأن أيامي معدودة في هذه الحياة وأنا مستعدة لتحمل مسؤولية عملي أمام الله فهل علي أن أتحملها على الأرض أيضا؟
ترددت ثم قلت لكسب بعض الوقت: ولكن ماذا عن الزجاجة الفارغة يا سيدتي كيف جاءت تلك الى حوزة السيد دوسان آلار؟
قالت: عندما جاء ليودعني يا سيدي دسستها في جيبه لم أكن أعرف كيف أتخلص منها انني عاجزة الى الحد الذي لا أستطيع معه التحرك كثيرا دون أي مساعدة وكان العثور عليها فارغة في جناحي مسألة قد تثير الشكوك هل فهمتني يا سيدي؟
ثم عدلت جلستها لتبلغ كامل طولها وقالت: كان ذلك دون أن أقصد القاء الشبهة على السيد دوسان آلار! لم أحلم أبدا بشئ كهذا فكرت بأن خادمه سيجد قارورة فارغة ويرميها دونما سؤال.
انحنيت لها وقلت: لقد فهمت يا سيدتي.
- وقرارك أيها السيد؟
كان صوتها عازما غير متعلثم ورأسها مرفوعا أكثر من أي وقت مضى نهضت على قدمي وقلت: سيدتي يشرفني أن أتمنى لك يوما سعيدا لقد قمت بتحرياتي... وفشلت! انتهت القضية.
صمت بوارو لحظة ثم قال بهدوء: ولقد ماتت بعد أسبوع فقط تلك يا صديقي هي القصة علي أن أعترف بأنني لم أوفق الى تخمين صحيح فيها.
- ولكن ذلك لا يكاد يكون فشلا فما الذي بوسعك أن تخمنه غير ذلك في مثل تبك الظروف؟
صاح بوارو وقد دبت فيه الحماسة فجأة: آه يا صديقي هل علتك أنك لا ترى؟ لقد كنت مغفلا ستا وثلاثين مرة! خلاياي الرمادية لم تعمل على الاطلاق فقد كان الدليل معي طوال الوقت.
- أي دليل؟
- علبة الحلوى! ألم تفهم؟ هل كان لأحد يمتلك كامل قوة بصره أن يرتكب خطأ كهذا؟ كنت أعرف أن المدام ديرولار تعاني من اعتام عدسة العين علمت ذلك من قطرات الأتروبين التي تستعملها كان في المنزل شخص واحد فقط ذو بصر ضعيف بحيث لا يستطيع أن يرى أي الغطاءين ينبغي وضعه على العلبة كانت علبة الحلوى هي التي وضعتني على طريق البداية في ذلك المسار ومع ذلك فقد فلت حتى النهاية -وباصرار- في ادراك مغزاها الكبير!
وكذلك فان تحليلي النفسي كان خاطئا فلو كان دوسان آلار هو المجرم لما احتفظ أبدا بقارورة تدينه ان عثوري عليها لديه كان دليلا على براءته كنت قد عرفت آنفا من الآنسة فيرجيني بأنه كان شارد الذهن لقد كانت هذه القضية التي رويتها لك بمجملها قضية تعسة! لم أرو هذه القصة الا لك أنت هل تفهمني؟ لم أقم بتخمين جيد فيها! امرأة عجوز ترتكب جريمة بكل تلك البساطة والذكاء بحيث أغدو أنا -هيركيول بوارو- مخدوعا تماما تبا! لا أتحمل التفكير فيها! عليك أن تنساها. أو... كلا، بل تذكرها وان اعتقدت في أي وقت بأنني أصبحت مغرورا وهو أمر غير محتمل ولكنه قد يقع...
أخفيت ابتسامة فيما تابع بوارو: حسنا يا صديقي ان رأيتني أصبحت مغرورا فما عليك الا أن تقول: "علبة الحلوى" اتفقنا؟
- اتفقنا.
قال بوارو متأملا: لقد كانت تجربة مفيدة في نهاية المطاف! أنا الذي أملك دون شك أبرع دماغ في أوروبا في الوقت الحاضر أستطيع أن أكون متساهلا واسع الصدر.
تمتمت بهدوء: علبة الحلوى...
- عفوا ماذا قلت يا صديقي؟
نظرت الى وجه بوارو البرئ وهو ينحني متسائلا فشعرت بتأنيب الضمير لطالما عانيت على يدي بوارو ولكنني أيضا -رغم عدم امتلاكي أبرع دماغ في أوروبا- أستطيع أن أكون متساهلا واسع الصدر!
أجبته كاذبا: لا شئ.
وأشعل غليونا آخر وأنا أبتسم مع نفسي..
النهايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
|
|
|
|
|