العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:58 AM


ثم لا ينكر أن عليا عليه السلام هو أبو العترة وسيد أهل البيت عليهم السلام، ولا يقاس بأهل البيت أحد من الأمة في الشأن والمرتبة، فكيف بسيدهم وعَلَمهم؟!
لقد روى المير السيد علي الهمداني الشافعي، في المودة السابعة من كتابه " مودة القربى " عن أحمد بن محمد الكرزي البغدادي، أنه قال:
سمعت عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن التفضيل.
فقال: أبو بكر وعمر وعثمان. ثم سكت.
فقلت: يا أبه أين علي بن أبي طالب؟!
قال: هو من أهل البيت، لا يقاس به هؤلاء!
وإذا نريد أن نفسر كلام الإمام أحمد فنقول: يعني: أن عليا(ع) لا يذكر في عداد الصحابة، بل هو في مقام النبوة والإمامة.
ونجد خبرا آخر في المودة السابعة أيضا بهذا المعنى، رواه عن أبي وائل، عن ابن عمر، قال: كنا إذا عددنا أصحاب النبي (ص) قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان.
فقال رجل: يا أبا عبدالرحمن! فعلي ما هو؟!
قال: علي من أهل البيت لا يقاس به أحد، هو مع رسول الله(ص) في درجته، إن الله تعالى يقول: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم...)(16).
ففاطمة مع رسول الله (ص) في درجته وعلي معهما(17).
وكان هذا الأمر واضحا وضوح الشمس في الضحى، وكان من المسلمات، ولذا نرى في المودة السابعة أيضا خبرا بهذا المعنى، رواه عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول الله (ص) يوم يحضر المهاجرون والأنصار ـ كذا ـ: يا علي ! لو أن أحدا عبد الله حق عبادته، ثم شك فيك وأهل بيتك، أنكم أفضل الناس، كان في النار!! انتهى
لما سمع أهل المجلس هذا الخبر استغفر أكثرهم الله، وبالخصوص الحافظ محمد رشيد. استغفروا الله، لأنهم كانوا يظنون أفضلية الآخرين!
هذه نماذج من الأخبار الكثيرة في تفضيل الإمام علي عليه السلام على الصحابة والمسلمين عامة، وأضف عليها الحديث النبوي الشريف الذي رواه علماء الفريقين في يوم الخندق ومعركة الأحزاب حينما قتل الإمام علي (ع) بطل الأحزاب و قائدهم وحامل لوائهم عمرو بن عبد ود العامري وانهزم المشركون وانتصر المسلمون، قال رسول الله(ص): ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.
فإذا كان عمل واحد من مولانا الإمام علي (ع) هو أفضل من عبادة الجن والإنس، فكيف بأعماله كلها، من الجهاد في سبيل الله، وتحمل الأذى في جنب الله، وصلاته، وصومه، وإنفاقه الصدقات، ورعايته الأرامل والأيتام في طول حياته المباركة؟!
فلا أرى أحدا مع ما ذكرناه، ينكر تفضيل الإمام علي(ع) على غيره، إلا المعاند.

علي عليه السلام أفضل بدليل المباهلة
قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)(18).
اتفق المفسرون، واجمع المحدثون، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امتثل أمر الله عز وجل في الآية الكريمة فأخذ معه الحسن والحسين عليهما السلام لأبنائنا، وأخذ فاطمة الزهراء عليها السلام تطبيقا لكلمة نسائنا، وأخذ الإمام عليا عليه السلام، تطبيقا لكلمة أنفسنا.
ومن الواضح الذي لا يشك فيه إلا كافر، أن رسول الله (ص) سيد الأولين والآخرين، وخير الخلق، وأفضل الخلائق، وبحكم كلمة أنفسنا حيث جعل الله تعالى عليا(ع) في درجة نفس النبي، فصار هو كالنبي(ص) في الفضل، وأصبح خير الخلق، وأفضل الخلائق(19).
فأذعنوا واعتقدوا أن مصداق (والذين معه) هو سيدنا ومولانا علي(ع)الذي كان من أول عمره، ومن أول البعثة مع رسول الله(ص) لم يدعه في الملمات، وما تركه في الهجمات والطامات، بل كان ناصره وحاميه، يقيه بنفسه، ويدافع عنه بسيفه، ويفديه بروحه.
حتى أن رسول الله(ص) فارقت روحه الدنيا ورأسه في حجر الإمام علي(ع) كما قال في خطبة له في نهج البلاغة: ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد(ص ) أني لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر الأقدام، نجدة أكرمني الله بها.
ولقد قبض رسول الله(ص)، وإن رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله والملائكة أعواني... حتى واريناه في ضريحه، فمن ذا أحق به مني حيا وميتا؟!
ولما وصلنا إلى نهاية خطبة الإمام أمير المؤمنين(ع) صار وقت صلاة العشاء... فقطعنا كلامنا.. وبعدما أدوا الصلاة شربوا الشاي وتناولوا الفواكه والحلوى، ولما انتهوا بدأت أنا بالكلام فقلت:
لقائل أن يقول: إذا كان علي(ع) مع النبي(ص) في كل مواقفه، فلماذا لم يرافقه بالهجرة من مكة إلى المدينة؟!
أقول: لأن عليا(ع) قام في مكة بأعمال مهمة بعد النبي(ص) كان قد ألقاها النبي(ص) على عاتقه وأمره أن ينفذها، لأنه(ص) لم يعتمد على أحد يقوم مقامه ويقضي مهامه غير الإمام علي(ع) لأن النبي(ص) ـ كما نعلم ـ كان أمين أهل مكة، حتى إن الكفار والمشركين كانوا يستودعون عنده أموالهم ولا يعتمدون على غيره في استيداع أماناتهم وحفظها، فكان(ص) يعرف بالصادق الأمين.
فخلف رسول الله(ص) أخاه وابن عمه عليا(ع) في مكة ليرد الودائع والأمانات إلى أهلها، وبعد ذلك حمل معه بنت رسول الله وحبيبته فاطمة الزهراء التي كان يعز فراقها على أبيها، وأخذ معه أمه فاطمة بنت أسد وابنة عمه فاطمة بنت الزبير بن عبدالمطلب وغيرهن فأوصلهن بسلام إلى المدينة المنورة عند رسول الله(ص).

فضيلة المبيت على فراش النبي (ص)
وإضافة إلى ما ذكرناه، فإن عليا(ع) إذا لم يدرك فضيلة مرافقة النبي (ص) في الهجرة، فإنه عليه السلام أدرك مقاما أسمى بالإستقلال لا بالتبع، وهو مبيته على فراش النبي(ص) ليلتبس الأمر على الأعداء، فيخرج رسول الله (ص) من بينهم بسلام.
فإذا كانت آية الغار تعد فضيلة لأبي بكر بأن حسبته ثاني إثنين، فقد جعلته تابعا لرسول الله (ص)، غير مستقل في كسب الفضيلة، وإنما حصلها تبعا للنبي(ص).
بينما الإمام علي(ع) حينما بات على فراش رسول الله(ص) نزلت في شأنه آية كريمة سجلت له فضيلة مستقلة تعد من أعظم مناقبه، وهي قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد)(20).
وقد ذكر جمع كثير من كبار علمائكم الأعلام والمحدثين الكرام، خبرا هاما بهذه المناسبة، وإن كانت ألفاظهم مختلفة ولكنها متقاربة والمعنى واحد، ونحن ننقله من كتاب " ينابيع المودة " للحافظ سليمان الحنفي، الباب الحادي والعشرين ، وهو ينقله عن الثعلبي وغيره.
قال الحافظ سليمان: عن الثعلبي في تفسيره، وابن عقبة في ملحمته، وأبو السعادات في فضائل العترة الطاهرة، والغزالي في إحياء العلوم، بأسانيدهم، عن ابن عباس وعن أبي رافع وعن هند بن أبي هالة ربيب النبي (ص) ـ أمه خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ـ أنهم قالوا:
قال رسول الله(ص): أوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه عمره، فكلاهما كرها الموت، فأوحى الله إليهما: إني آخيت بين علي وليي وبين محمد نبيي، فآثر علي حياته للنبي، فرقد على فراش النبي يقيه بمهجته. إهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه.
فهبطا، فجلس جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرائيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، والله عز وجل يباهي بك الملائكة!
فأنزل الله تعالى: (ومن الناس من يشري....).
أقول: الذين نقلوا هذا الخبر بألفاظ متقاربة وبمعنى واحد، جمع كبير من أعلام العامة، منهم: ابن سبع المغربي في كتابه " شفاء الصدور " والطبراني في الجامع الأوسط والكبير، وابن الأثير في أسد الغابة 4/25، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: 33، والفاضل النيسابوري، والإمام الفخرالرازي، وجلال الدين السيوطي، في تفاسيرهم للآية الكريمة، والحافظ أبونعيم في كتابه " مانزل من القرآن في علي " والخطيب الخوارزمي في " المناقب "، وشيخ الإسلام الحمويني في " الفرائد " والعلامة الكنجي القرشي الشافعي في " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين، والإمام أحمد في المسند ومحمد بن جرير بطرق متعددة، وابن هشام في " السيرة النبوية " والحافظ محدث الشام في " الأربعين الطوال " والإمام الغزالي في إحياء العلوم 3/223وأبو السعادات في " فضائل العترة الطاهرة " وسبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص: 21، وغير هؤلاء الأعلام.
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/262 ـ ط دار إحياء التراث العربي ـ قول الشيخ أبي جعفر الإسكافي، قال: وقد روى المفسرون كلهم أن قول الله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) أنزلت في علي(ع) ليلة المبيت على الفراش.
فأرجو من الحاضرين، وخاصة العلماء الأفاضل، أن يفكروا في الآيتين بعيدا عن الانحياز إلى إحدى الجهتين، فتدبروا وقايسوا بينهما، وأنصفوا أيهما أفضل وأكمل، صحبة النبي(ص) ومرافقته أياما قليلة في سفر الهجرة، أم مبيت الإمام علي (ع) على فراش النبي (ص) واقتحامه خطر الموت، وتحمله أذى المشركين، ورميه بالحجارة طيلة الليل، وهو يتضور ولا يكشف عن وجهه، ليسلم رسول الله(ص) من كيد الأعداء وهجومهم، ومباهاة الله سبحانه ملائكته بمفاداة علي(ع) وإيثاره ثم نزول آية مستقلة في شأنه، أنصفوا أيهما أفضل؟؟
ولا يخفى أن بعض علمائكم الأعلام أنصفوا فأعلنوا تفضيل الإمام علي (ع) على غيره، وفضلوا مبيته على فراش رسول الله(ص) على صحبة أبي بكر ومرافقته إياه في الهجرة، منهم: الإمام أبو جعفر الإسكافي ـ وهو من أبرز وأكبر علماء ومشايخ أهل السنة المعتزلة ـ في رده على أبي عثمان الجاحظ وكتابه المعروف بالعثمانية.
لقد تصدى الإسكافي لنقضه بالبراهين العقلية والأدلة النقلية، وأثبت تفضيل الإمام علي(ع) على أبي بكر، وفضل المبيت على الصحبة، ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/215 ـ 295، فراجعه، فإنه مفيد جدا.
ومما يذكره الشيخ أبوجعفر في مقاله، قال: قال علماء المسلمين: (إن فضيلة علي(ع) تلك الليلة لا نعلم أحدا من البشر نال مثلها) شرح ابن أبي الحديد 13: 260.
وبعد كلام طويل ـ وكله مفيد ـ قال في صفحة 266 و 267: قد بينا فضيلة المبيت على الفراش على فضيلة الصحبة في الغار بما هو واضح لمن أنصف، ونزيد هاهنا تأكيدا بما لم نذكره فيما تقدم فنقول: إن فضيلة المبيت على الفراش على الصحبة في الغار لوجهين:
أحدهما: إن عليا(ع) قد كان أنس بالنبي(ص) وحصل له بمصاحبته قديما أنس عظيم، وإلف شديد، فلما فارقه عدم ذلك الأنس، وحصل به أبوبكر، فكان ما يجده علي(ع) من الوحشة وألم الفرقة موجبا زيادة ثوابه، لأن الثواب على قدر المشقة.
وثانيهما: إن أبابكر كان يؤثر الخروج من مكة، وقد كان خرج من قبل فردا فازداد كراهيته للمقام، فلما خرج مع رسول الله(ص) وافق ذلك هوى قلبه ومحبوب نفسه، فلم يكن له من الفضيلة ما يوازي فضيلة من احتمل المشقة العظيمة وعرض نفسه لوقع السيوف، ورأسه لرضخ الحجارة، لأنه على قدر سهولة العبادة يكون نقصان الثواب.
وعالم آخر من علمائكم وهو ابن سبع المغربي، صاحب كتاب " شفاء الصدور " يقول فيه وهو يبين شجاعة سيدنا الإمام علي (ع): إن علماء العرب أجمعوا على أن نوم علي(ع) على فراش رسول الله(ص) أفضل من خروجه معه، وذلك أنه وطن نفسه على مفاداته لرسول الله(ص) وآثر حياته، وأظهر شجاعته بين أقرانه. انتهى
فالموضوع واضح جدا بحيث لا ينكره إلا من فقد عقله بالتعصب الذي يعمي ويصم عن فهم الحق وإدراك الحقيقة!
أكتفي بهذا المقدار في إطار البحث حول جملة (والذين معه) وأما جملة (أشداء على الكفار) فقد قال الشيخ عبد السلام: إن المراد منها والمقصود بها هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.
فأقول: نحن لا نقبل الكلام بمجرد الإدعاء، من غير دليل. والأولى أن نطبق العبارة على الشخص المشار إليه، فندرس سيرته وحالاته ونعرف صفاته وأخلاقه، فإذا تطابقت مع الآية الكريمة، فحينئذ نسلم، وإذا لم تتطابق، فنرد إدعائكم وكلامكم، ونثبت قولنا ورأينا بالدليل والبرهان.
فلنضع الجملة على طاولة التحليل والتحقيق فنقول: الشدة تظهر في مجالين:
1 ـ مجال المناظرات العلمية والبحوث الدينية مع الخصوم.
2 ـ مجال الجهاد الحربي والمناورات القتالية مع الأعداء.
أما في المجال العلمي فلم يذكر التاريخ لعمر بن الخطاب مناظرة علمية ومحاورة دينية تغلب فيها على الخصوم ومناوئي الإسلام وذا كنتم تعرفون له تاريخا وموقفا مشرفا في هذا المجال فبينوه حتى نعرف!
ولكن عليا(ع) يعترف له جميع العلماء وكل المؤرخون بأنه كان حلال المشكلات الدينية والمعضلات العلمية.
وهو الوحيد في عصره الذي كان قادرا على رد شبهات اليهود والنصارى مع كل التحريفات التي جرت على أيدي الأمويين والبكريين الخونة على تاريخ الإسلام ـ كما يصرح بها علماؤكم في كتب الجرح والتعديل ـ مع ذلك ما تمكنوا من إخفاء هذه الحقائق الناصعة، والمناقب الساطعة، والأنوار العلمية اللامعة، التي أضاءت تاريخ الإسلام مدى الزمان..
وخاصة في عصر الخلفاء الذين سبقوا الإمام علي (ع)، فقد كان علماء اليهود والنصارى وسائر الأديان، يأتون إلى المدينة ويسألونهم مسائل مشكلة ويوردون شبهات مضلة، ولم يكن لهم بد من أن يرجعوا إلى مولانا وسيدنا علي(ع) لأنه باب علم رسول الله(ص)، فيرد شبهاتهم ويجيب عن مسائلهم، وقد أسلم كثير من أولئك العلماء كما نجده مسطورا في التاريخ.
والجدير بالذكر، أن الخلفاء الثلاثة الذين سبقوا الإمام عليا( ع) كلهم اعترفوا وأقروا له بتفوقه العلمي وعجزهم وجهلهم أمام علماء الأديان.
وقد ذكر بعض المحققين من أعلامكم عن أبي بكر أنه قال: أقيلوني أقيلوني! فلست بخيركم وعلي فيكم!
وأما عمر بن الخطاب فقد قال أكثر من سبعين مرة: لولا علي لهلك عمر. وقال: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن.
وذلك لما كان يرى من علي(ع) حل المعضلات والحكم في القضايا المشتبهات التي كان يحار في حلها وحكمها عمر وحاشيته وكل الصحابة، وقد ذكر التاريخ كثيرا منها في كتبكم ولكن لا مجال لذكرها ولا منكر لها!! فالأفضل أن يدور بحثنا حول الأهم فالأهم.
النواب: لا أرى موضوعا أهم من هذا، فلو سمحتم...أرجو أن تذكروا لنا بعض الكتب المعتبرة عندنا التي نقلت وذكرت ما نقلتم من قول الخليفة عمر الفاروق ، حتى نعرف الحق والواقع.
قلت: نعم، إن أكثر علمائكم نقلوا هذه العبارات أو ما بمعناها وإن اختلف اللفظ، وسأذكر لكم بعضهم حسب ما يحضر في ذهني وذاكرتي.

مصادر قول عمر
1 ـ ابن حجر العسقلاني، في تهذيب التهذيب/ 337 ط حيدر آباد الدكن.
2 ـ ابن حجر العسقلاني ـ أيضا ـ في الإصابة 2/509 ط مصر.
3 ـ ابن قتيبة ـ المتوفي سنة 276 هجرية ـ في تأويل مختلف الحديث 201 و 202.
4 ـ ابن حجر المكي الهيتمي، في الصواعق: 78.
5 ـ أحمد أفندي، في هداية المرتاب: 146 و152
6 ـ ابن الأثير الجزري، في أسد الغابة: 4/22.
7 ـ جلال الدين السيوطي، في تاريخ الخلفاء: 66.
8 ـ ابن عبد البر القرطبي، في الإستيعاب: 2/474.
9 ـ عبدالمؤمن الشبلنجي، في نور الأبصار: 73.
10 ـ شهاب الدين العجيلي، في ذخيرة المال.
11 ـ الشيخ محمد الصبان، في إسعاف الراغبين: 152.
12 ـ ابن الصباغ المالكي، في الفصول المهمة: 18.
13 ـ نور الدين السمهودي، في جواهر العقدين.
14 ـ ابن أبي الحديد في شرح النهج: 1/18 ط دار إحياء التراث العربي(21).
15 ـ العلامة القوشجي، في شرح التجريد: 407.
16 ـ الخطيب الخوارزمي المكي، في المناقب 48/60.
17 ـ محمد بن طلحة القرشي الشافعي، في مطالب السؤول: 82 الفصل السادس ط دار الكتب.
18 ـ الإمام أحمد بن حنبل، في المسند والفضائل.
19 ـ سبط ابن الجوزي، في التذكرة: 85 و87.
20 ـ الإمام الثعلبي، في تفسيره " كشف البيان ".
21 ـ ابن القيم، في الطرق الحكيمة ـ ضمن نقله بعض قضاياه(ع): 41 ـ 53.
22 ـ محمد بن يوسف القرشي الكنجي، في " كفاية الطالب " الباب السابع والخمسين.
23 ـ ابن ماجة القزويني، في سننه.
24 ـ ابن المغازلي، في كتابه " مناقب علي بن أبي طالب ".
25 ـ شيخ الإسلام الحمويني، في فرائد السمطين.
26 ـ الحكيم الترمذي، في شرح " الفتح المبين ".
27 ـ الديلمي، في " فردوس الأخبار ".
28 ـ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي، في " ينابيع المودة " الباب الرابع عشر.
29 ـ الحافظ أبو نعيم، في " حلية الأولياء " وفي كتابه الآخر المسمى " ما نزل من القرآن في علي ".
30 ـ والفضل بن روزبهان، في كتابه المسمى بـ: " إبطال الباطل " (22).
هؤلاء وكثير غيرهم وكلهم من أجلة علمائكم وأعلامكم رووا أن عمر كان يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن!
ويقول: كاد يهلك ابن الخطاب، لولا علي بن أبي طالب!
ويقول: لولا علي لهلك عمر!
ويقول: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن!
وغيرها من العبارات المتقاربة من العبارات المذكورة.
النواب: نرجو من سماحتكم أن تحدثونا عن بعض القضايا المعضلة التي حكم فيها سيدنا علي كرم الله وجهه، وكذلك عن المسائل المشكلة التي حلها وأجاب عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
قلت: من جملة القضايا قضية رواها جمع من علمائكم..
روى ابن الجوزي في كتابه الأذكياء: 18، وفي كتابه الآخر أخبار الظراف: 19.
وروى محب الدين الطبري، في كتابه الرياض النضرة: 2/197، وفي كتابه الآخر ذخائر العقبى: 80.
وروى الخطيب الخوارزمي، في المناقب: 60.
وروى سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 87، قالوا: عن حنش بن المعتمر، قال: أن رجلين أتيا إمرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار وقالا: لا تدفعيها إلى أحد منا دون صاحبه حتى نجتمع. فلبثا حولا، ثم جاء أحدهما إليها وقال: إن صاحبي قد مات فادفعي إلي الدنانير، فأبت، فثقّل عليها بأهلها، فلم يزالوا بها حتى دفعتها إليه. ثم لبثت حولا آخر فجاء الآخر فقال: ادفعي إلي الدنانير!
فقالت: إن صاحبك جاءني وزعم أنك قد مت فدفعتها إليه.
فاختصما إلى عمر، فأراد أن يقضي عليها وقال لها: ما أراك إلا ضامنة.
فقالت: أنشدك الله أن تقضي بيننا، وارفعنا إلى علي بن أبي طالب.
فرفعها إلى علي (ع) وعرف أنهما قد مكرا بها.
فقال: أليس قلتما، لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه؟
قال: بلى.
قال: فإن مالك عندنا، اذهب فجيء بصاحبك حتى ندفعها إليكما.
فبلغ ذلك عمر فقال: لا أبقاني الله بعد ابن أبي طالب!
ومن جملة المسائل والقضايا المشكلة التي تحير فيها عمر، وحلها الإمام علي (ع)، مسائل كانت بين عمر وحذيفة بن اليمان، رواها العلامة محمد بن يوسف القرشي الكنجي في كتابه " كفاية الطالب " الباب السابع والخمسين، بإسناده عن حذيفة بن اليمان، أنه لقى عمر ابن الخطاب، فقال له عمر: كيف أصبحت يا ابن اليمان؟
فقال: كيف تريدني أصبح؟! أصبحت والله أكره الحق، وأحب الفتنة ، وأشهد بما لم أره، وأحفظ غير المخلوق، وأصلي على غير وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء!!
فغضب عمر لقوله، وانصرف من فوره وقد أعجله أمر، وعزم على أذى حذيفة لقوله ذلك.
فبينا هو في الطريق إذ مر بعلي بن أبي طالب، فرأى الغضب في وجهه، فقال: ما أغضبك يا عمر؟!
فقال: لقيت حذيفة بن اليمان فسألته كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت أكره الحق!
فقال(ع): صدق، فإنه يكره الموت وهو الحق.
فقال: يقول: وأحب الفتنة!
قال(ع): صدق، فإنه يحب المال والولد، وقد قال تعالى:
(... إنما أموالكم وأولادكم فتنة...)(23).
فقال: يا علي! يقول: وأشهد بما لم أره!
فقال: صدق، يشهد لله بالوحدانية، ويشهد بالموت، والبعث، والقيامة، والجنة، والنار، والصراط، وهو لم ير ذلك كله.
فقال: يا علي! وقد قال: إنني أحفظ غير المخلوق!
قال(ع): صدق، إنه يحفظ كتاب الله تعالى ـ القرآن ـ وهو غير مخلوق.
قال: ويقول: أصلي على غير وضوء!
فقال: صدق، يصلي على ابن عمي رسول الله(ص) على غير وضوء.
فقال: يا أبا الحسن! قد قال أكبر من ذلك!
فقال (ع): وما هو؟!
قال: قال: إن لي في الأرض ما ليس لله في السماء!
قال: صدق، له زوجة، وتعالى الله عن الزوجة والولد.
فقال عمر: كاد يهلك ابن الخطاب لولا علي بن أبي طالب!
قال العلامة الكنجي بعد نقله للخبر بطوله:
قلت: هذا ثابت عند أهل النقل، ذكره غير واحد من أهل السير.
فهذا عمر في المجال العلمي عاجز جاهل، وساكت خامل، ولكن نرى الإمام عليا (ع) يصول ويقول، فيرد شبهات الفضول، ويقنع ذوي العقول.
وأما في المجال الثاني، وهو الحرب والضرب،والجهاد والجلاد، في سبيل الله والمستضعفين من العباد، فإنا لا نرى أيضا لعمر بن الخطاب موقفا مشرفا ، ولا نعرف له صولة أو جولة، وشجاعة أو بطولة.
بل يحدثنا التاريخ أنه لم يثبت أمام الكفار والمشركين، وكان سبب انهزام وانكسار المسلمين!
الحافظ: لا نسمح لك أن تتفوه بهذا الكلام، ولا نسمح أن تحط من شأن عمر (رض) الذي هو أحد مفاخر الإسلام، ولا ينكر أحد من الأعلام والمؤرخين العظام، أن الفتوحات التي حصلت في الإسلام، أكثرها أهمها كانت في عهد سيدنا عمر وبأمره وسياسته وحسن قيادته، وأنت تقول إنه كان فرّارا من الحروب، وإنه سبّب هزيمة المسلمين وانكسارهم!
أتظن أننا نسمع هذه الإساءة والإهانة بخليفة سيد الأنام وأحد زعماء الإسلام ونسكت؟!
نحن لا نتحمل هذا الكلام، فإما أن تأتي بالدليل والبرهان، أو تستغفر الله سبحانه وتعالى من الإساءة والإهانة في الحديث والبيان.
قلت: وهل تكلمت بكلام في طول حوارنا وبحثنا في الليالي الماضية من غير دليل وبرهان؟!
أو هل رويت حديثا من غير أن أذكر له مصدرا وسندا من كتبكم المعتبرة ومصادركم الموثقة؟!
أما عرفتم أني لا أتكلم عن جهل وتعصب، ولا أنحاز إلا إلى الحق ، وان مدحي وقدحي لا يكون إلا بسبب مقبول عند ذوي العقول؟!
وأظن إنما صدرت منكم هذه الزبرة والزفرة والنفرة! حين سمعتم الكلام من رجل شيعي، فحسبتموه إساءة وإهانة، وذلك لأنكم تسيئون الظن بنا، والله عز وجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم...)(24).
فإنكم تظنون أن الشيعة يحرفون التاريخ، ويضعون الأحاديث ليذموا رجالا ويمدحوا آخرين، بينما نحن لا نزيد على الواقع شيئا، ولا نتكلم إلا نقلا من كتب علمائكم ومحدثيكم.
فلا داعي لتغير الحال والغضب، وشدة المقال والعتب، أو أن تنسب إليّ الإساءة باللسان، والإهانة في البيان! بل من حقك أن تطالبني بالدليل والبرهان.
وإن أردت مني فأقول:
ذكر كثير من علمائكم ومؤرخيكم، أن القتال الذي لم يحضره الإمام علي عليه السلام لم ينتصر فيه المسلمون، والذي حضره سجل النصر والانتصار للدين، وأهمها غزوة خيبر، فإن عليا عليه السلام غاب عن المعسكر لرمد أصابه في عينه فأعطى النبي (ص) الراية لأبي بكر، فرجع منكسرا، فأعطاها لعمر بن الخطاب، فرجع وهو يجبن المسلمين وهم يجبنونه!
الحافظ ـ وهو غضبان ـ: هذا الكلام من أباطيلكم، وإلا فالمشهور بين المسلمين أن الشيخين كانا شجاعين، وكل منهما كان يحمل في صدره قلبا قويا ليس فيه موضع للخوف والجبن.
قلت: ذكرت لكم كرارا، أن شيعة أهل البيت عليهم السلام لا يكذبون ولا يفترون، لأنهم يتبعون الأئمة الصادقين عليهم السلام، وهم يحسبون الكذب من الذنوب الكبائر، والافتراء أكبر منه خسائر.
ونحن كما قلت مرارا، لسنا بحاجة لاثبات عقائدنا وأحقية مذهبنا ، أن نضع الأحاديث ونتمسك بالأباطيل.
فإن غزوة خيبر من أهم الغزوات التي سجلها التاريخ من يومها إلى هذا اليوم، وجميع مؤرخيكم ذكروها باختصار أو بتفصيل، منهم: الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء 1/62، ومحمد بن طلحة في مطالب السؤول:40 وابن هشام في السيرة النبوية، ومحمد بن يوسف الكنجي في الباب الرابع عشر من " كفاية الطالب " وغير هؤلاء من الأعلام، ولا يقتضي المجلس أن أذكرهم جميعا، ولكن أهمهم الشيخين، البخاري في صحيحه 2/100 ط. مصر سنة 1320هجـرية، ومسلم في صحيحه 2/324 ط. مصر سنة 1320 هجرية.
فإنهما كتبا بالصراحة هذه العبارة: " فرجع أيضا منهزما " أي: عمر.
ومن الدلائل الواضحة على هذه القضية الفاضحة، أشعار بن أبي الحديد، فإنه قال ضمن علوياته السبع المشهورة:
ألم تخبر الأخبار في فتح خيبرففيها لذي اللب الملب أعاجيبوما أَنْس لا أنْــس اللذين تقدماوفرهما و الفر قد علما حوبوللراية العظمى وقد ذهبا بهاملابس ذل فوقها و جلابيبيشلهما من آل موسى شمردلطويل نجاد السيف أجيد يعبوبيمج منونا سيفه وسنانهويلهب نارا غمده والأنابيباحضرهما أم حضرا خرج خاضبوذانهما أم ناعم الخد مخضوبعذرتكما، إن الحمام لمبغضوإن بقاء النفس للنفس محبوبليكره طعم الموت والموت طالبفكيف يلذ الموت والموت مطلوب؟!
فنحن لا نريد إهانة أحد الصحابة، وإنما ننقل لكم ما حكاه التاريخ ورواه المؤرخون عنهم، وبعد هذا عرفنا أن عمر ما كان صاحب صولة وجولة، وشدة وحدة، في الحروب والغزوات التي كانت بين المسلمين وبين أعدائهم، فكيف نؤول الجملة من الآية الكريمة (أشداء على الكفار ) بعمر ونطبقها عليه؟!
ولكن إذا راجعنا تاريخ الإسلام ودرسنا سيرة الإمام علي(ع) وطالعنا تاريخه المبارك، نجده أشد المسلمين على الكفار في المجال العلمي والمجال الحربي، والله تعالى يشير إليه بقوله: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم....)(25).
الحافظ: إنك تريد أن تحصر الآية الكريمة التي تصف عامة المؤمنين في شأن علي كرم الله وجهه؟!
قلت: لقد أثبت لكم أني لا أتكلم بغير دليل، ودليلي على هذا، أن الآية إذا كانت تصف جميع المؤمنين، لما فروا في بعض الغزوات من الميادين!
الحافظ: هل هذا الكلام من الإنصاف إذ تصف صحابة النبي(ص) الذين جاهدوا ذلك الجهاد العظيم، وفتحوا تلك الفتوحات العظيمة، وتقول: إنهم فروا ؟!
أليس قولك هذا إهانة لصحابة رسول الله(ص)؟!
قلت: أولا: أشهد الله سبحانه أني لم أقصد إهانة أي فرد من الصحابة وغيرهم، وإنما الحوار والنقاش يقتضي هذا الكلام.
ثانيا: أنا ما أنسب إليهم الفرار، ولكن التاريخ هكذا يحكم ويقول: إن في غزوة أحد، فر الصحابة حتى كبارهم، وتركوا النبي (ص) طعمة لسيوف المشركين والكفار، كما يذكر الطبري والمؤرخون الكبار، فماذا تقولون حول الآية الكريمة التي تشمل أولئك الذين ولوا الدبر وفروا من الجهاد وخالفوا أمر الله عز وجل إذ يقول:
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)(26).
ثالثا: لقد وافقنا في قولنا بأن الآية نزلت في شأن الإمام علي( ع) كثير من أعلامكم وكبار علمائكم، منهم: أبو إسحاق الثعلبي ـ الذي تحسبوه أمام أصحاب الحديث في تفسير القرآن ـ قال في تفسير " كشف البيان " في ذيل الآية الكريمة 54 من سورة المائدة: إنما نزلت في شأن الإمام علي (ع)، لأن الذي يجمع كل المواصفات المذكورة في الآية لم يكن أحد غيره.
ولم يذكر أحد من المؤرخين من المسلمين وغيرهم، بأن الإمام عليا (ع) فر من الميدان، حتى ولو مرة، أو أنه تقاعد وتقاعس في حروب النبي (ص) وغزواته مع الكفار، ولو في غزوة واحدة.
بل ذكر المؤرخون أنه في معركة أحد حينما انهزم المسلمون، حتى كبار الصحابة، ثبت الإمام علي (ع) واستقام واستمر في الجهاد ومقاتلة المشركين الأوغاد، وهم أكثر من خمسة آلاف مقاتل بين راكب وراجل، وعلي (ع) يضرب بالسيف خراطيمهم ويحصد رؤوسهم، فذب عن الإسلام، ودفع الطغام، عن محمد سيد الأنام، حتى سمع النداء من السماء: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي)(27).
وقد أصيب في جسمه يوم أحد بتسعين إصابة غير قابلة للعلاج، فعالجها رسول الله بعدما انتهت المعركة عن طريق الإعجاز، إذ مسح عليها بريقه المبارك الذي جعل الله فيه بلسم كل جرح، ودواء كل داء.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 05:00 AM





الحافظ: ما كنت أظن أن تفتري على كبار الصحابة إلى هذا الحد وتنسبهم إلى الفرار! وهم المجاهدون في سبيل الله وخاصة الشيخان (رض) فإنهما ثبتا ودافعا عن النبي (ص) إلى آخر لحظة حتى انتهت المعركة.
قلت: إني لست بمفتر، ولكنكم ما قرأتم تاريخ الإسلام، وليس لكم فيه تحقيق وإلمام، حتى نطقتم بهذا الكلام!
لقد ذكر المؤرخون وأصحاب السير: أن المسلمين انهزموا في غزوة أحد وخيبر وحنين، أما خبر خيبر فقد ذكرته لكم عن صحيح البخاري ومسلم وغيرهما (28).
وأما الخبر عن غزوة حنين وفرار المسلمين فيها، فراجع الجمع بين الصحيحين للحميدي والسيرة الحلبية: 3/123.
وأما فرارهم في غزوة أحد، فحدث ولا حرج! فقد ذكره عامة المؤرخين، منهم: ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي في شرح النهج 13/ 278 ط دار إحياء التراث العربي، قال: فر المسلمون بأجمعهم ولم يبق معه[ النبي (ص)] إلا أربعة: علي والزبير وطلحة وأبو دجانة (29).
وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج 14: 251، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: 34، وغيرهما من الأعلام، قالوا: وسمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء، لا يرى شخص الصارخ به، ينادي مرارا: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي!
فسئل رسول الله(ص) عنه، فقال: هذا جبرائيل ـ والنص لابن أبي الحديد ـ.
فكان علي(ع) في كل الحروب التي خاضها مؤيدا من عند الله ومنصورا بالملائك.
روى محمد بن يوسف الكنجي القرشي في كتابه " كفاية الطالب " في الباب السابع والعشرين، بإسناده عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله(ص): ما بعث علي في سرية إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره والسحابة تظله حتى يرزقه الله الظفر.
وروى الإمام الحافظ النسائي في كتابه خصائص الإمام علي(ع)، ص8 ط مطبعة التقدم بالقاهرة، بسنده عن هبيرة بن هديم، قال: جمع الناس الحسن بن علي(ع) وعليه عمامة سوداء لما قتل أبوه، فقال: قد كان قتلتم بالأمس رجلا ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، وإن رسول الله(ص) قال: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ويقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد رايته حتى يفتح الله عليه.... إلى آخره.
نعم، كان النصر معقودا براية الإمام علي(ع) وسيفه، وكان الظفر ينزل على المسلمين في كل ميدان ينزل فيه علي(ع)، حتى قال النبي (ص): ما قام الدين وما استقام إلا بسيف علي عليه السلام.

علي حبيب الله ورسوله(ص)
رابعا: الآية الكريمة في سورة المائدة، تصرح أن المقصودين هم الموصوفون فيها، يحبهم الله ويحبونه.. وهذه فضيلة ثابتة للإمام أمير المؤمنين (ع ) ولم تثبت في حق غيره، وإن كان كثير من المؤمنين والصحابة هم أيضا يحبهم الله ويحبونه ولكن غير معنيين، أما علي (ع) فهو معني بهذه الفضيلة كما قال ذلك كثير من الأعلام، منهم:
العلامة الكنجي الشافعي في الباب السابع من كتابه " كفاية الطالب " روى بإسناده عن ابن عباس، أنه قال: كنت أنا وأبي ـ العباس جالسين عند رسول الله(ص) إذ دخل علي بن أبي طالب، وسلم، فرد عليه رسول الله(ص) وبش وقام إليه واعتنقه، وقبل ما بين عينيه، وأجلسه عن يمينه؛ فقال العباس: أتحب هذا يا رسول الله؟ فقال رسول الله(ص): يا عم رسول الله! والله، الله أشد حبا له مني.
وروى في الباب الثالث والثلاثين؛ بإسناده عن أنس بن مالك، قال: اهدي إلى رسول الله(ص) طائر وكان يعجبه أكله، فقال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء علي بن أبي طالب.
فقال: استأذن على رسول الله.
قال: قلت: ما عليه إذن.
وكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار.
فذهب ثم رجع فقال: استأذن لي عليه.
فسمع النبي(ص) كلامه، فقال: أدخل يا علي؛ ثم قال(ص): اللهم وإلي، اللهم وإلي ـ أي هو أحب الخلق إلي أيضا ـ.
وذكرنا لكم في المجالس الماضية مصادر هذا الخبر الذي تلقاه العلماء كلهم بالصحة والقبول، وهو دليل قاطع، وبرهان ساطع، على أن عليا(ع) أحب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رسوله(ص).

إعطاؤه الراية يوم خيبر
ومن أهم الدلائل على أن عليا(ع) هو المقصود بالآية الكريمة (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه....) حديث الراية لفتح خيبر، وقد نقله كبار علمائكم، ومشاهير أعلامكم، منهم:
البخاري في صحيحه ج 2 كتاب الجهاد، باب دعاء النبي (ص)، و ج3 كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ومسلم في صحيحه 2/324، والإمام النسائي في ( خصائص أمير الؤمنين(ع)، والترمذي في السنن، وابن حجر العسقلاني في الإصابة 2/508، وابن عساكر في تاريخه، وأحمد بن حنبل في مسنده، وابن ماجة في السنن، والشيخ الحافظ سليمان في " ينابيع المودة " الباب السادس، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي، في " كفاية الطالب " الباب الرابع عشر، ومحمد بن طلحة في " مطالب السؤول " الفصل الخامس، والحافظ أبو نعيم في " حلية الأولياء " والطبراني في الأوسط، والراغب الإصفهاني في محاضرات الأدباء2/212.
ولا أظن أن أحدا من المؤرخين أهمل الموضوع أو أحدا من المحدثين أنكره، حتى إن الحاكم ـ بعد نقله له ـ يقول: هذا حديث دخل في حد التواتر؛ والطبراني يقول: فتح علي(ع) لخيبر ثبت بالتواتر.
وخلاصة ما نقله الجمهور، أن رسول الله(ص) حاصر مع المسلمين قلاع اليهود ومنها قلعة خيبر، عدة أيام، فبعث النبي(ص) أبا بكر مع الجيش وناوله الراية وأمره أن يفتح، ولكنه رجع منكسرا عاجزا عن الفتح، فأخذ النبي(ص) الراية وأعطاها لعمر بن الخطاب وأرسله مع الجيش ليفتح خيبر، ولكنه رجع منهزما يجبن المسلمين وهم يجبنونه.
فلما رأى النبي(ص) خور أصحابه وتخاذلهم وانهزامهم أمام ثلة من اليهود، غضب منهم وأخذ الراية فقال: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرارا، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.
ـ ولا يخفى تعريض النبي(ص) في كلامه بالفارين ـ.
فبات المسلمون ليلتهم يفكرون في كلام رسول الله(ص)، ومن يكون مقصوده ومراده؟!
فلما أصبح الصباح اجتمعوا حول النبي(ص) والراية بيده المباركة ، فتطاولت أعناق القوم طمعا منهم بها أو ظنا بأنه سيناولهم الراية، لكن النبي(ص) أجال بصره في الناس حوله وافتقد أخاه ومراده علي بن أبي طالب(ع) فقال: أين ابن عمي علي؟
فارتفعت الأصوات من كل جانب: أنه أرمد يا رسول الله!
فقال(ص): علي به.
فجاؤا بالإمام علي(ع) وهو لا يبصر موضع قدمه، فسلم ورد النبي عليه وسأله: ما تشتكي يا علي؟ فقال(ع): صداع في رأسي، ورمد في عيني.
فأخذ النبي(ص) شيئا من ريقه المبارك ومسح به على جبين الإمام علي(ع) وقال: اللهم قه الحر والبرد؛ ودعا له بالشفاء، فارتد بصيرا.
وإلى هذه المنقبة يشير حسان في شعره فيقول:
وكان علي أرمد العين يبتغيدواء فلما لم يحس مداوياشفاه رسول الله منه بتفلةفبورك مرقيا وبورك راقياوقال سأعطي الراية اليوم فارساكميا شجاعا في الحروب محاميايحب الإله والإله يحبهبه يفتح الله الحصون الأوابيافخص بها دون البرية كـلهاعليا وسماه الوصي المؤاخيا
فأعطى النبي (ص) الراية لعلي (ع) وقال: خذ الراية! جبرائيل عن يمينك، وميكائيل عن يسارك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في قلوب القوم، فإذا وصلت إليهم فعرف نفسك وقل: أنا علي بن أبي طالب، فإنهم قرأوا في صحفهم أن الذي يدمر عليهم الحصون ويفتحها اسمه إيليا، وهو أنت يا علي!
فأخذ علي(ع) الراية وهرول بها نحو القلاع حتى وصل إلى باب خيبر وهو أهم تلك الحصون والقلاع، فطلب المبارز، فخرج إليه مرحب مع جماعة من أبطال اليهود، فهزمهم علي(ع) مرتين، وفي المرة الثالثة لما برزوا وحمل عليهم علي(ع) ضرب بالسيف على رأس مرحب فوصل إلى أضراس مرحب وسقط على الأرض صريعا، وسجل النصر للمسلمين(30).
ونقل ابن الصباغ في " الفصول المهمة " عن صحيح مسلم، وكذلك روى الإمام النسائي في خصائص الإمام علي: 7ط مطبعة التقدم بالقاهرة، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ...الخ.
وأخرج السيوطي في " تاريخ الخلفاء " وابن حجر في " الصواعق " والديلمي في " فردوس الأخبار " بإسنـادهم عن عمر بن الخطاب أنه قال: لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من أن أعطى حمر النعم، فسئل: ما هي؟
قال: تزويجه فاطمة بنت رسول الله (ص)، وسكناه المسجد مع رسول الله (ص) يحل له فيه ما يحل له، وإعطاؤه الراية يوم خيبر(31).
فالخبر ثابت لا ينكره إلا المعاندون الجاهلون الذين ليس لهم اطلاع على تاريخ الإسلام وغزوات رسول الله (ص). والآن فقد ثبت للحاضرين، وخاصة العلماء والمشايخ، بأني لا أتكلم من غير دليل، ولم أقصد إهانة الصحابة، بل مقصدي بيان الواقع وكشف الحقائق، التي منها الاستدلال بالتاريخ والحديث والعقل والنقل، بأن جملة (أشداء على الكفار) في الآية الكريمة تنطبق على الإمام علي عليه السلام قبل أن تنطبق على غيره كائنا من كان.
وهذا لم يكن قولي أنا فحسب، بل كثير من أعلامكم صرحوا به، منهم العلامة الكنجي في " كفاية الطالب " في الباب الثالث والعشرين، فإنه يروي حديثا عن النبي (ص) يشبه فيه عليا عليه السلام بالأنبياء، وفي تشبيهه بنوح (ع) يقول العلامة الكنجي: وشبه بنوح لأن عليا عليه السلام كان شديدا على الكافرين، رؤوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله (... والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم....)(32).
وأخبر الله عز وجل عن شدة نوح على الكافرين بقوله: (.... رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا)(33) انتهى.
فعلي(ع) هو المصداق الأجلى والأظهر لجملة( أشداء على الكفار)(34).
وأما قولكم بأن جملة ( رحماء بينهم) تنطبق على عثمان بن عفان وهي إشارة إلى مقام الخلافة في المرتبة الثالثة، وأن عثمان كان رقيق القلب، بالمؤمنين رؤوفا رحيما..
فنحن لا نرى ذلك من صفات عثمان، بل التاريخ يحدثنا على عكس ذلك ، وأرجو أن لا تسألوني توضيح الموضوع أكثر من هذا، لأني أخاف أن تحملوا حديثي على الإساءة والإهانة بمقام الخليفة الثالث ولا أحب أن أزعجكم.
الحافظ: نحن لا نضجر إذا لم يكن حديثك فحشا، وكان مدعما بالدليل ومطابقا للواقع مع ذكر الإسناد والمصادر.
قلت: أولا: إني ما كنت ولم أكن فحاشا، بل سمعت الفحش وأجبت بالمنطق والبرهان!
ثانيا: هناك أدلة كثيرة على خلاف ما ذهبتم في شأن عثمان، فإن جملة (رحماء بينهم) لا تنطبق عليه أبدا، ولإثبات قولي أشير إلى بعض الدلائل، وأترك التحكيم والقضاء للحاضرين الأعزاء.

سيرة عثمان على خلاف الشيخين
لقد أجمع المؤرخون والأعلام، مثل: ابن خلدون، وابن خلكان، وابن أعثم الكوفي، وأصحاب الصحاح كلهم، والمسعودي في مروج الذهب 1/435، وابن أبي الحديد في شرح النهج، والطبري في تاريخه، وغيرهم من علمائكم، قالوا: إن عثمان بن عفان حينما ولي الخلافة سار على خلاف سنة الرسول(ص) وسيرة الشيخين، ونقض العهد الذي عاهده عليه عبد الرحمن بن عوف في مجلس الشورى حين بايعه على كتاب الله وسنة الرسول(ص) وسيرة الشيخين، وأن لا يسلط بني أمية على رقاب المسلمين.
ولكن حينما استتب له الأمر خالف العهد، وتعلمون بأن نقض العهد من كبائر الذنوب، والقرآن الحكيم يصرح بذلك.
قال تعالى: (.... وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا)(35).
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)(36).
الحافظ: نحن لا نعلم لذي النورين خلافا، وإنما هذا قولكم ومن مزاعم الشيعة ولا دليل عليه!
قلت: راجعوا شرح النهج ـ لابن أبي الحديد ـ 1/198 ط دار إحياء التراث العربي، فإنه قال: وثالث القوم هو عثمان بن عفان.... بايعه الناس بعد انقضاء الشورى واستقرار الأمر له، وصحت فيه فراسة عمر، فإنه أوطأ بني أمية رقاب الناس، وولاهم الولايات، وأقطعهم القطائع، وافتتحت أفريقية في أيامه فأخذ الخمس كله فوهبه لمروان.
وأعطى عبدالله بن خالد أربعمائة ألف درهم.
وأعاد الحكم بن أبي العاص إلى المدينة، بعد أن كان رسول الله( ص) قد سيره ـ أي: نفاه من المدينة ـ ثم لم يرده أبو بكر ولا عمر! وأعطاه مائة ألف درهم.
وتصدق رسول الله (ص) بموضع سوق بالمدينة ـ يعرف بمهزوز ـ على المسلمين، فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان.
وأقطع مروان فدك، وقد كانت فاطمة بنت رسول الله(ص) طلبتها بعد وفاة أبيها(ص) تارة بالميراث، وتارة بالنحل، فدفعت عنها.
وحمى المراعي حول المدينة كلها من مواشي المسلمين كلهم إلا عن بني أمية.
وأعطى عبدالله بن أبي السرح جميع ما أفاء الله عليه من فتح أفريقية بالمغرب، وهي من طرابلس الغرب إلى طنجة، من غير أن يشركه فيه أحد من المسلمين.
وأعطى أبا سفيان بن حرب*(37) مائتي ألف من بيت المال ، في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال، وقد كان زوجه ابنته أم أبان. فجاء زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح، فوضعها بين يدي عثمان وبكى وقال:... والله لو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيرا!
فقال: ألق المفاتيح يابن أرقم، فإنا سنجد غيرك!
وأتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة، فقسمها كلها في بني أمية.
وأنكح الحارث بن الحكم ـ أخا مروان ـ ابنته عائشة، فأعطاه مائة ألف من بيت المال، بعد طرده زيد بن أرقم عن خزانته.
وانضم إلى هذه الأمور، أمور أخرى نقمها عليه المسلمون، كتسيير أبي ذر رحمه الله تعالى إلى الربذة، وضرب عبدالله بن مسعود حتى كسر أضلاعه، وما أظهر من الحجاب، والعدول عن طريقة عمر في إقامة الحدود ورد المظالم وكف الأيدي العادية والانتصاب لسياسة الرعية!
وختم ذلك ما وجدوه من كتابه إلى معاوية يأمره فيه بقتل قوم من المسلمين.... إلى آخره.
هذا كلام ابن أبي الحديد في عثمان بن عفان.
وذكر المسعودي في مروج الذهب 2/ 341 ـ 343:
فقد بلغت ثروة الزبير خمسين ألف دينار وألف فرس وألف عبد وضياعا وخططا في البصرة والكوفة ومصر والإسكندرية، وكانت غلة طلحة بن عبيدالله(38) من العراق كل يوم ألف دينار، وقيل أكثر.
وكان على مربط عبد الرحمن بن عوف مائة فرس، وله ألف بعير، وعشرة آلاف شاه، وبلغ ربع ثمن ماله بعد وفاته أربعة وثمانين ألفا.
وحين مات زيد بن ثابت خلف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار.
ومات يعلي بن منية وخلف خمسمائة ألف دينار وديونا وعقارات وغير ذلك ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار.
أما عثمان نفسه... فكان له يوم قتل عند خازنه مائة وخمسون ألف دينار وألف ألف[أي: مليون] درهم، وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار، وخلف خيلا كثيرا وإبلا.
ثم قال المسعودي بعد ذلك: وهذا باب يتسع ذكره، ويكثر وصفه فيمن تملك الأموال في أيامه.
انتهى كلام المسعودي.
هكذا كان عثمان وحاشيته يتسابقون في كنز الذهب والفضة، وجمع الخيل والإبل والمواشي، وامتلاك الأراضي والعقار، في حين كان كثير من المسلمين المؤمنين لا يملكون ما يسدون به جوعهم ويكسون به أجسامهم.
أكان هذا السلوك يليق بمن يدعي خلافة رسول الله(ص) وهل كان النبي(ص) كذلك؟!
كلا وحاشا، ولاشك أن عثمان خالف طريقة أبي بكر وناقض سيرة عمر أيضا، وكان هو قد عاهد على أن يسلك سبيلهما.
ذكر المسعودي في مروج الذهب، ج1، في ذكره سيرة عثمان وأخباره ، فقال بالمناسبة: إن الخليفة عمر مع ولده عبدالله ذهبا إلى حج بيت الله الحرام، فلما رجع إلى المدينة كان ما صرفه في سفره ستة عشر دينارا، فقال لابنه: ولدي لقد أسرفنا في سفرنا هذا.
فقايسوا بين تبذير عثمان لأموال المسلمين وكلام عمر بن الخطاب، وشاهدوا كم الفرق بينهما؟!

توليته بني أمية
إن عثمان مكن فساق بني أمية وفجارهم من بلاد المسلمين، وسلطهم على رقاب المؤمنين وأموالهم(39)، فاتخذوا أموال الله دولا، وعباده خولا ، وسعوا في الأرض فسادا، منهم: عمه الحكم بن أبي العاص وابنه مروان، وهما ـ كما نجد في التاريخ ـ طريدا رسول الله (ص) وقد لعنهما ونفاهما من المدينة إلى الطائف.
الحافظ: ما هو دليلكم على نفي هذين بالخصوص؟
قلت: دليلنا على لعنهما من جهتين، جهة عامة، وجهة خاصة.
أما الجهة العامة: فهما غصنان من الشجرة الملعونة في القرآن، بقوله تعالى: (.... وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن...)(40).
وقد فسرها أعلام المفسرين وكبار المحدثين، ببني أمية، منهم: الطبري والقرطبي والنيسابوري والسيوطي والشوكاني والآلوسي، وابن أبي حاتم والخطيب البغدادي وابن مردويه والحاكم المقريزي والبيهقي وغيرهم، فقد رووا في تفسير الآية الكريمة عن ابن عباس أنه قال الشجرة الملعونة في القرآن هم بنو أمية، فإن رسول الله (ص) رأى فيما يراه النائم أن عددا من القردة تنزو على منبره وتدخل محرابه، فلما استيقظ من نومه نزل عليه جبرئيل وأخبره: أن القردة التي رأيتها في رؤياك إنما هي بنو أمية، وهم يغصبون الخلافة والمحراب والمنبر طيلة(41).
وأما الفخر الرازي فيروي في تفسيره عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) كان يسمي من بني أمية الحكم بن أبي العاص ويخصه باللعن.
وأما الجهة الخاصة في لعنهما، فالروايات من الفريقين كثيرة:
أما روايات الشيعة فلا أذكرها، وأكتفي بذكر ما نقله كبار علمائكم ومحدثيكم، منهم: الحاكم النيسابوري في المستدرك 4/487، وابن حجر الهيتمي المكي في " الصواعق " قال: وصححه الحاكم، قال رسول الله (ص): إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم.
قال: ومروان بن الحكم كان طفلا، قال له النبي (ص): وهو الوزغ بن الوزغ، والملعون بن الملعون.
وأما الفخر الرازي فيروي في تفسيره عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) كان يسمي من بني أمية الحكم بن ابي العاص ويخصه باللعن.
وأما الجهة الخاصة في لعنهما، فالروايات من الفريقين كثيرة:
أما روايات الشيعة فلا أذكرها، وأكتفي بذكر ما نقله كبار علمائكم ومحدثيكم، منهم: الحاكم النيسابوري في المستدرك 4/487، وابن حجر الهيتمي المكي في " الصواعق " قال: وصححه الحاكم، قال رسول الله (ص): إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم.
قال: ومروان بن الحكم كان طفلا، قال له النبي (ص): وهو الوزغ بن الوزغ، والملعون بن الملعون.
وروى ابن حجر أيضا، والحلبي في السيرة الحلبية 1/337، والبلاذري في أنساب الأشراف 5/126، والحافظ سليمان الحنفي في " ينابيع المودة " والحاكم في المستدرك 4/481، والدميري في حياة الحيوان 2/299، وابن عساكر في تاريخه، ومحب الدين الطبري في " ذخائر العقبى " وغير هؤلاء، كلهم رووا عن عمر بن مرة الجهني: أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي (ص) فعرف صوته، فقال: ائذنوا له، عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه، إلا المؤمن منهم وقليل ما هم.
ونقل الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير، في ذيل الآية: (والشجرة الملعونة) أن عائشة كانت تقول لمروان: لعن الله أباك وأنت في صلبه. فأنت بعض من لعنه الله!
والمسعودي في مروج الذهب 1/435 يقول: مروان بن الحكم طريد رسول الله (ص) الذي أخرجه النبي (ص) ونفاه من المدينة.
إن أبا بكر وعمر لم يأذنا له بالرجوع إلى المدينة، ولكن عثمان خالف النبي والشيخين، فأجاز مروان بالإقامة في المدينة، وزوجه ابنته أم أبان، ومنحه الأموال، وفسح له المجال حتى أصبح صاحب الكلمة النافذة في الدولة(42).
وقال ابن أبي الحديد ـ نقلا عن بعض أعلام عصره ـ عن عثمان سلم عنانه إلى مروان يصرفه كيف شاء، الخلافة له في المعنى ولعثمان في الاسم.
النواب: من كان الحكم بن أبي العاص؟ ولماذا لعنه النبي (ص) ونفاه من المدينة؟
قلت: هو عم الخليفة عثمان، وقد ذكر الطبري وابن الأثير في التاريخ والبلاذري في أنساب الأشراف 5/17: ان الحكم بن أبي العاص كان في الجاهلية جارا لرسول الله (ص) وكان كثيرا ما يؤذي النبي (ص) في مكة، ثم جاء إلى المدينة بعد عام الفتح، وأسلم في الظاهر، ولكنه كان يسعى لأن يحقر النبي (ص) ويحاول أن يحط من شأنه بين الناس. وكان يمشي خلف النبي (ص) ويبدي من نفسه حركات وإشارات يستهزئ بها برسول الله (ص) ويجرئ على السخرية منه (ص).
فدعا عليه رسول الله (ص) أن يبقى على الحالة التي كان عليها، فبقي على حالة غريبة تشبه الجنون، وصار الناس يستهزئون به ويسخرون منه.
فذهب يوما إلى بيت النبي (ص)، ولا أعلم ما صدر منه، إلا أن النبي (ص) خرج وقال: لا يشفع أحدكم للحكم!
ثم أمر (ص) بنفيه مع أولاده وعياله، فأخرجه المسلمون من المدينة، فأقام في الطائف.
ولما ولي أبو بكر الخلافة شفع له عثمان عند الخليفة ليأذن له بالرجوع إلى المدينة، ولكنه رفض، وبعده شفع له عثمان عند عمر، فرفض، وقتلا: هو طريد رسول الله (ص) فلا نعيده ولا نأذن له أن يقيم في المدينة.
فلما أمر إليه وأصبح هو الخليفة بعد عمر، أعاد الحكم مع أولاده إلى المدينة وأحسن إليهم كثيرا ولم يعبأ بمخالفة الصحابة واعتراض المؤمنين، بل منحهم أموال بيت المال، ونصب مروان بن الحكم وزيرا واتخذه مشيرا، فجمع حوله أشرار بني أمية وأسند إليهم الأمور والولايات.

فجور واليه في الكوفة
فولى على الكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو أخو عثمان لأمه، وأسمها أروى، وقد صرح النبي (ص) أنه من أهل النار! كما في رواية المسعودي في مروج الذهب، ج1، في أخبار عثمان، وكان فاسقا متجاهرا بالشرور، ومتظاهرا بالفجور:
وذكر أبو الفداء في تاريخه، والمسعودي في مروج الذهب وأبو الفرج في الأغاني 4/178، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 104، الإمام أحمد في المسند 1/144، والطبري في تاريخه 5/60، والبيهقي في سننه 8/318، وابن الأثير في أسد الغابة 5/91، وابن أبي الحديد في شرح النهج 3/18 ط. دار احياء التراث العربي.
هؤلاء وغيرهم من أعلام السنة ذكروا: أن الوليد بن عقبة ـ والي الكوفة من قبل عثمان ـ شرب الخمر ودخل المحراب سكرانا وصلى الصبح بالناس أربع ركعات وقال لهم: إن شئتم أزيدكم!!
وبعضهم ذكر بأنه تقيأ في المحراب، فشم الناس منه رائحة الخمر، فأخرجوا من إصبعه خاتمه ولم يشعر بذلك، فشكوه إلى عثمان، فهدد الشهود وأبى أن يجري الحد عليه، فضغط عليه الإمام علي (ع) والزبير وعائشة وغيرهم من الصحابة، حتى اضطر إلى ذلك، فعزله وأرسل سعيد بن العاص مكانه، وهو لا يقل عن ذاك في الخمر والمجون والفسق والفجور.
وولى على البصرة ابن خاله عبد الله بن عامر وعمره خمس وعشرون سنة، وكان معاوية عاملا لعمر على دمشق والأردن، فضم إليه عثمان ولاية حمص وفلسطين والجزيرة (43).
هؤلاء وأمثالهم ما كانوا من ذوي السابقة في الدين والجهاد في الإسلام، وإنما كانوا متهمين في دينهم، بل كان فيهم مثل الوليد بن عقبة الذي أعلن القرآن فسقه كما يحدثنا المفسرون في ذيل الآية الكريمة: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون)(44).
فالمؤمن علي (ع) والفاسق الوليد.
وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)(45)، وقال المفسرون في شأن نزولها : إن الوليد كذب على بني المصطلق عند رسول الله (ص) وادعى أنهم منعوه الصدقة، ولو قصصنا مخازيه ومساوئه لطال بها الشرح.
وكان المسلمون ـ أعيانهم وعامتهم ـ يراجعون عثمان في شأن هؤلاء الولاة من أقاربه ويطلبون منه عزلهم فلا يعزلهم، ولا يسمع فيهم شكاية كارها، وربما ضرب الشاكين وأخرجهم من المجلس بعنف!

أسباب الثورة على عثمان
إن من أهم أسباب الثورة على عثمان، سيرته المخالفة لسير النبي (ص) وسيرة الشيخين، فلو كان يسعى ليغير سيرته الخاطئة ويصلح الأمور ويعمل بنصيحة الناصحين، أمثال الامام علي (ع) وابن عباس، لكان الناس يهدؤون والمياه ترجع إلى مجاريها الطبيعية (46)، ولكنه اغتر بكلام حاشيته وحزبه من بني أمية حتى قتل، وقد كان عمر بن الخطاب تنبأ بذلك، لأنه عثمان مدة طويلة، وعرف أخلاقه وسلوكه كما يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج 1/186 ط. دار احياء التراث العربي قال:
في قصة الشورى... فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم؟!..
ثم أقبل على علي (ع) فقال: لله أنت! لولا دعابة فيك! أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح، والمحجة البيضاء.
ثم أقبل على عثمان، فقال: هيها إليك! كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك، فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس، وآثرتهم بالفيء، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا.... إلى آخره.
وقال في ج2/129: وأصح ما ذكر في ذلك ما أورده الطبري في تاريخه ، حوادث سنة 33 ـ 35، وخلاصة ذلك: أن عثمان أحدث أحداثا مشهورة نقمها الناس عليه ، من تأمير بني أمية، ولا سيما الفساق منهم وأرباب السفه وقلة الدين، وإخراج مال الفيء إليهم، وما جرى في أمر عمار بن ياسر وأبي ذر وعبد الله بن مسعود، وغير من الأمور التي جرت في أواخر خلافته.
وراجعوا التاريخ حول أبي سفيان وبنيه، وهو من زعماء بني أمية، وانظروا إلى ما نقله الطبري في تاريخه، فقد قال: إن رسول الله (ص) رأى أبو سفيان مقبلا على حماره ومعاوية يقوده ويزيد بن أبي سفيان يسوق بالحمار، فقال (ص): " لعن الله الراكب والقائد والسائق ".
وبالرغم من ذلك نجد في التاريخ أن عثمان أكرمه وأعطاه أموالا كثيرة، وكان له عند الخليفة مقاما وجاها عاليا، وهو الذي أنكر القيامة والمعاد في مجلس عثمان، فارتد عن الإسلام، وكان على الخليفة أن يأمر بقتله، لأن المرتد جزاؤه القتل، ولكنه تغاضى عنه واكتفى بإخراجه!
فأنصفوا وفكروا! لماذا كان عثمان يكرم أبا سفيان المرتد، ويؤوي طريد رسول الله (ص) الحكم بن أبي العاص وابنه مروان ويقربهم ويمنحهم الأموال الكثيرة من بيت مال المسلمين، ويسند إليهم وإلى أبنائهم الولايات والامارات، وهم الذين لعنهم رسول الله (ص) في الملأ العام، وقد سمعه المسلمون وهو يفسر الشجرة الملعونة في القرآن ببني أمية؟!
لماذا كان عثمان يتخذ مروان وأمثاله ونظراءه أولياء من دون الله تعالى ويركن إليهم ويعمل برأيهم، بل أسند إليهم إدارة الدولة حتى تكون آلة لهم ومطية لأغراضهم الالحادية وأهدافهم الجاهلية؟!
فلقائل أن يقول: إنما كان عثمان يقصد من وراء أعماله التي ذكرنا طرفا منها تمهيد السبيل للانقلاب الذي أخبر الله سبحانه في كتابه بقوله: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...)(47).

موقف علي عليه السلام من عثمان
لقد كان موقف الإمام علي (ع) في الفتنة موقف الناصح المصلح، والتاريخ يشكر له مواقفه السليمة، وأنا أنقل لكم الآن بعض كلامه في هذا الشأن من " نهج البلاغة " حتى تعرفوا نياته الطيبة ومساعيه الخيرة.
قالوا: لما اجتمع الناس إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، وشكوا إليه ما نقموه على عثمان، وسألوه مخاطبته واستعتابه لهم، فدخل (ع) على عثمان فقال:
إن الناس ورائي وقد استفسروني بينك وبينهم، والله ما أدري ما أقول لك! ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه!
إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، و قد رأيت كما رأينا، و سمعت كما سمعنا، و صحبت رسول اللّه (ص) كما صحبنا، و ما ابن أبي قحافة و لا ابن الخطّاب بأولى بعمل الحقّ منك، و أنت أقرب إلى رسول اللّه (ص) وشيجة رحم منهما، و قد نلت من صهره ما لم ينالا، فاللّه.. اللّه في نفسك فإنّك و اللّه ما تبصّر من عمي و لا تعلّم من جهل، و إنّ الطّرق لواضحة و إنّ أعلام الدّين لقائمة.
فاعلم أنّ أفضل عباد اللّه عند اللّه إمام عادل هدي و هدى، فأقام سنّة معلومة و أمات بدعة مجهولة، و إنّ السّنن لنيّرة لها أعلام، و إنّ البدع لظاهرة لها أعلام، و إنّ شرّ النّاس عند اللّه إمام جائر ضلّ و ضلّ به، فأمات سنّة مأخوذة و أحيا بدعة متروكة، و إنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر و ليس معه نصير و لا عاذر فيلقى في جهنّم فيدور فيها كما تدور الرّحى، ثمّ يرتبط في قعرها.
و إنّي أنشدك اللّه أن تكون إمام هذه الأمّة المقتول!
فإنّه كان يقال يقتل في هذه الأمّة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة، و تلبس أمورها عليها و يبثّ الفتن فيها فلا يبصرون الحقّ من الباطل يموجون فيها موجا و يمرجون فيها مرجا.
فلا تكونن ّ لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السّنّ و تقضي العمر(48).
فقال له عثمان كلّم النّاس في أن يؤجّلوني حتّى أخرج إليهم من مظالمهم.
فقال (ع): ما كان بالمدينة فلا أجل فيه، و ما غاب فأجله وصول أمرك إليه.
ولكن عثمان شاور مروان في ما طلبه علي (ع) من قبل الناس، فأشار عليه بالمخالفة، فخرج عثمان وخطب الناس وقال في ما قال:
... فاجترأتم علي، أما والله لأنا أقرب ناصرا، وأعز نفرا، وأكثر عودا، وأحرى إن قلت: " هلم " أن يجاب صوتي.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 05:06 AM



ولقد أعددت لكم أقرانا، وكشرت لكم عن نابي، وأخرجتم مني خلقا لم أكن أحسنه، ومنطقا لم أكن أنطق به.... إلى آخره.
فهاج الناس ولم يرضوا من كلامه، فاشتد البلاء حتى وقع ما وقع.

موقف الصحابة من عثمان
وأما صحابة رسول الله (ص) فأكثرهم تألبوا على عثمان وقاموا في وجهه ينهونه عن أعماله التعسفية، وتصرفه بغير حق في الأمور المالية وانحيازه لبني أمية.
وقد ذكر الطبري(49): أن نفرا من أصحاب رسول الله (ص) تكاتبوا، فكتب بعضهم إلى بعض أن أقدموا، فإن الجهاد بالمدينة لا بالروم.
واستطال الناس على عثمان، ونالوا منه، وذلك في سنة أربع وثلاثين، ولم يكن أحد من الصحابة يذب عنه ولا ينهى، إلا نفر منهم: زيد بن ثابت وأبو أسيد الساعدي وكعب بن مالك وحسان بن ثابت.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2/134 ط. دار احياء التراث العربي:
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى: ثم إن سعيد بن العاص قدم على عثمان سنة إحدى عشرة من خلافته فلما دخل المدينة اجتمع قوم من الصحابة فذكروا سعيدا و أعماله و ذكروا قرابات عثمان و ما سوغهم من مال المسلمين و عابوا أفعال عثمان.
فأرسلوا إليه عامر بن عبد القيس ـ و كان متألها و اسم أبيه عبد الله و هو من تميم ثم من بني العنبر ـ فدخل على عثمان فقال له: إن ناسا من الصحابة اجتمعوا و نظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله و تب إليه
فقال عثمان: انظروا إلى هذا تزعم الناس أنه قارئ ثم هو يجي‏ء إلي فيكلمني فيما لا يعلمه! و الله ما تدري أين الله!
فقال عامر: بلى و الله إني لأدري إن الله لبالمرصاد!
فأخرجه عثمان.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2/144: و روى أبو جعفر [ الطبري ] قال: كان عمرو بن العاص شديد التحريض و التأليب على عثمان.
وقال في صفحة 149: قال أبو جعفر [ الطبري ]: أن عثمان مر بجبلة بن عمرو الساعدي، و هو في نادي قومه، و في يده جامعة فسلم فرد القوم عليه، فقال جبلة: لم تردون على رجل فعل كذا و فعل كذا؟! ثم قال لعثمان: و الله لأطرحن هذا الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة مروان و ابن عامر و ابن أبي سرح فمنهم من نزل القرآن بذمه و منهم من أباح رسول الله ص دمه.
وقال: قيل: إنه خطب يوما و بيده عصا كان رسول الله ص و أبو بكر و عمر يخطبون عليها فأخذها جهجاه الغفاري من يده، و كسرها على ركبته فلما تكاثرت أحداثه و تكاثر طمع الناس فيه كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة و غيرهم إلى من بالآفاق إن كنتم تريدون الجهاد فهلموا إلينا فإن دين محمد(ص) قد أفسده خليفتكم فاخلعوه فاختلفت عليه القلوب و جاء المصريون و غيرهم إلى المدينة حتى حدث ما حدث.
ونقل أبن أبي الحديد في شرح النهج 2/161: قال أبو جعفر [ الطبري ]: و كان لعثمان على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفا، فقال طلحة له يوما: قد تهيأ مالك فاقبضه، فقال: هو لك معونة على مروءتك.
فلما حصر عثمان، قال علي (ع) لطلحة: أنشدك الله إلا كففت عن عثمان!
فقال: لا و الله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها.
فكان علي (ع) يقول: لحا الله ابن الصعبة! أعطاه عثمان ما أعطاه و فعل به ما فعل!
ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج 9/3 عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب " أخبار السقيفة " بسنده عن أبي بن كعب الحارثي، في رواية مفصلة، إلى أن قال في صفحة 5: فتبعته [ أي: عثمان ] حتى دخل المسجد، فإذا عمار جالس إلى سارية، و حوله نفر من أصحاب رسول الله (ص) يبكون، فقال عثمان: يا وثاب! علي بالشرط فجاءوا ، فقال: فرقوا بين هؤلاء ففرقوا بينهم.
ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس ثم تكلمت و ذكرت رسول الله (ص) و ما بعثه الله به، ثم قالت تركتم أمر الله و خالفتم عهده... و نحو هذا ثم صمتت، و تكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك فإذا هما عائشة و حفصة.
قال: فسلم عثمان، ثم أقبل على الناس و قال إن هاتين لفتّانتان يحل لي سبهما و أنا بأصلهما عالم.
فقال له سعد بن أبي وقاص أ تقول هذا لحبائب رسول الله (ص)!
فقال: و فيم أنت و ما هاهنا؟!
ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه فانسل سعد فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان فلقي عليا (ع) بباب المسجد، فقال له (ع): أين تريد؟
قال أريد هذا الذي كذا و كذا ـ يعني سعدا يشتمه ـ فقال له علي (ع): أيها الرجل دع عنك هذا.
قال: فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا، فقال عثمان أ لست الذي خلفك رسول الله (ص) يوم تبوك؟!
فقال علي عليه السلام: أ لست الفار عن رسول الله (ص) يوم أحد ؟!
قال: ثم حجز الناس بينهما.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 9/35 و 36: و روى الناس الذين صنفوا في واقعة الدار أن طلحة كان يوم قتل عثمان مقنعا بثوب قد استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام.
و رووا أيضا أنه لما امتنع على الذين حصروه الدخول من باب الدار حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها و تسوروا منها على عثمان داره فقتلوه.
و رووا أيضا: أن الزبير كان يقول: اقتلوه فقد بدل دينكم.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 3/27 و 28: و روى شعبة بن الحجاج عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: قلت له: كيف لم يمنع أصحاب رسول الله (ص) عن عثمان؟!
فقال إنما قتله أصحاب رسول الله (ص).
قال: و روي عن أبي سعيد الخدري، أنه سئل عن مقتل عثمان هل شهده أحد من أصحاب رسول الله (ص)
فقال: نعم، شهده ثمانمائة!
قال: و هذا عبد الرحمن بن عوف و هو عاقد الأمر لعثمان و جالبه إليه و مصيره في يده، يقول ـ على ما رواه الواقدي و قد ذكر له عثمان في مرضه الذي مات فيه ـ: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه، فبلغ ذلك عثمان، فبعث إلى بئر كان عبد الرحمن يسقي منها نعمه فمنع منها و وصى عبد الرحمن ألا يصلي عليه عثمان، فصلى عليه الزبير ـ أو سعد بن أبي وقاص ـو قد كان حلف لما تتابعت أحداث عثمان ألا يكلمه أبدا.
قال: و روى الواقدي، قال: لما توفي أبو ذر بالربذة، تذاكر أمير المؤمنين (ع) وعبد الرحمن فعل عثمان، فقال أمير المؤمنين (ع) له: هذا عملك! فقال عبد الرحمن: فإذا شئت فخذ سيفك و آخذ سيفي إنه خالف ما أعطاني.
وقال في شرح النهج 3/50 و 51: و قد روي من طرق مختلفة و بأسانيد كثيرة أن عمارا كان يقول: ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر و أنا الرابع و أنا شر الأربعة (... وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(50) و أنا أشهد أنه قد حكم بغير ما أنزل الله.
وقال: و روي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة أنه قيل له بأي شي‏ء كفرتم عثمان؟
فقال: بثلاث: جعل المال دولة بين الأغنياء و جعل المهاجرين من أصحاب رسول الله (ص) بمنزلة من حارب الله و رسوله و عمل بغير كتاب الله.

موقف عثمان من صحابة النبي (ص) المقربين
ومن أسباب ثورة المسلمين على عثمان وقتله، إيذاؤه بعض الصحابة المقربين إلى رسول الله (ص) والمكرمين لديه، وما كان لهم جرم سوى إنهم كانوا ينهونه عن المنكر ويأمرونه بالمعروف، منهم: عبد الله بن مسعود، وهو الحافظ لكتاب الله، والكاتب الضابط للقرآن الكريم على عهد رسول الله (ص)، وكان يحظى عند النبي (ص) وعند الشيخين باحترام وافر.
وذكر ابن خلدون في تاريخه أن عمر بن الخطاب في أيام خلافته وحكومته كان يقرب عبد الله بن مسعود ولا يفارقه أبدا، لأنه كان ذا اطلاع كامل على القرآن، وقد روى المحدثون أحاديث كثيرة عن رسول الله (ص) في حقه، ذكرها ابن أبى الحديد أيضا في شرح النهج.
وذكر المؤرخون: أن عثمان لما أراد أن يجمع المصاحف أمر بأخذ النسخ الموجودة عند الأصحاب، ومنها النسخة التي كانت عند عبد الله بن مسعود، اذ كان من كتاب الوحي ومحل ثقة النبي (ص)، ولكن ابن مسعود أبا أن يعطيه نسخته، فذهب عثمان بنفسه إلى بيت ابن مسعود وأخذ نسخته قهرا، فلما سمع ابن مسعود أن نسخته أحرقت مع سائر النسخ، حزن حزنا شديدا وكان حينذاك بالكوفة، فبدأ يطعن في عثمان، ويكشف الستار عن أعماله المخالفة لسنة النبي والقرآن وسيرة الشيخين.
وكان الجواسيس يخبرون الوليد بن عقبة والي الكوفة، فكتب فيه الوليد إلى عثمان، فأمره أن يبعثه إلى المدينة.
وقال ابن أبى الحديد في شرح النهج 3/43 ـ عن الواقدي وغيره: أن ابن مسعود دخل المدينة ليلة جمعة، فلما علم عثمان بدخوله قال: أيها الناس إنه قد طرقكم الليلة دويبة، من تمشي على طعامه يقي‏ء و يسلح.
فقال ابن مسعود: لست بدويبة، و لكنني صاحب رسول الله(ص) يوم بدر، و صاحبه يوم أحد، و صاحبه يوم بيعة الرضوان، و صاحبه يوم الخندق، و صاحبه يوم حنين.
و صاحت عائشة: يا عثمان! أ تقول هذا لصاحب رسول الله (ص)؟!
فقال عثمان: اسكتي، ثم قال لعبد الله بن زمعة بن الأسود: أخرجه إخراجا عنيفا!
فأخذه ابن زمعة، فاحتمله حتى جاء به باب المسجد، فضرب به الأرض، فكسر ضلعا من أضلاعه.
فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان.
و في رواية: أن ابن زمعة كان مولى لعثمان، أسود مسدما طوالا.
وقال ابن أبى الحديد في صفحة 44: وقد روى محمد بن اسحاق عن محمد بن كعب القرظي: أن عثمان ضرب إبن مسعود أربعين سوطا، لأنه قام بتجهيز أبي ذر الغفاري ودفنه.
قال: وهذه قصة أخرى، ثم يذكرها بالتفصيل.
أقول: الله أكبر! وهل دفن مؤمن كأبي ذر، يستوجب التعزيز والتعذيب؟!
وقال ابن أبي الحديد في صفحة 42 و 43: و لما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائدا.
فقال: ما تشتكي؟
فقال: ذنوبي.
قال: فما تشتهي.
قال: رحمة ربي.
قال: أ لا أدعو لك طبيبا؟
قال: الطبيب أمرضني.
قال: أ فلا آمر لك بعطائك؟
قال: منعتنيه و أنا محتاج إليه و تعطينيه و أنا مستغن عنه!
قال: يكون لولدك.
قال: رزقهم على الله تعالى.
قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن.
قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك حقي!
وقال ابن أبي الحديد في صفحة 42: وقد روي عنه أيضا من طرق لا تحصى كثيرة، أنه كان يقول: ما يزن عثمان عند الله جناح ذباب.
قال ابن أبي الحديد: وتعاطي ما روي عنه في هذا الباب يطول، و هو أظهر من أن يحتاج إلى الاستشهاد عليه، و أنه بلغ من إصرار عبد الله على مظاهرته بالعداوة، أن قال لما حضره الموت: من يتقبل مني وصية أوصيه بها على ما فيه؟
فسكت القوم و عرفوا الذي يريد.
فأعادها، فقال عمار بن ياسر رحمه الله تعالى: أنا أقبلها.
فقال ابن مسعود: ألا يصلي علي عثمان.
قال: ذلك لك.
فيقال: إنه لما دفن جاء عثمان منكرا لذلك، فقال له قائل: أن عمارا ولي الأمر.
فقال لعمار: ما حملك على أن لم تؤذني؟!
فقال: عهد إلي ألا أؤذنك.
فوقف على قبره و أثنى عليه. ثم انصرف و هو يقول: رفعتم و الله أيديكم عن خير من بقي.
فتمثل الزبير بقول الشاعر:
لا ألفينك بعد الموت تندبنيوفي حياتي ما زودتني زادي
إيذاؤه عمار بن ياسر
ومن أعمال عثمان الثابتة عليه، ولم ينكره أحد من المؤرخين، وهو خلاف العدل والرحمة، وظلم ظاهر، لم يرض به المؤمنون، ولو كان أبو بكر وعمر حيين لأنكرا عليه وانتقما منه:
ضربه وإيذاؤه عمار بن ياسر، الصحابي الجليل الذي قال فيه رسول الله (ص): " عمار ملئ إيمانا من قرنه إلى قدميه ". وشهد له ولأبويه بالجنة، بل قال (ص): إن الجنة إليه.
وكان السبب في ضربه أمورا، منها كما نقل ابن أبي الحديد في شرح النهج 3/50 قال: و روى آخرون أنّ السبب في ذلك أنّ عثمان مرّ بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: عبد اللّه بن مسعود، فغضب على عمّار لكتمانه إيّاه موته، إذ كان المتولّي للصلاة عليه و القيام بشأنه، فعندها وطئ عثمان عمّارا حتى أصابه الفتق.
قال ابن أبي الحديد في صفحة 50: و روى آخرون، أن المقداد و عمارا و طلحة و الزبير و عدة من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا، عددوا فيه أحداث عثمان و خوفوه به و أعلموه أنهم مواثبوه إن لم يقلع.
فأخذ عمار الكتاب فأتاه به، فقرأ منه صدرا ثم قال له: أ علَيّ تقدم من بينهم!
فقال: لأني أنصحهم لك.
قال: كذبت يا ابن سمية!
فقال: أنا و الله ابن سمية و ابن ياسر.
فأمر عثمان غلمانا له، فمدوا بيديه و رجليه، ثم ضربه عثمان برجليه ـ و هي في الخفين ـ على مذاكيره، فأصابه الفتق و كان ضعيفا كبيرا فغشي عليه.
قال ابن أبي الحديد في صفحة 49: ثم أخرج فحمل حتى أتي به منزل أم سلمة (رضي الله عنها)، فلم يصل الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق توضأ وصلى.
ومن أحب التفصيل، فليراجع مروج الذهب 1/437، وشرح النهج ـ لابن أبي الحديد ـ الجزء الثالث، طبع دار إحياء التراث العربي.

إيذاؤه أبا ذر الغفاري
ومن أسباب ثورة المسلمين على عثمان، إيذاؤه أبا ذر ونفيه إلى الشام، لكن أبا ذر لم يسكت، بل كان يتكلم في مظالم عثمان ومآثم معاوية بن أبي سفيان، عامله على الشام، فكتب معاوية إلى عثمان يخبره عن كلام أبي ذر، فطلبه عثمان واسترده إلى المدينة، فلما وصل إليها، نفاه إلى الربذة مع عياله، فبقي هناك حتى وافاه الأجل، فمات مقهورا، مغلوبا على أمره، وخلف ابنته الوحيدة فريدة من غير والٍ وحام في ذلك المكان الموحش.
وذكر إساءة عثمان وإيذاؤه لأبي ذر، صحابي رسول الله كثير من أعلامكم، منهم: ابن سعد في طبقاته 4/168، والبخاري في صحيحه في كتاب الزكاة.
وابن أبي الحديد في شرح النهج 3/54 ـ 58، واليعقوبي في تاريخه 2/148، والمسعودي في مروج الذهب 1/438، وغيرهم من المؤرخين فقد ذكروا تفصيل معاملة عثمان السيئة، وكذلك عماله المجرمين وإساءتهم لأبي ذر الطيب الصادق، صاحب رسول الله (ص).
حتى أن عثمان أهان الإمام علي (ع) لأنه شايع أبا ذر حين تبعيده إلى الربذة، فخرج لتوديعه مع الحسنين (ع)، وذكروا كذلك أن عثمان ضرب عبد الله بن مسعود أربعين سوطا لأنه تولى دفن أبي ذر عليه الرحمة(51).
الحافظ: إيذاء أبي ذر عليه الرحمة ونفيه لم يصدر من عثمان، وإنما كان بأمر بعض عماله ومن غير علمه، وإلا فإن عثمان أجل من هذه الأعمال، والمشهور أنه كان رحيما شفيقا يحمل بين جنبيه قلبا رقيقا.
قلت: إن كلامك هذا خلاف الواقع، وقد صدر من غير تحقيق، فإن التاريخ يؤكد أن الأوامر الصادرة في تبعيد أبي ذر إنما كانت من نفس عثمان إلى عماله ، وهم قاموا بكل ما فعلوا، تنفيذا لأوامره!
وإذا أردت أن تعرف حقيقة الأمر، فراجع تاريخ اليعقوبي 1/241، وشرح النهج لابن أبي الحديد 3/55، وغيرهما، فقد سجلوا كتاب عثمان إلى معاوية ـ وهو عامله على الشام ـ فقد كتب فيه: أما بعد فاحمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأو عره.
فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب، حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.
فبالله عليكم أنصفوا! هل هذا معنى الرحمة والرأفة مع شيخ كبير طاعن في السن كأبي ذر رحمة الله تعالى عليه!!(52).
ولا أدري لم استحق هذا الرجل الكريم ذلك الظلم العظيم؟!
وكيف نسي عثمان منزلة أبي ذر ورتبته السامية عند رسول الله (ص) ؟
وكيف نسي حديث النبي (ص) في حقه حين أعلم المسلمين فقال (ص): إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم.
قالوا: يا رسول الله! ومن هم؟
قال (ص): علي منهم ـ ثلاثا ـ ثم قال: وأبو ذر ومقداد وسلمان.
ذكر هذا الحديث من أعلامكم، منهم: الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء 1/172، وابن ماجة في السنن 1/66، والحافظ سليمان القندوزي في ينابيع المودة: الباب 59، وابن حجر المكي في
" الصواعق المحرقة " الحديث الخامس من الأربعين حديثا في فضل الامام علي (ع) عن الترمذي والحاكم، وابن حجر العسقلاني في الاصابة 3/455، والترمذي في صحيحه 2/213، وابن عبد البر في الاستيعاب 2/557، والحاكم في المستدرك 3/130، والسيوطي في " الجامع الصغير " وغير هؤلاء من علماؤكم الموثوقين لديكم.
فهل النبي (ص) يعذر عثمان؟! هل يعذره في تلك المعاملات السيئة التي عامل بها حبيبه وصاحبه أبا ذر الذي أمره الله تعالى بحبه؟!!
هل هذه الأعمال البربرية، تصدر من ذي رحمة ورأفة، أم ذي صلابة وقسوة؟!!
الحافظ: إنما لاقى أبو ذر عقاب أعماله! لأنه كان في الشام يدعو الناس لعلي كرم الله وجهه، وكان يقول علانية: بأني سمعت رسول الله (ص) يقول : " علي خليفتي فيكم " فكان يعرض بعثمان والشيخين، بأنهم غصبوا الخلافة من علي بن أبي طالب، فكان بهذه الكلمات يوقع الخلاف بين المسلمين في الشام، فيشتت آراءهم بعد أن كانوا على رأي واحد، والخليفة المسؤول على حفظ الدين ووحدة الكلمة واتحاد المسلمين، ولم يكن بد لعثمان من طلب إرجاعه إلى المدينة، ليجعله تحت نظره ويراقب أمره.
قلت:
أولا: كان في المدينة تحت نظره ولكن أبعده إلى الشام ثم استرده إلى المدينة!
ثانيا: وهل الإسلام يخالف بيان الحق؟!
وهل من العدل والدين أن من صدع بالحق يجب أن ينفى ويعذب حتى يموت صبرا؟!!
ثالثا: وعلى فرض أن يكون من حق الخليفة أن يجعل من يحب تحت نظره ويراقب أموره، فهل من حقه أيضا أن يصدر حكما قاسيا في حق المتهم، قبل أن يراه ويحاكمه ويسمع كلامه ودفاعه عن نفسه؟!
وهل يسمح الدين القويم والعقل السليم للخليفة، أو لأي حاكم، أن يحكم على متهم ـ قبل ثبوت الجرم ـ وهو شيخ كبير مسن ضعيف نحيف، بحكم لا يطيقه ولا يتحمله؟! كما حكم عثمان وأمر في كتابه لمعاوية: أن احمل جندبا ـ يعني: أبا ذر ـ على أغلظ مركب وأوعره من غير قتب!! فلما وصل المدينة تساقط لحم فخذيه من الجهد.
فهل هذا بحكم العدل والرحمة؟! وهل هذا من المروءة والرأفة؟!!
وإذا كان عثمان يريد وحدة الكلمة واتحاد المسلمين فقام بتبعيد أبي ذر رحمه الله تعالى لكي لا تشق عصا المسلمين، فلماذا اختلف المسلمون على عهده وانشقت عصاهم، وثاروا على عثمان وقتلوه؟!!
فالمنصف المحق يعرف إنما اختلف المسلمون وثاروا على عثمان وخلعوه، بسبب ارتكابه تلك الأعمال المخالفة للإسلام والعرف!
وإذا كان الخليفة كما تزعمون، حريصا على وحدة الكلمة واتحاد المسلمين، فكان يجب عليه أن يلبي طلبات الثائرين، وكلها كانت أمورا شرعية وعرفية ، ومن أهمها أنهم كانوا يطالبوه بعزل بعض عماله المفسدين الظالمين، وإبعاد حاشيته ، أمثال: مروان طريد رسول الله (ص) والوليد بن عقبة الفاسق، ومعاوية الفاجر، الذين لعنوا في القرآن الكريم وعلى لسان النبي العظيم (ص).
الحافظ: من أين نعرف أن أبا ذر كان صادقا، وبالحق ناطقا، فنحن نقول: إنه كان يجعل الأحاديث على لسان رسول الله (ص): كما أنتم تقولون في أبي هريرة!

أبو ذر أصدق الناس
إني أستغرب كلامك، فكأنك لم تطالع تاريخ أبي ذر رحمه الله ولو لمرة واحدة، وإلا لما كنت تتكلم بهذا الكلام الواهي، فإن كلامك هذا يناقض كلام رسول الله (ص) ويخالف حديثه الشريف في حق أبي ذر إذ قال (ص): ما أقلت الغبراء وما أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
وهذا حديث مشهور، نقله أعلامكم ومحدثوكم، منهم: محمد بن سعد في طبقاته 4/167 و 168، وابن عبد البر في الاستيعاب 1/48 باب جندب، والترمذي في صحيحه 2/221، والحاكم في المستدرك 3/342، وابن حجر العسقلاني في الاصابة 3/622، والمتقي الهندي في كنز العمال 6/169، والامام أحمد في المسند 2/163 و 175، وابن أبي الحديد في شرح النهج 3/56 ط. بيروت ـ دار احياء التراث العربي، والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء، وفي كتاب " لسان العرب " وكتاب " ينابيع المودة " فقد رووه بأسانيد كثيرة وطرق عديدة.
بناء على هذا الحديث الشريف، لا يحق لكم أن تنسبوا الكذب لأبي ذر رحمه الله تعالى، لأن تكذيبه يكون تكذيب رسول الله (ص) وهو كفر!
ولذلك، فنحن نعتقد أن كل ما أعلنه أبو ذر صدق محض، وحق بحت، وليس لنا ولكم إلا التصديق والقبول.
وبناء على الحديث الآخر الذي رويته لكم قبل هذا، عن أعلامكم وطرقكم، بأن (ص) قال: إن الله تعالى أمرني بحب أربعة... كان أبو ذر أحدهم، ومن الواضح أن الله سبحانه لا يأمر نبيه بحبه رجل كاذب يجعل الحديث وينسبه إلى النبي والعياذ بالله!
ثم أقول: لو كان لبان، أي: لو كان أبو ذر كاذبا لكان علماؤكم بينوا أكاذيبه وأعلنوا كذبه، كما بينوا أباطيل أبي هريرة وأكاذيبه.
بالله عليكم فكروا في هذه الحقائق وأنصفوا!
هل من الحق والعدل والرحمة والرأفة: أن رجلا من خواص أصحاب محمد (ص) ومن المقربين لديه، والذي حبه فرض من الله عليه (ص) وهو أصدق الأمة، بل أصدق إنسان على وجه الغبراء وتحت السماء، يعامل تلك المعاملة السيئة، فيعذب وينفى إلى صحراء قاحلة، فيموت فيها جوعا وعطشا!! لأنه عمل بواجبه فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وصدع بالحق وأعلن الحقيقة؟!!
والجدير بالذكر أن رسول الله (ص) أخبر بابتلائه ومصابه في الله تعالى، فقد روى أبو نعيم في حلية الأولياء 1/162 بإسناده عن أبي ذر الغفاري أنه قال: كنت عند رسول الله (ص) فقال: أنت رجل صالح وسيصيبك بلاء من بعدي.
قلت: في الله؟
قال (ص): في الله.
قلت: مرحبا بأمر الله.
والآن، وبعد سرد هذه الحوادث الفجيعة والوقائع الفظيعة، بقي عليكم، إما أن تردوا وتكذبوا كل أعلامكم وكبار علمائكم من أصحاب الصحاح والمسانيد والتواريخ والتفاسير وغيرهم الذين ذكروا هذه الحوادث ونقلوا تلك الوقائع.
وإما أن تذعنوا بأن عثمان لا تشمله الآية الكريمة، ولا تنطبق عليه جملة (رحماء بينهم) فقد كان فظا غليظا، وصعبا قاسيا، شديدا على المؤمنين، ورؤوفا رحيما شفيقا بالفاسقين والمنافقين!!
الحافظ: لقد ثبت عندنا وعند كثير من العلماء الأعلام: أن أبا ذر رحمه الله، هو الذي اختار المقام في الربذة من غير إجبار، بل أحب أن يجتنب الأحداث، فسافر إلى مسقط رأسه الربذة.
قلت: هذا قول بعض المتأخرين من علمائكم المتعصبين، وهو قول اجتهادي من غير دليل وبدون أي مستند تاريخي(53)، وإلا فكبار علمائكم ذكروا أنه أبعد إلى الربذة بالقهر والجبر، حتى كاد أن يكون هذا الخبر من المسلمات غير القابلة للنقاش.
وكنموذج، انقل هذا الخبر الذي رواه الامام أحمد في المسند 5/156، وابن أبي الحديد في شرح النهج 3/57، قال: روى الواقدي عن مالك بن أبي الرجال، عن موسى بن ميسرة: أن أبا الأسود الدؤلي قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه، فنزلت الربذة، فقلت له: أ لا تخبرني؟ أ خرجت من المدينة طائعا أم أخرجت مكرها؟
فقال: كنت في ثغر من ثغور المسلمين، أغني عنهم، فأخرجت إلى مدينة الرسول (ص) فقلت: أصحابي و دار هجرتي، فأخرجت منها إلى ما ترى!
ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد، إذ مر بي رسول الله (ص) فضربني برجله و قال: لا أراك نائما في المسجد!
فقلت: بأبي أنت و أمي! غلبتني عيني فنمت فيه.
فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منه؟!
فقلت: إذن ألحق بالشام، فإنها أرض مقدسة، و أرض بقية الإسلام ، و أرض الجهاد.
فقال: فكيف تصنع إذا أخرجت منها؟!
فقلت: أرجع إلى المسجد.
قال: فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟!
قلت: آخذ سيفي فأضرب به.
فقال (ص): أ لا أدلك على خير من ذلك، انسق معهم حيث ساقوك، و تسمع و تطيع، فسمعت و أطعت، و أنا أسمع و أطيع، و الله ليلقين الله عثمان و هو آثم في جنبي.
و كان يقول بالربذة: ما ترك الحق لي صديقا، ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا!

علي مصداق (رحماء بينهم)
كل ما ذكرناه كان ردا على تأويل الشيخ عبد السلام لجملة (رحماء بينهم) على عثمان، وقد أثبتنا خلافه.
واعتقادنا أن الذي يكون من أجلى مصاديق هذه الجملة هو الإمام علي عليه السلام، إذ حينما بويع بالخلافة وتسلم الحكم، عزل كل من ظلم الناس وجار على الضعفاء في حكومة عثمان.
وقد أشار عليه بعض الصحابة أن يترك الأمور على حالها ويقوي أركان حكومته، فإذا استتب له الأمر وتمكن من الرقاب بدأ بعزلهم واحدا واحدا، فأجابه الإمام: والله لا أداهن في ديني، ولا أعطي الرياء في أمري.
ولما أشار عليه ابن عباس في معاوية فقال: ولِّه شهرا واعزله دهرا.
قال عليه السلام: والله لا أطلب النصر بالجور، فليس لي عند الله عذر إن تركت معاوية ساعة يظلم الناس.
وجاءه طلحة والزبير يطلبان حكومة مصر والعراق، فلو لبى طلبهما لما خرجا عليه وما كانت فتنة البصرة ومعركة الجمل، ولكنه هيهات أن يغلب على أمره، فإنه أبى أن ينصب للولايات إلا العدول الكفوئين من المؤمنين ممن امتحنهم الله عز وجل ونجحوا في الأحداث والفتن التي عاصروها، ولم يميلوا عن طريق الحق، ولم تلههم الدنيا بزخرفها، ولم يكنزوا الذهب والفضة، ولم يجمعوا أموال المسلمين المحرومين إلى أموالهم!
ولقد حورب عثمان وحصر، على أن يعزل بعض ولاته وعماله فلم يجب إلى ذلك، فكيف يفتتح الإمام علي عليه السلام أمره بهذه الدنية ويداري الأشخاص بالولايات، على أن يكون خليفة بالظاهر، وليس له مراقبة أمورهم والنظر في أعمالهم ؟!!
والجدير بالذكر، أننا نرى بعض الناس الذين ينظرون إلى أمور على ظواهرها ولا يفكرون في حقائقها، ولا يدرسون الوقائع دراسة تعمق وإمعان، فيقيسونها بمقياس الدنيا لا الدين، وينوها بمعيار الشياطين والمغوين، لا المعيار الذي عينه رب العالمين، فيستشكلون على سياسة أمير المؤمنين عليه السلام!
ولكن لو تعمقوا وأنصفوا، لأذعنوا أن عليا عليه السلام كان يريد إدارة البلاد والعباد بالسياسة الدينية والطريقة الإلهية، فهو لم يطلب الحكم إلا ليقيم الحق ويدحض الباطل، ويقيم حدود الله سبحانه على القوي والضعيف، فيأخذ حقوق الضعفاء المحرومين من الأقوياء الظالمين.
فالراعي والرعية والرئيس والمرؤوس عنده سواء، والأصل عنده رضا الله عز وجل لا رضا الناس، فلم تكن قاعدته في الحكم قاعدة غيره من الحكام والخلفاء ، إذ جعلوا رضا الناس واستمالة قلوب الرؤساء أصلا لحكوماتهم فطلبوا النصر بالجور.
فكان علي عليه السلام رحيما بالضعفاء، طالبا لحقوق المحرومين، مواسيا للمساكين، رؤوفا بالفقراء، عطوفا على الأرامل والأيتام، فكان يعرف بأبي الأرامل والأيتام، وصاحب المساكين.
وروى المحدثون والمؤرخون: أنه نظر الإمام علي عليه السلام إلى امرأة على كتفها قربة ماء، فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها، وسألها عن حالها ، فقالت: بعث علي بن أبي طالب زوجي إلى بعض الثغور فقتل، وترك صبيانا يتامى، وليس عندي شيء، فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس، فانصرف الإمام علي عليه السلام وبات ليلته قلقا، فلما أصبح حمل زنبيلا فيه طعام، فقال بعضهم: أعطني أحمله عنك، فقال: من يحمل وزري عني يوم القيامة؟ فأتى وقرع الباب فقالت: من هذا ؟ قال: أنا العبد الذي حمل معك القربة، فافتحي فإن معي شيئا للصبيان، فقالت: رضى الله عنك وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب، فدخل وقال: إني أحببت اكتساب الثواب، فاختاري بين أن تعجني وتخبزي وبين أن تعللي الصبيان لأخبز أنا، فقالت: أنا بالخبز أبصر عليه وأقدر، ولكن شأنك والصبيان، فعللهم حتى أفرغ من الخبز، قال : فعمدت إلى الدقيق فعجنته، وعمد علي عليه السلام إلى اللحم فطبخه، وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره.
فرأته امرأة تعرفه فقالت لأم الصبيان: ويحك هذا أمير المؤمنين ..
فكان رحيما ورؤوفا برعاياه حتى أهل الذمة منهم، فإنه كان يوما على المنبر في مسجد الكوفة فسمع بأن بسر بن أرطاة هاجم بعض البلاد التي كانت تحت حكومته، فروع الناس وأرعبهم وأخذ سوار امرأة معاهدة ذمية من يدها.
فبكى علي عليه السلام من هذا الخبر وقال: لو أن امرءا مات من هذا الخبر أسفا ما كان ملوما، بل كان به جديرا.
وكان عليه السلام رحيما بعدوه وصديقه، فإن عثمان على ما كان عليه من سوء التصرف وسوء السيرة معه حتى إنه ضرب الإمام عليه السلام بالسوط ـ كما رواه ابن أبي الحديد عن الزبير بن بكار، في شرح النهج 9/16 ـ مع كل ذلك فقد ذكر المؤرخون ـ منهم ابن أبي الحديد في شرح النهج 2/148 ـ أنه: لما مُنع عثمان الماء واشتد الحصار عليه، فغضب علي عليه السلام من ذلك غضبا شديدا، وقال لطلحة: أدخلوا عليه الروايا فكره طلحة ذلك و ساءه، فلم يزل علي (ع) حتى أدخل الماء إليه.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434
التعديل الأخير تم بواسطة زكي الياسري ; 14-01-2010 الساعة 05:08 AM.


الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 05:10 AM


ونقل أيضا في صفحة 153 عن أبي جعفر ـ الطبري، صاحب التاريخ ـ قال: فحالوا بين عثمان و بين الناس، و منعوه كل شي‏ء حتى الماء، فأرسل عثمان سرا إلى علي (ع) و إلى أزواج النبي (ص) أنهم قد منعونا الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا.
فجاء علي (ع) في الغلس، فوقف علي (ع) على الناس، فوعظهم و قال: أيها الناس! إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين، إن فارس و الروم لتأسر فتطعم و تسقي، فالله الله! لا تقطعوا الماء عن الرجل.
فأغلظوا له و قالوا: لا نَعِم و لا نعمة عين.
فلما رأى منهم الجد نزع عمامته عن رأسه و رمى بها إلى دار عثمان يعلمه أنه قد نهض، و عاد.... إلى آخره.

مقايسة بين علي عليه السلام وعثمان
لقد سبق أن ذكرنا عطايا عثمان لأقاربه ورهطه، أمثال أبي سفيان والحكم بن أبي العاص وابنه مروان وغيرهم، فكان يخصص أموال المسلمين من بيت المال بهؤلاء ونظرائهم، ويمنعها عن أهلها أبي ذر وعبد الله بن مسعود وغيرهما.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 9/16: و روى الزبير بن بكار عن الزهري، قال: لما أتي عمر بجواهر كسرى، وضع في المسجد فطلعت عليه الشمس فصار كالجمر، فقال لخازن بيت المال: ويحك! أرحني من هذا، و اقسمه بين المسلمين، فإن نفسي تحدثني أنه سيكون في هذا بلاء و فتنة بين الناس.
فقال: يا أمير المؤمنين، إن قسمته بين المسلمين لم يسعهم و ليس أحد يشتريه، لأن ثمنه عظيم، و لكن ندعه إلى قابل، فعسى الله أن يفتح على المسلمين بمال فيشتريه منهم من يشتريه.
قال: ارفعه فأدخله بيت المال.
و قتل عمر و هو بحاله، فأخذه عثمان لما ولي الخلافة فحلى به بناته!
هذا، وانظروا إلى الخبر الذي نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج 11/253، قال: سأل معاوية عقيلا عن قصة الحديدة المحماة.
قال [ عقيل ]: نعم، أقويت و أصابتني مخمصة شديدة، فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبياني و جئته بهم، و البؤس و الضر ظاهران عليهم، فقال ائتني عشية لأدفع إليك شيئا.
فجئته يقودني أحد ولدي، فأمره بالتنحي، ثم قال: أ لا فدونك، فأهويت ـ حريصا قد غلبني الجشع، أظنها صرة ـ فوضعت يدي على حديدة تلتهب نارا، فلما قبضتها نبذتها، و خرت كما يخور الثور تحت يد جازره.
فقال لي: ثكلتك أمك! هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا، فكيف بك و بي غدا إن سلكنا في سلاسل جهنم؟!
ثم قرأ: (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُون)(54).
ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك.
فجعل معاوية يتعجب، و يقول: هيهات هيهات! عقمت النساء أن يلدن مثله! انتهى.
فقايسوا بين الاثنين، واعرفوا الحق في أين!

عفوه عن الأعداء
كان علي عليه السلام في أعلى مرتبة من مراتب العفو والصفح، كان يقول: لكل شيء زكاة، وزكاة الظفر بعدوك العفو عنه.
ولقد عفا عن مروان بن الحكم وعبدالله بن الزبير لما ظفر بهما وهما أسيرين مقيدين في يوم الجمل، فأمر بفك قيدهما وأطلق سراحهما، مع العلم أنهما كانا من ألد أعدائه وأشد مبغضيه.
وصفحه عن عائشة، أعظم من كل عفو وصفح، لأنها سببت تجمع الناس الغافلين، وأغوت الجاهلين، وقادتهم لقتال أمير المؤمنين وسيد الوصيين عليه السلام ، فهي التي أضرمت نار الحرب وأججت الفتنة، ومع كل ذلك، لما اندحر أنصارها، وانكسر جيشها، وسقطت من الجمل مغلوبة مقهورة، أسيرة في أيدي المؤمنين، أمر الإمام علي عليه السلام أخاها محمد بن أبي بكر أن يأخذها إلى بيت في البصرة ويقوم بخدمتها ويكرمها.
وبعد ذلك هيأ الإمام عليه السلام عشرين امرأة من قبيلة عبد القيس، وأمرهن بلبس ملابس الرجال والعمائم، وأن يحملن معهن السيوف والسلاح ويلثمن حتى لا يعرفن، وأمرهن أن يحطن بأم المؤمنين عائشة ويوصلنها على المدينة المنورة، وأرسل خلف النسوة رجالا مسلحين ليراقبوهن من بعيد ويذبوا عنهن عند الحاجة.
فلما وصلت إلى المدينة ونزلت بيتها واستقرت، اجتمعت زوجات رسول الله (ص) وبعض المؤمنات من أهل المدينة عندها وعاتبنها على خروجها! فأظهرت الندم، وشكرت لعلي عليه السلام عفوه وصفحه عنها ومقابلته لها بالرحمة والكرامة، إلا أنها قالت: ولكن ما كنت أظن أن يبعثني علي بن أبي طالب مع رجال أجانب من البصرة إلى المدينة، فإنه ما راعى حرمة رسول الله (ص) في حبيبته!!
فهنا كشفن المرافقات لها لثامهن وخرجن من زي الرجال إلى ظاهرهن وحقيقتهن.
فخجلت كثيرا وشكرت عليا أكثر من ذي قبل!
نعم هكذا يكون أولياء الله وخلفاؤه.

معاوية يمنع وعلي عليه السلام يسمح
وأذكر لكم شاهدا آخر على رأفة علي عليه السلام ورحمته حتى بالخارج عليه لقتله، مثل معاوية وحزبه الفاسقين، في صفين.
لقد ذكر جميع المؤرخين وأصحاب السير، منهم: المسعودي في مروج الذهب، والطبري في تاريخه، وابن أبي الحديد في شرح النهج 3/318 و10/257، وينابيع المودة ـ للقندوزي ـ باب 51، وغيرهم ذكروا أن معاوية استولى على الفرات فمنع جيش الإمام علي عليه السلام من حمل الماء، وقال: لا والله لا ندعهم يشربوا حتى يموتوا عطشا!
فهاجمهم جيش الإمام علي عليه السلام واستولوا على الفرات وانهزم جيش معاوية، ولكن عليا عليه السلام لم يمنعهم الشرب وسمح لهم بحمل الماء.
بالله عليكم أيها الحاضرون أنصفوا! أي الخليفتين تشمله الجملة من الآية الكريمة (رحماء بينهم) ؟
وإذا كنتم تريدون تعريف الآية الكريمة وإعرابها كاملة..
فيكون (محمد رسول الله ) مبتدأ (والذين معه ) معطوف على المبتدأ وخبره وما بعده خبر بعد الخبر، وكلها صفات شخص واحد: الذين يعدون مع رسول الله (ص) ويوصفون بمعيته، هم الذين يكونون أشداء على الكفار، رحماء بينهم... إلى آخره.
وحيث إن هذه الصفات ما اجتمعت في أحد من الصحابة غير علي عليه السلام، فالذي يعد مع رسول الله (ص) معية حقيقية معنوية، فلا فارقه ولا فكر بمفارقته حتى ساعة واحدة، هو علي عليه السلام، فكأنهما أصبحا حقيقة ونفسا واحدة، اتحدا روحا ومعنى وإن افترقا جسما وبدنا.
الشيخ: عندنا إجابات وردود كثيرة على كلامكم، ولكن نكتفي بواحدة منها، وهي: إن معاني الآية الكريمة إذا كانت تنطبق على سيدنا علي كرم الله وجهه فقط، ولم تشمل أحدا غيره، فلماذا جاءت الآية على صيغة الجمع؟! فتقول والذين معه، أشداء، رحماء، ركعا، سجدا، يبتغون، سيماهم، وجوههم... كلها كلمات على صيغة الجمع.
قلت:
أولا: أنا حاضر لأستمع كل إجاباتكم وردودكم، وإلا فسكوتكم يدل على صحة حديثي وربما كان عنكم مغالطات تسمونها إجابات! فاطرحوها، فإني لا أتركها بلا جواب، إن شاء الله تعالى.
ثانيا: إن سؤالكم هذا، نقاش لفظي، لأنكم تعلمون أن في كلام العرب والعجم يطلقون صيغة الجمع على المفرد من أجل التعظيم والتفخيم، وكم لها في القرآن نظائر! منها:

آية الولاية ونزولها في الامام علي عليه السلام
القرآن الكريم هو أعظم مرجع في اللغة العربية، وأقوى سند لها، وفي ما نحن فيه أيضا، القرآن دليل قاطع، وبرهان ساطع.
فنجد فيه آية كريمة أخرى وهي: آية الولاية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)(55)، فكلماتها على صيغة الجمع، واتفق المفسرون والمحدثون من الفريقين ـ الشيعة والسنة ـ أنها نزلت في حق علي عليه السلام وحده، منهم: الإمام الفخر الرازي في " التفسير الكبير " 3/431، والإمام أبو اسحاق الثعلبي في تفسير " كشف البيان " وجار الله الزمخشري في " الكشاف " 1/422، الطبري في تفسيره 6/186، أبو الحسن الرماني في تفسيره، ابن هوازن النيسابوري في تفسيره، ابن سعدون القرطبي في تفسيره، الحافظ النسفي في تفسيره المطبوع في حاشية تفسير الخازن البغدادي، الفاضل النيسابوري في غرائب القرآن 1/461، أبو الحسن الواحدي في أسباب النزول: 148، الحافظ أبو بكر الجصاص في تفسير أحكام القرآن:542، الحافظ أبو بكر الشيرازي في كتابه " ما نزل من القرآن في علي عليه السلام "، أبو يوسف الشيخ عبد السلام القزويني في تفسيره الكبير، القاضي البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل 1/345، جلال الدين السيوطي في الدر المنثور 2/293، القاضي الشوكاني في تفسيره " فتح الغدير " السيد محمود الألوسي في تفسيره " روح المعاني " الحافظ ابن أبي شيبة الكوفي في تفسيره، ابو البركات في تفسيره 1/496، الحافظ البغوي في " معالم التنزيل " الامام النسائي في صحيحه، محمد بن طلحة الشافعي في " مطالب السؤول " ابن أبي الحديد في شرح النهج 13/277، الخازن علاء الدين البغدادي في تفسيره 1/496، الحافظ القندوزي في " ينابيع المودة " الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه " المصنف "، رزين العبدري في " الجمع بين الصحاح الستة "، ابن عساكر في تاريخه، سبط ابن الجوزي في التذكرة: 9، القاضي عضد الأيجي في كتابه " المواقف ":276، السيد الشريف الجرجاني في شرح المواقف، العلامة ابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة ": 123، الحافظ أبو سعد السمعاني في " فضائل الصحابة "، أبو جعفر الاسكافي في " نقض العثمانية "، الطبراني في الأوسط، ابن المغازلي في " مناقب علي بن أبي طالب "، العلامة الكنجي القرشي الشافعي في " كفاية الطالب "، العلامة القوشجي في " شرح التجريد "، الشبلنجي في نور الأبصار: 77، محب الدين الطبري في الرياض النضرة 2/227، وغيرهم من كبار أعلامكم.
رووا عن السدي ومجاهد والحسن البصري والأعمش وعتبة بن أبي حكيم وغالب بن عبد الله وقيس بن ربيعة وعباية بن ربعي وعبدالله بن عباس وأبي ذر الغفاري وجابر بن عبد الله الأنصاري وعمار بن ياسر وأبو رافع وعبد الله بن سلام، وغيرهم من الصحابة، رووا أن الآية الكريمة نزلت في شأن سيدنا علي عليه السلام، وقد اتفقوا على هذا المضمون وان اختلفت ألفاظهم، قالوا:
إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يصلي في المسجد، إذ دخل مسكين وسأل المسلمين الصدقة والمساعدة، فلم يعطه أحد شيئا، وكان علي عليه السلام في الركوع فأشار بإصبعه إلى السائل، فأخرج الخاتم من يد الإمام علي عليه السلام، فنزلت الآية في شأنه وحده على صيغة الجمع، وذلك من أجل التعظيم والتفخيم لمقامه عليه السلام.
الشيخ عبد السلام: إن هذا التفسير وشأن النزول لم يكن قول جميع علمائنا، فقد خالف هذا القول جماعة، فمنهم القائل: إنها نزلت في شأن الأنصار، وبعض قالوا: نزلت في شأن عبادة بن الصامت، وجماعة قالوا: نزلت في حق عبد الله بن سلام.
قلت: إني أتعجب منكم، حيث تتركون قول أعظم أعلامكم وأشهر علمائكم وأكثرهم، إضافة إلى إجماع علماء الشيعة في ذلك، وتتمسكون بأقوال شاذة من أفراد مجهولين أو معلومين بالكذب والنصب والتعصب، بحيث نجد أقوالهم ورواياتهم مردودة وغير مقبولة عند كبا علمائكم.
والجدير بالذكر أن بعض علمائكم ادعى إجماع المفسرين واتفاقهم على أن الآية: نزلت في شأن الإمام علي عليه السلام، منهم: الفاضل التفتازاني، والعلامة القوشجي في شرح التجريد، قال: إنها باتفاق المفسرين نزلن في حق علي بن أبي طالب حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع..
فهل العقل السليم يسمح لكم بترك قول جمهور العلماء والمفسرين وتتمسكوا بأقوال واهية وشاذة صدرت من المتعصبين والمعاندين الجاحدين للحق والدين؟!

شبهات وردود
الشيخ عبد السلام: سماحتكم أردتم بهذه الآيات أن تثبتوا خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه بلا فصل بعد النبي (ص)، والحال أن فيها أمورا تمنع من قصدكم.
أولا: كلمة " الولي " في الآية بمعنى المحب، لا بمعنى الإمام والخليفة، وإذا كانت بالمعنى الذي تقولونه فلا ينحصر الولي في رجل واحد، بل تشمل الآية أفرادا كثيرين، على القاعدة المقررة عند العلماء وهي: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المعنى والسبب، وعلى هذا فالإمام علي كرم الله وجهه هو أحد أفراد الآية الكريمة.
ثانيا: صيغة الجمع في كلمة (وليكم) وكلمة (الذين) تفيد العموم، وحمل الجمع على الفرد ـ بدون دليل ـ يكون تأويلا لكلام الله تعالى بغير مجوز.
قلت:
أولا: كلمة " الولي " جاءت بصيغة المفرد وأضيفت إلى ضمير الجمع ، أي إنما ولي المسلمين.
ثانيا: أجبناكم من قبل أن الأدباء واللغويين يجيزون إطلاق الجمع على الفرد لأجل التفخيم والتعظيم.
وأما القاعدة المقررة عند العلماء، أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فنحن أيضا نلتزم بها، فقد جاء في اللفظ (إنما وليكم...) وهي أداة حصر، فلذا نقول: إن الآية نزلت في شأن أمير المؤمنين عليه السلام والولاية الإلهية في عصره منحصرة فيه، فهو ولي المسلمين دون غيره، ولا يحق لأحد أن يدعي الولاية على الإمام علي عليه السلام ما دام في الحياة، فإذا مات أو قتل فالولاية الإلهية التي تضمنها الآية تنتقل إلى غيره، وهم الأئمة الأحد عشر من ولده، واحد بعد الآخر، فحينئذ يحصل مرادكم أيضا، لأنكم تقولون: إن الآية تشمل أفرادا كثيرين لا فردا واحدا.
فالأفراد المشمولون بالآية هم الأئمة المعصومون من أهل البيت عليهم السلام كما قال الزمخشري في " الكشاف " في ذيل الآية الكريمة: ولو أن الآية حصر في شأن علي عليه السلام فإن المقصود من نزولها بصيغة الجمع كان لترغيب الآخرين ليتبعوا عليا عليه السلام في هذا الأمر ويتعلموا منه.
ثالثا: أما قولكم بأن الشيعة أولوا الآية بغير مجوز ودليل، ما هو إلا سفسطة كلام تريدون من ورائه إغواء العوام.
ونحن ذكرنا لكم ثلة من أسماء كبار علمائكم وأشهر أعلامكم ومفسريكم الذين قالوا بأن الآية نزلت في شأن علي عليه السلام، وهذا القول إنما يكون تنزيل الآية وتفسيرها، لا تأويلا أو رأيا اجتهاديا.
الشيخ عبد السلام: أما كلمة (الولي) فهي بمعنى: المحب والناصر، لا بمعنى الأولى بالتصرف حتى تستنبطوا منها معنى الخلافة، لأنها إذا كانت بمعنى الخلافة، فيجب بعد نزول الآية أن يخلف علي كرم الله وجهه رسول الله في حال حياته إذا سافر أو غاب لبعض شؤونه، وأن يقوم مقامه ويتصرف في الأمور مثله (ص) وهذا الأمر لم يكن في حياة النبي (ص) فلذا نقول: إن كلامكم باطل.
قلت: بأي دليل تقول: إن هذا الأمر ـ أي قيام الإمام علي عليه السلام مقام النبي (ص) ـ لم يكن في حياة النبي (ص)؟!
فظاهر الآية يثبت مقام الولاية لعلي عليه السلام من حين نزولها ، واستمرار المقام بدليل الجملة الاسمية، وأن " الولي " صفة مشبهة، وهذان دليلان على ثبات ودوام مقام الولاية.
ويؤيد هذا المعنى أن النبي (ص) جعل عليا عليه السلام خليفته في المدينة حين خرج منها إلى تبوك، ولم يعزله بعد ذلك إلى أن توفي (ص).
ويؤيده حديث المنزلة، فإنه (ص) كرره في مناسبات كثيرة، قائلا : علي مني بمنزلة هارون من موسى، أو يخاطبه في الملأ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
وقد ذكرنا لكم بعض مصادره في الليالي الماضية.
وهذا دليل آخر على أن عليا عليه السلام كان خليفة النبي (ص) في غيابه لما كان حيا واستمرت خلافته للنبي (ص) بعد حياته أيضا.
الشيخ عبد السلام: لو تعمقتم في شأن نزول الآية كما تقولون وفكرتم فيه، لعدلتم عن رأيكم، لأنه لا يعد منقبة لسيدنا علي، بل يعد نقصا له كرم الله وجهه، وهو أجل من ذلك.
قلت:
أولا: لا يحق لأحد بلغ ما بلغ من العلم، أن يغير ويبدل شأن نزول آيات القرآن الحكيم، سواء ثبتت بها منقبة أو منقصة لأي شخص كان، فإن شأن النزول يتبع الواقع وليس بأمر اجتهادي، ولا يدخل فيه رأي هذا و ذاك، ولا يتصرف أحد في شأن نزول الآيات إلا شقي عديم الدين والأيمان، يتبع هواه ولا يطيع الله عز وجل، مثل البكريين في هذا الشأن، فإنهم اتبعوا قول عكرمة الكذاب وقالوا: إنها نزلت في شأن أبي بكر.
ثانيا: أوضحوا لنا كيف تكون الآية الكريمة منقصة لمن نزلت في شأنه؟!
الشيخ عبد السلام: لأنه من جملة خصال سيدنا علي كرم الله وجهه التي تعد من أجمل خصاله وفضائله، أنه لما كان يقف للصلاة كان ينسى نفسه وكل شيء سوى الله سبحانه، فلا يحس ولا يبصر إلا عظمة الله وآياته.
وقد روى بعض العلماء، أنه عليه السلام لما أصيب بسهم في رجله في إحدى المعارك، فأشار عليه طبيب جراح ليأذن له حتى يشق اللحم ويخرج السهم من رجله، فأبى عليه السلام.
ثم لما وقف بين يدي الله عز وجل واستغرق في العبادة في حال السجود أمر الإمام الحسن ـ رضي الله عنه ـ أن يخرج الجراح السهم من رجل أبيه، فأخرجه وما أحس سيدنا علي أبدا!
فإن رجلا هذا حاله حين الصلاة، كيف يلتفت إلى سائل فقير فيعطيه خاتمه وهو في حال الركوع؟!
ألم يكن انصرافه عن الله تعالى والتفاته إلى الفقير نقصا لصلاته ونقضا لعبادته؟!
قلت: إن هذا الإشكال أهون من بيت العنكبوت! لأن التفات المصلي إلى الأمور المادية تعد نقصا، وأما إلى الأمور المعنوية فهو كمال، فإعطاء الزكاة والصدقة للفقير عبادة مقربة على الله سبحانه، والصلاة ـ أيضا ـ عبادة أقامها علي عليه السلام قربة إلى الله تعالى، فهو لم يخرج عن حال التقرب إلى الله، ولم ينصرف عن العبادة إلى عمل غير عبادي، وإنما انصرف من الله تعالى إلى الله، وتكررت عبادته، فقد آتى الزكاة في حال الصلاة، فجمع فرضين ليكسب رضا الله عز وجل ويتقرب إليه، وقد قربه الباري سبحانه وتعالى وقبل منه الزكاة والصلاة، فأنزل الآية وأعطاه الولاية، ليكون دليلا على قبول عمله وعبادته.
ألم يكن هذا دليل على فضل الإمام علي عليه السلام وكماله؟!
ما لكم كيف تحكمون؟!

عود على بدء
فثبت أن الذي تنطبق عليه الآية الكريمة تطبيقا كاملا وصحيحا وصريحا من غير تأويل وتعليل، إنما هو الإمام علي عليه السلام الذي كان مع النبي (ص) معية امتزجت نفسه عليه السلام بنفسه (ص) الطيبة، وأخلاقه عليه السلام بأخلاقه (ص) الكريمة، وصفاته عليه السلام بصفاته (ص) الحميدة، حتى أصبحا حقيقة واحدة لا يمكن افتراقهما.
وثبت أنه لم يكن أشد منه عليه السلام على الكفار، ولا أرحم وأرأف منه عليه السلام بالمؤمنين.
فكان صلب الإيمان، ثابت العقيدة ما شك في النبوة والدين لحظة واحدة، ولا تزلزل في رسالة سيد المرسلين طرفة عين أبدا.
الشيخ عبد السلام: لا أدري ما الذي تقصده من هذه الكنايات والنكايات؟!
فهل شك أحد الخلفاء الراشدين والصحابة المهتدين، بعد ما آمنوا بالدين؟!
وهل تزلزل أحدهم في رسالة خاتم النبيين؟! حتى تقول: إن عليا ما شك وما تزلزل! بل كلهم كذلك، ما شكوا وما تزلزلوا، فلماذا هذا التأكيد على سيدنا علي كرم الله وجهه؟!
لعلك تريد أن تقول: بأن الشيخين أو غيرهما من الصحابة الكرام شكوا في الدين وتزلزلوا في الأيمان؟!
قلت: يا شيخ! أشهد أني لم أقصد بكلامي ما ظننت، ولو كان كذلك لأظهرته بالصراحة لا بالكناية.
الشيخ عبد السلام: إن أسلوب حديثك ينبئ بأن عندك شيئا في هذا المجال، ولا تريد أن تظهره بالمقال، ولكني أريد منك أن تبين كل ما في قلبك ولا تبقي شيئا، ولا تنس أننا لا نقبل منك شيئا إلا مع الدليل والبرهان.
قلت: لو كنتم تعفوني من الخوض في هذا الموضوع لكان أجمل وأحسن ، وان كانت أدلتي كلها من كتب علمائكم الأعلام ومحدثيكم الكرام، ولكن رعاية لبعض الجهات أحب أن لا أطرح هذا الموضوع أبدا.
الشيخ عبد السلام: إنك بهذا الكلام ألقيت الشك في قلوب هؤلاء العوام، فإنهم سيظنون أن الشيخين ـ رضي الله عنهما ـ وغيرهما من الصحابة الكرام قد شكوا يوما وتزلزلوا في الدين الحنيف والنبوة!
فالرجاء الأكيد... إما أن تقيم الدليل والبرهان الصريح الواضح على هذا الكلام، أو أن ترجع في كلامك الذي فيه إبهام، وتعلن من غير إبهام، بأن الشيخين وغيرهما من الصحابة الكرام، ما زلت بهم الأقدام، ولم يشكوا طرفة عين في النبوة والإسلام.
قلت: يا شيخ! إن الشك والترديد كان يعتري أكثر الصحابة الذين كانوا في مرتبة دنيا من الإيمان، ولما دخل الإيمان قلوبهم، ولم يمتزج بنفوسهم.
فكان بعضهم يبقى في حال الشك والريب، فكانت آيات من القرآن الحكيم تنزل في شأنهم وذمهم، كالمنافقين الذين نزلت آيات كثيرة في سورة المنافقين وغيرها في ذمهم.
وبعضهم كان يعرض عليه الشك والترديد ثم يزول عنه بعد مدة. هذا جواب عام، ولا نريد أن نمس أحدا، فأرجوكم أنت تكتفوا بهذا المقدار في هذا الإطار.
الشيخ عبد السلام: إن الشك الذي وقع بسبب كلامك في قلوب الحاضرين باق، فإما أن تذكر ما يختلج في قلبك، واضحا من غير التباس، مستدلا بأقوال علمائنا المعتمدين عندنا وكتبنا الموثوقة المعتبرة لدينا، أو تصرح بأن الشيخين كانا في اليقين، وما شكا في الدين، ولم يتزلزلا في نبوة سيد المرسلين، طرفة عين.
قلت: يا شيخ! إن إلحاحك وإصرارك على هذا الأمر، اضطرني أن أكشف عن حقائق لم أكن أحب أن أكشف عنها.
نعم، لقد شك عمر بن الخطاب في نبوة خاتم النبيين (ص)، وتناقل الخبر بعض علمائكم الأعلام، مثل ابن المغازلي الشافعي في كتابه: مناقب علي بن أبي طالب(56) والحافظ محمد بن أبي نصير الحميدي في كتاب " الجمع بين الصحيحين " نقل عن عمر بن الخطاب أنه قال بعد يوم الحديبية: ما شككت في نبوة محمد قط كشكي يوم الحديبية.
فسياق الكلام يقتضي أنه شك في هذا الأمر كرارا، ولكن شكه يوم الحديبية كان أقوى وأشد.
النواب: لو سمحت، بين لنا ما كان سبب شك الفاروق في الحديبية ؟ وما الذي جرى هناك حتى وقع عمر منه في شك؟!
قلت: شرح القضية بالتفصيل يحتاج إلى وقت كثير، لكن ملخصه:

شك عمر في نبوة النبي (ص)
إن النبي (ص) رأى في ما يرى النائم، أنه دخل مكة مع أصحابه واعتمروا.
فلما أصبح حدث الأصحاب برؤياه، فسأله الأصحاب عن تأويلها وتعبيرها، فقال (ص):
" ندخل إن شاء الله ونعتمر " ولم يعين وقتا للدخول إليها.
ثم تهيأ مع الأصحاب للسفر إلى مكة وأداء العمرة، فلما وصل الحديبية ـ وهي بئر بالقرب من مكة على حدود الحرم ـ، علمت قريش بمجيء النبي والمسلمين، فخرجوا مسلحين ليمنعوهم من الدخول.
والنبي (ص) لم يكن يقصد من سفره إلا زيارة البيت الحرام وأداء العمرة ولم ينو الحرب والقتال، لذلك لما بعث المشركون من قريش وفدا للمفاوضة، استقبلهم رسول الله (ص) وفاوضهم وكتب معهم صلحا اشتهر بصلح الحديبية، على النبي والمسلمون في ذلك العام ثم يأتون في العام المقبل، ليؤدوا مناسكهم ويعتمروا، من غير مانع... إلى آخر الشروط.
فلما وقّع النبي (ص) على ذلك شك عمر بن الخطاب في نبوة سيد المرسلين محمد (ص) فقال
: النبي لا يكذب، أما قلت: ندخل مكة ونأتي بالمناسك معتمرين ؟! فلماذا صالحتهم على الرجوع ولم تدخل مكة؟!
فقال النبي (ص): لكني ما عينت وقتا، فهل قلت، ندخل مكة في هذا العام؟!
قال عمر: لا.
فقال (ص): أقول مؤكدا: ندخل مكة إن شاء الله، ورؤياي تتحقق بإذن الله تعالى.
فنزل جبرئيل بالآية الكريمة مؤكدا أيضا: (لقد صدق الله ورسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين، لا تخافون...) إلى آخرها(57).
فهذا ملخص صلح الحديبية وكيفية شك عمر بن الخطاب بنبوة خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد (ص).
وكان هذا الأمر امتحانا للمسلمين ليمتاز الثابت عن المتزلزل، والمتيقن عن الشاك والمرتاب.

هل يستمر الحوار؟
لما وصل الحديث إلى هنا، نظر بعض العلماء إلى ساعته وقال: أخذنا الحديث كل مأخذ، وانقضى من الليل نصفه أو أكثر، لذا نترك متابعة الموضوع والحديث إلى الليلة القابلة إن شاء الله.
الحافظ: لقد سررنا بلقياكم، وفرحنا بمجالسكم، وانجذبنا إلى حديثكم، فانقادت مسامعنا بل قلوبنا أيضا إلى كلامكم القويم، وبيانكم الرصين، وبقي عندنا كلام كثير ما أبديناه لضيق الوقت، وعدم المجال، فتؤجله إلى وقت آخر، وسفر آخر إنشاء الله، فإننا نريد أن رجع إلى الوطن [أفغانستان] فإن لنا هناك أعمالا وأشغالا كثيرة قد تعطلت وأمورا تأخرت، وإن لنا هناك مهاما تفوتنا إن لم نحضر.
لذا أرجو أن تتفضل علينا وتأتي إلى بلادنا، فنقوم بضيافتكم، ونستمر في البحث والحوار معكم، لعلنا نصل إلى نتيجة فيها رضا الله سبحانه.
النواب ـ متوجها إلى الحافظ قائلا ـ: نحن لا ندعك أن ترجع إلى بلادك حتى نصل إلى نتيجة قطعية مع السيد المبجل، لأنكم كنتم تقولون لنا إن الرفضة [الشيعة] ليسوا أهل بحث ومناقشة، ولا أهل عقل ومنطق، لأنهم لا يملكون أدلة وبراهين في إثبات عقائدهم، وإذا جلسوا معنا على طاولة النقاش والحوار سوف يتنازلون لدلائلنا وبراهيننا القاطعة.
ولكنا على عكس ذلك، رأيناكم خاضعين أمام براهين السيد، مستسلمين لأدلته، ونحن كلنا شهود.
فالرجاء منكم، أن تبقوا عندنا، وتستمروا في المناظرة والحوار حتى يتبين الحق وتظهر الحقيقة، فحينئذ نختار لأنفسنا المذهب الحق الثابت بدلائل القرآن الحكيم والعقل السليم.
الحافظ: نحن ما خضعنا ولا استسلمنا لأدلة السيد، وإنما سكتنا لنستفيد من بيانه العذب وحديثه الطيب فإنه خطيب عجيب، ذو سحر في البيان، وطلاقة في اللسان، فاستمعنا حلاوة كلامه، وذهلنا لسحر بيانه، وانجذبنا لعذوبة لسانه، فقد راعينا الأدب في حقه، وما أردنا أن يتأذى ضيفنا العزيز، وإلا فإنا بعد لم ندخل في صلب المواضيع الأساسية، وإذا أردنا أن نقيم الدليل والبرهان، لثبت لكم أن الحق معنا.
النواب: أما نحن فإلى هذه الساعة لم نسمع منكم كلاما مستدلا وحديثا مستندا إلى العقل السليم والقرآن الكريم.
وأما كلام مولانا السيد فكله مستند إلى كتاب الله وأحاديث رسول الله (ص) المروية في كتب علمائنا.
فإذا كانت عندكم أدلة وبراهين تنقض كلام مولانا السيد فأتوا بها ، وإلا فإني أقول لكم بصراحة: إن هذه المحاورات والمناظرات قد انتشرت في الصحف والمجلات، وأوقعت الشك والترديد في نفوس أكثر أهل السنة والجماعة، في هذا البلد.
فإذا لم تظهروا الحق، ولم تعلنوا الحقيقة التي يريدها الله تعالى من عباده، فإنكم مسؤولون أما الله سبحانه وأما صاحب الشريعة المقدسة، النبي الكريم (ص).
على أثر هذا الكلام امتقع لون الحافظ وتغير وجهه، وقد ظهر أثر الفشل والخجل على وجوه علماء القوم، فكان الحافظ ينظر إلي تارة وينظر إلى الأرض أخرى، ثم توجه إلى النواب قائلا:
أرجو أن تراعوا جانب الضيف الكريم فإنه كان يريد السفر إلى خراسان لزيارة علي بن موسى الرضا، ولكنه تفضل علينا بتأخير سفره، فلا يجوز لنا أن نأخره أكثر من هذا.
قلت: إنني أشكر ألطافكم وإحساسكم، صحيح إني كنت عازما على السفر والزيارة، وأخرت سفري لأجلكم، ولكني فرحت بتأخير سفري، إذ عملت بواجبي، وخدمت الدين والمجتمع في كشف الحقيقة وإثبات الحق من خلال مناظرتي وحواري معكم، وفي حضور هؤلاء الطيبين الكرام، فعرفوا الحق أحسن من ذي قبل.
وإنني مستعد لأبقى معكم وأستفيد من مجالستكم سنة أو أكثر حتى ينكشف الحق.
ولكني خجل من مضيفي الكريم الأستاذ الميرزا يعقوب علي خان، فقد أتعبته في هذه المدة كثيرا.
وإذا بالميرزا يعقوب علي خان وإخوانه ـ ذي الفقار علي خان، وعدالت علي خان، وكلهم من شخصيات قزلباش ـ أجابوا قائلين: يا مولانا السيد ما كنا نتوقع منكم هذا الكلام، فإن بيوتنا كلها بيوتك، ونحن نفتخر بخدمتك، ونتشرف بإقامتك عندنا.
ثم تقدم السيد محمد شاه ـ وهو من أشراف " بيشاور " وأعيانها ـ وكذلك السيد عديل أختر ـ وهو من علماء الشيعة في " بيشاور " ـ فقالوا: نحن نرجو من سماحتكم أن ينتقل هذا المجلس إلى بيوتنا حتى نحظى بخدمتكم ونتشرف ونفتخر بوجودكم عندنا.
فقال الميرزا يعقوب علي خان: لا يمكن ذلك أبدا، بل مادام مولانا في " بيشاور "، وهذا المجلس مستمر في الانعقاد، فبيتي محله ومستقره.
قلت: أشكر الجميع، وبالأخص صاحب البيت الأستاذ الكريم الميرزا يعقوب علي خان المحترم.
الحافظ ـ بعدما هدأ المجلس ـ قال: وأنا أنزل عند رغبة الأستاذ النواب والأخوة الحاضرين وأؤجل سفري وإن كانت عندي مهام وأعمال معطلة في أفغانستان ، ولكن أرجو أن ينتقل مجلسنا هذا في الليالي القابلة إلى البيت الذي نحن فيه، مراعاة للعدالة، ورعاية لأهل هذا البيت الكريم، فإنهم تعبوا كثيرا، وأثقلنا عليهم كثيرا.
قلت: لا مانع لدي من ذلك، ولا أصر على أن يكون المجلس في هذا البيت فقط، إلا أن هذا البيت فقط، إلا أن هذا البيت واسع بحيث يضم الجمع الغفير الذي يحضر كل ليلة، وإن وسائل الضيافة والتكريم متوفرة عندهم، فالاختيار إليكم، وأما أنا فأينما يتعقد المجلس أحضر إن شاء الله تعالى.
الميرزا يعقوب علي خان: أظن أن الحافظ لا يعرف عادات ورسوم قبيلة قزلباش، ولكن أهل البلد يعرفون ويعلمون أن قبيلتنا يحبون الضيف ويفرحون به، ويفتخرون بخدمته وخاصة إذا كان الضيوف علماء ومشايخ وسادة، مثل فضيلة مولانا السيد سلطان الواعظين، ومثل سماحة الحافظ، وحضرات العلماء الحاضرين، والاخوة الأعزة المحترمين من كل الطبقات والأصناف، فأهلا بكم ومرحبا في كل يوم.
الحافظ: أشكركم جميعا وأستودعكم الله، وإلى اللقاء في الليلة الآتية إن شاء الله تعالى.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 05:12 AM






المجلس السابع
ليلة الخميس 29/ رجب / 1345 هجرية


في أول الليل حضر القوم مع علمائهم وبعد السلام والترحيب استقروا في مجلسهم وشربوا الشاي افتتح السيد عبد الحي الحديث، فقال: سيدنا الجليل ! في مجلس سابق تحدثت عن موضوع، ولما طالبك فضيلة الحافظ محمد رشيد بالدليل، ذهبت بالكلام إلى موضوع آخر وتناسيت طلب الحافظ.
قلت: أرجو أن تتفضلوا بتوضيح الموضوع، حتى أبين لك الدليل.
السيد عبد الحي: لقد سبق أن قلتم بأن سيدنا عليا (كرم الله وجهه) كان في اتحاد نفسي مع رسول الله (ص)، ولهذا تعتقدون بأن الإمام عليا أفضل من جميع الأنبياء سوى النبي محمد (ص).
قلت: نعم، هذا معتقدنا.
السيد عبد الحي: ما هو دليلكم على هذا المعتقد؟
وكيف يمكن اتحاد شخصين حتى يصبحا نفسا واحدة؟!! هذا ما طلبه منكم، فضيلة الحافظ، ولم تجيبوا عنه بشيء.
قلت: نحن لا نعتقد بشيء من غير دليل، وقد قلت كرارا: نحن أبناء الدليل حيثما ما مال نميل، سأبين لكم دلائلنا من القرآن والحديث الشريف.
ولكن قبل ذلك أود أن أصرح بأن كلامكم (بأني تناسيت طلب الحافظ محمد رشيد، وذهبت بالكلام إلى موضوع آخر) ما هو إلا سوء الظن منكم بالنسبة إلي، وإلا كلنا يعلم بأن البحث أحيانا يأخذ بزماننا ويجرنا إلى موضوع آخر، كما قيل قديما: الكلام يجر الكلام.
السيد عبد الحي: إنني أعتذر من سوء التعبير، وأرجو العفو والسماح.

كيف يكون الإمام علي نفس رسول الله؟
قلت: اتحاد شخصين بالمعنى الحقيقي غير ممكن ومحال عقلا، ونحن إنما نقول باتحاد نفس النبي (ص) ونفس الإمام علي (ع) مجازا.
وبيان ذلك: إن المحبة والمودة بين شخصين إذا وصلت أعلى مراتبها بحيث تصبح رغباتهم واحد، وجميع الأمور المتعلقة بالنفس والصادرة عنها تصبح واحدة أو متشابهة ومتماثلة، يعبر عن النفسين بالنفس الواحدة مجازا(1).
وجاء هذا المعنى في كلمات بعض الأولياء، وفي أشعار بعض الفصحاء والبلغاء.
كما نجد في الديوان المنسوب إلى الإمام علي (ع):
هموم الرجال في أمور كثـيرةوهمي في الدنيا صديق مساعـديكون كروح بين جسمين قسمتفجسمهما جسمان والروح واحد
ولبعض الشعراء:
أنا من أهوى ومن أهوى أنانحن روحان حللنا بدنافإذا أبـصرْتنـي أبصرتهوإذا أبصرته كان أناروحه روحي وروحي روحهمن رأى روحين حلا بدنا؟!
فاتحاد نفس رسول الله (ص) وعلي بن أبي طالب (ع)، وتعبيرنا بذلك إنما كان مجازا لا حقيقة، والمراد أن رغبتهما كانت واحدة ونفسيتهما كانت متماثلة، وكانا متشابهين في الفضائل النفسية والكمالات الروحية، إلا ما خرج بالنص والدليل.
الحافظ: إذا أنتم تقولون بأن محمد (ص) وعليا (كرم الله وجهه) كانا نبيين، ولعلكم تعتقدون بأن الوحي نزل عليهما معا!!
قلت: هذه مغالطة بينة منكم، ونحن الشيعة لا نعتقد بهذا، وما كنت أتوقع منكم أن تكرروا ما طرحتم من قبل، حتى أكرر جوابي، فيصبح مجلس التفاهم والحوار مجلس جدل وتكرار، فيضيع وقت الحاضرين الذين جاءوا ليستفيدوا من حديثنا وحوارنا، ويعرفوا الحق فيتبعوه.
وقد قلت: بأنا نعتقد أن النبي (ص) و الإمام (ع) متحدان، أي متشابهان في جميع الفضائل النفسية، ومتمثلان في الكمالات الروحية، إلا ما خرج بالنص والدليل، وهو مقام النبوة الخاصة وشرائطها، التي منها نزل الوحي عليه، فإن الوحي النبوي خاص بحمد المصطفى دون علي المرتضى، وقد بينا ذلك بالتفصيل ضمن حديثنا في الليالي الماضية، وإذا كنتم قد نسيتم ذلك فراجعوا الصحف التي نشرت تلك المحاورات!
لقد أثبتنا ضمن تفسير حديث المنزلة، أن الإمام عليا (ع) كان في مقام النبوة [ وليس بنبي ] لكن كان تابعا لشريعة سيد المرسلين، ومطيعا لخاتم النبيين محمد (ص)، ولذا لم ينزل عليه وحي بل نزل على محمد (ص)، كما أن هارون كان نبيا في زمن موسى بن عمران إلا أنه كان تابعا ومطيعا لأخيه موسى (ع).
الحافظ: لما كنتم تعتقدون بأن عليا يساوي رسول الله (ص) في جميع الفضائل والكمالات، فالنبوة وشرائطها لازمة لتلك المساواة؟!
قلت: ربما يتصور الإنسان ذلك من معنى المساواة، ولكن إذا فكر بدقة في التوضيح الذي قلناه يعرف أن الحق غير ما يتصوره بادئ الأمر، وقد أوضحنا الموضوع في الليالي السابقة وبرهنا عليه من القرآن الحكيم، فإن الله سبحانه يقول:( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)(2).
ولا شك أن أفضلهم هو أكملهم وخاتمهم الذي قال تعالى في شأنه: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)(3).
فالكمال الخاص بنبوة محمد (ص) كان السبب في أن الله سبحانه يختم به النبوة ورسالة السماء، وهذا الكمال الخاص به (ص) لا يشاركه ولا يساويه فيه أحد ، إلا أن سائر كمالاته النفسية وفضائله الروحية قابلة للمشاركة والمشابهة، وكان علي (ع) يشاركه ويماثله فيها.
السيد عبد الحي: هل لكم دليل على ذلك من القرآن الكريم؟

الاستدلال بآية المباهلة
قلت: دليلنا من القرآن الكريم قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)(4).
إن كبار علمائكم، وأعلامكم من المحدثين والمفسرين، أمثال:
الإمام الفخر الرازي، في " التفسير الكبير ".
و الإمام أبي اسحاق الثعلبي، في تفسير " كشف البيان ".
وجلال الدين السيوطي، في " الدر المنثور ".
والقاضي البيضاوي، في " أنوار التنزيل ".
وجار الله الزمخشري، في تفسير " الكشاف ".
ومسلم بن الحجاج في صحيحه.
وأبي الحسن، الفقيه الشافعي، المعروف بابن المغازلي في المناقب.
والحافظ أبي نعيم في " حلية الأولياء ".
ونور الدين ابن الصباغ المالكي، في " الفصول المهمة ".
وشيخ الإسلام الحمويني، في " فرائد السمطين ".
وأبي المؤيد الموفق الخوارزمي، في المناقب.
والشيخ سليمان الحنفي القندوزي، في " ينابيع المودة ".
وسبط ابن الجوزي، في التذكرة.
ومحمد بن طلحة في " مطالب السؤول ".
ومحمد بن يوسف الكنجي القرشي الشافعي، في " كفاية الطالب ".
وابن حجر المكي، في " الصواعق المحرقة ".
هؤلاء وغيرهم ذكروا مع اختلاف يسير في الألفاظ، والمعنى واحد، قالوا: إن الآية الكريمة نزلت يوم المباهلة وهو 24 أو 25 من ذي الحجة الحرام.

تفصيل المباهلة
قالوا: دعا النبي (ص) نصارى نجران إلى الإسلام، فأقبلت شخصياتهم وأعلامهم وعلماؤهم، وكان عددهم يربو على السبعين، ولما وصلوا المدينة المنورة التقوا برسول الله (ص) وجالسوه كرارا وتناظروا معه، فسمعوا حديثه ودلائله على ما يدعوا إليه من التوحيد والنبوة وسائر أحكام الإسلام، وما كان عندهم رد وجواب، ولكن حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها، وخافوا إن أسلموا يفقدوا مقامهم ورئاستهم على قومهم.
فلما رأى النبي لجاجهم وعنادهم، دعاهم إلى المباهلة حتى يحكم الله بينهم ويفضح المعاند الكاذب، فقبلوا... ولما جاءوا إلى الميعاد، وهو مكان في سفح جبل، وكان النصارى أكثر من سبعين، من علمائهم وساداتهم وكبرائهم، فنظروا وإذا رسول الله (ص) قد أقبل مع رجل وامرأة وطفلين، فسألوا عنهم بعض الحاضرين، فلما عرفوا أن الرجل الذي مع النبي (ص) صهره وابن عمه علي بن أبي طالب، وهو وزيره ، وأحب أهله إليه، والمرأة ابنته فاطمة الزهراء، والطفلين هما سبطاه الحسن والحسين.
قال لهم أكبر علمائهم: انظروا إلى محمد! لقد جاء بصفوة أهله وأعزهم عليه ليباهلنا بهم، وهذا إنما يدل على يقينه واطمئنانه بحقانيته ورسالته السماوية، فليس من صالحنا أن نباهله، بل نصالحه بما يريد من الأموال ولولا خوفنا من قومنا ومن قيصر الروم، ولآمنا بمحمد وبدينه.
فوافقه قومه وقالوا: أنت سيدنا المطاع.
فبعثوا إلى رسول الله (ص) أنهم لا يباهلونه، بل يريدون المصالحة معه، فرضي رسول الله (ص) بالمصالحة وأمر عليا (ع) فكتب كتاب الصلح بإملاء النبي (ص).
فصالحهم (ص) على ألفي حلة فاخرة، ثمن الواحدة أربعون درهما، وألف مثقال ذهب، وذكر بنودا أخرى.
فوقع الطرفان على كتاب الصلح.
ولما اعترض النصارى على الأسقف الأعظم ومصالحته مع نبي الإسلام ، أجابهم قائلا: والله ما باهل نبي أهل ملة إلا نزل عليهم العذاب وماتوا عن آخرهم ، وإني نظرت إلى وجوه أولئك الخمسة: محمد وأهل بيته، فوجدت وجوها لو دعوا الله عز وجل باقتلاع الجبال وزوالها لانقلعت وانزالت.
الحافظ: هذا الخبر صحيح، ومنقول في كتبنا المعتبرة، ولا منكر له بين علمائنا، ولكن ما هو ارتباطه بسؤالنا عن دليل اتحاد نفس علي (كرم الله وجهه) مع نفس النبي (ص)؟!
قلت ارتباط الخبر بالسؤال كلمة (أنفسنا) في الآية الكريمة.
أولا: الآية تدل على أن عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع) هم أفضل الخلق وأشرفهم بعد النبي (ص) عند الله تبارك وتعالى، وهذا ما وصل إليه وصرح به كثير من علمائكم، حتى المتعصبين منهم، مثل الزمخشري في تفسيره لآية المباهلة، فقد ذكر شرحا وافيا عن الخمسة الطيبين وكشف حقائق ودقائق مفيدة عن فضلهم ومقامهم عند الله سبحانه، حتى قال: إن هذه الآية الكريمة أكبر دليل وأقوى برهان على أفضلية أصحاب الكساء على من سواهم.
ورأى البيضاوي والفخر الرازي في تفسير الآية قريب من رأي الزمخشري.
ثانيا: نستنبط من الآية الكريمة أن مولانا علي بن أبي طالب هو أفضل الخلق وأشرفهم بعد رسول الله (ص)، لأن الله تعالى جعله نفس النبي (ص) إذا أن كلمة (أنفسنا) لا تعني النبي (ص)، لأن الدعوة منه لا تصح لنفسه (ص)، وإنما الدعوة من الإنسان لغيره، فالمقصود من (أنفسنا) في الآية الكريمة هو سيدنا وإمامنا علي (ع)، فكان بمنزلة نفس النبي (ص)، ولذا دعاه وجاء به إلى المباهلة، وذلك بأمر الله سبحانه.
هذا جواب سؤالكم وارتباط الآية الكريمة بالموضوع.
فعلي (ع) هو نفس رسول الله (ص) بتعبير القرآن الكريم، وهو تعبير مجازي واتحاد اعتباري لا حقيقي.
وقد قال الأصوليون: حمل اللفظ على المعنى المجازي الأقرب أولى من حمله على الأبعد.
وفي ما نحن فيه، أقرب المعاني المجازية لاتحاد النفسين تساويهما في جميع الأمور النفسية، وتماثلهما في جميع الصفات الكمالية اللازمة لها إلا ما خرج بالدليل.
وقلنا: إن الخارج بالدليل والإجماع، عدم نزول الوحي على الإمام علي (ع)، وعدم تساويه مع النبي (ص) في النبوة الخاصة به (ص).
الحافظ: لنا أن نقول بأن تعبير الآية: (ندعو... أنفسنا) تعبير مجازي، وادعائكم في الاتحاد النفسي المجازي لم يكن أولى و أقوى مما نقول نحن!
قلت: أرجوكم أن تتركوا المراء والجدال، ولا تضيعوا وقت المجلس بالقيل والقال، فإن العلماء والعقلاء اتفقوا على أن الأخذ بالمجاز الشائع أولى وأقوى من الأخذ بالمجاز غير الشائع.
والمجاز الذي نقول فيه بالموضوع هو المعنى الشائع له عند العرب والعجم، فكم من قائل لصاحبه: أنت روحي وأنت كنفسي! ولكي تطمئن قلوبكم لهذا المعنى، فإني أنقل لكم بعض الأحاديث النبوية فيه...

شواهد من الأحاديث
الأخبار المروية والأحاديث النبوية في هذا المعنى المجازي كثيرة ننقل نماذج منها:
قال رسول الله (ص): علي مني وأنا منه، من أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله.
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في " المسند " وابن المغازلي في المناقب، والموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب، وآخرون غيرهم.
وقال (ص): علي مني وأنا من عليّ، ولا يؤدي عني إلا أنا أو عليّ.
أخرجه جماعة، منهم:ابن ماجه في السنن 1/92، والترمذي في صحيحه، وابن حجر في الحديث السادس من الأربعين حديثا التي رواها في مناقب علي بن أبي طالب (ع) في كتابه (الصواعق) وقال: رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
و الإمام أحمد في المسند 4/164، وحمد بن يوسف الكنجي في الباب 67 من " كفاية الطالب " نقله عن مسند ابن سماك، و " المعجم الكبير " للطبراني.
وأخرجه الإمام عبد الرحمن النسائي في كتابه " خصائص الإمام علي (ع) ".
وأخرجه الشيخ سليمان القندوزي في الباب السابع من " ينابيع المودة ".
وروى الأخير أيضا في الباب السابع عن عبد الله بن أحمد بن حنبل مسندا، عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) قال لأم سلمة رضي الله عنها: علي مني وأنا من علي، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، يا أم سلمة اسمعي واشهدي! هذا علي سيد المسلمين.
وأخرج الحميدي في الجمع بين الصحيحين، وابن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " عن رسول الله (ص) قال: علي مني وأنا منه، وعلي مني بمنزلة الرأس من البدن، من أطاعه فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله.
وأخرج الطبري في تفسيره، والمير السيد علي الهمداني الفقيه الشافعي في المودة الثامنة من كتابه " مودة القربى " أن رسول الله (ص) قال: إن الله تبارك وتعالى أيد هذا الدين بعلي، وإنه مني وأنا منه، وفيه أنزل: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه)(5). وخصص الشيخ سليمان القندوزي في كتابه " ينابيع المودة " بابا بعنوان:
الباب السابع: في بيان أن عليا (كرم الله وجهه) كنفس رسول الله (ص)، وحديث: علي مني وأنا منه.
وأخرج فيه أربعة وعشرين حديثا مسندا ـ بطرق شتى وألفاظ مختلفة لكن متحدة المعنى ـ عن رسول الله (ص) أنه قال: علي مني بمنزلة نفسي.
وفي أواخر الباب ينقل عن " المناقب " حديثا يرويه عن جابر، أنه قال: سمعت من رسول الله (ص) في علي بن أبي طالب عليه السلام خصالا لو كانت واحدة منها في رجل كانت تكفي في شرفه وفضله، وهي قوله (ص):
من كنت مولاه فعلي مولاه.
وقوله: علي مني كهارون من موسى.
وقوله: علي مني وأنا منه.
وقوله: علي مني كنفسي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي.
وقوله: حرب علي حرب الله، وسلم علي سلم الله.
وقوله: ولي علي ولي الله، وعدو علي عدو الله.
وقوله: علي حجة الله على عباده.
وقوله: حب علي إيمان وبغضه كفر.
وقوله: حزب علي حزب الله، وحزب أعدائه حزب الشيطان.
وقوله: علي مع الحق والحق معه لا يفترقان.
وقوله: علي قسيم الجنة والنار.
وقوله: من فارق عليا فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله.
وقوله: شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة.
ويختم الباب بحديث آخر رواه عن المناقب أيضا، جاء في آخره، أقسم بالله الذي بعثني بالنبوة، وجعلني خير البرية، إنك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره وخليفة الله على عباده.
أمثال هذه الأحاديث الشريفة كثيرة في صحاحكم ومسانيدكم المعتبرة ، ولو نظرتم فيها بنظر الإنصاف لأذعنتم أنهم قرائن على المجاز الذي تقوله في اتحاد نفس المصطفى (ص) وعلي المرتضى عليه السلام وهي تؤيد نظرنا أن كلمة (أنفسنا) في آية المباهلة دليل واضح على تقارب نفسي النبي والوصي إلى حد التساوي في الكمالات الروحية والتماثل في الصفات النفسية.
فإذا ثبت هذا الأمر، فقد ثبت اعتقادنا بأفضلية علي عليه السلام وتقدمه على الرسل والأنبياء (ص) ما عدا خاتم النبيين محمد (ص).

استدلال آخر
جاء في الحديث النبوي الشريف: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل.
أخرجه جماعة من أعلامكم، منهم:
الإمام الغزالي في إحياء العلوم، وابن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " والفخر الرازي في تفسيره، وجار الله الزمخشري، والبيضاوي، والنيسابوري ، في تفاسيرهم.
وجاء في رواية أخرى:
علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل.
فإذا كان علماء المسلمين الذين أخذوا علمهم من منبع النبوة ومدرسة الرسالة والقرآن الحكيم كأنبياء بني إسرائيل أو أفضل، فكيف بعلي بن أبي طالب عليه السلام الذي نص فيه رسول الله (ص) بقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها (6)، وأنا مدينة الحكمة وعلي بابها؟!
وحل وقت العشاء، وبعدما صلوا صلاة العشاء وانعقد المجلس، بدأت بالكلام قائلا.

الإمام علي عليه السلام جامع فضائل الأنبياء
لا شك أن أنبياء الله سبحانه وهم من أرسلهم وبعثهم لهداية عباده كانوا يتخلقون بأجمل الأخلاق، وكانوا يتصفون بأحمد الصفات، وكانوا يتزينون بأحسن الفضائل والخصال، إلا أن كلا منهم امتاز بصفة واشتهر بفضيلة حتى امتاز بها عن الآخرين.
وعلي بن أبي طالب عليه السلام جمع كل الفضائل التي امتاز بها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد شهد بذلك سيد الرسل وخاتم النبيين محمد الصادق الأمين (ص)، كما جاء في مناقب الخوارزمي: 49 و245، والرياض النضرة 2/217، وذخائر العقبى:93 وغيرها، أنه قال (ص) ـ مع بعض الاختلافات اللفظية ـ: من أراد أن ينظر على آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه " ينابيع المودة " الباب الأربعين، قال: أخرج أحمد بن حنبل في مسنده وأحمد البيهقي في صحيحه عن ابن الحمراء، قال: قال رسول الله (ص): من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في عزمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
قال القندوزي: وقد نقل هذا الحديث في " شرح المواقف " و " الطريقة المحمدية ".
ونقله ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة: 121 عن البيهقي أيضا.
ونقله ـ مع بعض الاختلافات اللفظية ـ الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير، ذيل آية المباهلة.
ومحيي الدين ابن العربي في كتابه اليواقيت والجواهر، المبحث 32: 172.
ونقله العلامة الكنجي الشافعي في كتابه " كفاية الطالب " وخصص له الباب الثالث والعشرين، ثم شرحه وعلّق عليه، وإليك ذلك:
روى بإسناده عن ابن عباس، قال: بينما رسول الله (ص) جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي عليه السلام فلما بصر به رسول الله (ص) قال: من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
وعلق العلامة الكنجي بقوله:
قلت: تشبيهه لعلي عليه السلام بآدم في علمه، لأن الله علم آدم صفة كل شيء كما قال عز وجل: (وعلم آدم الأسماء كلها)(7) فما من شيء ولا حادثة ولا واقعة إلا وعند علي عليه السلام فيها علم، وله في استنباط معناها فهم.
وشبهه في نوح بحكمته ـ أو في رواية: في حكمه، وكأنه أصح ـ لأن عليا عليه السلام كان شديدا على الكافرين رؤوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله: (والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)(8) وأخبر عز وجل عن شدة نوح عليه السلام على الكافرين بقوله: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا)(9).
وشبهه في الحلم بإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن كما وصفه الله عز وجل بقوله: (إن إبراهيم لأواه حليم )(10) فكان (ع) متخلقا بأخلاق الأنبياء، متصفا بصفات الأصفياء. انتهى.
وروى في الرياض النضرة 2/218 عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (ص): من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
قال: أخرجه الملا في سيرته.
والملا هو عمر بن خضر من كبار علمائكم، توفي عام 570.
وفي الرياض النضرة 2/202 قال: أخرج الملا في سيرته، قيل: يا رسول الله! كيف يستطيع علي عليه السلام أن يحمل لواء الحمد؟ فقال رسول الله (ص): وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطي خصالا شتى: صبرا كصبري، حسنا كحسن يوسف، وقوة كقوة جبريل (ع).
وروى السيد مير علي الهمداني في كتابه " مودة القربى علي بن أبي طالب " المودة الثامنة، قال: عن جابر، قال: قال رسول الله (ص): من أراد أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرائيل في جلالته، وإلى آدم في علمه، وإلى نوح في خشيته، وإلى إبراهيم في خلّته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى موسى في مناجاته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في عبادته، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمد في حسبه وخلقه، فلينظر إلى علي، فإن فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء، جمعها الله فيه ولم يجمعها في أحد غيره.
نقله الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة 1/304 الطبعة السابعة، سنة 1384 هجرية 1965 ميلادية.
قال: وعد ذلك في كتاب " جواهر الأخبار ".
وإليك ما رواه كمال الدين القرشي محمد بن طلحة، في كتابه القيم " مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ص) " الفصل السادس، ج1/61، ط دار الكتب، قال:
ومن ذلك ما رواه الإمام البيهقي (رض) في كتابه المصنف في فضائل الصحابة، يرفعه بسنده إلى رسول الله (ص) أنه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
فقد أثبت النبي (ص) لعلي عليه السلام بهذا الحديث، علما يشبه علم آدم، وتقوى تشبه تقوى نوح، وحلما يشبه حلم إبراهيم، وهيبة تشبه هيبة موسى، وعبادة تشبه عبادة عيسى، وفي هذا تصريح لعلي عليه السلام بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وتعلو هذه الصفات إلى أوج العلا حيث شبهها بهؤلاء الأنبياء المرسلين (ع) من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة.

مقايسته بالأنبياء
لقد حدثنا المؤرخون والمحدثون أنه عليه السلام في آخر يوم من حياته الكريمة، حينما كان على فراش الموت والشهادة، حضر عنده جماعة من أصحابه لعيادته، وكان ممن حضر صعصة بن صوحان، وهو من كبار الشيعة في الكوفة، وكان خطيبا بارعا، ومتكلما لامعا، وهو من الرواة الثقات حتى عند أصحاب الصحاح الستة وأصحاب المسانيد عندكم، فإنهم يروون عنه ما ينقله الإمام علي عليه السلام، وقد ترجم له كثير من علمائكم مثل ابن عبد البر في " الاستيعاب " وابن سعد في " الطبقات الكبرى " وابن قتيبة في " المعارف " وغيرهم، فكتبوا أنه كان عالما صادقا، وملتزما بالدين، ومن خاصة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. في ذلك اليوم سأل صعصعة الإمام عليا عليه السلام قائلا:
يا أمير المؤمنين! أخبرني أنت أفضل أم آدم (ع)؟
فقال الإمام عليه السلام: يا صعصعة! تزكية المرء نفسه قبيح، ولولا قول الله عز وجل: (وأما بنعمة ربك فحدث)(11) ما أجبت.
يا صعصعة! أنا أفضل من آدم، لأن الله تعالى أباح لآدم كل الطيبات المتوفرة في الجنة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب، ولكنه عصى ربه وأكل منها!
وأنا لم يمنعني ربي من الطيبات، وما نهاني عن أكل الحنطة فأعرضت عنها رغبة وطوعا.
[ كلامه كناية عن أن فضل الإنسان وكرامته عند الله عز وجل بالزهد في الدنيا وبالورع والتقوى، وأعلى مراتبه أن يجتنب الملاذ ويعرض عن الشهوات والطيبات المباحة ـ من باب رياضة النفس ـ حتى يتمكن منها، ويمسك زمامها، فيسوقها في طريق الورع والتقوى(12)].
فقال صعصعة: أنت أفضل أم نوح؟
فقال عليه السلام: أنا أفضل من نوح، لأنه تحمل ما تحمل من قومه، ولما رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم، فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا)(13).
ولكني بعد حبيبي رسول الله (ص) تحملت أذى قومي وعنادهم، فظلموني كثيرا فصبرت وما دعوت عليهم(14).
[ كلامه عليه السلام كناية عن أن أقرب الخلق إلى الله سبحانه أصبرهم على بلائه وأكثرهم تحملا من جهال زمانه سوء تصرفهم، وهو يقابلهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبحسن سلوكه وأخلاقه، قربة على الله تعالى ].
فقال صعصعة: أنت أفضل أم إبراهيم؟
فقال عليه السلام: أنا أفضل، لأن إبراهيم قال: (رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)(15).
ولكني قلت وأقول: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا(16).
[ كلامه عليه السلام كناية عن أن مرتبة العبد عند الله سبحانه تكون بمرتبة يقينه، فكلما ازداد العبد يقينا بالله عز وجل وبالمعتقدات الدينية ازداد قربا من الله سبحانه وتعالى ].
قال صعصعة: أنت أفضل أم موسى؟
قال (ع): أنا أفضل من موسى لأن الله تعالى لما أمره أن يذهب إلى فرعون ويبلغه رسالته (قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون)(17).
ولكني حين أمرني حبيبي رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل حتى أبلغ أهل مكة المشركين سورة براءة، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم! مع ذلك أسرعت غير مكترث، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل، فوقفت في جمعهم رافعا صوتي، وتلوت آيات من سورة براءة، وهم يسمعون!!
[ كلامه كناية عن أن فضل الإنسان عند الله سبحانه بالتوكل عليه عز وجل والإقدام في سبيل الله وأن لا يخشى العبد أحدا إلا ربه تعالى شأنه ].
قال صعصة: أنت أفضل أم عيسى؟
قال عليه السلام: أنا أفضل، لأن مريم بنت عمران لما أرادت أن تضع عيسى، كانت في البيت المقدس، جاءها النداء يا مريم اخرجي من البيت! هاهنا محل عبادة لا محل ولادة، فخرجت ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة) (18).
ولكن أمي فاطمة بنت أسد لما قرب مولدي جاءت إلى بيت الله الحرام والتجأت إلى الكعبة، وسألت ربها أن يسهل عليها الولادة، فانشق لها جدار البيت الحرام، وسمعت النداء: يا فاطمة ادخلي! فدخلت ورد الجدار على حاله فولدتني في حرم الله وبيته(19).
[ لا أدري هل هذه المقايسة تنبئ عن أفضلية فاطمة بنت أسد على مريم بنت عمران كما أن ابنها عليا (ع) كان أفضل وأشرف عند الله تعالى من عيسى بن مريم (ع)؟! ربما ].
بالله عليكم فكروا قليلا وأنصفوا، مع وجود هذه الروايات والأحاديث المنقولة في كتبكم، والمروية بطرقكم، هل يجوز أن تقدموا أحدا على الإمام علي (ع) في الخلافة؟!!
وهل يجوز عند العقلاء والنبلاء تقديم المفضول على الفاضل؟! كما يقول أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 10/226: أما الذي استقر عليه رأي المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم في التفضيل وغيره، أن عليا أفضل الجماعة، وأنهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها!
ويقول في صفحة 227: وبالجملة أصحابنا يقولون: إن الأمر كان له [ لعلي ] (ع)، وكان هو المستحق والمتعين!
ويقول في شرح الخطبة الشقشقية في شرح نهج البلاغة 1/157 ط. دار إحياء التراث العربي: لما كان أمير المؤمنين (ع) هو الأفضل والأحق وعدل عنه إلى من لا يساويه في فضل ولا يوازيه في جهاد وعلم، ولا يماثله في سؤدد وشرف، ساغ إطلاق هذه الألفاظ... إلى آخره.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 05:15 AM




فلا ينكر أحد تفضيل الإمام علي (ع) على غيره إلا عن تعصب وعناد، وإلا فإن أعلامكم المنصفين ذهبوا أيضا مذهب المعتزلة في ذلك:
فقد روى العلامة الكنجي الشافعي في " كفاية الطالب " البابالثاني والستين، بسنده عن ابن التيمي، عن أبيه، قال: فضل علي بن أبي طالب علىسائر الصحابة بمائة منقبة وشاركهم في مناقبهم.
وقال العلامة الكنجي، وابن التيمي هو موسى بن محمد بن إبراهيمبن الحرث التيمي، ثقة وابن ثقة، أسند عنه العلماء والإثبات... ثم ذكر المائةمنقبة بالتفصيل(20).
ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه " ينابيع المودة " البابالأربعين، قال: أخرج موفق بن أحمد، عن محمد بن منصور، قال: سمعت أحمد بن حنبليقول: ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعلي بن أبي طالب (ع).
وقال أحمد: قال رجل لابن عباس سبحان الله! ما أكثر فضائل عليبن أبي طالب ومناقبه! إني لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة. فقال ابن عباس: أَو لا تقولإنها ثلاثين ألفا أقرب؟!(21).
وقال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة 1/17 ط. دارإحياء التراث العربي: وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهمجحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟!
... وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة؟! فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارهاومجلي حلبتها. كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى.
ويقول في خاتمة المقدمة: 30: وجب أن نختصر ونقتصر، فلو أردناشرح مناقبه وخصائصه لاحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا، بل يزيد عليه. وباللهالتوفيق.
فلا أدري بأي عذر أخروا هذا الرجل الفذ، والإنسان العبقري،العملاق العظيم، العلي على البشر بعد النبي (ص).
ولماذا لم يستشيروه في أمر الخلافة؟!
وهل لهم دليل على تقديم الآخرين عليه؟!
فانصفوا ولا تتبعوا التعصب والعناد!
الحافظ: وأنتم أيضا أنصفوا وانظروا هل يجوز لكم أن تنسبوالأصحاب النبي (ع) المقربين، غصب الخلافة ومخالفة أمر الله والرسول؟!
وكيف تعتقدون بأن أمة الإسلام اجتمعت على الباطل والضلال؟!!
أما قال رسول الله (ص): لا تجتمع أمتي على الخطأ؟!
وقال (ص): لا تجتمع أمتي على الضلالة.
فلذلك نحن لا نقلد أسلافنا تقليد الأعمى، ولا نسير خلفهم سيرالحمقى، بل قلدناهم وأخذنا مذهبهم إطاعة لأمر النبي (ص) حيث صحح إجماع المسلمينوأيد كل ما أجمعت عليه الصحابة المهتدين.

دعوى: إجماع الأمة على خلافة أبي بكر
قلت: أرجو أن تبينوا لنا أدلتكم على صحة خلافة أبي بكر؟
الحافظ: إن أقوى دليل على إثبات خلافة أبي بكر وصحتها هو إجماعالأمة على خلافته.
وأضف على هذا كبر السن والشيخوخة، فإن عليا (كرم الله وجه)مع فضله وسوابقه المشرفة وقربه من رسول الله (ص) فإن المسلمين أخروه لصغر سنه.
وأنتم لو فكرتم قليلا وأنصفتم لأعطيتم الحق للمسلمين، فلا يجوزعقلا أن يتقدم في هذا الأمر العظيم شاب حدث السن مع وجود شيوخ قومه وكبراء أهله..وإن تأخر سيدنا علي لا يكون نقصا له بل كماله، وإن أفضليته على أقرانه ثابتة لاننكرها.
ثم إن المسلمين سمعوا حديثا رواه عمر بن الخطاب، قال: لاتجتمع النبوة والملك في أهل بيت واحد.
ولما كان عمر من أهل بيت النبوة ما بايعوه..
هذه أسباب تقدم أبي بكر وتأخر علي في أمر الخلافة.
قلت: إن أدلتكم هذه تضحك الثكلى، وإن مثلكم كمثل الذي يغمضعينه فيصبح كالأعمى، فلا يرى الشمس الطالعة في الضحى، وينكر ضوء النهار إذا تجلى، فافتحوا أعينكم، وانظروا إلى منار الهدى، واسلكوا طريق الحق والتقى، ولاتتبعوا الهوى، وتجنبوا المنزلق والمهوى، ولا تغرنكم الدنيا، فإن الآخرة خيروأبقى.
وإني أرجوكم أن تقرءوا كتابنا وتدققوا النظر في أدلتنا وتعمقواالفكر في عقائدنا.
أقول هذا، لأني فتشت أسواق الشام والقاهرة والحجاز والأردن،وغيرها من البلاد الإسلامية التي غالب سكانها أهل السنة أو حكامها من أهل السنةوالجماعة، فما وجدت كتب الشيعة في مكتباتها فكأنكم ـ مع الأسف ـ آليتم أن تطالعواكتب الشيعة، فلا أدري هل حكمتهم عليها بأنها كتب الضلال فحرمتم قراءتها؟!!
وإني دخلت بيوت كثير من إخواننا أهل السنة والجماعة، علمائهموغير علمائهم، الذين يهوون مطالعة الكتب ويملكون مكتبات شخصية في بيوتهم، فوجدتفيها كتب مختلفة حتى كتب غير المسلمين من الشرقيين والغربيين، ولم أجد كتابا واحدامن كتب الشيعة!!
بينما نحن في بلادنا نطبع كتبكم وننشرها، وندعو أهل العلموالمثقفين لمطالعتها.
فهذه مدينة النجف الأشرف وكربلاء المقدسة في العراق، وهذهمدينة قم ومشهد الإمام الرضا (ع) في إيران، وهي مراكز الشيعة التي فيها حوزاتناالعلمية ومراجعنا الكرام، وكذلك طهران وشيراز وأصفهان، وغيرها من البلاد التيتسكنها الشيعة، فتحت أبواب مكتباتها لعرض كتبكم وبيعها بدون أي مانع ورادع.
ولا أجد مكتبة واحدة من مكتباتنا العامة أو الشخصية تخلو منكتبكم وصحاحكم ومسانيدكم وتواريخكم وتفاسيركم، لا لحاجة منا إليها، لأن مدرسة أهلالبيت (ع) غنية، والأخبار المروية عن العترة الطاهرة الهادية تناولت جميع جوانبالحياة وكل ما يحتاجه الإنسان في أمر الدين والدنيا.
ولكن نريد أن نحاججكم بكتبكم، ونلزمكم بأقوال علمائكم وآراءأعلامكم، وننقدها نقدا بناء حتى نصل معكم إلى التفاهم، وكما تجدوني في هذهالمحاورات والمناقشات لا أنقل إلا عن كتبكم ومسانيدكم وصحاحكم وتفاسيركم.

إجماع أم مؤامرة!!
لقد ادعيتم أن إجماع الصحابة هو أقوى دليل على إثبات خلافة أبيبكر وصحتها. واستدللتم بحديث: لا تجتمع أمتي على الخطأ، أو لا تجتمع أمتي علىضلال.
فالأمة أضيفت إلى ياء المتكلم، فتفيد العموم كما قال النحويون، فعلى فرض صحة الحديث يكون معناه: إن أمتي كلهم من غير استثناء إذا أجمعوا علىأمر فذاك الأمر لا يكون خطأ أو ضلالا.
وهذا هو الإجماع الذي يتضمن رأي حجة الله تعالى في خلقه، لأنالأرض لا تخلو من حجة لله عز وجل ـ كما جاء في روايات الفرقين ـ.
ثم إن هذا الحديث ـ على فرض صحته ـ لا ينخ الأحاديث النبويةوالنصوص الجلية في تعريف النبي (ص) خليفته في البرية.
ولو تنزلنا وسلمنا برأيكم والتزمنا بهذا المقال، بأن النبي (ص)لم يعين خليفته بأمر الله العزيز المتعال، وإنما كان يشير إلى علي (ع) ويرشحهللخلافة برأيه الشخصي، وقد فتح على الأمة باب الاختيار وفسح لهم المجال، وأقرإجماعهم بقوله (ص): لا تجتمع أمتي على خطأ أو ضلال.
فنقول: إن الإجماع الذي أقره النبي (ص) ما حصل في خلافة أبيبكر ولم يحصل لغيره.
الحافظ: نفي الإجماع على خلافة أبي بكر (رض) أمر غريب!
لأنه حكم في الأمة بعد النبي (ص) أكثر من سنتين من غير مخالف أومنازع، وانقاد له جميع المهاجرين والأنصار، وبهذا حصل الإجماع على خلافته.
قلت: إن هذا كلام مغالطة وجدل! لأن سؤالي وكلامي كان حولإجماع الأمة على خلافة أبي بكر في بداية الأمر، حينما اجتمعوا في السقيفة، وهلوافق الحاضرون كلهم على خلافته؟!
وهل اتفق رأي المسلمين الذين كانوا في المدينة المنورة علىخلافته آنذاك؟!
وهل كان لرأي سائر المسلمين ـ الذين كانوا خارج المدينة المنورة، حواليها أو بعيدين عنها ـ أثر في الانتخاب؟!
أم ليس لرأيهم محل من الإعراب؟!
الحافظ: لا نقول إن اجتماع السقيفة كان يمثل جميع الأمة، وإنكان فيه كثير من كبار الصحابة، ولكن الحاضرين فيها اختاروا أبا بكر، وبعد ذلكوافقهم المسلمون فحصل الإجماع تدريجيا مع مرور الزمن!
قلت: بالله عليكم فكروا وأنصفوا! هل الإجماع الذي أقره رسولالله (ص) في حديثه حصل في السقيفة، مع مخالفة سعد بن عبادة الخزرجي وأهله وأنصاره؟!
فهل تكشف واقعة السقيفة عن إجماع الصحابة البررة، أو تنبئ عنمؤامرة مدبرة؟!
وإذا ما كانت هناك مؤامرة، ولم تتدخل فيها الأغراض والأطماع،لماذا لم يصبروا حتى يتحقق الإجماع؟!
وكلنا نعلم، بأن الأوس قد وافقوا على خلافة أبي بكر لا لمصلحةالإسلام، بل بسبب النزاعات والخلافات التي كانت بينهم وبين الخزرج، وقد كانت لهاجذور جاهلية، فلما رأوا كفة سعد بن عبادة قد رجحت وكاد أن يبتز الحكم، أسرعوا إلىأبي بكر فبايعوه رغما لأنوف مناوئيهم الخزرجيين.
وأما المسلمون خارج السقيفة، لما سمعوا بما حدث في السقيفةذهلوا وبهتوا، ثم انجرفوا مع التيار، وكان أكثر الناس في ذلك المجتمع همجا رعاعا، ينعقون مع كل ناعق، ويميلون مع الريح.
وهم الذين يصفهم الباري عز وجل بقوله: (ٍ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسلأفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزيالله الشاكرين)(22).
وسوف يخاطبهم الله تعالى في جهنم بقوله سبحانه: (لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون)(23)و(24).
وأما الذين استقاموا على الدين، وثبتوا في طريق الحق واليقين،وتمسكوا بولاية سيد الوصيين، واعتقدوا خلافة وإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه السلام، فعددهم قليل، وهم الذين يصفهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله: (وقليل من عبادي الشكور)(25).
وهم صفوة أصحاب رسول الله (ص) وأهل بيته المطهرون وعترتهالطيبون، وهم الذين غضبوا من أحداث السقيفة وأعلنوا مخالفتهم لبيعة أبي بكر.
فلذلك نقول أن الإجماع ـ الذي تدّعونه لإثبات وتصحيح خلافة أبيبكر وشرعيتها ـ لم يحصل!
الحافظ: يحصل الإجماع ويقع إذا وافق أهل الحل والعقد وسنامالأمة على أمر، وليس من حق أي مسلم أن ينقض ما أبرموا.
قلت: إن هذا التفسير والمعنى لكلمة الإجماع ادعاء لا دليل عليه، وهو خلاف ظاهر الحديث الذي تمسكتم به لتشريع الإجماع.
فالحديث يصرح: لا تجتمع أمتي على خطأ ـ أو ضلال ـ.
فكيف استخرجتم هذا المعنى، وخصصتم الأمة بأهل الحل والعقدوالسنام ـ أي الطبقة العليا من المجتمع ـ ثم ألزمتم الآخرين باتباع رأي أولئكوإطاعتهم؟!!
والحال إن إضافة الأمة إلى ياء المتكلم، أو نسبتها إلى ياءالنسبة تفيد العموم، فلا يجوز عند النحويين أن تخصص الأمة بعدد من الصحابة دونالآخرين.
وحتى إذا سلمنا أن الإجماع يحصل بتوافق أهل الحل والعقد، فهلالذين حضروا السقيفة كانوا أهل الحل والعقد دون سواهم؟!
أم كان في المدينة وحواليها آخرون من أهل الحل والعقد، ولميحضروا آنذاك في السقيفة؟!
فهلا أخبروهم بانعقاد ذلك المؤتمر ودعوهم للحضور؟!
وهلا استفسروا عن رأيهم في خلافة أبي بكر؟!
الحافظ: الظروف ما سمحت بذلك، فإذا كان على الشيخين أنينتظروا رأي جميع أهل الحل والعقد الذين كانوا في المدينة المنورة وخارجها، لكانتدسائس المنافقين تعمل عملها، فلذلك لما سمع أبو بكر وعمر (رض) أن جماعة من الأنصاراجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، ليتشاوروا في أمر الخلافة، أسرعا إليها وتكلمااستوليا به على الوضع.
ثم إن عمر ـ الذي كان رجلا سياسيا وشيخا محنكا ـ رأى صلاحالإسلام في أن ينابيع أبا بكر بالخلافة، فمد يده وبايعه، وتبعه أبو عبيدة بنالجراح والأوسيون.
فلما رأى سعد بن عبادة ذلك، خرج من السقيفة غاضبا غير راض عماحصل، لأنه كان يريد الخلافة لنفسه، وتبعه قومه الخزرجيون وخرجوا من السقيفةغاضبين.
هذا هو سبب استعجال الشيخين في أمر الخلافة، ولولا اتخاذهماذلك الموقف الحاسم في السقيفة لكان الأمر يؤول إلى النزاع بين قبيلتي الأنصار:الأوس والخزرج.
قلت: ما كان اجتماع الأنصار في السقيفة من أجل تعيين خليفة،بل كانوا بصدد تعيين لأنفسهم، وأخيرا كاد التوافق يحصل بأن يكون للأوس أميروللخزرج أمير وهو أشبه شيء برئيس القبيلة وشيخ العشيرة.
فهنا اغتنم الشيخان أبو بكر وعمر الفرصة من نزاع القوم، فتقدمأبو بكر وتكلم في أمر الخلافة، وتعجل عمر في بيعته، وإلا لو كان الاجتماع من أجلتعيين خليفة رسول الله (ص) لكان الاجتماع يضم كل الصحابة الذين كانوا في المدينةالمنورة من المهاجرين والأنصار، وحتى الذين كانوا في معسكر أسامة بن زيد خارجالمدينة.
فإن رسول الله (ص) في أواخر أيامه عقد راية لأسامة وأمرالمسلمين بالانضمام تحتها، وكرر الأمر بقوله (ص): أنفذوا جيش أسامة، لعن الله منتخلف عن جيش أسامة!
وكان الشيخان تحت إمرة أسامة بن زيد، ولكنهما تخلفا وتركاالمعسكر، فكان المفروض عليهما أن يستشيرا أميرهما في مثل ذلك الأمر الهام،ولكنهما استبدا بالرأي وما شاوراه!
فلذلك لما سمع بما حدث في السقيفة وان أبا بكر صار خليفة جاءإلى مسجد النبي (ص) واعترض، فاقترب منه عمر قائلا: لقد انقضى الأمر وتمت البيعةلأبي بكر، قم وبايع ولا تشق عصا المسلمين! فقام وبايع!
ولكن كان لأسامة أن يقول: لقد جعلني رسول الله (ص) أميرا عليكوعلى أبي بكر ولم يعزلني بعد، فكيف يصبح أميركم الذي أمّره رسول الله (ص) تحتإمرتكم؟!
أما أمركما رسول الله (ص) بطاعتي؟! وأمركم أن تكونا تحت إمرتي؟! فكيف انعكس الأمر؟!!
فإن تقولوا: إن المسافة كانت بعيدة بين المدينة والمعسكروالظروف الراهنة ما سمحت للشيخين أن يستشيرا أميرهما أسامة ومن كان تحت رايته منذوي البصائر وأهل الحل والعقد!
فما تقولون في بني هاشم الذين كانوا مجتمعين في بيت رسول الله(ص) وكذلك الصحابة المقربين الذين كانوا آنذاك عند جثمان النبي (ص) يعزون أهلهالمصابين بتلك المصيبة العظمى؟!
فلماذا ما استشار أولئك، وبالخصوص علي بن أبي طالب والعباس(26)عم رسول الله (ص) وهما بإجماع المسلمين كانا من أهل الحل والعقد في الإسلام وكانامن ذوي البصيرة والرأي، هل المسافة كانت بعيدة؟!! أم الظروف الراهنة ما سمحت؟!!
الحافظ: أظن بأن الأمر كان خطيرا والخطر كبيرا بحيث لم يمكنللشيخين ترك السقيفة حتى لحظة واحدة.
قلت: ولكن أقول: إن الشيخين ما أرادا أن يخبرا عليا وبني هاشموسائر الصحابة، بل كانا يريدان خلو الساحة من أولئك، حتى يحققا أمرا دبّراه فيمابينهما!
الحافظ: وهل لكم دليل على ذلك؟
قلت: أولا: كان بإمكانهما أن يراقبا الوضع في السقيفة ويبعثاأبا عبيدة الجراح، فيخبر بني هاشم وسائر الصحابة.
ثانيا: قبل أن يأتي الشيخان إلى السقيفة، كان أبو بكر معالمجتمعين في بيت رسول الله (ص)، فجاء عمر عند الباب ولم يدخل البيت، فطلب أبابكر وأخبره باجتماع الأنصار في السقيفة، ولم يخبر الآخرين، ثم أخذه معه وانطلقانحو السقيفة.
الحافظ: هذا الخبر من أقاويل الروافض!
قلت: سبحان الله، مالك كلما عجزت عن الجواب، اتهمت الشيعةوأسأت إليهم بالكلام؟!
ولقد تكرر منك هذا الموقف العنيف، ثم ثبت للحاضرين زيف كلامكوبطلان رأيك هذه المرة كذلك.
ولكي تعرف الحقيقة فراجع تاريخ محمد بن جرير الطبري ـ من كبارأعلامكم ومؤرخيكم في القرن الثالث ـ 2/456، ونقل عنه ابن أبي الحديد في شرح نهجالبلاغة 2/38 فقال: وروى أبو جعفر أيضا في التاريخ، أن رسول الله (ص) لما قبضاجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ـ إلى أن قال: ـ وسمع عمر الخبر فأتى منزل رسولالله (ص) وفيه أبو بكر، فأرسل إليه: أن أخرج إلي، فأرسل: إني مشغول، فأرسلإليه عمر أن أخرج، فقد حدث أمر لا بد أن تحضره فخرج فأعلمه الخبر، فمضيا مسرعيننحوهم ومعهما أبو عبيدة.... إلى آخر الخبر(27).
فبأي دليل ومنطق، تسمون هذه الواقعة، إجماع الأمة وإجماع أهلالحل والعقد؟!
إن هذه الطريقة في تعيين رئيس الجمهورية أو أمير القوم أو خليفةرسول الله (ص) تخالف القوانين السماوية والأرضية، وتناقض سيرة العقلاء في العالموترفضها جميع الأمم والشعوب، لا الشيعة فحسب!

لا إجماع على خلافة أبي بكر
أيها العلماء لو فكرتم قليلا وأنصفتم، ثم نظرتم إلى أحداثالسقيفة وما نجم منها، لأذعنتم أن خلافة أبي بكر ما كانت بموافقة جميع أهل الحلوالعقد، ولم يحصل الإجماع عليها، وأن ادعاء القوم وتمسكهم بالإجماع فارغ عنالمعنى واسم من غير مسمى!
فإن إعلان النتيجة في مثل هذه الأمور تعبر برأي الأكثريةوالأقلية أو الإجماع.
فلو تشاور قوم في أمر، فوافق أكثرهم وخالف آخرون، فالموافقونأكثرية والمخالفون أقلية.
ولكن إذا وافق كلهم، بحيث لم يخالف منهم أحد، فقد حصل الإجماع.
والآن أسألكم بالله! هل حصل هذا الإجماع على خلافة أبي بكر،في السقيفة أو في المسجد أو في المدينة.
وحتى لو تنزلنا وقلنا: إن الملحوظ هو رأي كبار الصحابة وذويالعقل والبصيرة من المسلمين، فهل أجمع كبار الصحابة وعقلاء المسلمين وأهل الحلوالعقد كلهم على خلافة أبي بكر، بحيث لم يكن فيهم مخالف واحد؟!
الحافظ: قلنا بأن الإجماع ما حصل في بادئ الأمر، بل حصلتدريجا بموافقة المخالفين واحدا بعد الآخر مع طول الزمن.
قلت: وحتى هكذا ـ إجماع تدريجي ـ لم يحصل أيضا، لأن كثيرا منالمخالفين بقوا على مخالفتهم لخليفة السقيفة، إلى أن وافاهم الأجل، منهم سيدةنساء العالمين وبنت سيد المرسلين وحبيبة خاتم النبيين، فاطمة الزهراء (ع)، وكانتهي مدار سخط الله سبحانه ورضاه، حيث قال رسول الله (ص) في شأنها: " فاطمة بضعةمني، يرضى الله لرضاها، ويسخط لسخطها ".
فأعلنت سخطها على الخليفة، ومخالفتها لرأي السقيفة، ورفضت أنتبايع أبا بكر حتى ماتت وهي واجدة عليه(28).
وأحد المخالفين لخلافة أبي بكر، سعد بن عبادة الخزرجي، وهوسيد قومه، أعلن خلافه لما بعث إليه أبو بكر أن أقبل فبايع فقد بايع الناس.
فقال: أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل، وأخضبمنكم سناني ورمحي، وأضربكم بسيفي، ما ملكته يدي، وأقاتلكم بمن معي من أهليوعشيرتي، ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربيوأعلم حسابي(29).
فالإجماع الذي تزعمونه نفاه كثير من أعلامكم أيضا، منهم صاحبكتاب " المواقف " والفخر الرازي وجلال الدين السيوطي وابن أبى الحديد والطبريوالبخاري ومسلم بن الحجاج وغيرهم.
وقد ذكر العسقلاني والبلاذري في تاريخه ومحمد خاوند شاه في "روضة الصفا " وابن عبد البر في " الاستيعاب " وغير هؤلاء أيضا ذكروا: أن سعد بنعبادة وطائفة من الخزرج وجماعة من قريش ما بايعوا أبا بكر، وثمانية عشر من كبارالصحابة رفضوا أيضا أن يبايعوه، وهم شيعة علي بن أبي طالب وأنصاره، وذكرواأسماءهم كما يلي:
1ـ سلمان الفارسي 2ـ أبو ذر الغفاري 3ـ المقداد بن الاسودالكندي 4ـ أبي بن كعب 5ـ عمار بن ياسر 6ـ خالد بن سعيد بن العاص 7ـ بريدة الأسلمي8ـ خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين 9ـ أبو الهيثم بن التيهان 10 ـ سهل بن حنيف 11ـعثمان بن حنيف 12ـ أبو أيوب الأنصاري 13ـ جابر بن عبد الله الأنصاري 14ـ حذيفة بناليمان 15ـ سعد بن عبادة 16ـ قيس بن سعد 17ـ عبد الله بن عباس 18ـ زيد بن أرقم.
وذكر اليعقوبي في تاريخه فقال: تخلف قوم من المهاجرين والأنصارعن بيعة أبي بكر، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم العباس بن عبد المطلب والفضلبن العباس والزبير بن العوام وخالد بن سعيد بن العاص والمقداد وسلمان وأبو ذرالغفاري وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبي بن كعب.
أقول:
ألم يكن هؤلاء من صفوة أصحاب النبي (ص) ومن المقربين إليهوالمكرمين لديه؟! فلماذا لم يشاوروهم؟!
فإن لم يكن هؤلاء الأخيار من أهل الحل والعقد ومن ذوي البصيرةوالرأي في المشورة والاختيار، فمن يكون إذن؟!!
وإذا لم يعبأ برأي أولئك كان رسول الله (ص) يشاورهم في الأمورويعتمد عليهم، فبرأي من يعبأ، ورأي من يكون ميزانا ومعيارا لإبرام الأمور المهمةوحسم قضايا الأمة؟!

مخالفة العترة لخلافة أبي بكر
لا شك أن العترة وأهل بيت رسول الله (ص) هم أفضل الصحابة، وهمفي الصف الأول والمتقدمين على أهل الحل والعقد، وإن إجماع أهل البيت عليهم السلامحجة لازمة، ليس لأحد من المسلمين ردهم بدليل الحديث النبوي الشريف المروي في كتبالفريقين أنه (ص) قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إنتمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.
[ ذكرنا بعض مصادره من كتب العامة في مجلس سابق ].
فجعلهم رسول الله (ص) منار الهدى، وأمانا من الضلالة والعمى.
وقال (ص): مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومنتخلف عنها غرق وهوى. [ ذكرنا مصادره في المجلس الثالث من هذا الكتاب ].
وقال (ص): أنا وأهل بيتي شجرة [أصلها] في الجنة، وأغصانها فيالدنيا فمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليتمسك بها(30). فجعلهم سبيل الوصول إلىالله سبحانه وتعالى.
وقال (ص): في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذاالدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ألا وإن أئمتكم وفدكم إلىالله عز وجل فانظروا من توفدون!(31).
هذه الأحاديث الشريفة وأمثالها، جاءت في كتبكم، وذكرت فيمسانيدكم وصحاحكم، وهي تشير إلى أن المسلمين إذا أطاعوا أهل البيت عليهم السلامواتبعوا العترة الهادية سعدوا في الدنيا والآخرة.
واتفق المؤرخون والمحدثون على أن أهل البيت وبني هاشم كلهمتخلفوا عن بيعة أبي بكر ولم يرضوا بخلافته.
فثبت أن دليلكم الأول ـ وهو الإجماع على خلافة أبي بكر ـ مردود.

تفنيد الدليل الثاني
وأما دليلكم الثاني، وهو كبر السن، إذ قلتم: إنهم قدموا أبابكر في الخلافة لأنه أكبر سنا من علي بن أبي طالب.
صحيح أن أصحاب السقيفة استدلوا بهذا الدليل لإقناع الإمام عليعليه السلام ليبايع أبا بكر(32) ولكنه دليل ضعيف وكلام سخيف.
فلو كان كبر السن ملحوظا في المنصوب للخلافة، فقد كان فيالمسلمين والصحابة من هو أكبر سنا من أبي بكر، حتى إن والده أبا قحافة كان حيا فيذلك اليوم، فلم أخروه وقدموا ابنه؟!!(33).
الحافظ: إن الملحوظ عندنا كبر السن مع السابقة في الإسلام.
وقد كان أبو بكر شيخا محنكا في الأمور، ذا سابقة حسنة، وكانمقدرا ومحبوبا عند رسول الله (ص) فلا يقدم عليه علي كرم الله وجهه وهو حديث السنغير محنك في الأمور.
قلت: إن كان كذلك فلماذا قدم رسول الله (ص) عليا (ع) عليه فيكثير من الأمور والقضايا؟!
منها: في غزوة تبوك، حينما عزم رسول الله (ص) أن يخرج معالمسلمين إلى تبوك وكان يخشى تحرك المنافقين في المدينة وتخريبهم، خلف عليا (ع)ليدير أمور المدينة المنورة، دينيا وسياسيا واجتماعيا، وقال له: أنت خليفتي فيأهل بيتي ودار هجرتي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.
وكان علي (ع) نعم الخلف، وخير مدير، وأفضل أمير.
ومنها تبليغ آيات من سورة براءة لأهل مكة حين كانوا مشركين،فقد عين النبي (ص) أبا بكر لهذه المهمة وأرسله إلى مكة وقطع مسافة نحوها، ولكنالله عز وجل أمر النبي (ص) أن يعزل أبا بكر ويعين عليا (ع) لتبليغ الرسالة، ففعلالنبي (ص) وأرسل عليا (ع) فأخذ الرسالة من أبي بكر، فرجع إلى المدينة وذهب علي (ع)إلى مكة فوقف في الملأ العام من قريش ورفع صوته بتلاوة الآيات من سورة براءة وأدىتبليغ الرسالة، ونفذ الأمر، ورجع إلى المدينة(34).
ومنها: أنه (ص) بعثه إلى اليمن ليهدي أهلها إلى الإسلام،ويبلغهم الدين، ويقضي بين المتخاصمين، وقد أدى هذا الأمر على أحسن وجه.
وأمثال هذه الأخبار كثيرة، لا يسعنا المجال لذكرها، ولكنذكرنا نماذج منها لتفنيد دليلكم وإبطال قولكم، ولكي يعرف الحاضرون أن كبر السنوالشيخوخة غير ملحوظة في انتخاب خليفة النبي (ص)، وإنما الملحوظ كمال عقله وإيمانه، واتصافه بالصفات الحميدة والفضائل المجيدة، التي تجعله مشابها ومماثلا للنبي (ص)سواء أكان خليفته شيخا أم شابا.

علي (ع) فاروق بين الحق والباطل
ودليلنا الآخر على بطلان خلافة أبي بكر أن علي بن أبي طالب (ع)رفض البيعة له وخالف ولايته.
والنبي (ص) وصف عليا (ع) بأنه الفاروق بين الحق والباطل.
فخلافة أبي بكر التي خالفها علي (ع) باطلة لا محالة.
الحافظ: إن عمر بن الخطاب هو الفاروق الأعظم، وهو أول من بايعأبا بكر وسعى في تحكيم خلافته.
قلت: الناس لقبوا عمر بالفاروق، في قبال النبي (ص) إذ لقبعليا (ع) به، وزادوا " الأعظم " في لقب عمر ليؤكدوه فيه.
الحافظ: وهل لكم دليل على أن النبي (ص) لقب عليا كرم الله وجههبالفاروق.
قلت: وهل نقلت إلى الآن خبرا في فضل الإمام علي (ع) بغير دليلمن كتبكم ومسانيدكم المعتبرة عندكم؟! وهذا الموضوع أيضا سنده ودليله في كتبكمالمعتبرة ومسانيدكم الموثقة.
لقد نقل الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه " ينابيعالمودة " باب 56: روى من كتاب " السبعين في فضائل أمير المؤمنين " حديث رقم 12،عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ص): ستكون من بعدي فتنة،فإن كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه الفاروق بين الحق والباطل.
قال: رواه صاحب الفردوس.
وأخرجه أيضا العلامة المير السيد علي الهمداني في كتابه " مودةالقربى " المودة السادسة، عن أبي ليلى الغفاري، عن النبي (ص) قال: ستكون من بعديفتنة، فإذا كان ذلك فالزموا عليا، فإنه الفاروق بين الحق والباطل.
وروى العلامة الكنجي الشافعي في كتابه " كفاية الطالب " البابالرابع والأربعين: بإسناده عن أبي ليلى الغفاري، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول:ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا عليا، إنه أول من يراني، وأول منيصافحني يوم القيامة، وهو معي في السماء العليا، وهو الفاروق بين الحق والباطل.
قال الكنجي: هذا حديث حسن عال، رواه الحافظ في أماليه.
وروى أيضا في الباب باسناده عن ابن عباس، قال: ستكون فتنة،فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن أبي طالب (ع)، فإني سمعترسول الله (ص) وهو يقول: هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذهالأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهوالصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتي منه، وهو خليفتي من بعدي.
قال الكنجي: هكذا أخرجه محدث الشام في فضائل علي عليه السلامفي الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاث مائة من كتابه بطرق شتى وأخرج شيخ الإسلامالحمويني بسنده عن علقمة بن قيس والأسود بن بريدة.
وأخرجه عنهما المير السيد علي الهمداني في آخر المودة الخامسةمن كتاب " مودة القربى " باختلاف يسير في أوله، ونحن ننقل عنه..
قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري، قلنا: يا أبا أيوب! إن اللهتعالى أكرمك بنبيك إذ أوحى إلى راحلته تبرك إلى بابك، فكان رسول الله (ص) صنع لكفضيلة فضلك بها.
أخبرنا بمخرجك مع علي (ع) تقاتل أهل لا إله إلا الله!
فقال أبو أيوب: فإني أقسم لكما بالله تعالى لقد كان والنبي (ص)معي في هذا البيت الذي أنتما فيه معي، وما في البيت غير رسول الله (ص) وعلي جالسيمينه، وأنس قائم بين يديه، إذ حرك الباب، فقال رسول الله (ص): انظر إلى البابمن بالباب؟
فقال: يا رسول الله! هذا عمار.
فقال: افتح لعمار الطيب المطيب.
ففتح أنس الباب، فدخل عمار على رسول الله (ص).
قال (ص): يا عمار ستكون في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيمابينهم حتى يقتل بعضهم بعضا، فإذا رأيت ذلك فعليك بذلك الأصلع عن يميني ـ يعني عليبن أبي طالب ـ إ ن سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا، فاسلك وادي علي وخل عنالناس.
يا عمار! علي لا يردك عن هدى، ولا يدلك على ردى.
يا عمار! طاعة علي طاعتي، وطاعتي طاعة الله.
أقول: فكانت الفتنة التي أشار إليها رسول الله (ص) وصرح بهاوأفصح عنها، وهي اختلاف أصحابه بعده في أمر الخلافة، وقد بين (ص) ما عليه، منإرشاد أمته إلى الصراط المستقيم والطريق القويم، بأن يستضيئوا بنور وصيه وابن عمهعلي بن أبي طالب (ع) ويتبعوه ويأخذوا جانبه، فإن الحق معه، وكان علي (ع) يخالفبيعة أبي بكر ويرفضها لأنها باطلة.
ونحن نعتقد أن السقيفة وخليفتها ما هي إلا مؤامرة نفر من قريش،أشهرهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، وإذا لم تكن مؤامرة مدبرة بين هؤلاءكان عليهم أن يخبروا الصحابة الآخرين وخاصة الإمام عليا والعباس، وكان عليهم أنيشاوروهم ويأخذوا رأيهم. فكان يتعين حينئذ خليفة رسول الله (ص) على أساس الإجماع.
الحافظ: ما كانت هناك مؤامرة، وإنما الأوضاع الراهنة كانتخطيرة للغاية، بحيث رأوا التعجيل في تعيين الخليفة أمرا ضروريا لا يجوز تأخيره،وذلك في مصلحة الإسلام والمسلمين حفظا للدين.
قلت: هل إن الثلاثة الذين سبقوا بني هاشم وغيرهم من ذويالبصيرة والرأي، وحضروا السقيفة، هل كان إحساسهم في حفظ الدين أكثر من العباس ومنعلي بن أبي طالب، مع سوابقه المشرقة في الجهاد والتضحية والذب عن الإسلام ونبيه(ص)؟!!


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 05:17 AM


فإذا لم يكونوا متآمرين في سبيل نيل الخلافة، وما كانوا طامعين فيها، لكان على اثنين منهم أن يبقيا في السقيفة ويناقشا الأنصار ويهدئا الوضع، ويخرج الثالث إلى الصحابة وبني هاشم الذين كانوا في بيت النبي (ص) فيخبرهم باجتماع السقيفة، فكانوا سيشاركونهم فيها ويبدون رأيهم، ولحل الوفاق محل الاختلاف.
وصدقوني أيها الأخوة، إن كل ما نجده اليوم من افتراق المسلمين واختلافهم الذي انتهى إلى ضعفهم وكسر شوكتهم، وما حدثت من نزاعات داخلية بين المسلمين، والحروب الدامية والوقائع المخزية التي نشبت بينهم في الماضي والحاضر، كلها حصيلة يوم السقيفة ومؤامرة أولئك النفر وتعجيلهم في تعيين الخليفة.
النواب: سيدنا الجليل! ما هو السبب في تعجيل القوم؟! وما الذي حداهم إلى عدم إخبار بني هاشم والصحابة الذين كانوا مجتمعين في بيت رسول الله (ص)؟!
قلت: نحن على يقين أنهم كانوا يعلمون، لو لم يعجلوا في تعيين أحدهم بالخلافة، ولو صبروا حتى يحضر بنو هاشم وكبار الصحابة فيشاورهم في تعيين خليفة النبي (ص) ويسمع الحاضرون احتجاجهم ما عدلوا عن علي بن أبي طالب (ع) كما أن بشير بن سعد الأنصاري، وهو أول من بايع أبا بكر من الأنصار، لما سمع كلام الإمام علي (ع) وهو يحتج على أبي بكر، قال: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر، ما اختلفت عليك!(35).
وحتى عمر بن الخطاب لم يكن موقنا بنجاح المؤامرة، وأن الخليفة الذي سينصبه هو(36) ويبادر إلى بيعته، سيصبح حاكما متمكنا، فلذلك كان يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه(37).

