|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 11169
|
الإنتساب : Oct 2007
|
المشاركات : 758
|
بمعدل : 0.12 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نسايم
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 13-09-2009 الساعة : 08:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد و آل محمد
مناظره ابن عباس مع عمر
قال عبدالله بن عمر :
كنت عند أبی یوماً ، وعنده نفر من الناس، فجرى ذكر الشعر ، فقال: مَنْ أشعرُ العَرب ؟ فقالوا : فلان وفلان ، فطلع عبدالله بن عباس ، فسلّم وجلَس ، فقال عمر : قد جاءكم الخبیر ، مَنْ أشعرُ الناس یا عبدالله ؟ قال : زهیر بن أبى سلمى . قال : فأنشدْنی مما تستجیده له .
فقال : یا أمیر المؤمنین ، إّنه مدح قوماً من غطفان ، یقال لهم بنو سنان ، فقال :
لو كان یقـعد فوق الشمس من كرمٍ قومٌ بأوَّلـهــمْ أو مجدِهمْ قعدوا
قـــوم أبـوهم سنان حین تَنسبُهُمْ طابوا وطاب من الاولاد ما وَلَدُوا
إنسٌ إذا أمـِنـوا ، جِنٌّ إذا فزعـوا مُرَزَّؤُون بها لـیــلٌ إذ جُهِدوا
مُحسّدون على مـا كــان من نعم لا ینزع الله منهم ماله حـُـسِدوا
فقال عمر : والله لقد أحسن ، وما أرى هذا المدح یصلح إلاّ لهذا البیت من هاشم ، لقرابتهم من رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله ـ . فقال ابن عباس : وفّقك الله یا أمیر المؤمنین ، فلم تزل موفقا . فقال : یابن عباس ، أتدری ما منع الناس منكم ؟ قال : لا یا أمیر المؤمنین . قال : لكنی أدری . قال : ما هو یا أمیر المؤمنین ؟
قال : كرهتْ قریش أن تجتمع لكم النبوه والخلافه ، فیجخِفوا جِخْفا(1) ، فنظرت قریش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت . فقال ابن عباس : أیَمیطُ أمیر المؤمنین عنّی غضبه فیسمع ؟ قال : قل ما تشاء . قال : أما قول أمیر المؤمنین : إن قریشاً كرهـت ، فـإن الله تعالى قال لقِوم : ( ذَلِك بأنّهُمْ كَرِهُوا ما أنزل الله فأحبط أعْمَالهُمْ )(2) . واّما قولك : ( إنّا كنّا نجخف ) ، فلو جَخَفْنا بالخلافه جَخَفْنا بالقرابه ، ولكنّا قوم أخلاقُنا مشتقهٌ من خُلق رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله ـ الذی قال الله تعالى : ( وَإنّك لَعَلَى خُلقٍ عظیم )(3) ، وقال له : (وَاخْفِض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعكَ من المؤمنین )(4) . وأما قولك : « فإن قریشا اختارت » ، فإنّ الله تعالى یقول : ( وربك یخلُقُ ما یشاء ویختارُ ما كان لَهُمُ الخَیَره )(5) وقد علمت یا أمیر المؤمنین أن الله اختار من خلقه لذلك مَنْ اختار(6) ، فلو نظرتْ قریش من حیث نظر الله لها لوفقت وأصابت قریش . فقال عمر : على رسْلك یابن عباس ، أبت قلُوبكم یا بنی هاشم إلا غِشّا فی أمر قریش لا یُزول ، وحقدا علیها لا یَحول . فقال ابن عباس : مَهْلاً یا أمیر المؤمنین ؟ لا تنسُب هاشما إلى الغشّ ، فإن قلوبهم من قلب رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله ـ الذی طهّره الله وزكّاه ، وهم أهلُ البیت الذین قال الله تعالى لهم : ( إنما یرُیدُ الله لیُذهِبَ عنكم الرجسَ أهْل البیت ویُطَهِّرَكم تطهیرا )(7) . وأما قولك : « حقدا » فكیف لا یحقد من غُصِب شیئه ، ویراه فی ید غیره . فقال عمر : أما أنت یا بن عباس ، فقد بلغَنی عنك كلامٌ أكره أن أخبرك به ، فتزول منزلتك عندی . قال : وما هو یا أمیر المؤمنین ؟ أخبرنی به ، فإنْ یكُ باطلاً فمثلی أماط الباطلَ عن نفسه ، وإنْ یكُ حقا فإنّ منزلتی لا تزولُ به . قال : بلغنی أنّك لا تزال تقول : أُخِذَ هذا الامر منك حسدا وظلما . قال : أمّا قولك یا أمیر المؤمنین : ( حسدا ) ، فقد حسد إبلیس آدم ، فأخرجه من الجّنه ، فنحن بنو آدم المحسود . وأما قولك : « ظلما » فأمیر المؤمنین یعلم صاحب الحقِّ من هو ! ثم قال : یأمیر المؤمنین ، ألم تحتجّ العرب على العجم بحق رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله ـ، واحتّجت قریش على سائر العرب بحقّ رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله ـ ! فنحن أحقُّ برسول الله من سائر قریش . فقال له عمر : قم الان فارجع إلى منزلك ، فقام ، فلّما ولّى هتف به عمر : أیها المنصرف ، إنِّی على ما كان منك لراعٍ حقك ! فالتفت ابن عباس فقال : إنّ لی علیك یا أمیر المؤمنین وعلى كلّ المسلمین حقا برسول الله ـ صلّى الله علیه وآله ـ ، فمن حفظه فحقّ نفسه حفِظ ، ومَنْ أضاعه فحقّ نفسه أضاع ، ثم مضى . فقال عمر لجلسائه : واها لا بن عباس ، ما رأیته لاحى أحدا قطّ إلاّ خصَمه !(8) . ____________
(1) جخف : تكبر . (2) سوره محمد : الآیه 9 . (3) سوره ن : الآیه 5 . (4) سوره الشعراء : الآیه 215 . (5) سوره القصص : الآیه 68 . (6) هذه الكلمه من ابن عباس تدل على أنه من المتسالم علیه عندهم أن الخلافه قد ثبتت بالنص على الامام علی ـ علیه السلام ـ وأنها بأمر الله واختیاره ، ولو لم یكن كذلك لاعترض علیه الخلیفه فی ذلك ، والحق یقال أن انعقاد الخلافه بالشورى أو الاجماع أو البیعه ما هو الا اجتهاد فی مقابل النص وقد قال تعالى : ( وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنه اذا قضى الله ورسولهُ امرا أن یكون لهم الخیرهُ من امرِهم ومن یعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبیناً ) سوره الاحزاب : الایه 36 . (7) سوره الاحزاب : الایه 33 .
فقد روى الجمهور أن هذه الآیه الشریفه نزلت فی خمسه وهم : النبی ـ صلى الله علیه وآله وسلم ـ وأمیر المؤمنین وفاطمه والحسن والحسین ـ علیهم السلام ـ . راجع : صحیح مسلم كتاب فضائل الصحابه باب فضائل أهل بیت النبی ـ صلى الله علیه وآله وسلم ـ ج 4 ص 1883 ح 61 ، صحیح الترمذی ج 5 ص 327 ح 3205 و ح 3206 ، المستدرك للحاكم ج 3 ص 133 و ص 146 و ج 2 ص 416 ، شواهد التنزیل للحسكانی ج 2 ص 18 ـ 141 ح 637 و ح 474 ، مسند أحمد بن حنبل ج 3 ص 259 ج 4 ص 107 و ج 6 ص 292 ، أسباب النزول للواحدی ص 239 ، المناقب للخوارزمی ص 60 ـ 61 ح 28 ـ 29 ، تفسیر القرطبی ج 14 ص 182 ، الكشاف للزمخشری ج 3 ص 537 ، الدر المنثور للسیوطی ج 6 ص 603 ، فرائد السمطین ج 2 ص 9 ح 356 ، الصواعق المحرقه ص 143 ، فضائل الخمسه من الصحاح السته ج 1 ص 270 ـ 289 ، وغیرها الكثیر من المصادر . (8) شرح النهج لابن ابی الحدید ج 12 ص 52 ـ 55 ، تاریخ الطبری ج 4 ص 223 ، الكامل لابن الاثیر ج 3 ص 62 ( فی حوادث سنه 23 ) ، الایضاح لابن شاذان ص 87
|
|
|
|
|