العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.32 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-06-2011 الساعة : 05:23 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد







الإستحسان

المتبادر بدْواً من معنى الإستحسان هو اعمال الذوق ومقتضيات الطبع في مقام التعرُّف على الحكم الشرعي، فمتى ما وجد المجتهد انَّ هذا الفعل ملائماً لما يقتضيه الطبع فهذا يكشف عن ان حكم هذا الفعل الواقعي هو الإباحة، وبخلافه مالو كان الفعل مستبشعاً تمجُّه الطباع وتشمئز له النفوس ويتنافى مع الذوق فهذا يعبِّر عن انَّ حكمه الواقعي هو الحرمة لو كانت مرتبة الإشمئزاز والإستقذار شديدة جداً، أما لو كانت مرتبة الاستقذار والإستبشاع بمستوىً أدنى من الحالة السابقة فإنَّ هذا يكشف عن ان حكم هذا الفعل عند الله تعالى هو الكراهة.

وهذا المعنى للإستحسان يمكن ان يُستفاد من كلام الشافعي - والذي لا يرى حجية الإستحسان - حيث قال في مقام الرد على دعوى حجية الإستحسان: (أفرأيت اذا قال المفتي في النازلة ليس فيها نص خبر ولا قياس وقال استحسن، فلابدَّ ان يزعم انّ جائزاً لغيره، ان يستحسن خلافه فيقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن، فيقال في الشيء الواحد بضروب من الحكم والفتيا، فإن كان هذا جائزاً عندهم فقد أهلموا أنفسهم فحكموا حيث شاءوا وان كان ضيقاً فلا يجوز ان يدخلوا فيه).

فإنَّ هذا النص كما تلاحظون صريح في انَّ الشافعي يفهم من الإستحسان المعنى الذي ذكرناه، وذلك لأنَّ ملاحظته في مرتبة متأخرة عن فقدان النص يُعبِّر عن انَّ الاستحسان ليس بمعنى تقديم أقوى النصين ظهوراً أو سنداً - كما ذكر البعض - وملاحظته مترتباً على القياس يُعبِّر عن ان الإستحسان ليس بمعنى العدول عن قياس إلى قياس أقوى - كما ذكر البعض - كما يُعبِّر عن انَّ الإستحسان لا يدخل تحت أيِّ وجه من وجوه القياس المذكورة، ومن هنا يتمحض معنى الإستحسان - بحسب فهم الشافعي - في مجموعة من المحتملات.

منها انَّ مراد الشافعي من الإستحسان هو المصالح المرسلة، وهذا الاحتمال غير مراد جزماً، وذلك لانَّ المصالح المرسلة تخضع لضوابط عقليَّة أو عقلائية أو شرعية كما سيتضح ذلك في الحديث عن المصالح المرسلة، فلو كان مراده ذلك لكان إشكاله - وهو انَّه يلزم من القول بحجية الإستحسان (ان يقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن) - غير وارد، إذ انَّ الضوابط العقلية والعقلائية وكذلك الشرعية مطردة والإختلاف انما هو في موارد تطبيقها وهذا حاصل حتى في الكتاب والسنة وكذلك القياس، وهذا ما يُعبِّر عن انَّ الشافعي لا يقصد بالإستحسان المصالح المرسلة.

وبما ذكرناه يتضح عدم إرادته للحسن والقبح العقليين أو العقلائيين، وكذلك يتَّضح عدم إرادته من الإستحسان ما يعبَّر عنه بحجية العرف.

وبسقوط تمام المحتملات يتعيَّن كون المراد من معنى الإستحسان هو ما ذكرناه، إذ هو الذي يرد عليه إشكال الشافعي، فالذوق وما يلائم الطبع وكذلك الإشمئزاز والإستقذار والإستبشاع كلها حالات نفسانية تخضع لعوامل تربوية أو اجتماعية أو ثقافية، وهي تختلف من بلد لآخر ومن بيئة لاخرى، بل قد يتفاوت المجتمع الواحد في ذلك فتجد انَّ طبقة معينة أو شريحة خاصة تنفر من بعض الأطعمة وتستقذرها والحال انَّ نفس هذه الأطعمة تستهوي طبقة اخرى من المجتمع أولاْ أقل لا تكون مستقذرة عندهم، كما نلاحظ ان بعض المجتمعات تمارس بعض الأعمال وترى انها ملائمة للذوق والتحضُّر، ونجد مجتمعات اخرى تستبشع هذه الأعمال وترى انها من التخلُّف والتسافل إلى مستوى الحيوان، وما ذلك إلاّ لاختلاف التربية والثقافة.

ثم انَّ المجتمع الواحد قد يمرُّ بأطوار وظروف تتغيَّر معها طبائعه ومذاقاته.

وبهذا اتضح انَّ ما يفهمه الشافعي من معنى الاستحسان هو ماذكرناه.

ويمكن تأكيد هذا الفهم ببعض التعريفات المذكورة للإستحسان فقد نقل صاحب محاضرات في اسباب اختلاف الفقهاء عن المبسوط - كما ذكر ذلك السيد الحكيم - انَّ الاستحسان (هو الأخذ بالسماحة وانتفاء مافيه الراحة).

