[محمد علي 92]

[ شهيد يتحدث عن نفسه بعد استشهاده ]

( حـديـث بَـعـد الـغِـيـاب )

إستيقَـظـتُ ، ولَـمْ يَـكُـن ثَـمَّـةَ ألَـم ! لَـمْ يَـكُـن هـنـاكَ صـوتُ رَصـاص ، ولا صـراخ ، ولا حَـتَّـى وَجَـعٌ فـي صـدري الـذي اخـتَـرقَـتـه الـرصاصة قَـبْـلَ قَـلِـيـل !

فَـتَحتُ عَـينَـيَّ ، فَـرأيتُ نـوراً ، لَـيسَ كَـشمسِ الأرض ! نـوراً دافـئـاً يَـحـتَـويـنـي .
سَمـعـتُ صـوتـاً فـي داخـلـي ، وكـأنَّ روحي تـتحدث ، لا فَـمي :
" قـد انـتـهـت رِحلـتُـكَ ! ولَـكِـن حِكـايَـتكَ بَـدأت الآن ! "

تَـقَـدَّمـتُ خُـطُـواتٍ خـفـيفـة ، أقـدامـي لا تَـطـأ الأرض ! وكَـأنَّـنـي أمشي عـلـى الـهـواء ! تَـحـتَ قَـدَمَـيَّ كـانَـتِ الـحـقـول الـخضـراء تَـمـتَـدُّ بـلا نـهـايـة !

رأيـتُ مِـن بَـعـيدٍ أمّـي تـبـكي فـوق قـبـري ، وأبـي يَـنـظـر بَـعـيداً ، يَحـبِـسُ دمـوعَـهُ كَـعـادتِـه .
أردتُ أن أصرخ :
" لا تَـبكـوا ! أنـا لَـمْ أمُـت ! لـقـد عَـبَـرتُ فـقـط إلـى دارٍ أوسـع ، إلـى سـلامٍ لا تـفـهمـونـه بَـعـد ! "

رأيـتُ رفـاقـي الـذين سَـبَـقـونـي . بَـعـضُهُـم يَـبـتَسِم لـي ، وبَـعـضُهُـم يَـمُـدُّ يَـدَه مُـرَحِّـبـاً ، وجوهُـهُـم تَـشـعُّ نـوراً . كـانـوا يَـرتَـدونَ ما يُـشبِـهُ الأثـواب الـبـيضاء ، ولَـكِـنَّـها لَـمْ تَـكُـن قِـمـاشـاً !
كَـانَـت كـأنَّـها نُسِجَت مِن ضوء !

تَـحَـدَّثـتُ ، وسَمِـعـونـي :
" هـل انـتهـى كُـلُّ شيء ؟ "
فـقـال أحَـدَهُـم :
" لا ! الآن تـبـدأ حـيـاة لَـمْ تَـعـرِفـهـا بَـعـد !
دَعـوَتـكَ ، دمـوعُ أمّـك ، صبرُ أبـيك ، كُـلُّـهَـا لَـمْ تَـذهَـبْ سُدىً . سَـيُكـتَبُ إسمُـكَ بَـيْـنَ الذِينَ صَدَقـوا ، فَـصَدقَـهُـمُ الله."

إلـتَـفَـتُّ أخـيراً نَـحـوَ الأرض ، وهَـمَـسْتُ :
" إحـكـوا عَـنّي ! لا كَـمَـيّتٍ تَـحـتَ الـتراب ، بَـل كَـروحٍ حَـلَّـقَـت إلـى وَعـدِهـا . قـولـوا : كـان يؤمِـنُ بـأنَّ الـدَّمَ لا يَـضـيع ، وأنَّ لِـكُـلِّ قَـطـرةٍ حِسَـابٌ عِـنـدَ مَـن لا يَـنسى ."

ثـمَّ ذَهَـبـتُ ، وأنـا أبـتَسِم ....


المصدر
الذكاء الاصطناعي