بسم الله الرحمن الرحيم
ذات ليلة فيها قد اكتمل القمر وصار بدرا ...
تجولت في شوارع بلدي الحبيب
واذ بي أرى الحشود من المؤمنين رجالا ونساءا شيبا وشبانا وأطفالا يتسابقون لحضور حفل بهيج ...
مهلا مهلا ...
الى أين تسيرون بهذه اللهفة ؟ ولمن تقصدون بهذه الحفلة؟؟
تقدمت لي امرأة مسنة يشع من جبينها نور فقابلتني بابتسامة حنونه ورتبت على كتفي قائلة:
انها ليلة الخامس عشر من شعبان ! هي ليلة سعيدة ، بالغة الشرف،، ليلة تقدير الأرزاق والآجال ،،، ليلة الأئمة الأطهار ،، ليلة زيارة الامام الحسين عليه السلام ،، ليلة العبادة ،، ليلة ميلاد سلطان العصر ، وامام الزمان عجل الله فرجه الشريف ، الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، الامام المهدي بن الامام الحسن العسكري عليه السلام ،، ليلة فرحة أهل البيت وشيعتهم بمولد منقذ البشرية مولانا صاحب الزمان ،، ليلة الدعاء بتعجيل الفرج لامامنا المغيب ،،، ليلة الشكر لله عزوجل على أن جعلنا من رعايا مولانا الحجة سلام الله عليه ،، ليلة تجديد البيعة لأمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم السلام
.
اجبتها : من مهدي هذا؟ أو موجود هنا بين الجوانب؟ أم زعمتم انه فينا مخلد ؟؟انه ليس يرى اذ هو غائب!
أيعيش الفرد منا لدهور ؟؟ هذا والله عجيب من عجائب!
أجابتني المرأة بكل حكمة وثقه : أيتها التائهة عن خير المذاهب ، أولم تقرئي قران ربك كي تعلمي أننا لسنا كفار ولانلهو مع الغائب ؟؟ ألم تقرئي ما قاله ربي عن نبي الله نوح ؟ ألم يعش دهرا طويلا داعيا قومه ؟؟ أوليس نبى الله عيسى قد رفعه الله ربنا وهو باقي ؟؟ ها هو القران في الخضر صريح انه الحي وظل للدهر صاحب .. !!هكذا مهدينا يخفى الى ان تملأ الأرض فسقا وظلما فيريح الهم مهدينا وتنجو شيعة الآل من كل المتاعب ..
قلت لها :وما ماحاجتنا لانسان غائب لانراه بيننا ؟
فردت علي : ان الغيبة مدد معنوي للمؤمنين المعتقدين بغيبة الامام والمنتظرين له ، ولو كان الامام المهدي قد ظهر ومات كمن سبقوه من الائمة لتوقف هذاالمدد ولفقدت الاجيال اللاحقة تلك الدفعات الايمانية التي تتولد من حالة الانتظار ليوم الخلاص من الظلم والفساد على يد الامام المنتظر ، ولكن الله عزوجل بحكمته غيب هذا الامام المصلح عن عيون الظالمين وحفظه من شرهم وادخره ليوم خلاص البشريه ..
قلت في نفسي : انني لست أرى الا غلاة ، انما الاسلام صوم وصلاة وزكاة ودعاء وكفاية ،ولا اراهم الا مبتدعين يرجون من ضعيف عونا وحماية !
أدركت المرأة الحكيمة مايدور ببالي فبادرتني بقولها وهي حزينة : انما المهدي نور الله في أرضه ,انني أخشى عليك من سوء العواقب ، الحجة للناس هداية ونجاة وهو الذي فيه اعظم المناقب ، هو امام الامة كلها فاز من كان في موكبه مواكب ، نحن لانغلو في الحجة لكن عرفنا حبه في الدين واجب ..
اقرئي القران وتدبري مافيه ، فهو نهج وتعامل وليس حرز للوقايه ،هاهو الله ينادي لعلي بعد أحمد بالولاية , وآل محمد هم الهداة والصراط المستقيم فاز من والاهم وخاب من عاداهم ، والمهدي منهم وآخرهم وبيده يتحقق العدل والسلام ، اتركي الشاكين والجهال واتبعي قول الله وقوله نبي الله ..ولاتبالي سيدتي بمن تعصب ...أكملت المرأة الرد وأسهبت مادحة ال الهدى آل محمد وداعية للمهدي بالعجل والظهور ..
انني اخشى عليكِ من الجهل بامام زمانكِ .. قالتها المرأة بنبرة حزينة
فجاوبتها بلاتفكير : مم تخافين علي؟ وما الذي سيتغير على ديني من عدم معرفته؟
اجابتني بكل ثقه: تخبطكِ وعدم معرفتكِ بأن المهدي امام زمانكِ من ولد الرسول الاعظم سيؤثر على موقفكِ منه وقت ظهوره! فان لم تعرفي ان المهدي هو الامام الثاني عشر وانه ابن العسكري عليهما السلام فعندها يوف تتبعين غيره.
وإذا ما كذبتي وجود شخص بهذا العمر وبهذا النسب فإن الإمام حين خروجه سوف يكذب من قبلك لا محالة ، لأنك لا تعتقدين بإمام من ولد العسكري ولا تعتقدين بإمام حسيني ولا تعتقدين بإمام عمره 1000 سنة
مقدمات التصديق معرفته حق المعرفة ، وهذا وفق التقادير الطبيعية ، فللجهل آثار ، وهذه من آثاره ، والناس أعداء ما جهلوا ..الامام المهدي هو الامام الثاني عشر والذين امرنا نبينا بالتمسك بهم وانهم اوصياءه الاثنى عشر ... هم العترة التي جاء ذكرهم في حديث الثقلين.
كلماتها تلك هزتني من الداخل وأحدثت في نفسي رغبه وفضول للتزود أكثر وأكثر بصاحب هذه الليلة الزاهية .. وأردت أن أقرأ شيئا من القران كما نصحتني ، أخذت من حقيبتي القران الكريم - الذي طالما كنت احتفظ به للبركة - وفتحت صفحاته واذا بعيني تقع على هذه الآيه الشريفه (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم)
وهذه الاية ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)
وأيضا قوله تعالى (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)
نعم صدقت المرأة الموالية..
فالامام المهدي متواجد اسمه في كل مكان .. في القران ,, وعلى لسان رسول الله ,, وعلى شفاه الائمة الاطهار والصحابه والتابعين وفي كتب التفسير وعلماء المسلمين من مختلف الطوائف والمذاهب ,, علماء الشافعيه والحنفيه والحنبليه والمالكيه,, في البخاري ومسلم وابن ماجة وابي داود والنسائي واحمد..
وفي كتب الحديث كلها نرى ذكر (المهدي) في مستدرك الصحيحين ومجمع الزوائد ومسند الشافعي وسنن الدار قطني وسنن البيهقي ومسند أبي حنيفة وكنز العمال وغيرها... وغيرها... كثير.
وفي كتب التاريخ تجد ذكر (المهدي) في تاريخ الطبري، وتاريخ ابن الاثير، وتاريخ
المسعودي، وتاريخ السيوطي، وتاريخ ابن خلدون، وغيرها... وغيرها...
قبلت جبين تلك المراه المشرق وشكرتها فالقت لى نظرة رضا وابتسامه وراحت لحال سبيلها وتركتني أردد مع نفسي :
ياصاحب الزمان أدركني ولاتجعلني عن هويتك جاهله وعن ذكرك غافلة