وكذلك نقل عن ابن قدامة انَّ الاستحسان (دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه).

والتعريف الاول يُعبِّر عن الحكم بمناط الإستحسان لابدَّ وان يكون متناسباً مع السماحة والسهولة، فلو كان فعل من الأفعال متناسباً مع انس النفس ومتناغماً مع مذاقها وموجباً لراحتها واستجمامها فهذا يقتضي الحكم بإباحته بل وباستحبابه، لأنَّه هو مقتضى الأخذ بالسماحة وانتفاء مافيه الراحة، فلو حكمنا بحرمته لأخذنا بما فيه التعب وأوردنا المكلَّف موارد النصب وهو ما ينافي مآرب النفس في الطرب.

وأما التعريف الثاني فنتساءل ماهو الدليل الذي ينقدح في نفس المجتهد ويتعذَّر عليه التعبير عنه، فحتماً ليس هو من قبيل النصوص الشرعية ولا هو من قبيل البراهين العقلية ولا هو قياس من الأقيسة وإلاّ لأجاد التعبير عنه، ولو كان من قبيل المصالح المرسلة أو سدِّ الذرايع أو ما إلى ذلك فما هو الموجب لانتفاء القدرة على التعبير عنه، نعم لو كان الذوق هو الدليل فإنَّ من الصعب التعبير عنه إلاّ ان يكون المجتهد شاعراً.

المعنى الثاني للإستحسان: هو (ما يستحسنه المجتهد بعقله)، وهذا التعريف منقول عن ابن قدامة، وهو يحتمل معان ثلاثة:
الإحتمال الاول: انَّ مراده من الإستحسان العقلي هو خصوص مدركات العقل القطعية الأعم من مدركات العقل العملي - كإدراك العقل لحسن العدل وقبح الظلم - ومدركات العقل النظري كإدراكه للملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته أو انَّ مراده مختص بالاول.

الإحتمال الثاني: انّ مراده من الإستحسان العقلي هو مطلق ما يستحسنه العقل الأعم من العقل النظري والعملي والقطعي والظني.

والظاهر من التعريف انَّ المتعين هو الإحتمال الثاني، وذلك لعدم وجود ما يُوجب اختصاصه بالاول، ومن هنا يكون الإستحسان شاملا للقياس والاستقراء وسدِّ الذرايع، لانها جميعاً من صغريات ما يستحسنه العقل الاعم من القطعي والظني، وعليه فليس الإستحسان - بناء على هذا المعنى - دليلا مستقلا في مقابل الدليل العقلي، وذلك حتى بناء على الاحتمال الاول، وهذا ما يُعبِّر عن وجود خلل في التعريف.

المعنى الثالث: انَّ الإستحسان هو (العدول بحكم مسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة).

وهذا التعريف نقله ابن قدامة أيضاً.

واحتمالات المراد من هذا التعريف ثلاثة:
الاول: انَّ الإستحسان يعني تقديم الدليل المخصص من الكتاب والسنة على عمومات الكتاب واطلاقاته وكذلك عمومات السنة واطلاقاتها.

مثلا قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) ([1])، فالاية الكريمة تدلُّ باطلاقها على حلِّية أكل طعام البحر، فلو ورد دليل من السنة مفاده (حرمة أكل ما لا فلس له) فإنَّ هذا الدليل يكون مقدماً بالإستحسان أي بقاعدة حمل المطلق على المقيد والعام على الخاص.

الثاني: انَّ المراد من الإستحسان هو تقديم الآيات والروايات - في مقام التعرُّف على الحكم الشرعي - على سائر الأدلة الاُخرى سواء كان من قبيل الإجماع أو العقل أو القياس أو ما إلى ذلك فكل ما سوى الكتاب والسنة يكون في مرحلة متأخرة عنهما في مقام المرجعية، أي لا يُلجأ إلى غير الكتاب والسنة في موارد اشتمالهما أو أحدهما على حكم المسألة المبحوث عنها.

الثالث: انَّ الاستحسان يعني الخروج عمَّا يقتضيه القياس بسبب وجود دليل خاص من الكتاب والسنة، بمعنى انَّه في فرض التعارض بين ما يدلُّ عليه الكتاب والسنة وبين ما يقتضيه القياس فإنَّ الإستحسان يقتضي تقديم ما يدلُّ عليه الكتاب والسنة.

والظاهر إرادة هذا المعنى من التعريف بقرينة قوله (العدول بحكم مسألة عن نظائرها)، فإنَّ هذا التعبير يناسب القياس والذي يعني إسراء حكم من مسألة إلى نظائرها من المسائل، فلو كانت احدى هذه المسائل مما قام الدليل الخاص من الكتاب والسنة على انَّ حكمها مناف لحكم نظائرها من المسائل فإنَّ مقتضى الإستحسان هو تقديم الدليل الخاص من الكتاب والسنة.


[1]- سورة المائدة: 96.









يتبع





من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:40 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية