| 
	 | 
		
				
				
				عضو  فضي 
				
				
 |  
| 
 
رقم العضوية : 82198
  |  
| 
 
الإنتساب : Aug 2015
 
 |  
| 
 
المشاركات : 1,674
 
 |  
| 
 
بمعدل : 0.45 يوميا
 
 |  
| 
      
 |  
| 
 |  
		
 
  
					 
  
  
			
			
			
			
  
 | 
	
	
		
		
		
المنتدى : 
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
 
هذا ما نفهمه من مقولة (هيهات منّا الذلّة) 
			
			
			 
			
			بتاريخ : 09-08-2015 الساعة : 06:12 PM
			
			 
			
			 
		
		
 
هذا ما نفهمه من مقولة (هيهات منّا الذلّة)
 			 
بداية  نقول : أنّ أيَّةَ مقولة تُوضع لتكون شعارًا يردّدُ في مناسباته الخاصة ،  وخاصة تلك التي تُوضع لتُرَدّد في لحضات المِحَن المؤلمة والإبتلاءات  الموجعة ، والتي تَتَمَحَّصُ فيها أفئدة الرجال وقلُوب النساء ، لا تكتسب  معانيها فقط من المعنى الذي توضع له ألفاظ المقولة أو الشِعار ، فقد تكون  ألفاظ المقولة المؤثرة تحمل معاني بسيطة .
بل إنّ الشعارات التي تؤثر في قلوب وأفئدة من يرفعها ويؤمن بها ، تكتسب  معانيها المؤثرة من المعاني التي تحكم الواقع الذي كان يعيشه صاحب المقولة  حين نطقه بمقولته ، لأنّها تصبح عند ذلك عِبَارة عن موقفٍ ، لا فقط شعار  يُرفع ، وكذلك تكتسب معانيها ممّا عليه صاحب المقولة نفسه .
فلو عدنا إلى مقولة " هيهات منّا الذلة " والتي توطنت وتتردّدت في قلوب  وعلى ألْسُن الأحرار لأكثر من ألفِ سنة ، سنجد أنّ تردّدها على الألْسُن  وكذلك تَرَسُّخها في قلوب الملايين من الأحرار عبر القرون الطويلة ، لم يكن  أمرًا عبثيًا .
بل إنّ تحليل واقع وحال من رَدَّدَ هذه المقولة ، يقودنا إلى حقيقة أنّ  هذه المقولة حافظت على بقائها واستمرار تأثيرها في قلوب الأحرار بسبب  ارتباط عنصرين مهمين بها :
العنصر الأول : هو حقيقة ما يمثّله صاحب هذه المقولة من قيم انسانية وإيمانية .
العنصر الثاني : هو تلك المعاني التي حَفَّت الواقع الذي دفع صاحب المقولة لقول مقولته .
وقبل الحديث في هذين العنصرين ، ننقل جزءًا من الخطبة التي ذكرت فيها هذه المقولة ، كما نقلها جمهور المسلمين من السنّة والشيعة :
فقد أخرج " أبو موفق الخوارزمي " في كتابه " مقتل الحسين (عليه السلام) "  ، وكذلك نقل لنا " ابن طاووس " في كتابه " مقتل الحسين (عليه السلام) " ،  الخطبة التي ذُكرت فيها مقولة " هيهات منّا الذلة " ، والتي صدح بها حفيد  رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأصغر الإمام الحسين (عليه السلام) ، ابن  علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، و ابن فاطمة الزهراء (عليه السلام) بنت  النبي محمد (صلى الله عليه وآله) .
في اليوم العاشر من محرم الحرام ، وهو في " كربلاء " مع بضعة عشرات من  أهل بيته (عليه السلام) وبعض الأصحاب ، وهم يواجهون الألوف ممن باعوا دينهم  لأجل دنياهم ، ولأجل طاعة الحُكَّام الفُسَّاق من بني أميّة ، الذين هتكوا  حُرمة نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله) طمعا بالملك ، وابتدعوا في  دين الله ما لم يسبقهم إليه أحد ، وهي :
أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ ، قَدْ رَكَزَ بَيْنَ  اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا  الذِّلَّةُ ، يَأَبَى اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ،  وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ  ، مِنْ أَنْ نُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَى مَصَـارِعِ الْكِرَام (  راجع كتاب مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 9 و10 ، وكتاب مقتل الحسين لابن  طاووس ص 59 ) .
ومن هنا نجد أنّ حقيقة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وما يمثّله من قيم  سامية، لا تُفهم فقط من جهة كونه حفيد نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه  وآله) ، ومن كونه ابن من ربّاه الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو علي بن أبي  طالب (عليه السلام) ، وابن بضعة رسول الله فاطمة الزهراء (عليه السلام)،  وكونه من أهل بيت الرسول (عليه السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم  تطهيرا .
بل إنّ هذه القرابة العظيمة ،تكشف لنا في الواقع عن حقيقة البيئة  والأسرة التي نشأ وتربَى فيها (عليه السلام) ، والتي نسلّم جميعنا بأنّ  البيئة والمربّي هما قوام تشكل شخصية الفرد .
إذن فهذا العبد المؤمن الصالح ، والعزيز الأَبِيُ ، قد باشر تربيته  وراقب نشأته ، أفضل الخلق وأكملهم في هذه الأمّة ، وعليه فلا يبقى مجال  للمقارنه بينه ، وبين من نشأ وتربى في بيئة الكفر والخُبث ومحاربة الإسلام ،  كما هو حال " يزيد بن معاوية " و " زياد ابن أبيه " و " عمر بن سعد " .
كما أنّ المواقف التي كشفت عنها مقولاته في " كربلاء " وكذلك سيرته ،  تدحض كلّ وجوه المقارنة بين الإمام الحسين (عليه السلام) ، وغيره من البشر .
وكذلك الواقع الذي عاشه الإمام الحسين (عليه السلام) ، حين قال مقولته "  هيهات منّا الذلة " ، لا يترك لنا مجالاً لمقارنته (عليه السلام) بغيره ،  ممن وقف لمواجهة الظلم والفسق ورفض الذلّة والمهانة عبر التاريخ البشري ،  وهذا ما سنبيّنه في السطور القادمة.
أمّا العنصر الثاني فنستوعبه عندما نعلم ، أنّ رجلا كالإمام الحسين  (عليه السلام) ، وبعد أنّ ذاق مرارة الغدر في أعلى دراجته ممن كاتَبوه  وطلبوا منه النصرة، وكيف لا وقد ترتّب على هذا الغدر شهادته مع أهل بيته  (عليه السلام) وخُلّص أقاربه و أصحابه ، بل وسبي نسائه ، وقيادتهن من  العراق إلى الشام مقيّدين كما تُقيّد العبيد بِسلاسلِ الحديد .
وكذلك تجرّع ألم ووجع المسؤولية في أبشع صورها ، وكيف لا يكون كذلك ،  وهو بعد أن حوصر في الصحاري مع نسائه الذين هم حرائر بيت النبوة ، وأطفاله  الذين هم بقيّة من ذريّة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ، وقلّة من  أقاربه وأصحابه الخُلّص لربّهم ، وهو يشاهد بأمّ عينه ، أطفاله وأهله  يفترشون الأرض وشفاههم قد تشقَّقَت وحناجرهم جفَّت من العطش الذي جَفَّت  معه صدور المرضعات من أهل بيته ، وخمد معه بكاء الأطفال ، ونهر الفرات لا  يبعُد عنه مَرمى سهمٍ ، لا لشيء إلا لأنّ هناك حاكمًا فاسقًامن بني أميّة ،  قد أمر شذّاذ المطالب والأماني وعبّاد زيف الدنيا وحطامها ، بمنع الماء  عنه وعن مَن معه ، ليدفعهم للخضوع له والنزول عند حكمه الفاسد .
فرجل مثله (عليه السلام) ، وبعد أن يعيش فوقَ أوجاعه وألمه ، كلّ هذه  المرارات وهذه الآلام والأوجاع ، ثمّ يواجه ابتلاءات موته وموت أطفاله وأهل  بيته وأصحابه ، بل ويواجه أصعب الإبتلاءات والمِحنِ التي يمكن أن يتعرّض  لها إنسان ، وهو ألم ومرارة سبي نسائه الذين هم أطهر نساء الأمّة .
فرجل مثله(عليه السلام) ، وبعد أن خُيّر من قِبَل شخص ، وكما حكى لنا  التاريخ ، أنّه ابن سِفاح وزنا وهو " زياد ابن أبيه " ، بعد أن خيّره بين  أنّ يخضع ويخنع لحُكم " يزيد بن معاوية " الفاسد الفاسق الفاجر ، وبين أن  يواجه الموت هو ومن معه ، ويواجه ما يترتب على ذالك من سبي للنساء .
فأجاب قائلا : { أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ } أي أنّ ابن  من لا يعرف له أب ، { قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ } بمعنى أنّه استقرّ  حكمه علينا بخيارين ، { بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ } أي بين استلال  السيف والمواجهة حتّى الموت أو الذلّة له ولمن يقف خلفه ، { وَهَيْهَاتَ  مِنَّا الذِّلَّةُ } فلفظة هيهات تفيد معنى النفي في أعلى مراتبه ودرجاته ،  وهي بمعنى يستحيل أن تكون لنا الذلّة .
{ يَأَبَى اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } هنا بدأ  يذكر السّببَ وراء أن الذلّة ليست له (عليه السلام) ، فإنّ الله الذي خلقه  وخلق الخلق ، يرفض أن تكون الذلّة من نصيبه ، بل قدّر أن لا تكون له ،  وكذلك نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله) ، فرفض المولى تعالى والرسول (صلى  الله عليه وآله) يعني تكليف شرعي ، ومن كان مؤمنا حقَّا كذلك يرفض لنا أن  نختار الذلة .
{ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ  أَبِيَّةٌ } ، بل يبيّن فوق ذلك ، أنّ كل إنسان تربى في حجر طيب وطاهر ،  بحيث تحقّقت فيه انسانية الإنسان ، وكل من كان له حميّة على عرضه وشرفه ،  وكل من كانت نفسه أبيّة على قبول الذلّة والمهانة ، يرفض لنا أن نقدّم طاعة  اللئام - وهم الذين يبيعون الشرف والعرض ويفعلون كل الرذائل في سبيل تحصيل  بعض مكاسب الدنيا - ، على مِيتَةِ العباد الكرام .
وبمعنى آخر أن الذين بلغوا درجة تحقيق إنسانيتهم ، وإن كانوا من غير دين  الإسلام ، الذين هم عندهم حميّة على الشرف والعزّة والكرامة والعرض ،  وأصحاب النفوس الأبيّة عن الذلّ ، لا يرضون لنا ، أن نختار طاعة اللئيم ،  في سبيل الهروب من الموت الكريم ، الذي هو الموت رفضا للذلّة ، وهو ما  نعبّر عنه بالشهادة .
وخلاصة كل هذا :
أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ، يريد أن يوصل لنا من خلال ما ترجمه  من موقفٍ ، والذي تكشفه لنا مقولته " هيهات منا الذلّة " المفيدة لمعنى  الرفض البات للذلّة ، أنّه مهما واجهتنا من آلام ومن أوجاع ، ومهما كانت  مرارة النتائج التي ستؤدي إليه المواجهة ، ومهما بلغت معاناتنا الجسدية  والشعورية النفسية ، لا بد أن يكون موقفنا هو نفس الموقف الذي تعبّر عنه  مقولة "هيهات منّا الذلّة " .
وأيضا يريد أن يعلمنا أنّه على العبد المؤمن ، وعندما يواجه العدو  اللئيم الجائر ، وهو على طريق الحقّ ، أن لا يختار أبدا طريق الرضوخ له  والخنوع ، لأنّ الله عزّ وجل يُحرّم علينا هذا الخيار ، والرسول (صلى الله  عليه وآله) كذلك يأبى لنا أن نختار الذلّة على الشهادة ، و المؤمنون مع  أحرار العالم يرفضون لنا ذلك ، ففي الخضوع والرضوخ هروبًا من الموت الكريم  الذي هو الشهادة، خسارة في الدنيا بما يترتب عليها من خِزيٍ وعار ، وخسارة  في الأخرة بالذلّة والمهانة.
والحمد لله رب العالمين
الكاتب / السيد حبيب المقدم
  
 
  
 
		
 |  | 
		
		
		
                
		
		
		
	
	
 | 
 
| 
 | 
		
 |   
 |