رد الدليل الثالث
وأما دليلكم الثالث، وهو قول عمر بن الخطاب بأن النبوة والحكم لا تجتمعان في أهل بيت واحد، فبطلانه وزيفه واضح، بدليل قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)(38).
فالكلام إن كان ينسب إلى عمر فهو دليل على عدم إحاطته بالآيات القرآنية ومفاهيمها!
وان كان عمر يرويه عن رسول الله (ص) فهو حديث مجعول، لأنه مخالف لكتاب الله الحكيم.
ثم نحن نعتقد بأن الخلافة تالية للنبوة ولازمة لها، فلا يطلق عليها اسم الحكومة والسلطنة، لأن سلطنة الخليفة لا تكون كسلطة الملوك وحكومتهم.
ثم إن خلافة النبوة عندنا كخلافة هارون لأخيه موسى بن عمران حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه: (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي واصلح)(39).
فإن يكن عندكم، أنه يحق للمسلم أن ينفي خلافة هارون لموسى، فإنه يحق له أيضا عزل علي عليه السلام من خلافة خاتم النبيين (ص).
فكما إن النبوة والخلافة اجتمعتا في أهل بيت عمران والد موسى وهارون، كما ينص القرآن فيه، كذلك اجتمعتا للنبي (ص) وعلي عليه السلام في بيت عبد المطلب، بالنصوص الكثيرة، منها: حديث المنزلة، وقد ذكرنا مصادره وتكلمنا حوله في الليالي الماضية.
ثم إن عمر بن الخطاب لما جعل عليا عليه السلام أحد الستة الذين عينهم في شورى الخلافة من بعده، قد ناقض حديثه بعمله، وإضافة إلى تناقض عمر، تناقض اعتقادكم لهذا الحديث، إذ أنكم إن تعتقدون بصحة كلام عمر في هذا المجال، فكيف تعتقدون بخلافة علي عليه السلام في الدور الرابع؟!! وهذا تناقض بين(40).
الشيخ عبد السلام: إن الكلام والنقاش حول هذا الموضوع لا يزيد المسلمين إلا افتراقا، وابتعادا لذلك نقول: كيفما كان الأمر فنحن ما كنّا في ذلك اليوم، وما حضرنا السقيفة حتى نلمس الأمر ونتحسس الأحداث، فنجد أنفسنا اليوم أمام أمر واقع، وقد حصل عليه الإجماع تدريجيا، فلا يجوز لنا أن نخالفه، بل يجب على كل مسلم أن يخضع له ويستسلم للأمر الواقع.
قلت: أما نحن فنقول: لا يجوز لأحد من المسلمين أن يعتقد بشيء من غير دليل شرعي، ويجب على كل مسلم أن يتبع الحق لا أنه يستسلم للأمر الواقع، فكم من ضلال وباطل قائم في الدنيا، فهل يجوز لمسلم أن يتبعه ويتقبله، ثم يقول: إنه أمر واقع وليس لنا إلا أن نستسلم للأمر الواقع؟!
فالإسلام دين تحقيق لا دين تقليد.
قال سبحانه وتعالى: (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)(41).
فهل قول عمر أحسن أم قول رسول الله (ص)؟!
فهل يجوز لمسلم أن يترك هذه النصوص الجلية، والأحاديث النبوية المروية عن طرقكم، والمذكورة في كتبكم المعتبرة عندكم في شأن الإمام علي عليه السلام، وأن الحق بجانبه وهو مع الحق متلازمان لا يفترقان، ثم يتمسك بقول عمر بن الخطاب فيعتقد بخلافة أبي بكر، مع العلم بأن عليا عليه السلام أعلن بطلانها، وهو علم الهدى والكمال، والفاروق، بين الحق والضلال، فلذلك تبعه بنو هاشم وكثير من الصحابة، فأبوا أن يبايعوا لأبي بكر.
[ علا صوت المؤذن لصلاة العشاء فقطعنا الحديث، وبعد الفراغ من صلاة العشاء وبعد تناول الشاي ]..
افتتح الحافظ الكلام قائلا: لقد كررتم الكلام بأن عليا كرم الله وجهه وبني هاشم وكثير من الصحابة رضي الله عنهم، لم يرضوا بخلافة أبي بكر ولم يبايعوه، ونحن نرى التواريخ كلها اتفقت على أن سيدنا عليا وبني هاشم وجميع أصحاب رسول الله (ص) بايعوا أبا بكر.
قلت: نعم بايعوا.. ولكن كيف تمت البيعة؟!
أما قرأتم في كتب التاريخ والحديث أن عليا عليه السلام وبني هاشم وكثيرا من كبار الصحابة، ما بايعوا إلا بعد ستة اشهر بالتهديد والجبر، إذ جردوا السيف على رأس الإمام علي عليه السلام وهددوه بالقتل إن لم يبايع!
الحافظ: إني أعجب من جنابك، كيف تتفوه بهذا الكلام الذي ما هو إلا أساطير جهلة الشيعة والعوام، وقد أكد غير واحد من المؤرخين أن سيدنا عليا كرم الله وجهه بايع أبا بكر في خطبة خطبها من غير جبر وإكراه.
قلت: ولكن الخبر الذي اتفق عليه أعلامكم من أصحاب الصحاح والمؤرخين، وصرح به البخاري في صحيحه 3/37 باب غزوة خيبر، ومسلم بن الحجاج في صحيحه 5/154 باب قول النبي (ص): لا نورث، مسلم بن قتيبة في الإمام ة والسياسة: 14، والمسعودي في مروج الذهب 1/414، وابن أعثم الكوفي في الفتوح، وابو نصر الحميدي في الجمع بين الصحيحين، أخرجوا: أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا إلا بعد ستة أشهر.
وروى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 6/46 عن الصحيحين عن الزهري، عن عائشة...... فهجرته [ أبا بكر ] فاطمة ولم تكلمه في ذلك حتى ماتت، فدفنها عليا ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وفي الخبر: فمكثت فاطمة ستة أشهر ثم توفيت.
فقال رجل للزهري: فلم يبايعه علي ستة اشهر؟!
قال: ولا أحد من بني هاشم، حتى بايعه علي.
وذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، صفحة 13(42)، تحت عنوان " كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه " قال: وإن أبا بكر (رض) تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها!
فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة!
فقال: وإن....
وبعد عدة أسطر يقول: فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم، نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله! ما ذل لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة!
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا(43) عليا فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع.
فقال: إن لم أبايع فمه؟!
قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك!
قال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله.
قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا.
وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟!
فقال: لا أكرهه على شيء ما دامت فاطمة إلى جنبه.
فلحق علي بقبر رسول الله (ص) يصيح ويبكي وينادي (قال ابن أم إن القوم استضعفوني ثم كادوا يقتلونني)(44).
بعدما سمعت هذا الخبر، إعلم بأن كلامك كذب وزور وافتراء علينا ، لأنك تعلم بأن هذا الخبر ليست من أساطير جهلة الشيعة وعوامهم، بل مما نقله كثير من أعلامكم وعلمائكم في كتبهم المعتبرة لديكم.
واعلم أن مسؤوليتكم ـ أنتم العلماء ـ خطيرة تجاه الجهلة والعوام ، لأنهم يأخذون منكم وينقلون عنكم،وقد قيل: إذا فسد العالِم فسد العالَم.
الحافظ: مقصودنا من أساطير الشيعة، هي الأخبار الكاذبة التي وضعوها، مثل هجوم القوم على بيت فاطمة الزهراء، وحرق الباب، وضربها حتى سقط جنينها، وأن عليا أخرجوه من الدار قهرا، وأخذوا منه البيعة جبرا، وأمثال هذه الأخبار المجعولة التي تتناقلها الشيعة في مجالسها بلوعة وحنين وحرقة الواله الحزين.
قلت: إما أن معلوماتكم التاريخية ومطالعاتكم لهذه القضايا ضعيفة، وإما تعرفون وتحرفون!
ثم تبعا لأسلافكم، تتهمون الشيعة المظلومين بوضع الأخبار وجعل الحديث، وأتباعكم الغافلون يصدقونكم فيحسبون الشيعة كذلك، بينما هذه الأخبار التي تنكرها وتقول إنها أساطير الشيعة، كلها مذكورة في كتبكم، ومنقولة من طرقكم ورجالكم.
وسأنقل بعضها، حسب اقتضاء الوقت والمجلس، حتى يعرف الحاضرون المنصفون، صدق كلامي، ويتبين لهم، أنك حائف، وكلامك زائف، ومقالك جائف.

وثائق تاريخية
لقد أشار المحدثون والمؤرخون إلى هذه الحوادث الأليمة في الأخبار، وبعضهم صرحوا وشرحوها بالتفصيل وبعضهم باختصار، بحيث لم يبق لأحد مجال للإنكار، وإليكم بعض الوثائق التاريخية التي تكون عندكم محل الوثوق والاعتبار:
1ـ أحمد بن يحيى البغدادي، المعروف بالبلاذري، وهو من كبار محدثيكم، المتوفي سنة 279، روى في كتابه أنساب الأشراف 1/586، عن سليمان التيمي ، وعن ابن عون: أن أبا بكر أرسل إلى علي عليه السلام، يريد البيعة، فلم يبايع.
فجاء عمر ومعه فتيلة ـ أي شعلة نار ـ فتلقته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يا بن الخطاب! أتراك محرقا علي بابي؟!
قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك!!
2ـ روى ابن خذابه في كتابه " الغدر " عن زيد بن أسلم قال: كنت من حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي واصحابه من البيعة، فقال عمر لفاطمة: اخرجي كل من في البيت أو لأحرقنه ومن فيه!
قال: وكان في البيت علي وفاطمة والحسن والحسين وجماعة من أصحاب النبي (ص).
فقالت فاطمة: أفتحرق علي ولدي!!
فقال عمر: إي والله، أو ليخرجنّ وليبايعنّ!!
3ـ ابن عبد ربه في العقد الفريد 2/ 205 ط المطبعة الأزهرية، سنة 1321هجرية، قال: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر، علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة.
فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر، عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم!
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة، فقال: يا بن الخطاب: أجئت لتحرق دارنا؟!
قال: نعم، أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة!!
4ـ محمد بن جرير الطبري في تاريخه 3/203 وما بعدها، قال: دعا عمر بالحطب والنار وقال: لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنها على من فيها.
فقالوا له: إن فيها فاطمة!
قال: وإن!!
5ـ ابن الحديد في شرح نهج البلاغة 2/56 روى عن أبي بكر الجوهري ، فقال: قال أبو بكر: وقد روي في رواية أخرى أن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة عليها السلام، والمقداد بن الأسود أيضا، وأنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا عليه السلام، فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت، وخرجت فاطمة تبكي وتصيح.. إلى آخره.
وفي صفحة 57: قال أبو بكر: وحدثنا عمر بن شبة بسنده عن الشعبي ، قال: سأل أبو بكر فقال: أين الزبير؟! فقيل عند علي وقد تقلد سيفه.
فقال: قم يا عمر! قم يا خالد بن الوليد! انطلقا حتى تأتياني بهما.
فانطلقا، فدخل عمر، وقام خالد على باب البيت من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟!
فقال: نبايع عليا.
فاخترطه عمر فضرب به حجرا فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه وقال: يا خالد! دونكه فأمسكه.
ثم قال لعلي: قم فبايع لأبي بكر!
فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير فأخرجه، ورأت فاطمة ما صنع بهما، فقامت على باب الحجرة وقالت: يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله!......إلى آخره.
وقال ابن الحديد في صفحة 59 و60: فأما امتناع علي عليه السلام من البيعة حتى أخرج على الوجه الذي أخرج عليه. فقد ذكره المحدثون ورواه أهل السير ، وقد ذكرنا ما قاله الجوهري فيلا هذا الباب، وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين، وقد ذكر غيره من هذا النحو ما لا يحصى كثرة.
6ـ مسلم بن قتيبة بن عمرو الباهلي، المتوفى سنة 276 هجرية، وهو من كبار علمائكم له كتب قيمة منها كتاب " الإمام ة والسياسة " يروي في أوله قضية السقيفة بالتفصيل، ذكر في صفحة 13 قال: إن أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها.
فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة! فقال: وإن!.... إلى آخره.
7ـ أبو الوليد محب الدين بن شحنة الحنفي، المتوفي سنة815 هجرية ، وهو من كبار علمائكم، وكان قاضي حلب، له تاريخ " روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر " ذكر فيه موضوع السقيفة، فقال: جاء عمر إلى بيت علي بن أبي طالب ليحرقه على من فيه.
فلقيته فاطمة، فقال عمر: أدخلوا في ما دخلت الأمة... إلى آخره(45).
هذه نماذج من الأخبار المروية في كتبكم، حتى إن بعض شعرائكم المعاصرين ذكر الموضوع في قصيدة يمدح فيها عمر بن الخطاب، وهو حافظ إبراهيم المصري المعروف بشاعر النيل، قال في قصيدته العمرية:
وقولة لعلي قالها عــمـرأكـرم بسامعها أعظم بملقيهاحرقت دارك لا أبقي عليك بهاإن لم تبايع وبنت المصطفى فيهاما كان غير أبي حفص يفوه بهاأمام فارس عدنان وحـاميها
الحافظ: هذه الأخبار كلها تنبئ بأن عمر بن الخطاب أمر بالحطب وجاء بالنار وهدد بإحراق البيت على من فيه، ليفرق اجتماع المخالفين لبيعة الخليفة ، فأراد أن يرهبهم ويخوفهم.
ولكنكم زدتم أخبارا لا أصل، فقلتم إنهم أحرقوا الباب وعصروا فاطمة وضربوها حتى أسقطوا جنينها المسمى محسنا.
هذه الأخبار، من أكاذيب الشيعة ولا أصل لها أبدا، وما أظن أحدا من المؤرخين ذكرها.
قلت: أسأل الله تعالى أن يهديك إلى الحق ويكشف لك الحقيقة، إنك نسبتنا إلى الكذب، وافتريت علينا جعل الأخبار غير مرة، وفي كل ذلك اتضح للحاضرين زيف كلامك وبطلان رأيك، وفي هذه المرة أيضا، أذكر مصادر هذه الأخبار التي تنكرها، من كتبكم المعتبرة ومصادركم المشتهرة، حتى يعرف الحاضرون صدقنا، وتعترف أنت بأن الحق معنا.

فاجعة سقط الجنين
1ـ ذكر المسعودي صاحب تاريخ " مروج الذهب " المتوفي سنة 346هجرية، وهو مؤرخ مشهور ينقل عنه كل مؤرخ جاء بعده، قال في كتابه " إثبات الوصية " عند شرحه قضايا السقيفة والخلافة: فهجموا عليه [ علي عليه السلام ] وأحرقوا بابه، واستخرجوه كرها وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسنا!!
نعم، إن إسقاط جنين فاطمة عليها السلام وقتل ولدها " محسن " عند هجوم القوم لأخذ البيعة من الإمام علي عليه السلام، أمر ثابت، إلا أن أكثر مؤرخيكم سكتوا عنه ولم ينقلوه، لحبهم للشيخين، وسترا على سوء فعلهما وهتكهما لبيت الرسالة وحريم العترة، ومع ذلك فقد جرت أقلام بعضهم وسجلت ما حدث وجرى، لأن الله سبحانه يريد أن يتم الحجة عليكم وعلى كل المسلمين، ويريد أن يكشف الحقائق للجاهلين والغافلين، فاستمعوا أيها الحاضرون!
2ـ قال الصفدي في كتاب " الوافي بالوفيات 6/76 " في حرف الألف، عند ذكر إبراهيم بن سيار، المعروف بالنظّام، ونقل كلماته وعقائده، يقول: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها!
3ـ ونقل أبو الفتح الشهرستاني في كتابه الملل والنحل 1/57: وقال النظّام(46): إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها. وكان يصيح [عمر]: احرقوا دارها بمن فيها!!
وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين.
انتهى كلام الشهرستاني.
4ـ ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 14/193 ط. دار احياء الكتب العربية، بعدما ينقل خبر هبار بن الأسود وترويعه زينب بنت رسول (ص) حتى أسقطت جنينها، فأباح النبي (ص) دم هبار لذلك قال:
وهذا الخبر أيضا قرأته على النقيب أبي جعفر رحمه الله فقال: إذا كان رسول الله (ص)، أباح دم هبار بن الأسود لأنه روع زينب فألقت ذا بطنها، فظهر الحال أنه لو كان حيا لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها... إلى آخره.
هذه البعض المصادر التي ظفرنا بها في نقل الأخبار التي تنكرونها وتتهمون الشيعة المؤمنين بجعلها!
الحافظ: في نظرنا أن نقل هذه الأخبار لا فائدة فيها سوى التفرقة وتشتت المسلمين.

يلزم الدفاع عن المظلوم وإثبات حقه
قلت:
أولا: قولوا لعلمائكم ومؤرخيكم لماذا ذكروا هذه الأخبار! ثم ردوا على شاعر النيل قصيدته العمرية وعاتبوه عليها وحاكموه على تلك الأبيات التي يتفاخر فيها ويتباهى بتلك الوقائع الأليمة والفجائع العظيمة ويعدها من فضائل القوم!!
ثانيا: وأما نحن فننقلها عنكم لإقامة الحجة عليكم (فلله الحجة البالغة)(47).
ولكي لا ينحرف التاريخ، فنعرف الحق حقا والباطل باطلا، والمظلوم مظلوما والظالم ظالما.
ثالثا: نحن ننقل هذه الأخبار عندما نواجه هجماتكم وحملات بعض المنسوبين إليكم من أصحاب الأقلام التي ما هي إلا أجيرة للأعداء لتبث البغضاء والشحناء بين المسلمين، فتتهم الشيعة الأبرياء والمؤمنين الأوفياء بالكفر والشرك! وتحرك علينا مشاعر العامة وخاصة الجاهلين والغافلين.
ونحن دفاعا عن مذهبنا ومعتقدنا، نبين الوقائع، ونكشف عن الحقائق، حتى يعرف الجميع أن عليا (ع) مع الحق والحق معه، ونحن أتباعه وشيعته، نشهد أن لا إله إلا الله جل جلاله، وأن محمدا رسول الله (ص)، ونقول في علي بن أبي طالب (ع) ما قاله رسول الله (ص) وذلك نقلا من كتبكم المعتبرة ومصادركم المشهورة، فنشهد بأن عليا (ع) عبد الله، ووليه، وأخو رسول الله، ووصيه، وهو خليفته الذي نص عليه بأمر الله تعالى.
أما في جواب قولكم بأن هذه الأخبار لا فائدة فيها سوى التفرقة وتشتت المسلمين.
فأقول: أنتم البادئون والعادون والمهاجمون ونحن مدافعون، فانتهوا وامنعوا أصحابكم عن التعرض وعن الكذب والافتراء علينا، حتى نسكت عن نقل هذه الأخبار.
الحافظ: أنا لا أوافق الذين يرمون الشيعة بالكفر والشرك، ولكني لا أسكت أيضا على بعض الأخبار المروية في كتبكم، والتي تنسبونها إلى رسول الله (ص) وهي تفسح مجال العصيان للعباد، فيعملون بالذنوب اتكالا على تلك الأخبار والأحاديث.
قلت: رجاء! بين تلك الأخبار، فربما نصل معكم إلى حل وتفاهم.

شبهات وردود
الحافظ: ذكر العلامة المجلسي وهو واحد من أكبر علمائكم ومحدثيكم، في كتابه " بحار الأنوار " راويا عن رسول الله (ص) أنه قال: حب علي حسنة لا تضر معها سيئة.
وروى عنه (ص): من بكى على الحسين وجبت له الجنة.
هذه الأخبار ونظائرها كثيرة في كتبكم، وهي تسبب فساد الأمة وانتشار الذنوب والمعاصي.
قلت: لو كان الأمر كذلك للزم أن نرى أهل السنة والجماعة مبرئين من الذنوب، وبعيدين عن الحوب، بينما نرى البلاد التي يسكنها أهل السنة قد انتشرت فيها الذنوب الكبيرة، وشاعت فيها معاصي كثيرة، وكثير منهم يتجاهرون بالفسوق والفجيرة! فهذه عواصمكم مثل بغداد والقاهرة ودمشق وبيروت وعمان والجزيرة وغيرها، تتسابق في تأسيس مراكز المعاصي والفجور، ومحلات القمار، وحانات الخمور.
فهل ترضون أن ننسب هذه المخازي والفسوق إلى مذهبكم وضعف مبادئكم ؟!
هل تقبلون منا لو قلنا: إن السبب في انتشار الفحشاء والفجور، وعدم التحرج في شرب النبيذ والخمور، هو فتاوى علمائكم؟!!
لأن بعضهم أفتى بطهارة الكلب وأحل أكله.
وبعضهم أفتى بطهارة المني والخمر وعرق الجنب من الحرام.
وبعضهم أفتى بجواز اللواط في السفر!
وبعضهم أفتى بنكاح المحارم، الأم ومن دونها، بشرط أن يلف القضيب بالحرير!!
هذه الفتاوى وأمثالها تسبب تجرؤ العوام والجاهلين على ارتكاب المعاصي وعمل الفسق والفجور.
ولذلك فإن علماءنا يحرمون تلك الأعمال القبيحة ولا يجيزونها بأي حال من الأحوال.
الحافظ: هذه المسائل التي ذكرتها، كلها أكاذيب، وللأسطورة أقرب منها إلى الحقيقة، وهي من مفتريات الشيعة!

أبيات شعر للعلامة الزمخشري
قلت: أنت أعرف بحقيقة مقالي والعلماء الحاضرون أيضا يعلمون بصدقي، ولكن يصعب عليكم الإقرار، والخجل يدعوكم إلى الإنكار، وإلا كيف يمكن لعالم ديني ـ مثلكم ـ يجهل هذه المسائل التي ذكرها وأفتى بها بعض علمائكم ثم نقلها عنهم بعض أعلامكم وانتقدوها؟!
وأذكر لك نموذجا من كتبكم ليكون دليلا على كلامنا، راجع تفسير الكشاف 3/301 للعلامة الكبير جار الله الزمخشري، فإنه يقول:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح بهوأكتمــه، كتمانه لي أسلمفإن حنفيا قلت، قالوا بأننيأبيح الطلا وهو الشراب المحرموإن مالكيا قلت، قالوا بأننيأبيح لهم أكل الكلاب وهم هموإن شافعيا قلت، قالوا بأننيأبيح نكاح البنت والبنت تحرموإن حنبليا قلت، قالوا بأننيثقيل حلولي بغيض مجسموإن قلت من أهل الحديث وحزبهيقولون: تيس ليس يدري ويفهمتعجبت مـن هذا الزمان وأهلهفما أحد من ألسن الناس يسلموأخرني دهري وقدم معشراعلى أنهم لا يعلمون وأعلم
فنرى هذا العالم والمفسر يخجل أن ينسب نفسه إلى أحد المذاهب الأربعة! لوجود تلك الآراء الفاسدة والفتاوى الباطلة فيها، ثم إنكم تريدون منا أن نتبع تلك المذاهب ونترك مذهب أهل بيت النبوة والعترة والصفوة الطاهرة!
فلنخرج من هذا الإطار ونتابع موضوع الحوار.
فأقول: أما الخبر الذي ذكرته من " بحار الأنوار " لم تنفرد الشيعة بنقله، فإن علمائكم وأعلامكم نقلوه أيضا ونقلوا أمثاله في كتبهم المعتبرة.

إسناد حديث حب علي حسنة
لقد ذكر هذا الحديث كثير من أعلامكم وأيدوه، منهم:
الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، والخطيب الخوارزمي في آخر الفصل السادس من كتابه " المناقب " والشيخ القندوزي الحنفي في الباب 43 من كتابه " ينابيع المودة " وأيضا في الباب 56 نقله عن الديلمي، قال: حب علي حسنة لا تضر معها سيئة ، حب علي براءة من النار، حب علي يأكل الذنب كما يأكل النار الحطب، حب علي براءة من النفاق.
وفي المناقب السبعين (48) خرجه عن ابن عباس في الحديث رقم 33، قال: قال رسول الله (ص): حب علي بن أبي طالب يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب.
وفي الحديث رقم 59، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله (ص) : حب علي بن أبي طالب حسنة لا تضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة.
رواهما صاحب " الفردوس ".
ورواه المحدث والفقيه الشافعي المير السيد علي الهمداني في كتابه " مودة القربى " في المودة السادسة عن ابن عباس، قال: حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب.
وعنه أيضا: حب علي براءة من النار.
ورواه محب الدين الطبري في " ذخائر العقبي " الحديث رقم 59 من الأحاديث السبعين التي رواها في فضائل أهل البيت (ع).
ورواه محمد بن طلحة في مطالب السؤول.
والعلامة الكنجي والشافعي في كتاب " كفاية الطالب في مناقب مولانا علي بن أبي طالب ".
ثم إن كان عقلكم وعلمكم لا يصل إلى معنى حل الحديث كهذا وأمثاله ، فأنصحكم ألا تطعنوا فيه ولا تردوه، بل يجب أن تسألوا عن حله ومعناه وتفسيره ممن هو أعلم، قال تعالى: (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)(49).
وطالما أن هذا الحديث وأمثاله لا يعارض كتاب الله سبحانه فليس لأحد من المسلمين إنكاره.
الحافظ: كيف لا يعارض كتاب الله وهو سبب تجرؤ الناس على المعاصي!
قلت: لا تعجل حتى أبين لك كيف لا يعارض الكتاب الكريم، فإن الله تعالى يقسم الذنوب في القرآن إلى قسمين، صغائر وكبائر.
وهو يعبر في بعض الآيات عن الصغائر بالسيئة، في حين يعبر عن الكبائر بالذنوب، كما في سورة النساء، الآية 31، قال تعالى:
(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما).
فالآية تصرح بأن عبدا لو اجتنب الكبائر وارتكب الصغائر، فإن الله عز وجل يعفو عنه، ويدخله الجنة، والحديث الذي تنكروه لا يصرح بأكثر من هذا.
فإن حب علي (ع) حسنة عظيمة عند الله سبحانه بحيث لا تضر معها السيئات، يعني الصغائر.
الحافظ: إن هذا التفسير والتقسيم لا يكون على أساس علمي (50).
لأن الله تعالى يقول: (إن الله يغفر الذنوب جميعا)(51) فالعبد العاصي إذا تاب واستغفر الله سبحانه فإنه يغفر كل ذنوبه سواء أكانت من الكبائر أم الصغائر.
قلت: أظنك ما دققت النظر في الآية الكريمة التي تلوتها عليك، وإلا ما كنت تورد إشكالا على كلامي، لأن الذي قسم المعاصي إلى كبائر وصغائر وفرق بينهما هو الله تعالى، لا أنا.
ثم اعلم بأننا نعتقد ـ مثلكم ـ بأن الله تعالى يغفر الذنوب جميعا، فكل عبد عاص إذا تاب وندم وعمل بشرائط التوبة، فإن الله سبحانه يغفر ذنوبه ويعفو عنه، ولكن إذا لم يتب فيعاقبه الله تعالى بعد الموت في عالم البرزخ، فإذا لاقى عقاب ذنوبه قبل يوم الحساب، يساق إلى الجنة في يوم المعاد، وإلا فيقضى عليه فيلقى في جهنم ليرى جزاء عمله هناك.
والعبد المؤمن إذا ارتكب الصغائر ومات من غير توبة فإنه كان يحب الإمام عليا (ع) يغفر الله تعالى له ويعفو عنه ويدخله الجنة، قال سبحانه: (وندخلكم مدخلا كريما)(52).
فلا أدري لماذا تعتقد بأن هذا الحديث الشريف " حب علي حسنة لا تضر معها سيئة " يسبب تجرؤ الشيعة على المعاصي!!.
هل الحديث يأمر بارتكاب الذنوب؟! لا..
فأثر هذا الحديث في المسلمين كأثر آيات القرآن الحكيم التي تعد العباد المذنبين بقبول التوبة وغفران ذنوبهم.
فكما إن آيات التوبة والمغفرة تبعث الرجاء برحمة الله تعالى في قلوب العباد وتزيل اليأس عن نفوس العصاة، كذلك هذا الحديث الشريف وأمثاله، فإنه يوقف المحب عند السيئات ويصده عن الكبائر الموبقات، لأن إطاعة الحبيب من لوازم الحب.
قال الإمام الصادق، وهو إمامنا جعفر بن محمد (ع): إن المحب لمن يحب مطيع، فالشيعي يعرف هذا فلذلك لا يرتكب الذنوب والمعاصي اتكالا على حبه للإمام علي (ع) بل يجتهد في الطاعة إمامه ومتابعته، لإثبات صدقه في الحب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
نعم، هناك بعض المحبين الذين يحسبون أنفسهم من الشيعة يرتكبون بعض الذنوب مثل كثير من أهل السنة والجماعة فلا يكون عملهم السيئ بسبب حبهم أو بسبب حديث النبي (ص) فإن الإنسان بطبعه يكون مطيعا لهواه ومجيبا لنفسه الأمارة كما قال سبحانه وتعالى حكاية عن يوسف الصديق: ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) (53).
وأما الشيعي هو الذي يعزم على أن يخطو ويسير في الطريق الذي سار فيه الأئمة الهداة من أهل البيت (ع) ويلتزم بنهجهم ويعمل برأيهم.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليالي بيشاور, الرافضه, الرد على الروافض, ابو بكر, اسلام, اهل السنه و الجماعه, muslim shia sunna, عمر, عبدة القبور


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 05:27 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية