تؤكد الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى جامعة عين شمس، على أن هناك أزاوج وزوجات يشعرون بأن مرض التوحد الذى يأتى لأبنائهم هو عقاب من الله لهم فى الدنيا، ويكون الأمر أكثر عند الأزواج مما يجعله يرفض تقبل المرض، ويشعر دائما أنه السبب وراء ما حدث لابنه، نتيجة عدم لعبه معه بالصورة الكافية، أو نتيجة أن أحدًا من عائلته لديه نفس المرض فانتقل إليه، أو لأنه غير متحمل للمسئولية الجديدة التى تقع على عاتقه، كل هذا يجعله يرفض الاعتراف بالمرض أو بأنه المتوحد.
ونرى أمهات كثيرة تقع فى كثير من المشكلات وتقول دائما "زوجى لا يقبل ابنى المتوحد"، وعندما نبدأ المشكلة فى البداية نرى أن مرض التوحد بشكل عام يبدأ عند الأطفال من عمر سنتين ونصف، ونلاحظه فى عدم التفاعل والحديث مع الآخرين، ولكن نظرا للمعتقدات الخاطئة الموروثة فى أنه عندما نلاحظ عدم نطق الطفل فى هذا العمر نبدأ فى تذكر المعتقدات ونقول "ابن خالتى أتأخر فى الكلام ودلوقتى بقى بتكلم كتير أوى"،" كلها أمور طبيعية وعادية"،" سبوه يتكلم براحته وقت ما يحب"، وغيرها من الجمل الموروثة التى نرددها فى هذا الموقف، وهو ما يجعل الطفل يقع فى مشكلات زيادة، لأنه يجب علينا التعامل معه مع بداية ظهور هذه الأعراض عليه، وفجأة وبعد ما يكبر الطفل يكتشف الأب أن ابنه مريض، فيحدث له نوع من أنواع الذعر ويعتبره وصمة سيئة فى حياته.
وتضيف يجب على الزوجة أن تتفهم هذا وتعرف كيف تتعامل مع الزوج فى هذه المرحلة، ولابد أن يعرف الزوج معلومة مرض الطفل من خلال طبيب الأطفال الذى يتعامل معه منذ البداية أو الذى يتابع حالة الطفل منذ ولادته، لأنه يثق فيه بكل تأكيد وهذا الطبيب هو الذى يقترح عليه طبيب مختص فى مرض التوحد، وفى حالة رفض الزوج للذهاب مع زوجته فى المرحلة الثانية، يجب أن تأخذ الزوجة شخص من طرفه يثق فيه مثل والدته أو أخته أو شخصية أخرى فى عائلته يثق فى حديثه، وهذا الشخص هو الذى ينقل كله كل حديث الطبيب المختص، مع الالتزام بالحديث عن الخطوات الأولوية التى سوف يقوم بها الطفل حتى يتم التشخيص السليم لحالته، وعند إظهار النتيجة يجب أن ينقل إلى الزوج ايجابيات ابنه قبل سلبياته حتى تعطى له قوة دفع ايجابية تجعله يتعامل معه بشكل أفضل.
وتشير هبة إلى أنه يجب توصيل بعض المفاهيم الصحيحة للأب مثل أن مرض التوحد له علاج، لأنه ليس إعاقة عقلية ولكنه تأخير فى بعض المهارات ومن خلال العناية بالطفل يمكن أن يستعيد هذه المهارات وبعد فترة يصبح طفل شبه طبيعى.
وحتى نخفف من وطأة الصدمة على الأب يمكننا عرض بعض القصص للأطفال المتوحدين عليه، والذين أثبتوا نجاحًا فى كثير من المجالات، بالإضافة إلى تصوير وتسجيل مراحل تقدم الطفل مع العلاج حتى يقتنع أن هناك أملاً فى العلاج.
وفى حالة عدم استطاعته للتعامل معه كطفل يمكن أن يقوم فقط بدوره كأب مع أبنائه، يلعب معه، ويحضر له اللعب المختلفة، وغيرها من الأدوار الهامة التى يقوم بها الأب تجاه أبنائه بصورة طبيعية، وهذا يكفى لأن الطفل هنا سوف يشعر أنه طبيعى نوعا ما وأن الأب يتعامل معه مثله مثل أخواته.