عرض مشاركة واحدة

وسام المحبة
عضو متواجد
رقم العضوية : 32077
الإنتساب : Mar 2009
المشاركات : 97
بمعدل : 0.02 يوميا

وسام المحبة غير متصل

 عرض البوم صور وسام المحبة

  مشاركة رقم : 85  
كاتب الموضوع : جعفر المالكي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-09-2009 الساعة : 03:25 PM


اسف اخواني على الاطالة لنتابع ما جاء في تفسير هذه الاية

فهي حلقة متقضية من حلق هذه السلسلة المسماة بالمجتمع الإنساني لا ينبغي أن يبحث عنها اليوم إلا كما يبحث علماء طبقات الأرض الجيولوجيا عن السلع المستخرجة من تحت أطباق الأرض.
و الذي يذهب إلى مثل هذا القول لا كلام لنا معه في هذه الآية: أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم الآية، فإن القول يبتني على أصل مؤثر في جميع الأصول و السنن المأثورة من الدين من معارف أصلية و نواميس أخلاقية و أحكام فرعية و لو حمل على هذا ما وقع من الصحابة في زمن النبي و في مرض موته ثم الاختلافات التي صدرت منهم و ما وقع من تصرف الخلفاء في بعض الأحكام و بعض سير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم في زمن معاوية و من تلاه من الأمويين ثم العباسيين ثم الذين يلونهم و الجميع أمور متشابهة أنتج نتيجة باهتة.
و من أعجب الكلام المتعلق بهذه الآية ما ذكره بعض المؤلفين أن قوله تعالى: «أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم» لا يدل على شيء مما ذكره المفسرون على اختلاف أقوالهم.

أما أولا فلأن فرض طاعة أولي الأمر كائنين من كانوا لا يدل على فضل و مزية لهم على غيرهم أصلا كما أن طاعة الجبابرة و الظلام واجبة علينا في حال الاضطرار اتقاء من شرهم، و لن يكونوا بذلك أفضل منا عند الله سبحانه.
و أما ثانيا فلأن الحكم المذكور في الآية لا يزيد على سائر الأحكام التي تتوقف فعليتها على تحقق موضوعاتها نظير وجوب الإنفاق على الفقير و حرمة إعانة الظالم فليس يجب علينا أن نوجد فقيرا حتى ننفق عليه أو ظالما حتى لا نعينه.
و الوجهان اللذان ذكرهما ظاهرا الفساد، مضافا إلى أن هذا القائل قدر أن المراد بأولي الأمر في الآية الحكام و السلاطين و قد تبين فساد هذا الاحتمال.
أما الوجه الأول فلأنه غفل عن أن القرآن مملوء من النهي عن طاعة الظالمين و المسرفين و الكافرين، و من المحال أن يأمر الله مع ذلك بطاعتهم ثم يزيد على ذلك فيقرن طاعتهم بطاعة نفسه و رسوله، و لو فرض كون هذه الطاعة طاعة تقية لعبر عنها بإذن و نحو ذلك كما قال تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقاة: «آل عمران: 28»، لا بالأمر بطاعتهم صريحا حتى يستلزم كل محذور شنيع.
و أما الوجه الثاني فهو مبني على الوجه الأول من معنى الآية أما لو فرض افتراض طاعتهم لكونهم ذا شأن في الدين كانوا معصومين لما تقدم تفصيلا، و محال أن يأمر الله بطاعة من لا مصداق له، أو له مصداق اتفاقي في آية تتضمن أس أساس المصالح الدينية و حكما لا يستقيم بدونه حال المجتمع الإسلامي أصلا، و قد عرفت أن الحاجة إلى أولي الأمر عين الحاجة إلى الرسول و هي الحاجة إلى ولاية أمر الأمة و قد تكلمنا فيه في بحث المحكم و المتشابة.
و لنرجع إلى أول الكلام في الآية: ظهر لك من جميع ما قدمناه أن لا معنى لحمل قوله تعالى: «و أولي الأمر منكم» على جماعة المجمعين من أهل الحل و العقد، و هي الهيئة الاجتماعية بأي معنى من المعاني فسرناه فليس إلا أن المراد بأولي الأمر آحاد من الأمة معصومون في أقوالهم مفترض طاعتهم فتحتاج معرفتهم إلى تنصيص من جانب الله سبحانه من كلامه أو بلسان نبيه فينطبق على ما روي من طرق أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أنهم هم.
و أما ما قيل: إن أولي الأمر هم الخلفاء الراشدون أو أمراء السرايا أو العلماء المتبعون في أقوالهم و آرائهم فيدفع ذلك كله أولا: أن الآية تدل على عصمتهم و لا عصمة في هؤلاء الطبقات بلا إشكال إلا ما تعتقده طائفة من المسلمين في حق علي (عليه السلام)، و ثانيا: أن كلا من الأقوال الثلاث قول من غير دليل يدل عليه.
و أما ما أورد على كون المراد به أئمة أهل البيت المعصومين (عليهم السلام): أولا: إن ذلك يحتاج إلى تعريف صريح من الله و رسوله، و لو كان ذلك لم يختلف في أمرهم اثنان بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

و فيه: أن ذلك منصوص عليه في الكتاب و السنة كآية الولاية و آية التطهير و غير ذلك، و سيأتي بسط الكلام فيها، و كحديث السفينة: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، و من تخلف عنها غرق» و حديث الثقلين: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا» و قد مر في بحث المحكم و المتشابه في الجزء الثالث من الكتاب، و كأحاديث أولي الأمر المروية من طرق الشيعة و أهل السنة، و سيجيء بعضها في البحث الروائي التالي.

و ثانيا: أن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم فإنها من دون معرفتهم تكليف بما لا يطاق و إذا كانت مشروطة فالآية تدفعه لأنها مطلقة.
و فيه: أن الإشكال منقلب على المستشكل فإن الطاعة مشروطة بالمعرفة مطلقا، و إنما الفرق أن أهل الحل و العقد يعرف مصداقهم على قوله من عند أنفسنا من غير حاجة إلى بيان من الله و رسوله، و الإمام المعصوم يحتاج معرفته إلى معرف يعرفه، و لا فرق بين الشرط و الشرط في منافاته الآية.
على أن المعرفة و إن عدت شرطا لكنها ليست من قبيل سائر الشروط فإنها راجعة إلى تحقق بلوغ التكليف فلا تكليف من غير معرفة به و بموضوعه و متعلقه، و ليست راجعة إلى التكليف و المكلف به، و لو كانت المعرفة في عداد سائر الشرائط كالاستطاعة في الحج، و وجدان الماء في الوضوء مثلا لم يوجد تكليف مطلق أبدا إذ لا معنى لتوجه التكليف إلى مكلف سواء علم به أو لم يعلم.
و ثالثا: أنا في زماننا هذا عاجزون عن الوصول إلى الإمام المعصوم و تعلم العلم و الدين منه، فلا يكون هو الذي فرض الله طاعته على الأمة إذ لا سبيل إليه.
و فيه: أن ذلك مستند إلى نفس الأمة في سوء فعالها و خيانتها على نفسها لا إلى الله و رسوله فالتكليف غير مرتفع كما لو قتلت الأمة نبيها ثم اعتذرت أنها لا تقدر على طاعته، على أن الإشكال مقلوب عليه فإنا لا نقدر اليوم على أمة واحدة في الإسلام ينفذ فيها ما استصوبته لها أهل الحل و العقد منها.
و رابعا: أن الله تعالى يقول: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول»، و لو كان المراد من أولي الأمر الإمام المعصوم لوجب أن يقال: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الإمام.
و فيه: أن جوابه تقدم فيما مر من البيان، و المراد بالرد الرد إلى الإمام بالتقريب الذي تقدم.
و خامسا: أن القائلين بالإمام المعصوم يقولون: إن فائدة اتباعه إنقاذ الأمة من ظلمة الخلاف، و ضرر التنازع و التفرق و ظاهر الآية يبين حكم التنازع مع وجود أولي الأمر، و طاعة الأمة لهم كأن يختلف أولو الأمر في حكم بعض النوازل و الوقائع، و الخلاف و التنازع مع وجود الإمام المعصوم غير جائز عند القائلين به لأنه عندهم مثل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يكون لهذا الزيادة فائدة على رأيهم.
و فيه: أن جوابه ظاهر مما تقدم أيضا فإن التنازع المذكور في الآية إنما هو تنازع المؤمنين في أحكام الكتاب و السنة دون أحكام الولاية الصادرة عن الإمام في الوقائع و الحوادث، و قد تقدم أن لا حكم إلا لله و رسوله فإن تمكن المتنازعون من فهم الحكم من الكتاب و السنة كان لهم أن يستنبطوه منهما، أو يسألوا الإمام عنه و هو معصوم في فهمه، و إن لم يتمكنوا من ذلك كان عليهم أن يسألوا عنه الإمام، و ذلك نظير ما كان لمن يعاصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا يتفقهون فيما يتمكنون منه أو يسألون عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و يسألونه فيما لا يتمكنون من فهمه بالاستنباط.

يتبع...


من مواضيع : وسام المحبة 0 طور الاستخلاف المهدوي
0 مظاهر هجر القران الكريم
رد مع اقتباس