بدأ أستاذ التاريخ بالدرس وكان عن الفتنة الكبرى كما تسمّى، تكلّم الأستاذ عن حرب صفّين، عن بداياتها، أسبابها، طولها، شراستها، عدد القتلى فيها، وتكلّم عن بشائر النصر التي كانت بدأت تلوح لجيش عليّ بن أبي طالب (كرّم الله وجهه)، وتحوّل القتال إلى خيام معاوية بن أبي سفيان، والمأزق الذي وقع فيه جيش الشام. رفع الأستاذ رأسه وابتسامات التهكّم تملأ فمه المليء بالأسنان الصفراء قائلا: "لكن قام الدّاهية عمرو بن العاص بحيلة رفع المصاحف حتّى يكفّ عنهم جيش عليّ ويبثّوا البلبلة في صفوف جيش العراق. وفعلاً ذاك ما حدث حيث انقلب حال المعركة رأساً على عقب وافترقت الأمة أحزابا...".
نزل هذا الكلام عليّ نزول الصّاعقة!! عمرو بن العاص صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يحتال ويخادع ويغدر ويمكر! عمرو بن العاص الذي يروى فيه شيوخنا مدح الرسول فيه.
ذكرتني في شخص كان بيحاول يشرح لي الفرق بين السنة و الشيعة ... فذكر أنّ الخلاف انما حصل عند الخلاف بين الإمام علي عليه السلام و معاوية ... فذكر قصة التحكيم ... و دور أبو موسى الأشعري ... و دهاء ابن العاص ... و طبعا اعتبرها منقبة و فضيلة لابن العاص حيث اعتبر مكره و خبثه و كيده بالمؤمنين ذكاءاً !!! و اعتبر غباء الأشعري طيبة !!!