العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,499
بمعدل : 0.41 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي السيد السيستاني: تغيب الصورة.. ليحضر العهد
قديم بتاريخ : يوم أمس الساعة : 10:14 PM




حين كتب الإمام علي عليه السلام عهده التاريخي إلى مالك الأشتر، حاكم مصر، كان يُرسي أسس قيادة لا تستند إلى مظاهر ولا إلى صورة زائفة للهيبة، بل تقوم على جوهر العدالة، والرحمة، والاتصال الصادق. وفي ضوء فلسفة العهد وأخلاقياته، يتضح أن رفع الصور والإطراء العلني المُفرط ليس فقط مخالفة لأخلاقيات القيادة، بل هو بوابة لانحراف البوصلة، وتزييف العلاقة بين الناس وقادة الدين والمجتمع والدولة. إن السيد السيستاني، برفضه لهذا السلوك، إنما يجسّد هذه القيم العلوية في الواقع؛ فهو لا يطلب هيبة تُبنى على الأضواء، بل على المبادئ والمواقف والخدمة الصامتة.

إن السيد السيستاني يشكل نموذجًا حيًا للقيادة القيمية التي بشّر بها الإمام علي ونظّر لها في كتابه "العهد"، لا بالمبادئ والخطاب فقط بل بالممارسة والقدوة والنموذج الحيّ، وهذا أوضح ما يكون في المبادئ الثلاثة الآتية:

- الإخلاص الخفي: فالسيد يرفض أن تتحول صورته إلى رمز سياسي أو وسيلة دعائية، تمامًا كما رفض الإمام علي عليه السلام أن تكون إمامته وسيلة لامتياز أو تفوّق.

- الزهد في السلطة والظهور: فكما لم يكن الإمام عليّ يطلب من الناس أن يروه في كل زاوية، لم يرغب السيستاني أن تُفرض صورته على مسير الزائرين في الطريق إلى الحسين، وكأنها عبء على نواياهم الطاهرة.

- الهيبة من الصدق، لا من الصورة: فقد كتب الإمام في عهده: «وَلْيَكُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ وَأَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ وَأَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ». وهو المبدأ الذي التزم به السيد السيستاني عندما جعل رضى الناس من خلال خدمتهم، لا من خلال حضور صورته.



وبعيدًا عن الإطار الديني، نستطيع أن نؤصّل أيضاً لهذا المسلك الصادق في الاتصال من خلال مبادئ الإدارة الحديثة. فقد أشار المفكر الإداري البارز إدوارد ديمينغ (وهو مؤسس علم الجودة وأبرز أعلامه) إلى أن من مبادئ الجودة الحقيقية الامتناع عن رفع الشعارات والصور في مواقع العمل، لأنّها لا تُنتج قيمة، بل تصنع وهمًا بالالتزام. الشعار لا يحل محل الأداء، والصورة لا تضمن الجودة، بل قد تشتّت الانتباه عن العمليات والإجراءات الحقيقية التي تصنع الجودة في الواقع.

إن مبدأ "منع الشعارات" هو أحد المبادئ الأربعة عشر للجودة عند ديمينغ، وهنا يشترك نهج السيد السيستاني مع فكر الجودة عند ديمينغ؛ فكلاهما يُقصي الرمزية الزائفة لصالح المعنى الحقيقي. في منهج السيستاني، كما في منهج الجودة، لا يُبنى الولاء بالإعلانات والشعارات، بل بالنتائج الملموسة على أرض الواقع.

إن هذا الموقف من السيد (دام ظله) هو درسٌ تربويٌ أصيل ، يريد أن يُعَلّم الجميع أن الهيبة لا تحتاج إلى صورة، وأن القيادة الحقيقية تُمارَس في الظل لا من على المنصات. كما أن طريق الحسين عليه السلام لا يُزَيَّن بالصور، بل يُطهَّر بالنية والإخلاص، خاصة في زمن تحوّلت فيه الوجوه إلى علامات تجارية، والصور إلى بدائل عن الحقيقة. في هذا الزمن يأتي هذا البيان ليذكّر بالأصل، ويرسّخ الثقافة الجادّة: ثقافة الظلّ العالي، حيث يكون القائد خادمًا، والصورة مجرّد وهم يُعطّل التبصر بالجوهر.
الشيخ حسين محمد الكعبي


من مواضيع : صدى المهدي 0 السيد السيستاني: تغيب الصورة.. ليحضر العهد
0 المبادئ التربوية في مشاية الأربعين وانعاكسها على الأسرة
0 مشاية” الأربعين يواصلون الطريق نحو كربلاء
0 مستند زيارة الأربعين
0 الزيارة بالإنابة : زيارة يوم الأربعين
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:08 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية