131 - فائز (الموقع الألكتروني الخاص): لماذا بهذا الوقت، أو بهذه المدة السابقة قررت أن تنشر للعامة علامات الظهور المقدس؟ دائما احضر للملتقى الاسبوعي المبارك وأجد عندك أشياء لا تقوم بالتحدّث عنها!!....نحن بحاجة الى تعبئة ونحن مستعدون إن شاء الله تعالى، لكننا بحاجة الى من يأخذ بيدنا.
الجواب: ما ألجأنا لطرح هذه المواضيع الشريفة هي أربعة عوامل أساسية
أولاً: أن الموضوع المهدوي كان قبل ذلك يدور بين 4 اتجاهات بشكل عام.
أولها: المنحرفون والأدعياء والمرتزقون باسم الإمام صلوات الله عليه، وهؤلاء في الغالب وجدوا رعاية إسرائيلية وبريطانية مباشرة، ولم يك صعبا عليها أن تجد تمويلاً من دول أعرابية لها أجندة مضادة للتشيع العقائدي والسياسي.
وثانيها: انتشار الحشويون الذين لا يهمهم من أين أخذوا الأخبار والروايات، دونما تفريق بين صالحها وطالحها وصحيحها وسقيمها وغثها وسمينها، مما فسح المجال لبعد كبير في الشارع المتلقي عن روايات أئمة الهدى صلوات الله عليهم ومتطلباتها.
وثالثها أن غالبية من تصدى لتفسير الروايات الخاصة بالموضوع المهدوي بما فيهم من ادعى التخصص في القضية المهدوية، شرّق وغرّب بها وفق معايير في الغالب لا تمت إلى البعد العلمي والموضوعي، بل هي ترتهن في غالب الأوقات إلى الذوق الشخصي أكثر من أي شيء آخر، ولم يرجعها إلى نفس الروايات أو يعمل بمنطق الروايات لتفسيرها، كل ذلك ووعي الأمة لم يك بالقادر على التمييز والتفريق والفصل بين ما يُقبل منها وما لا يقبل، بل إن هذا الوعي كان في الأعم الأغلب ساذجاً او عرضة لتصورات ساذجة، ولهذا كان من الواجب التصدي من قبل العلماء لايقاف هذا التداعي الذي في الكثير أوصل ساحتنا إلى مفارق كارثية واطمع فينا الكذبة والمرتزقة والأدعياء، وما صورة قاضي السماء، أو دجال البصرة الذي يلقب نفسه بأحمد بن الحسن، او المجاميع التي تدعي السلوكية، وعشرات غيرها إلا نماذج من هذه المفارق.
رابعها: يعود إلى ما يمكن أن يطلق عليهم بالتيار التجريدي الذي كان يتحدث عن القضية المهدوية بشكل تجريدي وتنظيري لا علاقة له بالواقع، ودون بذل أي جهد يذكر لتحويل القضية إلى مفردة هم يومي للمؤمن والأمة المنتظرة وإلى قضية سلوكية تتفاعل مع الواقع وتؤثر به، ولربما كان هذا الاتجاه شريكاً في إبعاد الامة عن التعامل مع قضية الانتظار بشكل جدي، ومسهماً إلى حد كبير في غلق بوابات الأمل لديها بحجة أن هذه القضية قد لا تحصل بعد مئات السنين أو آلافها، بالرغم من أنه يمثل القطاع الأكبر من النخبة الحوزوية والمثقفة، ولا أدّعي أن هذا التيار لا يمتلك المبررات التاريخية التي تدفع به إلى هذا المنحى السلوكي السلبي، فلقد مر التشيع بتجارب مريرة مع الأدعياء، ولكن وجود التجربة التاريخية السلبية لا يمنع من معاودة التجربة من أجل الحصول على نفس الهدف الذي توخاه أئمة الهدى صلوات الله عليهم يوم أن طرحوا أفكارهم ورؤاهم في خصوص الحراك الاجتماعي للقضية المهدوية.
ثانياً: كل مجتمع يراد له النهضة لا بد من أن تتوفر مادة تعبوية له تمكنه من التحرك والتعلق بإمكانية التغيير نحو الأفضل، ومجتمعنا الإمامي في الغالب ونتيجة للتجارب العملية خصوصاً في العراق بدأ يفقد هذه المادة بالتدريج، وظروف الاحباط السياسي والغزو الثقافي واللامسؤولية الثقافية كلها اسهمت بشكل كبير في تفكيك عرى المواد التعبوية التي من شأنها أن تشحذ همّة المجتمع وتدفع به إلى الأمام، ورغم التقدم الكبير الذي حصل في موضوعة الشعار الحسيني وما رفد هذا الشعار المقدس به الأمة من قدرات تعبوية هائلة، ولكن الشعار الحسيني لم يوضع إلا من أجل أن يعمل في خدمة المشروع المهدوي، ومن دون توجيه الأمة تجاه المشروع المهدوي يبقى هذا الشعار بعيداً عن الهدف الذي رسم له، ومنذ البداية طرح أئمة الهدى صلوات الله عليهم القضية المهدوية لتكون هي المفردة الرئيسية لتعبئة الأمة، ولأسباب متعددة منها التخلف العقائدي لم يتم مراعاة ذلك، وقد أظهرت الأداءات السياسية والتربوية من المشاريع التغييرية خلال الفترة المنصرمة، المزيد من اغفال ذلك، وراحت تلهث وراء المكسب السياسي الآني، أكثر من المكسب الاستراتيجي الذي من شأنه أن يوجد الأمة المنتظرة ويجعلها قادرة على الإيفاء بإلتزاماتها.
ثالثاً: رؤيتي الجادة لتقارب العلامات مع الخارطة الزمانية والمكانية للظهور الشريف في أيامنا هذه، وهي خارطة تمت متابعتها بشكل دقيق وحثيث منذ عام 1992 نتيجة لأمر خاص بي، وبموجبها جمدت عملي السياسي وتفرغت لها طوال مدة مديدة من الزمن، وكنت قد وضعت الشام تبعاً لرواياتنا الشريفة كأول محطة في هذه الخارطة، ولذلك من الطبيعي أن تستفز قدرتي حينما أرى ما يجري في الشام وهو يجري بنفس الطريقة التي وصفت من قبل أئمة الهدى صلوات الله عليهم، ومياً من بعد آخر أجد أن سحائب الظروف السياسية والاجتماعية التي تتلبد في سماء المنطقة تقربنا بشكل كبير جداً مما أشارت إليه الروايات الشريفة، ولأننا لو صحت هذه الرؤية سنكون في معرض استحقاقات هائلة والأمة ستجابه بأمر جسيم، لذلك لا بد من البدء بعملية توعوية تعبوية مبكرة لها بشكل يمكن معه نهوضنا للتعامل مع هذه الاستحقاقات دون ان نحصر أنفسنا في مضائق الأزمات وفي أعناق زجاجاتها، وبالنظر لما جرى على شيعة أهل البيت عليهم السلام في الفتنة الطائفية التي مرت والتي وللأسف الشديد لم يسمع فيه صوتنا المنبّه والصارخ يومذاك بأن الفتنة قادمة ويجب الاستعداد لها، فإن من الطبيعي أن نعود لعملية التنبيه لما هو أخطر وأجسم في تصوري مما مر، فإن كان تحليلي دقيقاً نكون قد أهّلنا أمتنا للتصدي وبالنتيجة لن تفاجئ بما سيأتي عليها وستتصدى له وتهزمه، وإن كان تحليلنا غير دقيق، فما الضير في أن ندفع بالأمة للتعلق الجاد والعملي بإمامها المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
رابعاً: لا شك أن نجاح فكرة التفرغ السياسي النسبي الذي عملت من أجله بشكل جاد منذ عام 2007ـ2008، وفاتحت به المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني مد ظله العالي يومذاك، ثم موفقيتي بالتملص من أعباء مجلس النواب في عام 2010 حينما انتخبت لنفسي دائرة لا وجود فيها لأي ناخب لي وأعني بذلك المحافظة الكردية والمسيحية (دهوك)،[1] والإبتعاد المقنن من الدخول في الشأن السياسي التفصيلي، من أجل التفرغ للشأن العقائدي للأمة، لأن كل العناصر التي كانت معنية بالوضع الثقافي والعقائدي للأمة ـ وأنا منهم ـ باتت مشغولة بتداعيات المشهد السياسي من بعد سقوط النظام، وشعبنا كما هو معروف قبل ذلك كان أسيراً لأعتى موجة من التضليل الفكري والثقافي والعقائدي، ثم عانى الأمرّين من بعد السقوط الصدامي نتيجة لخضوعه لواحدة من أقسى حملات الغزو الثقافي التغريبي الذي تميّز بالكثير من البهرجة والتزويق، مما استدعى مني ومن امثالي النهوض لتحمل مسؤولية الاهتمام بالجانب العقائدي، وقد كنت شخّصت بشكل مبكر بأن هذا الجانب هو الأسرع في اسقاط كل ما يراد بنا، والحمد لله على االتوفيق الذي حصل في هذا المجال.
132 - حسن الحسني (الموقع الخاص): ما رأيكم بما يدعيه الدجال البصري الملقب أحمد بن الحسن بأن حديث الوصية ورد في عشرات الكتب المعتبرة؟
الجواب: لا يخدعنكم الدجال البصري احمد بن الحسن ليحدثكم عن أن ما يسمى بحديث الوصية الوارد في غيبة الطوسي ص150ـ151 ح111 قد ورد في عشرات الكتب المعتبرة ، إذ يلاحظ أولاً أن كل الكتب التي يذكرها هذا الدجال بعنوانها من الكتب المعتبرة قد نقلت الخبر من الشيخ الطوسي تحديداً مما يعني انه لم يرد ذكر لهذا الحديث إلا في كتاب واحد، وليس كما يدعي بالعشرات.
ثم يلاحظ ثانياً: أن خبر الشيخ الطوسي هذا هو ضعيف السند جداً لوجود أكثر من مجهول وعامي في داخل السند مما يجعله عديم الإعتبار لدى كافة العلماء المدققين والمعتبرين.
على أن أعجب العجب أن يصدق المغرر بهم من حمقى العقول وبسيطها، وسذج الناس ومغفليها أن يكون المراد بالخبر دجال البصرة هذا!!! فأين الإمام عجل الله فرجه؟ لكي يرسل ابنه؟ ومن قال بأن هذا هو ابنه؟ وما هو الدليل على ذلك؟ بل من قال بأن الإمام صلوات الله عليه قد تزوج أيضاً مع العلم إن الحديث عن زواج الإمام صلوات الله عليه في زمن الغيبة أمر مبهم وغير متسالم عند العلماء، بل الدليل قائم على خلافه لوضوح أن الزواج سيؤدي غلى كشف آثار الإمام عجل الله فرجه ومن ثم كشف هويته وهو أمر يخالف المتسالم عليه في هذا المجال
133 - مالك (الموقع الخاص): كيف يستطيع الامام سلام الله عليه أن يغيّر الفكر المادي السائد في هذا الزمان ويجعله ممنهجاً على الشريعة السماوية، فكلما أفكر في حال كل هذه الخليقة على سطح هذا الكوكب، أجد أن الأمر ليس مجرد نصرة الإمام في معركة تستمر لعدة أشهر كما تفضلتم، فهل سيعتمد على الأجيال اللاحقة في توطيد الفكر الاسلامي، أم أنه يستطيع أن يغيّر هذا الجيل بشكل تدريجي؟.
الجواب: لا شك أن حركة الإمام صلوات الله عليه سيكون لها أبلغ التأثير على المجتمع العالمي، ولكن ليس على طريقة الاعجاز وإنما سيسير في عملية التغيير الاجتماعي ضمن المسار الموضوعي لهذه الحركة، وسيوفق في ذلك لبسط الصورة العامة عن العدل، ولكن لا يعني ذلك أن العدالة والهدى الفكري سيتغلغل إلى كل تفصيل في المجتمع، وسيتكفل بقية الإئمة الهداة المهديين صلوات الله عليهم إبان رجعتهم إلى الدنيا ـ وأولهم رجوعاً كما تفيد الروايات الشريفة المعتبرة هو الإمام الحسين عليه السلام ـ بإتمام الدور المهدوي، والسعي نحو تحويل المجتمع من العدالة العامة إلى العدالة الخاصة، من أجل إيجاد المجتمع العابد والمتمحّض بالعبودية لله، وهي مرحلة متأخرة في هذا الدور، ولا يعني ذلك ان المجتمع برمّته سيتحول إلى عبّاد، بل إن الصفة العامة التي ستهيمن عليه هذه الصفة دون أن يعني ذلك أن جميع أفراده سيكونون بهذه الشاكلة.
ومن أجل تقريب ذلك نشير إلى: أن طبيعة آليات شبكات الاتصال الجمعي المعاصرة من أنترنيت وفضائيات وصحافة وكافة الوسائل الإعلامية، ناهيك عن الفن بصوره المختلفة من مسرح وأفلام ومسلسلات وما إلى ذلك قد أعطى إمكانات هائلة للحركات التغييرية في أن تؤثر بشكل أسرع من ذي قبل، وكلما كانت عملية التغيير تنمّ عن تصوّر عقائدي متكامل للوجود الكوني، ومقترنة بمشاريع تعبوية تستطيع أن تنستنهض المجتمع، وتمتلك المؤسسة التي من شأنها أن تحوّل الأفكار التغييرية إلى برامج تتكرس في أرض الواقع، وتقاد من قبل قيادة قادرة على الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة، وتلتزم بالشعارات التي تطلقها وتعمل من أجلها بإخلاص، كلما وجدنا نجاحاً أكبر من عمل هذه الحركات، خصوصاً إذا ما اقترنت دعواتها الفكرية مع عدالة في الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولك أن تقارن بين نموذجين حضاريين الأول ما يرتبط بالحضارة الغربية وما امتلكته من إمكاناته هائلة في كافة المجالات، إلا أن هذه الإمكانات وإن كانت مؤثرة للغاية في البداية في غزو المجتمعات ثقافياً وتأمين سيطرة كبرى على هذه المجتمعات، إلا أن افتقارها للعدالة الاجتماعية ووجود النماذج القيادية السيئة وفشل مشاريعها التعبوية وملل الناس من النظم السياسية التي أوجدتها، جعل تلك الإمكانات تفقد قدراتها بالتدريج، ومن ثم ليتحول الكثير منها إلى عامل سلبي في المشروع الغربي، وأدنى اطلالة على الواقع الاجتماعي الغربي نفسه في موقفه في الرفض المتنامي للتلفزيون على سبيل المثال أو في حركته المضادة للعولمة أو في تذمره المستمر من الظلم الاقتصادي للرأسمالية، وتحول الحديث عن الحرية التي كانت تمثل لب المشروع التعبوي الغربي إلى دعوات مضادة أو مناهضة لها، ناهيك عن انهيار النظام الاجتماعبي نفسه وهو الأمر الذي تكشف عنه أرقام الجريمة الاجتماعية الهائلة وما لحق به من تفكك المجتمع من خلال تفكك الأسرة أولاً ونماذجها تنامي الزواج المثلي وارتفاع نسب الطلاق وانحسار نسب الزواج ناهيك عن حالات هجر الأفراد لأسرهم بدواعي مختلفة إن كل ذلك يحكي عن أفول مستقبلي لمنظومة هذه الحضارة، ويمكن افتراض مسار دراماتيكي سريع جداً لو بدأت عملية انهيار الأنظمة عسكرياً او اقتصادياً، وهو ما يعبّر عن آفاقه المشروع المهدوي والذي سيجعل في أولوياته المبكرة السيطرة على موارد الطاقة ناهيك عن تأثيره الذي سيتنامي بالتدريج على المستوى الجيوبولوتيكي.
إن هذه الصورة الواقعية ـ والتي بإمكان المرء أن يمتلك آلاف الأدلة عليها ـ عن إنهيار النظام الغربي سيهيئ للنظام البديل بشكل كبير لأن أي فراغ حضاري سيسمح للبديل الحضاري المناهض ان يقوم مقامه، وعلى عكس افتراض كتاب الحضارات كفوكاياما أو هتنغتون، فإن النظام الغربي يعيش مرحلة جادة في المسيرة الانحدارية له، مما يسمح لنا بالقول بأن المشروع المهدوي وهو الذي نقدمه كنموذج ثاني هو الوحيد الذي بإمكانه أن ينجح، ومعه ستنجح فرصه التغييرية إلى حد كبير، فالمشروع قائم على دعامة وجود المجتمع الناصر الذي سيحضن المشروع، ووجود المؤسسة التي ستنهض بتحويل الأفكار إلى وقائع، والمؤسسة هنا هي دولة الإمام صلوات الله عليه، ووجد القائد الذي سيحرص على ملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد أن ملأتها حضارة الغرب ظلماً وجوراً، وبطبيعة المشروع التعبوي المهدوي والذي سيحمل لواء العدالة، وهو لن يحمله كشعار بل سيحمله مزوداً بنماذج فريدة من العدالة التي سيطبقها في مجتمعاته الحاضنة أولاً، سيكون اقبال الناس على هذا المشروع ينطوي على إمكانيات كبيرة، ووسط النجاحات العسكرية وانهيار القدرات الإعلامية المضادة وافتضاحها مع وجود قدرات اعلامية مناصرة وذات مصداقية، فإن الفكر المادي الذي نراه يسيطر على المجتمعات سينهار بشكل مروّع، وسيطاح به بشكل يقيني، ولعل اخواننا من أبناء خمسينات وستينات القرن الماضي شهوداً على أنهم ما كانوا يحلمون بمجيئ اليوم الذي يجدون فيه كل هذا العدد من الرافضين للحضارة الغربية بعد أن كانت هذه الحضارة هي عنوان التقدمية وما خلاها هو عنوان الرجعية.
وعليه فإن حركة الإمام صلوات الله عليه التغييرية ستنتهج عملية التغيير الموضوعي ولكن بإمكانات كبيرة لم تتح لأي رسالة تغييرية من قبل، وهي لهذا ستكون حركة تدريجية، ومهمتها في البداية السيطرة على الظاهر الاجتماعي، ثم العمل على تعميق التغيير في المحتوى الداخلي للمجتمع، وقطعاً لن يتح المجال بشكل كامل للإمام صلوات الله عليه، ولهذا كانت مسألة رجعة أئمة الهدى صلوات الله عليهم ممن لم يقم بالدور المهدوي في إحلال العدل واسقاط الظلم في زمانه لكي يمارس هذا الدور في زمن الرجعة، ولهذا كان حديث الأئمة صلوات الله عليه عن وجود مهديين من بعد الإمام المهدي صلوات الله عليه، وقد حاول الدجالون تصوير الأمر بأن لدينا أئمة غير الاثني عشر صلوات الله عليهم، وهذا مبني على انحراف عقائدي وعقول مريضة، والصحيح هو أن أئمة الهدى صلوات الله عليهم هم المعنيون بذلك ولكن بعد رجعتهم بأبي وأمي.
134 - عمار ضياء نور ـ ماليزيا (الموقع الخاص):سمعت في إحدى المرات في عام 2005 من سماحة السيد سامي البدري أن بيننا وبين ظهور الإمام المهدي هو سقوط الدولة العلوية في سوريا، وأن جميع العلامات الرئيسية تحققت، وهل تعتقدون بأن سوريا سوف تسقط؟ وسمعت أن الشيعة في الحكم في العراق هم باقون في الحكم، فما رأي سماحتكم حول وجه نظر السيد؟ ويعتقد السيد أن اهل العراق هم أكثر نصرة للمهدي من أهل إيران عكس مايعتقد الشيخ الكوراني.
الجواب: ما يبدو من سياق الأحداث المشار إليها في الروايات أن سقوط الدولة العلوية لا وجود له، بل إن بقاءها متسالم عليه من خلال الحديث عن استمرار صراع الأبقع والأصهب إلى ما بعد خروج السفياني، ومن خلال الدلائل المتعددة في الروايات الشريفة بخصوص مصير شيعة أهل البيت في سوريا وفي لبنان بعد خروج السفياني فإن الأحاديث تشير إلى أن الله سيؤمنهم منه، وليس إلى بليتهم به، بل إن حديث الكور الخمسة وصراعها مع السفياني يشير إلى أن المعركة ستكون مع غير شيعة أهل البيت صلوات الله عليهم في عهد السفياني .
ومع جلّ احترامنا إلى سماحة السيد البدري حفظه الله تعالى، ولكن في تصوري إن الحديث عن تحقق العلامات الرئيسية مبكر الآن، نعم إرهاصات تحققها تبدو لي واضحة للغاية، ولا مجال للتحدث عن تحقق العلامات الرئيسية قبل تفجير الشام.
أما الحديث عن بقاء شيعة العراق في الحكم صورة عامة، فيبدو لي أن ذلك صحيح، ولا توجد إشارة إلى حكم غيرهم، اللهم إلّا ما يُشار في رواية عوف السلمي التي تشعر بأن كياناً سنياً سيتشكل في تكريت له نمط من أنماط الإستقلالية عن بغداد يقوده رجل من أهل الجزيرة الموصلية، والسلميين في تلك المناطق هم الجبور.
أما حديث نصرة أهل العراق للإمام صلوات الله عليه فهي من المفروغ عنها، وقياساً للفارق بين أعداد السكان بين العراق وإيران، فإن الكثرة الكاثرة من أهل العراق هي التي ستكون مناصرة، وهم من بعد ذلك سيكونون الحاضنة المركزية لدولة الإمام صلوات الله عليه، ولا وجود للنصرة الميدانية قبل ظهور الإمام صلوات الله عليه في غير هذين البلدين الكريمين، لأن العراق سيناصر اليماني الموعود والذي نؤكد على عراقيته وعراقية جيشه، وإيران بقيادة الخراساني هي الأخرى ستكون مناصرة بوجه هجوم ابن آكلة الأكباد على بغداد، وبقية البلدان ستنتظر حتى خروج الإمام صلوات الله عليه، وأول من سيبدي هذه النصرة من بعد أصحاب الإمام روحي فداه الخاصين هم شيعة الحجاز[1] على ما يبدو، والذين سيتقدم منهم فور نهوض الإمام صلوات الله عليه 10 آلاف مقاتل وفق ما تشير إليه الروايات، وعلى أي حال من أين أتت النصرة ففيها الخير والبركة، ولا نؤمن بالاعتبارات القومية أو الوطنية في مجالات النصرة، فكل الفخر في مجال النصرة لبقية الله الأعظم هو لشيعة أهل البيت عليهم السلام، من أي بلد أو شعب كانوا زادهم الله شرفاً وخذل أعداءهم ورد كيدهم إلى نحورهم.
ومع كامل تقديرنا لجهود سماحة الشيخ الكوراني حفظه الله تعالى وأيّده إلا أن من الواضح أن لدينا آراء تختلف عن آرائه في غالبية تحليلاته في مجالات القضية المهدوية.
وبمعزل عن الاختلاف والاتفاق فإن جهود العلماء الأفاضل هي كالأريج في داخل روضة، كل يعطي شذاه وعطره.
135 - عابس العراقي (الموقع الخاص): بخصوص هذه الرواية عن عمار ابن ياسر رضي الله عنه قال: إذا رايتم الشام اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان فالحقوا بمكة. الفتن للمروزي /144، نرجو جوابكم بخصوص هذه الرواية، علماً إن مكة الآن بيد أعداء آل البيت، وفي وقت خروج السفياني هل نستطيع وقتها الذهاب الى مكة، وترفع القيود عن اتباع ال البيت ...أو أن مكة غير المقصودة؟
الجواب: لا شك أن مكة في هذا الخبر هي عين مكة الحالية، وليس المراد في مثل هذه الأخبار تحديد مكان حصري، بل إن أصل الخبر يتحدث عن أن مكة ستنجو من شر السفياني ولن يصل إليها، وذكر مكة المكرمة هنا ذكر بالنسبة لمن يتمكن من الوصول إليها، ولا يريد أن يُشارك في جيوش النصرة التي ستقاتل السفياني كجيش اليماني وجيش الخراساني، أما بالنسبة لمن يريد أن يدرك هذه الجيوش فإن محلها بعيد عن مكة والعراق يكون هو المتعيّن، والخبر في مفاده حديث عن أن الأبواب لن تكون موصدة أمام من يريد التملص من السفياني، وهو من جملة الأخبار التي تسوق الإنسان لعدم تهويل شأن السفياني عليه لعائن الله.
وكقاعدة عامة فإن ذكر بعض المناطق في الروايات والأخبار كما هو الحال في هذا الخبر، لا يتعلق بأمر حصري، بل يتعلق بطبيعة الإمكان المتاح، فالحديث الوارد عنهم صلوات الله عليهم في شأن الإقبال إليهم إن ما خرج ابن آكلة الأكباد وأمثاله، إنما يتحدث عن المكان الذي يمكن للإنسان أن يصل إليه ويلبي هذه الدعوة، ولكنه لم يحدد هذا المكان، فمن كان بإمكانه أن يدرك اليماني في العراق فليفعل، أو يدرك الخراساني في إيران فليفعل، أو يدرك المدينة في أول خروج السفياني فليفعل، وهكذا الشأن بمكة المكرمة، وأنت ترى أن أمرهم صلوات الله عليهم بالإقبال عليهم في حال خروج السفياني متقدم تاريخياً على ظهور الإمام صلوات الله عليه فضلاً عن خروجه، ولذلك فلا جهة محددة في الخبر تقصد وجودهم المباشر روحي فداهم، وإنما هي الجهات التي تواليهم وتكون حاضرة لإبداء المناصرة أو تريد أن تبقى سالمة لتنتظر خروج الإمام صلوات الله عليه لتقاتل معه، كما هو حال من لا يدرك اليماني أو الخراساني أو لم يتأكد أنهما هما المعنيان بالروايات الشريفة التي ذكرتهما أو لا يريد أن يكون سبّاقاً للنصرة مكتفياً بالانتظار لحين خروج الإمام روحي وأرواح العالمين له الفدا.
أما بالنسبة لمكة فإنها ستبقى عادية لأهل البيت عليهم السلام لفترة حتى بعد خروج الإمام صلوات الله عليه، بل ورد في بعض الروايات أن أهلها سيقتلون وكيل الإمام بأبي وأمي بعد انصرافه منها إلى العراق، فيعيّن لهم وكيلاً ثانياً فيعودون لقتله، مما يجعله يعود إليهم ليفتك بالأعراب ويمزقهم شر ممزق، وفي مثل هذه الأخبار لا يراد بمكة عينها، وإنما ما تمثله من نظام سياسي.
136 - أبو هادي العاملي ـ لبنان (الفيسبوك): قال تعالى: (هوَ الذي أرسلَ رسولـَه بالهـُدى ودين الحقِ ليظهرَهُ على الدين ِ كله ِ ولو كرهَ المشركون) فهل الآية تدلّ على المخلّص المنقذ، وما رأيكم بما يُشكل بأن الآية الكريمة تقول: إن الدين لم يظهر في الارض كلّها، منذ أن خلق الله الارض، وبالتالي لا بد من أن يأتي هذا اليوم ويتحقق هذا الوعد، ولكن ماذا نقول في ظهور الدين بعد النبي نوح عليه السلام حيث خرج من السفينة، ولم يكن على الأرض من الكافرين أحد، فهل يعد هذا ظهورا؟!
الجواب: من الواضح أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله أطلق مشروع تطهير الأرض من الشرك والكفر، بعد الركام الكبير الذي علاه نتيجة لسلوك الأمم المختلفة مع أنبيائها، ولكن هناك فرق بين اطلاق المشروع وبين تجسيده وتحويله إلى واقع اجتماعي وسياسي، ولأن الإرادة الربانية قائمة على أساس أن لا يكون إجبار في عملية هداية الناس، ولهذا فمن البديهي أن نتساءل عن كيفية وفاء الله بوعده، وعن طبيعة الآلية الناظمة لما أطلق في هذه الآية الشريفة.
وبداهة فإن هذا الوفاء يجب أولاً أن نفككه عن حالة الإجبار الإرادي لتحقيق لك، ونربطه بسنة الله التي لا تغيّر ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم، عندئذ من الطبيعي أن نكون في قبالة الحاجة لعدة أجيال يمكن من خلالها أن نرى تبلور هذا الوعد الرباني وبالتالي نتطلع للوفاء له، ومن الخلل بمكان أن يقال أن الآية الشريفة قد تحققت في عهد رسول الله صلوات الله عليه وآله، وبكلمة أخرى فإن هذا الوعد الرباني والفيض الإلهي بعنوانه علة فاعلة، يتطلب وجود العلة القابلة أو بتعبير أبسط نقول: بأن هذا الوعد يتطلب وجود الحاضن له، والحاضن لا يتوقف على شخص الرسول صلوات الله عليه وآله، بل هو دوماً بحاجة إلى خمسة متطلبات أساسية وموضوعية والتي تدخل ضمن السنن الإلهية التي لن تجد لها تبديلاً ولا تحويلاً:
أولها: المشروع في أبعاده العقائدية والفكرية.
وثانيها: المنظومة السلوكية والتشريعية التي تعطي القاعدة الاجتماعية المؤمنة بهذا المشروع الضوابط التي من شأنها أن تجعل انتظامهم وسلوكهم يصب في رافد المشروع لا في ثناياه أو في خارج مصبه، شريطة أن تنسجم هذه المنظومة مع البنية العقائدية التي قام باطلاقها المشروع.
وثالثها: قدرة المشروع على اطلاق عملية تعبوية قادرة على التجدد، وفيها الكثير مما تحتاجه المنظومة السلوكية من عوامل الاستنهاض لمواجهة عوامل الإعاقة أو التغرير التي في العادة تواجه الأمم فتحرفها عن المشروع أو تردعها عنه، مما يحولّ القاعدة الاجتماعية إلى حاضنة اجتماعية تتحمل مسؤوليتها كاملة في إيجاد المشروع والعمل من أجل تكريسه في الواقع الاجتماعي.
ورابعها: القائد المؤتمن على مصالح هذا المشروع، والذي يسهر على إبقاء المسيرة ضمن إطار الهدف وعدم انحراف الأمة.
وخامسها: المؤسسة التنفيذية التي من شأنها أن تهيئ الإمكانات المادية والبشرية وتوجد الآليات الناظمة لتحقيق المشروع.
ولو أردنا تطبيق ذلك على المشروع الرسولي في التعامل مع هذه الآية الكريمة، سنجد أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله قد أطلق المشروع عبر طرح المشروع في بنيته العقائدية العامة، وفي منظومته السلوكية والتشريعية ضمن خطوطها العامة، ولو لم يك ذلك لما وجدنا حديث الآية الكريمة عن إتمام الدين وإكمال النعمة له معنى، ولكن المشكلة كمنت في النقاط الثلاثة الأخرى، وهي التي ترتبط بقوله تعالى: (بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) فالآية لكونها نزلت في أواخر أيام الرسالة، فمن الطبيعي ان نقول بأنها نزلت بعد اطلاق المشروع في منظومته الفكرة والعقائدية وكذلك في منظومته التشريعية والسلوكية، وقد كانت كل الإجراءات التي اتخذت من بعد نزول هذه الآية من أجل معالجة النقاط الثلاثة الأخرى وأعني القائد والمشروع التعبوي والمؤسسة الناظمة لتنفيذ المشروع وتكريسه على وجه الأرض، ولهذا فمن يراجع خطبة الوداع أو خطبة الغدير أو حديث رزية الخميس يجد أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله حينما طرح حديث الثقلين في خطبة الوداع طرحه ضمن بعد (ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً) وهو المعادل الموضوعي لوجود الحاضنة الاجتماعية التي تحمل مسؤوليتها التاريخية بشكل كامل لتحقيق هذا الوعد الرباني، فهذه الحاضنة لن تضل أبداً بمعنى أنها تبقى في إطار الهدف وتتقدم من أجل تحقيقه، وهو نفس الأمر تكرر في رزية الخميس والذي طرحه الرسول الأكرم بأبي وأمي بطريقة: (آتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً)، وما بينهما كان حديث الغدير الذي يتحدث عن مسألة القيادة بقوله الذي طرحه عبر التساؤل التاريخي الكبير: من أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقال الناس: الله ونبيه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وما من مجال لسخف التفكير لحرف الولاية هنا عن كونها المشروع الرباني الذي نهض به الرسول صلوات الله عليه وآله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، إلى كونها مجرد شعور عاطفي أو وجداني المطلوب منه إبداء الود أو المحبة لمن سيشخصه الرسول صلوات الله عليه وآله من بعد ذلك لهذا الموضع.
مما يؤكد لنا أن إجراءات الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله في أيامه الأخيرة كانت منصبّة على هذه الإجراءات التي وسمتها الآية الكريمة (بلغ ما أنزل إليك) وبأنها إن لم تتم فكأن جهده التبليغي ما كان له أثر، ولو حللناها لوجدنا في حديث خطبة الوداع تشخيص للمؤسسة القيادية وتشخيص للأمة الحاضنة، وهو نفس الأمر نجده في حديث الرزية، أما في حديث الغدير فسنجد تشخيص القائد، وحفظ المؤسسة الناظمة (الحكم) بيد الولاية الرسولية، واطلاق المشروع التعبوي في صورة الولاء والبراءة: (اللهم والي من والاه، وعادي من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله).
ولئن حاولت السقيفة المشؤومة وأد المشروع إلا أن وعد الله نافذ وأمره قائم، ومسيرة النقش على حجر القلوب الصدأة سيستمر إلى اليوم الذي تكتمل فيه مقتضيات التحقيق للوعد الرباني بصورته الأولى والتي طرحها الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله في إرهاصتها الأولى بما رواه العامة قبل الخاصة ومنها ما رواه بسند صحيح عندهم ابن ماجة القزويني: لا يزال طائفة من أمتي على الحق منصورين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل،[1] وفي خاتمة مسير هذه الأمة جعل مشروع الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف الذي وعد بأنه سيخرج الناس من الظلم والجور ويعمم عليهم القسط والعدل، وبصورته التامة والنهائية والتي طرحتها الآية الكريمة من أجل تجسيد مشروع إظهار الدين على البشرية جمعاء، مما اقتضى رجوع الأئمة صلوات الله عليهم ممن لم يقم بالدور المهدوي ـ وهو إقامة القسط والعدل في وسط الناس ـ لتحقيق هذا الدور من بعد الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، ولذلك كان حديثهم صلوات الله عليهم عن مجيئ إثني عشر مهدياً من بعد الإمام المهدي صلوات الله عليهم، وأولهم كما هو مقتضى الروايات الشريفة الإمام الحسين عليه السلام، وليس كما تصوره بعض المنحرفين والأدعياء بأن هناك إثنى عشر مهدياً غير الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم.
أما ما تم الإشكال عليه في قضية دين الناس بعد الطوفان، فإنه في الواقع ليس الظهور الذي تتحدث عنه الآية الكريمة، وإلا لما وجدنا الإنحراف هو الذي يسارع إلى دين نفس هؤلاء، فدين ما بعد الطوفان كان ديناً لما يكتمل بعد من جهة، ولم يك مهيئاً لتحقيق ما رمت إليه الآية الكريمة، ولم يكن العالم مهيئاً بعد لبروز التعقيدات الاجتماعية والسياسية المختلفة والتي بموجبها يكون طرح الحجة البالغة التي تعالج كل التعقيدات البشرية ولا تبقي لمحتج حجة.
137 - أبو سيف ـ مصر (الموقع الخاص): 1: بخصوص ما قرأت في كتاب للشيخ جلال الدين السيوطي مفاده ان السفياني يستبيح مصر لمدة 4 اشهر عقابا علي ارسال جيش الابقع المصري لمحاربته ويسبي النساء ويسومها سوء العذاب فهل ثبت عند سماحتكم ذلك؟
2-ماهو حال مصر قبل واثناء الظهور بدءا من يومنا هذا؟
الجواب: ترد مصر في روايات العامة بشكل مكثف بالصورة التي نقلتموها عن السيوطي وغيره، والسيوطي وغيره إنما مصدرهم الأساسي في ذلك هو ما جاء في كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي، ولا اجد في رواياتنا المعتمدة دوراً لمصر قبل الظهور الشريف، وما يجري التحدث عنه بشأن الرايات الصفراء التي ستجتاح مصر وما إلى ذلك إنما هو حديث عن التاريخ الماضي والمؤكد أن رايات الإسماعيليين وغيرهم كانت صفراء، ولا علاقة للأبقع الوارد ذكره في احداث الشام بمصر، ولو صح الحديث فإنه قد يشير إلى حدث آخر لا علاقة له بأحداث الشام المشار إليها في الروايات الممهدة للسفياني عليه لعائن الله، نعم يرد ذكر نجباء مصر أو نجباء كنانة فيمن سينصر الإمام صلوات الله عليه من بعد ظهوره الشريف،
كما ورد ذكر ليماني ومصري قبل السفياني، وتوهم البعض بأن اليماني المقصود هنا هو اليماني الموعود مما جعلهم يتحدثون عن مصري موعود، والحال أن اليماني الموعود يخرج بخروج السفياني وليس قبله كما دلت عليه الروايات المعتمدة، ولو صدق اعتماد أحداث الشام الحالية بعنوانها الممهدة لظهور السفياني فأغلب الظن ان المراد باليماني هو ابن لادن، والمصري بالظواهري، فطبيعة ما أحدثاه في الأمة وما أسساه من ظلم وضلال كبيرين فيها لا تفوته الروايات الشريفة، والله أعلم.
136 - أبو هادي العاملي ـ لبنان (الفيسبوك): قال تعالى: (هوَ الذي أرسلَ رسولـَه بالهـُدى ودين الحقِ ليظهرَهُ على الدين ِ كله ِ ولو كرهَ المشركون) فهل الآية تدلّ على المخلّص المنقذ، وما رأيكم بما يُشكل بأن الآية الكريمة تقول: إن الدين لم يظهر في الارض كلّها، منذ أن خلق الله الارض، وبالتالي لا بد من أن يأتي هذا اليوم ويتحقق هذا الوعد، ولكن ماذا نقول في ظهور الدين بعد النبي نوح عليه السلام حيث خرج من السفينة، ولم يكن على الأرض من الكافرين أحد، فهل يعد هذا ظهورا؟!
الجواب: من الواضح أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله أطلق مشروع تطهير الأرض من الشرك والكفر، بعد الركام الكبير الذي علاه نتيجة لسلوك الأمم المختلفة مع أنبيائها، ولكن هناك فرق بين اطلاق المشروع وبين تجسيده وتحويله إلى واقع اجتماعي وسياسي، ولأن الإرادة الربانية قائمة على أساس أن لا يكون إجبار في عملية هداية الناس، ولهذا فمن البديهي أن نتساءل عن كيفية وفاء الله بوعده، وعن طبيعة الآلية الناظمة لما أطلق في هذه الآية الشريفة.
وبداهة فإن هذا الوفاء يجب أولاً أن نفككه عن حالة الإجبار الإرادي لتحقيق لك، ونربطه بسنة الله التي لا تغيّر ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم، عندئذ من الطبيعي أن نكون في قبالة الحاجة لعدة أجيال يمكن من خلالها أن نرى تبلور هذا الوعد الرباني وبالتالي نتطلع للوفاء له، ومن الخلل بمكان أن يقال أن الآية الشريفة قد تحققت في عهد رسول الله صلوات الله عليه وآله، وبكلمة أخرى فإن هذا الوعد الرباني والفيض الإلهي بعنوانه علة فاعلة، يتطلب وجود العلة القابلة أو بتعبير أبسط نقول: بأن هذا الوعد يتطلب وجود الحاضن له، والحاضن لا يتوقف على شخص الرسول صلوات الله عليه وآله، بل هو دوماً بحاجة إلى خمسة متطلبات أساسية وموضوعية والتي تدخل ضمن السنن الإلهية التي لن تجد لها تبديلاً ولا تحويلاً:
أولها: المشروع في أبعاده العقائدية والفكرية.
وثانيها: المنظومة السلوكية والتشريعية التي تعطي القاعدة الاجتماعية المؤمنة بهذا المشروع الضوابط التي من شأنها أن تجعل انتظامهم وسلوكهم يصب في رافد المشروع لا في ثناياه أو في خارج مصبه، شريطة أن تنسجم هذه المنظومة مع البنية العقائدية التي قام باطلاقها المشروع.
وثالثها: قدرة المشروع على اطلاق عملية تعبوية قادرة على التجدد، وفيها الكثير مما تحتاجه المنظومة السلوكية من عوامل الاستنهاض لمواجهة عوامل الإعاقة أو التغرير التي في العادة تواجه الأمم فتحرفها عن المشروع أو تردعها عنه، مما يحولّ القاعدة الاجتماعية إلى حاضنة اجتماعية تتحمل مسؤوليتها كاملة في إيجاد المشروع والعمل من أجل تكريسه في الواقع الاجتماعي.
ورابعها: القائد المؤتمن على مصالح هذا المشروع، والذي يسهر على إبقاء المسيرة ضمن إطار الهدف وعدم انحراف الأمة.
وخامسها: المؤسسة التنفيذية التي من شأنها أن تهيئ الإمكانات المادية والبشرية وتوجد الآليات الناظمة لتحقيق المشروع.
ولو أردنا تطبيق ذلك على المشروع الرسولي في التعامل مع هذه الآية الكريمة، سنجد أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله قد أطلق المشروع عبر طرح المشروع في بنيته العقائدية العامة، وفي منظومته السلوكية والتشريعية ضمن خطوطها العامة، ولو لم يك ذلك لما وجدنا حديث الآية الكريمة عن إتمام الدين وإكمال النعمة له معنى، ولكن المشكلة كمنت في النقاط الثلاثة الأخرى، وهي التي ترتبط بقوله تعالى: (بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) فالآية لكونها نزلت في أواخر أيام الرسالة، فمن الطبيعي ان نقول بأنها نزلت بعد اطلاق المشروع في منظومته الفكرة والعقائدية وكذلك في منظومته التشريعية والسلوكية، وقد كانت كل الإجراءات التي اتخذت من بعد نزول هذه الآية من أجل معالجة النقاط الثلاثة الأخرى وأعني القائد والمشروع التعبوي والمؤسسة الناظمة لتنفيذ المشروع وتكريسه على وجه الأرض، ولهذا فمن يراجع خطبة الوداع أو خطبة الغدير أو حديث رزية الخميس يجد أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله حينما طرح حديث الثقلين في خطبة الوداع طرحه ضمن بعد (ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً) وهو المعادل الموضوعي لوجود الحاضنة الاجتماعية التي تحمل مسؤوليتها التاريخية بشكل كامل لتحقيق هذا الوعد الرباني، فهذه الحاضنة لن تضل أبداً بمعنى أنها تبقى في إطار الهدف وتتقدم من أجل تحقيقه، وهو نفس الأمر تكرر في رزية الخميس والذي طرحه الرسول الأكرم بأبي وأمي بطريقة: (آتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً)، وما بينهما كان حديث الغدير الذي يتحدث عن مسألة القيادة بقوله الذي طرحه عبر التساؤل التاريخي الكبير: من أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقال الناس: الله ونبيه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وما من مجال لسخف التفكير لحرف الولاية هنا عن كونها المشروع الرباني الذي نهض به الرسول صلوات الله عليه وآله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، إلى كونها مجرد شعور عاطفي أو وجداني المطلوب منه إبداء الود أو المحبة لمن سيشخصه الرسول صلوات الله عليه وآله من بعد ذلك لهذا الموضع.
مما يؤكد لنا أن إجراءات الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله في أيامه الأخيرة كانت منصبّة على هذه الإجراءات التي وسمتها الآية الكريمة (بلغ ما أنزل إليك) وبأنها إن لم تتم فكأن جهده التبليغي ما كان له أثر، ولو حللناها لوجدنا في حديث خطبة الوداع تشخيص للمؤسسة القيادية وتشخيص للأمة الحاضنة، وهو نفس الأمر نجده في حديث الرزية، أما في حديث الغدير فسنجد تشخيص القائد، وحفظ المؤسسة الناظمة (الحكم) بيد الولاية الرسولية، واطلاق المشروع التعبوي في صورة الولاء والبراءة: (اللهم والي من والاه، وعادي من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله).
ولئن حاولت السقيفة المشؤومة وأد المشروع إلا أن وعد الله نافذ وأمره قائم، ومسيرة النقش على حجر القلوب الصدأة سيستمر إلى اليوم الذي تكتمل فيه مقتضيات التحقيق للوعد الرباني بصورته الأولى والتي طرحها الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله في إرهاصتها الأولى بما رواه العامة قبل الخاصة ومنها ما رواه بسند صحيح عندهم ابن ماجة القزويني: لا يزال طائفة من أمتي على الحق منصورين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل،[1] وفي خاتمة مسير هذه الأمة جعل مشروع الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف الذي وعد بأنه سيخرج الناس من الظلم والجور ويعمم عليهم القسط والعدل، وبصورته التامة والنهائية والتي طرحتها الآية الكريمة من أجل تجسيد مشروع إظهار الدين على البشرية جمعاء، مما اقتضى رجوع الأئمة صلوات الله عليهم ممن لم يقم بالدور المهدوي ـ وهو إقامة القسط والعدل في وسط الناس ـ لتحقيق هذا الدور من بعد الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، ولذلك كان حديثهم صلوات الله عليهم عن مجيئ إثني عشر مهدياً من بعد الإمام المهدي صلوات الله عليهم، وأولهم كما هو مقتضى الروايات الشريفة الإمام الحسين عليه السلام، وليس كما تصوره بعض المنحرفين والأدعياء بأن هناك إثنى عشر مهدياً غير الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم.
أما ما تم الإشكال عليه في قضية دين الناس بعد الطوفان، فإنه في الواقع ليس الظهور الذي تتحدث عنه الآية الكريمة، وإلا لما وجدنا الإنحراف هو الذي يسارع إلى دين نفس هؤلاء، فدين ما بعد الطوفان كان ديناً لما يكتمل بعد من جهة، ولم يك مهيئاً لتحقيق ما رمت إليه الآية الكريمة، ولم يكن العالم مهيئاً بعد لبروز التعقيدات الاجتماعية والسياسية المختلفة والتي بموجبها يكون طرح الحجة البالغة التي تعالج كل التعقيدات البشرية ولا تبقي لمحتج حجة.
138 - سمير ـ الكويت (الموقع الخاص): ذكر الشيخ الطوسي في الغيبة أن اليماني يخرج قبل السفياني، وذكرتم في كتابكم علامات الظهور، وفي العديد من محاضراتكم أن اليماني يتزامن خروجه مع السفياني مع احتمال أن الخروج المقصود قد لا يكون في أول خروج السفياني بل ربما يكون لإي أحد محطات خروجه، فكيف يمكن التوفيق بين كل ذلك؟
الجواب: اعتقد أنه قد حصل لديكم لبس شائع، فالشيخ الطوسي رضوان الله عليه ذكر رواية محمد بن مسلم عليه سحائب رحمة الله قال: يخرج قبل السفياني مصري ويماني[1] في نفس الموضع الذي ذكر فيه تزامن خروج السفياني والخراساني واليماني في وقت واحد،[2] ومن الواضح جداً ان هناك فرق بين الحديث الأول والحديث الثاني، فالأول يتحدث عن يماني دونما تعريف بينما الثاني يتحدث عن اليماني، والأول يتحدث عن فترة ما قبل السفياني، والثاني يتحدث عن مرحلة متزامنة مع السفياني مما يعني أننا أمام شخصيتين مختلفتين، فاليماني الموعود والموصوف بأهدى الرايات يخرج بالتزامن مع خروج السفياني عليه لعائن الله، ولكن ما أشير إليه في حديث محمد بن مسلم إنما يشير إلى يماني آخر، وقد توهم الكثيرون بأننا أمام يماني واحد، وهو اشتباه محض، وقد ذكرنا في بعض الأجوبة بأن أحداث الشام المعاصرة لو صدق أنها هي الأحداث التي تمهّد لظهور ابن آكلة الأكباد، فمن غير المستبعد أن يكون المقصود بحديث الرواية عن المصري واليماني هنا هو التكفيريين أبو أيمن الظواهري وأسامة بن لادن.
أما اليماني الموعود فمن المسلم أن خروجه يتزامن مع خروج السفياني، لوضوح ما جاء في رواية الإمام الصادق عليه السلام: خروج الثلاثة الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، ولكن هذه الرواية وغيرها لم تشر إلى أي مرحلة من مراحل الخروج الخاصة بالسفياني، فهل هو اليوم الأول لخروجه في الوادي اليابس في شهر رجب؟ أم هو يوم خروجه لتحرير الكور الخمسة؟ أم هو يوم خروجه لمعركة قرقيسياء؟ أم هو يوم اقتحامه للعراق؟ أم هو يوم هجومه على بغداد والكوفة؟ فكلها مراحل خروج، واحتمل قوياً أن المراد بالتزامن المذكور في الروايات هو أحد المراحل المتأخرة عن خروجه الأول وخروجه لمعركة الكور الخمسة، ولربما يضم إليهما خروجه لمعركة قرقيسياء، لأن تلك المراحل لا علاقة لها بالعراق أو إيران مما يستدعي تحرك اليماني والخراساني، بينما المراحل الأخيرة حتى لو أدخلنا معها معركة قرقيسياء فمن الواضح دلالتها الأمنية والعسكرية في الشأن العراقي والإيراني مما يستدعي حكماً القول بتزامن الخروج بين الرايات الثلاثة.
139 - زهر ـ أمريكا (الموقع الخاص): هل يوجد في الروايات ما يدل على وجود الدعوة السرية للامام عجل الله فرجه قبيل خروجه وكيفية اتصاله باصحابه وبالخصوص اليماني والخرساني قبل خروجهما؟
الجواب: بخصوص اليماني والخراساني فلا توجد أية رواية تشير إلى ذلك، ولكن القدر المسلّم به أن الإمام صلوات الله عليه يتصل بمن يريد التواصل معهم، سواء في زمن أوائل الغيبة الكبرى أو في بقية الأزمنة فمما لا شك فيه أنه لا حيلولة أمامه في هذا المجال، وقصة اتصاله بإبراهيم بن علي بن مهزيار والشيخ ابن قُولويه والشيخ المفيد من المتقدمين، أو بامثال السيد مهدي بحر العلوم الكبير رضوان الله عليهم مما شاع وانتشر صيته بين الثقات، ويسري عليه المئات من غيرهم، ولكن طبيعة التواصل هذا لا نمط خاص له، فقد يكون اتصالاً مباشراً كما هو الحال مع ابن مهزيار أو السيد بحر العلوم، أو غير مباشر كما هو الحال في إجابته لأسئلة الشيخ ابن قُولويه في قصة إعادة الحجر الأسود لموضعه بعد سرقته من قبل القرامطة، وتظهر لنا قصة ابن مهزيار أن للإمام خدم خاص به يمارسون عملية التواصل هذه، وهي الأخرى تتم بأساليب مختلفة، فقد يفصح الخادم الخاص للإمام صلوات الله عليه عن ذلك، أو يخفي الأمر ولكنه يوصل الرسالة التي يريد الإمام روحي فداه إبلاغها، وقد يرى الناس الإمام بأبي وأمي ولا يكتشفون أنه الإمام صلوات الله عليه إلّا بعد رحيله عنهم، وهذه الأكثر شياعاً بين الثقات، وقد يكون ذلك عبر الرؤى الصادقة أو المكاشفات والتي قد تحدث معه عليه السلام مباشرة، أو مع أحد أعوانه، ومن الوضح أن المكاشفة تختلف عن الرؤيا الصادقة، فالمكاشفة تتم عبر الإنفتاح على مكان مختلف كلية عن مكان من يراها، وتتم في حال اليقظة وليس في حال المنام، وكل ذلك لا علاقة له بممنوعية المشاهدة، فلقد ذكرنا أكثر من مرة أن المشاهدة الممنوعة الواردة في التوقيع الشريف الصادر للسفير الرابع رضوان الله عليه: ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر،[1] هي المشاهدة التي تخص حالات التشريع بمعنى أن المدّعي يتحدث عن أن الإمام صلوات الله عليه أمره بكذا وقال له كذا من الأمور التي تدخل في المسائل التشريعية سيّان في ذلك أن تكون عبادية أو مما يدخل في المعاملات، إذ أن من المسلّم به أن هذا هو الممنوع في المشاهدة أما محض الرؤيا أو المكاشفة أو ما إلى ذلك مما لا يدخل في هذا المجال فمما لا ريب في وقوعه وحصوله.
وعلى أي حال فإن الإمام صلوات الله عليه يتواصل مع شيعته بطرق مختلفة ولأسباب مختلفة وبشرائح مختلفة، وما من دليل على أن من يتم التواصل معه يكون علامة على تديّنه أو تقواه، فقد تكون عملية التواصل لزجره ونهيه عما يقوم به، أما بخصوص اليماني أو الخراساني فلا دليل روائي لدينا لكنهما كما بقية شيعة الإمام صلوات الله عليه يتوافرون على فرص الإمكان.